~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
. منتديات الرحمة والمغفرة على منهج اهل السنة والجماعة

: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله )

نداء إلى أنصار رسول الله " صلى الله عليه وسلم "أنضم الينا لنصرة رسولنا من خلال منتدى الرحمة والمغفرة

. لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا ... بادر وسجل نفسك بالمنتدى لنشر الإسلام

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم,
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
. منتديات الرحمة والمغفرة على منهج اهل السنة والجماعة

: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله )

نداء إلى أنصار رسول الله " صلى الله عليه وسلم "أنضم الينا لنصرة رسولنا من خلال منتدى الرحمة والمغفرة

. لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا ... بادر وسجل نفسك بالمنتدى لنشر الإسلام

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم,
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

~ منتديات الرحمة والمغفرة ~

~ معاً نتعايش بالرحمة ~
 
الرئيسيةالمنشوراتأحدث الصورقناة الرحمة والمغفرة يوتيوبالتسجيلدخولفيس بوكتويتر
منتديات الرحمة والمغفرة .. منتدى ثقافى - عام - أدبى - دينى - شبابى - اسرى -طبى - ترفيهى - سياحى - تاريخى - منتدى شامل
". لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا . بادر وسجل نفسك بالمنتدى .
.مديرة الموقع / نبيلة محمود خليل



مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
» تنظيف خزانات بجدة
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالثلاثاء مايو 07, 2024 8:01 am من طرف مريم صلاح

» تنظيف خزانات بجدة
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالثلاثاء مايو 07, 2024 8:00 am من طرف مريم صلاح

» شركة مكافحة فئران بمكة
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة مايو 03, 2024 6:46 pm من طرف مريم صلاح

» شركة ترميم احواش بالرياض 0551770850 ُتعَد شَرِكَةُ ترميم احواش الرِيَاض من أَرْخَصِ شَرِكَاتِ التَّرْمِيمِ وَأَكْفَأِ الْشَرِكَاتِ فِي عَمَلِ تَرْمِيمِ الأَحْوَاشِ، حِيثُ تَمْتَلِكُ خُبَرَاءً وَعُمَّالًا مَاهِرِينَ. مدربين وعلى الرغم من ذلك. تعتبر هذه
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالأربعاء مايو 01, 2024 7:47 pm من طرف حبيبه القحطاني

» عروض ثلاجات في السودان
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالأربعاء مايو 01, 2024 2:05 pm من طرف مريم صلاح

» شركة تنظيف شقق بالمدينة المنورة
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالأربعاء مايو 01, 2024 1:39 pm من طرف مريم صلاح

» شركة مكافحة فئران بجدة
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالأربعاء مايو 01, 2024 9:15 am من طرف نبيلة محمود خليل

» افضل شركة دهانات بالرياض 0551770850
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالسبت أبريل 27, 2024 6:42 pm من طرف حبيبه القحطاني

» شركة تنظيف فلل بجدة
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 23, 2024 10:20 pm من طرف مريم صلاح

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مشروع تحفيظ القران
 
تلفزيون الرحمة والمغفرة
نشرة اخبار منتدى الرحمة واالمغفرة
توك توك منتديات الرحمة والمغفرة

كاميرا منتديات الرحمة والمغفرة



شركة طيران منتديات الرحمة والمغفرة

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
مريم صلاح
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 I_vote_rcapالمصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 I_voting_barالمصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 I_vote_lcap 
المواضيع الأكثر نشاطاً
مع كل إشراقة شمس ^ بصبح عليك^ مع ونبيلة محمود خليل ^ ووعد حصرياً
مشروع حفظ القرآن والتجويد"مع نبيلة محمود خليل"" حصرى"
^ من اليوم أنتهى عهد نبيل خليل ^ أدخل وشوف مطعم منتديات الرحمة والمغفرة مع نبيلة ونبيل ^
بريد منتديات الرحمة والمغفرة ^ ظرف جواب ^ مع نبيلة محمود خليل وكلمة حق ^ حصرياً
تليفزيون منتديات الرحمة والمغفرة يقدم لكم "برنامج الوصول إلى مرضات الله " مع نبيلة محمود خليل" كلمة حق"
^ نشرة أخبار منتديات" الرحمة والمغفرة " مع نبيلة محمود خليل"حصرياً "
* كلمة للتاريخ * مع نبيلة محمود خليل ود / محمد بغدادى * حصرى
^ كاميرا منتديات الرحمة والمغفرة ^ إبتسامة كاميرا ^ مع نبيلة محمود خليل وكلمة حق ^ حصرياً ^
^^ دورة التبسيط فى دقائق علم التجويد ^^
,, قلوب حائرة ,, وقضايا شبابية متجدد ,, مع نبيلة محمود خليل ونبيل خليل ,,

 

 المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)

اذهب الى الأسفل 
+5
sara salama
ريماس خالد
راجينى
ست الحباايب
نبيلة محمود خليل
9 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3
كاتب الموضوعرسالة
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 31, 2009 3:05 am

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله الرحمن الرحيم

مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)

من اليهود فريق دأبوا على تبديل كلام الله وتغييره عمَّا هو عليه افتراء على الله, ويقولون للرسول صلى الله عليه وسلم: سمعنا قولك وعصينا أمرك واسمع منَّا لا سمعت, ويقولون: راعنا سمعك أي: افهم عنا وأفهمنا, يلوون ألسنتهم بذلك, وهم يريدون الدعاء عليه بالرعونة حسب لغتهم, والطعن في دين الإسلام. ولو أنهم قالوا: سمعنا وأطعنا, بدل و"عصينا", واسمع دون "غير مسمع", وانظرنا بدل "راعنا" لكان ذلك خيرًا لهم عند الله وأعدل قولا ولكن الله طردهم من رحمته; بسبب كفرهم وجحودهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, فلا يصدقون بالحق إلا تصديقًا قليلا لا ينفعهم.


تفسير ابن كثير

مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلا
التفسير يخبر تعالى عن اليهود ـ عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ـ أنهم يشترون الضلالة بالهدى, ويعرضون عما أنزل الله على رسوله, ويتركون ما بأيديهم من العلم عن الأنبياء الأولين في صفة محمد صلى الله عليه وسلم, ليشتروا به ثمناً قليلاً من حطام الدنيا, "ويريدون أن تضلوا السبيل" أي يودون لو تكفرون بما أنزل عليكم أيها المؤمنون وتتركون ما أنتم عليه من الهدى والعلم النافع, "والله أعلم بأعدائكم" أي هو أعلم بهم ويحذركم منهم, "وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً" أي كفى به ولياً لمن لجأ إليه ونصيراً لمن استنصره. ثم قال تعالى: "من الذين هادوا" "من" في هذا لبيان الجنس كقوله "فاجتنبوا الرجس من الأوثان", وقوله "يحرفون الكلم عن مواضعه" أي يتأولون الكلام على غير تأويله, ويفسرونه بغير مراد الله عز وجل قصداً منهم وافتراء "ويقولون سمعنا وعصينا" أي يقولون سمعنا ما قلته يا محمد ولا نطيعك فيه, هكذا فسره مجاهد وابن زيد, وهو المراد, وهذا أبلغ في كفرهم وعنادهم وأنهم يتولون عن كتاب الله بعدما عقلوه وهم يعلمون ما عليهم في ذلك من الإثم والعقوبة, وقوله "واسمع غير مسمع" أي اسمع ما نقول, لا سمعت, رواه الضحاك عن ابن عباس, وقال مجاهد والحسن: واسمع غير مقبول منك, قال ابن جرير: والأول أصح, وهو كما قال: وهذا استهزاء منهم واستهتار, عليهم لعنة الله, "وراعنا لياً بألسنتهم وطعنا في الدين" أي يوهمون أنهم يقولون: راعنا سمعك بقولهم راعنا, وإنما يريدون الرعونة بسبهم النبي, وقد تقدم الكلام على هذا عند قوله "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا" ولهذا قال تعالى عن هؤلاء اليهود الذين يريدون بكلامهم خلاف ما يظهرونه " ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ", يعني بسبهم النبي صلى الله عليه وسلم, ثم قال تعالى: "ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلاً" أي قلوبهم مطرودة عن الخير مبعدة منه, فلا يدخلها من الإيمان شيء نافع لهم, وقد تقدم الكلام على قوله تعالى: "فقليلاً ما يؤمنون" والمقصود أنهم لا يؤمنون إيماناً نافعاً.

الترجمة الإنجليزية

مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلا
التفسير46. Some of those who are Jews change words from their con**** and say: "We hear and disobey; hear thou as one who heareth not" and "Listen to us!" distorting with their tongues and slandering religion. If they had said: "We hear and we obey; hear thou, and look at us" it had been better for them, and more upright. But Allah hath cursed them for their disbelief, so they believe not, save a few.

الترجمة الفرنسية

مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلا
التفسير46. Il en est parmi les Juifs qui détournent les mots de leur sens, et disent : ‹Nous avions entendu, mais nous avons désobéi›, ‹Ecoute sans qu'il te soit donné d'entendre›, et favorise nous ‹Raina›, tordant la langue et attaquant la religion. Si au contraire ils disaient: ‹Nous avons entendu et nous avons obéi›, ‹Ecoute›, et ‹Regarde-nous›, ce serait meilleur pour eux, et plus droit. Mais Allah les a maudits à cause de leur mécréance; leur foi est donc bien médiocre.





منقول

_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا


عدل سابقا من قبل نبيلة محمود خليل في الأربعاء فبراير 17, 2010 8:03 pm عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com

كاتب الموضوعرسالة
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:11 pm

:[qq[qowowoei:

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (116)

إن الله تعالى لا يغفر أن يشرك به, ويغفر ما دون الشرك من الذنوب لمن يشاء من عباده. ومن يجعل لله تعالى الواحد الأحد شريكًا من خلقه, فقد بَعُدَ عن الحق بعدًا كبيرًا.

تفسير ابن كثير

إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا
التفسير قد تقدم الكلام على هذه الاية الكريمة, وهي قوله: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك" الاية, وذكرنا ما يتعلق بها من الأحاديث في صدر هذه السورة, وقد روى الترمذي: حديث ثوير بن أبي فاختة سعيد بن علاقة عن أبيه, عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الاية "إن الله لا يغفر أن يشرك به" الاية, ثم قال: هذا حسن غريب. وقوله: "ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً" أي فقد سلك غير الطريق الحق, وضل عن الهدى وبعد عن الصواب, وأهلك نفسه وخسرها في الدنيا والاخرة, وفاتته سعادة الدنيا والاخرة.
وقوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمود بن غيلان, أنبأنا الفضل بن موسى, أخبرنا الحسن بن واقد عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب قال: مع كل صنم جنية, وحدثنا أبي, حدثنا محمد بن سلمة الباهلي عن عبد العزيز بن محمد, عن هشام يعني ابن عروة, عن أبيه, عن عائشة "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قالت: أوثاناً. وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومجاهد وأبي مالك والسدي ومقاتل بن حيان, نحو ذلك. وقال جويبر عن الضحاك في الاية, قال المشركون إن الملائكة بنات الله, وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى, قال: فاتخذوهن أرباباً, وصوروهن جواري فحكموا وقلدوا, وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده, يعنون الملائكة, وهذا التفسير شبيه بقول الله تعالى: "أفرأيتم اللات والعزى" الايات, وقال تعالى: "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً" الاية, وقال: "وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً" الايتين وقال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال: يعني موتى. وقال مبارك, يعني ابن فضالة, عن الحسن: إن يدعون من دونه إلا إناثاً. قال الحسن: الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح, إما خشبة يابسة وإما حجر يابس. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير, وهو غريب.
وقوله: "وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً" أي هو الذي أمرهم بذلك وحسنه وزينه لهم, وهم إنما يعبدون إبليس في نفس الأمر, كما قال تعالى: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان " الاية. وقال تعالى إخباراً عن الملائكة أنهم يقولون يوم القيامة عن المشركين الذين ادعوا عبادتهم في الدنيا "بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون".
وقوله: "لعنه الله" أي طرده وأبعده من رحمته, وأخرجه من جواره, وقال: "لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً" أي معيناً مقدراً معلوماً. قال مقاتل بن حيان: من كل ألف, تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار, وواحد إلى الجنة, "ولأضلنهم" أي عن الحق, "ولأمنينهم" أي أزين لهم ترك التوبة, وأعدهم الأماني, وآمرهم بالتسويف والتأخير, وأغرهم من أنفسهم, وقوله: " ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ". قال قتادة والسدي وغيرهما: يعني تشقيقها وجعلها سمة وعلامة للبحيرة والسائبة والوصيلة, " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ", قال ابن عباس: يعني بذلك خصي الدواب, وقد روي عن ابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي عياض وقتادة وأبي صالح والثوري, وقد ورد في حديث النهي عن ذلك, وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: يعني بذلك الوشم, وفي صحيح مسلم, النهي عن الوشم في الوجه, وفي لفظ: لعن الله من فعل ذلك, وفي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات, والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل, ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل, يعني قوله: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". وقال ابن عباس في رواية عنه ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والحكم والسدي والضحاك وعطاء الخراساني في قوله: " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " يعني دين الله عز وجل, هذا كقوله: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " على قول من جعل ذلك أمراً, أي لا تبدلوا فطرة الله ودعوا الناس على فطرتهم, كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه, أو ينصرانه, أو يمجسانه, كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تجدون بها من جدعاء" وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء, فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم, وحرمت عليهم ما أحللت لهم".
ثم قال تعالى: "ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً" أي فقد خسر الدنيا والاخرة, وتلك خسارة لا جبر لها ولا استدراك لفائتها. وقوله تعالى: "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً" وهذا إخبار عن الواقع, فإن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدينا والاخرة, وقد كذب وافترى في ذلك, ولهذا قال الله تعالى: "وما يعدهم الشيطان إلا غروراً", كما قال تعالى مخبراً عن إبليس يوم المعاد " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ".
وقوله: "أولئك" أي المستحسنون له فيما وعدهم ومناهم "مأواهم جهنم" أي مصيرهم ومآلهم يوم القيامة "ولا يجدون عنها محيصاً" أي ليس لهم عنها مندوحة ولا مصرف, ولا خلاص, ولا مناص, ثم ذكر تعالى حال السعداء والأتقياء ومالهم في مآلهم من الكرامة التامة, فقال تعالى: " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي صدقت قلوبهم وعملت جوارحهم بما أمروا به من الخيرات, وتركوا ما نهوا عنه من المنكرات "سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار" أي يصرفونها حيث شاؤوا وأين شاؤوا "خالدين فيها أبداً" أي بلا زوال ولا انتقال "وعد الله حقاً" أي هذا وعد من الله, ووعد الله معلوم حقيقة أنه واقع لا محالة, ولهذا أكده بالمصدر الدال على تحقيق الخبر, وهو قوله حقاً, ثم قال تعالى: "ومن أصدق من الله قيلاً" أي لا أحد أصدق منه قولاً, أي خبراً لا إله هو ولا رب سواه, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: "إن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار".

الترجمة الإنجليزية

إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا
التفسير116. Lo! Allah pardoneth not that partners should be ascribed unto him. He pardoneth all save that to whom He will. Whoso ascribeth partners unto Allah hath wandered far astray.

الترجمة الفرنسية

إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا
التفسير116. Certes, Allah ne pardonne pas qu'on Lui donne des associés. A part cela, Il pardonne à qui Il veut. Quiconque donne des associés à Allah s'égare, très loin dans l'égarement.


بسم الله الرحمن الرحيم

إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَرِيداً (117)

ما يعبد المشركون من دون الله تعالى إلا أوثانًا لا تنفع ولا تضر, وما يعبدون إلا شيطانًا متمردًا على الله, بلغ في الفساد والإفساد حدّاً كبيرًا.


تفسير ابن كثير

إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا
التفسير قد تقدم الكلام على هذه الاية الكريمة, وهي قوله: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك" الاية, وذكرنا ما يتعلق بها من الأحاديث في صدر هذه السورة, وقد روى الترمذي: حديث ثوير بن أبي فاختة سعيد بن علاقة عن أبيه, عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الاية "إن الله لا يغفر أن يشرك به" الاية, ثم قال: هذا حسن غريب. وقوله: "ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً" أي فقد سلك غير الطريق الحق, وضل عن الهدى وبعد عن الصواب, وأهلك نفسه وخسرها في الدنيا والاخرة, وفاتته سعادة الدنيا والاخرة.
وقوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمود بن غيلان, أنبأنا الفضل بن موسى, أخبرنا الحسن بن واقد عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب قال: مع كل صنم جنية, وحدثنا أبي, حدثنا محمد بن سلمة الباهلي عن عبد العزيز بن محمد, عن هشام يعني ابن عروة, عن أبيه, عن عائشة "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قالت: أوثاناً. وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومجاهد وأبي مالك والسدي ومقاتل بن حيان, نحو ذلك. وقال جويبر عن الضحاك في الاية, قال المشركون إن الملائكة بنات الله, وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى, قال: فاتخذوهن أرباباً, وصوروهن جواري فحكموا وقلدوا, وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده, يعنون الملائكة, وهذا التفسير شبيه بقول الله تعالى: "أفرأيتم اللات والعزى" الايات, وقال تعالى: "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً" الاية, وقال: "وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً" الايتين وقال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال: يعني موتى. وقال مبارك, يعني ابن فضالة, عن الحسن: إن يدعون من دونه إلا إناثاً. قال الحسن: الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح, إما خشبة يابسة وإما حجر يابس. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير, وهو غريب.
وقوله: "وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً" أي هو الذي أمرهم بذلك وحسنه وزينه لهم, وهم إنما يعبدون إبليس في نفس الأمر, كما قال تعالى: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان " الاية. وقال تعالى إخباراً عن الملائكة أنهم يقولون يوم القيامة عن المشركين الذين ادعوا عبادتهم في الدنيا "بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون".
وقوله: "لعنه الله" أي طرده وأبعده من رحمته, وأخرجه من جواره, وقال: "لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً" أي معيناً مقدراً معلوماً. قال مقاتل بن حيان: من كل ألف, تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار, وواحد إلى الجنة, "ولأضلنهم" أي عن الحق, "ولأمنينهم" أي أزين لهم ترك التوبة, وأعدهم الأماني, وآمرهم بالتسويف والتأخير, وأغرهم من أنفسهم, وقوله: " ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ". قال قتادة والسدي وغيرهما: يعني تشقيقها وجعلها سمة وعلامة للبحيرة والسائبة والوصيلة, " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ", قال ابن عباس: يعني بذلك خصي الدواب, وقد روي عن ابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي عياض وقتادة وأبي صالح والثوري, وقد ورد في حديث النهي عن ذلك, وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: يعني بذلك الوشم, وفي صحيح مسلم, النهي عن الوشم في الوجه, وفي لفظ: لعن الله من فعل ذلك, وفي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات, والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل, ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل, يعني قوله: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". وقال ابن عباس في رواية عنه ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والحكم والسدي والضحاك وعطاء الخراساني في قوله: " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " يعني دين الله عز وجل, هذا كقوله: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " على قول من جعل ذلك أمراً, أي لا تبدلوا فطرة الله ودعوا الناس على فطرتهم, كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه, أو ينصرانه, أو يمجسانه, كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تجدون بها من جدعاء" وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء, فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم, وحرمت عليهم ما أحللت لهم".
ثم قال تعالى: "ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً" أي فقد خسر الدنيا والاخرة, وتلك خسارة لا جبر لها ولا استدراك لفائتها. وقوله تعالى: "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً" وهذا إخبار عن الواقع, فإن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدينا والاخرة, وقد كذب وافترى في ذلك, ولهذا قال الله تعالى: "وما يعدهم الشيطان إلا غروراً", كما قال تعالى مخبراً عن إبليس يوم المعاد " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ".
وقوله: "أولئك" أي المستحسنون له فيما وعدهم ومناهم "مأواهم جهنم" أي مصيرهم ومآلهم يوم القيامة "ولا يجدون عنها محيصاً" أي ليس لهم عنها مندوحة ولا مصرف, ولا خلاص, ولا مناص, ثم ذكر تعالى حال السعداء والأتقياء ومالهم في مآلهم من الكرامة التامة, فقال تعالى: " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي صدقت قلوبهم وعملت جوارحهم بما أمروا به من الخيرات, وتركوا ما نهوا عنه من المنكرات "سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار" أي يصرفونها حيث شاؤوا وأين شاؤوا "خالدين فيها أبداً" أي بلا زوال ولا انتقال "وعد الله حقاً" أي هذا وعد من الله, ووعد الله معلوم حقيقة أنه واقع لا محالة, ولهذا أكده بالمصدر الدال على تحقيق الخبر, وهو قوله حقاً, ثم قال تعالى: "ومن أصدق من الله قيلاً" أي لا أحد أصدق منه قولاً, أي خبراً لا إله هو ولا رب سواه, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: "إن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار".

الترجمة الإنجليزية

إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا
التفسير117. They invoke in His stead only females; they pray to none else than Satan, a rebel

الترجمة الفرنسية

إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا
التفسير117. Ce ne sont que des femelles qu'ils invoquent, en dehors de Lui. Et ce n'est qu'un diable rebelle qu'ils invoquent.









_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:12 pm

:[qq[qowowoei:

بسم الله الرحمن الرحيم

لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (118)

طرده الله تعالى من رحمته. وقال الشيطان: لأتخذن مِن عبادك جزءًا معلومًا في إغوائهم قولا وعملا.


تفسير ابن كثير

لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا
التفسير قد تقدم الكلام على هذه الاية الكريمة, وهي قوله: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك" الاية, وذكرنا ما يتعلق بها من الأحاديث في صدر هذه السورة, وقد روى الترمذي: حديث ثوير بن أبي فاختة سعيد بن علاقة عن أبيه, عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الاية "إن الله لا يغفر أن يشرك به" الاية, ثم قال: هذا حسن غريب. وقوله: "ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً" أي فقد سلك غير الطريق الحق, وضل عن الهدى وبعد عن الصواب, وأهلك نفسه وخسرها في الدنيا والاخرة, وفاتته سعادة الدنيا والاخرة.
وقوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمود بن غيلان, أنبأنا الفضل بن موسى, أخبرنا الحسن بن واقد عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب قال: مع كل صنم جنية, وحدثنا أبي, حدثنا محمد بن سلمة الباهلي عن عبد العزيز بن محمد, عن هشام يعني ابن عروة, عن أبيه, عن عائشة "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قالت: أوثاناً. وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومجاهد وأبي مالك والسدي ومقاتل بن حيان, نحو ذلك. وقال جويبر عن الضحاك في الاية, قال المشركون إن الملائكة بنات الله, وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى, قال: فاتخذوهن أرباباً, وصوروهن جواري فحكموا وقلدوا, وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده, يعنون الملائكة, وهذا التفسير شبيه بقول الله تعالى: "أفرأيتم اللات والعزى" الايات, وقال تعالى: "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً" الاية, وقال: "وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً" الايتين وقال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال: يعني موتى. وقال مبارك, يعني ابن فضالة, عن الحسن: إن يدعون من دونه إلا إناثاً. قال الحسن: الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح, إما خشبة يابسة وإما حجر يابس. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير, وهو غريب.
وقوله: "وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً" أي هو الذي أمرهم بذلك وحسنه وزينه لهم, وهم إنما يعبدون إبليس في نفس الأمر, كما قال تعالى: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان " الاية. وقال تعالى إخباراً عن الملائكة أنهم يقولون يوم القيامة عن المشركين الذين ادعوا عبادتهم في الدنيا "بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون".
وقوله: "لعنه الله" أي طرده وأبعده من رحمته, وأخرجه من جواره, وقال: "لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً" أي معيناً مقدراً معلوماً. قال مقاتل بن حيان: من كل ألف, تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار, وواحد إلى الجنة, "ولأضلنهم" أي عن الحق, "ولأمنينهم" أي أزين لهم ترك التوبة, وأعدهم الأماني, وآمرهم بالتسويف والتأخير, وأغرهم من أنفسهم, وقوله: " ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ". قال قتادة والسدي وغيرهما: يعني تشقيقها وجعلها سمة وعلامة للبحيرة والسائبة والوصيلة, " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ", قال ابن عباس: يعني بذلك خصي الدواب, وقد روي عن ابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي عياض وقتادة وأبي صالح والثوري, وقد ورد في حديث النهي عن ذلك, وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: يعني بذلك الوشم, وفي صحيح مسلم, النهي عن الوشم في الوجه, وفي لفظ: لعن الله من فعل ذلك, وفي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات, والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل, ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل, يعني قوله: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". وقال ابن عباس في رواية عنه ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والحكم والسدي والضحاك وعطاء الخراساني في قوله: " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " يعني دين الله عز وجل, هذا كقوله: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " على قول من جعل ذلك أمراً, أي لا تبدلوا فطرة الله ودعوا الناس على فطرتهم, كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه, أو ينصرانه, أو يمجسانه, كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تجدون بها من جدعاء" وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء, فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم, وحرمت عليهم ما أحللت لهم".
ثم قال تعالى: "ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً" أي فقد خسر الدنيا والاخرة, وتلك خسارة لا جبر لها ولا استدراك لفائتها. وقوله تعالى: "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً" وهذا إخبار عن الواقع, فإن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدينا والاخرة, وقد كذب وافترى في ذلك, ولهذا قال الله تعالى: "وما يعدهم الشيطان إلا غروراً", كما قال تعالى مخبراً عن إبليس يوم المعاد " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ".
وقوله: "أولئك" أي المستحسنون له فيما وعدهم ومناهم "مأواهم جهنم" أي مصيرهم ومآلهم يوم القيامة "ولا يجدون عنها محيصاً" أي ليس لهم عنها مندوحة ولا مصرف, ولا خلاص, ولا مناص, ثم ذكر تعالى حال السعداء والأتقياء ومالهم في مآلهم من الكرامة التامة, فقال تعالى: " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي صدقت قلوبهم وعملت جوارحهم بما أمروا به من الخيرات, وتركوا ما نهوا عنه من المنكرات "سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار" أي يصرفونها حيث شاؤوا وأين شاؤوا "خالدين فيها أبداً" أي بلا زوال ولا انتقال "وعد الله حقاً" أي هذا وعد من الله, ووعد الله معلوم حقيقة أنه واقع لا محالة, ولهذا أكده بالمصدر الدال على تحقيق الخبر, وهو قوله حقاً, ثم قال تعالى: "ومن أصدق من الله قيلاً" أي لا أحد أصدق منه قولاً, أي خبراً لا إله هو ولا رب سواه, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: "إن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار".

الترجمة الإنجليزية

لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا
التفسير118. Whom Allah cursed, and he said: Surely I will take of Thy bondmen an appointed portion,

الترجمة الفرنسية

لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا
التفسير118. Allah l'a (le Diable) maudit et celui-ci a dit: ‹Certainement, je saisirai parmi Tes serviteurs, une partie déterminée.



بسم الله الرحمن الرحيم

وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً (119)

ولأصرفَنَّ مَن تبعني منهم عن الحق, ولأعِدَنَّهم بالأماني الكاذبة, ولأدعونَّهم إلى تقطيع آذان الأنعام وتشقيقها لما أزينه لهم من الباطل, ولأدعونَّهم إلى تغيير خلق الله في الفطرة, وهيئة ما عليه الخلق. ومن يستجب للشيطان ويتخذه ناصرًا له من دون الله القوي العزيز, فقد هلك هلاكًا بيِّنًا.


تفسير ابن كثير

وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا
التفسير قد تقدم الكلام على هذه الاية الكريمة, وهي قوله: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك" الاية, وذكرنا ما يتعلق بها من الأحاديث في صدر هذه السورة, وقد روى الترمذي: حديث ثوير بن أبي فاختة سعيد بن علاقة عن أبيه, عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الاية "إن الله لا يغفر أن يشرك به" الاية, ثم قال: هذا حسن غريب. وقوله: "ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً" أي فقد سلك غير الطريق الحق, وضل عن الهدى وبعد عن الصواب, وأهلك نفسه وخسرها في الدنيا والاخرة, وفاتته سعادة الدنيا والاخرة.
وقوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمود بن غيلان, أنبأنا الفضل بن موسى, أخبرنا الحسن بن واقد عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب قال: مع كل صنم جنية, وحدثنا أبي, حدثنا محمد بن سلمة الباهلي عن عبد العزيز بن محمد, عن هشام يعني ابن عروة, عن أبيه, عن عائشة "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قالت: أوثاناً. وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومجاهد وأبي مالك والسدي ومقاتل بن حيان, نحو ذلك. وقال جويبر عن الضحاك في الاية, قال المشركون إن الملائكة بنات الله, وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى, قال: فاتخذوهن أرباباً, وصوروهن جواري فحكموا وقلدوا, وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده, يعنون الملائكة, وهذا التفسير شبيه بقول الله تعالى: "أفرأيتم اللات والعزى" الايات, وقال تعالى: "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً" الاية, وقال: "وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً" الايتين وقال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال: يعني موتى. وقال مبارك, يعني ابن فضالة, عن الحسن: إن يدعون من دونه إلا إناثاً. قال الحسن: الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح, إما خشبة يابسة وإما حجر يابس. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير, وهو غريب.
وقوله: "وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً" أي هو الذي أمرهم بذلك وحسنه وزينه لهم, وهم إنما يعبدون إبليس في نفس الأمر, كما قال تعالى: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان " الاية. وقال تعالى إخباراً عن الملائكة أنهم يقولون يوم القيامة عن المشركين الذين ادعوا عبادتهم في الدنيا "بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون".
وقوله: "لعنه الله" أي طرده وأبعده من رحمته, وأخرجه من جواره, وقال: "لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً" أي معيناً مقدراً معلوماً. قال مقاتل بن حيان: من كل ألف, تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار, وواحد إلى الجنة, "ولأضلنهم" أي عن الحق, "ولأمنينهم" أي أزين لهم ترك التوبة, وأعدهم الأماني, وآمرهم بالتسويف والتأخير, وأغرهم من أنفسهم, وقوله: " ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ". قال قتادة والسدي وغيرهما: يعني تشقيقها وجعلها سمة وعلامة للبحيرة والسائبة والوصيلة, " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ", قال ابن عباس: يعني بذلك خصي الدواب, وقد روي عن ابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي عياض وقتادة وأبي صالح والثوري, وقد ورد في حديث النهي عن ذلك, وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: يعني بذلك الوشم, وفي صحيح مسلم, النهي عن الوشم في الوجه, وفي لفظ: لعن الله من فعل ذلك, وفي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات, والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل, ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل, يعني قوله: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". وقال ابن عباس في رواية عنه ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والحكم والسدي والضحاك وعطاء الخراساني في قوله: " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " يعني دين الله عز وجل, هذا كقوله: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " على قول من جعل ذلك أمراً, أي لا تبدلوا فطرة الله ودعوا الناس على فطرتهم, كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه, أو ينصرانه, أو يمجسانه, كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تجدون بها من جدعاء" وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء, فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم, وحرمت عليهم ما أحللت لهم".
ثم قال تعالى: "ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً" أي فقد خسر الدنيا والاخرة, وتلك خسارة لا جبر لها ولا استدراك لفائتها. وقوله تعالى: "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً" وهذا إخبار عن الواقع, فإن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدينا والاخرة, وقد كذب وافترى في ذلك, ولهذا قال الله تعالى: "وما يعدهم الشيطان إلا غروراً", كما قال تعالى مخبراً عن إبليس يوم المعاد " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ".
وقوله: "أولئك" أي المستحسنون له فيما وعدهم ومناهم "مأواهم جهنم" أي مصيرهم ومآلهم يوم القيامة "ولا يجدون عنها محيصاً" أي ليس لهم عنها مندوحة ولا مصرف, ولا خلاص, ولا مناص, ثم ذكر تعالى حال السعداء والأتقياء ومالهم في مآلهم من الكرامة التامة, فقال تعالى: " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي صدقت قلوبهم وعملت جوارحهم بما أمروا به من الخيرات, وتركوا ما نهوا عنه من المنكرات "سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار" أي يصرفونها حيث شاؤوا وأين شاؤوا "خالدين فيها أبداً" أي بلا زوال ولا انتقال "وعد الله حقاً" أي هذا وعد من الله, ووعد الله معلوم حقيقة أنه واقع لا محالة, ولهذا أكده بالمصدر الدال على تحقيق الخبر, وهو قوله حقاً, ثم قال تعالى: "ومن أصدق من الله قيلاً" أي لا أحد أصدق منه قولاً, أي خبراً لا إله هو ولا رب سواه, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: "إن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار".

الترجمة الإنجليزية

وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا
التفسير119. And surely I will lead them astray, and surely I will arouse desires in them, and surely I will command them and they will cut the cattle's ears, and surely I will command them and they will change Allah's creation. Whoso chooseth Satan for a patron instead of Allah is verily a loser and his loss is manifest.

الترجمة الفرنسية

وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا
التفسير119. Certes, je ne manquerai pas de les égarer, je leur donnerai de faux espoirs, je leur commanderai, et ils fendront les oreilles aux bestiaux; je leur commanderai, et ils altéreront la création d'Allah. Et quiconque prend le Diable pour allié au lieu d'Allah, sera, certes, voué à une perte évidente.






_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:14 pm

:[qq[qowowoei:

بسم الله الرحمن الرحيم

يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً (120)

يعد الشيطان أتباعه بالوعود الكاذبة, ويغريهم بالأماني الباطلة الخادعة, وما يَعِدهم إلا خديعة لا صحة لها, ولا دليل عليها.

تفسير ابن كثير

يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا
التفسير قد تقدم الكلام على هذه الاية الكريمة, وهي قوله: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك" الاية, وذكرنا ما يتعلق بها من الأحاديث في صدر هذه السورة, وقد روى الترمذي: حديث ثوير بن أبي فاختة سعيد بن علاقة عن أبيه, عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الاية "إن الله لا يغفر أن يشرك به" الاية, ثم قال: هذا حسن غريب. وقوله: "ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً" أي فقد سلك غير الطريق الحق, وضل عن الهدى وبعد عن الصواب, وأهلك نفسه وخسرها في الدنيا والاخرة, وفاتته سعادة الدنيا والاخرة.
وقوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمود بن غيلان, أنبأنا الفضل بن موسى, أخبرنا الحسن بن واقد عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب قال: مع كل صنم جنية, وحدثنا أبي, حدثنا محمد بن سلمة الباهلي عن عبد العزيز بن محمد, عن هشام يعني ابن عروة, عن أبيه, عن عائشة "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قالت: أوثاناً. وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومجاهد وأبي مالك والسدي ومقاتل بن حيان, نحو ذلك. وقال جويبر عن الضحاك في الاية, قال المشركون إن الملائكة بنات الله, وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى, قال: فاتخذوهن أرباباً, وصوروهن جواري فحكموا وقلدوا, وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده, يعنون الملائكة, وهذا التفسير شبيه بقول الله تعالى: "أفرأيتم اللات والعزى" الايات, وقال تعالى: "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً" الاية, وقال: "وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً" الايتين وقال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال: يعني موتى. وقال مبارك, يعني ابن فضالة, عن الحسن: إن يدعون من دونه إلا إناثاً. قال الحسن: الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح, إما خشبة يابسة وإما حجر يابس. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير, وهو غريب.
وقوله: "وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً" أي هو الذي أمرهم بذلك وحسنه وزينه لهم, وهم إنما يعبدون إبليس في نفس الأمر, كما قال تعالى: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان " الاية. وقال تعالى إخباراً عن الملائكة أنهم يقولون يوم القيامة عن المشركين الذين ادعوا عبادتهم في الدنيا "بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون".
وقوله: "لعنه الله" أي طرده وأبعده من رحمته, وأخرجه من جواره, وقال: "لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً" أي معيناً مقدراً معلوماً. قال مقاتل بن حيان: من كل ألف, تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار, وواحد إلى الجنة, "ولأضلنهم" أي عن الحق, "ولأمنينهم" أي أزين لهم ترك التوبة, وأعدهم الأماني, وآمرهم بالتسويف والتأخير, وأغرهم من أنفسهم, وقوله: " ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ". قال قتادة والسدي وغيرهما: يعني تشقيقها وجعلها سمة وعلامة للبحيرة والسائبة والوصيلة, " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ", قال ابن عباس: يعني بذلك خصي الدواب, وقد روي عن ابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي عياض وقتادة وأبي صالح والثوري, وقد ورد في حديث النهي عن ذلك, وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: يعني بذلك الوشم, وفي صحيح مسلم, النهي عن الوشم في الوجه, وفي لفظ: لعن الله من فعل ذلك, وفي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات, والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل, ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل, يعني قوله: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". وقال ابن عباس في رواية عنه ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والحكم والسدي والضحاك وعطاء الخراساني في قوله: " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " يعني دين الله عز وجل, هذا كقوله: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " على قول من جعل ذلك أمراً, أي لا تبدلوا فطرة الله ودعوا الناس على فطرتهم, كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه, أو ينصرانه, أو يمجسانه, كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تجدون بها من جدعاء" وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء, فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم, وحرمت عليهم ما أحللت لهم".
ثم قال تعالى: "ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً" أي فقد خسر الدنيا والاخرة, وتلك خسارة لا جبر لها ولا استدراك لفائتها. وقوله تعالى: "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً" وهذا إخبار عن الواقع, فإن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدينا والاخرة, وقد كذب وافترى في ذلك, ولهذا قال الله تعالى: "وما يعدهم الشيطان إلا غروراً", كما قال تعالى مخبراً عن إبليس يوم المعاد " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ".
وقوله: "أولئك" أي المستحسنون له فيما وعدهم ومناهم "مأواهم جهنم" أي مصيرهم ومآلهم يوم القيامة "ولا يجدون عنها محيصاً" أي ليس لهم عنها مندوحة ولا مصرف, ولا خلاص, ولا مناص, ثم ذكر تعالى حال السعداء والأتقياء ومالهم في مآلهم من الكرامة التامة, فقال تعالى: " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي صدقت قلوبهم وعملت جوارحهم بما أمروا به من الخيرات, وتركوا ما نهوا عنه من المنكرات "سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار" أي يصرفونها حيث شاؤوا وأين شاؤوا "خالدين فيها أبداً" أي بلا زوال ولا انتقال "وعد الله حقاً" أي هذا وعد من الله, ووعد الله معلوم حقيقة أنه واقع لا محالة, ولهذا أكده بالمصدر الدال على تحقيق الخبر, وهو قوله حقاً, ثم قال تعالى: "ومن أصدق من الله قيلاً" أي لا أحد أصدق منه قولاً, أي خبراً لا إله هو ولا رب سواه, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: "إن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار".

الترجمة الإنجليزية

يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا
التفسير120. He promiseth them and stirreth up desires in them, and Satan promiseth them only to beguile.

الترجمة الفرنسية

يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا
التفسير120. Il leur fait des promesses et leur donne de faux espoirs. Et le Diable ne leur fait que des promesses trompeuses.

بسم الله الرحمن الرحيم

أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً (121)

أولئك مآلهم جهنم, ولا يجدون عنها معدلا ولا ملجأً.



تفسير ابن كثير

أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا
التفسير قد تقدم الكلام على هذه الاية الكريمة, وهي قوله: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك" الاية, وذكرنا ما يتعلق بها من الأحاديث في صدر هذه السورة, وقد روى الترمذي: حديث ثوير بن أبي فاختة سعيد بن علاقة عن أبيه, عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الاية "إن الله لا يغفر أن يشرك به" الاية, ثم قال: هذا حسن غريب. وقوله: "ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً" أي فقد سلك غير الطريق الحق, وضل عن الهدى وبعد عن الصواب, وأهلك نفسه وخسرها في الدنيا والاخرة, وفاتته سعادة الدنيا والاخرة.
وقوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمود بن غيلان, أنبأنا الفضل بن موسى, أخبرنا الحسن بن واقد عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب قال: مع كل صنم جنية, وحدثنا أبي, حدثنا محمد بن سلمة الباهلي عن عبد العزيز بن محمد, عن هشام يعني ابن عروة, عن أبيه, عن عائشة "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قالت: أوثاناً. وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومجاهد وأبي مالك والسدي ومقاتل بن حيان, نحو ذلك. وقال جويبر عن الضحاك في الاية, قال المشركون إن الملائكة بنات الله, وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى, قال: فاتخذوهن أرباباً, وصوروهن جواري فحكموا وقلدوا, وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده, يعنون الملائكة, وهذا التفسير شبيه بقول الله تعالى: "أفرأيتم اللات والعزى" الايات, وقال تعالى: "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً" الاية, وقال: "وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً" الايتين وقال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال: يعني موتى. وقال مبارك, يعني ابن فضالة, عن الحسن: إن يدعون من دونه إلا إناثاً. قال الحسن: الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح, إما خشبة يابسة وإما حجر يابس. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير, وهو غريب.
وقوله: "وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً" أي هو الذي أمرهم بذلك وحسنه وزينه لهم, وهم إنما يعبدون إبليس في نفس الأمر, كما قال تعالى: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان " الاية. وقال تعالى إخباراً عن الملائكة أنهم يقولون يوم القيامة عن المشركين الذين ادعوا عبادتهم في الدنيا "بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون".
وقوله: "لعنه الله" أي طرده وأبعده من رحمته, وأخرجه من جواره, وقال: "لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً" أي معيناً مقدراً معلوماً. قال مقاتل بن حيان: من كل ألف, تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار, وواحد إلى الجنة, "ولأضلنهم" أي عن الحق, "ولأمنينهم" أي أزين لهم ترك التوبة, وأعدهم الأماني, وآمرهم بالتسويف والتأخير, وأغرهم من أنفسهم, وقوله: " ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ". قال قتادة والسدي وغيرهما: يعني تشقيقها وجعلها سمة وعلامة للبحيرة والسائبة والوصيلة, " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ", قال ابن عباس: يعني بذلك خصي الدواب, وقد روي عن ابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي عياض وقتادة وأبي صالح والثوري, وقد ورد في حديث النهي عن ذلك, وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: يعني بذلك الوشم, وفي صحيح مسلم, النهي عن الوشم في الوجه, وفي لفظ: لعن الله من فعل ذلك, وفي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات, والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل, ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل, يعني قوله: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". وقال ابن عباس في رواية عنه ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والحكم والسدي والضحاك وعطاء الخراساني في قوله: " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " يعني دين الله عز وجل, هذا كقوله: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " على قول من جعل ذلك أمراً, أي لا تبدلوا فطرة الله ودعوا الناس على فطرتهم, كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه, أو ينصرانه, أو يمجسانه, كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تجدون بها من جدعاء" وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء, فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم, وحرمت عليهم ما أحللت لهم".
ثم قال تعالى: "ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً" أي فقد خسر الدنيا والاخرة, وتلك خسارة لا جبر لها ولا استدراك لفائتها. وقوله تعالى: "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً" وهذا إخبار عن الواقع, فإن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدينا والاخرة, وقد كذب وافترى في ذلك, ولهذا قال الله تعالى: "وما يعدهم الشيطان إلا غروراً", كما قال تعالى مخبراً عن إبليس يوم المعاد " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ".
وقوله: "أولئك" أي المستحسنون له فيما وعدهم ومناهم "مأواهم جهنم" أي مصيرهم ومآلهم يوم القيامة "ولا يجدون عنها محيصاً" أي ليس لهم عنها مندوحة ولا مصرف, ولا خلاص, ولا مناص, ثم ذكر تعالى حال السعداء والأتقياء ومالهم في مآلهم من الكرامة التامة, فقال تعالى: " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي صدقت قلوبهم وعملت جوارحهم بما أمروا به من الخيرات, وتركوا ما نهوا عنه من المنكرات "سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار" أي يصرفونها حيث شاؤوا وأين شاؤوا "خالدين فيها أبداً" أي بلا زوال ولا انتقال "وعد الله حقاً" أي هذا وعد من الله, ووعد الله معلوم حقيقة أنه واقع لا محالة, ولهذا أكده بالمصدر الدال على تحقيق الخبر, وهو قوله حقاً, ثم قال تعالى: "ومن أصدق من الله قيلاً" أي لا أحد أصدق منه قولاً, أي خبراً لا إله هو ولا رب سواه, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: "إن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار".

الترجمة الإنجليزية

أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا
التفسير121. For such, their habitation will be hell, and they will find no refuge therefrom.

الترجمة الفرنسية

أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا
التفسير121. Voilà ceux dont le refuge est l'Enfer. Et ils ne trouveront aucun moyen d'y échapper!











_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:16 pm

:[qq[qowowoei:

بسم الله الرحمن الرحيم

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً (122)

والذين صَدَقوا في إيمانهم بالله تعالى, وأتبعوا الإيمان بالأعمال الصالحة سيدخلهم الله -بفضله- جنات تجري من نحت أشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدًا, وعدا من الله تعالى الذي لا يخلف وعده. ولا أحد أصدق من الله تعالى في قوله ووعده.


تفسير ابن كثير

وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً
التفسير قد تقدم الكلام على هذه الاية الكريمة, وهي قوله: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك" الاية, وذكرنا ما يتعلق بها من الأحاديث في صدر هذه السورة, وقد روى الترمذي: حديث ثوير بن أبي فاختة سعيد بن علاقة عن أبيه, عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الاية "إن الله لا يغفر أن يشرك به" الاية, ثم قال: هذا حسن غريب. وقوله: "ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً" أي فقد سلك غير الطريق الحق, وضل عن الهدى وبعد عن الصواب, وأهلك نفسه وخسرها في الدنيا والاخرة, وفاتته سعادة الدنيا والاخرة.
وقوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمود بن غيلان, أنبأنا الفضل بن موسى, أخبرنا الحسن بن واقد عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب قال: مع كل صنم جنية, وحدثنا أبي, حدثنا محمد بن سلمة الباهلي عن عبد العزيز بن محمد, عن هشام يعني ابن عروة, عن أبيه, عن عائشة "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قالت: أوثاناً. وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومجاهد وأبي مالك والسدي ومقاتل بن حيان, نحو ذلك. وقال جويبر عن الضحاك في الاية, قال المشركون إن الملائكة بنات الله, وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى, قال: فاتخذوهن أرباباً, وصوروهن جواري فحكموا وقلدوا, وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده, يعنون الملائكة, وهذا التفسير شبيه بقول الله تعالى: "أفرأيتم اللات والعزى" الايات, وقال تعالى: "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً" الاية, وقال: "وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً" الايتين وقال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس "إن يدعون من دونه إلا إناثاً" قال: يعني موتى. وقال مبارك, يعني ابن فضالة, عن الحسن: إن يدعون من دونه إلا إناثاً. قال الحسن: الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح, إما خشبة يابسة وإما حجر يابس. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير, وهو غريب.
وقوله: "وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً" أي هو الذي أمرهم بذلك وحسنه وزينه لهم, وهم إنما يعبدون إبليس في نفس الأمر, كما قال تعالى: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان " الاية. وقال تعالى إخباراً عن الملائكة أنهم يقولون يوم القيامة عن المشركين الذين ادعوا عبادتهم في الدنيا "بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون".
وقوله: "لعنه الله" أي طرده وأبعده من رحمته, وأخرجه من جواره, وقال: "لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً" أي معيناً مقدراً معلوماً. قال مقاتل بن حيان: من كل ألف, تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار, وواحد إلى الجنة, "ولأضلنهم" أي عن الحق, "ولأمنينهم" أي أزين لهم ترك التوبة, وأعدهم الأماني, وآمرهم بالتسويف والتأخير, وأغرهم من أنفسهم, وقوله: " ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ". قال قتادة والسدي وغيرهما: يعني تشقيقها وجعلها سمة وعلامة للبحيرة والسائبة والوصيلة, " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ", قال ابن عباس: يعني بذلك خصي الدواب, وقد روي عن ابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي عياض وقتادة وأبي صالح والثوري, وقد ورد في حديث النهي عن ذلك, وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: يعني بذلك الوشم, وفي صحيح مسلم, النهي عن الوشم في الوجه, وفي لفظ: لعن الله من فعل ذلك, وفي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات, والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل, ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل, يعني قوله: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". وقال ابن عباس في رواية عنه ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والحكم والسدي والضحاك وعطاء الخراساني في قوله: " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " يعني دين الله عز وجل, هذا كقوله: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " على قول من جعل ذلك أمراً, أي لا تبدلوا فطرة الله ودعوا الناس على فطرتهم, كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه, أو ينصرانه, أو يمجسانه, كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تجدون بها من جدعاء" وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء, فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم, وحرمت عليهم ما أحللت لهم".
ثم قال تعالى: "ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً" أي فقد خسر الدنيا والاخرة, وتلك خسارة لا جبر لها ولا استدراك لفائتها. وقوله تعالى: "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً" وهذا إخبار عن الواقع, فإن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدينا والاخرة, وقد كذب وافترى في ذلك, ولهذا قال الله تعالى: "وما يعدهم الشيطان إلا غروراً", كما قال تعالى مخبراً عن إبليس يوم المعاد " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ".
وقوله: "أولئك" أي المستحسنون له فيما وعدهم ومناهم "مأواهم جهنم" أي مصيرهم ومآلهم يوم القيامة "ولا يجدون عنها محيصاً" أي ليس لهم عنها مندوحة ولا مصرف, ولا خلاص, ولا مناص, ثم ذكر تعالى حال السعداء والأتقياء ومالهم في مآلهم من الكرامة التامة, فقال تعالى: " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي صدقت قلوبهم وعملت جوارحهم بما أمروا به من الخيرات, وتركوا ما نهوا عنه من المنكرات "سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار" أي يصرفونها حيث شاؤوا وأين شاؤوا "خالدين فيها أبداً" أي بلا زوال ولا انتقال "وعد الله حقاً" أي هذا وعد من الله, ووعد الله معلوم حقيقة أنه واقع لا محالة, ولهذا أكده بالمصدر الدال على تحقيق الخبر, وهو قوله حقاً, ثم قال تعالى: "ومن أصدق من الله قيلاً" أي لا أحد أصدق منه قولاً, أي خبراً لا إله هو ولا رب سواه, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: "إن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار".

الترجمة الإنجليزية

وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً
التفسير122. But as for those who believe and do good works We shall bring them into gardens underneath which rivers flow, wherein they will abide for ever. It is a promise from Allah in truth ; and who can be more truthful than Allah in utterance?

الترجمة الفرنسية

وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً
التفسير122. Et quant à ceux qui ont cru et fait de bonnes oeuvres. Nous les ferons entrer bientٍt aux Jardins sous lesquels coulent les ruisseaux, pour y demeurer éternellement. Promesse d'Allah en vérité. Et qui est plus véridique qu'Allah en parole?



بسم الله الرحمن الرحيم

لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (123)

لا يُنال هذا الفضل العظيم بالأماني التي تتمنونها أيها المسلمون, ولا بأماني أهل الكتاب من اليهود والنصارى, وإنما يُنال بالإيمان الصادق بالله تعالى, وإحسان العمل الذي يرضيه. ومن يعمل عملا سيئًا يجز به, ولا يجد له سوى الله تعالى وليّاً يتولى أمره وشأنه, ولا نصيرًا ينصره, ويدفع عنه سوء العذاب.


تفسير ابن كثير

لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا
التفسير قال قتادة: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا, فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى بالله منكم, وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم ونبينا خاتم النبيين, وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله, فأنزل الله "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" "ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن" الاية, ثم أفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الاديان, وكذا روي عن السدي ومسروق والضحاك وأبي صالح وغيرهم, وكذا روى العوفي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في هذه الاية: تخاصم أهل الأديان, فقال أهل التوارة: كتابنا خير الكتب, ونبينا خير الأنبياء, وقال أهل الإنجيل مثل ذلك, وقال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام, وكتابنا نسخ كل كتاب, ونبينا خاتم النبيين, وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا فقضى الله بينهم, وقال: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" الاية.
وخير بين الأديان فقال: " ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن " إلى قوله: "واتخذ الله إبراهيم خليلاً". وقال مجاهد: قالت العرب: لن نبعث ولن نعذب, وقالت اليهود والنصارى "لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى", وقالوا: "لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات" والمعنى في هذه الاية أن الدين ليس بالتحلي ولا بالتمني, ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال, وليس كل من ادعى شيئاً حصل له بمجرد دعواه, ولا كل من قال إنه هو على الحق سمع قوله بمجرد ذلك, حتى يكون له من الله برهان, ولهذا قال تعالى: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" أي ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني ؟ بل العبرة بطاعة الله سبحانه واتباع ما شرعه على ألسنة الرسل الكرام, ولهذا قال بعده "من يعمل سوءاً يجز به", كقوله: " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " وقد روي أن هذه الاية لما نزلت شق ذلك على كثير من الصحابة .
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن نمير, حدثنا إسماعيل عن أبي بكر بن أبي زهير, قال: أخبرت أن أبا بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله كيف الفلاح بعد هذه الاية "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" فكل سوء عملناه جزينا به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غفر الله لك يا أبا بكر, ألست تمرض, ألست تنصب, ألست تحزن, ألست تصيبك اللأواء ؟" قال: بلى. قال: "فهو مما تجزون به". ورواه سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة, عن إسماعيل بن أبي خالد به, ورواه الحاكم من طريق سفيان الثوري عن إسماعيل به. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن زياد الجصاص, عن علي بن زيد, عن مجاهد, عن ابن عمر, قال: سمعت أبا بكر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا" وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن هشيم بن جهيمة, حدثنا يحيى بن أبي طالب, حدثنا عبد الوهاب بن عطاء, حدثنا زياد الجصاص عن علي بن زيد, عن مجاهد, قال: قال عبد الله بن عمر: انظروا المكان الذي فيه عبد الله بن الزبير مصلوباً فلا تمرن عليه, قال: فسها الغلام فإذا عبد الله بن عمر ينظر إلى ابن الزبير فقال: يغفر الله لك ثلاثاً, أما والله ما علمتك إلا صواماً قواماً وصالاً للرحم, أما والله إني لأرجو مع مساوي ما أصبت أن لا يعذبك الله بعدها, قال: ثم التفت إلي فقال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً في الدنيا يجز به" ورواه أبو بكر البزار في مسنده عن الفضل بن سهل, عن عبد الوهاب بن عطاء به مختصراً, وقال في مسنده ابن الزبير: حدثنا إبراهيم بن المستمر العروقي, حدثنا عبد الرحمن بن سليم بن حيان, حدثني أبي عن جدي حيان بن بسطام, قال: كنت مع ابن عمر فمر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب, فقال: رحمة الله عليك أبا خبيب, سمعت أباك يعني الزبير, يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا والاخرة" ثم قال: لا نعلمه يروى عن الزبير إلا من هذا الوجه.
وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا أحمد بن كامل, حدثنا محمد بن سعد العوفي, حدثنا روح بن عبادة, حدثنا موسى بن عبيدة, حدثني مولى بن سباع, قال: سمعت ابن عمر يحدث عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الاية " من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر ألا أقرئك آية أنزلت علي ؟" قلت: بلى يا رسول الله. قال: فاقرأنيها فلا أعلم إلا أني قد وجدت انفصاماً في ظهري حتى تمطيت لها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مالك يا أبا بكر ؟" قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله, وأينا لم يعمل السوء وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون, فإنكم تجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب, وأما الاخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة", وكذا رواه الترمذي عن يحيى بن موسى وعبد بن حميد عن روح بن عبادة به. ثم قال: وموسى بن عبيدة يضعف, ومولى بن سباع مجهول. وقال ابن جرير: حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء بن أبي رباح قال: لما نزلت هذه الاية قال أبو بكر: جاءت قاصمة الظهر, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هي المصيبات في الدنيا".
(طريق أخرى عن الصديق) قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إسحاق العسكري, حدثنا محمد بن عامر السعدي, حدثنا يحيى بن يحيى, حدثنا فضيل بن عياض عن سلمان بن مهران, عن مسلم بن صبيح, عن مسروق, قال: قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله, ما أشد هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به ؟" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المصائب والأمراض والأحزان في الدينا جزاء".
(طريق أخرى) قال ابن جرير: حدثني عبد الله بن أبي زياد وأحمد بن منصور, قالا: أنبأنا زيد بن الحباب, حدثنا عبد الملك بن الحسن المحاربي, حدثنا محمد بن زيد بن قنفذ عن عائشة, عن أبي بكر قال: لما نزلت "من يعمل سوءاً يجز به" قال أبو بكر: يا رسول الله, كل ما نعمل نؤاخذ به ؟ فقال: "يا أبا بكر أليس يصيبك كذا وكذا, فهو كفارة".
(حديث آخر) قال سعيد بن منصور: أنبأنا عبد الله بن وهب, أخبرني عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه أن يزيد بن أبي يزيد حدثه عن عبيد بن عمير, عن عائشة أن رجلاً تلا هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به" فقال: إنا لنجزى بكل ما علمناه, هلكنا إذاً, فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "نعم يجزى به المؤمن في الدنيا في نفسه في جسده فيما يؤذيه".
(طريق أخرى) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا سلمة بن بشير, حدثنا هشيم عن أبي عامر, عن ابن أبي مليكة, عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله, إني لأعلم أشد آية في القرآن, فقال: "ما هي يا عائشة ؟" قلت: من يعمل سوءاً يجز به, فقال: "هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النكبة ينكبها" ورواه ابن جرير من حديث هشيم به. ورواه أبو داود من حديث أبي عامر صالح بن رستم الخزاز به.
(طريق أخرى) قال أبو داود الطيالسي: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد, عن أمية أنها سألت عائشة عن هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به", فقالت: ما سألني أحد عن هذه الاية منذ سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم, سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: "يا عائشة هذه مبايعة الله للعبد مما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة حتى البضاعة يضعها في كمه, فيفزع لها, فيجدها في جيبه حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه, كما أن الذهب يخرج من الكير".
(طريق أخرى) قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم, حدثنا أبو القاسم, حدثنا سريج بن يونس, حدثنا أبو معاوية عن محمد بن إسماعيل, عن محمد بن زيد بن المهاجر, عن عائشة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به", قال: "إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في القبض عند الموت" وقال الإمام أحمد: حدثنا حسين عن زائدة, عن ليث, عن مجاهد, عن عائشة قالت: قال: رسول الله: إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها, ابتلاه الله بالحزن ليكفرها عنه.
(حديث آخر) قال سعيد بن منصور, عن سفيان بن عيينة, عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن, سمع محمد بن قيس بن مخرمة يخبر أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت "من يعمل سوءاً يجز به" شق ذلك على المسلمين, فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا, فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها", هكذا رواه أحمد عن سفيان بن عيينة, ومسلم والترمذي والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به, ورواه ابن مردويه من حديث روح ومعتمر, كلاهما عن إبراهيم بن يزيد, عن عبد الله بن إبراهيم, سمعت أبا هريرة يقول: لما نزلت هذه الاية "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" بكينا وحزنا, وقلنا: يارسول الله ما أبقت هذه الاية من شيء, قال: "أما والذي نفسي بيده إنها لكما أنزلت, ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا, فإنه لا يصيب أحداً منكم مصيبة في الدنيا إلا كفر الله بها من خطيئته حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه" وقال عطاء بن يسار, عن أبي سعيد وأبي هريرة: أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله من سيئاته" أخرجاه.
(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن سعد بن إسحاق, حدثتني زينب بنت كعب بن عجرة عن أبي سعيد الخدري, قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا, ما لنا بها ؟ قال: كفارات. قال أبي: وإن قلت قال: حتى الشوكة فما فوقها, قال: فدعا أبي على نفسه أنه لا يفارقه الوعك حتى يموت في أن لا يشغله عن حج ولا عمرة ولا جهاد في سبيل الله ولا صلاة مكتوبة في جماعة, فما مسه إنسان إلا وجد حره حتى مات رضي الله عنه, تفرد به أحمد.
(حديث أخر) روى ابن مردويه من طريق حسين بن واقد عن الكلبي, عن أبي صالح, عن ابن عباس, قال: قيل: يا رسول الله "من يعمل سوءاً يجز به", قال: "نعم ومن يعمل حسنة يجز بها عشراً" فهلك من غلب واحدته عشراته. وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع, حدثنا يزيد بن هارون, حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن "من يعمل سوءاً يجز به" قال: الكافر, ثم قرأ "وهل نجازي إلا الكفور", وهكذا روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما فسرا السوء ههنا بالشرك أيضاً. وقوله: "ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً" قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: إلا أن يتوب فيتوب الله عليه, رواه ابن أبي حاتم, والصحيح أن ذلك عام في جميع الأعمال لما تقدم من الأحاديث, وهذا اختيار ابن جرير, والله أعلم.
وقوله: "ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن" الاية, لما ذكر الجزاء على السيئات وأنه لا بد أن يأخذ مستحقها من العبد إما في الدنيا وهو الأجود له, وإما في الاخرة والعياذ با لله من ذلك, ونسأله العافية في الدنيا والاخرة, والصفح والعفو والمسامحة, شرع في بيان إحسانه وكرمه ورحمته في قبول الأعمال الصالحة من عباده, ذكرانهم وإناثهم بشرط الإيمان, وأنه سيدخلهم الجنة ولا يظلمهم من حسناتهم ولا مقدار النقير, وهو النقرة التي في ظهر نواة التمرة وقد تقدم الكلام على الفتيل وهو الخيط في شق النواة, وهذا النقير وهما في نواة التمرة, وكذا القطمير وهو اللفافة التي على نواة التمرة, والثلاثة في القرآن,
ثم قال تعالى: "ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله" أخلص العمل لربه عز وجل فعمل إيماناً واحتساباً, "وهو محسن" أي اتبع في عمله ما شرعه الله له, وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق,, وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما, أي يكون خالصاً صواباً والخالص أن يكون لله, والصواب أن يكون متابعاً للشريعة فيصح ظاهره بالمتابعة, وباطنه بالإخلاص, فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد, فمتى فقد الإخلاص كان منافقاً وهم الذين يراءون الناس, ومن فقد المتابعة كان ضالاً جاهلاً, ومتى جمعهما كان عمل المؤمنين الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم, الاية, ولهذا قال تعالى: "واتبع ملة إبراهيم حنيفاً" وهم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة. كما قال تعالى: "إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي" الاية, وقال تعالى: "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين" والحنيف هو المائل عن الشرك قصداً, أي تاركاً له عن بصيرة, ومقبل على الحق بكليته لا يصده عنه صاد, ولا يرده عنه راد.
وقوله: "واتخذ الله إبراهيم خليلاً" وهذا من باب الترغيب في اتباعه, لأنه إمام يقتدى به حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له, فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة, وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه, كما وصفه به في قوله: "وإبراهيم الذي وفى", قال كثير من علماء السلف: أي قام بجميع ما أمر به في كل مقام من مقامات العبادة, فكان لا يشغله أمر جليل عن حقير, ولا كبير عن صغير وقال تعالى: "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" الاية. وقال تعالى: "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين" الاية, والاية بعدها, وقال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب, حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت, عن سعيد بن جبير, عن عمرو بن ميمون, قال: إن معاذاً لما قدم اليمن صلى بهم الصبح, فقرأ "واتخذ الله إبراهيم خليلا" فقال رجل: من القوم: لقد قرت عين أم إبراهيم, وقد ذكر ابن جرير في تفسيره عن بعضهم: أنه إنما سماه الله خليلاً من أجل أنه أصاب أهل ناحيته جدب, فارتحل إلى خليل له من أهل الموصل, وقال بعضهم من أهل مصر: ليمتار طعاماً لأهله من قبله فلم يصب عنده حاجته, فلما قرب من أهله قر بمفازة ذات رمل, فقال: لو ملأت غرائري من هذا الرمل لئلا يغتم أهلي برجوعي إليهم بغير ميرة, وليظنوا أني أتيتهم بما يحبون, ففعل ذلك فتحول ما في الغرائر من الرمل دقيقاً, فلما صار إلى منزله نام, و قام أهله ففتحوا الغرائر فوجدوا دقيقاً فعجنوا منه وخبزوا, فاستيقظ فسألهم عن الدقيق الذي خبزوا, فقالوا: من الدقيق الذي جئت به من عند خليلك, فقال: نعم هو من عند خليلي الله, فسماه الله خليلاً, وفي صحة هذا ووقوعه نظر, وغايته أن يكون خبراً إسرائيلياً لا يصدق ولا يكذب, وإنما سمي خليل الله لشدة محبة ربه عز وجل, له لما قام به من الطاعة التي يحبها ويرضاها, ولهذا ثبت في الصحيحين من رواية أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خطبهم في آخر خطبة خطبها, قال: "أما بعد, أيها الناس فلو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً, لاتخذت أبا بكر بن أبي قحافة خليلاً, ولكن صاحبكم خليل الله" وجاء من طريق جندب بن عبد الله البجلي وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن مسعود عن النبي قال: "إن الله اتخذني خليلاً, كما اتخذ إبراهيم خليلاً" وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم, حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد, حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني بمكة, حدثنا عبد الله الحنفي, حدثنا زمعة أبو صالح عن سلمة بن وهران, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله ينتظرونه, فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم, وإذا بعضهم يقول: عجب, إن الله اتخذ من خلقه خليلاً فإبراهيم خليله, وقال آخر: ماذا بأعجب من أن الله كلم موسى تكليماً, وقال آخر: فعيسى روح الله وكلمته, وقال آخر: آدم اصطفاه الله فخرج عليهم فسلم, وقال: "قد سمعت كلامكم وتعجبكم إن إبراهيم خليل الله, وهو كذلك, وموسى كليمه, وعيسى روحه وكلمته, وآدم اصطفاه الله وهو كذلك, وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإني حبيب الله, ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع, ولا فخر وأنا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح الله ويدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين, ولا فخر, وأنا أكرم الأولين والاخرين يوم القيامة ولا فخر" وهذا حديث غريب من هذا الوجه ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها,
وقال قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: أتعجبون من أن تكون الخلة لإبراهيم, والكلام لموسى, والرؤية لمحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, رواه الحاكم في المستدرك, وقال: صحيح على شرط البخاري, ولم يخرجاه, وكذا روي عن أنس بن مالك وغير واحد من الصحابة والتابعين والأئمة من السلف والخلف وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يحيى بن عبدك القزويني, حدثنا محمد يعني سعيد بن سابق, حدثنا عمرو يعني ابن أبي قيس عن عاصم عن أبي راشد, عن عبيد بن عمير, قال: كان إبراهيم عليه السلام يضيف الناس, فخرج يوماً يلتمس أحداً يضيفه فلم يجد أحداً يضيفه, فرجع إلى داره فوجد فيها رجلاً قائماً, فقال: يا عبد الله ما أدخلك داري بغير إذني ؟ قال: دخلتها بإذن ربها, قال: ومن أنت ؟ قال: أنا ملك الموت أرسلني ربي إلى عبد من عباده, أبشره بأن الله قد اتخذه خليلاً, قال: من هو ؟ فوالله إن أخبرتني به, ثم كان بأقصى البلاد لاتينه, ثم لا أبرح له جاراً حتى يفرق بيننا الموت, قال: ذلك العبد أنت. قال: أنا ؟ قال: نعم, قال فيم اتخذني ربي خليلاً ؟ قال: إنك تعطي الناس ولا تسألهم وحدثنا أبي, حدثنا محمود بن خالد السلمي, حدثنا الوليد عن إسحاق بن يسار, قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً ألقى في قلبه الوجل حتى أن خفقان قلبه ليسمع من بعيد كما يسمع خفقان الطير في الهواء وهكذا جاء في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل إذا اشتد غليانها من البكاء.
وقوله: "ولله ما في السموات وما في الأرض" أي الجميع ملكه وعبيده وخلقه وهو المتصرف في جميع ذلك, لا راد لما قضى, ولا مقعب لما حكم, ولا يسأل عما يفعل لعظمته وقدرته وعدله وحكمته ولطفه ورحمته. وقوله: "وكان الله بكل شيء محيطاً" أي علمه نافذ في جميع ذلك لا تخفى عليه خافية من عباده, ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر, ولا تخفى عليه ذرة لما تراءى للناظرين وما توارى.

الترجمة الإنجليزية

لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا
التفسير123. It will not be in accordance with your desires, nor the desires of the People of the ******ure. He who doeth wrong will have the recompense thereof, and will not find against Allah any protecting friend or helper.

الترجمة الفرنسية

لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا
التفسير123. Ceci ne dépend ni de vos désirs ni des gens du Livre. Quiconque fait un mal sera rétribué pour cela, et ne trouvera en sa faveur, hors d'Allah, ni allié ni secoureur.











_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:17 pm

:[qq[qowowoei:

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124)

ومن يعمل من الأعمال الصالحة من ذكر أو أنثى, وهو مؤمن بالله تعالى وبما أنزل من الحق, فأولئك يدخلهم الله الجنة دار النعيم المقيم, ولا يُنْقَصون من ثواب أعمالهم شيئًا, ولو كان مقدار النقرة في ظهر النواة.


تفسير ابن كثير

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا
التفسير قال قتادة: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا, فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى بالله منكم, وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم ونبينا خاتم النبيين, وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله, فأنزل الله "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" "ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن" الاية, ثم أفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الاديان, وكذا روي عن السدي ومسروق والضحاك وأبي صالح وغيرهم, وكذا روى العوفي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في هذه الاية: تخاصم أهل الأديان, فقال أهل التوارة: كتابنا خير الكتب, ونبينا خير الأنبياء, وقال أهل الإنجيل مثل ذلك, وقال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام, وكتابنا نسخ كل كتاب, ونبينا خاتم النبيين, وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا فقضى الله بينهم, وقال: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" الاية.
وخير بين الأديان فقال: " ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن " إلى قوله: "واتخذ الله إبراهيم خليلاً". وقال مجاهد: قالت العرب: لن نبعث ولن نعذب, وقالت اليهود والنصارى "لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى", وقالوا: "لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات" والمعنى في هذه الاية أن الدين ليس بالتحلي ولا بالتمني, ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال, وليس كل من ادعى شيئاً حصل له بمجرد دعواه, ولا كل من قال إنه هو على الحق سمع قوله بمجرد ذلك, حتى يكون له من الله برهان, ولهذا قال تعالى: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" أي ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني ؟ بل العبرة بطاعة الله سبحانه واتباع ما شرعه على ألسنة الرسل الكرام, ولهذا قال بعده "من يعمل سوءاً يجز به", كقوله: " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " وقد روي أن هذه الاية لما نزلت شق ذلك على كثير من الصحابة .
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن نمير, حدثنا إسماعيل عن أبي بكر بن أبي زهير, قال: أخبرت أن أبا بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله كيف الفلاح بعد هذه الاية "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" فكل سوء عملناه جزينا به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غفر الله لك يا أبا بكر, ألست تمرض, ألست تنصب, ألست تحزن, ألست تصيبك اللأواء ؟" قال: بلى. قال: "فهو مما تجزون به". ورواه سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة, عن إسماعيل بن أبي خالد به, ورواه الحاكم من طريق سفيان الثوري عن إسماعيل به. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن زياد الجصاص, عن علي بن زيد, عن مجاهد, عن ابن عمر, قال: سمعت أبا بكر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا" وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن هشيم بن جهيمة, حدثنا يحيى بن أبي طالب, حدثنا عبد الوهاب بن عطاء, حدثنا زياد الجصاص عن علي بن زيد, عن مجاهد, قال: قال عبد الله بن عمر: انظروا المكان الذي فيه عبد الله بن الزبير مصلوباً فلا تمرن عليه, قال: فسها الغلام فإذا عبد الله بن عمر ينظر إلى ابن الزبير فقال: يغفر الله لك ثلاثاً, أما والله ما علمتك إلا صواماً قواماً وصالاً للرحم, أما والله إني لأرجو مع مساوي ما أصبت أن لا يعذبك الله بعدها, قال: ثم التفت إلي فقال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً في الدنيا يجز به" ورواه أبو بكر البزار في مسنده عن الفضل بن سهل, عن عبد الوهاب بن عطاء به مختصراً, وقال في مسنده ابن الزبير: حدثنا إبراهيم بن المستمر العروقي, حدثنا عبد الرحمن بن سليم بن حيان, حدثني أبي عن جدي حيان بن بسطام, قال: كنت مع ابن عمر فمر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب, فقال: رحمة الله عليك أبا خبيب, سمعت أباك يعني الزبير, يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا والاخرة" ثم قال: لا نعلمه يروى عن الزبير إلا من هذا الوجه.
وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا أحمد بن كامل, حدثنا محمد بن سعد العوفي, حدثنا روح بن عبادة, حدثنا موسى بن عبيدة, حدثني مولى بن سباع, قال: سمعت ابن عمر يحدث عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الاية " من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر ألا أقرئك آية أنزلت علي ؟" قلت: بلى يا رسول الله. قال: فاقرأنيها فلا أعلم إلا أني قد وجدت انفصاماً في ظهري حتى تمطيت لها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مالك يا أبا بكر ؟" قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله, وأينا لم يعمل السوء وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون, فإنكم تجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب, وأما الاخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة", وكذا رواه الترمذي عن يحيى بن موسى وعبد بن حميد عن روح بن عبادة به. ثم قال: وموسى بن عبيدة يضعف, ومولى بن سباع مجهول. وقال ابن جرير: حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء بن أبي رباح قال: لما نزلت هذه الاية قال أبو بكر: جاءت قاصمة الظهر, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هي المصيبات في الدنيا".
(طريق أخرى عن الصديق) قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إسحاق العسكري, حدثنا محمد بن عامر السعدي, حدثنا يحيى بن يحيى, حدثنا فضيل بن عياض عن سلمان بن مهران, عن مسلم بن صبيح, عن مسروق, قال: قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله, ما أشد هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به ؟" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المصائب والأمراض والأحزان في الدينا جزاء".
(طريق أخرى) قال ابن جرير: حدثني عبد الله بن أبي زياد وأحمد بن منصور, قالا: أنبأنا زيد بن الحباب, حدثنا عبد الملك بن الحسن المحاربي, حدثنا محمد بن زيد بن قنفذ عن عائشة, عن أبي بكر قال: لما نزلت "من يعمل سوءاً يجز به" قال أبو بكر: يا رسول الله, كل ما نعمل نؤاخذ به ؟ فقال: "يا أبا بكر أليس يصيبك كذا وكذا, فهو كفارة".
(حديث آخر) قال سعيد بن منصور: أنبأنا عبد الله بن وهب, أخبرني عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه أن يزيد بن أبي يزيد حدثه عن عبيد بن عمير, عن عائشة أن رجلاً تلا هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به" فقال: إنا لنجزى بكل ما علمناه, هلكنا إذاً, فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "نعم يجزى به المؤمن في الدنيا في نفسه في جسده فيما يؤذيه".
(طريق أخرى) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا سلمة بن بشير, حدثنا هشيم عن أبي عامر, عن ابن أبي مليكة, عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله, إني لأعلم أشد آية في القرآن, فقال: "ما هي يا عائشة ؟" قلت: من يعمل سوءاً يجز به, فقال: "هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النكبة ينكبها" ورواه ابن جرير من حديث هشيم به. ورواه أبو داود من حديث أبي عامر صالح بن رستم الخزاز به.
(طريق أخرى) قال أبو داود الطيالسي: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد, عن أمية أنها سألت عائشة عن هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به", فقالت: ما سألني أحد عن هذه الاية منذ سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم, سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: "يا عائشة هذه مبايعة الله للعبد مما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة حتى البضاعة يضعها في كمه, فيفزع لها, فيجدها في جيبه حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه, كما أن الذهب يخرج من الكير".
(طريق أخرى) قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم, حدثنا أبو القاسم, حدثنا سريج بن يونس, حدثنا أبو معاوية عن محمد بن إسماعيل, عن محمد بن زيد بن المهاجر, عن عائشة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به", قال: "إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في القبض عند الموت" وقال الإمام أحمد: حدثنا حسين عن زائدة, عن ليث, عن مجاهد, عن عائشة قالت: قال: رسول الله: إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها, ابتلاه الله بالحزن ليكفرها عنه.
(حديث آخر) قال سعيد بن منصور, عن سفيان بن عيينة, عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن, سمع محمد بن قيس بن مخرمة يخبر أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت "من يعمل سوءاً يجز به" شق ذلك على المسلمين, فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا, فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها", هكذا رواه أحمد عن سفيان بن عيينة, ومسلم والترمذي والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به, ورواه ابن مردويه من حديث روح ومعتمر, كلاهما عن إبراهيم بن يزيد, عن عبد الله بن إبراهيم, سمعت أبا هريرة يقول: لما نزلت هذه الاية "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" بكينا وحزنا, وقلنا: يارسول الله ما أبقت هذه الاية من شيء, قال: "أما والذي نفسي بيده إنها لكما أنزلت, ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا, فإنه لا يصيب أحداً منكم مصيبة في الدنيا إلا كفر الله بها من خطيئته حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه" وقال عطاء بن يسار, عن أبي سعيد وأبي هريرة: أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله من سيئاته" أخرجاه.
(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن سعد بن إسحاق, حدثتني زينب بنت كعب بن عجرة عن أبي سعيد الخدري, قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا, ما لنا بها ؟ قال: كفارات. قال أبي: وإن قلت قال: حتى الشوكة فما فوقها, قال: فدعا أبي على نفسه أنه لا يفارقه الوعك حتى يموت في أن لا يشغله عن حج ولا عمرة ولا جهاد في سبيل الله ولا صلاة مكتوبة في جماعة, فما مسه إنسان إلا وجد حره حتى مات رضي الله عنه, تفرد به أحمد.
(حديث أخر) روى ابن مردويه من طريق حسين بن واقد عن الكلبي, عن أبي صالح, عن ابن عباس, قال: قيل: يا رسول الله "من يعمل سوءاً يجز به", قال: "نعم ومن يعمل حسنة يجز بها عشراً" فهلك من غلب واحدته عشراته. وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع, حدثنا يزيد بن هارون, حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن "من يعمل سوءاً يجز به" قال: الكافر, ثم قرأ "وهل نجازي إلا الكفور", وهكذا روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما فسرا السوء ههنا بالشرك أيضاً. وقوله: "ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً" قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: إلا أن يتوب فيتوب الله عليه, رواه ابن أبي حاتم, والصحيح أن ذلك عام في جميع الأعمال لما تقدم من الأحاديث, وهذا اختيار ابن جرير, والله أعلم.
وقوله: "ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن" الاية, لما ذكر الجزاء على السيئات وأنه لا بد أن يأخذ مستحقها من العبد إما في الدنيا وهو الأجود له, وإما في الاخرة والعياذ با لله من ذلك, ونسأله العافية في الدنيا والاخرة, والصفح والعفو والمسامحة, شرع في بيان إحسانه وكرمه ورحمته في قبول الأعمال الصالحة من عباده, ذكرانهم وإناثهم بشرط الإيمان, وأنه سيدخلهم الجنة ولا يظلمهم من حسناتهم ولا مقدار النقير, وهو النقرة التي في ظهر نواة التمرة وقد تقدم الكلام على الفتيل وهو الخيط في شق النواة, وهذا النقير وهما في نواة التمرة, وكذا القطمير وهو اللفافة التي على نواة التمرة, والثلاثة في القرآن,
ثم قال تعالى: "ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله" أخلص العمل لربه عز وجل فعمل إيماناً واحتساباً, "وهو محسن" أي اتبع في عمله ما شرعه الله له, وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق,, وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما, أي يكون خالصاً صواباً والخالص أن يكون لله, والصواب أن يكون متابعاً للشريعة فيصح ظاهره بالمتابعة, وباطنه بالإخلاص, فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد, فمتى فقد الإخلاص كان منافقاً وهم الذين يراءون الناس, ومن فقد المتابعة كان ضالاً جاهلاً, ومتى جمعهما كان عمل المؤمنين الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم, الاية, ولهذا قال تعالى: "واتبع ملة إبراهيم حنيفاً" وهم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة. كما قال تعالى: "إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي" الاية, وقال تعالى: "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين" والحنيف هو المائل عن الشرك قصداً, أي تاركاً له عن بصيرة, ومقبل على الحق بكليته لا يصده عنه صاد, ولا يرده عنه راد.
وقوله: "واتخذ الله إبراهيم خليلاً" وهذا من باب الترغيب في اتباعه, لأنه إمام يقتدى به حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له, فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة, وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه, كما وصفه به في قوله: "وإبراهيم الذي وفى", قال كثير من علماء السلف: أي قام بجميع ما أمر به في كل مقام من مقامات العبادة, فكان لا يشغله أمر جليل عن حقير, ولا كبير عن صغير وقال تعالى: "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" الاية. وقال تعالى: "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين" الاية, والاية بعدها, وقال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب, حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت, عن سعيد بن جبير, عن عمرو بن ميمون, قال: إن معاذاً لما قدم اليمن صلى بهم الصبح, فقرأ "واتخذ الله إبراهيم خليلا" فقال رجل: من القوم: لقد قرت عين أم إبراهيم, وقد ذكر ابن جرير في تفسيره عن بعضهم: أنه إنما سماه الله خليلاً من أجل أنه أصاب أهل ناحيته جدب, فارتحل إلى خليل له من أهل الموصل, وقال بعضهم من أهل مصر: ليمتار طعاماً لأهله من قبله فلم يصب عنده حاجته, فلما قرب من أهله قر بمفازة ذات رمل, فقال: لو ملأت غرائري من هذا الرمل لئلا يغتم أهلي برجوعي إليهم بغير ميرة, وليظنوا أني أتيتهم بما يحبون, ففعل ذلك فتحول ما في الغرائر من الرمل دقيقاً, فلما صار إلى منزله نام, و قام أهله ففتحوا الغرائر فوجدوا دقيقاً فعجنوا منه وخبزوا, فاستيقظ فسألهم عن الدقيق الذي خبزوا, فقالوا: من الدقيق الذي جئت به من عند خليلك, فقال: نعم هو من عند خليلي الله, فسماه الله خليلاً, وفي صحة هذا ووقوعه نظر, وغايته أن يكون خبراً إسرائيلياً لا يصدق ولا يكذب, وإنما سمي خليل الله لشدة محبة ربه عز وجل, له لما قام به من الطاعة التي يحبها ويرضاها, ولهذا ثبت في الصحيحين من رواية أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خطبهم في آخر خطبة خطبها, قال: "أما بعد, أيها الناس فلو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً, لاتخذت أبا بكر بن أبي قحافة خليلاً, ولكن صاحبكم خليل الله" وجاء من طريق جندب بن عبد الله البجلي وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن مسعود عن النبي قال: "إن الله اتخذني خليلاً, كما اتخذ إبراهيم خليلاً" وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم, حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد, حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني بمكة, حدثنا عبد الله الحنفي, حدثنا زمعة أبو صالح عن سلمة بن وهران, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله ينتظرونه, فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم, وإذا بعضهم يقول: عجب, إن الله اتخذ من خلقه خليلاً فإبراهيم خليله, وقال آخر: ماذا بأعجب من أن الله كلم موسى تكليماً, وقال آخر: فعيسى روح الله وكلمته, وقال آخر: آدم اصطفاه الله فخرج عليهم فسلم, وقال: "قد سمعت كلامكم وتعجبكم إن إبراهيم خليل الله, وهو كذلك, وموسى كليمه, وعيسى روحه وكلمته, وآدم اصطفاه الله وهو كذلك, وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإني حبيب الله, ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع, ولا فخر وأنا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح الله ويدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين, ولا فخر, وأنا أكرم الأولين والاخرين يوم القيامة ولا فخر" وهذا حديث غريب من هذا الوجه ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها,
وقال قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: أتعجبون من أن تكون الخلة لإبراهيم, والكلام لموسى, والرؤية لمحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, رواه الحاكم في المستدرك, وقال: صحيح على شرط البخاري, ولم يخرجاه, وكذا روي عن أنس بن مالك وغير واحد من الصحابة والتابعين والأئمة من السلف والخلف وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يحيى بن عبدك القزويني, حدثنا محمد يعني سعيد بن سابق, حدثنا عمرو يعني ابن أبي قيس عن عاصم عن أبي راشد, عن عبيد بن عمير, قال: كان إبراهيم عليه السلام يضيف الناس, فخرج يوماً يلتمس أحداً يضيفه فلم يجد أحداً يضيفه, فرجع إلى داره فوجد فيها رجلاً قائماً, فقال: يا عبد الله ما أدخلك داري بغير إذني ؟ قال: دخلتها بإذن ربها, قال: ومن أنت ؟ قال: أنا ملك الموت أرسلني ربي إلى عبد من عباده, أبشره بأن الله قد اتخذه خليلاً, قال: من هو ؟ فوالله إن أخبرتني به, ثم كان بأقصى البلاد لاتينه, ثم لا أبرح له جاراً حتى يفرق بيننا الموت, قال: ذلك العبد أنت. قال: أنا ؟ قال: نعم, قال فيم اتخذني ربي خليلاً ؟ قال: إنك تعطي الناس ولا تسألهم وحدثنا أبي, حدثنا محمود بن خالد السلمي, حدثنا الوليد عن إسحاق بن يسار, قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً ألقى في قلبه الوجل حتى أن خفقان قلبه ليسمع من بعيد كما يسمع خفقان الطير في الهواء وهكذا جاء في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل إذا اشتد غليانها من البكاء.
وقوله: "ولله ما في السموات وما في الأرض" أي الجميع ملكه وعبيده وخلقه وهو المتصرف في جميع ذلك, لا راد لما قضى, ولا مقعب لما حكم, ولا يسأل عما يفعل لعظمته وقدرته وعدله وحكمته ولطفه ورحمته. وقوله: "وكان الله بكل شيء محيطاً" أي علمه نافذ في جميع ذلك لا تخفى عليه خافية من عباده, ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر, ولا تخفى عليه ذرة لما تراءى للناظرين وما توارى.

الترجمة الإنجليزية

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا
التفسير124. And whoso doeth good works, whether of male or female, and he (or she) is a believer, such will enter paradise and they will not be wronged the dint in a date stone.

الترجمة الفرنسية

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا
التفسير124. Et quiconque, homme ou femme, fait de bonnes oeuvres, tout en étant croyant... les voilà ceux qui entreront au Paradis; et on ne leur fera aucune injustice, fût-ce d'un creux de noyau de datte.






_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
ست الحباايب
النائب العام
النائب العام
ست الحباايب


العطاء الذهبى
العمر : ربي اغفرلي
الدولة : ارض الله الواسعه
التوقيع : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله واكبر انثى الحمل الماعز
عدد المساهمات : 3733
نقاط : 4851
تاريخ الميلاد : 04/04/1955
تاريخ التسجيل : 25/10/2009
العمر : 69
الموقع : ارض الله الواسعه
العمل/الترفيه : الاعمال اليدويه
المزاج : الحمدلله رب العالمين

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:37 pm

:smaili1:

موضوع قمه بارك الله فيك

والي عوده با ذن الله للموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 1:39 pm

:[qq[qowowoei:

أشكرك يا عمرى على مرورك الطيب

_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
كليوباترا انطونيو

كليوباترا انطونيو


الدولة : مصر
التوقيع : الله اكبر انثى عدد المساهمات : 490
نقاط : 567
تاريخ التسجيل : 10/10/2009

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 5:03 pm

:smaili1:

:الله لا يحرمنا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:16 am

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً (125)

لا أحد أحسن دينًا ممن انقاد بقلبه وسائر جوارحه لله تعالى وحده, وهو محسن, واتبع دين إبراهيم وشرعه, مائلا عن العقائد الفاسدة والشرائع الباطلة. وقد اصطفى الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- واتخذه صفيّاً من بين سائر خلقه. وفي هذه الآية, إثبات صفة الخُلّة لله -تعالى- وهي أعلى مقامات المحبة, والاصطفاء.


تفسير ابن كثير

وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
التفسير قال قتادة: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا, فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى بالله منكم, وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم ونبينا خاتم النبيين, وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله, فأنزل الله "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" "ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن" الاية, ثم أفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الاديان, وكذا روي عن السدي ومسروق والضحاك وأبي صالح وغيرهم, وكذا روى العوفي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في هذه الاية: تخاصم أهل الأديان, فقال أهل التوارة: كتابنا خير الكتب, ونبينا خير الأنبياء, وقال أهل الإنجيل مثل ذلك, وقال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام, وكتابنا نسخ كل كتاب, ونبينا خاتم النبيين, وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا فقضى الله بينهم, وقال: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" الاية.
وخير بين الأديان فقال: " ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن " إلى قوله: "واتخذ الله إبراهيم خليلاً". وقال مجاهد: قالت العرب: لن نبعث ولن نعذب, وقالت اليهود والنصارى "لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى", وقالوا: "لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات" والمعنى في هذه الاية أن الدين ليس بالتحلي ولا بالتمني, ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال, وليس كل من ادعى شيئاً حصل له بمجرد دعواه, ولا كل من قال إنه هو على الحق سمع قوله بمجرد ذلك, حتى يكون له من الله برهان, ولهذا قال تعالى: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" أي ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني ؟ بل العبرة بطاعة الله سبحانه واتباع ما شرعه على ألسنة الرسل الكرام, ولهذا قال بعده "من يعمل سوءاً يجز به", كقوله: " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " وقد روي أن هذه الاية لما نزلت شق ذلك على كثير من الصحابة .
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن نمير, حدثنا إسماعيل عن أبي بكر بن أبي زهير, قال: أخبرت أن أبا بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله كيف الفلاح بعد هذه الاية "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" فكل سوء عملناه جزينا به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غفر الله لك يا أبا بكر, ألست تمرض, ألست تنصب, ألست تحزن, ألست تصيبك اللأواء ؟" قال: بلى. قال: "فهو مما تجزون به". ورواه سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة, عن إسماعيل بن أبي خالد به, ورواه الحاكم من طريق سفيان الثوري عن إسماعيل به. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن زياد الجصاص, عن علي بن زيد, عن مجاهد, عن ابن عمر, قال: سمعت أبا بكر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا" وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن هشيم بن جهيمة, حدثنا يحيى بن أبي طالب, حدثنا عبد الوهاب بن عطاء, حدثنا زياد الجصاص عن علي بن زيد, عن مجاهد, قال: قال عبد الله بن عمر: انظروا المكان الذي فيه عبد الله بن الزبير مصلوباً فلا تمرن عليه, قال: فسها الغلام فإذا عبد الله بن عمر ينظر إلى ابن الزبير فقال: يغفر الله لك ثلاثاً, أما والله ما علمتك إلا صواماً قواماً وصالاً للرحم, أما والله إني لأرجو مع مساوي ما أصبت أن لا يعذبك الله بعدها, قال: ثم التفت إلي فقال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً في الدنيا يجز به" ورواه أبو بكر البزار في مسنده عن الفضل بن سهل, عن عبد الوهاب بن عطاء به مختصراً, وقال في مسنده ابن الزبير: حدثنا إبراهيم بن المستمر العروقي, حدثنا عبد الرحمن بن سليم بن حيان, حدثني أبي عن جدي حيان بن بسطام, قال: كنت مع ابن عمر فمر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب, فقال: رحمة الله عليك أبا خبيب, سمعت أباك يعني الزبير, يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا والاخرة" ثم قال: لا نعلمه يروى عن الزبير إلا من هذا الوجه.
وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا أحمد بن كامل, حدثنا محمد بن سعد العوفي, حدثنا روح بن عبادة, حدثنا موسى بن عبيدة, حدثني مولى بن سباع, قال: سمعت ابن عمر يحدث عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الاية " من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر ألا أقرئك آية أنزلت علي ؟" قلت: بلى يا رسول الله. قال: فاقرأنيها فلا أعلم إلا أني قد وجدت انفصاماً في ظهري حتى تمطيت لها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مالك يا أبا بكر ؟" قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله, وأينا لم يعمل السوء وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون, فإنكم تجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب, وأما الاخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة", وكذا رواه الترمذي عن يحيى بن موسى وعبد بن حميد عن روح بن عبادة به. ثم قال: وموسى بن عبيدة يضعف, ومولى بن سباع مجهول. وقال ابن جرير: حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء بن أبي رباح قال: لما نزلت هذه الاية قال أبو بكر: جاءت قاصمة الظهر, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هي المصيبات في الدنيا".
(طريق أخرى عن الصديق) قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إسحاق العسكري, حدثنا محمد بن عامر السعدي, حدثنا يحيى بن يحيى, حدثنا فضيل بن عياض عن سلمان بن مهران, عن مسلم بن صبيح, عن مسروق, قال: قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله, ما أشد هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به ؟" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المصائب والأمراض والأحزان في الدينا جزاء".
(طريق أخرى) قال ابن جرير: حدثني عبد الله بن أبي زياد وأحمد بن منصور, قالا: أنبأنا زيد بن الحباب, حدثنا عبد الملك بن الحسن المحاربي, حدثنا محمد بن زيد بن قنفذ عن عائشة, عن أبي بكر قال: لما نزلت "من يعمل سوءاً يجز به" قال أبو بكر: يا رسول الله, كل ما نعمل نؤاخذ به ؟ فقال: "يا أبا بكر أليس يصيبك كذا وكذا, فهو كفارة".
(حديث آخر) قال سعيد بن منصور: أنبأنا عبد الله بن وهب, أخبرني عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه أن يزيد بن أبي يزيد حدثه عن عبيد بن عمير, عن عائشة أن رجلاً تلا هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به" فقال: إنا لنجزى بكل ما علمناه, هلكنا إذاً, فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "نعم يجزى به المؤمن في الدنيا في نفسه في جسده فيما يؤذيه".
(طريق أخرى) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا سلمة بن بشير, حدثنا هشيم عن أبي عامر, عن ابن أبي مليكة, عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله, إني لأعلم أشد آية في القرآن, فقال: "ما هي يا عائشة ؟" قلت: من يعمل سوءاً يجز به, فقال: "هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النكبة ينكبها" ورواه ابن جرير من حديث هشيم به. ورواه أبو داود من حديث أبي عامر صالح بن رستم الخزاز به.
(طريق أخرى) قال أبو داود الطيالسي: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد, عن أمية أنها سألت عائشة عن هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به", فقالت: ما سألني أحد عن هذه الاية منذ سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم, سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: "يا عائشة هذه مبايعة الله للعبد مما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة حتى البضاعة يضعها في كمه, فيفزع لها, فيجدها في جيبه حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه, كما أن الذهب يخرج من الكير".
(طريق أخرى) قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم, حدثنا أبو القاسم, حدثنا سريج بن يونس, حدثنا أبو معاوية عن محمد بن إسماعيل, عن محمد بن زيد بن المهاجر, عن عائشة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به", قال: "إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في القبض عند الموت" وقال الإمام أحمد: حدثنا حسين عن زائدة, عن ليث, عن مجاهد, عن عائشة قالت: قال: رسول الله: إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها, ابتلاه الله بالحزن ليكفرها عنه.
(حديث آخر) قال سعيد بن منصور, عن سفيان بن عيينة, عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن, سمع محمد بن قيس بن مخرمة يخبر أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت "من يعمل سوءاً يجز به" شق ذلك على المسلمين, فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا, فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها", هكذا رواه أحمد عن سفيان بن عيينة, ومسلم والترمذي والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به, ورواه ابن مردويه من حديث روح ومعتمر, كلاهما عن إبراهيم بن يزيد, عن عبد الله بن إبراهيم, سمعت أبا هريرة يقول: لما نزلت هذه الاية "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" بكينا وحزنا, وقلنا: يارسول الله ما أبقت هذه الاية من شيء, قال: "أما والذي نفسي بيده إنها لكما أنزلت, ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا, فإنه لا يصيب أحداً منكم مصيبة في الدنيا إلا كفر الله بها من خطيئته حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه" وقال عطاء بن يسار, عن أبي سعيد وأبي هريرة: أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله من سيئاته" أخرجاه.
(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن سعد بن إسحاق, حدثتني زينب بنت كعب بن عجرة عن أبي سعيد الخدري, قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا, ما لنا بها ؟ قال: كفارات. قال أبي: وإن قلت قال: حتى الشوكة فما فوقها, قال: فدعا أبي على نفسه أنه لا يفارقه الوعك حتى يموت في أن لا يشغله عن حج ولا عمرة ولا جهاد في سبيل الله ولا صلاة مكتوبة في جماعة, فما مسه إنسان إلا وجد حره حتى مات رضي الله عنه, تفرد به أحمد.
(حديث أخر) روى ابن مردويه من طريق حسين بن واقد عن الكلبي, عن أبي صالح, عن ابن عباس, قال: قيل: يا رسول الله "من يعمل سوءاً يجز به", قال: "نعم ومن يعمل حسنة يجز بها عشراً" فهلك من غلب واحدته عشراته. وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع, حدثنا يزيد بن هارون, حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن "من يعمل سوءاً يجز به" قال: الكافر, ثم قرأ "وهل نجازي إلا الكفور", وهكذا روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما فسرا السوء ههنا بالشرك أيضاً. وقوله: "ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً" قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: إلا أن يتوب فيتوب الله عليه, رواه ابن أبي حاتم, والصحيح أن ذلك عام في جميع الأعمال لما تقدم من الأحاديث, وهذا اختيار ابن جرير, والله أعلم.
وقوله: "ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن" الاية, لما ذكر الجزاء على السيئات وأنه لا بد أن يأخذ مستحقها من العبد إما في الدنيا وهو الأجود له, وإما في الاخرة والعياذ با لله من ذلك, ونسأله العافية في الدنيا والاخرة, والصفح والعفو والمسامحة, شرع في بيان إحسانه وكرمه ورحمته في قبول الأعمال الصالحة من عباده, ذكرانهم وإناثهم بشرط الإيمان, وأنه سيدخلهم الجنة ولا يظلمهم من حسناتهم ولا مقدار النقير, وهو النقرة التي في ظهر نواة التمرة وقد تقدم الكلام على الفتيل وهو الخيط في شق النواة, وهذا النقير وهما في نواة التمرة, وكذا القطمير وهو اللفافة التي على نواة التمرة, والثلاثة في القرآن,
ثم قال تعالى: "ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله" أخلص العمل لربه عز وجل فعمل إيماناً واحتساباً, "وهو محسن" أي اتبع في عمله ما شرعه الله له, وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق,, وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما, أي يكون خالصاً صواباً والخالص أن يكون لله, والصواب أن يكون متابعاً للشريعة فيصح ظاهره بالمتابعة, وباطنه بالإخلاص, فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد, فمتى فقد الإخلاص كان منافقاً وهم الذين يراءون الناس, ومن فقد المتابعة كان ضالاً جاهلاً, ومتى جمعهما كان عمل المؤمنين الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم, الاية, ولهذا قال تعالى: "واتبع ملة إبراهيم حنيفاً" وهم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة. كما قال تعالى: "إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي" الاية, وقال تعالى: "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين" والحنيف هو المائل عن الشرك قصداً, أي تاركاً له عن بصيرة, ومقبل على الحق بكليته لا يصده عنه صاد, ولا يرده عنه راد.
وقوله: "واتخذ الله إبراهيم خليلاً" وهذا من باب الترغيب في اتباعه, لأنه إمام يقتدى به حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له, فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة, وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه, كما وصفه به في قوله: "وإبراهيم الذي وفى", قال كثير من علماء السلف: أي قام بجميع ما أمر به في كل مقام من مقامات العبادة, فكان لا يشغله أمر جليل عن حقير, ولا كبير عن صغير وقال تعالى: "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" الاية. وقال تعالى: "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين" الاية, والاية بعدها, وقال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب, حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت, عن سعيد بن جبير, عن عمرو بن ميمون, قال: إن معاذاً لما قدم اليمن صلى بهم الصبح, فقرأ "واتخذ الله إبراهيم خليلا" فقال رجل: من القوم: لقد قرت عين أم إبراهيم, وقد ذكر ابن جرير في تفسيره عن بعضهم: أنه إنما سماه الله خليلاً من أجل أنه أصاب أهل ناحيته جدب, فارتحل إلى خليل له من أهل الموصل, وقال بعضهم من أهل مصر: ليمتار طعاماً لأهله من قبله فلم يصب عنده حاجته, فلما قرب من أهله قر بمفازة ذات رمل, فقال: لو ملأت غرائري من هذا الرمل لئلا يغتم أهلي برجوعي إليهم بغير ميرة, وليظنوا أني أتيتهم بما يحبون, ففعل ذلك فتحول ما في الغرائر من الرمل دقيقاً, فلما صار إلى منزله نام, و قام أهله ففتحوا الغرائر فوجدوا دقيقاً فعجنوا منه وخبزوا, فاستيقظ فسألهم عن الدقيق الذي خبزوا, فقالوا: من الدقيق الذي جئت به من عند خليلك, فقال: نعم هو من عند خليلي الله, فسماه الله خليلاً, وفي صحة هذا ووقوعه نظر, وغايته أن يكون خبراً إسرائيلياً لا يصدق ولا يكذب, وإنما سمي خليل الله لشدة محبة ربه عز وجل, له لما قام به من الطاعة التي يحبها ويرضاها, ولهذا ثبت في الصحيحين من رواية أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خطبهم في آخر خطبة خطبها, قال: "أما بعد, أيها الناس فلو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً, لاتخذت أبا بكر بن أبي قحافة خليلاً, ولكن صاحبكم خليل الله" وجاء من طريق جندب بن عبد الله البجلي وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن مسعود عن النبي قال: "إن الله اتخذني خليلاً, كما اتخذ إبراهيم خليلاً" وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم, حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد, حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني بمكة, حدثنا عبد الله الحنفي, حدثنا زمعة أبو صالح عن سلمة بن وهران, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله ينتظرونه, فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم, وإذا بعضهم يقول: عجب, إن الله اتخذ من خلقه خليلاً فإبراهيم خليله, وقال آخر: ماذا بأعجب من أن الله كلم موسى تكليماً, وقال آخر: فعيسى روح الله وكلمته, وقال آخر: آدم اصطفاه الله فخرج عليهم فسلم, وقال: "قد سمعت كلامكم وتعجبكم إن إبراهيم خليل الله, وهو كذلك, وموسى كليمه, وعيسى روحه وكلمته, وآدم اصطفاه الله وهو كذلك, وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإني حبيب الله, ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع, ولا فخر وأنا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح الله ويدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين, ولا فخر, وأنا أكرم الأولين والاخرين يوم القيامة ولا فخر" وهذا حديث غريب من هذا الوجه ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها,
وقال قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: أتعجبون من أن تكون الخلة لإبراهيم, والكلام لموسى, والرؤية لمحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, رواه الحاكم في المستدرك, وقال: صحيح على شرط البخاري, ولم يخرجاه, وكذا روي عن أنس بن مالك وغير واحد من الصحابة والتابعين والأئمة من السلف والخلف وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يحيى بن عبدك القزويني, حدثنا محمد يعني سعيد بن سابق, حدثنا عمرو يعني ابن أبي قيس عن عاصم عن أبي راشد, عن عبيد بن عمير, قال: كان إبراهيم عليه السلام يضيف الناس, فخرج يوماً يلتمس أحداً يضيفه فلم يجد أحداً يضيفه, فرجع إلى داره فوجد فيها رجلاً قائماً, فقال: يا عبد الله ما أدخلك داري بغير إذني ؟ قال: دخلتها بإذن ربها, قال: ومن أنت ؟ قال: أنا ملك الموت أرسلني ربي إلى عبد من عباده, أبشره بأن الله قد اتخذه خليلاً, قال: من هو ؟ فوالله إن أخبرتني به, ثم كان بأقصى البلاد لاتينه, ثم لا أبرح له جاراً حتى يفرق بيننا الموت, قال: ذلك العبد أنت. قال: أنا ؟ قال: نعم, قال فيم اتخذني ربي خليلاً ؟ قال: إنك تعطي الناس ولا تسألهم وحدثنا أبي, حدثنا محمود بن خالد السلمي, حدثنا الوليد عن إسحاق بن يسار, قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً ألقى في قلبه الوجل حتى أن خفقان قلبه ليسمع من بعيد كما يسمع خفقان الطير في الهواء وهكذا جاء في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل إذا اشتد غليانها من البكاء.
وقوله: "ولله ما في السموات وما في الأرض" أي الجميع ملكه وعبيده وخلقه وهو المتصرف في جميع ذلك, لا راد لما قضى, ولا مقعب لما حكم, ولا يسأل عما يفعل لعظمته وقدرته وعدله وحكمته ولطفه ورحمته. وقوله: "وكان الله بكل شيء محيطاً" أي علمه نافذ في جميع ذلك لا تخفى عليه خافية من عباده, ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر, ولا تخفى عليه ذرة لما تراءى للناظرين وما توارى.

الترجمة الإنجليزية

وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
التفسير125. Who is better in religion than he who surrendereth his purpose to Allah while doing good (to men) and followeth the tradition of Abraham, the upright? Allah (Himself) chose Abraham for friend.

الترجمة الفرنسية

وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
التفسير125. Who is better in religion than he who surrendereth his purpose to Allah while doing good (to men) and followeth the tradition of Abraham, the upright? Allah (Himself) chose Abraham for friend.








_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:17 am

بسم الله الرحمن الرحيم

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (126)

ولله جميع ما في هذا الكون من المخلوقات, فهي ملك له تعالى وحده. وكان الله تعالى بكل شيء محيطًا, لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه.


تفسير ابن كثير

وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا
التفسير قال قتادة: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا, فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى بالله منكم, وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم ونبينا خاتم النبيين, وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله, فأنزل الله "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" "ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن" الاية, ثم أفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الاديان, وكذا روي عن السدي ومسروق والضحاك وأبي صالح وغيرهم, وكذا روى العوفي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في هذه الاية: تخاصم أهل الأديان, فقال أهل التوارة: كتابنا خير الكتب, ونبينا خير الأنبياء, وقال أهل الإنجيل مثل ذلك, وقال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام, وكتابنا نسخ كل كتاب, ونبينا خاتم النبيين, وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا فقضى الله بينهم, وقال: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" الاية.
وخير بين الأديان فقال: " ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن " إلى قوله: "واتخذ الله إبراهيم خليلاً". وقال مجاهد: قالت العرب: لن نبعث ولن نعذب, وقالت اليهود والنصارى "لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى", وقالوا: "لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات" والمعنى في هذه الاية أن الدين ليس بالتحلي ولا بالتمني, ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال, وليس كل من ادعى شيئاً حصل له بمجرد دعواه, ولا كل من قال إنه هو على الحق سمع قوله بمجرد ذلك, حتى يكون له من الله برهان, ولهذا قال تعالى: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" أي ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني ؟ بل العبرة بطاعة الله سبحانه واتباع ما شرعه على ألسنة الرسل الكرام, ولهذا قال بعده "من يعمل سوءاً يجز به", كقوله: " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " وقد روي أن هذه الاية لما نزلت شق ذلك على كثير من الصحابة .
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن نمير, حدثنا إسماعيل عن أبي بكر بن أبي زهير, قال: أخبرت أن أبا بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله كيف الفلاح بعد هذه الاية "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" فكل سوء عملناه جزينا به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غفر الله لك يا أبا بكر, ألست تمرض, ألست تنصب, ألست تحزن, ألست تصيبك اللأواء ؟" قال: بلى. قال: "فهو مما تجزون به". ورواه سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة, عن إسماعيل بن أبي خالد به, ورواه الحاكم من طريق سفيان الثوري عن إسماعيل به. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن زياد الجصاص, عن علي بن زيد, عن مجاهد, عن ابن عمر, قال: سمعت أبا بكر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا" وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن هشيم بن جهيمة, حدثنا يحيى بن أبي طالب, حدثنا عبد الوهاب بن عطاء, حدثنا زياد الجصاص عن علي بن زيد, عن مجاهد, قال: قال عبد الله بن عمر: انظروا المكان الذي فيه عبد الله بن الزبير مصلوباً فلا تمرن عليه, قال: فسها الغلام فإذا عبد الله بن عمر ينظر إلى ابن الزبير فقال: يغفر الله لك ثلاثاً, أما والله ما علمتك إلا صواماً قواماً وصالاً للرحم, أما والله إني لأرجو مع مساوي ما أصبت أن لا يعذبك الله بعدها, قال: ثم التفت إلي فقال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً في الدنيا يجز به" ورواه أبو بكر البزار في مسنده عن الفضل بن سهل, عن عبد الوهاب بن عطاء به مختصراً, وقال في مسنده ابن الزبير: حدثنا إبراهيم بن المستمر العروقي, حدثنا عبد الرحمن بن سليم بن حيان, حدثني أبي عن جدي حيان بن بسطام, قال: كنت مع ابن عمر فمر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب, فقال: رحمة الله عليك أبا خبيب, سمعت أباك يعني الزبير, يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا والاخرة" ثم قال: لا نعلمه يروى عن الزبير إلا من هذا الوجه.
وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا أحمد بن كامل, حدثنا محمد بن سعد العوفي, حدثنا روح بن عبادة, حدثنا موسى بن عبيدة, حدثني مولى بن سباع, قال: سمعت ابن عمر يحدث عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الاية " من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر ألا أقرئك آية أنزلت علي ؟" قلت: بلى يا رسول الله. قال: فاقرأنيها فلا أعلم إلا أني قد وجدت انفصاماً في ظهري حتى تمطيت لها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مالك يا أبا بكر ؟" قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله, وأينا لم يعمل السوء وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون, فإنكم تجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب, وأما الاخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة", وكذا رواه الترمذي عن يحيى بن موسى وعبد بن حميد عن روح بن عبادة به. ثم قال: وموسى بن عبيدة يضعف, ومولى بن سباع مجهول. وقال ابن جرير: حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء بن أبي رباح قال: لما نزلت هذه الاية قال أبو بكر: جاءت قاصمة الظهر, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هي المصيبات في الدنيا".
(طريق أخرى عن الصديق) قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إسحاق العسكري, حدثنا محمد بن عامر السعدي, حدثنا يحيى بن يحيى, حدثنا فضيل بن عياض عن سلمان بن مهران, عن مسلم بن صبيح, عن مسروق, قال: قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله, ما أشد هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به ؟" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المصائب والأمراض والأحزان في الدينا جزاء".
(طريق أخرى) قال ابن جرير: حدثني عبد الله بن أبي زياد وأحمد بن منصور, قالا: أنبأنا زيد بن الحباب, حدثنا عبد الملك بن الحسن المحاربي, حدثنا محمد بن زيد بن قنفذ عن عائشة, عن أبي بكر قال: لما نزلت "من يعمل سوءاً يجز به" قال أبو بكر: يا رسول الله, كل ما نعمل نؤاخذ به ؟ فقال: "يا أبا بكر أليس يصيبك كذا وكذا, فهو كفارة".
(حديث آخر) قال سعيد بن منصور: أنبأنا عبد الله بن وهب, أخبرني عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه أن يزيد بن أبي يزيد حدثه عن عبيد بن عمير, عن عائشة أن رجلاً تلا هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به" فقال: إنا لنجزى بكل ما علمناه, هلكنا إذاً, فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "نعم يجزى به المؤمن في الدنيا في نفسه في جسده فيما يؤذيه".
(طريق أخرى) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا سلمة بن بشير, حدثنا هشيم عن أبي عامر, عن ابن أبي مليكة, عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله, إني لأعلم أشد آية في القرآن, فقال: "ما هي يا عائشة ؟" قلت: من يعمل سوءاً يجز به, فقال: "هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النكبة ينكبها" ورواه ابن جرير من حديث هشيم به. ورواه أبو داود من حديث أبي عامر صالح بن رستم الخزاز به.
(طريق أخرى) قال أبو داود الطيالسي: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد, عن أمية أنها سألت عائشة عن هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به", فقالت: ما سألني أحد عن هذه الاية منذ سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم, سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: "يا عائشة هذه مبايعة الله للعبد مما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة حتى البضاعة يضعها في كمه, فيفزع لها, فيجدها في جيبه حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه, كما أن الذهب يخرج من الكير".
(طريق أخرى) قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم, حدثنا أبو القاسم, حدثنا سريج بن يونس, حدثنا أبو معاوية عن محمد بن إسماعيل, عن محمد بن زيد بن المهاجر, عن عائشة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاية "من يعمل سوءاً يجز به", قال: "إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في القبض عند الموت" وقال الإمام أحمد: حدثنا حسين عن زائدة, عن ليث, عن مجاهد, عن عائشة قالت: قال: رسول الله: إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها, ابتلاه الله بالحزن ليكفرها عنه.
(حديث آخر) قال سعيد بن منصور, عن سفيان بن عيينة, عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن, سمع محمد بن قيس بن مخرمة يخبر أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت "من يعمل سوءاً يجز به" شق ذلك على المسلمين, فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا, فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها", هكذا رواه أحمد عن سفيان بن عيينة, ومسلم والترمذي والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به, ورواه ابن مردويه من حديث روح ومعتمر, كلاهما عن إبراهيم بن يزيد, عن عبد الله بن إبراهيم, سمعت أبا هريرة يقول: لما نزلت هذه الاية "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" بكينا وحزنا, وقلنا: يارسول الله ما أبقت هذه الاية من شيء, قال: "أما والذي نفسي بيده إنها لكما أنزلت, ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا, فإنه لا يصيب أحداً منكم مصيبة في الدنيا إلا كفر الله بها من خطيئته حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه" وقال عطاء بن يسار, عن أبي سعيد وأبي هريرة: أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله من سيئاته" أخرجاه.
(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن سعد بن إسحاق, حدثتني زينب بنت كعب بن عجرة عن أبي سعيد الخدري, قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا, ما لنا بها ؟ قال: كفارات. قال أبي: وإن قلت قال: حتى الشوكة فما فوقها, قال: فدعا أبي على نفسه أنه لا يفارقه الوعك حتى يموت في أن لا يشغله عن حج ولا عمرة ولا جهاد في سبيل الله ولا صلاة مكتوبة في جماعة, فما مسه إنسان إلا وجد حره حتى مات رضي الله عنه, تفرد به أحمد.
(حديث أخر) روى ابن مردويه من طريق حسين بن واقد عن الكلبي, عن أبي صالح, عن ابن عباس, قال: قيل: يا رسول الله "من يعمل سوءاً يجز به", قال: "نعم ومن يعمل حسنة يجز بها عشراً" فهلك من غلب واحدته عشراته. وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع, حدثنا يزيد بن هارون, حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن "من يعمل سوءاً يجز به" قال: الكافر, ثم قرأ "وهل نجازي إلا الكفور", وهكذا روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما فسرا السوء ههنا بالشرك أيضاً. وقوله: "ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً" قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: إلا أن يتوب فيتوب الله عليه, رواه ابن أبي حاتم, والصحيح أن ذلك عام في جميع الأعمال لما تقدم من الأحاديث, وهذا اختيار ابن جرير, والله أعلم.
وقوله: "ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن" الاية, لما ذكر الجزاء على السيئات وأنه لا بد أن يأخذ مستحقها من العبد إما في الدنيا وهو الأجود له, وإما في الاخرة والعياذ با لله من ذلك, ونسأله العافية في الدنيا والاخرة, والصفح والعفو والمسامحة, شرع في بيان إحسانه وكرمه ورحمته في قبول الأعمال الصالحة من عباده, ذكرانهم وإناثهم بشرط الإيمان, وأنه سيدخلهم الجنة ولا يظلمهم من حسناتهم ولا مقدار النقير, وهو النقرة التي في ظهر نواة التمرة وقد تقدم الكلام على الفتيل وهو الخيط في شق النواة, وهذا النقير وهما في نواة التمرة, وكذا القطمير وهو اللفافة التي على نواة التمرة, والثلاثة في القرآن,
ثم قال تعالى: "ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله" أخلص العمل لربه عز وجل فعمل إيماناً واحتساباً, "وهو محسن" أي اتبع في عمله ما شرعه الله له, وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق,, وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما, أي يكون خالصاً صواباً والخالص أن يكون لله, والصواب أن يكون متابعاً للشريعة فيصح ظاهره بالمتابعة, وباطنه بالإخلاص, فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد, فمتى فقد الإخلاص كان منافقاً وهم الذين يراءون الناس, ومن فقد المتابعة كان ضالاً جاهلاً, ومتى جمعهما كان عمل المؤمنين الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم, الاية, ولهذا قال تعالى: "واتبع ملة إبراهيم حنيفاً" وهم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة. كما قال تعالى: "إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي" الاية, وقال تعالى: "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين" والحنيف هو المائل عن الشرك قصداً, أي تاركاً له عن بصيرة, ومقبل على الحق بكليته لا يصده عنه صاد, ولا يرده عنه راد.
وقوله: "واتخذ الله إبراهيم خليلاً" وهذا من باب الترغيب في اتباعه, لأنه إمام يقتدى به حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له, فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة, وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه, كما وصفه به في قوله: "وإبراهيم الذي وفى", قال كثير من علماء السلف: أي قام بجميع ما أمر به في كل مقام من مقامات العبادة, فكان لا يشغله أمر جليل عن حقير, ولا كبير عن صغير وقال تعالى: "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" الاية. وقال تعالى: "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين" الاية, والاية بعدها, وقال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب, حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت, عن سعيد بن جبير, عن عمرو بن ميمون, قال: إن معاذاً لما قدم اليمن صلى بهم الصبح, فقرأ "واتخذ الله إبراهيم خليلا" فقال رجل: من القوم: لقد قرت عين أم إبراهيم, وقد ذكر ابن جرير في تفسيره عن بعضهم: أنه إنما سماه الله خليلاً من أجل أنه أصاب أهل ناحيته جدب, فارتحل إلى خليل له من أهل الموصل, وقال بعضهم من أهل مصر: ليمتار طعاماً لأهله من قبله فلم يصب عنده حاجته, فلما قرب من أهله قر بمفازة ذات رمل, فقال: لو ملأت غرائري من هذا الرمل لئلا يغتم أهلي برجوعي إليهم بغير ميرة, وليظنوا أني أتيتهم بما يحبون, ففعل ذلك فتحول ما في الغرائر من الرمل دقيقاً, فلما صار إلى منزله نام, و قام أهله ففتحوا الغرائر فوجدوا دقيقاً فعجنوا منه وخبزوا, فاستيقظ فسألهم عن الدقيق الذي خبزوا, فقالوا: من الدقيق الذي جئت به من عند خليلك, فقال: نعم هو من عند خليلي الله, فسماه الله خليلاً, وفي صحة هذا ووقوعه نظر, وغايته أن يكون خبراً إسرائيلياً لا يصدق ولا يكذب, وإنما سمي خليل الله لشدة محبة ربه عز وجل, له لما قام به من الطاعة التي يحبها ويرضاها, ولهذا ثبت في الصحيحين من رواية أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خطبهم في آخر خطبة خطبها, قال: "أما بعد, أيها الناس فلو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً, لاتخذت أبا بكر بن أبي قحافة خليلاً, ولكن صاحبكم خليل الله" وجاء من طريق جندب بن عبد الله البجلي وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن مسعود عن النبي قال: "إن الله اتخذني خليلاً, كما اتخذ إبراهيم خليلاً" وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم, حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد, حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني بمكة, حدثنا عبد الله الحنفي, حدثنا زمعة أبو صالح عن سلمة بن وهران, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله ينتظرونه, فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم, وإذا بعضهم يقول: عجب, إن الله اتخذ من خلقه خليلاً فإبراهيم خليله, وقال آخر: ماذا بأعجب من أن الله كلم موسى تكليماً, وقال آخر: فعيسى روح الله وكلمته, وقال آخر: آدم اصطفاه الله فخرج عليهم فسلم, وقال: "قد سمعت كلامكم وتعجبكم إن إبراهيم خليل الله, وهو كذلك, وموسى كليمه, وعيسى روحه وكلمته, وآدم اصطفاه الله وهو كذلك, وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإني حبيب الله, ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع, ولا فخر وأنا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح الله ويدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين, ولا فخر, وأنا أكرم الأولين والاخرين يوم القيامة ولا فخر" وهذا حديث غريب من هذا الوجه ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها,
وقال قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: أتعجبون من أن تكون الخلة لإبراهيم, والكلام لموسى, والرؤية لمحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, رواه الحاكم في المستدرك, وقال: صحيح على شرط البخاري, ولم يخرجاه, وكذا روي عن أنس بن مالك وغير واحد من الصحابة والتابعين والأئمة من السلف والخلف وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يحيى بن عبدك القزويني, حدثنا محمد يعني سعيد بن سابق, حدثنا عمرو يعني ابن أبي قيس عن عاصم عن أبي راشد, عن عبيد بن عمير, قال: كان إبراهيم عليه السلام يضيف الناس, فخرج يوماً يلتمس أحداً يضيفه فلم يجد أحداً يضيفه, فرجع إلى داره فوجد فيها رجلاً قائماً, فقال: يا عبد الله ما أدخلك داري بغير إذني ؟ قال: دخلتها بإذن ربها, قال: ومن أنت ؟ قال: أنا ملك الموت أرسلني ربي إلى عبد من عباده, أبشره بأن الله قد اتخذه خليلاً, قال: من هو ؟ فوالله إن أخبرتني به, ثم كان بأقصى البلاد لاتينه, ثم لا أبرح له جاراً حتى يفرق بيننا الموت, قال: ذلك العبد أنت. قال: أنا ؟ قال: نعم, قال فيم اتخذني ربي خليلاً ؟ قال: إنك تعطي الناس ولا تسألهم وحدثنا أبي, حدثنا محمود بن خالد السلمي, حدثنا الوليد عن إسحاق بن يسار, قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً ألقى في قلبه الوجل حتى أن خفقان قلبه ليسمع من بعيد كما يسمع خفقان الطير في الهواء وهكذا جاء في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل إذا اشتد غليانها من البكاء.
وقوله: "ولله ما في السموات وما في الأرض" أي الجميع ملكه وعبيده وخلقه وهو المتصرف في جميع ذلك, لا راد لما قضى, ولا مقعب لما حكم, ولا يسأل عما يفعل لعظمته وقدرته وعدله وحكمته ولطفه ورحمته. وقوله: "وكان الله بكل شيء محيطاً" أي علمه نافذ في جميع ذلك لا تخفى عليه خافية من عباده, ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر, ولا تخفى عليه ذرة لما تراءى للناظرين وما توارى.

الترجمة الإنجليزية

وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا
التفسير126. Unto Allah belongeth whatsoever is in the heavens and whatsoever is in the earth. Allah ever surroundeth all things.

الترجمة الفرنسية

وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا
التفسير126. C'est à Allah qu'appartient tout ce qui est dans les cieux et sur la terre. Et Allah embrasse toute chose (de Sa science et de Sa puissance).






_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:20 am

بسم الله الرحمن الرحيم

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً (127)

يطلب الناس منك -أيها النبي- أن تبين لهم ما أشكل عليهم فَهْمُه من قضايا النساء وأحكامهن, قل الله تعالى يبيِّن لكم أمورهن, وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تعطونهن ما فرض الله تعالى لهن من المهر والميراث وغير ذلك من الحقوق, وتحبون نكاحهن أو ترغبون عن نكاحهن, ويبيِّن الله لكم أمر الضعفاء من الصغار, ووجوب القيام لليتامى بالعدل وترك الجور عليهم في حقوقهم. وما تفعلوا من خير فإن الله تعالى كان به عليمًا, لا يخفى عليه شيء منه ولا من غيره.

تفسير ابن كثير

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا
التفسير قال البخاري: حدثنا عبيد بن إسماعيل, حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه, عن عائشة رضي الله عنها " ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن " قالت عائشة: هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها, فأشركته في ماله حتى في العذق, فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلاً فيشركه في ماله بما شركته, فيعضلها, فنزلت هذه الاية, وكذلك رواه مسلم عن أبي كريب, وعن أبي بكر بن أبي شيبة, كلاهما عن أسامة, وقال ابن أبي حاتم: قرأت على محمد بن عبد الله بن عبد الحكم, أخبرنا ابن وهب, أخبرني يونس عن ابن شهاب, أخبرني عروة بن الزبير, قالت عائشة: ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الاية فيهن, فأنزل الله "ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب" الاية, قال: والذي ذكر الله أنه يتلى عليه في الكتاب, الاية الأولى التي قال الله " وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " وبهذا الإسناد عن عائشة قالت: وقول الله عز وجل: "وترغبون أن تنكحوهن" رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال, فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن, وأصله ثابت في الصحيحين من طريق يونس بن يزيد الأيلي به والمقصود أن الرجل إذا كان في حجره يتيمة يحل له تزويجها, فتارة يرغب في أن يتزوجها, فأمره الله أن يمهرها أسوة بأمثالها من النساء, فإن لم يفعل فليعدل إلى غيرها من النساء, فقد وسع الله عز وجل, وهذا المعنى في الاية الأولى التي في أول السورة, وتارة لا يكون له فيها رغبة لدمامتها عنده أو في نفس الأمر, فنهاه الله عز وجل أن يعضلها عن الأزواج خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها, كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاية, وهي قوله: "في يتامى النساء" الاية, كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه, فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبداً فإن كانت جميلة وهويها, تزوجها وأكل مالها, وإن كانت دميمة منعها الرجال أبداً حتى تموت, فإذا ماتت ورثها فحرم الله ذلك ونهى عنه.
وقال في قوله: "والمستضعفين من الولدان" كانوا في الجاهلية لا يورثون الصغار ولا البنات, وذلك قوله: " لا تؤتونهن ما كتب لهن " فنهى الله عن ذلك وبين لكل ذي سهم سهمه, فقال: "للذكر مثل حظ الأنثيين" صغيراً أو كبيراً, وكذا قال سعيد بن جبير وغيره وقال سعيد بن جبير في قوله: "وأن تقوموا لليتامى بالقسط" كما إذا كانت ذات جمال ومال نكحتها واستأثرت بها, كذلك إذا لم تكن ذات مال ولا جمال فانكحها واستأثر بها. وقوله: "وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليماً" تهييجاً على فعل الخيرات وامتثالاً للأوامر, وإن الله عز وجل عالم بجميع ذلك, وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمه.

الترجمة الإنجليزية

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا
التفسير127. They consult thee concerning women. Say: Allah give to you decree concerning them, and the ******ure which hath been recited unto you (giveth decree), concerning female orphans unto whom ye give not that which is ordained for them though ye desire to marry them, and (concerning) the weak among children, and that ye should deal justly with orphans. Whatever good ye do, lo! Allah is ever Aware of it.

الترجمة الفرنسية

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا
التفسير127. Et ils te consultent à propos de ce qui a été décrété au sujet des femmes. Dis: ‹Allah vous donne Son décret là-dessus, en plus de ce qui vous est récité dans le Livre, au sujet des orphelines auxquelles vous ne donnez pas ce qui leur a été prescrit, et que vous désirez épouser, et au sujet des mineurs encore d'âge faible›. Vous devez agir avec équité envers les orphelins. Et de tout ce que vous faites de bien, Allah en est, certes, Omniscient.







_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:21 am

بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128)

وإن علمت امرأة من زوجها ترفعًا عنها, وتعاليًا عليها أو انصرافًا عنها فلا إثم عليهما أن يتصالحا على ما تطيب به نفوسهما من القسمة أو النفقة, والصلح أولى وأفضل. وجبلت النفوس على الشح والبخل. وإن تحسنوا معاملة زوجاتكم وتخافوا الله فيهن, فإن الله كان بما تعملون من ذلك وغيره عالمًا لا يخفى عليه شيء, وسيجازيكم على ذلك.

تفسير ابن كثير

وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
التفسير يقول تعالى مخبراً ومشرعاً من حال الزوجين تارة في حال نفور الرجل عن المرأة, وتارة في حال اتفاقه معها, وتارة في حال فراقه لها, فالحالة الأولى ما إذا خافت المرأة من زوجها أن ينفر عنها أو يعرض عنها, فلها أن تسقط عنه حقها أو بعضه من نفقة أو كسوة أو مبيت أو غير ذلك من حقها عليه, وله أن يقبل ذلك منها فلا حرج عليها في بذلها ذلك له, ولا عليه في قبوله منها, ولهذا قال تعالى: "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً", ثم قال: "والصلح خير" أي من الفراق, وقوله: "وأحضرت الأنفس الشح" أي الصلح عند المشاحة خير من الفراق, ولهذا لما كبرت سودة بنت زمعة عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراقها فصالحته على أن يمسكها وتترك يومها لعائشة, فقبل ذلك منها وأبقاها على ذلك.
(ذكر الرواية بذلك) قال أبو داود الطيالسي: حدثنا سليمان بن معاذ عن سماك بن حرب, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يارسول الله, لا تطلقني واجعل يومي لعائشة ففعل, ونزلت هذه الاية "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضا فلا جناح عليهما" الاية. قال ابن عباس فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز. ورواه الترمذي عن محمد بن المثنى, عن أبي داود الطيالسي به, وقال: حسن غريب. قال الشافعي: أخبرنا مسلم عن ابن جريج, عن عطاء, عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي عن تسع نسوة وكان يقسم لثمان. وفي الصحيحين من حديث هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة قالت: لما كبرت سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة, فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لها بيوم سودة. وفي صحيح البخاري من حديث الزهري عن عروة عن عائشة نحوه.
وقال سعيد بن منصور: أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام, عن أبيه عروة, قال: أنزل الله في سودة وأشباهها "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" وذلك أن سودة كانت امرأة قد أسنت, ففزعت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وضنت بمكانها منه, وعرفت من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة ومنزلتها منه, فوهبت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة, فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال البيهقي وقد رواه أحمد بن يونس عن الحسن بن أبي الزناد موصولاً, وهذه الطريقة رواها الحاكم في مستدركه فقال: حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه, أخبرنا الحسن بن علي بن زياد, حدثنا أحمد بن يونس, حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة أنها قالت له: يا ابن أختي, كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندنا, وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى من هو يومها فيبيت عندها, ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفزعت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم يارسول الله, يومي هذا لعائشة, فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم, قالت عائشة: ففي ذلك أنزل الله "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" وكذلك رواه أبو داود عن أحمد بن يونس به, والحاكم في مستدركه, ثم قال: صحيح الإسناد, ولم يخرجاه. وقد رواه ابن مردويه من طريق أبي بلال الأشعري عن عبد الرحمن بن أبي الزناد به نحوه ومن رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة بنحو مختصراً, والله أعلم.
وقال أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي في أول معجمه: حدثنا محمد بن يحيى, حدثنا مسلم بن إبراهيم. حدثنا هشام الدستوائي, حدثنا القاسم بن أبي بزة, قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى سودة بنت زمعة بطلاقها, فلما أن أتاها جلست له على طريق عائشة, فلما رأته قالت له: أنشدك بالذي أنزل عليك كلامه واصطفاك على خلقه لما راجعتني, فإني قد كبرت ولا حاجة لي في الرجال, لكن أريد أن أبعث مع نسائك يوم القيام, فراجعها فقالت: فإني جعلت يومي وليلتي لحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذا غريب مرسل. وقال البخاري: حدثنا محمد بن مقاتل, أنبأنا عبد الله, أنبأنا هشام بن عروة عن أبيه, عن عائشة "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" قال: الرجل تكون عنده المرأة المسنة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها فتقول: أجعلك من شأني في حل, فنزلت هذه الاية.
وقال ابن جرير: حدثنا وكيع, حدثنا أبي عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير" قالت: هذا في المرأة تكون عند الرجل, فلعله لا يكون بمستكثر منها, ولا يكون لها ولد ويكون لها صحبة فتقول: لا تطلقني وأنت في حل من شأني. حدثني المثنى, حدثنا حجاج بن منهال, حدثنا حماد بن سلمة عن هشام, عن عروة, عن عائشة, في قوله: "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" قالت: هو الرجل يكون له امرأتان: إحداهما قد كبرت, أو هي دميمة, وهو لا يستكثر منها فتقول: لا تطلقني وأنت في حل من شأني, وهذا الحديث ثابت في الصحيحين من غير وجه عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة, بنحو ما تقدم, ولله الحمد والمنة.
قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد وابن وكيع, قالا: حدثنا جرير عن أشعث عن ابن سيرين قال: جاء رجل الى عمر بن الخطاب فسأله عن آية, فكرهه فضربه بالدرة, فسأله آخر عن هذه الاية "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" ثم قال عن مثل هذا فاسألوا, ثم قال: هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها, فيتزوج المرأة الشابة يلتمس ولدها, فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين الهسنجاني, حدثنا مسدد, حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب, عن خالد بن عرعرة, قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب, فسأله عن قول الله عز وجل "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما", قال علي: يكون الرجل عنده المرأة فتنبو عيناه عنها من دمامتها أو كبرها, أو سوء خلقها, أو قذذها فتكره فراقه, فإن وضعت له من مهرها شيئاً حل له, وإن جعلت له من أيامها فلا حرج.
وكذا رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن حماد بن سلمة وأبي الأحوص, ورواه ابن جرير من طريق إسرائيل, أربعتهم عن سماك به. وكذا فسرها ابن عباس وعبيدة السلماني ومجاهد بن جبير والشعبي وسعيد بن جبير وعطاء وعطية العوفي ومكحول والحسن والحكم بن عتيبة وقتادة وغير واحد من السلف والأئمة, ولا أعلم في ذلك خلافاً أن المراد بهذه الاية هذا, والله أعلم, وقال الشافعي: أنبأنا ابن عيينة عن الزهري, عن ابن المسيب أن بنت محمد بن مسلم كانت عند رافع بن خديج, فكره منها أمراً إما كبراً أو غيره, فأراد طلاقها فقالت: لا تطلقني واقسم لي ما بدا لك, فأنزل الله عز وجل "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" الاية, وقد رواه الحاكم في مستدركه من طريق عبد الرزاق عن معمر, عن الزهري, عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار بأطول من هذا السياق.
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: حدثنا سعيد بن أبي عمرو, حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني, أنبأنا علي بن محمد بن عيسى, أنبأنا أبو اليمان, أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري, أخبرني سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن السنة في هاتين الايتين اللتين ذكر الله فيهما نشوز الرجل وإعراضه عن امرأته في قوله: "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" إلى تمام الايتين, أن المرء إذا نشز عن امرأته وآثر عليها, فإن من الحق أن يعرض عليها أن يطلقها أو تستقر عنده على ما كانت من أثرة في القسم من ماله ونفسه صلح له ذلك وكان صلحها عليه كذلك, ذكر سعيد بن المسيب وسليمان الصلح الذي قال الله عز وجل "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير" وقد ذكر لي أن رافع بن خديج الأنصاري وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانت عنده امرأة حتى إذا كبرت تزوج عليها فتاة شابة, وآثر عليها الشابة, فناشدته الطلاق فطلقها تطليقة, ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها, ثم عاد فآثر عليها الشابة فناشدته الطلاق, فقال لها: ماشئت, إنما بقيت لك تطليقة واحدة, فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة, وإن شئت فارقتك, فقالت: لا بل أستقر على الأثرة فأمسكها على ذلك, فكان ذلك صلحهما ولم ير رافع عليه إثماً حين رضيت أن تستقر عنده على الأثرة فيما آثر به عليها, وهكذا رواه بتمامة عبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه عن أبي اليمان, عن شعيب, عن الزهري, عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار فذكره بطوله, والله أعلم.
وقوله: "والصلح خير" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني التخيير أن يخير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها, والظاهر من الاية أن صلحهما على ترك بعض حقها للزوج وقبول الزوج ذلك خير من المفارقة بالكلية, كما أمسك النبي صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة على أن تركت يومها لعائشة رضي الله عنها ولم يفارقها, بل تركها من جملة نسائه وفعله ذلك لتتأسى به أمته في مشروعية ذلك وجوازه, فهو أفضل في حقه عليه الصلاة والسلام, ولما كان الوفاق أحب الى الله من الفراق. قال: "والصلح خير" بل الطلاق بغيض إليه سبحانه وتعالى, ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجه, جميعاً عن كثير بن عبيد, عن محمد بن خالد, عن معروف بن واصل, عن محارب بن دثار, عن عبد الله بن عمر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق". ثم رواه أبو داود عن أحمد بن يونس, عن معروف عن محارب, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معناه مرسلاً.
وقوله: "وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً" وإن تتجشموا مشقة الصبر على ما تكرهون منهن وتقسموا لهن أسوة أمثالهن, فإن الله عالم بذلك وسيجزيكم على ذلك أوفر الجزاء. وقوله تعالى: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" أي لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه, فإنه وإن وقع القسم الصوري ليلة وليلة, فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع كما قاله ابن عباس وعبيدة السلماني ومجاهد والحسن البصري والضحاك بن مزاحم, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا ابن أبي شيبة, حدثنا حسين الجعفي عن زائدة, عن عبد العزيز بن رفيع, عن ابن أبي مليكة, قال: نزلت هذه الاية "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" في عائشة, يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها, كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث حماد بن سلمة عن أيوب, عن أبي قلابة, عن عبد الله بن يزيد, عن عائشة قالت: كان رسول الله يقسم بين نسائه فيعدل, ثم يقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك, فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" يعني القلب, هذا لفظ أبي داود, وهذا إسناد صحيح, لكن قال الترمذي: رواه حماد بن زيد وغير واحد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلاً, قال: وهذا أصح.
وقوله: "فلا تميلوا كل الميل" أي فإذا ملتم إلى واحدة منهن فلا تبالغوا في الميل بالكلية "فتذروها كالمعلقة" أي فتبقى هذه الأخرى معلقة. قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن والضحاك والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان: معناها لا ذات زوج ولا مطلقة. وقال أبو داود الطيالسي: أنبأنا همام عن قتادة, عن النضر بن أنس ؟ عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما, جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط", وهكذا رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث همام بن يحيى عن قتادة به. وقال الترمذي: إنما أسنده همام ورواه هشام الدستوائي عن قتادة, قال: كان يقال: ولا يعرف هذا الحديث مرفوعاً إلا من حديث همام. وقول: "وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيماً" أي وإن أصلحتم في أموركم وقسمتم بالعدل فيما تملكون واتقيتم الله في جيمع الأحوال غفر الله لكم ما كان من ميل إلى بعض النساء دون بعض, ثم قال تعالى: "وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيماً" وهذه هي الحالة الثالثة, وهي حالة الفراق وقد أخبر الله تعالى أنهما إذا تفرقا فإن الله يغنيه عنها ويغنيها عنه بأن يعوضه الله من هو خير له منها, ويعوضها عنه بمن هو خير لها منه, "وكان الله واسعاً حكيماً" أي واسع الفضل عظيم المن حكيماً في جيمع أفعاله وأقداره وشرعه.

الترجمة الإنجليزية

وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
التفسير128. If a woman feareth ill treatment from her husband, or desertion, it is no sin for them twain if they make terms of peace between themselves. Peace is better. But greed hath been made present in the minds (of men). If ye do good and keep from evil, Lo! Allah is ever Informed of what ye do.

الترجمة الفرنسية

وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
التفسير128. Et si une femme craint de son mari abandon ou indifférence, alors ce n'est pas un péché pour les deux s'ils se réconcilient par un compromis quelconque, et la réconciliation est meilleure, puisque les âmes sont portées à la ladrerie. Mais si vous agissez en bien et vous êtes pieux... Allah est, certes, Parfaitement Connaisseur de ce que vous faites.







_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:22 am

بسم الله الرحمن الرحيم

وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (129)

ولن تقدروا -أيها الرجال- على تحقيق العدل التام بين النساء في المحبة وميل القلب, مهما بذلتم في ذلك من الجهد, فلا تعرضوا عن المرغوب عنها كل الإعراض, فتتركوها كالمرأة التي ليست بذات زوج ولا هي مطلقة فتأثموا. وإن تصلحوا أعمالكم فتعدلوا في قَسْمكم بين زوجاتكم, وتراقبوا الله تعالى وتخشوه فيهن, فإن الله تعالى كان غفورًا لعباده, رحيمًا بهم.


تفسير ابن كثير

وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير يقول تعالى مخبراً ومشرعاً من حال الزوجين تارة في حال نفور الرجل عن المرأة, وتارة في حال اتفاقه معها, وتارة في حال فراقه لها, فالحالة الأولى ما إذا خافت المرأة من زوجها أن ينفر عنها أو يعرض عنها, فلها أن تسقط عنه حقها أو بعضه من نفقة أو كسوة أو مبيت أو غير ذلك من حقها عليه, وله أن يقبل ذلك منها فلا حرج عليها في بذلها ذلك له, ولا عليه في قبوله منها, ولهذا قال تعالى: "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً", ثم قال: "والصلح خير" أي من الفراق, وقوله: "وأحضرت الأنفس الشح" أي الصلح عند المشاحة خير من الفراق, ولهذا لما كبرت سودة بنت زمعة عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراقها فصالحته على أن يمسكها وتترك يومها لعائشة, فقبل ذلك منها وأبقاها على ذلك.
(ذكر الرواية بذلك) قال أبو داود الطيالسي: حدثنا سليمان بن معاذ عن سماك بن حرب, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يارسول الله, لا تطلقني واجعل يومي لعائشة ففعل, ونزلت هذه الاية "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضا فلا جناح عليهما" الاية. قال ابن عباس فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز. ورواه الترمذي عن محمد بن المثنى, عن أبي داود الطيالسي به, وقال: حسن غريب. قال الشافعي: أخبرنا مسلم عن ابن جريج, عن عطاء, عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي عن تسع نسوة وكان يقسم لثمان. وفي الصحيحين من حديث هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة قالت: لما كبرت سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة, فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لها بيوم سودة. وفي صحيح البخاري من حديث الزهري عن عروة عن عائشة نحوه.
وقال سعيد بن منصور: أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام, عن أبيه عروة, قال: أنزل الله في سودة وأشباهها "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" وذلك أن سودة كانت امرأة قد أسنت, ففزعت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وضنت بمكانها منه, وعرفت من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة ومنزلتها منه, فوهبت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة, فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال البيهقي وقد رواه أحمد بن يونس عن الحسن بن أبي الزناد موصولاً, وهذه الطريقة رواها الحاكم في مستدركه فقال: حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه, أخبرنا الحسن بن علي بن زياد, حدثنا أحمد بن يونس, حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة أنها قالت له: يا ابن أختي, كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندنا, وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى من هو يومها فيبيت عندها, ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفزعت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم يارسول الله, يومي هذا لعائشة, فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم, قالت عائشة: ففي ذلك أنزل الله "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" وكذلك رواه أبو داود عن أحمد بن يونس به, والحاكم في مستدركه, ثم قال: صحيح الإسناد, ولم يخرجاه. وقد رواه ابن مردويه من طريق أبي بلال الأشعري عن عبد الرحمن بن أبي الزناد به نحوه ومن رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة بنحو مختصراً, والله أعلم.
وقال أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي في أول معجمه: حدثنا محمد بن يحيى, حدثنا مسلم بن إبراهيم. حدثنا هشام الدستوائي, حدثنا القاسم بن أبي بزة, قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى سودة بنت زمعة بطلاقها, فلما أن أتاها جلست له على طريق عائشة, فلما رأته قالت له: أنشدك بالذي أنزل عليك كلامه واصطفاك على خلقه لما راجعتني, فإني قد كبرت ولا حاجة لي في الرجال, لكن أريد أن أبعث مع نسائك يوم القيام, فراجعها فقالت: فإني جعلت يومي وليلتي لحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذا غريب مرسل. وقال البخاري: حدثنا محمد بن مقاتل, أنبأنا عبد الله, أنبأنا هشام بن عروة عن أبيه, عن عائشة "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" قال: الرجل تكون عنده المرأة المسنة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها فتقول: أجعلك من شأني في حل, فنزلت هذه الاية.
وقال ابن جرير: حدثنا وكيع, حدثنا أبي عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير" قالت: هذا في المرأة تكون عند الرجل, فلعله لا يكون بمستكثر منها, ولا يكون لها ولد ويكون لها صحبة فتقول: لا تطلقني وأنت في حل من شأني. حدثني المثنى, حدثنا حجاج بن منهال, حدثنا حماد بن سلمة عن هشام, عن عروة, عن عائشة, في قوله: "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" قالت: هو الرجل يكون له امرأتان: إحداهما قد كبرت, أو هي دميمة, وهو لا يستكثر منها فتقول: لا تطلقني وأنت في حل من شأني, وهذا الحديث ثابت في الصحيحين من غير وجه عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة, بنحو ما تقدم, ولله الحمد والمنة.
قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد وابن وكيع, قالا: حدثنا جرير عن أشعث عن ابن سيرين قال: جاء رجل الى عمر بن الخطاب فسأله عن آية, فكرهه فضربه بالدرة, فسأله آخر عن هذه الاية "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" ثم قال عن مثل هذا فاسألوا, ثم قال: هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها, فيتزوج المرأة الشابة يلتمس ولدها, فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين الهسنجاني, حدثنا مسدد, حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب, عن خالد بن عرعرة, قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب, فسأله عن قول الله عز وجل "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما", قال علي: يكون الرجل عنده المرأة فتنبو عيناه عنها من دمامتها أو كبرها, أو سوء خلقها, أو قذذها فتكره فراقه, فإن وضعت له من مهرها شيئاً حل له, وإن جعلت له من أيامها فلا حرج.
وكذا رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن حماد بن سلمة وأبي الأحوص, ورواه ابن جرير من طريق إسرائيل, أربعتهم عن سماك به. وكذا فسرها ابن عباس وعبيدة السلماني ومجاهد بن جبير والشعبي وسعيد بن جبير وعطاء وعطية العوفي ومكحول والحسن والحكم بن عتيبة وقتادة وغير واحد من السلف والأئمة, ولا أعلم في ذلك خلافاً أن المراد بهذه الاية هذا, والله أعلم, وقال الشافعي: أنبأنا ابن عيينة عن الزهري, عن ابن المسيب أن بنت محمد بن مسلم كانت عند رافع بن خديج, فكره منها أمراً إما كبراً أو غيره, فأراد طلاقها فقالت: لا تطلقني واقسم لي ما بدا لك, فأنزل الله عز وجل "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" الاية, وقد رواه الحاكم في مستدركه من طريق عبد الرزاق عن معمر, عن الزهري, عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار بأطول من هذا السياق.
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: حدثنا سعيد بن أبي عمرو, حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني, أنبأنا علي بن محمد بن عيسى, أنبأنا أبو اليمان, أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري, أخبرني سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن السنة في هاتين الايتين اللتين ذكر الله فيهما نشوز الرجل وإعراضه عن امرأته في قوله: "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" إلى تمام الايتين, أن المرء إذا نشز عن امرأته وآثر عليها, فإن من الحق أن يعرض عليها أن يطلقها أو تستقر عنده على ما كانت من أثرة في القسم من ماله ونفسه صلح له ذلك وكان صلحها عليه كذلك, ذكر سعيد بن المسيب وسليمان الصلح الذي قال الله عز وجل "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير" وقد ذكر لي أن رافع بن خديج الأنصاري وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانت عنده امرأة حتى إذا كبرت تزوج عليها فتاة شابة, وآثر عليها الشابة, فناشدته الطلاق فطلقها تطليقة, ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها, ثم عاد فآثر عليها الشابة فناشدته الطلاق, فقال لها: ماشئت, إنما بقيت لك تطليقة واحدة, فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة, وإن شئت فارقتك, فقالت: لا بل أستقر على الأثرة فأمسكها على ذلك, فكان ذلك صلحهما ولم ير رافع عليه إثماً حين رضيت أن تستقر عنده على الأثرة فيما آثر به عليها, وهكذا رواه بتمامة عبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه عن أبي اليمان, عن شعيب, عن الزهري, عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار فذكره بطوله, والله أعلم.
وقوله: "والصلح خير" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني التخيير أن يخير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها, والظاهر من الاية أن صلحهما على ترك بعض حقها للزوج وقبول الزوج ذلك خير من المفارقة بالكلية, كما أمسك النبي صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة على أن تركت يومها لعائشة رضي الله عنها ولم يفارقها, بل تركها من جملة نسائه وفعله ذلك لتتأسى به أمته في مشروعية ذلك وجوازه, فهو أفضل في حقه عليه الصلاة والسلام, ولما كان الوفاق أحب الى الله من الفراق. قال: "والصلح خير" بل الطلاق بغيض إليه سبحانه وتعالى, ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجه, جميعاً عن كثير بن عبيد, عن محمد بن خالد, عن معروف بن واصل, عن محارب بن دثار, عن عبد الله بن عمر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق". ثم رواه أبو داود عن أحمد بن يونس, عن معروف عن محارب, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معناه مرسلاً.
وقوله: "وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً" وإن تتجشموا مشقة الصبر على ما تكرهون منهن وتقسموا لهن أسوة أمثالهن, فإن الله عالم بذلك وسيجزيكم على ذلك أوفر الجزاء. وقوله تعالى: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" أي لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه, فإنه وإن وقع القسم الصوري ليلة وليلة, فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع كما قاله ابن عباس وعبيدة السلماني ومجاهد والحسن البصري والضحاك بن مزاحم, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا ابن أبي شيبة, حدثنا حسين الجعفي عن زائدة, عن عبد العزيز بن رفيع, عن ابن أبي مليكة, قال: نزلت هذه الاية "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" في عائشة, يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها, كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث حماد بن سلمة عن أيوب, عن أبي قلابة, عن عبد الله بن يزيد, عن عائشة قالت: كان رسول الله يقسم بين نسائه فيعدل, ثم يقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك, فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" يعني القلب, هذا لفظ أبي داود, وهذا إسناد صحيح, لكن قال الترمذي: رواه حماد بن زيد وغير واحد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلاً, قال: وهذا أصح.
وقوله: "فلا تميلوا كل الميل" أي فإذا ملتم إلى واحدة منهن فلا تبالغوا في الميل بالكلية "فتذروها كالمعلقة" أي فتبقى هذه الأخرى معلقة. قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن والضحاك والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان: معناها لا ذات زوج ولا مطلقة. وقال أبو داود الطيالسي: أنبأنا همام عن قتادة, عن النضر بن أنس ؟ عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما, جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط", وهكذا رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث همام بن يحيى عن قتادة به. وقال الترمذي: إنما أسنده همام ورواه هشام الدستوائي عن قتادة, قال: كان يقال: ولا يعرف هذا الحديث مرفوعاً إلا من حديث همام. وقول: "وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيماً" أي وإن أصلحتم في أموركم وقسمتم بالعدل فيما تملكون واتقيتم الله في جيمع الأحوال غفر الله لكم ما كان من ميل إلى بعض النساء دون بعض, ثم قال تعالى: "وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيماً" وهذه هي الحالة الثالثة, وهي حالة الفراق وقد أخبر الله تعالى أنهما إذا تفرقا فإن الله يغنيه عنها ويغنيها عنه بأن يعوضه الله من هو خير له منها, ويعوضها عنه بمن هو خير لها منه, "وكان الله واسعاً حكيماً" أي واسع الفضل عظيم المن حكيماً في جيمع أفعاله وأقداره وشرعه.

الترجمة الإنجليزية

وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير129. Ye will not be able to deal equally between (your) wives, however much ye wish (to do so): But turn not altogether away (from one), leaving her as in suspense. If ye do good and keep from evil, lo! Allah is ever Forgiving, Merciful.

الترجمة الفرنسية

وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير129. Vous ne pourrez jamais être équitable entre vos femmes, même si vous en êtes soucieux. Ne vous penchez pas tout à fait vers l'une d'elles, au point de laisser l'autre comme en suspens. Mais si vous vous réconciliez et vous êtes pieux... donc Allah est, certes, Pardonneur et Miséricordieux.








_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:24 am

بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً (130)

وإن وقعت الفرقة بين الرجل وامرأته, فإن الله تعالى يغني كلا منهما من فضله وسعته; فإنه سبحانه وتعالى واسع الفضل والمنة, حكيم فيما يقضي به بين عباده.


تفسير ابن كثير

وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا
التفسير يقول تعالى مخبراً ومشرعاً من حال الزوجين تارة في حال نفور الرجل عن المرأة, وتارة في حال اتفاقه معها, وتارة في حال فراقه لها, فالحالة الأولى ما إذا خافت المرأة من زوجها أن ينفر عنها أو يعرض عنها, فلها أن تسقط عنه حقها أو بعضه من نفقة أو كسوة أو مبيت أو غير ذلك من حقها عليه, وله أن يقبل ذلك منها فلا حرج عليها في بذلها ذلك له, ولا عليه في قبوله منها, ولهذا قال تعالى: "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً", ثم قال: "والصلح خير" أي من الفراق, وقوله: "وأحضرت الأنفس الشح" أي الصلح عند المشاحة خير من الفراق, ولهذا لما كبرت سودة بنت زمعة عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراقها فصالحته على أن يمسكها وتترك يومها لعائشة, فقبل ذلك منها وأبقاها على ذلك.
(ذكر الرواية بذلك) قال أبو داود الطيالسي: حدثنا سليمان بن معاذ عن سماك بن حرب, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يارسول الله, لا تطلقني واجعل يومي لعائشة ففعل, ونزلت هذه الاية "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضا فلا جناح عليهما" الاية. قال ابن عباس فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز. ورواه الترمذي عن محمد بن المثنى, عن أبي داود الطيالسي به, وقال: حسن غريب. قال الشافعي: أخبرنا مسلم عن ابن جريج, عن عطاء, عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي عن تسع نسوة وكان يقسم لثمان. وفي الصحيحين من حديث هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة قالت: لما كبرت سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة, فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لها بيوم سودة. وفي صحيح البخاري من حديث الزهري عن عروة عن عائشة نحوه.
وقال سعيد بن منصور: أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام, عن أبيه عروة, قال: أنزل الله في سودة وأشباهها "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" وذلك أن سودة كانت امرأة قد أسنت, ففزعت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وضنت بمكانها منه, وعرفت من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة ومنزلتها منه, فوهبت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة, فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال البيهقي وقد رواه أحمد بن يونس عن الحسن بن أبي الزناد موصولاً, وهذه الطريقة رواها الحاكم في مستدركه فقال: حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه, أخبرنا الحسن بن علي بن زياد, حدثنا أحمد بن يونس, حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة أنها قالت له: يا ابن أختي, كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندنا, وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى من هو يومها فيبيت عندها, ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفزعت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم يارسول الله, يومي هذا لعائشة, فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم, قالت عائشة: ففي ذلك أنزل الله "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" وكذلك رواه أبو داود عن أحمد بن يونس به, والحاكم في مستدركه, ثم قال: صحيح الإسناد, ولم يخرجاه. وقد رواه ابن مردويه من طريق أبي بلال الأشعري عن عبد الرحمن بن أبي الزناد به نحوه ومن رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة بنحو مختصراً, والله أعلم.
وقال أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي في أول معجمه: حدثنا محمد بن يحيى, حدثنا مسلم بن إبراهيم. حدثنا هشام الدستوائي, حدثنا القاسم بن أبي بزة, قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى سودة بنت زمعة بطلاقها, فلما أن أتاها جلست له على طريق عائشة, فلما رأته قالت له: أنشدك بالذي أنزل عليك كلامه واصطفاك على خلقه لما راجعتني, فإني قد كبرت ولا حاجة لي في الرجال, لكن أريد أن أبعث مع نسائك يوم القيام, فراجعها فقالت: فإني جعلت يومي وليلتي لحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذا غريب مرسل. وقال البخاري: حدثنا محمد بن مقاتل, أنبأنا عبد الله, أنبأنا هشام بن عروة عن أبيه, عن عائشة "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" قال: الرجل تكون عنده المرأة المسنة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها فتقول: أجعلك من شأني في حل, فنزلت هذه الاية.
وقال ابن جرير: حدثنا وكيع, حدثنا أبي عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير" قالت: هذا في المرأة تكون عند الرجل, فلعله لا يكون بمستكثر منها, ولا يكون لها ولد ويكون لها صحبة فتقول: لا تطلقني وأنت في حل من شأني. حدثني المثنى, حدثنا حجاج بن منهال, حدثنا حماد بن سلمة عن هشام, عن عروة, عن عائشة, في قوله: "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" قالت: هو الرجل يكون له امرأتان: إحداهما قد كبرت, أو هي دميمة, وهو لا يستكثر منها فتقول: لا تطلقني وأنت في حل من شأني, وهذا الحديث ثابت في الصحيحين من غير وجه عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة, بنحو ما تقدم, ولله الحمد والمنة.
قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد وابن وكيع, قالا: حدثنا جرير عن أشعث عن ابن سيرين قال: جاء رجل الى عمر بن الخطاب فسأله عن آية, فكرهه فضربه بالدرة, فسأله آخر عن هذه الاية "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" ثم قال عن مثل هذا فاسألوا, ثم قال: هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها, فيتزوج المرأة الشابة يلتمس ولدها, فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين الهسنجاني, حدثنا مسدد, حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب, عن خالد بن عرعرة, قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب, فسأله عن قول الله عز وجل "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما", قال علي: يكون الرجل عنده المرأة فتنبو عيناه عنها من دمامتها أو كبرها, أو سوء خلقها, أو قذذها فتكره فراقه, فإن وضعت له من مهرها شيئاً حل له, وإن جعلت له من أيامها فلا حرج.
وكذا رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن حماد بن سلمة وأبي الأحوص, ورواه ابن جرير من طريق إسرائيل, أربعتهم عن سماك به. وكذا فسرها ابن عباس وعبيدة السلماني ومجاهد بن جبير والشعبي وسعيد بن جبير وعطاء وعطية العوفي ومكحول والحسن والحكم بن عتيبة وقتادة وغير واحد من السلف والأئمة, ولا أعلم في ذلك خلافاً أن المراد بهذه الاية هذا, والله أعلم, وقال الشافعي: أنبأنا ابن عيينة عن الزهري, عن ابن المسيب أن بنت محمد بن مسلم كانت عند رافع بن خديج, فكره منها أمراً إما كبراً أو غيره, فأراد طلاقها فقالت: لا تطلقني واقسم لي ما بدا لك, فأنزل الله عز وجل "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" الاية, وقد رواه الحاكم في مستدركه من طريق عبد الرزاق عن معمر, عن الزهري, عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار بأطول من هذا السياق.
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: حدثنا سعيد بن أبي عمرو, حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني, أنبأنا علي بن محمد بن عيسى, أنبأنا أبو اليمان, أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري, أخبرني سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن السنة في هاتين الايتين اللتين ذكر الله فيهما نشوز الرجل وإعراضه عن امرأته في قوله: "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" إلى تمام الايتين, أن المرء إذا نشز عن امرأته وآثر عليها, فإن من الحق أن يعرض عليها أن يطلقها أو تستقر عنده على ما كانت من أثرة في القسم من ماله ونفسه صلح له ذلك وكان صلحها عليه كذلك, ذكر سعيد بن المسيب وسليمان الصلح الذي قال الله عز وجل "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير" وقد ذكر لي أن رافع بن خديج الأنصاري وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانت عنده امرأة حتى إذا كبرت تزوج عليها فتاة شابة, وآثر عليها الشابة, فناشدته الطلاق فطلقها تطليقة, ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها, ثم عاد فآثر عليها الشابة فناشدته الطلاق, فقال لها: ماشئت, إنما بقيت لك تطليقة واحدة, فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة, وإن شئت فارقتك, فقالت: لا بل أستقر على الأثرة فأمسكها على ذلك, فكان ذلك صلحهما ولم ير رافع عليه إثماً حين رضيت أن تستقر عنده على الأثرة فيما آثر به عليها, وهكذا رواه بتمامة عبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه عن أبي اليمان, عن شعيب, عن الزهري, عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار فذكره بطوله, والله أعلم.
وقوله: "والصلح خير" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني التخيير أن يخير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها, والظاهر من الاية أن صلحهما على ترك بعض حقها للزوج وقبول الزوج ذلك خير من المفارقة بالكلية, كما أمسك النبي صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة على أن تركت يومها لعائشة رضي الله عنها ولم يفارقها, بل تركها من جملة نسائه وفعله ذلك لتتأسى به أمته في مشروعية ذلك وجوازه, فهو أفضل في حقه عليه الصلاة والسلام, ولما كان الوفاق أحب الى الله من الفراق. قال: "والصلح خير" بل الطلاق بغيض إليه سبحانه وتعالى, ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجه, جميعاً عن كثير بن عبيد, عن محمد بن خالد, عن معروف بن واصل, عن محارب بن دثار, عن عبد الله بن عمر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق". ثم رواه أبو داود عن أحمد بن يونس, عن معروف عن محارب, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معناه مرسلاً.
وقوله: "وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً" وإن تتجشموا مشقة الصبر على ما تكرهون منهن وتقسموا لهن أسوة أمثالهن, فإن الله عالم بذلك وسيجزيكم على ذلك أوفر الجزاء. وقوله تعالى: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" أي لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه, فإنه وإن وقع القسم الصوري ليلة وليلة, فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع كما قاله ابن عباس وعبيدة السلماني ومجاهد والحسن البصري والضحاك بن مزاحم, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا ابن أبي شيبة, حدثنا حسين الجعفي عن زائدة, عن عبد العزيز بن رفيع, عن ابن أبي مليكة, قال: نزلت هذه الاية "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" في عائشة, يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها, كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث حماد بن سلمة عن أيوب, عن أبي قلابة, عن عبد الله بن يزيد, عن عائشة قالت: كان رسول الله يقسم بين نسائه فيعدل, ثم يقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك, فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" يعني القلب, هذا لفظ أبي داود, وهذا إسناد صحيح, لكن قال الترمذي: رواه حماد بن زيد وغير واحد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلاً, قال: وهذا أصح.
وقوله: "فلا تميلوا كل الميل" أي فإذا ملتم إلى واحدة منهن فلا تبالغوا في الميل بالكلية "فتذروها كالمعلقة" أي فتبقى هذه الأخرى معلقة. قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن والضحاك والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان: معناها لا ذات زوج ولا مطلقة. وقال أبو داود الطيالسي: أنبأنا همام عن قتادة, عن النضر بن أنس ؟ عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما, جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط", وهكذا رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث همام بن يحيى عن قتادة به. وقال الترمذي: إنما أسنده همام ورواه هشام الدستوائي عن قتادة, قال: كان يقال: ولا يعرف هذا الحديث مرفوعاً إلا من حديث همام. وقول: "وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيماً" أي وإن أصلحتم في أموركم وقسمتم بالعدل فيما تملكون واتقيتم الله في جيمع الأحوال غفر الله لكم ما كان من ميل إلى بعض النساء دون بعض, ثم قال تعالى: "وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيماً" وهذه هي الحالة الثالثة, وهي حالة الفراق وقد أخبر الله تعالى أنهما إذا تفرقا فإن الله يغنيه عنها ويغنيها عنه بأن يعوضه الله من هو خير له منها, ويعوضها عنه بمن هو خير لها منه, "وكان الله واسعاً حكيماً" أي واسع الفضل عظيم المن حكيماً في جيمع أفعاله وأقداره وشرعه.

الترجمة الإنجليزية

وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا
التفسير130. But if they separate, Allah will compensate each out of His abundance. Allah is ever All Embracing, All Knowing.

الترجمة الفرنسية

وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا
التفسير130. Si les deux se séparent, Allah de par Sa largesse, accordera à chacun d'eux un autre destin. Et Allah est plein de largesses et parfaitement Sage.







_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:25 am

حرثه " الاية, وقال تعالى: " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا * انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض " الاية, وقد زعم ابن جرير أن المعنى في هذه الاية "من كان يريد ثواب الدنيا" أي من المنافقين الذين أظهروا الإيمان لأجل ذلك "فعند الله ثواب الدنيا" وهو ما حصل من المغانم وغيرها مع المسلمين, وقوله: " والآخرة " أي وعند الله ثواب الاخرة وهو ما ادخره لهم من العقوبة في نار جهنم وجعلها كقوله: " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " ولاشك أن هذه الاية معناها ظاهر, وأما تفسيره الاية الأولى بهذا ففيه نظر, فإن قوله: " فعند الله ثواب الدنيا والآخرة " ظاهر في حصول الخير في الدنيا والاخرة أي بيده هذا وهذا, فلا يقتصرن قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط, بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والاخرة, فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع, وهو الله الذي لا إله إلا هو الذي قد قسم السعادة والشقاوة بين الناس في الدنيا والاخرة, وعدل بينهم فيما علمه فيهم ممن يستحق هذا وممن يستحق هذا. ولهذا قال: "وكان الله سميعاً بصيراً"

الترجمة الإنجليزية

وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا
التفسير131. Unto Allah belongeth whatsoever is in the heavens and whatsoever is in the earth And We charged those who received the ******ure before you, and (We charge) you, that ye keep your duty toward Allah. And if ye disbelieve, lo! unto Allah belongeth whatsoever is in the heavens and whatsoever is in the earth, and Allah is ever Absolute, Owner of Praise.

الترجمة الفرنسية

وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا
التفسير131. A Allah seul appartient tout ce qui est dans les cieux et sur la terre. ‹Craignez Allah!› Voilà ce que Nous avons enjoint à ceux auxquels avant vous le Livre fut donné, tout comme à vous-mêmes. Et si vous ne croyez pas (cela ne nuit pas à Allah, car) très certainement à Allah seul appartient tout ce qui est dans les cieux et sur la terre. Et Allah se suffit à Lui-même et Il est digne de louange.








_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:27 am

بسم الله الرحمن الرحيم

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (132)

ولله ملك ما في هذا الكون من الكائنات, وكفى به سبحانه قائمًا بشؤون خلقه حافظًا لها.

تفسير ابن كثير

وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً
التفسير يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض وأنه الحاكم فيهما, ولهذا قال: "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم" أي وصيناكم بما وصيناهم به من تقوى الله عز وجل بعبادته وحده لا شريك له. ثم قال: "وإن تكفروا فإن لله ما في السموات وما في الأرض" الاية كما قال تعالى إخباراً عن موسى أنه قال لقومه " إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ". وقال: "فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد" أي غني عن عباده, (حميد) أي محمود في جميع ما يقدره ويشرعه, قوله: "ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً" أي هو القائم على كل نفس بما كسبت, الرقيب الشهيد على كل شيء. وقوله: "إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً" أي هو قادر على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه, وكما قال: "وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" وقال بعض السلف: ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره. وقال تعالى: "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز" أي وما هو عليه بممتنع, وقوله: " من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة " أي يامن ليس له همة إلا الدنيا, اعلم أن عند الله ثواب الدنيا والاخرة, وإذا سألته من هذه أغناك وأعطاك وأقناك, كما قال تعالى: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق * ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار * أولئك لهم نصيب مما كسبوا " الاية, وقال تعالى: " من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه " الاية, وقال تعالى: " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا * انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض " الاية, وقد زعم ابن جرير أن المعنى في هذه الاية "من كان يريد ثواب الدنيا" أي من المنافقين الذين أظهروا الإيمان لأجل ذلك "فعند الله ثواب الدنيا" وهو ما حصل من المغانم وغيرها مع المسلمين, وقوله: " والآخرة " أي وعند الله ثواب الاخرة وهو ما ادخره لهم من العقوبة في نار جهنم وجعلها كقوله: " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " ولاشك أن هذه الاية معناها ظاهر, وأما تفسيره الاية الأولى بهذا ففيه نظر, فإن قوله: " فعند الله ثواب الدنيا والآخرة " ظاهر في حصول الخير في الدنيا والاخرة أي بيده هذا وهذا, فلا يقتصرن قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط, بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والاخرة, فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع, وهو الله الذي لا إله إلا هو الذي قد قسم السعادة والشقاوة بين الناس في الدنيا والاخرة, وعدل بينهم فيما علمه فيهم ممن يستحق هذا وممن يستحق هذا. ولهذا قال: "وكان الله سميعاً بصيراً"

الترجمة الإنجليزية

وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً
التفسير132. Unto Allah belongeth whatsoever is in the heavens and whatsoever is in the earth. And Allah is sufficient as Defender.

الترجمة الفرنسية

وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً
التفسير132. A Allah seul appartient tout ce qui est dans les cieux et sur la terre. Et Allah suffit pour s'occuper de tout.




بسم الله الرحمن الرحيم

إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً (133)

إن يشأ الله يُهلكُّم أيها الناس, ويأت بقوم آخرين غيركم. وكان الله على ذلك قديرًا.

تفسير ابن كثير

إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا
التفسير يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض وأنه الحاكم فيهما, ولهذا قال: "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم" أي وصيناكم بما وصيناهم به من تقوى الله عز وجل بعبادته وحده لا شريك له. ثم قال: "وإن تكفروا فإن لله ما في السموات وما في الأرض" الاية كما قال تعالى إخباراً عن موسى أنه قال لقومه " إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ". وقال: "فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد" أي غني عن عباده, (حميد) أي محمود في جميع ما يقدره ويشرعه, قوله: "ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً" أي هو القائم على كل نفس بما كسبت, الرقيب الشهيد على كل شيء. وقوله: "إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً" أي هو قادر على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه, وكما قال: "وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" وقال بعض السلف: ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره. وقال تعالى: "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز" أي وما هو عليه بممتنع, وقوله: " من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة " أي يامن ليس له همة إلا الدنيا, اعلم أن عند الله ثواب الدنيا والاخرة, وإذا سألته من هذه أغناك وأعطاك وأقناك, كما قال تعالى: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق * ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار * أولئك لهم نصيب مما كسبوا " الاية, وقال تعالى: " من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه " الاية, وقال تعالى: " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا * انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض " الاية, وقد زعم ابن جرير أن المعنى في هذه الاية "من كان يريد ثواب الدنيا" أي من المنافقين الذين أظهروا الإيمان لأجل ذلك "فعند الله ثواب الدنيا" وهو ما حصل من المغانم وغيرها مع المسلمين, وقوله: " والآخرة " أي وعند الله ثواب الاخرة وهو ما ادخره لهم من العقوبة في نار جهنم وجعلها كقوله: " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " ولاشك أن هذه الاية معناها ظاهر, وأما تفسيره الاية الأولى بهذا ففيه نظر, فإن قوله: " فعند الله ثواب الدنيا والآخرة " ظاهر في حصول الخير في الدنيا والاخرة أي بيده هذا وهذا, فلا يقتصرن قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط, بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والاخرة, فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع, وهو الله الذي لا إله إلا هو الذي قد قسم السعادة والشقاوة بين الناس في الدنيا والاخرة, وعدل بينهم فيما علمه فيهم ممن يستحق هذا وممن يستحق هذا. ولهذا قال: "وكان الله سميعاً بصيراً"

الترجمة الإنجليزية

إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا
التفسير133. If He will, He can remove you, O people, and produce others (in your stead) . Allah is Able to do that.

الترجمة الفرنسية

إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا
التفسير133. S'il voulait, il vous ferait disparaître, ٍ gens, et en ferait venir d'autres. Car Allah en est très capable.







بسم الله الرحمن الرحيم

إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً (133)

إن يشأ الله يُهلكُّم أيها الناس, ويأت بقوم آخرين غيركم. وكان الله على ذلك قديرًا.

تفسير ابن كثير

إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا
التفسير يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض وأنه الحاكم فيهما, ولهذا قال: "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم" أي وصيناكم بما وصيناهم به من تقوى الله عز وجل بعبادته وحده لا شريك له. ثم قال: "وإن تكفروا فإن لله ما في السموات وما في الأرض" الاية كما قال تعالى إخباراً عن موسى أنه قال لقومه " إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ". وقال: "فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد" أي غني عن عباده, (حميد) أي محمود في جميع ما يقدره ويشرعه, قوله: "ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً" أي هو القائم على كل نفس بما كسبت, الرقيب الشهيد على كل شيء. وقوله: "إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً" أي هو قادر على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه, وكما قال: "وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" وقال بعض السلف: ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره. وقال تعالى: "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز" أي وما هو عليه بممتنع, وقوله: " من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة " أي يامن ليس له همة إلا الدنيا, اعلم أن عند الله ثواب الدنيا والاخرة, وإذا سألته من هذه أغناك وأعطاك وأقناك, كما قال تعالى: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق * ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار * أولئك لهم نصيب مما كسبوا " الاية, وقال تعالى: " من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه " الاية, وقال تعالى: " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا * انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض " الاية, وقد زعم ابن جرير أن المعنى في هذه الاية "من كان يريد ثواب الدنيا" أي من المنافقين الذين أظهروا الإيمان لأجل ذلك "فعند الله ثواب الدنيا" وهو ما حصل من المغانم وغيرها مع المسلمين, وقوله: " والآخرة " أي وعند الله ثواب الاخرة وهو ما ادخره لهم من العقوبة في نار جهنم وجعلها كقوله: " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " ولاشك أن هذه الاية معناها ظاهر, وأما تفسيره الاية الأولى بهذا ففيه نظر, فإن قوله: " فعند الله ثواب الدنيا والآخرة " ظاهر في حصول الخير في الدنيا والاخرة أي بيده هذا وهذا, فلا يقتصرن قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط, بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والاخرة, فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع, وهو الله الذي لا إله إلا هو الذي قد قسم السعادة والشقاوة بين الناس في الدنيا والاخرة, وعدل بينهم فيما علمه فيهم ممن يستحق هذا وممن يستحق هذا. ولهذا قال: "وكان الله سميعاً بصيراً"

الترجمة الإنجليزية

إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا
التفسير133. If He will, He can remove you, O people, and produce others (in your stead) . Allah is Able to do that.

الترجمة الفرنسية

إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا
التفسير133. S'il voulait, il vous ferait disparaître, ٍ gens, et en ferait venir d'autres. Car Allah en est très capable.










_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:28 am

بسم الله الرحمن الرحيم

مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (134)

من يرغب منكم -أيها الناس- في ثواب الدنيا ويعرض عن الآخرة, فعند الله وحده ثواب الدنيا والآخرة, فليطلب من الله وحده خيري الدنيا والآخرة, فهو الذي يملكهما. وكان الله سميعًا لأقوال عباده, بصيرًا بأعمالهم ونياتهم, وسيجازيهم على ذلك.

تفسير ابن كثير

مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا
التفسير يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض وأنه الحاكم فيهما, ولهذا قال: "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم" أي وصيناكم بما وصيناهم به من تقوى الله عز وجل بعبادته وحده لا شريك له. ثم قال: "وإن تكفروا فإن لله ما في السموات وما في الأرض" الاية كما قال تعالى إخباراً عن موسى أنه قال لقومه " إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ". وقال: "فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد" أي غني عن عباده, (حميد) أي محمود في جميع ما يقدره ويشرعه, قوله: "ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً" أي هو القائم على كل نفس بما كسبت, الرقيب الشهيد على كل شيء. وقوله: "إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً" أي هو قادر على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه, وكما قال: "وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" وقال بعض السلف: ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره. وقال تعالى: "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز" أي وما هو عليه بممتنع, وقوله: " من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة " أي يامن ليس له همة إلا الدنيا, اعلم أن عند الله ثواب الدنيا والاخرة, وإذا سألته من هذه أغناك وأعطاك وأقناك, كما قال تعالى: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق * ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار * أولئك لهم نصيب مما كسبوا " الاية, وقال تعالى: " من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه " الاية, وقال تعالى: " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا * انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض " الاية, وقد زعم ابن جرير أن المعنى في هذه الاية "من كان يريد ثواب الدنيا" أي من المنافقين الذين أظهروا الإيمان لأجل ذلك "فعند الله ثواب الدنيا" وهو ما حصل من المغانم وغيرها مع المسلمين, وقوله: " والآخرة " أي وعند الله ثواب الاخرة وهو ما ادخره لهم من العقوبة في نار جهنم وجعلها كقوله: " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " ولاشك أن هذه الاية معناها ظاهر, وأما تفسيره الاية الأولى بهذا ففيه نظر, فإن قوله: " فعند الله ثواب الدنيا والآخرة " ظاهر في حصول الخير في الدنيا والاخرة أي بيده هذا وهذا, فلا يقتصرن قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط, بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والاخرة, فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع, وهو الله الذي لا إله إلا هو الذي قد قسم السعادة والشقاوة بين الناس في الدنيا والاخرة, وعدل بينهم فيما علمه فيهم ممن يستحق هذا وممن يستحق هذا. ولهذا قال: "وكان الله سميعاً بصيراً"

الترجمة الإنجليزية

مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا
التفسير134. Whoso desireth the reward of the world, (let him know that) with Allah is the reward of the world and the Hereafter. Allah is ever Hearer, Seer.

الترجمة الفرنسية

مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا
التفسير134. Quiconque désire la récompense d'ici-bas, c'est auprès d'Allah qu'est la récompense d'ici-bas tout comme celle de l'au-delà. Et Allah entend et observe tout.


بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, كونوا قائمين بالعدل, مؤدين للشهادة لوجه الله تعالى, ولو كانت على أنفسكم, أو على آبائكم وأمهاتكم, أو على أقاربكم, مهما كان شأن المشهود عليه غنيًّا أو فقيرًا; فإن الله تعالى أولى بهما منكم, وأعلم بما فيه صلاحهما, فلا يحملنَّكم الهوى والتعصب على ترك العدل, وإن تحرفوا الشهادة بألسنتكم فتأتوا بها على غير حقيقتها, أو تعرضوا عنها بترك أدائها أو بكتمانها, فإن الله تعالى كان عليمًا بدقائق أعمالكم, وسيجازيكم بها.


تفسير ابن كثير

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا
أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
التفسير يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط أي بالعدل, فلا يعدلوا عنه يميناً ولا شمالاً, ولا تأخذهم في الله لومة لائم ولا يصرفهم عنه صارف, وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه, وقوله: "شهداء لله" كما قال: "وأقيموا الشهادة لله" أي ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله, فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقاً خالية من التحريف والتبديل والكتمان, ولهذا قال "ولو على أنفسكم" أي اشهد الحق ولو عاد ضررها عليك, وإذا سئلت عن الأمر فقل الحق فيه ولو عادت مضرته عليك, فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجاً ومخرجاً من كل أمر يضيق عليه. وقوله: "أو الوالدين والأقربين" أي وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك فلا تراعهم فيها بل اشهد بالحق وإن عاد ضررها عليهم, فإن الحق حاكم على كل أحد.
وقوله: "إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما" أي لا ترعاه لغناه ولا تشفق عليه لفقره, الله يتولاهما بل هو أولى بهما منك وأعلم بما فيه صلاحهما. وقوله: "فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا" أي فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغض الناس إليكم على ترك العدل في أموركم وشؤونكم, بل الزموا العدل على أي حال كان, كما قال تعالى: " ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ", ومن هذا القبيل قول عبد الله بن رواحة لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزروعهم, فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم, فقال: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلي, ولأنتم أبغض إلي من أعدادكم من القردة والخنازير وما يحملني حبي إياه, وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم, فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض, وسيأتي الحديث مسنداً في سورة المائدة إن شاء الله تعالى. وقوله: "وإن تلووا أو تعرضوا" قال مجاهد وغير واحد من السلف: تلووا, أي تحرفوا الشهادة وتغيروها, واللي هو التحريف وتعمد الكذب, قال تعالى: "وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب" الاية, والإعراض هو كتمان الشهادة وتركها, قال تعالى: "ومن يكتمها فإنه آثم قلبه" وقال النبي صلى الله عليه وسلم "خير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها" ولهذا توعدهم الله بقوله: "فإن الله كان بما تعملون خبيراً" أي وسيجازيكم بذلك.الترجمة الإنجليزية

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا
أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
التفسير135. O ye who believe ! Be ye staunch in justice, witnesses for Allah, even though it be against yourselves or (your) parents or (your) kindred, whether (the case be of) a rich man or a poor man, for Allah is nearer unto both (than ye are) . So follow not passion lest ye lapse ( from truth ) and if ye lapse or fall away, then lo! Allah is ever Informed of what ye do.

الترجمة الفرنسية

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا
أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
التفسير135. ش les croyants! Observez strictement la justice et soyez des témoins (véridiques) comme Allah l'ordonne, fût-ce contre vous mêmes, contre vos père et mère ou proches parents. Qu'il s'agisse d'un riche ou d'un besogneux, Allah a priorité sur eux deux (et Il est plus connaisseur de leur intérêt que vous). Ne suivez donc pas les passions, afin de ne pas dévier de la justice. Si vous portez un faux témoignage ou si vous le refusez, [sachez qu'] Allah est Parfaitement Connaisseur de ce que vous faites.











_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:30 am

بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (136)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه داوموا على ما أنتم عليه من التصديق الجازم بالله تعالى وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم, ومن طاعتهما, وبالقرآن الذي نزله عليه, وبجميع الكتب التي أنزلها الله على الرسل. ومن يكفر بالله تعالى, وملائكته المكرمين, وكتبه التي أنزلها لهداية خلقه, ورسله الذين اصطفاهم لتبليغ رسالته, واليوم الآخر الذي يقوم الناس فيه بعد موتهم للعرض والحساب, فقد خرج من الدين, وبَعُدَ بعدًا كبيرًا عن طريق الحق.

تفسير ابن كثير

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا
التفسير يأمر تعالى عباده المؤمنين بالدخول في جميع شرائع الإيمان وشعبه وأركانه ودعائمه وليس هذا من باب تحصيل الحاصل, بل من باب تكميل الكامل وتقريره وتثبيته والاستمرار عليه, كما يقول المؤمن في كل صلاة "اهدنا الصراط المستقيم" أي بصرنا فيه وزدنا هدى وثبتنا عليه, فأمرهم بالإيمان به وبرسوله, كما قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله ". وقوله: "والكتاب الذي نزل على رسوله" يعني القرآن, "والكتاب الذي أنزل من قبل" وهذا جنس يشمل جميع الكتب المتقدمة, وقال في القرآن: نزل لأنه نزل مفرقاً منجماً على الوقائع بحسب ما يحتاج إليه العباد في معاشهم ومعادهم, وأما الكتب المتقدمة, فكانت تنزل جملة واحدة, لهذا قال تعالى: "والكتاب الذي أنزل من قبل", ثم قال تعالى: " ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا " أي فقد خرج عن طريق الهدى وبعد عن القصد كل البعد.

الترجمة الإنجليزية

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا
التفسير136. O ye who believe! Believe in Allah and His messenger and the ******ure which He hath revealed unto His messenger, and the ******ure which He revealed aforetime. Whoso disbelieveth in Allah and His angels and His ******ures and His messengers and the Last Day, he verily hath wandered far astray.

الترجمة الفرنسية

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا
التفسير136. ش les croyants! Soyez fermes en votre foi en Allah, en Son messager, au Livre qu'il a fait descendre sur Son messager, et au Livre qu'il a fait descendre avant. Quiconque ne croit pas en Allah, en Ses anges, en Ses Livres, en Ses messagers et au Jour dernier, s'égare, loin dans l'égarement.

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (137)

إن الذين دخلوا في الإيمان, ثم رجعوا عنه إلى الكفر, ثم عادوا إلى الإيمان, ثم رجعوا إلى الكفر مرة أخرى, ثم أصرُّوا على كفرهم واستمروا عليه, لم يكن الله ليغفر لهم, ولا ليدلهم على طريق من طرق الهداية, التي ينجون بها من سوء العاقبة.


تفسير ابن كثير

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً
التفسير يخبر تعالى عمن دخل في الإيمان, ثم رجع عنه, ثم عاد فيه, ثم رجع واستمر على ضلاله وازداد حتى مات, فإنه لا توبة بعد موته ولا يغفر الله له ولا يجعل له مما هو فيه فرجاً ولا مخرجاً ولا طريقاً إلى الهدى, ولهذا قال: "لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً". قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا أحمد بن عبدة, حدثنا حفص بن جميع عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس في قوله تعالى: "ثم ازدادوا كفراً" قال: تمادوا على كفرهم حتى ماتوا, وكذا قال مجاهد. وروى ابن أبي حاتم من طريق جابر المعلى عن عامر الشعبي, عن علي رضي الله عنه, أنه قال: يستتاب المرتد ثلاثاً, ثم تلا هذه الاية "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً", ثم قال: "بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً" يعني أن المنافقين من هذه الصفة, فإنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم, ثم وصفهم بأنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين, بمعنى أنهم معهم في الحقيقة يوالونهم ويسرون إليهم بالمودة, ويقولون لهم إذا خلوا بهم: إنما نحن معكم, إنما نحن مستهزئون, أي بالمؤمنين, في إظهارنا لهم الموافقة, قال الله تعالى منكراً عليهم فيما سلكوه من موالاة الكافرين "أيبتغون عندهم العزة", ثم أخبر الله تعالى بأن العزة كلها له وحده لا شريك له ولمن جعلها له, كما قال تعالى في الاية الأخرى "من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً". وقال تعالى: "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون", والمقصود من هذا التهييج على طلب العزة من جناب الله والإقبال على عبوديته والانتظام في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في الحياة الدنيا, ويوم يقوم الأشهاد, ويناسب هنا أن نذكر الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد, حدثنا أبو بكر بن عياش بن حميد الكندي, عن عبادة بن نسيء, عن أبي ريحانه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزاً وفخراً, فهو عاشرهم في النار" تفرد به أحمد, وأبو ريحانة هذا هو أزدي, ويقال أنصاري, واسمه شمعون, بالمعجمة, فيما قاله البخاري, وقال غيره: بالمهملة, والله أعلم.
وقوله: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم", أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويستهزأ وينتقص بها وأقررتموهم على ذلك, فقد شاركتموهم في الذي هم فيه, فلهذا قال تعالى: "إنكم إذاً مثلهم" في المأثم, كما جاء في الحديث "من كان يؤمن بالله واليوم الاخر, فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر" والذي أحيل عليه في هذه الاية من النهي في ذلك هو قوله تعالى في سورة الأنعام, وهي مكية "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم" الاية, قال مقاتل بن حيان: نسخت هذه الاية التي في سورة الأنعام, يعني نسخ قوله: " إنكم إذا مثلهم " لقوله " وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون ". وقوله: "إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً" أي كما أشركوهم في الكفر كذلك يشارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبداً ويجمع بينهم في دار العقوبة والنكال والقيود والأغلال وشراب الحميم والغسلين لا الزلال.

الترجمة الإنجليزية

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً
التفسير137. Lo! those who believe, then disbelieve and then (again) believe, then disbelieve, and then increase in disbelief, Allah will never pardon them, nor will He guide them unto a way.

الترجمة الفرنسية

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً
التفسير137. Ceux qui ont cru, puis sont devenus mécréants, puis ont cru de nouveau, ensuite sont redevenus mécréants, et n'ont fait que croître en mécréance, Allah ne leur pardonnera pas, ni les guidera vers une chemin (droit).


بسم الله الرحمن الرحيم

بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138)

بشّر -أيها الرسول- المنافقين -وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر- بأن لهم عذابًا موجعًا.

تفسير ابن كثير

بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
التفسير يخبر تعالى عمن دخل في الإيمان, ثم رجع عنه, ثم عاد فيه, ثم رجع واستمر على ضلاله وازداد حتى مات, فإنه لا توبة بعد موته ولا يغفر الله له ولا يجعل له مما هو فيه فرجاً ولا مخرجاً ولا طريقاً إلى الهدى, ولهذا قال: "لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً". قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا أحمد بن عبدة, حدثنا حفص بن جميع عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس في قوله تعالى: "ثم ازدادوا كفراً" قال: تمادوا على كفرهم حتى ماتوا, وكذا قال مجاهد. وروى ابن أبي حاتم من طريق جابر المعلى عن عامر الشعبي, عن علي رضي الله عنه, أنه قال: يستتاب المرتد ثلاثاً, ثم تلا هذه الاية "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً", ثم قال: "بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً" يعني أن المنافقين من هذه الصفة, فإنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم, ثم وصفهم بأنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين, بمعنى أنهم معهم في الحقيقة يوالونهم ويسرون إليهم بالمودة, ويقولون لهم إذا خلوا بهم: إنما نحن معكم, إنما نحن مستهزئون, أي بالمؤمنين, في إظهارنا لهم الموافقة, قال الله تعالى منكراً عليهم فيما سلكوه من موالاة الكافرين "أيبتغون عندهم العزة", ثم أخبر الله تعالى بأن العزة كلها له وحده لا شريك له ولمن جعلها له, كما قال تعالى في الاية الأخرى "من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً". وقال تعالى: "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون", والمقصود من هذا التهييج على طلب العزة من جناب الله والإقبال على عبوديته والانتظام في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في الحياة الدنيا, ويوم يقوم الأشهاد, ويناسب هنا أن نذكر الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد, حدثنا أبو بكر بن عياش بن حميد الكندي, عن عبادة بن نسيء, عن أبي ريحانه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزاً وفخراً, فهو عاشرهم في النار" تفرد به أحمد, وأبو ريحانة هذا هو أزدي, ويقال أنصاري, واسمه شمعون, بالمعجمة, فيما قاله البخاري, وقال غيره: بالمهملة, والله أعلم.
وقوله: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم", أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويستهزأ وينتقص بها وأقررتموهم على ذلك, فقد شاركتموهم في الذي هم فيه, فلهذا قال تعالى: "إنكم إذاً مثلهم" في المأثم, كما جاء في الحديث "من كان يؤمن بالله واليوم الاخر, فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر" والذي أحيل عليه في هذه الاية من النهي في ذلك هو قوله تعالى في سورة الأنعام, وهي مكية "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم" الاية, قال مقاتل بن حيان: نسخت هذه الاية التي في سورة الأنعام, يعني نسخ قوله: " إنكم إذا مثلهم " لقوله " وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون ". وقوله: "إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً" أي كما أشركوهم في الكفر كذلك يشارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبداً ويجمع بينهم في دار العقوبة والنكال والقيود والأغلال وشراب الحميم والغسلين لا الزلال.

الترجمة الإنجليزية

بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
التفسير138. Bear unto the hypocrites the tidings that for them there is a painful doom;

الترجمة الفرنسية

بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
التفسير138. Annonce aux hypocrites qu'il y a pour eux un châtiment douloureux,









_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:33 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139)

الذين يوالون الكافرين, ويتخذونهم أعوانًا لهم, ويتركون ولاية المؤمنين, ولا يرغبون في مودتهم. أيطلبون بذلك النصرة والمنعة عند الكافرين؟ إنهم لا يملكون ذلك, فالنصرة والعزة والقوة جميعها لله تعالى وحده.


تفسير ابن كثير

الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا
التفسير يخبر تعالى عمن دخل في الإيمان, ثم رجع عنه, ثم عاد فيه, ثم رجع واستمر على ضلاله وازداد حتى مات, فإنه لا توبة بعد موته ولا يغفر الله له ولا يجعل له مما هو فيه فرجاً ولا مخرجاً ولا طريقاً إلى الهدى, ولهذا قال: "لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً". قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا أحمد بن عبدة, حدثنا حفص بن جميع عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس في قوله تعالى: "ثم ازدادوا كفراً" قال: تمادوا على كفرهم حتى ماتوا, وكذا قال مجاهد. وروى ابن أبي حاتم من طريق جابر المعلى عن عامر الشعبي, عن علي رضي الله عنه, أنه قال: يستتاب المرتد ثلاثاً, ثم تلا هذه الاية "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً", ثم قال: "بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً" يعني أن المنافقين من هذه الصفة, فإنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم, ثم وصفهم بأنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين, بمعنى أنهم معهم في الحقيقة يوالونهم ويسرون إليهم بالمودة, ويقولون لهم إذا خلوا بهم: إنما نحن معكم, إنما نحن مستهزئون, أي بالمؤمنين, في إظهارنا لهم الموافقة, قال الله تعالى منكراً عليهم فيما سلكوه من موالاة الكافرين "أيبتغون عندهم العزة", ثم أخبر الله تعالى بأن العزة كلها له وحده لا شريك له ولمن جعلها له, كما قال تعالى في الاية الأخرى "من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً". وقال تعالى: "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون", والمقصود من هذا التهييج على طلب العزة من جناب الله والإقبال على عبوديته والانتظام في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في الحياة الدنيا, ويوم يقوم الأشهاد, ويناسب هنا أن نذكر الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد, حدثنا أبو بكر بن عياش بن حميد الكندي, عن عبادة بن نسيء, عن أبي ريحانه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزاً وفخراً, فهو عاشرهم في النار" تفرد به أحمد, وأبو ريحانة هذا هو أزدي, ويقال أنصاري, واسمه شمعون, بالمعجمة, فيما قاله البخاري, وقال غيره: بالمهملة, والله أعلم.
وقوله: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم", أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويستهزأ وينتقص بها وأقررتموهم على ذلك, فقد شاركتموهم في الذي هم فيه, فلهذا قال تعالى: "إنكم إذاً مثلهم" في المأثم, كما جاء في الحديث "من كان يؤمن بالله واليوم الاخر, فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر" والذي أحيل عليه في هذه الاية من النهي في ذلك هو قوله تعالى في سورة الأنعام, وهي مكية "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم" الاية, قال مقاتل بن حيان: نسخت هذه الاية التي في سورة الأنعام, يعني نسخ قوله: " إنكم إذا مثلهم " لقوله " وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون ". وقوله: "إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً" أي كما أشركوهم في الكفر كذلك يشارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبداً ويجمع بينهم في دار العقوبة والنكال والقيود والأغلال وشراب الحميم والغسلين لا الزلال.

الترجمة الإنجليزية

الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا
التفسير139. Those who choose disbelievers for their friends instead of believers! Do they look for power at their hands? Lo! all power appertaineth to Allah.

الترجمة الفرنسية

الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا
التفسير139. ceux qui prennent pour alliés des mécréants au lieu des croyants, est-ce la puissance qu'ils recherchent auprès d'eux? (En vérité) la puissance appartient entièrement à Allah.


--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140)

وقد نزل عليكم -أيها المؤمنون- في كتاب ربكم أنه إذا سمعتم الكفر بآيات الله والاستهزاء بها فلا تجلسوا مع الكافرين والمستهزئين, إلا إذا أخذوا في حديث غير حديث الكفر والاستهزاء بآيات الله. إنكم إذا جالستموهم, وهم على ما هم عليه, فأنتم مثلهم; لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم, والراضي بالمعصية كالفاعل لها. إن الله تعالى جامع المنافقين والكافرين في نار جهنم جميعًا, يلْقَون فيها سوء العذاب.


تفسير ابن كثير

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا
التفسير يخبر تعالى عمن دخل في الإيمان, ثم رجع عنه, ثم عاد فيه, ثم رجع واستمر على ضلاله وازداد حتى مات, فإنه لا توبة بعد موته ولا يغفر الله له ولا يجعل له مما هو فيه فرجاً ولا مخرجاً ولا طريقاً إلى الهدى, ولهذا قال: "لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً". قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا أحمد بن عبدة, حدثنا حفص بن جميع عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس في قوله تعالى: "ثم ازدادوا كفراً" قال: تمادوا على كفرهم حتى ماتوا, وكذا قال مجاهد. وروى ابن أبي حاتم من طريق جابر المعلى عن عامر الشعبي, عن علي رضي الله عنه, أنه قال: يستتاب المرتد ثلاثاً, ثم تلا هذه الاية "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً", ثم قال: "بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً" يعني أن المنافقين من هذه الصفة, فإنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم, ثم وصفهم بأنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين, بمعنى أنهم معهم في الحقيقة يوالونهم ويسرون إليهم بالمودة, ويقولون لهم إذا خلوا بهم: إنما نحن معكم, إنما نحن مستهزئون, أي بالمؤمنين, في إظهارنا لهم الموافقة, قال الله تعالى منكراً عليهم فيما سلكوه من موالاة الكافرين "أيبتغون عندهم العزة", ثم أخبر الله تعالى بأن العزة كلها له وحده لا شريك له ولمن جعلها له, كما قال تعالى في الاية الأخرى "من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً". وقال تعالى: "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون", والمقصود من هذا التهييج على طلب العزة من جناب الله والإقبال على عبوديته والانتظام في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في الحياة الدنيا, ويوم يقوم الأشهاد, ويناسب هنا أن نذكر الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد, حدثنا أبو بكر بن عياش بن حميد الكندي, عن عبادة بن نسيء, عن أبي ريحانه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزاً وفخراً, فهو عاشرهم في النار" تفرد به أحمد, وأبو ريحانة هذا هو أزدي, ويقال أنصاري, واسمه شمعون, بالمعجمة, فيما قاله البخاري, وقال غيره: بالمهملة, والله أعلم.
وقوله: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم", أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويستهزأ وينتقص بها وأقررتموهم على ذلك, فقد شاركتموهم في الذي هم فيه, فلهذا قال تعالى: "إنكم إذاً مثلهم" في المأثم, كما جاء في الحديث "من كان يؤمن بالله واليوم الاخر, فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر" والذي أحيل عليه في هذه الاية من النهي في ذلك هو قوله تعالى في سورة الأنعام, وهي مكية "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم" الاية, قال مقاتل بن حيان: نسخت هذه الاية التي في سورة الأنعام, يعني نسخ قوله: " إنكم إذا مثلهم " لقوله " وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون ". وقوله: "إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً" أي كما أشركوهم في الكفر كذلك يشارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبداً ويجمع بينهم في دار العقوبة والنكال والقيود والأغلال وشراب الحميم والغسلين لا الزلال.

الترجمة الإنجليزية

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا
التفسير140. He hath already revealed unto you in the ******ure that, when ye hear the revelations of Allah rejected and derided, (ye) sit not with them (who disbelieve and mock) until they engage in some other conversation. Lo ! in that case (if ye stayed) ye would be like unto them. Lo! Allah will gather hypocrites and disbelievers, all together, into hell;

الترجمة الفرنسية

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا
التفسير140. Dans le Livre, il vous a déjà révélé ceci: lorsque vous entendez qu'on renie les versets (le Coran) d'Allah et qu'on s'en raille, ne vous asseyez point avec ceux-là jusqu'à ce qu'ils entreprennent une autre conversation. Sinon, vous serez comme eux. Allah rassemblera, certes, les hypocrites et les mécréants, tout, dan l'Enfer.



بسم الله الرحمن الرحيم

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنْ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)

المنافقون هم الذين ينتظرون ما يحلُّ بكم -أيها المؤمنون- من الفتن والحرب, فإن منَّ الله عليكم بفضله, ونصركم على عدوكم وغنمتم, قالوا لكم: ألم نكن معكم نؤازركم؟ وإن كان للجاحدين لهذا الدين قَدْرٌ من النصر والغنيمة, قالوا لهم: ألم نساعدكم بما قدَّمناه لكم ونَحْمِكُم من المؤمنين؟ فالله تعالى يقضي بينكم وبينهم يوم القيامة, ولن يجعل الله للكافرين طريقًا للغلبة على عباده الصالحين, فالعاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة.


تفسير ابن كثير

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً
التفسير يخبر تعالى عن المنافقين أنهم يتربصون بالمؤمنين دوائر السوء بمعنى ينتظرون زوال دولتهم وظهور الكفر عليهم وذهاب ملتهم, "فإن كان لكم فتح من الله" أي نصر وتأييد وظفر وغنيمة "قالوا ألم نكن معكم" أي يتوددون إلى المؤمنين بهذه المقالة, "وإن كان للكافرين نصيب" أي إدالة على المؤمنين في بعض الأحيان كما وقع يوم أحد, فإن الرسل تبتلى ثم يكون لها العاقبة "قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين" أي ساعدناكم في الباطن, وما ألوناهم خبالاً وتخذيلاً حتى انتصرتم عليهم, وقال السدي: نستحوذ عليكم نغلب عليكم, كقوله: "استحوذ عليهم الشيطان" وهذا أيضاً تودد منهم إليهم, فإنهم كانوا يصانعون هؤلاء وهؤلاء ليحظوا عندهم ويأمنوا كيدهم, وما ذاك إلا لضعف إيمانهم وقلة إيقانهم, قال تعالى: "فالله يحكم بينكم يوم القيامة" أي بما يعلمه منكم أيها المنافقون من البواطن الرديئة فلا تغتروا بجريان الأحكام الشرعية عليكم ظاهراً في الحياة الدنيا, لما له في ذلك من الحكمة, فيوم القيامة لا تنفعكم ظواهركم بل هو يوم تبلى فيه السرائر ويحصل ما في الصدور.
وقوله: "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً" قال عبد الرزاق: أنبأنا الثوري عن الأعمش, عن ذر, عن سبيع الكندي, قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال: كيف هذه الاية "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً" فقال علي رضي الله عنه: أدنه أدنه, فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً, وكذا روى ابن جريج عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً, قال: ذاك يوم القيامة, وكذا روى السدي عن أبي مالك الأشجعي, يعني يوم القيامة. وقال السدي: سبيلاً أي حجة, ويحتمل أن يكون المعنى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً, أي في الدنيا بأن يسلطوا عليهم استيلاء استئصال بالكلية, وإن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان على بعض الناس, فإن العاقبة للمتقين في الدنيا والاخرة, كما قال تعالى: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا" الاية, وعلى هذا يكون رداً على المنافقين فيما أملوه ورجوه وانتظروه من زوال دولة المؤمنين, وفيما سلكوه من مصانعتهم الكافرين خوفاً على أنفسهم منهم إذا هم ظهروا على المؤمنين فاستأصلوهم, كما قال تعالى: " فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين " وقد استدل كثير من العلماء بهذا الاية الكريمة على أصح قولي العلماء, وهو المنع من بيع العبد المسلم للكافر, لما في صحة ابتياعه من التسليط له عليه والإذلال, ومن قال منهم بالصحة, يأمره بإزالة ملكه عنه في الحال لقوله تعالى: "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً".

الترجمة الإنجليزية

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً
التفسير141. Those who wait upon occasion in regard to you and, if a victory cometh unto you from Allah, say: Are we not with you? and if the disbelievers meet with a success say: Had we not the mastery of you, and did we not protect you from the believers? Allah will judge between you at the Day of Resurrection, and Allah will not give the disbelievers any way (of success) against the believers.

الترجمة الفرنسية

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً
التفسير141. Ils restent dans l'expectative à votre égard; si une victoire vous vient de la part d'Allah, ils disent: ‹N'étions-nous pas avec vous?›; et s'il en revient un avantage aux mécréants. ils leur disent: ‹Est-ce que nous n'avons pas mis la main sur vous pour vous soustraire aux croyants?› Eh bien, Allah jugera entre vous au Jour de la Résurrection. Et jamais Allah ne donnera une voie aux mécréants contre les croyants.








_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17831
نقاط : 28644
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالجمعة يناير 22, 2010 9:35 am

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142)

إنَّ طريقة هؤلاء المنافقين مخادعة الله تعالى, بما يظهرونه من الإيمان وما يبطنونه من الكفر, ظنًّا أنه يخفى على الله, والحال أن الله خادعهم ومجازيهم بمثل عملهم, وإذا قام هؤلاء المنافقون لأداء الصلاة, قاموا إليها في فتور, يقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة, ولا يذكرون الله تعالى إلا ذكرًا قليلا.


تفسير ابن كثير

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً
التفسير قد تقدم في أول سورة البقرة قوله تعالى: "يخادعون الله والذين آمنوا", وقال ههنا: "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم" ولاشك أن الله لا يخادع, فإنه العالم بالسرائر والضمائر, ولكن المنافقين لجهلهم وقلة علمهم وعقلهم يعتقدون أن أمرهم كما راج عند الناس وجرت عليهم أحكام الشريعة ظاهراً, فكذلك يكون حكمهم عند الله يوم القيامة وأن أمرهم يروج عنده كما أخبر تعالى عنهم أنهم يوم القيامة يحلفون له أنهم كانوا على الاستقامة والسداد, ويعتقدون أن ذلك نافع لهم عنده, كما قال تعالى: "يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم" الاية, وقوله: "هو خادعهم" أي هو الذي يستدرجهم في طغيانهم وضلالهم, ويخذلهم عن الحق والوصول إليه في الدنيا, وكذلك يوم القيامة, كما قال تعالى: " يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب * ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور * فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير " وقد ورد في الحديث "من سمع سمع الله به, ومن راءى راءى الله به". وفي حديث آخر "إن الله يأمر بالعبد إلى الجنة فيما يبدو للناس ويعدل به إلى النار" عياذاً بالله من ذلك.
وقوله: "وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى" الاية, هذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها, وهي الصلاة إذا قاموا إليها, قاموا وهم كسالى عنها, لأنهم لا نية لهم فيها ولا إيمان لهم بها ولا خشية, ولا يعقلون معناها كما روى ابن مردويه من طريق عبيد الله بن زحر عن خالد بن أبي عمران عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس, قال: يكره أن يقوم الرجل إلى الصلاة وهو كسلان, ولكن يقوم إليها طلق الوجه عظيم الرغبة شديد الفرح, فإنه يناجي الله وإن الله تجاهه يغفر له ويجيبه إذا دعاه, ثم يتلو هذه الاية " وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى " وروي من غير هذا الوجه عن ابن عباس نحوه, فقوله تعالى: "وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى" هذه صفة ظواهرهم كما قال: "ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى" ثم ذكر تعالى صفة بواطنهم الفاسدة, فقال: " يراؤون الناس " أي لا إخلاص لهم ولا معاملة مع الله بل إنما يشهدون الناس تقية لهم ومصانعة, ولهذا يتخلفون كثيراً عن الصلاة التي لا يرون فيها غالباً كصلاة العشاء في وقت العتمة, وصلاة الصبح في وقت الغلس, كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر, ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً, ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام, ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس, ثم أنطلق معي برجال ومعهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار". وفي رواية "والذي نفسي بيده, لو علم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً أو مرماتين حسنتين, لشهد الصلاة, ولولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقت عليهم بيوتهم" .
وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي, حدثنا محمد بن دينار عن إبراهيم الهجري, عن أبي الأحوص, عن عبد الله, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحسن الصلاة حيث يراه الناس وأساءها حيث يخلو, فتلك استهانة استهان بها ربه عز وجل". وقوله: "ولا يذكرون الله إلا قليلاً" أي في صلاتهم لا يخشعون ولا يدرون ما يقولون بل هم في صلاتهم ساهون لاهون, وعما يراد بهم من الخير معرضون, وقد روى الإمام مالك عن العلاء بن عبد الرحمن, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلك صلاة المنافق, تلك صلاة المنافق, تلك صلاة المنافق, يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان, قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً", وكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث إسماعيل بن جعفر المدني عن العلاء بن عبد الرحمن به, وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقوله: " مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء " يعني المنافقين محيرين بين الإيمان والكفر, فلا هم مع المؤمنين ظاهراً وباطناً ولا مع الكافرين ظاهراً وباطناً, بل ظواهرهم مع المؤمنين وبواطنهم مع الكافرين, ومنهم من يعتريه الشك, فتارة يميل إلى هؤلاء وتارة يميل إلى أولئك "كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا" الاية, وقال مجاهد "مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء" يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم "ولا إلى هؤلاء" يعني اليهود. وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن المثنى, حدثنا عبد الوهاب, حدثنا عبيد الله عن نافع, عن ابن عمر, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين, تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة ولا تدري أيتهما تتبع", تفرد به مسلم, وقد رواه عن محمد بن المثنى مرة أخرى, عن عبد الوهاب فوقف به على ابن عمر ولم يرفعه, قال: حدثنا به عبد الوهاب مرتين, كذلك قلت, وقد رواه الإمام أحمد عن إسحاق بن يوسف عن عبيد الله, وكذا رواه إسماعيل بن عياش وعلي بن عاصم عن عبيد الله, عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً, وكذا رواه عثمان بن محمد بن أبي شيبة عن عبدة, عن عبد الله به مرفوعاً, ورواه حماد بن سلمة عن عبيد الله أو عبد الله بن عمر, عن نافع, عن ابن عمر مرفوعاً. وراه أيضاً صخر بن جويرية عن نافع, عن ابن عمر, عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله. وقال الإمام أحمد: حدثنا خلف بن الوليد, حدثنا الهذيل بن بلال عن ابن عبيد أنه جلس ذات يوم بمكة وعبد الله بن عمر معه, فقال أبي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مثل المنافق يوم القيامة كالشاة بين الربيضين من الغنم, إن أتت هؤلاء نطحتها, وإن أتت هؤلاء نطحتها" فقال له ابن عمر: كذبت, فأثنى القوم على أبي خيراً أو معروفاً, فقال ابن عمر: ما أظن صاحبكم إلا كما تقولون, ولكني شاهدي الله إذ قال: كالشاة بين الغنمين, فقال: هو سواء, فقال: هكذا سمعته.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد, حدثنا المسعودي عن أبي جعفر محمد بن علي, قال: بينما عبيد بن عمير يقص وعنده عبد الله بن عمر, فقال عبيد بن عمير: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المنافق كالشاة بين ربيضين, إذا أتت هؤلاء نطحتها, وإذا أتت هؤلاء نطحتها", فقال ابن عمير: ليس كذلك, إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كشاة بين غنمين", قال: فاحتفظ الشيخ وغضب, فلما رأى ذلك ابن عمر قال: أما إني لو لم أسمعه لم أردد ذلك عليك.
(طريقة أخرى عن ابن عمر) ـ قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق, أخبرنا معمر عن عثمان بن بودويه, عن يعفر بن زوذي, قال: سمعت عبيد بن عمير وهو يقص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المنافق كمثل الشاة الرابضة بين الغنمين", فقال ابن عمر: ويلكم لا تكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم, إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, "مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين", ورواه أحمد أيضاً من طرق عن عبيد بن عمير, عن ابن عمر, ورواه ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا عبيد الله بن موسى, أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص, عن عبد الله هو ابن مسعود, قال: مثل المؤمن والمنافق والكافر مثل ثلاثة نفر انتهوا إلى واد, فوقع أحدهم فعبر, ثم وقع الاخر حتى إذا أتى على نصف الوادي ناداه الذي على شفير الوادي: ويلك أين تذهب إلى الهلكة, ارجع عودك على بدئك, وناداه الذي عبر: هلم إلى النجاة, فجعل ينظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة, قال: فجاءه سيل فأغرقه, فالذي عبر هو المؤمن, والذي غرق المنافق "مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء" والذي مكث الكافر.
وقال ابن جرير: حدثنا بشر, حدثنا يزيد, حدثنا شعبة عن قتادة "مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء" يقول: ليسوا بمؤمنين مخلصين, ولا مشركين مصرحين بالشرك, قال: وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب مثلاً للمؤمن وللمنافق وللكافر كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر فوقع المؤمن فقطع, ثم وقع المنافق حتى إذا كاد يصل إلى المؤمن, ناداه الكافر, أن هلم إلي فإني أخشى عليك, وناداه المؤمن: أن هلم إلي فإن عندي وعندي يحظى له ما عنده, فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى أذى فغرقه, وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك, قال: وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "مثل المنافق كمثل ثاغية بين غنمين, رأت غنماً على نشز فأتتها وشامتها فلم تعرف, ثم رأت غنماً على نشز فأتتها فشامتها فلم تعرف", ولهذا قال تعالى: "ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً" أي ومن صرفه عن طريق الهدى "فلن تجد له ولياً مرشداً" , ولا منقذ لهم مما هم فيه, فإنه تعالى لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

الترجمة الإنجليزية

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً
التفسير142. Lo! the hypocrites seek to beguile Allah, but it is Allah who beguileth them. When they stand up to worship they perform it languidly and to be seen of men, and are mindful of Allah but little;

الترجمة الفرنسية

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً
التفسير142. Les hypocrites cherchent à tromper Allah, mais Allah retourne leur tromperie (contre eux-mêmes). Et lorsqu'ils se lèvent pour la Salat, ils se lèvent avec paresse et par ostentation envers les gens. A peine invoquent-ils Allah.


بسم الله الرحمن الرحيم

مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143)

إنَّ مِن شأن هؤلاء المنافقين التردد والحَيْرة والاضطراب, لا يستقرون على حال, فلا هم مع المؤمنين ولا هم مع الكافرين. ومن يصرف الله قلبه عن الإيمان به والاستمساك بهديه, فلن تجد له طريقًا إلى الهداية واليقين.


تفسير ابن كثير

مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143)
إنَّ مِن شأن هؤلاء المنافقين التردد والحَيْرة والاضطراب, لا يستقرون على حال, فلا هم مع المؤمنين ولا هم مع الكافرين. ومن يصرف الله قلبه عن الإيمان به والاستمساك بهديه, فلن تجد له طريقًا إلى الهداية واليقين.


الترجمة الإنجليزية

مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً
التفسير143. Swaying between this (and that) , (belonging) neither to these nor to those. He whom Allah causeth to go astray, thou (O Muhammad) wilt not find a way for him:

الترجمة الفرنسية

مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً
التفسير143. Ils sont indécis (entre les croyants et les mécréants) n'appartenant ni aux uns ni aux autres. Or, quiconque Allah égare, jamais tu ne trouveras de chemin pour lui.


بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً (144)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, لا توالوا الجاحدين لدين الله, وتتركوا موالاة المؤمنين ومودتهم. أتريدون بمودَّة أعدائكم أن تجعلوا لله تعالى عليكم حجة ظاهرة على عدم صدقكم في إيمانكم؟


تفسير ابن كثير

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا
التفسير ينهى الله تعالى عباده المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين يعني مصاحبتهم ومصادقتهم, ومناصحتهم وإسرار المودة إليهم, وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم, كما قال تعالى: "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه" أي يحذركم عقوبته في ارتكابكم نهيه, ولهذا قال ههنا: "أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً" أي حجة عليكم في عقوبته إياكم. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا مالك بن إسماعيل, حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار, عن عكرمة, عن ابن عباس قوله: "سلطاناً مبيناً" قال كل سلطان في القرآن حجة, وهذا إسناد صحيح, وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب القرظي والضحاك والسدي والنضر بن عربي.
ثم أخبرنا تعالى "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار" أي يوم القيامة جزاء على كفرهم الغليظ. قال الوالبي عن ابن عباس "في الدرك الأسفل من النار" أي في أسفل النار, وقال غيره: النار دركات كما أن الجنة درجات, وقال سفيان الثوري عن عاصم, عن ذكوان أبي صالح, عن أبي هريرة "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار" قال في توابيت ترتج عليهم: كذا رواه ابن جرير عن ابن وكيع, عن يحيى بن يمان, عن سفيان الثوري به. ورواه ابن أبي حاتم عن المنذر بن شاذان, عن عبيد الله بن موسى, عن إسرائيل, عن عاصم, عن أبي صالح, عن أبي هريرة, "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار" قال: الدرك الأسفل بيوت لها أبواب تطبق عليهم, فتوقد من تحتهم ومن فوقهم. قال ابن جرير: حدثنا ابن بشار, حدثنا عبد الرحمن, حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل, عن خيثمة, عن عبد الله يعني ابن مسعود "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار" قال: في توابيت من نار تطبق عليهم أي مغلقة مقفلة, ورواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج, عن وكيع, عن سفيان, عن سلمة, عن خيثمة, عن ابن مسعود "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار" قال: في توابيت من حديد مبهمة عليهم, ومعنى قوله: مبهمة, أي مغلقة مقفلة لا يهتدى لمكان فتحها.
وروى ابن أبي حاتم, حدثنا أبي, حدثنا أبو سلمة, حدثنا حماد بن سلمة, أخبرنا علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن أن ابن مسعود سئل عن المنافقين, فقال: يجعلون في توابيت من نار تطبق عليهم في أسفل درك من النار "ولن تجد لهم نصيراً" أي ينقذهم مما هم فيه ويخرجهم من أليم العذاب, ثم أخبر تعالى أن من تاب منهم في الدنيا, تاب عليه وقبل ندمه إذا أخلص في توبته وأصلح عمله, واعتصم بربه في جميع أمره, فقال تعالى: "إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله" أي بدلوا الرياء بالإخلاص فينفعهم العمل الصالح وإن قل, قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة, أنبأنا ابن وهب, أخبرني يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر, عن خالد بن أبي عمران, عن عمران عن عمرو بن مرة, عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أخلص دينك يكفك القليل من العمل". "فأولئك مع المؤمنين" أي في زمرتهم يوم القيامة " وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما " ثم قال تعالى مخبراً عن غناه عما سواه, وأنه إنما يعذب العباد بذنوبهم فقال تعالى: "ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم" أي أصلحتم العمل وآمنتم بالله ورسوله "وكان الله شاكراً عليماً" أي من شكر شكر له, ومن آمن قلبه به علمه وجازاه على ذلك أوفر الجزاء.

الترجمة الإنجليزية

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا
التفسير144. O ye who believe! Choose not disbelievers for (your) friends in place of believers. Would ye give Allah a clear warrant against you?

الترجمة الفرنسية

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا
التفسير144. ش les croyants! Ne prenez pas pour alliés les mécréants au lieu des croyants. Voudriez-vous donner à Allah une preuve évidente contre vous?














_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
ناريمان
عضو مميز
عضو مميز
ناريمان


المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 7_125010
الدولة : مصر
التوقيع : رب ابنى لى عندك بيتاً فى الجنة ونجنى من القوم الظالمين انثى عدد المساهمات : 1328
نقاط : 1501
تاريخ التسجيل : 22/01/2010

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 3 Icon_minitimeالسبت يناير 23, 2010 12:52 pm

:اميرة:

:هدى:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 3 من اصل 3انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3
 مواضيع مماثلة
-
» فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا
» 33 حلقه من الفقه الميسر بمساحه صغيره
» كثير منا يتعرض لمشكلات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~ :: منتدى مكتبة الرحمة والمغفرة :: قسم للمواضيع الكبيرة-
انتقل الى: