صفحة من مذكرات جدي /3

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
وما زلت انبش وافتش في مذكرات جدي العزيز
لعلي اجد فيها ما يستحق النشر والحقيقة انها كلها تستحق النشر
ولكن هناك صفحات تجاوزت حدود المعقول والمألوف
حيث ان حياته في الجيش كانت في احلك فترات مصر
حيث حرب 67 وحرب الأستنزاف
وما زلت اؤكد ان هذة المذكرات رغم غرابتها الا انني اصدق كل حرف منها
والأن اترككم مع جدي ومذكراتة بدون تعليق او تعقيب
هذة الصفحة من مالمذكرات اكتبها لكم وانا في كامل قواي العقلية
رغم ما فيها من غرابة ولكنها هذة هي الحياة
كنا في حرب الأستنزاف حيث اصوات القنابل والبارود
وجثث القتلي من جيش العدو الصهيوني
والشهداء من جانب جنودنا البواسل
محمد محمد ابراهيم الحوفي جندي مجند من قريتي
شاعر اديب رغم صغر سنة الا انك تلمح فية لمحات نورانية
رغم كرهه الشديد للقتل والدماء الا انني وجدته يقتل اكتر من سبعة جنود بيدية تارة وبالسونكي تارة
معتبرا ان هذا جهادا مقدسا ضد عدو محتل غاصب
محمد الحوفي شاب في العقد الثاني من عمرة
رصاصتة لا تخيب قنبلتة لا يمكن ان تخطئ سبيلها ابدا
يستطيع ان يصيب الطائر علي بعد مئات الأمتار
كان صديقي الأثير المفضل كان شيخ مسجد الكتيبه
ذات يوم اصابتة طلقة غادرة ولكنها لم تكن قاتلة
كنت اقرب الناس الية
وفي سيارة عسكرية اخذته ونزلنا الي قريتنا الصغيرة
وهو يحمل نيشان الواجب والوطنية والفداء
اخذت اجازة 96 ساعة اربعة ايام تنتهي الساعة 1200 يوم 3/11/1972 اتذكر التاريخ باليوم والساعة
كما اتذكر وجهه الحبيب الصافي الجميل
وقبل انتهاء اجازتي ب 24 ساعة سمعت عويل وصويت
صادر من بيت الحوفي خرجت بمنامتي اذ كانت الساعة قاربت علي منتصف الليل وجدت محمد يصارع الموت ويلتقط انفاسة الأخيرة بصعوبة بالغة
دقائق قليلة وفاضت روحة الي بارئها راضية مرضية
لقد اسلم الشهيد روحة الي ربة بعد ان ادي واجبة علي الوجه الاكمل
ياااااااااااااااااااة يا محمد خرجت من صدري مريرة طويلة حزينة
ها هو رفيق اخر يغادر الدنيا
وما ادهشني انه قبل وفاتة رفع وجهه الي السماء وعدل من وضع جسدة تجاة القبلة ونطق الشهادتين
نظرت الي وجهه رايتة يبتسم
والله رايتة يبتسم ابتسامة جميلة عريضة
وفي الصباح وقفت علي قبرة وشيعتة الي مثواة الأخير
المهم انتهت اجازتي ولم استطع ان انهي اجرأت شهادة الوفاة
ذهبت الي الكتيبة
كانت اقصي لحظات حياتي حاولت ان ابدو متماسكا ولا ادري ما الذي جعلني لا اخبر قيادتي بوفاة الشهيد الحوفي والغريب ان احد لم يسألني عما وصلت الية حالتة
مر اسبوع علي وفاة الحوفي حاولت ان اتناسي في زخم
العمليات والقتال وفي اليوم الثامن واثناء احد الطوابير
وانا اعطي التمام للضابط الأعلي
وجدتة امامي
محمد محمد ابراهيم الحوفي هو بشحمة ولحمة
لم اصدق عيناي فركت عيني عدت مرات ونسيت الطابور
والدنيا كلها
حا الصول القوة تمام صوت الضابط الأعلي ويبدو انها ليست المرة الاولي التي يطلق فيها صراخة في وجهي
تمتمت بدون وعي تمام يا افندم مرضي لا يكن
شهداء لا يكن غياب لا يكن
هل هو الحوفي لا يمكن
انصرف الطابور ولمحت في عينية نظرة ساخرة شا مته
هو هو نفسة الحوفي نفس القسمات نفس السمات
نفس الطول ولكن ليس نفس النظرات
هذة نظرات متحدية شامتة
ساخطة
انصرف الطابور ومادت الأرض تحت قدمي
حملني الجنود الي الملجاء وانا اعني اقصي درجات الأرهاق العصبي اكاد اجن انا بالفعل علي حافة الجنون
في الصباح توجهت الي قائد الكتيبة ممتقع الوجة
مصاب بما يشبة الأنهيار العصبي
نظر الي الرجل قائلا
مالك يا حا الصول
جعلت اهلوس
مش هوة يا فندم
هو مين
قلت الحوفي الحوفي مات
نظر الي القائد قائلا انا لا اعلم عنك انك تتمارض با انت افضل صف ضابط في الكتيبة كلها
اعلم انك تعاني من شئ رهيب سوف اعطيك اجازة 72 ساعة
ثلاثة ايام فقط علي ان تعود كما كنت
انا اعلم انك عائد من اجازة قريبا
هذة الأجازة علي مسؤليتي الشخصية
كنت اتوق لهذة الأجازة كي افهم حتي لو كانت نصف يوم

ضربت قدمي بألارض واديت التحية العسكرية
واسرعت انهب الأرض للعودة الي قريتي
لم اذهب الي بيتي
ذهبت الي بيت محمد
قابلت امة
بادرتها قائلا محمد فين
قالت انت تعلم انة تحت التراب
محمد ميت يا حا الصول
قلت لها ولكني رايتة في الكتيبة
لمحت في عينيها لمحة ساخرة
وقالت ربنا يلطف يبقي حي
خرجت من بيتها وانا اشد حيرة من دخولة
كنت قد اتخذت قرارا جنونيا
عطفت علي احد اقاربي واخذت فأسا كان الليل قد ارخي سدولة
توجهت الي المقابر فتحت مقبرة محمد وجدتة ممدا امامي كما وسدتة التراب قد يقول البعض ان هذا عمل غير اخلاقي
وقد يقول البعض الأخر هذا جنون
وقد يقول البعض ان هذا انتهاك لحرمة الموتي
وقتها كنت ادرك كل ذلك لكني كنت اريد ان اتأكد
فعلا سأجن مات او حي لا استطيع ان ادرك الحقيقة
عدت الي منزلي وفي الصباح عدت الي الكتيبة لم انهي اجازتي
لا استطيع ان اصف لكم شعوري من كثرة الأرهاق والأنهاك نمت في القطار
رايتة اي نعم رايتة قلت لة انت محمد من الأخر انا ادرك انه ليس انت
كان صوتة يأتي من بعيد قال لي عبارة واحدة
النار تأكل بعضها اذ لم تجد ما تأكلة
عبارة جعلتني انتفض من نومي وصوت محمد يكررها وينخفض صوتة تدريجيا كأنة ات من جب بعيد
قمت وانا اردد
النار تأكل بعضها اذ لم تجد ما تأكلة
وصلت الكتيبة وقت الظهيرة استغرب القائد من سرعة عودتي ومن تبلبل افكاري وشحوب لوني لكنة لم يعلق
ذهبت الي الملجاء وجاء الغداء ولكن نفسي تعافة منذ يومين لم يدخل جوفي طعام
وانا اخلع ملابس سمعت صريخ قادما من ناحية الحمامات
خرجت مسرعا كان الجنود يقفون مبهوتين ورائحة شواء
لحم بشري تخرج من الحمام
اقتحمنا الحمام
لم نجد الا اثار لكومة كبيرة من الرماد وزوج من الأحذية الميري
انقلب المعسكر راسا علي عقب
ما ذا حدث
جاء خبراء الحرب البيولوجية
من كان بالحمام
قالوا محمد الحوفي شفي من اصابتة وعاد ليحترق
قلت بدون وعي
(احتراق ذاتي)
انة ليس محمد
انه انه انه
لم استطع ان اكمل قال خبير الحرب البيولوجية
ان الحرارة المنبعثة والتي ادت للحريق ما بين 2500 الي 3000 درجة مئوية
ولكن كيف واي درجة حرارة تلك ولا يوجد اي مصدر للأشتعال
واي حرارة تلك التي تحول الجسد الي رماد في ثواني
ظللت اقول اشتعال ذاتي
لم يأبة احد لما اقول
تذكرت حلم القطار
تذكرت المقولة النار تأكل بعضها اذ لم تجد ما تأكلة
نعم هناك ما يسمي الأشتعال الذاتي
هذة حقيقة علمية مؤكدة لم يلقي احد لكلامي بالا
الأن عرفت نصف الحقيقة انه ليس محمد
اذن من هو
في الأجازة عدت الي قريتي وجدت مرسال من والدة محمد
ذهبت علي الفور
قابلتني بوجة ممتقع قالت لي الأن اقول لك الحقيقه واريح بالك
انت تعلم انني متزوجة من محمد ابراهيم الحوفي
قلت نعم ادرك ذلك وهو رجل ذو منصب ومال وجاة وتقوي وورع
قالت ارجوك لا تقاطعني حتي انتهي
وبدأت تسرد الحكاية
لقد كانت تعمل في القصر عند والد محمد خادمة
ولكنة لم يكن يعتبرها كذلك كان يعتبرها احد افراد الأسرة
ولكن كان لدية ولدق عاق فاسق غلبها علي امرها
حتي حملت رغما عنها بولد
وعندما علم الأب وعلم ممانعتها وشرفها ثار ثورة عارمة
وطردة في المنزل وتوزجها الأب ولكنة لم يقربها حتي تضع حملها
لقد تزوجها منعا للفضيحه
ايام قلائل ووضعت ولدها
ولكن الولد في سرية تامة ارسلت الي احدي شقيقاتها بالمركز
واوصتها بكتمان السر واغدقت عليها بالأموال
مرت ايام عدة وقامت مشاجرة قتل فيها الأبن الفاسق
وعاش الزوجان في عيشة هنية
ولم ينسي الأب الابن الأخر الذي خرج نسخة كامة من اخية محمد
شئ فعلا عجيب ومثير
قاطعتها قائلا
والذي شاهدتة في الكتيبة الأخ الاخر هزت راسها مؤمنة علي كلامي
قلت وما الذي دفعك الي ذلك وارسالة مكان اخية
قالت لا انكر انه كان ولدا عاصيا كأبية
ولكنة ابني
ولقد خفت علي ثروة ابية
ففعلت ما فعلت
قلت لها واحترق بنار حقدة وغلة
الأن ارتحت ووصلت الي الحقيقة
هذة الصفحة قد تبدو عجيبة وانا لا اطلب من احد ان يصدقها يكفي انها حدثت امامي وكم في الدنيا حوادث اغرب من الخيال
انتهت عند هذة الكلمات هذة الصفحة من مذكرات جدي علي وعد بصفحة جديدة ان شا الله

شكرا جزيلا نبيلة الف شكر شباب ورد الجناين مروركم الكريم
نيشان علي صدري وتاج علي راسي
دمتم بالف الف خير

يعطيك الف الف عافيه
موضوع رااائع
وجهود أروع