المقامة المتوكليه

بسم الله الرحمن الرحيم
المقامة المتوكلية
: تدور احداث هذة المقامة في زمن الرشيد ذو المجد التليد وقد نشات فكرتها عندما كنت اطالع كتاب الاغاني للاصفهاني ووجدت فية ما يذهب الالباب ورايت العجب العجاب اذ كيف لهارون الرشيد الذي يغزو عام ويحج عام ويصلي مئة ركعة في جوف الليل والناس نيام يرتكب مثل هذة الاثام فتوكلت علي الله وسالت اخي ابا عبيد الله فقال ظلم الرشيد ظلم الحسن والحسين ولاقي الضير والبين من حاسدوة رغم كثرة مريدوة فهو سبط رسول الله وهو من هو من الولاة وكان ينظر للسحاب فيقول امطري انا شئتي فسوف ياتيني خراجك ثم قال اخي ابا عبيد الله ساذكر لك قصة كانت في التاريخ علامة لعلها تصلح لك مقامة
: قلت اخي الحبيب اهي عن هارون الرشيد وعهدة السعيد ذلك الرجل قوي الشكيمة ماض العزم والعزيمة الذي طاطا لة الرووم الرؤس وهابة الفرس والمجوس وما كان ذلك الا لتقواة وتعلق قلبة بحب الله
: قال صديقي ابا عبيد الله هارون لن تكفية مقامة بل ملحمة كبيرة يا اخي الثرثار فدع عنك هذة العجلة وتحلي بالاصطبار الا تريد ان تكتب مقامة عالية الهامة قلت بكل تاكيد وانا منشرح الصدر سعيد فانا اهوي كتابة المقامات التي تحض علي فعل الصالحات والبعد عن المؤبقات
: قال علي شرط ان تسميها المقامة المتوكلية وتبين فيها عاقبة الاتكال علي رب الارباب منزل السحاب وتكتبها وانت صافي الذهن والنية قلت من فينا الثرثار هيا قص بدون انتظار قال ابا عبيد الله بعد ان شرب كوب القرفة حتي منتهاة اسمع اخي الكريم من هو ببواطن اللغة عليم قلت دعك من التقريظ والهمز والتلميز ادخل في المقامة علي عجل ولا تكن يا صاحبي كمن اصابة الوجل قال يا صاحبي الاديب الجهبز اللبيب كانت هناك صداقة وطيدة وعادة حميدة بين ال برمك وال الرشيد ايام المجد التليد وكانت هناك زيارات بين النساء صباح مساء للترويح عن النفوس والنميمة والجلوس مع عالية المقام ام الرشيد وهنا تبداء الحكاية وساقص من البداية في الطريق من بيت ال برمك كانت تذهب ام جعفر للانس والزيارة الي بيت العزوالامارة وتلتقي بام الرشيد وتحكي من قريب ومن بعيد وفي احد الايام وجدت اثنان من الشحاذين علي جانب الطريق وصاحبتنا ذات قلب رقيق وسمعت احدهم يقول اللهم اغنني من غني ام جعفر وهو ذو وجة مكفهر متعفر والاخر يقول اللهم ا

اللهم اغنني بغناك عمن سواك فقالت سبحان الله وهل هناك افضل ممكن يتكل علي مولاة ولا يرجوا خيرا من سواة تالله لاعقدن اختبار وانظر من منهما المختار ومن سوف يغنية الله اهو من يطمع في عبد فقير امن يطمع في مولاة ولتكن احدوثة يتحاكي بها الزمان ويتنادر عليها الركبان

وعادت ام جعفر من حيث اتت وهي تفكر باخلاقها النبيلة بحيلة تصلح للاختبار وتكون علي المحك والاختيار ثم هداها التفكير الي امر طريف وحل ظريف فنادات علي رئيس الطهاة فلبي النداء في الحال وقدم فروض الطاعة والولاء لام الوزير جعفر الكبير فقالت لي عندك كل يوم طلب صغير ولكنة لامر خطير اريد كل يوم دجاجتان مطهوتان كاجمل ما يكون الطهي برائحة تذهب الوعي متبلتان بالتوابل والعطور تجعل العقل من حسنها يدور ومعهما ما تيسر من البقل والحلوي والنقل فقال امرك مطاع سيددتي في الحال حتي وان طلبتي المحال

ولما تم المطلوب والامر المرغوب قالت ام جعفر ضع في كل دجاجة عشرة دنانير ذهبية واجعلها في جوف الدجاجة لا تبين فان لي في ذلك حاجة فنظر اليها الطاهي وهو يكاد عقلة يطير ولكنة لم يقدر علي السؤال فهو امر محال واخذت ام جعفر الطعام وذهبت لطريقها المعتاد دون نقص او ازدياد ووجدت الحال هو الحال واحد يدعو بغني ام الوزير والاخر يطلب غنا ربة الكبير فاعطت كل واحد منهما صرة الطعام فلهج لسانهما بالشكر والمديح بالتلميح والتصريح وانطلقت منهما الدعوات تفتح لها ابواب السموات واستمر هذا الحال شهر بالتمام والكمال كل يوم دجاجة وعشر دنانير حتي تدرك المغزي والمصير
: وهنا قالت ام الوزير حان الوقت لمعرفة المصير وقد لاحظت ان احد الشحاذين غاب ولم يعد يظهر او يبين فقالت اسال الاخر لعلة يوضح السبب فيزول من راسي العجب ولماذا ظل علي هذا الحال رغم العطية والنوال واين دهب من يرجو غني مولاة ولماذا بقي من يرجو غنا ام جعفر وهو عن ربة لاة

ثم ذهبت الية ومالت علية فرحب ايما ترحيب وفي قلبة وجيب وقال اهلا بمولاتي ام الوزير ذو الفضل الواسع والثوب الناصع من اطلب من الله ان يغنيني بغناها عمن سواها فهي ام المحسنين وهي تعطي بالشمال واليمين وانا لفضلها شاكر ولصنيعها ذاكر قالت لا تكون ثقيلا ولا بالحديث مليلا دعني اسالك سؤال ثم اذهب في الحال قال ولك علي الجواب بدون ابداء الاسباب قالت اين رفيقك وجليسك وصديقك قال لقد اصبح في خير حال وكبر شانة بين الرجال وتمتع بالزوجة والعيال قالت وكيف هذا قال بدون كيف ولماذا لقد صلحت معة الاحوال ولم يعد يجلس للسؤال قالت احكي لي عن طباعة مع الناس قال هو لا يخشي الباس ويحب كل المخلوقات ولا يدع فرضا من الصلوات فهو بحق رجل مفضال حميد الفعال

ورغم الفقر والفاقة فهو يدفع الزكوات من فضل الصدقات وهو قد حج واعتمر قبل ان يصيبة الهرم والكبر قالت لي سوال ثاني وحيد فاحب بدون تردد او ترديد قال قولي يا ام الوزيز فلن اكتم عنك سرا ولو كان في ذلك قطع الاعناق واقسم لك بالخالق الرزاق قالت كنت اعطيك كل يوم عطية ولصديقك مثلها فماذا كنت تفعل بالعطية قال يا سيدتي كانت رائحتها تذهب بالعقول وتدير الرؤس ولكني كنت افضل عليها الفلوس فكنت ابيعها بدينار لرفيقي المختار واذهب الي البيت بالدينار فاشتري البقل والخضار قالت خيبك الله من شحاذ انت للفقر حقا منحاز حتي ولو اعطيت بالاردب والكيلة فلن تجدي معك يا قليل الحيلة ولو اعطيت مال قارون من الاموال فلن تنصلح لك الاحوال الم تعلم وتسمع قول افضل الخلق وحبيب الحق حين قال في اصدق مقال
لما سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن التوكل على الله تعالى: "العلم بأن المخلوق لا يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، واستعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله، ولم يرج ولم يخف سوى الله، ولم يطمع في أحد سوى الله، فهذا هو التوكل" (4)

وعن الإمام علي عليه السلام: "حسبك من توكلك أن لا ترى لرزقك مجرياً إلا الله سبحانه" الم تسمع هذة القصة الجميلة

دخل أحد الصحابة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير وقت الصلاة فوجد علاماً لم يبلغ العاشرة من عمره قائماً يصلي بخشوع، فانتظر حتى انتهى الغلام من صلاته فجاء إليه وسلم وقال له: يا بني... ابن من أنت؟ فطأطأ برأسه وانحدرت دمعة على خده ثم رفع رأسه وقال: يا عم... إني يتيم الأب والأم، فرقِّ له الصحابي وقال له: يا بني. أترضى أن تكون ابناً لي؟ فقال الغلام: هل إذا جعت تطعمني؟ قال: نعم، فقال الغلام: هل إذا عريت تكسوني؟ قال: نعم، فقال الغلام: هل إذا مرضت تشفيني؟ قال الصحابي: ليس إلى ذلك سبيل يا بني. قال الغلام: هل إذا مت تحييني؟ قال الصاحب: ليس إلى ذلك سبيل، قال الغلام: فدعني يا عم للذي خلقني فهو يهدين، والذي يطعمني ويسقين.. وإذا مرضت فهو يشفين، والذي يميتني ثم يحيين، والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين.

فسكت الصحابي ومضى لحاله وهو يقول: آمنت بالله.. من توكل عل الله كفاه.

اتعلم ايها الخبيث ورفيق ابليس يا من ضيع الغث بالثمين ومن باع الغالي بالرخيص والتبن بالدر النفيس ماذا كان بداخل الدجاجة قال ليس لي بالمعرفة حاجة فانا يهمني الدينار يا سيدة الديار قالت ام الوزير اتبيع العشرة دنانير بدينار والدجاجة زيادة غبائك زاد عن الحاجة ثم ضحكت وقالت الان الان عرفت الحقيقة وبانت للعين الطريقة فحقا من توكل علي الله كفاة ومن توكل علي ام جعفر خاب املة ورجاة وهنا تنتهي هذة المقامة والسلام فصلوا علي خير الانام
الصوره للفنان محسن ابو العزم