الأعمال والميزان وعذاب النار
يا أخى لا تغفل عن الفكر فى الميزان ، وتطاير الكتب إلى الأيمان والشمائل فإن الناس بعد السؤال ثلاث فرق .
فرقة ليس لهم حسنة ، فيخرج من النار عنق أسود فيلقطهم لقط الطير الحب وينطوى عليهم ويلقيهم فى النار، فتبتلعهم النار ، وينادى عليهم : شقاوة لا سعادة بعدها .
وقسم آخر لا سيئة لهم ، فينادى مناد : ليقم الحمادون لله على كل حال فيقومون ويسرحون إلى الجنة، ثم يفعل ذلك بأهل قيام الليل ، ثم بمن لم تشغله تجارة الدنيا ولا بيعها عن ذكر الله تعالى ، وينادى عليهم : سعادة لا شقاوة بعدها .
ويبقى قسم ثالث وهم الأكثرون ، خلطوا عملا صالحاً وآخر سيئاً ، وقد يخفى عليهم ، ولا يخفى على الله تعالى ، أن الغالب حسناتهم أو سيئاتهم ولكن يأبى الله أن يعرفهم ذلك ليبين فضله عند العفو ، وعدله عند العقاب فتتطاير الصحف ، والكتب منطوية على الحسنات والسيئات ، وينصب الميزان ، وتشخص الأبصار إلى الكتب ، أتقع فى اليمين أو فى الشمال ؟ ثم إلى لسان الميزان ، أيميل إلى جانب السيئات ، أو إلى جانب الحسنات ؟ وهذه حالة هائلة ، تطيش فيها عقول الخلائق . ( ص 149: 150)
قال على كرم الله وجهه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " " تعوذوا بالله من جب الحزن ، أو وادى الحزن . قيل : يا رسول الله ! وما وادى أو جب الحزن ؟ قال : واد فى جهنم تتعوذ منه جهنم كل يوم سبعين مرة ، أعدة الله تعالى للقراء المرائين .
فهذه سعة جهنم ، وانشعاب أوديتها ، وهى بحسب عدد أودية الدنيا وشهواتها ، وعدد ابوابها بعدد الأعضاء السبعة التى بها يعصى العبد ،بعضها فوق بعض ، الأعلى جهنم ، ثم سقر ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ثم الجحيم ، ثم الهاوية .
فانظر الآن فى عمق الهاوية ، فإنه لا حد لعمقها ، كما لا حد لعمق شهوات الدنيا ، فكما لا ينتهى أرب من الدنيا إلا إلى أرب أعظم منه ، فلا تنتهى هاوية من جهنم إلا إلى هاوية أعمق منها. ( ص152 )
قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " إن أدنى أهل النار عذاباً يوم القيامة رجل ينتعل بنعلين من نار يغلى دماغه من حرارة نعليه .
( ص
قال رسوال الله " صلى الله عليه وسلم " إن فى النار لحيات مثل أعناق البخت ، يلسعن اللسعة فيجد حموتها أربعين خريفاً ، وإن فيها لعقارب كالبغال الموكفة ، يلسعن اللسعة فيجد حموتها أربعين خريفاً .
وهذة الحيات والعقارب إنما تسلط على من سلط عليه فى الدنيا البخل وسوء الخلق ، وإيذاء الناس . ومن وقى ذلك وقى هذة الحيات ، فلم تمثل له ثم تفكر بعد هذا كله فى تعظيم أجسام أهل النار ، فإن الله تعالى يزيد فى أجسامهم طولاً وعرضاً ، حتى يتزايد عذابهم بسببه ، فيحسون بلفح النار ولدغ العقارب والحيات من جميع أجزائها دفعة واحدة على التوالى .
وقال أنس : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " يرسل على أهل النار البكاء ، فيبكون حتى تنقطع الدموع ، ثم يبكون الدم حتى يرى فى وجوههم كهيئة الآخدود ، لو أرسلت فيها السفن لجرت . ( ص 156 )
قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " يؤتى بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح ، فيذبح بين الجنة والنار ويقال : يا أهل الجنة خلود بلا موتو ويا أهل النار خلود بلا موت . ( ص 157 )
_________________
اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا