مكاشفه القلوب للغزالى
بيان أهوال يوم القيامة
روي أن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله هل يذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة ؟ قال : ( أما عند ثلاثة مواضع فلا : عند الميزان حتى يعلم إما أن يخف وإما أن يثقل ، وعند تطاير الصحف إما أن يعطي كتابه بيمينه ، وإما أن يعطي كتابه بشماله ، وحين يخرج عنق من النار فينطوي عليهم ، ويقول : وكلت بثلاثة ، وكلت بمن دعا مع الله إلهاً آخر ، وبكل جبارعنيد ، وبكل من لايؤمن بيوم الحساب ، فينطوي عليهم حتى يرمي بهم في غمرات جهنم ، ولجهنم جسر أدق من الشعر ، وأحد من السيف ، عليه كلاليب وحسك ، والناس يمرون عليه كالبرق الخاطف وكالريح العاصف .... ) الحديث . ( ص 239 )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله " صلي الله عليه وسلم " : ( لما فرغ الله من خلق السموات والأرض خلق الصور ، فأعطاه إسرافيل فهو واضعه علي فيه شاخصاً ببصره إلي العرش ، ينتظر متي يؤمر ؟ قال : قلت يا رسول الله : وما الصور ؟ قال : قرن من نور قلت : يا رسول الله كيف هو الحال ؟ قال : ( عظيم الدارة ، والذي بعثني بالحق نبياً لعظم دارته كعرض السماء والأرض ، ينفخ فيه ثلاث نفخات : نفخة للفزع ، و نفخة للصعق ، و نفخة للبعث ، فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض ، فتدخل في الأجساد من الخياشيم ) ثم قال النبي " صلي الله عليه وسلم " : ( أنا أول من تنشق عليه الأرض ) .
وفي خبر آخر : ( إذا أحيا الله تعالي جبريل وميكائيل وإسرافيل فينزلون إلي قبر النبي " صلي الله عليه وسلم " ومعهم البراق ، وحلل من الجنة فتنشق عنه الأرض ، فينظر النبي " صلي الله عليه وسلم " إلي جبريل فيقول : يا جبريل ، ما هذا اليوم ؟ فيقول له : هذا يوم القيامة ، هذا يوم الحاقة ، هذا يوم القارعة ، فيقول : يا جبريل ، ما فعل الله بأمتي ؟ فيقول له جبريل : أبشر فإنك أول من تنشق عنه الأرض ) .
وروي عن أبي هريرة أنه " صلي الله عليه وسلم " قال : إن الله تعالي يقول : ( يا معشر الجن والإنس إني نصحت لكم ، فإنما هي اعمالكم في صحفكم ، فمن وجد خيراً فليحمد الله تعالي ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) .
وذكر عن يحيي بن معاذ الرازي أنه قريء في مجلسه : ( يوم نحشر المتقين إلي الرحمن رفداً ) ( مريم آية 85 ) أي ركباناً ( ونسوق المجرمين إلي جهنم ورداً ) ( مريم آية 86 ) يعني مشاة عطاشاً ، فقال : أيها الناس مهلاً مهلاً غداً تحشرون إلي الموقف حشراً ، وتأتون من الأطراف فوجاً فوجاً ، وتقفون بين يدي الله فرداً فرداً ، وتسألون عما فعلتم حرفاً حرفاً وتقاد الأولياء إلي الرحمن وفداً وفداً ، ويرد العاصون إلي عذاب الله ورداً ويدخلون جهنم حزباًَ حزباً . إخواني : أمامكم يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ، يوم الراجفة ، يوم الآزفة ، يوم يقوم الناس لرب العالمين يوم الحسرة والندامة ، يوم المناقشة ، يوم المحاسبة ، يوم المساءلة ، يوم الصيحة ، يوم الحاقة ، يوم القارعة ، يوم النشور ، ( يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ) ( النبأ آية 40 ) يوم التغابن ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ) ( آل عمران آية 106 ) ( يوم لا ينفع مال ولا بنون ۞ إلا من أتي الله بقلب سليم ۞ ) ( يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) ( غافر آية 52 ) .
وقال مقاتل بن سليمان : تقف الخلائق يوم القيامة مئة سنة لا يتكلمون ،ومئة سنة في الظلمة متحيرون ، ومئة سنة يموج بعضهم في بعض عند ربهم يختصمون ، وإن يوم القيامة علي طوله خمسين ألف سنة مما تعدون ليمضي علي المؤمن المخلص كأخف صلاة وقال" صلي الله عليه وسلم " ( لا تزول قدم عبد حتى يسأل عن أربعة أشياء : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن عمله فيم عمل به ؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ ) .
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي " صلي الله عليه وسلم " أنه قال : لم يكن نبي قط إلا كانت دعوته مستجابة فعجلها في الدنيا ، وإني خبأت دعوتي وشفاعتي لأمتي يوم القيامة ) .
اللهم شفعه فينا بجاهه عندك " صلي الله عليه وسلم " وعلي آله وصحبه وسلم . ( ص 241 )
_________________
اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا