يحيي ابراهيم يكتب صفحه من مذكرات جدي 8

هذه صفحه جديده من مذكرات جدي العزيز رحمه الله لم انقلها من مذكراته بل سمعتها منه شفاهه في احدي الأمسيات في ذلك الزمن البعيد زمن البال الرايق والقلوب النقيه في جلسه شاعريه بعد حصاد القمح في شهر يونيو والجو خانق حارق حتي في ساعات الليل المتأخرهقلت له يا جدي لن يرطب هذا الجو الا حكاياتك ومغامراتك لا جحرمنا الله منها تناول كوب الشاي الأسود الثقيل من يدي وقال يااااااااااااااااه كانت ايام يا واد سأحكي لك قصه اغرب من الخيال اردفت يا جدي العزيز حكاياتك كلها اغرب من الخيال هيا احكي قال بتؤده وهو يرتشف بقايا كوب الشاي حكايتي هذه بعيدا عن الحرب وميادين القتال التي اعتدت علي سماعها حينما تزوجت جدتك نفوس كانت ليله جميله كما يقال ولا الف ليله وليله رغم بساطتها ليست كأفراح هذه الأيام انتهي العرس ودخلنا مخدعنا وقبل ان اقترب من نفوس نظرت لي نظره كلها رقه وحنان وقالت قبل اي شئ هيا نصلي ثلاث ركعات وندعو الله في هذه الليله المباركه قلت لها ولماذا ثلاث ركعات بالتحديد لما لا تكون اربع او ست او نقضي الليل كله في الصلاه تجاهلت تهكمي وقالت الركعه الأولي شكر لله ان وفقني الي حبك وجمعنا الي الخير والثانيه ان وفقك الله الي حبي وجمعنا علي الخير والركعه الثالثه شكرا لله ان يديم علينا نعم الحب والود صلينا الركعات الثلاث ثم سمعتها نرفع يديها الي السماء وتتمتم اللهم يا ذا الفضل والأحسان لي امنيه واحده ثم استدركت بل ثلاث اماني الأولي ان تجعل جسدي كله قلبا واحدا لا يسع الا حبك وحب زوجي الثانيه ان تجعل جسدي كله عينا واحده تتفكر في ملكوتك ولا تري الا نوزر وجهك الذي اشرقت به الظلمات ولا تري الا عين محبوبي وزوجي عبدك هذا الثالثه ان تجعل جسدي كله اذنا واحده لا تسمع الا نور كلماتك وسنه نبيك ولا تسمع الا صوت هذا الرجل الذي صار لي زوجا وابا واما ثم اغرورقت عيناها بالدموع فلم اتمالك نفسي امام هذا العشق الطاغي وسالت الدموع في ليله الفرح قلت لجدي اكانت تحبك هذا الحب قال واكثر وانا كنت اتعشقها يا ولدي مرت ايام وشهور عديده وانا انتظر اليوم الموعود الذي اسمع فيه صوت طفل يملاء حياتي بشرا وسرورا تمر ايام وشهور ولا حس ولا خبر طرقنا ابواب جميع الأطباء وتناولنا جميع الوصفات ولا فائده جميع الأطباء كان ردهم واحد لا عيب لديك ولا لديها الحكايه مسأله وقت ثلاث اعوام ولا نتيجه وفي احدي الأمسيات قالت لي نفوس ما لي اراك حزينا مهموما قلت لها اريد ان اسعدك بطفل يكون فره عين لي ولك قالت نفوس انا لا اريد الا انت انت طفلي الصغير وزوجي الكبير وابي وامي وانت كل ما لي في هذه الدنيا قلت لها وانا كسير النفس لقد طرقنا كل الأبواب ولا فائده قالت نفوس طرقت ابواب كل الأطباء وتركت بابا واحدا لم تطرقه نظرت اليها بلهفه هل تعرفين طبيبا جيدا قالت طبيبا يشفي كل العلل والأسقام طبيبا لا يغفل عن مريضه طرفه عين طبيبا لا تدركه الابصار وهو يدرك الأبصار ولما رأت حيرتي قالت يا محمد اطرق باب الله الحج يا محمد لا تحرم نفسك زتحرمني من هذا الباب قلت لها انتي سيده مباركه اليوم اعلنت القوات المسلحه عن رحله حج للأفراد واسرهم قالت اذن استجاب الله دعائي ايام قلائل وتم تجهيز الأوراق وكنا في فرح وسرور حتي يوم التصريره نظرت الي جدي متسائلا تصريره ازاي قهقه حتي بانت اسنانه بيضاء لامعه بعد كل هذا العمر لم تخلع ضرسا ولا سنه المهم قال جدي التصريره هي ايها الجاهل تقليد قديم كان يتم ليله سفر الحجيج يأتي الأهل والأحباب والأقارب ويقدمون التهاني والنقوط ويشربون القرفه والزنجبيل المهم مرت الليله علي خير ما يرام وسافرنا بالطائره ووصلنا الي الأراضي الحجازيه المقدسه لعلمك يا واد انا سافرت بعدها ست مرات مع نفوس ومره واحده بعد وفاتها في احدي الليالي وكنت في مسجد رسول الله اذ اخذتني سنه من النوم رايت عجبا رايت في محراب المسجد رجلا يشع النور من امامه ومن خلفه لم اري في حياتي وجها وضيئا كهذا الوجه شيئا ما في نفسي قال هذا محمد هذا رسول الله جريت الي المحراب وانا كلي شوق لرؤيه النور وانا اتحرق لرؤيه حبيبي وقره عيني اقتربت منه وجدت وجهه باسما ضاحكا لم يتكلم مد يده واعطاني رغيف خبز وثلاث تمرات
محمد محمد صحوت من نومي لأجد نفوس امامي وجهها يتهلل بشرا قالت وقلبها يكاد يقفز من بين ضلوعها لقد رأيته وكلمته قلت من يا نفوس قالت رايت حبيبي رسول الله قلت وهل اعطاكي مثل ما اعطاني نظرت الي مشدوهه وقالت وهل اعطاك قلت مثل ما اعطاك وذرفت عيوننا انهار من الدماء ثم بعد فتره قالت نفوس هذا هو الطبيب الذي لم نطرق بابه ثم وضعت يدها في جيبها واخرجت تمرتان قلت لها من اين قالت من حبيبي الف الف تساؤل هذا التمر كان في رؤيه مناميه ولكن من رأني فقد رأني هكذا قال الصادق المصدوق ولكن هل هناك خيط بين عالم الأحلام والحقيقه قالت نفوس متهلله هل عرفت مغزي الثلاث تمرات قلت لا قالت ثلاث صبيه وفتاه هززت راسي دلاله عدم الفهم قالت نفوس سألد ثلاث ذكور وبنت
قلت لجدي وهل ولدت جدتي نفوس قهقه جدي ملئ شدقيه وقال يا لك من مغفل ان لم تلد نفوس فمن اين اتيت انت واعمامك وابوك الحقيقه تملكني خجل عارم اخرجني جدي منه قائلا هذه الرحله للحج كانت اجمل رحلات حياتي لقد حججت سبع حجات مع نفوس وحجه بعد وفاتها قلت لجدي استحث اياه علي مواصله الحديث والحج محمد السمدوني قال جدي ياااااااااااااه ايام يا ولدي كان السمدوني صديق وزميل ولكنه كان غليظ القلب متجمد المشاعر كان دائما يقسو علي الجنود لا شفقه ولا رحمه حتي حدثت تلك الحادثه امامنا لعلها دعوه احد الجنود المظلومين كنا في الميس نتناول طعام الغداء وكان قد ارسل احد الجنود للكانتين لشراء علبه تبغ وتأخر الجندي في الحضور قابله السمندني بوابل من الصياح ولطمه لطمه علي وجهه اطارت الشرر من عينيه لم يرد الجندي الا برفع يديه للسماء لحظات وانصرف الجندي وحاولت ان اقوم للسمدوني اعنفه علي ظلمه للجندي الا انا حادثا رهيبا جمدنا في اماكننا رايت وجه السمدوني يتلون بالف لون ويمد يده نحو عنقه وكأن هناك يدا خفيه هلاميه تحاول خنقه ازرق وجه السمدوني حتي حاكي وجوه الموتي وفي لحظه وجميعنا ننظر اليه وهو يصرخ صراخا يفتت الأكباد والجندي المضروب يجلس هادئا مستكينا ثم حدث شئ رهيب رهيب فعلا الأرض تحت مقعد السمدوني في البقعه التي يجلس فيها تماما انشقت قلت لجدي كيف قال لا تسأل كيف هكذا حدث ابتلعت تلك الأرض السمدوني بالمقعد الذي يجلس عليه الجمتنا المفاجأه لحظات وافقنا ذهبنا مسرعين الي حيث يجلس وجدنا الأرض علي حالها عادت كما هي كأنما لم يكن هناك زلزالا زلزلها منذ لحظات اين ذهب كيف عادت الأرض مره اخري لا احد يدري بعد ثلاث ايام وجد السمدوني وجدته احدي فرق الأستطلاع يصارع الموت جوعا وعطشا انقذته الفرقه وعادت به الي الكتيبه لكن عقله كان قد ذهب الي غير رجعه بعد ثلاث سنوات رايته في احدي زياراتي للحسين كان قد تدروش والعجيب انه عرفني لم يكن مجنونا بل كان درويشا او حقيقه لا ادري وصفا اليق بحالته المهم قال لي انه يود زياره قبر الرسول فذنوبه كثار ولكن لا احد يسمع له الي ان رايته في حجتي تلك كانت نفوس تعرف قصته وكانت تعرفه شخصيا ذهلنا عندما رايناه يطوف كان ذاهلا يبكي كأم فقدت وحيدها ويتعلق بأستار الكعبه تقدمت نفوس منه بعد ان استعارت مقصا من احد الحجيج وقصت طرفا من جلبابه في وسط ذهولي من فعلتها وذهولي الأكبر كيف سافر بلا جواز سفر بلا مال بلا اوراق المهم فكرنا كثيرا حتي اعيانا الأمر عدنا من الحج وبعد اسبوع قالت لي نفوس اشتاق لزياره الحسين ذهبنا الي الحسين ها هو السمدوني جالس مكانه لا يبرحه في المقصوره تقدمت منه نفوس واعطت له بعض الطعام اصبح اكثر نحولا وشفافيه وصوفيه اخرجت نفوس قطعه قماش قلت في نفسي يا الله ما هذا هي نفس القطعه التي قطعتها نفوس من جلباب السمدوني
توجهت الي شيخ المسجد اسأله عن السمدوني قال انه راجل بركه لا يدري ما اصابه منذ سنوات لم يغادر المسجد قلت الم يحج هذا العام قال لي الشيخ متعجبا كيف يحج في حالته هذه هنا سقطت راس جدي علي صدره وسمعت غطيطه وتركني اضرب اخماس في اسداس هل سافر السمدوني هل اصدق روايته تلك هل تصدقونها انتم الي اللقاء في صفحه جديده من مذكرات جدي العجيبه الغريبه

سبحان الله وبحمده ولله طرائق بعدد أنفاس

الخلائق وكله شغل الله والله شغل عجيب