قد يكون خلف الصوت الرقراق للشيخ عبد الله عواد الجهني، إمام المسجد
الحرام، قصص متعددة وسرد طويل من التدرج القرائي والزمني، لرجل قال عنه كثر
بأنه أعطي مزمارا من مزامير آل داود. فلم يدر بخلد الشيخ عبد الله
الجهني، ذي السادسة عشرة ربيعا، الذي ذهب للمشاركة في إحدى مسابقات القرآن
الكريم بمكة المكرمة، أن يعود إليها في غضون ستة عشر عاما، إماما للمسجد
الحرام بأعداده المليونية، إذ كان حسن الطالع لديه كبيرا، حين وقع عليه
الاختيار بأمر من المقام السامي. الشيخ الجهني الذي عرف ببراعة اللغة
وجمالية الصوت، يكاد بصوته الذي يتنفس إيمانا وتضرعا، أن ينقل المسلمين
عامة في أرجاء المعمورة، نحو مساحات بعيدة من الخشية والإيمان وعظيم
التدبر، بل وينقل المتتبع إلى مساحة أرحب نحو عظيم الاستلانة حتى ليكاد
المصلون أن يطالبوه بالاستمرارية والكف عن الركوع. وبقدر ذلك الحضور
الوهاج، لشيخ في العقد الثالث من عمره، ما انفك في تداول القراءة مع كبار
قراء العالم الإسلامي، كالشيخ عبد الرحمن السديس، والشيخ ماهر المعيقلي،
مبرهنا أنه جدير بهذه المرحلة، والإمامة في المسجد الحرام.
الشيخ عبد الله أصغر إخوته، وإخوانه الذكور ثلاثة هم عايد ولافي ومحمد،
وله أختان، من مواليد المدينة المنورة، متزوج ولديه ولدان محمد وعبد
العزيز، وابنتان، حفظ القرآن صغيرا، ذلك لحرص والديه واهتمامهما والمتابعة
الدائمة له، وقبل كل هذا التوفيق من الله، فقد كان يذهب للتحفيظ في مسجد
الأشراف بالحرة الغربية بالمدينة المنورة.
درس الشيخ الجهني الجامعة، بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية، في
المدينة المنورة، وتخرج في الجامعة الإسلامية - دراسات قرآنية، وحين تخرج
أصبح معيدا في كلية إعداد المعلمين بالمدينة، وبعدها ذهب لإكمال دراسة
الماجستير بمكة المكرمة، وهو الآن طالب دراسات عليا في جامعة أم القرى،
وكان قد شارك وعمره 16 سنة في مسابقة لحفظة كتاب الله بمكة المكرمة، وحصل
على المركز الأول مكرر، أي إنه عاد إليها بعد 16 عاما إماما للمسجد الحرام.
أمّ الجهني المسلمين في مسجد القبلتين، لينتقل بعدها إماما للحرم النبوي
الشريف لمدة سنتين متتاليتين وكان عمره آنذاك واحدا وعشرين عاما.
عين عضو هيئة تدريس في كلية المعلمين بالمدينة النبوية، وأمّ المسلمين
بعد ذلك في مسجد قباء لمدة أربع سنوات، وصدر له بعد ذلك تكليف من المقام
السامي الكريم بإمامة المسلمين في المسجد الحرام بمكة المكرمة في صلاة
التراويح لعامي 2006-2007، وما زال إماما له إلى الوقت الراهن.
وحصل الشيخ الجهني على إجازة العديد من علماء القراءات المعروفين على
مستوى العالم وامتدحوا قراءته، كأمثال الشيخ الزيات، رحمه الله، والشيخ
إبراهيم الأخضر القيم شيخ القراء في المسجد النبوي الشريف، والدكتور علي
الحذيفي إمام المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة.
ويتمتع الشيخ عبد الله بالصوت الجميل والقراءة المتقنة والمجودة مع
امتلاكه جوهرة الصوت، ويعتبر الوحيد الذي أكرمه الله بإمامة أكبر المساجد
من ناحية مكانتها للمسلمين وهي المسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف،
ومسجد قباء، ومسجد القبلتين.