التفكر في الأيام وغيرها
قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن قوماً تفكروا في الله عز وجل ، فقال النبي " صلي الله عليه وسلم " : ( تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله فإنكم لن تقدروه قدره) . ( ص 172 )
وعن الحسن قال : تفكر ساعة خير من قيام ليلة . وعن الفضيل قال : الفكر مرآة تريك حسناتك وسيئاتك . وقيل لإبراهيم : إنك تطيل الفكر ، فقال : الفكرة مخ العقل .
وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله " صلي الله عليه وسلم " : ( أعطوا أعينكم حظها من العبادة ) فقالوا : يا رسول الله وما حظها من العبادة ؟ قال : ( النظر في المصحف والتفكر فيه والإعتبار عند عجائبه ) وعن امرأة كانت تسكن البادية قريباً من مكة ، أنها قالت : لو تطالعت قلوب المتقين بفكرها إلي ما قد ادخر لها في حجب الغيب من خير الآخرة ، لم يصف لهم في الدنيا عيش ، ولم تقر لهم في الدنيا عين > وكان لقمان يطيل الجلوس وحده ، فكان يمر به مولاه ، فيقول : يا لقمان إنك تطيل الجلوس وحدك ، فلو جلست مع الناس كان آنس لك ، فيقول : إن طول الوحدة أدوم للفكر ، وطول الفكر دليل علي طريق الجنة .
وقال عمر بن عبد العزيز : الفكرة في نعم الله عز وجل من أفضل العبادة .
( ص 173 )
وقال بشر : لو تفكر الناس في عظمة الله ما عصموا الله عز وجل ، وعن ابن عباس : ركعتان مقتصدتان في تفكر ، خير من قيام ليلة بلا قلب .
وقال أبو سليمان : عودوا أعينكم البكاء ، وقلوبكم التفكر .
وقال أبو سليمان أيضاً : الفكر في الدنيا حجاب عن الآخرة ، وعقوبة لأهل الولاية ، والفكر في الآخرة يورث الحكمة ويحيي القلوب .
وقال ابن عباس : التفكر في الخير يدعو إلي العمل به ، والندم علي الشر يدعو إلي تركه .
ويروي أن الله تعالي قال في بعض كتبه : إني لست أقبل كلام كل حكيم ولكن أنظر إلي همته وهواه ، فإذا كان همته وهواه لي ، جعلت صمته تفكراً وكلامه حمداً وإن لم يتكلم .
وقال الجنيد : أشرف المجالس وأعلاها الجلوس مع الفكرة في ميدان التوحيد والتنسم بنسيم المعرفة ، والشرب بكأس المحبة من بحر الوداد والنظر بحسن الظن بالله عز وجل ، ثم قال : يا لها من مجالس ما أجلها ومن شراب ما ألذه ، طوبي لمن رزقه . ( ص 174 )
وقال أيضاً : الفضائل أربعة : إحداها : الحكمة وقوامها الفكرة . والثانية : العفة وقوامها في الشهرة . والثالثة : القوة وقوامها الغضب . والرابعة : العدل وقوامه في اعتدال قوى النفس . ( ص 175 )
الغزالى
_________________
اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا