جعلوا لها يوما نكرمها فيه فاتفقوا حوله واختلفوا بين مؤيد ومعارض
وفى الحق ان كل ايامنا لا تكفى تكريما لها وردا لبعض حقها علينا
لاقت فى حملها بنا ما لاقت ،وذاقت من آلام الولادة ما ذاقت ،والعجب انها تقبلت ذلك
سعيدة راضية ،وظلت ترعانا وتكلأنا بعنايتها ساهرة بجوارنا
حتى يشتد عودنا يوما بعد يوم ،ومهما كبرنا نظل فى عيونها الرحيمة اطفالا صغارا
فلا تستغرب وانت فى شرخ الشباب اذا كنت نائما ووجدت يدا تمتد اليك لتغطيك بعدما
انكشف الغطاء عنك ،انها امك ،ذلك القلب الرحيم الذى لن يكف عن رعايتك على مر
الايام ،وآه ثم آه اذا وقعت مريضا ،لوجدت الحنان و الرحمة تنساب من قلبها وهى
ساهرة بجوارك تدعو لك بالصحة والعافية .
رفع القرآن الكريم ذكرها وعظم حقها ،ووضعتها السنة النبوية بمنزلة لا تدرك
وحكى لنا التاريخ فضل برها وبركة دعاءها كذلك عاقبة عقوقها ومخالفتها ،وسنكتفى
بشاهدين على فضل دعاءها وشاهدين على عقوبة مخالفتها وعقوقها من صفحات التاريخ
قيل ان موسى بن عمران عليه السلام سأل ربه ان يدله على رفيقه فى الجنة فدله الله
عليه ،ولما عرفه موسى سـاله عن عمله فلم يجد له عظيم عمل غير ان له ام وهى
تدعو الله له كل يوم بدعوة واحدة وتقول اللهم اجعل ابنى مع موسى بن عمران فى
الجنة ،فتقبل الله دعاءها لابنها بفضل بره لها ولم يدخل الجنة فحسب بل اصبح رفيقا
لكليم الله موسى عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام .
ومن الامة المحمدية ،يصف النبى صلوات الله وسلامه عليه لأصحابه رجلا من التابعين
ويحدد النبى بانه من اليمن وانه اصابه البرص فدعا الله فشفاه ولم يبق منه الا مثل
الدرهم وانه بار بامه ،ثم التفت النبى الى عمر قائلا :ان استطعت ان تجعله يستغفر الله
لك فافعل ،ذلك اويس القرنى من افضل التابعين ،افرد له الامام مسلم فى صحيحه بابا
فى فضائل اويس القرى ،وما نال ما نال الا ببره بأمه ،
واترككم مع الاستاذة نبيلة لتروى لنا عاقبة عقوق الام من قصص التاريخ :
اما عقوقها فإن الله استجاب دعاءها على ابنها العابد الناسك جريج وقد فضل صلاته
على اجابتها حين نادت عليه،فقالت اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات .فكان ما
قالت ،قال اهل العلم ولو انها دعت عليه ان يفتنه الله لفتنه . وكذلك الصحابى الجليل علقمة لم يستطع النطق بالشهادتين حتى رضيت عنه امه بعد
تهديد النبى باحراقه ان لم ترض عنه .فما بالنا اليوم وكيف حالنا مع امهاتنا ،ولا انسى قصة قراتها منذ سنين عن قاضى كان
يترأس احدى الجلسات ،ووقفت امامه ام طاعنة فى السن لا تملك ما تدفعه لمحامى
ليدافع عنها ،وقالت يا سيدى القاضى ابنى هذا مات ابوه وتركه صغيرا فأنفقت عمرى
عليه ولما كبر تزوج والقى بى فى الشارع ارضاءا لزوجته ولم تتم الام كلماتها حتى
سقطت ميتة بقاعة المحكمة التى استدعت لها طبيب حاول انقاذها دون جدوى ، وهنا
بكى القاضى واختنق صوته بالدموع وقال لولدها :لولا اننى محكوم بقانون لأمرت
بإعدامك فى ميدان عام ,
اللهم ارحم امهاتنا واجزهم عنا خير الجزاء