ما بين الصخرة والحرم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ما يجري في القدس الشريف من تدنيس و انتهاك أثار إحساسي فكتبت هذه الخاطرة التي ارجوا أن تكون مُعبرة عما يجول في خاطري وخاطر آخرين لم يعبروا بعد عما في داخلهم---------.
بينما أسير في ساحة الحرم القدسيّ الشريف لأُصلي الفجر حيث المكان الهادئ وطيور الحمام من حولي والجو الصيفيّ الجميل, وبالرغم من حرارة الجو في باقي المدن الفلسطينية إلا إنني وجدت بعض البرد في هذا الفصل الصيفيّ
أسير في ساحة الحرم وأنظر إلى الأرض وأتفكرٍ في
هذه الأرض التي امشي عليها وتكاد الأرض لا تسعني, وأنا أتذكر ابن الخطاب وصلاح الدين وغيرهم من القادة العظام الذين مشوا عليها وها أنا اليوم يسمح لي القدر بأن أمشي على أرضها وفجأة استوقفني صوت غريب...اه...آه...ما هذا أهو صوت بكاء ؟ أم هو نحيب ؟
أخذت انظر إلى يمنة وميسرة لعلي أرى مصدر هذا الصوت, وأعلم ما الخبر.
وبالفعل ألقيت سمعي ونصت----
وفي هذا الهدوء الرهيب والصمت المطبق, في هذه الساعات الأولى من الفجر- حيث لم يأتي الناس بعد لصلاة الفجر- فإني سبقتهم حتى أصلى قيام الليل في المسجد
أخذت أتقصى الصوت فإذا بمحاورة وكلام وانين يدور بين الصخرة المشرفة وبين المسجد الحرام
نصت أكثر لعلي أفهم ما يدور بينهم من كلام
الصخرة (وبصوت يرتجف وبدموع تشرف على التساقط): أنظر أيها الحرم إلى هذه الوحشة التي نحياها اليوم فالصمت مطبق والوحشة رهيبة, وليس هناك من يقرأ القرآن بداخلي في جوف هذا الليل الطويل, كلهم ناموا, ولم يقم منهم الإ اقل القليل ليحيوا الليل بذكر الله, ألم تذكر أيها الحرم العزيز الأيام الخوالي؟
الحرم: وهل تنسى تلك الأيام أيتها الصخرة الموقرة, حين كان الناس يأتونني من كل فج عميق حتى يقيموا الصلاة بداخلي ويقضوا الليل كله ما بين صلاة وذكر وتهجد----
وتُسمع أزيز صدور المصلين كالمرجل وهم يقرؤون القرآن, ولكن ما الذي جرى حتى أصبح هذا حالنا ولا نكاد نراهم؟
الصخرة: أتسألني يا أخي ؟ بل أسال الزمان عن أهله وما الذي غيرّهم ؟ وما الذي بدل حالهم؟
الحرم: إنه الاحتلال يا أختي الراقد على صدورنا أنا وأنت منذ سنين
وهنا سمعت صوت بكاءاً مريراً وانين وأزيز وعبرات وسكبات, فأخذت ابكي معهم-----
وبعد فترة من البكاء المر الأليم , تهدهد الحرم وقال للصخرة : وأنا وأنت نشتكي إلى الله حالنا وقله المصلين فينا , وقلة الذاكرين ------
أتذكرين أيام عمر بن الخطاب وجيشه ----كم كانت جميلة تلك الأيام حين كانت أعناقنا تسمو نحو السماء, وتوطئطء رؤوسنا من الخشوع من كثرة الذاكرين والمصلين والقارئين للقرآن
الصخرة: أتذكر يا أخي, صلاح الدين وجيشه الذي دربهم وحفظّهم القرآن عشرين عاما قبل أن يأتوننا فاتحين!
الحرم ---- كانت أيام عزٍ وشرف ---ولكن لا تذكريني بأيام الصليبين وهم يحكموننا ويعدمون المصلين داخلنا ويربطون دوابهم وخيولهم داخلنا ---لا أعادها الله من أيام ----فقد دُنسنا واُهننا
الصخرة: ولكن ابننا البار وحبيبنا صلاح الدين الأيوبي أعادنا وحررنا ورفع راية لا اله إلا الله فوق مآذننا
الحرم: كم هو جميل الانتصار –كم كانت جميله تلك الأيام!----وكأني اسمع صوت تكبير الجيوش وأسمع صوت سيوفهم واراها وهي تلمع وتأز وتخترق أجساد الأعداء
الصخرة: وصيحات ---الله اكبر---الله اكبر
كأني اسمعها الآن, وكأن الزمن عاد بنا إلى تلك الأيام الجميلة, أيام العزة والانتصار, وحملة القرآن في صدورهم
الحرم: لا تفرحي كثيراً يا أختي فعودي إلى واقعنا الذي نحن فيه, والى الأنفاق التي تحفر من تحتنا ونكاد نهدم في أي وقت ---- أكاد أحس بأساسي يتخلخل, وأشعر في اهتزاز من تحتي كل يوم, واني لأرى بأنه سيصبح ذات صباح وأنا مهدوم وأنقاض
فعاود البكاء أكثر وأكثر ----حتى أحسست بان اوصالهما تكاد تقطع
الصخرة: ولكن أين المسلمون اليوم ----- إنهم يُعدون في المليارات ويتركوننا نموت ونهدم وهم ينظرون؟
الحرم: لقد بعُد المسلمون عن دينهم يا أختي وأصبحوا يركضون وراء الغرب, يقلدون ويقلدون ويقلدون ----- يلبسون لبسهم, ويأكلون أكلهم, ويرقصون مثلهم حتى على أشلاء أطفالنا ---- وأصبحوا لا يرووننا ولا يسمعوننا وحتى لا يفكرون بنا وإن بعضهم إذا ذكر خبر عنا في التلفاز غيروا لقناةٍ ثانية فيها من العاريات والمغنيات ما فيها, أو ما يضحكهم, وكأنهم في سكرتهم يعمهون
الصخرة: ولكن ما نفعل يا أخي فالخطر قادم-----الخطر قادم؟
الحرم: نشكوا إلى الله حالنا وندعوا يا أختي بأن الله ينشئ في هذه الأمة صلاح دينٍ جديد, لعل وعسى يحررنا من براطم الاحتلال ----
وعاد البكاء من جديد ----وأخذت ابكي معهم
[flash][/flash]