مكاشفه القلوب للغزالى
في معراج النبي " صلي الله عليه وسلم "
روي البخاري عن قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعه أن نبي الله " صلي الله عليه وسلم " حدثهم عن ليلة أسري به قال : ( بينما أنا في الحطيم – وربما قال في الحجر – مضطعجاً ، إذا أتاني آت فقد ) قال : وسمعته يقول ( فشق ما بين هذه إلي ما بين هذه ) فقلت للجارود وهو إلي جنبي : ما يعني به ؟ قال : من ثغرة نحره إلي شعرته ( فاستخرج قلبي ، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيماناً فغسل قلبي ، ثم حشي ، ثم أعيد ، ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار ، أبيض ) فقال له الجارود : هو البراق يا أبا حمزة ؟ قال أنس : نعم . يضع خطوه عند أقصي طرفه ، فحملت عليه ، فانطلق بي جبريل حتى أتي السماء الدنيا فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحباً به فنعم المجيء ، ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال : هذا أبوك آدم فسلم عليه . فسلمت عليه فرد علي السلام ، ثم قال : مرحباً بالإبن الصالح والنبي الصالح .
ثم صعد بي ، حتى أتي السماء الثانية ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم قيل : مرحباً به فنعم المجيء جاء ففتح ، فلما خلصت إذا بيحيي وعيسي وهما ابنا خالة قال : هذا يحيي وعيسى فسلم عليهما ، فسلمت عليهما فرداً ثم قالا : أهلاً بالأخ الصالح والنبي الصالح .
ثم صعد بي حتي أتي السماء الثالثة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم قيل : مرحباً به فنعم المجيء جاء ففتح ، فلما خلصت إذا يوسف ، قال : هذا يوسف فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح .
ثم صعد بي حتي أتي السماء الرابعة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم قيل : مرحباً به فنعم المجيء جاء ففتح ، فلما خلصت إذا ادريس ، قال : هذا ادريس فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح .
ثم صعد بي حتي أتي السماء الخامسة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم قيل : مرحباً، به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فاذا هارون ، قال : هذا هارون فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح .
ثم صعد بي حتي أتي السماء السادسة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم قيل : مرحباً به فنعم المجيء جاء ، فلما خلصت فاذا موسى ، قال : هذا موسى فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . فلما جاوزته بكي ، قيل : : ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي .
ثم صعد بي حتي أتي السماء السابعة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم قيل : مرحباً به فنعم المجيء جاء ، فلما خلصت فاذا إبراهيم ، قال : هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد على السلام فقال : مرحباً بالإبن الصالح والنبي الصالح . ثم رفعت إلي سدرة المنتهي فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة . قال : هذه سدرة المنتهي وإذا أربعة أنهار : نهران باطنان ، ونهران ظاهران ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات ، ثم رفع بي إلي البيت المعمور ، يدخله كل سبعون ألف ملك ، ثم أتيت بإناء من خمر ،وإناء من لبن ، وإناء من عسل ، فاخترت اللبن ، فقال : هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك .
ثم فرضت علي الصلاة ، خمسين صلاة كل يوم ، فرجعت ، فمررت علي موسى فقال : بم أمرت ؟ قلت : أمرت بخمسين صلاة كل يوم . قال : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم ، وإني والله جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل اشد المعالجة ، فارجع إلي ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فرجعت فوضع عني عشراً ، فرجعت إلي موسي ، فقال مثله فرجعت فوضع عني عشراً ، فرجعت إلي موسى فقال مثله ، فرجعت فوضع عني عشراً ، فرجعت إلي موسى فقال مثله ، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم ، فرجعت إلي موسى ، فقال مثله ، فرجعت فأمر بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلي موسى فقال : بم أمرت ؟ قلت : أمرت بخمس صلوات كل يوم . قال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم ، وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلي ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : سألت ربي حتى استحييت منه ، ولكن أرضي وأسلم . قال : فلما جاوزت ناداني مناد : أمضيت فريضتي ،وخففت عن عبادي ) . ( ص 306 ، 307 )
_________________
اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا