مكاشفه القوب للغزالى
حق الزوجة علي الزوج
قال الله تعالي : ( وعاشروهن بالمعروف ) ( النساء آية 19 ) وقال في تعظيم حقهن : ( وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ) ( النساء آية 21 ) . وقال : ( والصاحب بالجنب ) ( النساء 36 ) قيل : المرآة .
وقال " صلي الله عليه وسلم " : ( من صبر علي سوء خلق إمرأته أعطاه الله من الأجر مثل ما أعطي أيوب علي بلائه ، ومن صبرت علي سوء خلق زوجها ، أعطاها الله مثل ثواب آسية إمرأة فرعون ) .
ويقال : إن أول حب وقع في الإسلام حب النبي " صلي الله عليه وسلم " لعائشة رضي الله عنها ، وكان يقول لها : ( كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك ) . وكان يقول لنسائه : ( لا تؤذينني في عائشة ، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها ) .
وقال أنس رضي الله عنه : كان رسول الله " صلي الله عليه وسلم " أرحم الناس بالنساء والصبيان .
ومنها : أن يزيد علي احتمال الأذي بالمداعبة والمزاح ، والملاعبة ، هي التي تطيب قلوب النساء ، وقد كان رسول الله " صلي الله عليه وسلم " يمزح معهن ، وينزل إلي درجات عقولهن في الأعمال والأخلاق ، حتى روي أنه " صلي الله عليه وسلم " كان يسابق عائشة في العدو ، فسبقته يوماً وسبقها في بعض الأيام ، فقال " صلي الله عليه وسلم " ( هذه بتلك )
وقالت عائشة رضي الله عنها : سمعت أصوات أناس من الحبشة وغيرهم وهم يلعبون في يوم عاشوراء ، فقال لي رسول الله " صلي الله عليه وسلم " : ( أتحبين أن تري لعبهم ؟ ) قالت : قلت : نعم . فأرسل إليهم ، فجاءوا وقام رسول الله " صلي الله عليه وسلم " بين البابين ، فوضع كفه علي الباب ، ومد يده ووضعت ذقني علي يده ، وجعلوا يلعبون وأنظر ، وجعل رسول الله " صلي الله عليه وسلم " يقول : ( حسبك ) وأقول : اسكت مرتين أو ثلاثاً ، ثم قال : ( يا عائشة حسبك ) فقلت : نعم . فأشار إليهم فانصرفوا .
وقال رسول الله " صلي الله عليه وسلم " : ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله ) .
وقال " صلي الله عليه وسلم " : ( خيركم خيركم لنسائه وأنا خيركم لنسائي )
وفي تفسير الخير المروى : ( إن الله يبغض الجعظري الجواظ ) قيل : هو الشديد علي أهله ، المتكبر في نفسه ، وهو أحد ما قيل في معني قوله تعالي ( عتل ) ( القلم آية 13 ) قيل : العتل هو ألفظ اللسان ، الغليظ القلب علي أهله .
وقال عمر رضي الله عنه : خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة .
وقد قيل : شاورهن وخالفوهن .
وقد قال " صلي الله عليه وسلم " : ( تعس عبد الزوجة ) .
وإنما قال ذلك ، لأنه إذا أطاعها في هواها فهو عبدها ، وقد تعس ، فإن الله ملكه المرأة فملكها نفسه ، فقد عكس الأمر وقلب القضية ، وأطاع الشيطان لما قال : ( ولاً مرنهم فليغيرن خلق الله ) ( النساء آية 119 ) إذ حق الرجل أن يكون متبوعاً لا تابعاً .
وقد سمي الله الرجال قوامين علي النساء . وسمي الزوج سيداً ، فقال تعالي ( وألفيا سيدها لدا الباب ) ( يوسف آية 52 ) . فإذا انقلب السيد مسخراً فقد بدل نعمة الله كفراً .
ونفس المرأة علي مثال نفسك ، إن أرسلت عنانها قليلاً جمحت بك طويلاً وإن أرخيت عذارها فتراً ، جذبتك ذراعاً ، وإن كبحتها وشددت يدك عليها في محل الشدة ملكتها . ( ص 309 ، 310 ،311 ،312 )