صفحه من مذكرات جدي /4

صفحة من مذكرات جدي /4
وما زلت انبش وافتش في مذكرات جدي العزيز رحمة الله
واصدقكم القول انني في اوقات كثيرة اقف متعجبا من طرافتها وغراباتها وبالصدفة البحتة وجدت هذة الصفحة التي لا تتحدث عن الحروب والدماء ولكنها ايضا غريبة
وطريفة وقد لا يصدقها عقل
لأول مرة اجد جدي يتحدث عن نفوس جدتي العزيزة
التي لم اراها الا لماما
حديث جدي لا يتسم هنا بالطرافة بل بالغرابة
واكاد اجزم ان كثير ممن سيقرأون هذة المذكرات سيقفون حياري حيالها كما وقفت انا
اظن انني ثرثرت بما فية الكفاية والان عذرا سوف اترككم مع جدي ومذكراتي
والصفحة رقم 355
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
محمد عبد اللطيف البوهي هذا هو اسمي لمن لم يقراء صفحاتي السابقة
لن اعيد وازيد واكرر واثرثر كعادة العجائز واقول
انني عجوز في الثمانين الا قليلا فهذا كلام مكرر معاد
المهم اليوم اتحدث عن حادثة قد لا تهم الكثيرين لانها حادثة شخصية ولكنها غريبة ولن اقول طريفة
لانها سببت لي مشاكل جمة وقتها
وقد انتهت والحمد لله في سلام
تبداء احداث هذة الحادثة يوم 9 اكتوبر 1974
اتذكر هذا اليوم تماما عندما اويت الي فراشي
بعد يوم حافل كنت قد خرجت علي المعاش منذ فترة بسيطة
ولكن مشاغل الأولاد والأحفاد والقرية التي لا تنتهي كانت تجعلني اعود الي بيتي مكدودا مهدودا  اتناول طعام العشاء مع اولادي واحفادي ثم اوي الي فراشي
بعد ان اغلق الباب والنوافذ جيدا فهذة عادة ملازمة لي
اطفاء النور اغلاق المنافذ ثم الخلود الي النوم
في هذة الليلة اويت الي فراشي
وقمت قبل صلاة ا لفجر توضأت ولبست ثيابي وتوجهت الي المسجد وانا اتلذذ بسماع تواشيح الشيخ سيد الضرير كأنة يردد الحان السماء
قضيت الصلاة وعدت الي منزلي ولبست منامتي وتهيأت للنوم ولم انس ان اغلق الباب جيدا
وانا بين النوم واليقظة ملأ انفي رائحة عطر جميل
انة عطر البنفسج نعم انا اعرف رائحتة جيدا
كم كانت لي ليالي خوالي مع هذا العطر
كما سمعت صوت رخيم وكانة اتي من جب بعيد
لية يا بنفسج بتبهج وانت زهر حزين
الله ما اجمل هذا الصوت تقلبت في فراشي لأثبت لنفسي انني متيقظ ولست بنائم احسست بيد حانية تطوف علي انحاء جسدي اقول لكم الحق انني تلذذت لحظات بهذا الملمس المخملي وتلك الرائحة التي جعلتني انتشي وباليد الحانية كل هذا مر في لحظات قلائل ووجدت نفسي انتفض في قوة
ما هذا او بالأحري من هذا هل هناك احد بالغرفة نظرت الي الباب فاذا هو موصد نظرت خلفي وجدت رداء داخلي
احمر اللون رداء نسائي كاد عقلي يطير انة رداء نفوس كان الرداء ملقي علي السرير وكأن من القاة سيقضي حاجة ويعود الي ارتدائة ثانية
نفوس التي لها الأن في العلم الأخر 15 عاما كاملة
لم يفتح فيها صندوق ثيابها ولم يخرج منة اي من متعلقاتها
من الذي اخرج هذا الثوب من مكمنة
وهذا العطر الذي شممت رائحتة انه عطرها الأثير
البنفسج
وضعت يدي علي جبهتي ربما تكون هلوسات حمي ولكن حرارتي عادية وعقليتي منضبطة قمت وذهبت الي الصندوق الذي يضم حاجيات العزيزة الراحلة
عالجت القفل بصعوبة فلم تمسسه يد منذ ثلاث سنوات
حينما استبد بي الشوق لكي اعيش مع الراحلة واتذكر ذكرياتنا معا من خلال متعلقاتها
فهذة زجاجة عطر وهذا جلباب وهذا شال شاهي
حتي مصاغها احتفظت بة لم افكر في التفريط فية
كان كل شي في مكانه كما تركته من ثلاث اعوام الا ذلك القميص الملقي علي السرير
من الذي اخرجه اتكون هي نفوس
كيف سؤال ظللت ارددة كثيرا
هل الموتي يعودون
ماذا حدث هرعت الي المسجد
لعلي اجد احد الأصدقاء اشكو له ما حدث ويحاول ان
يجد لي السبب وجدت الشيخ سيد الضرير يردد اورادة اليومية قطعت عليه قرأتة
قال لي مالك يا بوهي ع الصبح زي ما تكون كنت يتجري في سبق خيل عمال تنهج قصصت علية قصتي وقصة الرداء الداخلي ونفوس التي عادت من قبرها بعد عقد ونصف من الزمان وصوتها الرخيم
فام انل منه الا التهكم وقال لي غدا يقولون عنك مجنون نفوس تركته مغضبا
لم يمر الأمر كذلك كنت اجد نفوس حولي في كل مكان
اراها في زوجات ابنائي ونحن علي مائده الطعام
انادي نفووووووووووووووس ينظر الي الأبناء والأحفاد كرجل به جنة ويتهامسون دون ان يجرؤ احد منهم
علي ان يقول لي ما في خبيئة نفسة
بل تطور الأمر كنت اراها في صورة عاملة تذاكر القطار
في ممرضة المستشفي
انها ليست هلاوس ولا اوهام هي نفوس بنفس الملامح والتقاطيع
حتي رائحة عطر البنفسج
كدت اصاب بالجنون حمدت ربي اني كنت قد خرجت علي المعاش وقتها
لكنت قد رايتها في صورة قائدي الأعلي كانت ستصبح كارثة وقتها
عندما انادي علية واقول يا نفوس
في احدي الليالي وعندما تأكد الشيخ سيد الضرير
انني جاد فعلا وانني اري نفوس اشار علي بعمل دقه زار لأنني ممسوس
او ملبوس
تهكمت منة وذهبت الي طبيب نفسي دون ان يعلم احد
ولكني لم اجد عنده الدواء الناجع مهدئات وبلابيع لا تسمن ولا تغني من نفوس
في البداية كانت تظهر لي منفردا ثم بدات تظهر وانا بين الناس
وفي احدي الليالي بعد صلاة العشاء اقترب مني الشيخ سيد الضرير وقال لي
يا واد يا بوهي ايه رايك نخش السيما ضحكت وقلت له وهو انت بتشوف يا شيخ سيد
قال لي يا سيدي انا اسمع وانت تشوف
كنت ادرك تماما انه يريد ان يخرجني من حالتي النفسية السيئة
قلت له وعاوز تشوف ايه يا شيخ سيد
قال شئ من الخوف فيلم جميل للجدع اللي اسمه محمود مرسي انا بحب الراجل دة اوي
تحس انه راجل فعلا مش واد مايع كدة ولا البت اللي اسمها شاديه
وجعل يزن علي راسي حتي وافقتة
شيخان في الخامسة والسبعون يدخلون السينما
فعلا نكتة ولكني طاوعتة بدا الفيلم واندمجت معه وفجأة رايتها علي الشاشه انها هي نفوس ليست شادية
هي نفوس ملت عليه وقلت له شايف يا شيخ سيد
قال الله يخيبك يا واد يا بوهي هو انا بشوف كف ايدي
قلت له لا انا بقي شايف نفوس
قال الشيخ سيد متهكما انا اعرف ان شادية ومحمود مرسي وليست نفوس والبوهي
وبدون وعي ناديت باعلي صوتي نفووووووووووووووووس وتكهرب الجو
هذا يشتم وهذا يسب والشيخ سيد يشد يدي ويسحيني
وتعليقات الشباب تنهال علينا
الأعمي بيسحب المفتح
اية يا جدو بتدور علي عروسة في السيما
وخرجنا بأعجوبة وسيد يقول كانت شورة مهببة
الله يحرقك ويحرق نف
ولم يكمل الكلمه ربما لانة احس بما يعتمل بداخلي
تطور الوضع بسرعة كنت اراها في كل من حولي
وفي يوم قال لي الشيخ سيد اية رايك نصلي الجمعة في سيدنا الحسين وافقته علي الفور فانا احب الأولياء واجد السكينة في قربهم
وبعد الصلاه قال لي تعالي نسلم علي شيخ الجامع دة صديق عزيز
ذهبنا الي شيخ الجامع رجل وقور تكلله الهيبه والبهاء والجمال
وبدون وعي حكيت له قصتي كامله
ربت علي كتفي في حنان وقال لي شوف يا والدي
جدتي نفوس بظهورها لك ترسل لك رساله
تعجبت وقلت اي رساله
قال كم عشت معها
قلت ثلاثون عاما
قال في الفتره الأخيره هل فكرت في شئ معين
زواجك مثلا
قلت مسرعا نعم نعم حدث هذا فعلا فأنا لا احب ان اكون ثقيلا علي احد
مع ان زوجات ابنائي بارك الله فيهن لم يقصرن ابدا في حقي
ولكن اثرت الزواج لأجد من يؤنس وحدتي في الليل الطويل من يشعر بي
من يكون بجانبي اذا حانت ساعتي
قال الأن اتضح الأمر
لكن لي سؤال
الم تظهر لك جدتي نفوس قبل هذا الأمر اقصد تفكيرك في الزواج قلت بلي كانت تظهر ولكن في الأحلام عادي يعني
قال الشيخ اقصد لم تكن تظهر لك بشكل مكثف في اليقظه كما يحدث الأن قلت لا
قال هذة هي الرساله نفوس تريد ان تقول لك انها معك بجانبك وقد عز عليها ان تتزوج بعدها
قلت اشهدك يا مولانا اننهي لن افكر في الزواج بعد الأن
حفظا لعشرة الفقيدة الغالية
وفعلا لم تتزوح
ولم تعد تظهر نفوس
ولكني اشعر احيانا بها بجانبي
بعطرها الخلاب
بثوبها المخملي الجميل
بعذوبتها ورقتها
وبعد كانت هذة اخر كلمه في هذة الصفحة من مذكرات جدي العزيز هل تصدقون هذة الصفحه
انا اشك في تصديقكم لها لكني اصدقها
والي اللقاء في صفحه اخري من مذكرات جدي

موضوع رائع أخى يحيى بارك الله فيك