في رحاب آية ..

موضوع: في رحاب آية .. السبت سبتمبر 15, 2012 6:28 pm

في رحاب آية .. - بقلم : انس الهواشلة

في رحاب آية (2) {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} صِدقُ التوجُّه إلى الله؛ عبارةٌ لها رصيد كبير في قلب كل سائر إلى الله، في طريق الحق اليقين.

ولا شكّ أنّ الصدق مع الله، أُسُّ الفلاح في هذا الوجود، فكيفَ بداعيةٍ تصدَّى لنشر دينه، وإعلاء راية دعوته؟!، إنّه أحوج الناس إلى الصدق والإخلاص، حتى يُؤتيَ جهدُه ثمَرَه، وعملُه أجرَه، وإلا فعاقبته الخُسران في الدنيا والآخرة !.

ولقد جاء الإخلاص في كتاب الله، بمفردات عدّة؛ فمرّةً بلفظ: (إحسان)؛ كما في قوله تعالى:{إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}؛ ومرّةً بلفظ: (إسلام) كما في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ}؛ وهذا التوصيف اللفظي المتنوع للإخلاص؛ إنما جاء لتأكيد أهميته، والتنبيه على وعورةِ مسلكه، وكثرة مزالقِه، وخطورة الحياد عنه !.

ولقد جاء في حديث رسول الله صَلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم في التحذير من الرياء والشرك، ما يُسبل العَبرة، ويَنخلعُ له القلب؛ فهذا قُزمان، يقاتل مع النبي صَلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم ، ويَبرع في القتال، ثم تُثخِنه الجراح؛ فيسقط، فيمرّ عليه النبي صَلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم فيقول: هذا من أهل النار!، لماذا؟؛ لأنه فقد شرط الإخلاص في عملِه !

وأولٰئك قومٌ يأتون يوم القيامة بأعمال كجبال تهامة، فيجعلها الله هباءً منثوراً !، ما السبب؟؛ إنهم أسقطوا عنصر الإخلاص من أعمالهم، فما عاد لها قيمةٌ ولا اعتبار !

كما جاء عن النبي صَلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم من الحديث، في فضل الإخلاص؛ ما تطيب به النفس، وينشرح به الصدر؛ فهذا رجلٌ شَهِد أن لا إلا الله، وأن محمداً رسول الله، مخلصاً من قلبه، ولم يعمل خيراً قط؛ فدخل الجنة !.

وذاك أبو هريرة يسأل النبي صَلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم: من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟، فيقول: من قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه !.

رِضاءٌ وأيّ رضاء، وعطاءٌ وأيُّ عطاء، هذا الذي تُمنَحونَه -يوم القيامة- يا أهل الإخلاصِ، فأبشروا !.

ومن عجيب ما قرأتُ قولَ ابن عباس: «إنما يُعطى الرجل على قدرِ نيّته»

أي: على قدرِ إخلاصه، لا على كثرته واشتهاره، وهذا نظير قوله تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}.

ولقد بلغَنَا عن بعض السلف قولَه: (من راقب الله تعالى في خطَراتِ قلبه؛ عصمه الله في حركات جوارحه) !.

وانظر معي في كلام أهل التصوف الحقّ، ماذا يقولون في الإخلاص، فهذا سهل بن عبد الله التَستُري يُنبيك عن حقيقة الإخلاص؛ فيقول: (نظَرَ الأكياسُ في تفسير الإخلاص، فلم يجدوا غير أن تكون حركاتك وسَكَناتك، في سرك وعلانيتك، لله تعالى وحده، لا يمازجها شيءٌ من نفس ولا هوى ولا دنيا) !.

أما ذو النون فأعطاكَ للإخلاص علاماتِه:(استواء المدح والذم، ونسيان رؤية الأعمال، ونسيان اقتضاء ثواب العلم في الآخرة) !.

وختاماً؛ يَجمع ذلك كلَّه قولُ الله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

جزاك الله خيرا نبيل

جعله اللع فى ميزان حسناتك

ولقد بلغَنَا عن بعض السلف قولَه: (من راقب الله تعالى في خطَراتِ قلبه؛ عصمه الله في حركات جوارحه) !.
ما اروع طرحك وانتقاءك الاخ الفاضل نبيل
دمت ودام عطاؤك

_________________
في رحاب آية .. 002m052Z9QF

اللهم اجعلنى ممن يتقون الله في السر والعلن واكتبنى من أهل الاخلاص

بارك الله فيكم أخانا نبيل على موضوعك القيم