الاخلاق فى الاسلام وبناء الحضارات
الاخلاق وحسن الخلق من اهم السمات التى حث عليها الاسلام و يتميز الإسلام بالحث على جملة من الأخلاق لا تعرف في غيره، كالإخلاص والورع والتوكل والخشوع والخشية، وما ذاك إلا لأن مثل هذه الأخلاق تنبع من الإيمان الحق بالله تعالى وتوحيده.
فهذا الإيمان يزيد الأخلاق الإنسانية عمقا ورسوخا في الفرد وتأثيرا في غيره؛ لأنه إنما يتحلى بها ابتغاء وجه الله وطمعا في رضاه، فلا يتساهل فيها، ولا يتنازل عنها، مهما طال الزمن، ومهما كان الإغراء أو الابتلاء.
فالبشر يختلفون في الجنس والعرق واللون والثقافة واللغة والدين والمذهب، لكنهم يتفقون على حسن ما هو حسن من القيم الخلقية وقبح ما كان ضدها. وتظهر هذه القيم وأضدادها في التصرفات والتعاملات كالصدق والكذب أو الكرم والبخل أو الأمانة والخيانة أو العدل والظلم، أو الرحمة والقسوة أو المروءة والخسة أو الشجاعة والجبن أو الأناة والعجلة أو الحلم والطيش وغيرها من الأخلاق الإنسانية التي تثير في نفس من يشاهدها أو يسمع بها إما الإعجاب والتقدير والاحترام لأصحابها إذا كانت حسنة، أو المقت والامتعاض لأصحابها إذا كانت قبيحة، لأن معيار الأخلاق معيار ثابت لا يختلف عليه إنسانيا.
وهكذا يظهر الارتباط الوثيق بين الإيمان والأخلاق، وهو ما يؤكده قوله (صلى الله عليه وسلم): "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وقوله (صلى الله عليه وسلم): "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم"، وهذا حقّ إذ الأخلاق هي الهدف المبتغى من وراء التكليف بالعبادة جملة وتفصيلا، قال تعالى: (يا أيها الناس أعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)، وقال تعالى: (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون)، وقال: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، وقال: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).
قال ابن القيم رحمه الله: "الدين الخلُق، فمن زاد عنك في الخلق زاد عنك في الدين، ومن نقص عنك في الخلق نقص عنك في الدين".
إن حسن الخلق سبب للفوز بحب الله، قال (صلى الله عليه وسلم): "ما أحب عباد الله إلى الله؟ قال: أحسنهم خلقًا "كما أن ذلك -بالتالي- سبب لحب الناس، قال (صلى الله عليه وسلم): "إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل إني أحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض".
إن حسن الخلق يثقل ميزان العبد يوم القيامة،قال (صلى الله عليه وسلم): "ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من خلق حسن"، لذلك لما ذكر عند النبي المرأة التي تكثر الصلاة والصيام، غير أنها تؤذي جيرا نها بلسانها، قال (صلى الله عليه وسلم): "هي في النار"، ولما ذكرت المرأة التي لا تُعرف بكثرة صلاة وصيام وصدقة، لكنها لا تؤذي جيرانها، قال عنها النبي (صلى الله عليه وسلم) :"هي في الجنة ".
للمتابعة
http://www.basmetaml.com/page/1103