..................
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
حري بالأمة أن تتيه حباً فى سيد الخلق وحبيب الحق صل الله عليه وآله وسلم ، وتعجز الكلمات عن التعبير وكيف لا ، فمن نحن لندعى هوى الحبيب صل الله عليه وآله وسلم بعد أن هواه رب العزة سبحانه وتعالى
قالت أم المؤمنين أمنا الطاهرة الصديقة السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها وأرضاها { {مـــــــــــــــــاأرى ربك إلايسارع فى هــــــــــواك }
رواه البخارى (1/14 ) ومسلم (1/66)
وأقسم رب العزة سبحانه وتعالى بحياته ولم يكن ذلك إلا له صل الله عليه وآله وسلم{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } سورة الحجر72
ولم يقسم رب العزة سبحانه وتعالى بحياة نبي غيره صل الله عليه وآله وسلم روحي له فداء
في قوله لعمرك،
ومعنى لعمر: قسم بحياته العطرة عليه وآله أفضل الصلاة والسلام
بمعني
وبقائك يامحمد صل الله عليه وآله وسلم
أو وعيشك يامحمد صل الله عليه وآله وسلم
وهذا نهاية التعظيم وغاية البر والتشريف
وقال سيدنا عبدالله ابن عباس رضى الله عنهما :
{ ماخلق الله تعالى وماذراء ومابراء نفساً أكرم عليه من محمد صل الله عليه وآله وسلم ، وما سمعت الله تعالى أقسم بحياة أحد غيره }
رواه إبن جرير 14/44 من طريقين عنه أحدهما سنده صحيح ، وإبن أبى حاتم فى تفسيره (7/2269) رقم 12420 ، وأبو يعلى فى مسنده (5/139) رقم 2754 وابو نعيم فى الدلائل برقم 32 ، والبيهقى (5/448) وغيرهم
وورد أيضا عن سيدنا عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال: إن الله إتخذ إبراهيم خليلا ، وإن صاحبكم خليل الله ، وإن محمداً ( صل الله عليه وآله وسلم ) أكــــرم الخلق على الله ثم قراء { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا } [ الإسراء: 79]
رواه إبن أبى شيبه فى المصنف (11/455) والبيهقى فى الدلائل (5/484- 485) ،وفيه المسعودى يقال : إختلط بآخره
وعن بشر شغاف قال كنا جلوس مع عبدالله بن سلام يوم الجمعه ، فقال : إن أعظم أيام الدنيا يوم الجمعه ، فيه خلق آدم ، وفيه تقوم الساعة ، وإن أكرم خليقة على الله أبو القاسم ( صل الله عليه وآله وسلم )
قلت رحمك الله فأين الملائكة ؟
قال : فنظر إلى وضحك
فقال : يا ابن أخىوهل تدرى ماالملائكة ؟
إنما الملائكة خلق كخلق الأرض وخلق السماء وخلق السحاب وخلق الجبال ، وخلق الرياح وسائر الخلائق ، وإن أكرم الخلائق على الله أبو القاسم ( صل الله عليه وآله وسلم )
رواه الحافظ أسد بن موسى فى الزهد (38) والبيهقى فى الدلائل ( 5/485-486) بإسناد رجاله كلهم ثقات
وإتفق أهل التفسير فى هذا أنه قسم من الله جل جلاله
بحياة حبيبنا وسيدنا ومولانا محمد صل الله عليه وآله وسلم
وكذا نقل القاضى أبو بكر فى أحكام القرآن فقال : قال المفسرون بأجمعهم أقسم الله تعالى ههنا بحياة سيدنا محمد صل الله عليه وآله وسلم وتبعه القرطبى على ذلك
هذا هو سيد الخلق وحبيب الحق صل الله عليه وآله وسلم
ومن ضمن خصائصه روحي له الفداء مناداة رب العزة سبحانه وتعالى لأنبيائه صلوات ربي وتسليماته عليهم بأسمائهم
{ يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } [البقرة:35]
{ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا } [هود:48]
{ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ } [الأعراف:144]
{يا إبراهيم * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا } [الصافات:104-105]
{ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ }[المائدة:110]
أما سيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وآله وسلم فلم يناده رب العزة سبحانه وتعالى ولامرة ب ( يامحمد))
ولكن خاطبه وناداه بالنبوة والرساله زياده فى تشريفه صل الله عليه وآله وسلم
فقال عزمن قائل فى محكم التنزيل
{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ } [المائدة:41]
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } [الأنفال:64]
وخطاب رب العزة سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم كان بمقام النبوة والرسالة ، أما عند ذكر إسم المصطفي العدنان صل الله عليه وآله وسلم فى محكم التنزيل ،
قرنه رب العزة سبحانه وتعالى بالنبوة والرسالة أيضاً
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ } [الفتح:29]
{وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ }[محمد:2]
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} [آل عمران:144]
ومن المعلوم أن رب العزة سبحانه وتعالى نهي المؤمنين أن يخاطبوه صل الله عليه وآله وسلم بإسمه ولم يكن هذا لنبى قبله صل الله عليه وآله وسلم
{ لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً } [النور:63]
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: أمرهم الله ان يدعوه: يا رسول الله. في لين وتواضع ولا يقولوا: يا محمد. في تجهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: أمر الله أن يهاب نبيه، وأن يبجل، وأن يعظم، وأن يفخم، وأن يسود
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال: لا تقولوا يا محمد. ولكن قولوا يا رسول الله.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير والحسن. مثله. أى لاتقولوا يامحمد ولكن قولوا يارسول الله
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله { لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً } يعني كدعاء أحدكم إذا دعا أخاه باسمه، ولكن وقروه، وعظموه، وقولوا له: يا رسول الله. ويا نبي الله.
وأخرج عبد الغني بن سعيد في تفسيره وأبو نعيم في تفسيره عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله { لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً }
يريد ولا تصيحوا به من بعيد: يا أبا القاسم.
ولكن كما قال الله في الحجرات { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } [الحجرات: الآية 3].
وقال مقاتل في قوله { لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً }
يقول: لا تسموه إذا دعوتموه يا محمد ولا تقولوا يا ابن عبد الله, ولكن شرفوه فقولوا: يا نبي الله يا رسول الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: أمرهم الله ان يدعوه: يا رسول الله. في لين وتواضع ولا يقولوا: يا محمد ( صل الله عليه وآله وسلم ). في تجهم.
وقال مالك عن زيد بن أسلم في قوله { لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً }
قال: أمرهم الله أن يشرفوه, هذا قول, وهو الظاهر من السياق, كقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ البقرة : 104]
وقوله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ( 3 ) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ( 4 ) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ( 5 ) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }[ سورة الحجرات : 2-5]
فهذا كله من باب الأدب في مخاطبة النبي صل الله عليه وآله وسلم والكلام معه وعنده كما أمروا بتقديم الصدقة قبل مناجاته.
والقول الثاني في ذلك أن المعنى في { لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً } أي لا تعتقدوا أن دعاءه على غيره كدعاء غيره, فإن دعاءه مستجاب فاحذروا أن يدعو عليكم فتهلكوا, حكاه ابن أبي حاتم عن ابن عباس والحسن البصري وعطية العوفي.
بينما بنو إسرائيل:{ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف:138]
{إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ } [المائدة:112]
{ قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } [ هود :32]