~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
. منتديات الرحمة والمغفرة على منهج اهل السنة والجماعة

: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله )

نداء إلى أنصار رسول الله " صلى الله عليه وسلم "أنضم الينا لنصرة رسولنا من خلال منتدى الرحمة والمغفرة

. لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا ... بادر وسجل نفسك بالمنتدى لنشر الإسلام

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم,
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
. منتديات الرحمة والمغفرة على منهج اهل السنة والجماعة

: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله )

نداء إلى أنصار رسول الله " صلى الله عليه وسلم "أنضم الينا لنصرة رسولنا من خلال منتدى الرحمة والمغفرة

. لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا ... بادر وسجل نفسك بالمنتدى لنشر الإسلام

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم,
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

~ منتديات الرحمة والمغفرة ~

~ معاً نتعايش بالرحمة ~
 
الرئيسيةالمنشوراتأحدث الصورقناة الرحمة والمغفرة يوتيوبالتسجيلدخولفيس بوكتويتر
منتديات الرحمة والمغفرة .. منتدى ثقافى - عام - أدبى - دينى - شبابى - اسرى -طبى - ترفيهى - سياحى - تاريخى - منتدى شامل
". لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا . بادر وسجل نفسك بالمنتدى .
.مديرة الموقع / نبيلة محمود خليل



مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
» تنظيف خزانات بجدة
 طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالإثنين مارس 25, 2024 10:37 pm من طرف مريم صلاح

» غسيل خزانات بمكة
 طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالإثنين مارس 25, 2024 8:40 pm من طرف مريم صلاح

» شركة تنظيف شقق بالمدينة المنورة
 طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالأحد مارس 24, 2024 8:58 am من طرف مريم صلاح

» تنظيف خزانات بمكة
 طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالسبت مارس 23, 2024 6:52 pm من طرف مريم صلاح

» رسوم تأشيرة الدخول لمصر في السودان
 طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 21, 2024 9:42 am من طرف مريم صلاح

» صيغة نقل كفالة
 طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 21, 2024 8:55 am من طرف مريم صلاح

» شركة نظافة منازل بالمدينة المنورة
 طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالأربعاء مارس 20, 2024 1:35 pm من طرف مريم صلاح

» شركة غسيل خزانات بالمدينة المنورة
 طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالأحد مارس 17, 2024 11:13 am من طرف مريم صلاح

» شركة عزل خزانات بمكة
 طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالجمعة مارس 15, 2024 9:48 pm من طرف مريم صلاح

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مشروع تحفيظ القران
 
تلفزيون الرحمة والمغفرة
نشرة اخبار منتدى الرحمة واالمغفرة
توك توك منتديات الرحمة والمغفرة

كاميرا منتديات الرحمة والمغفرة



شركة طيران منتديات الرحمة والمغفرة

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
مريم صلاح
 طريق السعادة في القرآن الكريم I_vote_rcap طريق السعادة في القرآن الكريم I_voting_bar طريق السعادة في القرآن الكريم I_vote_lcap 
المواضيع الأكثر نشاطاً
مع كل إشراقة شمس ^ بصبح عليك^ مع ونبيلة محمود خليل ^ ووعد حصرياً
مشروع حفظ القرآن والتجويد"مع نبيلة محمود خليل"" حصرى"
^ من اليوم أنتهى عهد نبيل خليل ^ أدخل وشوف مطعم منتديات الرحمة والمغفرة مع نبيلة ونبيل ^
بريد منتديات الرحمة والمغفرة ^ ظرف جواب ^ مع نبيلة محمود خليل وكلمة حق ^ حصرياً
تليفزيون منتديات الرحمة والمغفرة يقدم لكم "برنامج الوصول إلى مرضات الله " مع نبيلة محمود خليل" كلمة حق"
^ نشرة أخبار منتديات" الرحمة والمغفرة " مع نبيلة محمود خليل"حصرياً "
* كلمة للتاريخ * مع نبيلة محمود خليل ود / محمد بغدادى * حصرى
^ كاميرا منتديات الرحمة والمغفرة ^ إبتسامة كاميرا ^ مع نبيلة محمود خليل وكلمة حق ^ حصرياً ^
^^ دورة التبسيط فى دقائق علم التجويد ^^
,, قلوب حائرة ,, وقضايا شبابية متجدد ,, مع نبيلة محمود خليل ونبيل خليل ,,

 

  طريق السعادة في القرآن الكريم

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نبيل خليل
عضو ذهبى
عضو ذهبى
نبيل خليل


درع التميز
العمر : لحظه وجودى
الدولة : فلسطين
التوقيع : الكلمة الطيبة ذكر عدد المساهمات : 4925
نقاط : 11934
تاريخ التسجيل : 29/12/2010
الموقع : عند الشدائد جبل وفي الفرح ريشة
العمل/الترفيه : أزرع الطيبة و الإحسان بلا امضاء
المزاج : الحمد لله

 طريق السعادة في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: طريق السعادة في القرآن الكريم    طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 6:43 pm

سؤال
جوهري لا بد وأن يؤرق كل شاب وفتاة مقبلان على دروب النضج،. فعليه تتوقف
سعادة الإنسان، وبه ترسم الأهداف، وعليه تدور كل أشكال الحياة. إنه السؤال
الذي ما زال يعبث بعقول الفلاسفة، ويلهب خيال الشعراء، ويدير دفة التاريخ.
وهو الذي قلّما اهتدى الإنسان إلى جوابه، بل لطخ تاريخه الطويل بالمحن التي
ما كانت لتنزل به لو أنه أحسن السعي في طلبه والاهتداء إليه. فما أكثر
التجاءه إلى الأساطير التي فر إليها من مواجهة الحقيقة، وما أقبح خيانته
للأمانة التي حملها على عاتقه طائعا غير مكره: "وحملها الإنسان إنه كان
ظلوما جهولا".

إنه سؤال الوجود الكبير، سؤال كيف ولماذا ومن أين
وإلى أين، السؤال الذي يكاد يلاحق الإنسان كيفما أدار وجهه وهو يشق طريقه
في هذه الحياة، وهو السؤال ذاته الذي ما فتئ الإنسان يصطنع الأعذار للإفلات
من قبضته، بعد أن زين له الشيطان طول الأمل، فغمس نفسه في الشهوات غير
عابئ بما كان وما يكون، يقول ابن الجوزي في (تلبيس إبليس): " ثم جاء إبليس
يحث على العمل بمقتضى ما في الطبع، صعُبت المجاهدة، إلا أنه من انتبه لنفسه
علم أنه في صف حرب وأن عدوه لا يفتر عنه، فإن فتر في الظاهر بطّن له مكيدة
وأقام له كمينا"[1].

هذا السؤال هو الذي يجب أن يقف كل منا عنده،
وأن يبذل كل جهده في سبيل الخلوص إلى جواب محكم عليه، كي يتصالح مع نفسه
وقلبه، ويعيش حياة متوازنة توصله بثقة وثبات إلى بر الأمان، أما المتغافل
عن حقيقة وجوده وحكمة خلقه فهو كالذي شبهه الدكتور البوطي برجل دخل مغارة
مظلمة في مكان موحش، فوجد عند مدخلها بقايا لجثة إنسان، فما كان منه إلا أن
وضع رأسه وأسلم جفنيه للنوم، غير آبه بما يحتمل أن يكون في جوف هذه
المغارة من وحوش ضارية، وهو يمنّي نفسه بالفرار إذا استيقظ، مع أن الموت قد
يفاجئه في أي لحظة.

ولخطورة الأمر وإلحاح عجلة الزمن، أرى أن أخوض
معكم أحبتي القراء غمار هذا السؤال العنيد، ولا أقصد بذلك أن نخرج في هذه
العجالة بجواب قاطع يريح العقول ويهدئ النفوس، فكل منيتي أن نضع أقدامنا
معا على درب النجاة، وأن نواجه شيطان الهوى بالسعي الدءوب بحثا عن الحقيقة،
عسى أن نصل بإذن الله تعالى إلى مفاتيح السعادة في الدنيا والآخرة.

كيـف نبـدأ؟
لا
شك في أننا جميعا نؤمن بوجودنا الحقيقي ضمن هذا الزمان والمكان، فلم يشذ
عن هذه القاعدة إلا بعض السفسطائيين الذين أمتعوا دارسي الفلسفة بخزعبلات
شكوكهم التي لا تنتهي، فبداية بحثنا عن الحقيقة يجب أن تنطلق من تحديد
مكاننا على طريق البحث، وهو واحد من احتمالات ثلاث[2]:
1- أن يكون
أحدنا قد آمن بالله وكل ما جاء به رسوله بالفطرة والبداهة، ولم يخطر بباله
شيء من الشك في أصول عقيدته، وهو مشغول بعمله والسعي في رزقه، فهذا الإنسان
قد وصل إلى طريق النجاة بأقصر الطرق، ولن نكلفه بشيء من البحث كي لا نفسد
عليه إيمانه، لأن الرسول (ص) لم يطالب العرب بأكثر من الإيمان، ولم يكلف
أحدا بمعرفة البراهين العقلية الموصلة إليه.
2- أن يكون قد وصل إلى
الإيمان بفطرته، ولكنه يتمتع بذكاء قد يحرك في عقله دائما نوازع الشك
والتساؤل حتى اهتزت طمأنينته، فعليه إذن ألا يتغافل عن هذه الشكوك، بل يبحث
عن الحقيقة عند أهلها بالحجة والبرهان حتى تطمئن نفسه.
3- ألا يكون
الحظ قد حالفه في الوصول إلى الحقيقة بعد، فهو إما باحث عنها راغب فيها،
وهو من نسعى للأخذ بيده وهدايته، وإما معاند مستكبر قد ختم الله على قلبه،
فلا بد من ملاطفته بالحكمة والموعظة الحسنة لأن الهداية نور من الله يرسلها
إلى من يشاء من قلوب عباده ولا سلطة لنا على ما وراء ذلك.
وبعد أن يحدد
كل فرد منا مكانه على هذه الخارطة، ينبغي له الانتقال إلى المرحلة
التالية، فإن كان من الفئة الأخيرة، فعليه أن يبدأ إذن بالبحث الجدي عن
حقيقة وجوده، وعن حقائق الكون الكبرى، وعن علاقته بكل المكونات من حوله،
فإذا وصل معنا إلى الطمأنينة بالإيمان الكامل بالله تعالى خالقا ومدبرا
لهذا الكون بكل ما فيه، وبأن هذا الكون قد خُلق لغاية عظمى قد تخفى على
عقولنا، وأن غاية وجودنا تتلخص في السعي إلى مرضاة الله تعالى بإعمار أرضه
والقيام بحقوقه وحقوق عباده، آن له إذن البحث معنا عن الوسيلة التي يصل بها
إلى تحقيق هذه الغايات الكبرى، وهي التي تقوم عليها فلسفة السعادة التي ضل
عنها معظم البشر، وجاء بها القرآن الكريم في أكمل صورة وأبلغ بيان.


طريـق السعـادة

 طريق السعادة في القرآن الكريم 180768
لكي
يصل الإنسان إلى طريق السعادة، وبعد أن أدرك حقائق الوجود الكبرى، عليه أن
يتطلع إلى الكشف عن الطريقة السليمة للتعامل مع المحاور الرئيسية لهذا
الوجود، وهي: الله جل وعلا، الإنسان، والكون[3]. ونبدأ بالموجود الأول الذي
تخضع له كل الموجودات، فبعد أن يتعرف الإنسان إلى الله سبحانه من خلال ما
ورد عنه في كتابه الكريم وفي سنة رسوله الخاتم صلى الله عليه وسلم، أو من
خلال الأدلة البرهانية التي أبدعها علماء الكلام بطريق المنطق والفلسفة،
فإنه سيستنتج بالبداهة حقيقة الوجود الأولى، وهي أن السعادة في الدارين
منوطة برضاه تعالى والامتثال لأوامره والوقوف عند حدوده.

أما المحور
الثاني وهو الإنسان، فلعله من أكثر الألغاز استغلاقا على العقول منذ
القدم، ولا يقتصر ذلك على مرحلة ما بعد سقراط الذي صرف الفلاسفة عن البحث
في الكون إلى البحث في الإنسان، بل إن البحث في الكون نفسه لم يكن عند
القدماء الذي لم يصل إليهم نور الوحي إلا إسقاطا لطبيعة الإنسان على ما
حوله من ظواهر الوجود، بدءاً من التصور الحيوي للطبيعة - وكأنها مخلوق
عاقل- ووصولا إلى أنسنة الآلهة المتعددة. أما القرآن الكريم فقد وضع
للإنسان منهجا متكاملا ليتبصر ذاته عبر إدراكه للحقيقتين التاليتين:
1-
أنه مخلوق تافه، أصله من تراب وماء مهين، ومصيره إلى جثة هامدة، وهو فيما
بينهما يحمل النجاسة في جوفه، ويستقذر كل ما يخرج من بدنه. يقول الله
تعالى: "قتل الإنسان ما أكفره، من أي شيء خلقه، من نطفة خلقه فقدره، ثم
السبيل يسره، ثم أماته فأقبره" [عبس: 17- 21].
2- أنه مع ذلك مكرم على
سائر المخلوقات الأخرى[4]، فقد أسجد الله الملائكة لجده آدم، وسخّر له
الأرض والدواب، وأكرمه بالعقل الذي صنع به المعجزات. قال تعالى: " ولقد
كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على
كثير ممن خلقنا تفضيلا" [الإسراء: 70].
فجوهر الإنسان إذن لا يمكن فهمه
إلا بتصور هاتين الحقيقتين معا، وبهذا التصور يستقيم التوازن القائم على
الإيمان بأن كل ما يحققه الإنسان من مجد وعز ومال وعلم وغير ذلك فإنه ليس
إلا من فيض الله تعالى عليه، أما الإنسان بذاته فليس إلا كتلة من اللحم
والعظم تسمو بها نفسه التي يجب عليه تهذيبها وترويضها بالعلم النافع والعمل
الصالح، وأنه على الرغم من ضعفه وتفاهته إلا أن الله تعالى قد أكرمه بصفات
تؤهله لحمل الأمانة التي لم تقدر عليها الكائنات الأخرى من حوله: " إنا
عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها،
وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا" [الأحزاب: 72] . وإذا أخل الإنسان في
إيمانه بشرط التوازن بين الحقيقتين فإما أن ينصرف ذهنه إلى حقيقته الأولى
فلا يرى من نفسه إلا جسدا قذرا شهوانيا لا هدف له ولا غاية، فيقبل على
ملذاته كالبهائم حتى يقضي على نفسه بإذلالها كما هو حال الماديين
(الماركسيين) الذين لم يروا في الإنسان أكثر من آلة. أو أن تطغى على فكره
الحقيقة الثانية فتؤدي به إلى التكبر والتأله كما هو الحال عند
الوجوديين[5].

وبعد أن يدرك الإنسان حقيقة وجوده، تتطلع نفسه للتأمل
في كنه الحياة التي جُبل على التعلق بها، فهي الأساس الذي تقوم عليه كل
ملذات الدنيا ومباهجها، وعليها يقوم الأمل في تحصيل ما ترغب فيه النفس
وتميل إليه. وإذا عاد مرة أخرى إلى القرآن الكريم ليستشف منه تعريف الحياة
فسيجد نفسه أمام منهج تربوي كامل يقوم على محورين:
الأول: أن الحياة
ليست إلا جسرًا تمر عليه الكائنات في طريقها نحو الآخرة، وأن هذه الدنيا في
قصرها وسرعة زوالها لا تساوي شيئا يذكر في جنب الخلود الذي سيعقبها، كما
أن الآخرة على امتدادها اللانهائي متوقفة على ما يكون عليه حال الإنسان في
هذه الحياة الأولى، فهو إذن في مرحلة امتحان دائم، وكل ما يراه من حوله من
مباهج وملذات ومتع، أو من مآسي وجراح وكوارث، فإن هذا كله ليس إلا أياما
قليلة سرعان ما تنقضي، وستوضع بكل ما تحتويه في كفة الميزان لتحدد مصيره
الأبدي، قال تعالى: "وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب، وإن الدار الآخرة
لهي الحيوان لو كانوا يعلمون" [العنكبوت: 64].
أما المحور الثاني فهو
مكمل لهذا الأول، إذ يعمل على إعادة التوازن لهذه الرؤية، فلا تهون الحياة
في نظر الإنسان، ولا ينصرف عن إعمار الأرض بالعلم والعمل إلى التقشف
وانتظار الموت. قال تعالى: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" [هود: 61]،
"ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك" [القصص: 77]، "من
عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة" [النحل: 97]. وقال
المصطفى صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: "فإن دماءكم وأموالكم عليكم
حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم"، كما
أعلن أن زوال الدنيا أهون عند الله من قتل امرئ مسلم.
وبهذه الرؤية
المتكاملة تغدو الحياة في نظر المسلم كنزاً ثمينا يتوجب عليه استثماره، فهي
في جوهرها لا تستحق من الاهتمام أكثر من كونها جسرا للسعادة الأبدية، كما
أنه في الوقت نفسه مأمور بعدم التفريط فيها لقدسيتها وقيمتها العظيمة عند
الله تعالى "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس
جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" [المائدة: 32]. أما المباهج
وألوان المتع التي تصادفه فيها فليست إلا زخارف تتزين بها لإغواء ضعاف
النفوس، ولكنها لا تُكره أيضا لِـذاتها إذا ما أحسن استخدامها "قل من حرم
زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، قل هي للذين آمنوا في
الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة" [الأعراف: 32]. وبهذا الفهم يخوض المسلم
غمار الحياة بملذاتها واثق الخطى، بعد أن استيقن أن كل ما ملكه فيها غير
باق، فهو إذن في سعي دائم للاستمتاع بها دون إسراف، مع إيمان داخلي بأن ما
امتلكه منها في قبضة يده وليس في قلبه "لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا
تفرحوا بما آتاكم" ، وهكذا فهم السلف الصالح الزهد بأنه قصر الأمل، ليس
بأكل الغليظ ولا بلبس العباء[6].
وبهذا ينتقل المسلم في تأمله إلى
المحور الثالث والأخير في فهمه للوجود، وهو الكون الذي يحوي كل الكائنات
المحيطة به، ويبدأ التأمل فيه من قوله تعالى: "قل انظروا ماذا في السموات
والأرض" [يونس: 101]، ثم يمضي في دراسة عشرات الآيات التي تدعوه للتفكر في
خلق الله وبديع صنعه، ليخرج منها بنتيجة مشابهة للتي حصل عليها من تأمله
السابق في حقيقة وجوده وحياته، وسيكتشف أن فهمه للكون يجب أن ينطلق أيضا من
إدراك حقيقتين متكاملتين: الأولى هي حقيقة أن الله تعالى قد سخّر له معظم
ما يحيط به من كائنات، إذ أن تفضيله عليها ليس مقتصرا فقط على تمتعه ببعض
الميزات، بل يعدوه إلى تسخير هذه الكائنات لخدمته وتحقيق رفاهيته. قال
تعالى: "ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم
نعمه ظاهرة وباطنة" [لقمان: 20]، "وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر
والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون" [النحل: 12]، "هو الذي
جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور"
[الملك: 15]. وسيجد المسلم في مزيد من الآيات دلائل باهرة على تسخير هذا
الكون له وتمكينه منه، وفي هذا إشارة لطيفة إلى ضرورة استئناسه بهذا الكون،
واستبطانٌ للنهي عن الجزع مما قد يلاقيه فيه من كوارث ونوازل قد تحل به،
فالطبيعة إذن ليست في تحدٍ دائم مع الإنسان الضعيف، والإنسان أيضا ليس في
صراع مستمر للتغلب على طغيان الطبيعة. أما الحقيقة الثانية فهي أن الكون لم
يكشف للإنسان كل أسراره بعد، فعلى الرغم من التسخير والتمكين إلا إن طائفة
أخرى من المكوَّنات ما زالت غائبة عن إدراك الإنسان أو خارجة عن سيطرته،
فالكون يضج بالملائكة والجان، وقد يحتوي أيضا على مخلوقات أخرى ليس في
مُكنة الإنسان التعرف على حقيقتها أو حتى العلم بوجودها. ووجود الإنسان فيه
لا يعدو أن يكون ذرة صغيرة لا تكاد تذكر أمام عظمة هذا الكون واتساعه.
وبهاتين
الحقيقتين تتكامل رؤية المسلم للكون المحيط، فهو مدرك تماما لمكانته
المتميزة بين كافة المخلوقات، حيث جعله الله تعالى مركز الوجود الذي تُسخر
له معظم الموجودات الأخرى، وهو في الوقت نفسه مدرك لحقيقة استغلاق بعض
الأبواب عليه، وأن قدراته العجيبة مهما بلغت من سمو فإنها لن تطرق تلك
الأبواب، ولكنه مع ذلك مدعوّ للبحث والفضول، فقد حث القرآن الكريم على
التساؤل والنظر، وهذا ما فهمه إبراهيم الخليل عليه السلام عندما سأل ربه أن
يريه كيفية إحياء الموتى، لعلمه بأن التطلع إلى معرفه هذه الأسرار لا
يتناقض مع الإيمان بها على الرغم من استغلاقها.

النتيجـة
بهذا
الإيمان يتصالح المسلم مع خالقه ونفسه والكون الذي من حوله، فهو مدرك أولا
لحقيقة عبوديته لله تعالى وقائم بما يلزم عنها من واجبات، ومدرك ثانيا
لقيمة نفسه كمخلوق أكرمه الله بتسخير الكائنات له، وأنه قد هبط إلى الأرض
ليمتحن فيها قبل أن يعود إلى الجنة التي خُلقت له، فهو مكلف بإعمار هذه
الأرض "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" [هود: 61]، ومكلف أيضا بترويض
نفسه للأخذ من الشهوات ضمن قيود الشرع وحدود الحاجة.

فإذا انتهينا
إلى هذا الفهم المتكامل للخالق سبحانه وللنفس والكون، فقد حقّ لنا الآن أن
نتساءل عن النتيجة العملية التي يمكن أن نجنيها من تطبيق هذا المفهوم، ولعل
خير إجابة عن هذا السؤال تتخلص في استقراء الواقع الذي عايشه أشخاص سبق
لهم وأن طبّقوه، ولن نجد مثالا أفضل من الصحابة رضي الله عنهم.
لقد نشأ
الرعيل الأول من أمة الإسلام على تربية قرآنية فريدة، فهي لا تقتصر في عرض
المفهوم الشامل للوجود -السالف بيانه- على الجانب الفكري فحسب، بل تخاطب
كلا من العقل والوجدان في تناسق بديع معجز. وقد لخص أبو بكر الصديق رضي
الله عنه هذا المنهج في وصيته لخليفته عمر بقوله: "ألم تر يا عمر، إنما
نزلت آية الرخاء مع آية الشدة، ونزلت آية الشدة مع آية الرخاء، ليكون
المؤمن راغبا راهبا، لا يرغب رغبة يتمنى فيها على الله ما ليس له، ولا يرهب
رهبة يلقي فيها بيديه" [7]، فكان الصحابة يقرءون القرآن على حال من الرغبة
والرهبة، وقلوبهم تتفطر شوقا إلى لقاء الله وخوفا منه في آن معا[8]. وكان
القرآن الكريم يتنزل تبعا لتدرجهم في هذه التربية، فبعد أن انتصروا في أول
غزوة لهم في بدر ووجدوا بين أيديهم الكثير من الغنائم، وكانوا قد تركوا
لقريش أموالهم وهاجروا إلى يثرب محتسبين أجرهم على الله، عندها تنازع
الشيوخ الذين بقوا تحت الرايات مع الشباب المحاربين في اقتسام الغنائم، فما
أن لجأوا إلى رسول الله ليقسم بينهم حتى تنزل الوحي ينهرهم: "يسألونك عن
الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا
الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم
وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون
الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم
ومغفرة ورزق كريم" [الأنفال: 1-4]، عندئذ ارتدعوا جميعا -رضي الله عنهم-
وتركوا الغنائم للرسول فرحين بنصر الله تائبين إليه، وما أن عادت الطمأنينة
إلى قلوبهم الطاهرة وطردوا عنها علائق الدنيا حتى تنزل الوحي بقسمة
الغنائم: "واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى
واليتامى والمساكين وابن السبيل..." الآية [الأنفال: 41]. وما أن نضج
المفهوم المتكامل للإيمان في قلوب تلك الأمة حتى خرجوا ليفتحوا مشارق الأرض
ومغاربها، غير آبهين بزخارف الدنيا التي انبسطت تحت أقدامهم، إلى أن دخل
ربعي بن عامر بثوبه المرقع على قائد الفرس رستم وهو يمزق البُسط الفاخرة
برأس رمحه، ويقف رافع الرأس وهو يتحسر على الرعية التي طأطأت الرؤوس للقائد
قائلا: "أتينا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور
الأديان إلى عدالة الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة"، فيتهامس
الجلوس من كبار القوم: "والله لقد تحدث بكلام طالما تطلع إليه عبيدنا".

أما
اليوم، فلن نفاجأ كثيرا بنتائج الاستقصاء الذي أجرته مجلة النيوزويك
الأمريكية حول أكثر شعوب العالم سعادة، حيث تربّع الشعب النيجيري الفقير ذو
الأغلبية المسلمة على رأس القائمة التي تضم خمسا وستين دولة، وتلته شعوب
كل من المكسيك، فنزويلا، سلفادور وبورتوريكو، بينما احتلّت الدول المتقدمة -
أمام دهشة معدّي التقرير- مراكز متأخرة على سلم السعادة. ولكننا قد نقف
طويلا أمام اعتراف معظم الأمريكيين المستجوبين في التقرير بأن السعادة لا
تتعلق بالغنى والمال[9]، وهو ما يبدو مستغربا في مجتمع براغماتي قام في
تأسيسه على أكثر أشكال الرأسمالية تطرفا. الأمر الذي دفع المجلة ذاتها فيما
بعد لتقصي ظاهرة عودة الدين للانتشار في الولايات المتحدة[10]، لتدور
التساؤلات من جديد حول السعي اللاهث للأمريكيين في البحث عن السعادة، عبر
وصفات التأمل العابرة، والتي تؤخذ كجرعات لعلاج النفوس المتعبة.

أما
التساؤل الذي لم يتجرأ أحدهم على طرحه فهو: ماذا عن العلاج المتكامل الذي
يفي بحاجات كل من الروح والجسد والمجتمع عامة في تناسق تام ويهدي الإنسان
إلى طريق السعادة الحقيقية في هذه الحياة، ثم يضمن له السعادة الأبدية في
ما بعدها؟

هذا هو السؤال الذي ما زال الإنسان مصرّاً على التفلسف
حوله، وبعيدا عن مصدره الأصيل. قال تعالى: "يا حسرة على العباد، ما يأتيهم
من رسول إلا كانوا به يستهزئون" [يس: 30].

 طريق السعادة في القرآن الكريم 899771
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راجينى
مشرف منتدى مهارات الاتصال وتطوير الذات
مشرف منتدى مهارات الاتصال وتطوير الذات
راجينى


الوسام الفاضى
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 1763
نقاط : 2061
تاريخ التسجيل : 11/09/2009

 طريق السعادة في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: طريق السعادة في القرآن الكريم    طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2011 11:28 am

 طريق السعادة في القرآن الكريم 953208
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رؤية
قسم الأسرة والطفل- الاشغال الفنيه ,, والأزياء والموض
قسم الأسرة والطفل- الاشغال الفنيه ,, والأزياء والموض



 طريق السعادة في القرآن الكريم 3910
العمر : --
الدولة : مصــر
التوقيع : لا إله إلا الله محمد رسول الله انثى عدد المساهمات : 3071
نقاط : 5514
تاريخ التسجيل : 13/05/2010

 طريق السعادة في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: طريق السعادة في القرآن الكريم    طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالجمعة أبريل 29, 2011 12:43 pm

وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنبت .

جزاك الله خيرا

أخى نبيل

شكرا جزيلا لطرح الرائع والشرح الموفق لمعنى السعادة

جعلها الله فى ميزان حسناتك

 طريق السعادة في القرآن الكريم 899771
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سوارا
مشرفة منتديات الأسرة والمجتمع
مشرفة منتديات الأسرة والمجتمع
سوارا


الدولة : مصر
التوقيع : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم انثى عدد المساهمات : 967
نقاط : 1069
تاريخ التسجيل : 18/05/2010
العمل/الترفيه : الاشغال الفنية
المزاج : الحمدالله
تعاليق : سبحانة الله وبحمده سبحان الله العظيم

 طريق السعادة في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: طريق السعادة في القرآن الكريم    طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالأحد أغسطس 26, 2012 12:21 am

شكرا جزيلا نبيل على لطرح الرائع والشامل

جعلها الله فى ميزان حسناتك

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيل خليل
عضو ذهبى
عضو ذهبى
نبيل خليل


درع التميز
العمر : لحظه وجودى
الدولة : فلسطين
التوقيع : الكلمة الطيبة ذكر عدد المساهمات : 4925
نقاط : 11934
تاريخ التسجيل : 29/12/2010
الموقع : عند الشدائد جبل وفي الفرح ريشة
العمل/الترفيه : أزرع الطيبة و الإحسان بلا امضاء
المزاج : الحمد لله

 طريق السعادة في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: طريق السعادة في القرآن الكريم    طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 26, 2012 7:19 pm

بـارك الله فيــكم
لمروركم ومداخلتكِ القيمة
لتواجدك الطيب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
لمياء1
عضو فضى
عضو فضى
لمياء1


 طريق السعادة في القرآن الكريم Ata10
العمر : 55
الدولة : السعودية
انثى عدد المساهمات : 1154
نقاط : 1272
تاريخ التسجيل : 07/04/2012

 طريق السعادة في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: طريق السعادة في القرآن الكريم    طريق السعادة في القرآن الكريم Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 27, 2012 5:53 am

/fr4
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
طريق السعادة في القرآن الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أول طريق السعادة هو
» همسة من القلب (طريق السعادة)
» فضل حفظ القرآن الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~ :: المنتدى العام :: القسم العام-
انتقل الى: