~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
. منتديات الرحمة والمغفرة على منهج اهل السنة والجماعة

: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله )

نداء إلى أنصار رسول الله " صلى الله عليه وسلم "أنضم الينا لنصرة رسولنا من خلال منتدى الرحمة والمغفرة

. لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا ... بادر وسجل نفسك بالمنتدى لنشر الإسلام

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم,
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
. منتديات الرحمة والمغفرة على منهج اهل السنة والجماعة

: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله )

نداء إلى أنصار رسول الله " صلى الله عليه وسلم "أنضم الينا لنصرة رسولنا من خلال منتدى الرحمة والمغفرة

. لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا ... بادر وسجل نفسك بالمنتدى لنشر الإسلام

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم,
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

~ منتديات الرحمة والمغفرة ~

~ معاً نتعايش بالرحمة ~
 
الرئيسيةالمنشوراتأحدث الصورقناة الرحمة والمغفرة يوتيوبالتسجيلدخولفيس بوكتويتر
منتديات الرحمة والمغفرة .. منتدى ثقافى - عام - أدبى - دينى - شبابى - اسرى -طبى - ترفيهى - سياحى - تاريخى - منتدى شامل
". لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا . بادر وسجل نفسك بالمنتدى .
.مديرة الموقع / نبيلة محمود خليل



مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
» شركة عزل خزانات بجدة
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeاليوم في 10:47 am من طرف مريم صلاح

» افضل شركة مكافحة حشرات
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeاليوم في 9:43 am من طرف مريم صلاح

» سماعة ايفون اصلية
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالخميس نوفمبر 21, 2024 10:48 am من طرف مريم صلاح

» شركة مكافحة حشرات بجدة
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالخميس نوفمبر 21, 2024 8:34 am من طرف مريم صلاح

» اسعار السيارات الصينية في السودان
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 19, 2024 11:09 am من طرف مريم صلاح

» شركة نظافة شقق بالدمام
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 18, 2024 7:49 am من طرف مريم صلاح

» شركة تنظيف خزانات بمكة
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالسبت نوفمبر 16, 2024 1:49 pm من طرف مريم صلاح

» غسيل سجاد بالدمام
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالخميس نوفمبر 14, 2024 10:08 am من طرف مريم صلاح

» افضل عطر رجالي في السودان
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 13, 2024 10:25 am من طرف مريم صلاح

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مشروع تحفيظ القران
 
تلفزيون الرحمة والمغفرة
نشرة اخبار منتدى الرحمة واالمغفرة
توك توك منتديات الرحمة والمغفرة

كاميرا منتديات الرحمة والمغفرة



شركة طيران منتديات الرحمة والمغفرة

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
مريم صلاح
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) I_vote_rcapعجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) I_voting_barعجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) I_vote_lcap 
المواضيع الأكثر نشاطاً
مع كل إشراقة شمس ^ بصبح عليك^ مع ونبيلة محمود خليل ^ ووعد حصرياً
مشروع حفظ القرآن والتجويد"مع نبيلة محمود خليل"" حصرى"
^ من اليوم أنتهى عهد نبيل خليل ^ أدخل وشوف مطعم منتديات الرحمة والمغفرة مع نبيلة ونبيل ^
بريد منتديات الرحمة والمغفرة ^ ظرف جواب ^ مع نبيلة محمود خليل وكلمة حق ^ حصرياً
تليفزيون منتديات الرحمة والمغفرة يقدم لكم "برنامج الوصول إلى مرضات الله " مع نبيلة محمود خليل" كلمة حق"
^ نشرة أخبار منتديات" الرحمة والمغفرة " مع نبيلة محمود خليل"حصرياً "
* كلمة للتاريخ * مع نبيلة محمود خليل ود / محمد بغدادى * حصرى
^ كاميرا منتديات الرحمة والمغفرة ^ إبتسامة كاميرا ^ مع نبيلة محمود خليل وكلمة حق ^ حصرياً ^
^^ دورة التبسيط فى دقائق علم التجويد ^^
,, قلوب حائرة ,, وقضايا شبابية متجدد ,, مع نبيلة محمود خليل ونبيل خليل ,,

 

 عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أبوجهاد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
أبوجهاد


وسام التميز لونه طوبى
العمر : 47
الدولة : مصر الحبيبة
ذكر الجدي النمر
عدد المساهمات : 1133
نقاط : 2247
تاريخ الميلاد : 20/01/1963
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
العمر : 61
العمل/الترفيه : طالب علم
تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين مارس 22, 2010 9:40 pm


عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )

الجزء الأول
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القديم الأول الذي لا يزول ملكه ولا يتحول خالق الخلائق وعالم الذرات بالحقائق مفنى الأمم ومحيي الرمم ومعيد النعم ومبيد النقم وكاشف الغمم وصاحب الجود والكرم لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون وأشهد أن لا إله إلا الله تعالى عما يشركون وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله إلى الخلق أجمعين المنزل عليه نبا القرون الأولين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما تعاقبت الليالي والأيام وتداولت السنين والأعوام‏.‏
وبعد فيقول الفقير عبد الرحمن بن حسن الجبرتي الحنفي غفر الله له ولوالديه وأحسن إليهما وإليه‏:‏ إني كنت سودت أوراقًا في حوادث آخر القرن الثاني عشر وما يليه من أوائل الثالث عشر الذي نحن فيه جمعت فيها بعض الوقائع إجمالية وأخرى محققة تفصيلية وغالبها محن أدركناها وأمور شاهدناها واستطردت في ضمن ذلك سوابق سمعتها ومن أفواه الشيخة تلقيتها وبعض تراجم الأعيان المشهورين من العلماء والأمراء المعتبرين وذكر لمع من أخبارهم وأحوالهم وبعض تواريخ مواليدهم ووفياتهم‏.‏
فأحببت جمع شملها وتقييد شواردها في أوراق متسقة النظام مرتبة على السنين والأعوام ليسهل على الطالب النبيه المراجعة ويستفيد ما يرومه من المنفعة الصحابة رضي الله عنهم وقال‏:‏ أن الأموال قد كثرت وما قسمناه غير مؤقت فكيف التوصل إلى ما يضبط به ذلك‏.‏
فقال له الهرمزان وهو ملك الأهواز وقد أسر عند فتوح فارس وحمل إلى عمر وأسلم على يديه‏:‏ أن للعجم حسابا يسمونه ماه روز ويسندونه إلى من غلب عليهم الأكاسرة فعربوا لفظة ماه روز يمورخ ومصدره التاريخ واستعملوه في وجوه التصريف ثم شرح لهم الهرمزان كيفية استعمال ذلك فقال لهم عمر ضعوا للناس تاريخا يتعاملون عليه وتصير أوقاتهم فيما يتعاطونه من المعاملات مضبوطة‏.‏
فقال له بعض من حضر من مسلمي اليهود‏:‏ أن لنا حسابا مثله مسندًا إلى الإسكندر فما ارتضاه الآخرون لما فيه من الطول‏.‏
وقال قوم‏:‏ نكتب على تاريخ الفرس‏.‏
قيل أن تواريخهم غير مسندة إلى مبدأ معين بل كلما قام منهم ملك ابتدأوا التاريخ من لدن قيامه وطرحوا ما قبله‏.‏
فاتفقوا على أن يجعلوا تاريخ دولة الإسلام من لدن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لأن وقت الهجرة لم يختلف فيه أحد بخلاف وقت ولادته ووقت مبعثه صلى الله عليه وسلم‏.‏
وكان للعرب في القديم من الزمان بأرض اليمن والحجاز تواريخ يتعارفونها خلفا عن سلف إلى زمن الهجرة‏.‏
فلما هاجر صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وظهر الإسلام وغلت كلمة الله تعالى اتخذت هجرته مبدأ لتاريخها وسميت كل سنة باسم الحادثة التي وقعت فيها‏.‏
وتدرج ذلك إلى سنة سبع عشرة من الهجرة في زمن عمر فكان اسم السنة الأولى سنة الأذن بالرحيل من مكة إلى المدينة والثانية سنة الأمر أي بالقتال إلى آخره‏.‏
وقال أصحاب التواريخ أن العرب في الجاهلية كانت تستعمل شهور الآلهة وتقصد مكة للحج وكان حجهم وقت عاشر الحجة كما رسمه سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لكان لما كان لا يقع في فصل واحد من فصول السنة بل يختلف موقعه منها بسبب تفاضل ما بين السنة الشمسية والقمرية ووقوع أيام الحج في الصيف تارة وفي الشتاء أخرى وكذا في الفصلين الآخرين أرادوا أن يقع حجهم في زمان واحد لا يتغير وهو وقت إدراك الفواكه والغلال واعتدال الزمن في الحر والبرد ليسهل عليهم السفر ويتجروا بما معهم من البضائع والأرزاق مع قضاء مناسكهم‏.‏
فشكوا ذلك إلى أميرهم وخطيبهم فقام في الموسم عند إقبال العرب من كل مكان فخطب ثم قال‏:‏ أنا أنشأت لكم في هذه السنة شهرًا أزيده فتكون السنة ثلاثة عشر شهرًا وكذلك أفعل في كل ثلاث سنين أو أقل حسبما يقتضيه حساب وضعته ليأتي حجكم وقت أدراك الفواكه والغلال فتقصدونا بما معكم منها‏.‏
فوافقت العرب على ذلك ومضت إلى سبيلها فنسأ المحرم وجعله كبيسًا وأخره إلى صفر وصفر إلى ربيع الأول وهكذا فوقع الحج في السنة الثانية في عاشر المحرم وهو ذو الحجة عندهم‏.‏
وبعد انقضاء سنتين أو ثلاثة وانتهاء نوبة الكبيس أي الشهر الذي كان يقع فيه الحج وانتقاله إلى الشهر الذي بعده قام فيهم خطيبًا وتكلم بما أراد ثم قال‏:‏ أنا جعلنا الشهر الفلاني من السنة الفلانية الداخلة للشهر الذي بعده‏.‏
ولهذا فسر النسئ بالتأخير كما فسر بالزيادة‏.‏
وكانوا يديرون النسئ على جميع شهور السنة بالنوبة حتى يكون لهم مثلا في سنة محرمان وفي أخرى صفران ومثل هذا بقية الشهور فإذا آلت النوبة إلى الشهر المحرم قام لهم خطيبا فينبئهم أن هذه السنة قد تكرر فيها اسم الشهر الحرام فيحرم عليهم واحدا منها بحسب رأيه على مقتضى مصلحتهم فلما انتهت النوبة في أيام النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحجة وتم دور النسئ على جميع الشهور حج صلى الله عليه وسلم في تلك السنة حجة الوداع وهي السنة العاشرة من الهجرة لموافقة الحج فيها عاشر الحجة ولهذا لم يحج صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة حين حج أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالناس لوقوعه في عاشر ذي القعدة‏.‏
فلما حج صلى الله عليه وسلم حجة الوداع خطب وأمر الناس بما شاء الله تعالى‏.‏
ومن جملته‏:‏ إلا أن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض يعني رجوع الحج إلى الموضع الأول كما كان في زمن سيدنا إبراهيم صلوات الله تعالى عليه ثم تلا قوله تعالى أن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعملوا إن الله مع المتقين إنما زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين‏.‏
و منع العرب من هذا الحساب وأمر بقطعه والاستمرار بوقوع الحج في أي زمان أتى من فصول السنة الشمسية فصارت سنوهم دائرة في الفصول الأربع والحج واقع في كل زمان منها كما كان في زمن إبراهيم الخليل عليه السلام‏.‏
ثم كون حجة الصديق واقعة في القعدة فهو قول طائفة من العلماء‏.‏
وقال آخرون بل وقعت حجته أيضا في ميقاتها من ذي الحجة وقد روي في السنة ما يدل على ذلك والله أعلم بالحقائق‏.‏
ولما كان علم التاريخ علما شريفا فيه العظة والاعتبار وبه يقيس العاقل نفسه على من مضى من أمثاله في هذه الدار وقد قص الله تعالى أخبار الأمم السالفة في أم الكتاب فقال تعالى لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب‏.‏
وجاء من أحاديث سيد المرسلين كثير من أخبار الأمم الماضين كحديثه عن بني إسرائيل وما غيروه من التوراة والإنجيل وغير ذلك من أخبار العجم والعرب مما يفضي بمتأمله إلى العجب‏.‏
وقد قال الشافعي رضي الله عنه‏:‏ من علم التاريخ زاد عقله‏.‏
ولم تزل الأمم الماضية من حين أوجد الله هذا النوع الإنساني تعتني بتدوينه سلفًا عن سلف وخلفًا من بعد خلف إلى أن نبذه أهل عصرنا وأغفلوه وتركوه وأهملوه وعدوه من شغل البظالين وأساطير الأولين ولعمري أنهم لمعذورون وبالأهم مشتغلون ولا يرضون لأقلامهم المتعبة في مثل هذه المنقبة فإن الزمان قد انعكست أحواله وتقلصت ظلاله وانخرمت قواعده في الحساب فلا تضبط وقائعه في دفتر ولا كتاب‏.‏
وأشغال الوقت في غير فائدة ضياع وما مضى وفات ليس له استرجاع إلا أن يكون مثل الحقير منزويا في زوايا الخمول والإهمال منجمعًا عما شغلوا به من الأشغال فيشغل نفسه في أوقات من خلواته ويسلي وحدته بعد سيئات الدهر وحسناته‏.‏
وفن التاريخ علم يندرج فيه علوم كثيرة لولاه ما ثبتت أصولها ولا تشعبت فروعها منها طبقات القراء والمفسرين والمحدثين وسير الصحابة والتابعين وطبقات المجتهدين وطبقات النجاة والحكماء والأطباء وأخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأخبار المغازي وحكايات الصالحين ومسامرة الملوك من القصص والأخبار والمواعظ والعبر والأمثال وغرائب الأقاليم وعجائب البلدان‏.‏
ومنها كتب المحاضرات ومفاكهة الخلفاء وسلوان المطاع ومحاضرات الراغب‏.‏
وأما الكتب المصنفة فيه فكثيرة جدا ذكر منها في مفتاح السعادة ألفًا وثلاثمائة كتاب قال في ترتيب العلوم وهذا بحسب إدراكه واستقصائه وألا فهي تزيد على ذلك لأنه ما ألف في فن من الفنون مثل ما ألف في التواريخ وذلك لانجذاب الطبع إليها والتطلع على أمور المغيبات ولكثرة رغبة السلاطين لزيادة اعتنائهم بحسب التطلع على سير من تقدمهم من الملوك مع ما لهم من الأحوال والسياسات وغير ذلك فمن الكتب المصنفة فيه تاريخ ابن كثير في عدة مجلدات وهو القائل شعرًا‏:‏ تمر بنا الأيام تترى وإنما نساق إلى الآجال والعين تنظر فلا عائد صفو الشباب الذي مضى ولا زائل هذا المشيب المكدر وتاريخ الطبرى وهو أبو جعفر محمد بن جرير الطبري مات سنة عشر وثلاثمائة ببغداد وتاريخ ابن الأثير الجزري المسمى بالكامل ابتدأ فيه من أول الزمان إلى أواخر سنة ثمان وعشرين وستمائة وله كتاب أخبار الصحابة في ست مجلدات‏.‏
وتاريخ ابن الجوزي وله المنتظم في تواريخ الأمم ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي في أربعين مجلدًا وتاريخ ابن خلكان المسمى بوفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان وتواريخ المسعودي أخبار الزمان والأوسط ومروج الذهب‏.‏
ومن أجل التواريخ تواريخ الذهبي الكبير والأوسط المسمى بالعير والصغير المسمى دول الإسلام وتواريخ السمعاني منها ذيل تاريخ بغداد لأبي بكر بن الخطيب نحو خمسة عشر مجلداُ وتاريخ مرو يزيد على عشرين مجلدًا والأنساب في نحو ثمان مجلدات وتواريخ العلامة ابن حجر العسقلاني وتاريخ الصفدي وتواريخ السيوطي وتاريخ الحافظ ابن عساكر في سبعة وخمسين مجلداُ وتاريخ اليافعي وبستان التواريخ ست مجلدات وتواريخ بغداد وتواريخ حلب وتواريخ أصبهان للحافظ أبي نعيم وتاريخ بلخ وتاريخ الأندلس والإحاطة في أخبار غرناطة وتاريخ اليمن وتاريخ مكة وتواريخ الشام وتاريخ المدينة المنورة وتواريخ الحافظ المقريزي وهي الخطط والآثار و غير ذلك ونقل في مؤلفاته أسماء تواريخ لم نسمع بأسمائها في غير كتبه مثل تاريخ ابن أبي طي والمسيحي وأبن المأمون وأبن زولاق والقضاعي‏.‏
ومن التواريخ تاريخ العلامة العيني كي أربعين مجلدًا رأيت منها بعض مجلدات بخطه وهي ضخمة في قالب الكامل ومنها تاريخ الحافظ السخاوي والضوء اللامع في أهل القرن التاسع رتبه على حروف المعجم في عدة مجلدات وتاريخ العلامة ابن خلدون في ثمان مجلدات ضخام ومقدمته مجلد على حدة من أطلع عليها رأى بحرًا متلاطما بالعلوم مشحونا بنفائس جواهر المنطوق والمفهوم وتاريخ ابن دقاق‏.‏
وكتب التواريخ أكثر من أن تحصى وذكر المسعودي جملة كبيرة منها وتاريخه لغاية سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة فما ظنك بما بعد ذلك‏.‏
قلت‏:‏ وهذه صارت أسماء من غير مسميات فأنا لم نر من ذلك كله ألا بعض أجزاء بقيت في بعض خزائن كتب الأوقاف بالمدارس مما تداولته أيدي الصحافيين وباعها القومة والمباشرون ونقلت إلى بلاد المغرب والسودان ثم ذهبت بقايا البقايا في الفتن والحروب وأخذ الفرنسيس ما وجدوه إلى بلادهم‏.‏
ولما عزمت على جمع ما كنت سودته أردت أن أوصله بشيء قبله فلم أجد بعد البحث والتفتيش ألا بعض كراريس سودها بعض العامة من الأجناد ركيكة التركيب مختلة التهذيب والترتيب وقد اعتراها النقص من مواضع في خلال بعض الوقائع‏.‏
وكنت ظفرت بتاريخ من تلك الفروع لكنه على نسق في الجملة مطبوع لشخص يقال له أحمد حلبي بن عبد الغني مبتدئا فيه من وقت تملك بني عثمان للديار المصرية وينتهي كغيره ممن ذكرناه إلى خمسين ومائة وألف هجرية‏.‏
ثم أن ذلك الكتاب استعاره بعض الأصحاب وزلت به القدم ووقع في صندوق العدم‏.‏
ومن ذلك الوقت إلى وقتنا هذا لم يتقيد أحد بتقييد ولم يسطر في هذا الشأن شيئا يفيد فرجعنا إلى النقل من أفواه الشيخة المسنين وصكوك دفاتر الكتبة والمباشرين وما انتقش على أحجار ترب المقبورين وذلك من أول القرن إلى السبعين وما بعدها إلى التسعين أمور شاهدناها ثم نسيناها وتذكرناها ومنها إلى وقتنا أمور تعقلناها وقيدناها وسطرناها إلى أن تم ما قصدنا بأي وجه كان وانتظم ما أردنا استطراده من وقتنا إلى ذلك الأوان‏.‏
وسنورد أن شاء الله تعالى ما ندركه من الوقائع بحسب الإمكان والخلو من الموانع إلى أن يأتي أمر الله وأن مردنا إلى الله ولم أقصد بجمعه خدمة ذي جاه كبير أو طاعة وزير أو أمير ولم أداهن فيه دولة بنفاق أو مدح أو ذم مباين للأخلاق لميل نفساني أو غرض جسماني وأنا استغفر الله من وصفي طريقا لم أسلكه وتجارتي مقدمة أعلم أن الله تعالى لما خلق الأرض ودحاها وأخرج منها ماءها ومرعاها وبث فيها من كل دابة وقدر أقواتها أحوج بعض الناس إلى بعض في ترتيب معايشهم ومآكلهم وتحصيل ملابسهم ومساكنهم لأنهم ليسوا كسائر الحيوانات التي تحصل ما تحتاج إليه بغير صنعة‏.‏
فإن الله تعالى خلق الإنسان ضعيفا لا يستقل وحده بأمر معاشه لاحتياجه إلى غذاء ومسكن ولباس وسلاح فجعلهم الله تعالى يتعاضدون يتعاونون في تحصيلها وترتيبها بان يزرع هذا لذاك ويخبز ذاك لهذا وعلى هذا القياس تتم سائر أمورهم ومصالحهم وركز في نفوسهم الظلم والعدل‏.‏
ثم مست الحاجة بينهم ميزانا للعدالة وقانونا لسياسة توزن به حركاتهم وسكناتهم وترجع إليه طاعاتهم ومعاملاتهم فانزل الله كتابه بالحق وميزانه بالعدل كما قال تعالى‏:‏ الله الذي انزل الكتاب بالحق والميزان‏.‏
قال علماء التفسير المراد بالكتاب والميزان العلم والعدل وكانت مباشرة هذا الأمر من الله بنفسه من غير واسطة وسبب على خلاف ترتيب المملكة وقانون الحكمة فاستخلف فيها من الآدميين خلائف ووضع في قلوبهم العلم والعدل ليحكموا بهما بين الناس حتى يصدر تدبيرهم عن دين مشروع وتجتمع كلمتهم على رأي متبوع ولو تنازعوا في وضع الشريعة لفسد نظامهم واختل معاشهم‏.‏
فمعنى الخلافة هو أن ينوب أحد مناب آخر في التصرف واقفا على حدود أوامره ونواهيه وأما معنى العدالة فهي خلق في النفس أو صفة في الذات تقتضي المساواة لأنها أكمل الفضائل لشمول أثرها وعموم منفعتها كل شيء وإنما يسمى الإنسان عادلا لما وهبه الله قسطا من عدله وجعله سببا وواسطة لإيصال فيض فضله واستخلفه في أرضه بهذه الصفة حتى يحكم بين الناس بالحق والعدل كما قال تعالى‏:‏ يا داود أنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق‏.‏
وخلائف الله هم القائمون بالقسط والعدالة في طريق الاستقامة ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه والعدالة تابعة للعلم بأوساط الأمور المعبر عنها في الشريعة بالصراط المستقيم‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ أن ربي على صراط مستقيم إشارة إلى أن العدالة الحقيقية ليست ألا لله تعالى فهو العادل الحقيقي الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ووضع كل شيء على مقتضى علمه الكامل وعدله الشامل‏.‏
وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ بالعدل قامت السموات والأرض إشارة إلى عدل الله تعالى الذي جعل لكل شيء قدرًا لو فرض فارض زائدًا عليه أو ناقصًا عنه لم ينتظم الوجود على هذا النظام بهذا التمام والكمال‏.‏
ورفع الله بعضهم فوق بعض درجات كما قال تعالى‏:‏ وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات‏:‏ الأول الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام فهم أدلاء الأمة وعمد الدين ومعادن حكم الكتاب وأمناء الله في خلقه هم السراج المنيرة على سبيل الهدى وحملة الأمانة عن الله إلى خلقه بالهداية بعثهم الله رسلا إلى قومهم وأنزل معهم الكتاب والميزان ولا يتعدون حدود ما أنزل الله إليهم من الأوامر والزواجر إرشادًا وهداية لهم حتى يقوم الناس بالقسط والحق ويخرجونهم من ظلمات الكفر والطغيان إلى نور اليقظة والأيمان وهم سبب نجاتهم من دركات جهنم إلى درجات الجنان‏.‏
وميزان عدالة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الدين المشروع الذي وصاهم الله بإقامته في قوله تعالى‏:‏ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا‏.‏
فكل أمر من أمور الخلائق دنيا وآخرة عاجلًا وآجلًا قولًا وفعلًا حركة وسكونًا جار على نهج العدالة ما دام موزونًا بهذا الميزان ومنحرف عنها بقدر انحرافه عنه ولا تصح الإقامة بالعدالة ألا بالعلم وهو أتباع أحكام الكتاب والسنة‏.‏
العلماء - الذين هم ورثة الأنبياء فهم فهموا مقامات القدوة من الأنبياء وأن لم يعطوا درجاتهم واقتدوا بهداهم واقتفوا آثارهم إذ هم أحباب الله وصفوته من خلقه ومشرق نور حكمته فصدقوا بما أتوا به وساروا على سبيلهم وأيدوا دعوتهم ونشروا حكمتهم كشفًا وفهمًا وذوقًا وتحقيقًا أيمانًا وعلمًا بكمال المتابعة لهم ظاهرًا وباطنًا‏.‏
فلا يزالون مواظبين على تمهيد قواعد العدل وإظهار الحق برفع منار الشرع وإقامة أعلام الهدى والإسلام وأحكام مباني التقوى برعاية الأحوط في الفتوى تزهدًا للرخص لأنهم أمناء لله في العالم وخلاصة بني آدم مخلصون في مقام العبودية مجتهدون في أتباع أحكام الشريعة عن باب الحبيب لا يبرحون ومن خشية ربهم مشفقون مقبلون على الله تعالى بطهارة الأسرار وطائرون إليه بأجنحة العلم والأنوار هم أبطال ميادين العظمة وبلابل بساتين العلم والمكالمة‏.‏
أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون وتلذذوا بنعيم المشاهدة ولهم عند ربهم ما يشتهون‏.‏
وما ظهر في هذا الزمان من الاختلال في حال البعض من حب الجاه والمال والرياسة والمنصب والحسد والحقد لا يقدح في حال الجميع لأنه لا يخلو الزمان من محقيهم وأن كثر المبطلون ولكنهم أخفياء مستورون تحت قباب الخمول لا تكشف عن حالهم يد الغيرة الإلهية والحكمة الأزلية‏.‏
وهم آحاد الأكوان وأفراد الزمان وخلفاء الرحمن وهم مصابيح الغيوب مفاتيح أقفال القلوب وهم خلاصة خاصة الله من خلقه وما برحوا أبدًا في مقعد صدقه بهم يهتدي كل حيران ويرتوي كل ظمآن وذلك أن مطلع شمس مشارق أنوارهم مقتبس من مشكاة النبوة المصطفوية ومعدن شجرة أسرارهم مؤيد بالكتاب والسنة لا أحصي ثناء عليهم أفض اللهم علينا مما لديهم‏.‏
الثالث الملوك وولاة الأمور يراعون العدل والأنصاف بين الناس والرعايا توصلا إلى نظام المملكة وتوسلًا إلى قوام السلطنة لسلامة الناس في أموالهم وأبدانهم وعمارة بلدانهم ولولا قهرهم وسطوتهم لتسلط القوي على الضعيف والدنيء على الشريف‏.‏
فرأس المملكة وأركانها وثبات أحوال الأمة وبنيانها العدل والأنصاف سواء كانت الدولة إسلامية أو غير إسلامية فهما أس كل مملكة وبنيان كل سعادة ومكرمة‏.‏
فإن الله تعالى أمر بالعدل ولم تكتف به حتى أضاف إليه الإحسان فقال تعالى‏:‏ أن الله يأمر بالعدل والإحسان لأن بالعدل ثبات الأشياء ودوامها وبالجور والظلم خرابها وزوالها فإن الطباع البشرية مجبولة على حب الانتصاف من الخصوم وعدم الأنصاف لهم والظلم والجور كامن في النفوس لا يظهر ألا بالقدرة كما قيل‏:‏ والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم فلولا قانون السياسة وميزان العدالة لم يقدر مصل على صلاته ولا عالم على نشر علمه ولا تاجر على سفره فإن قيل‏:‏ فما حد الملك العادل قلنا‏:‏ هو ما قال العلماء بالله من عدل بين العباد وتحذر عن الجور والفساد حسبما ذكره رضى الصوفي في كتابه المسمى بقلادة الأرواح وسعادة الأفراح عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة قيام ليلها وصيام نهارها‏.‏
وفي حديث آخر‏:‏ والذي نفس محمد بيده أنه ليرفع للملك العادل إلى السماء مثل عمل الرعية وكل صلاة يصليها تعدل سبعين ألف صلاة وكأن الملك العادل قد عبد الله بعبادة كل عابد وقام له بشكر كل شاكر فمن لم يعرف قدر هذه النعمة الكبرى والسعادة العظمى واشتغل بظلمه وهواه يخاف عليه بان يجعله الله من جملة أعدائه وتعرض إلى أشد العذاب كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ أن أبغض الناس إلى الله تعالى وأشدهم عذابا يوم القيامة إمام جائر‏.‏
فمن عدل في حكمه وكف عن ظلمه نصره الحق وأطاعه الخلق وصفت له النعمى وأقبلت عليه الدنيا فتهنأ بالعيش واستغنى عن الجيش وملك القلوب وأمن الحروب وصارت طاعته فرضا وظلت رعيته جندًا لأن الله تعالى ما خلق شيئا أحلى مذاقا من العدل ولا أروح إلى القلوب من الأنصاف ولا أمر من الجور ولا أشنع من الظلم‏.‏
فالواجب على الملك وعلى ولاة الأمور أن لا يقطع في باب العدل ألا بالكتاب والسنة لأنه يتصرف في ملك الله وعباد الله بشريعة نبيه ورسوله نيابة عن تلك الحضرة ومستخلفا عن ذلك الجناب المقدس ولا يأمن من سطوات ربه وقهره فيما يخالف أمره فينبغي أن يحترز عن الجور والمخالفة والظلم والجهل فانه أحوج الناس إلى معرفة العلم وأتباع الكتاب والسنة وحفظ قانون الشرع والعدالة فإنه منتصب لمصالح العباد وإصلاح البلاد وملتزم بفصل خصوماتهم وقطع النزاع بينهم وهو حامي الشريعة بالإسلام فلا بد من معرفة أحكامها والعلم بحلالها وحرامها ليتوصل بذلك إلى إبراء ذمته وضبط مملكته وحفظ رعيته فيجتمع له مصلحة دينه ودنياه وتمتلئ القلوب بمحبته والدعاء له فيكون ذلك أقوم لعمود ملكه وأدوم لبقائه وأبلغ الأشياء في حفظ المملكة العدل والأنصاف على الرعية‏.‏
وقيل لحكيم‏:‏ أيهما أفضل العدل أم الشجاعة فقال‏:‏ من عدل استغنى عن الشجاعة لأن العدل أقوى جيش وأهنأ عيش‏.‏
وقال الفضيل بن عياض‏:‏ النظر إلى وجه الإمام العادل عبادة وأن المقسطين عند الله على منابر من نور يوم القيامة عن يمين الرحمن‏.‏
قال‏:‏ سفيان الثوري‏:‏ صنفان إذا صلحا صلحت الأمة وإذا فسدا فسدت الأمة‏:‏ الملوك والعلماء‏.‏
والملك العادل هو الذي يقضي بكتاب الله عز وجل ويشفق على الرعية شفقة الرجل على أهله‏.‏
روى ابن يسار عن أبيه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ أيما وال ولي من أمر أمتي شيئا فلم ينصح لهم ويجتهد كنصيحته وجهده لنفسه كبه الله على وجهه يوم القيامة في النار‏.‏
الرابع أوساط الناس يراعون العدل في معاملاتهم وأروش جناياتهم بالأنصاف فهم يكافؤون الحسنة بالحسنة والسيئة بمثلها‏.‏
الخامس القائمون بسياسة نفوسهم وتعديل قواهم وضبط جوارحهم وانخراطهم في سلك العدول لأن كل فرد من أفراد الإنسان مسؤول عن رعايا رعيته التي هي جوارحه وقواه كما ورد‏:‏ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته كما قيل‏:‏ صاحب الدار مسؤول عن أهل بيته وحاشيته‏.‏
ولا تؤثر عدالة الشخص في غيره ما لم تؤثر أولًا في نفسه إذ التأثير في البعيد قبل القريب بعيد‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم دليل على ذلك والإنسان متصف بالخلافة لقوله تعالى‏:‏ ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون‏.‏
ولا تصح خلافا الله ألا بطهارة النفس كما أن أشرف العبادات لا تصح ألا بطهارة الجسم فما اقبح بالمرء أن يكون حسن جسمه باعتبار قبيح نفسه كما قال حكيم لجاهل صبيح الوجه‏:‏ أما البيت فحسن وأما ساكنه فقبيح‏.‏
وطهارة النفس شرط في صحة الخلافة وكمال العبادة ولا يصح نجس النفس لخلافة الله تعالى ولا يكمل لعبادته وعمارة أرضه ألا من كان طاهر النفس قد أزيل رجسه ونجسه‏.‏
فللنفس نجاسة كما أن للبدن نجاسة فنجاسة البدن يمكن إدراكها بالبصر ونجاسة النفس لا تدرك ألا بالبصيرة كما أشار له بقوله تعالى‏:‏ إنما المشركون نجس‏.‏
فإن الخلافة هي الطاعة والاقتدار على قدر طاقة الإنسان في اكتساب الكمالات النفسية والاجتهاد بالإخلاص في العبودية والتخلق بأخلاق الربوبية ومن لم يكن طاهر النفس لم يكن طاهر الفعل‏.‏
فكل أناء بالذي فيه ينضح‏.‏
ولهذا قيل‏:‏ من طابت نفسه طاب عمله ومن خبثت نفسه خبث عمله‏.‏
وقيل في قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب أنه أشار بالبيت إلى القلب وبالكلب إلى النفس الإمارة بالسوء أو إلى الغضب والحرص والحسد وغيرها من الصفات الذميمة الراسخة في النفس ونبه بان نور الله لا يدخل القلب إذا كان فيه ذلك الكلب‏.‏
وإلى الطهارتين أشار بقوله تعالى‏:‏ وثيابك فطهر والرجز فاهجر‏.‏
وأما الذي تطهر به النفس حتى تصلح للخلافة وتستحق به ثوابه فهو العلم والعبادة الموظفة اللذان هما سبب الحياة‏.‏
توضيح أعلم أن الإنسان من حيث الصورة التخطيطية كصورة في جدار وإنما فضيلته بالنطق والعلم‏.‏
ولهذا قيل‏:‏ ما الإنسان لولا اللسان ألا بهمة مهملة أو صورة فبقوة العلم والنطق والفهم يضارع الملك وبقوة الأكل والشرب والشهوة والنكاح والغضب يشبه الحيوان‏.‏
فمن صرف همته كلها إلى تربية القوة الفكرية بالعلم والعمل فقد لحق بأفق الملك فيسمى ملكا وربانيا كما قال تعالى‏:‏ أن هذا ألا ملك كريم‏.‏
ومن صرف همته كله إلى تربية القوة الشهوانية باتباع اللذات البدنية يأكل كما تأكل الأنعام فحقيق أن يلحق بالبهائم أما غمرًا كثور أو شرهًا كخنزير أو عقورًا ككلب أو حقودًا كجمل أو متكبرًا كنمر أو ذا حيلة ومكر كثعلب أو يجمع ذلك كله فيصير كشيطان مريد وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى‏:‏ وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت‏.‏
وقد يكون كثير من الناس من صورته صورة إنسان وليس هو في الحقيقة ألا كبعض الحيوان‏.‏
قال الله تعالى‏:‏ أن هم ألا كالأنعام بل هم أضل‏:‏ مثل لبهائم جهلا جل خالقهم لهم تصاوير لم يقرن بهن جحا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوجهاد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
أبوجهاد


وسام التميز لونه طوبى
العمر : 47
الدولة : مصر الحبيبة
ذكر الجدي النمر
عدد المساهمات : 1133
نقاط : 2247
تاريخ الميلاد : 20/01/1963
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
العمر : 61
العمل/الترفيه : طالب علم
تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين مارس 22, 2010 9:43 pm

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )
من نصائح الرشاد لمصالح العباد
اعلم أن سبب هلاك الملوك اطراح ذوي الفضائل واصطناع ذوي الرذائل والاستفاف بعظة الناصح والاغترار بتزكية المادح من نظر في العواقب سلم من النوائب وزوال الدول اصطناع السفل ومن استغنى بعقله ضل ومن اكتفى برأيه زل ومن أستشار ذوي الألباب سلك سبيل الصواب ومن استعان بذوي العقول فاز بدرك المأمول من عدل في سلطانه استغنى عن أعوانه عدل السلطان أنفع للرعية من خصب الرمان الملك يبقى على الكفر والعدل لا يبقى على الجور والأيمان‏.‏
ويقال‏:‏ حق على من ملكه الله على عباده وحكمه في بلاده أن يكون لنفسه مالكًا وللهوى تاركًا وللغيظ كاظمًا وللظلم هاضمًا وللعدل في حالتي الرضى والغضب مظهرًا وللحق في السر والعلانية مؤثرًا وإذا كان كذلك الزم النفوس طاعته والقلوب محبته وأشرق بنور عدله زمانه وكثر على عدوه أنصاره وأعوانه‏.‏
ولقد صدق من قال‏:‏ يا أيها الملك الذي بصلاحه صلح الجميع أنت الزمان فإن عدلت فكله أبدا ربيع وقال عمرو بن العاص‏:‏ ملك عادل خير من مطر وابل من كثر ظلمه واعتداؤه قرب هلاكه وفناؤه‏.‏
موعظة‏:‏ كل محنة إلى زوال وكل نعمة إلى انتقال‏:‏ رأيت الدهر مختلفا يدور فلا حزن يدوم ولا سرور وشيدت الملوك به قصورًا فما بقي الملوك ولا القصور وقال المأمون‏:‏ يبقى الثناء وتنفذ الأموال ولكل وقت دولة ورجال من كبرت همته كثرت قيمته‏.‏
لا تثق بالدولة فإنها ظل زائل ولا تعتمد على النعمة فأنها ضيف راحل‏.‏
فإن الدنيا لا تصفو لشارب ولا تفي لصاحب‏.‏
كتب عمر بن عبد العزيز إلى الحسن البصري‏:‏ انصحني فكتب إليه‏:‏ أن الذي يصحبك لا ينصحك والذي ينصحك لا يصحبك وسأل معاوية الأحنف بن قيس وقال له‏:‏ كيف الزمان فقال أنت الزمان أن صلحت صلح الزمان وأن فسدت فسد الزمان‏.‏
آفة الملوك سوء السيرة وآفة الوزراء خبث السريرة وآفة الجند مخالفة القادة وآفة الرعية مخالفة السادة وآفة الرؤساء ضعف السياسة وآفة العلماء حب الرياسة وآفة القضاة شدة الطمع وآفة العدول قلة الورع وآفة القوي استضعاف الخصم وآفة الجريء إضاعة الحزم وآفة المنعم قبح المن وآفة المذنب حسن الظن والخلافة لا يصلحها ألا التقوى والرعية لا يصلحها ألا العدل فمن جارت قضيته ضاعت رعيته ومن ضعفت سياسته بطلت رياسته‏.‏
ويقال‏:‏ شيئان إذا صلح أحدهما صلح الآخر‏:‏ السلطان والرعية‏.‏
ومن كلام بعض البلغاء‏:‏ خير الملوك من كفى وكف وعفا وعف‏.‏
قال وهب بن منبه‏:‏ إذا هم الوالي بالجور أو عمل به أدخل الله النقص في أهل مملكته حتى في التجارات والزراعات وفي كل شيء وإذا هم بالخير أو عمل به أدخل الله البركة على أهل مملكته حتى في التجارات والزراعات وفي كل شيء ويعم البلاد والعباد‏.‏
ولنقبض عنان العبارات والنقلية في أرض الإشارات العقلية المقتطفة من نظم السلوك في مسامرة الملوك وغرر الخصائص وغرر النقائص وهو باب واسع كثير المنافع وملاك الأمر في ذلك حسن القابلية وأن تكون مرآة إذا كان الطباع طباع سوء فليس بنافع أدب الأديب وقيل‏:‏ إن الأخلاق وأن كانت غريزية فإنه يمكن تطبعها بالرياضة والتدريب والعادة والفرق بين الطبع والتطبع أن الطبع جاذب مفتعل والتطبع مجذوب منفعل تتفق نتائجهما مع التكلف ويفترق تأثيرهما مع الاسترسال‏.‏
وقد يكون في الناس من لا يقبل طبعه العادة الحسنة ولا الأخلاق الجميلة ونفسه مع ذلك تتشوق إلى المنقبة وتتأنف من المثلبة‏.‏
لكن سلطان طبعه يأبى عليه ويستعصي عن تكليف ما ندب إليه يختار العطل منها على التحلي ويستبدل الحزن على فواتها بالتسلي فلا ينفعه التأنيب ولا يردعه التأديب وسبب ذلك ما قرره المتكلمون في الأخلاق من أن الطبع المطبوع أملك للنفس التي هي محله لاستيطانه إياها وكثرة أعانته لها‏.‏
وأما الذي يجمع الفضائل والرذائل فهو الذي تكون نفسه الناطقة متوسطة الحال بين اللؤم والكرم وقد تكتسب الأخلاق من معاشرة الإخلاء أما بالصالح أو بالفساد فرب طبع كريم أفسدته معاشرة الأشرار وطبع لئيم أصلحته مصاحبة الأخيار‏.‏
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل‏.‏
وقال علي رضي الله عنه لولده الحسن‏:‏ الأخ رقعة في ثوبك فانظر بمن ترقعه‏.‏
وقال بعض الحكماء في وصيته لولده‏:‏ يا بني أحذر مقارنة ذوي الطباع المزدولة لئلا تسرق طباعك طباعهم وأنت لا تشعر وأما إذا كان الخليل كريم الأخلاق شريف الأعراق حسن السيرة طاهر السريرة فبه في محاسن الشيم يقتدي وبنجم رشده في طريق المكارم يهتدي وإذا كان سيئ الأعمال خبيث الأقوال كان المغتبط به كذلك ومع هذا فواجب على العاقل اللبيب والفطن الأريب أن يجهد نفسه حتى يحوز الكمال بتهذيب خلائقه ويكتسي حلل الجمال بدماثة شمائله وحميد طرائقه‏.‏
وقال عمرو بن العاص المرء حيث يجعل نفسه أن رفعها ارتفعت وأن وضعها اتضعت‏.‏
وقال بعض الحكماء‏:‏ النفس عروف عزوف ونفور الوف متى ردعتها ارتدعت ومتى حملتها حملت وأن أصلحتها صلحت وأن أفسدتها فسدت‏.‏
وقال الشاعر‏:‏ وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى فإن أطعمت تاقت وإلا تسلت وقالوا‏:‏ من فاته حسب نفسه لم ينفعه حسب أبيه والمنهج القويم الموصل إلى الثناء الجميل أن يستعمل الإنسان فكره وتميزه فيما ينتج عن الأخلاق المحمودة والمذمومة منه ومن غيره فيأخذ نفسه بما استحسن منها واستملح ويصرفها عما استهجن منها واستقبح‏.‏
فقد قيل‏:‏ كفاك تأديبا ترك ما كرهه الناس من غيرك‏.‏
اللهم بحرمة سيد الأنام يسر لنا حسن الختام واصرف عنا سوء القضاء وانظر لنا بعين الرضاء وهذا أوان انشقاق كمائم طلع الشماريخ عن زهر مجمل التاريخ‏.‏

أول خليفة جعل في الأرض آدم عليه الصلاة والسلام
( بمصداق قوله تعالى‏:‏ أني جاعل في الأرض خليفة‏.‏)
ثم توالت الرسل بعده لكنها لم تكن عامة الرسالة بل كل رسول أرسل إلى فرقة فهؤلاء الرسل عليهم السلام مقررون شرائع الله بين عباده وملزموهم بتوحيد وامتثال أوامره ونواهيه ليترتب على ذلك انتظام أمور معاشهم في الدنيا وفوزهم بالنعيم السرمدي إذا امتثلوا في الآخرة إلى أن جاء ختامهم الرسول الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أرسله الله بالهدي ودين الحق ليظهره على الدين كله وأمره بالصدع والإعلان والتطهير من عبادة الأوثان‏.‏
وآمن به من آمن من الصحابة رضوان الله عليهم وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم المفلحون‏.‏
ولم يزل هذا الدين القويم من حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم يزيد وينمو ويتعالى ويسمو حتى تم ميقاته وقربت من النبي وفاته‏.‏
وأنزل الله عليه اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا‏.‏
ولما قبض صلى الله عليه وسلم قام بالأمر بعده أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم عمر رضي الله عنه ثم عثمان رضي الله عنه ثم علي كرم الله وجهه ولم تصف له الخلافة بمغالبة معاوية رضوان الله عليهم أجمعين في الأمر وبموت علي رضي الله عنه تمت مدة الخلافة التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله‏:‏ الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكًا عضوضًا وبخلافة معاوية كان ابتداء دولة الأمويين وانقرضت بظهور أبي مسلم الخراساني وإظهاره دولة بني العباس‏.‏
كان أولهم السفاح وظهرت دولتهم الظهور التام وبلغت القوة الزائدة والضخامة العظيمة ثم أخذت في الانحطاط بتغلب الأتراك والديلم ولم تزل منحطة وليس للخلفاء في آخر الأمر إلا الاسم فقط حتى ظهرت فتنة التتار التي أبادت العالم وخرج هولاكو خان وملك بغداد وقتل الخليفة المعتصم وهو آخر خلفاء بني العباس ببغداد ملوك مصر بعد ضعف الخلافة العباسية وفي خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه افتتحت الديار المصرية والبلاد الشامية على يد عمر بن العاص و لم تزل في النيابة أيام الخلفاء الراشدين ودولة بني أمية وبني العباس إلى أن ضعفت الخلافة العباسية بعد قتل المتوكل بن المعتصم بن الرشيد سنة سبع وأربعين ومائتين‏.‏
وتغلب على النواحي كل متملك لها فانفرد أحمد بن طولون بمملكة مصر والشام ثم دولة الاخشيد وبعده كافور أبو المسك‏.‏
ولما مات قدم جوهر القائد من قبل المعز الفاطمي من المغرب فملكها من غير ممانع وأسس القاهرة وذلك في سنة إحدى وستين وثلاثمائة‏.‏
وقدم المعز إلى مصر بجنوده وأمواله ومعه رمم آبائه وأجداده محمولة في توابيت وسكن بالقصرين وأدعى الخلافة لنفسه دون العباسيين‏.‏
وأول ظهور أمرهم في سنة سبعين ومائتين فظهر عبد الله بن عبيد الملقب بالمهدي وهو جد بني عبيد الخلفاء المصريين العبيديين الروافض باليمن وأقام على ذلك إلى سنة ثمان وسبعين فحج تلك السنة وأجتمع بقبيلة من كنانة فأعجبهم حاله فصحبهم إلى مصر ورأى منهم طاعة وقوة فصحبهم إلى المغرب فنما شأنه وشأن أولاده من بعده إلى أن حضر المعز لدين الله أبو تميم معد بن اسمعيل بن القائم ابن المهدي إلى مصر وهو أولهم فملكوا نيفا ومائتين من السنين إلى أن ضعف أمرهم في أيام العاضد وسوء سياسة وزيره شاور فتملكت الإفرنج بلاد السواحل الشامية وظهر بالشام نور الدين محمود بن زنكي فاجتهد في قتال الإفرنج واستخلص ما استولوا عليه من بلاد المسلمين وجهز أسد الدين شيركوه بعساكر لأخذ مصر فحاصرها نحو شهرين فاستنجد العاضد بالإفرنج فحضروا من دمياط فرحل أسد الدين إلى الصعيد فجبى خراجه ورجع إلى الشام‏.‏
وقصد الإفرنج الديار المصرية في جيش عظيم وملكوا بلبيس وكانت إذ ذاك مدينة حصينة ووقعت حروب بين الفريقين فكانت الغلبة فيها على المصريين وأحاطوا بالإقليم برًا وبحرًا وضربوا على أهله الضرائب‏.‏
ثم أن الوزير شاور أشار بحرق الفسطاط فأمر الناس بالجلاء عنها وأرسل عبيده بالشعل والنفوط فأوقدوا فيها النار فاحترقت عن آخرها واستمرت النار بها أربعة وخمسين يوما وأرسل الخليفة العاضد يستنجد نور الدين وبعث إليه بشعور نسائه فأرسل إليه جندًا كثيفًا وعليهم أسد الدين شيركوه وأبن أخيه صلاح الدين يوسف فارتحل الإفرنج عن البلاد وقبض أسد الدين على الوزير شاور الذي أشار بحرق المدينة وصلبه وخلع العاضد على أسد الدين الوزارة فلم يلبث أن مات بعد خمسة وستين يوما فولى العاضد مكانه ابن أخيه صلاح الدين وقلده الأمور ولقبه الملك الناصر فبذل لله همته وأعمل حيلته وأخذ في إظهار السنة وإخفاء البدعة‏.‏
فثقل أمره على الخليفة العاضد فابطن له فتنة أثارها في جنده ليتوصل بها إلى هزيمة الأكراد وإخراجهم من بلاده فتفاقم الأمر وانشقت العصا ووقعت حروب بين الفريقين أبلى فيها الناصر يوسف وأخوه شمس الدولة بلاء حسنا وانجلت الحروب عن نصرتهما فعند ذلك ملك الناصر القصر وضيق على الخليفة وحبس أقاربه وقتل أعيان دولته واحتوى على ما في القصور من الذخائر والأموال والنفائس بحيث استمر البيع فيه عشر سنين غير ما اصطفاه صلاح الدين لنفسه‏.‏
وخطب للمستضيئ العباسي بمصر وسير البشارة بذلك إلى بغداد ومات العاضد قهرًا وأظهر الناصر يوسف الشريعة المحمدية وطهر الإقليم من البدع والتشييع والعقائد الفاسدة وأظهر عقائد أهل السنة والجماعة وهي عقائد الأشاعرة والماتريدية و بعث إليه أبو حامد الغزالي بكتاب ألفه له في العقائد فحمل الناس على العمل بما فيه ومحا من الإقليم مستنكرات الشرع وأظهر الهدي ولما توفي نور الدين الشهيد انضم إليه ملك الشام وواصل الجهاد وأخذ في استخلاص ما تغلب عليه الكفار من السواحل وبيت المقدس بعد ما أقام بيد الإفرنج نيفًا وإحدى وتسعين سنة وأزال ما أحدثه الإفرنج من الآثار والكنائس‏.‏
ولم يهدم القيامة اقتداء بعمر رضي الله عنه وافتتح الفتوحات الكثيرة واتسع ملكه ولم يزل على ذلك إلى أن توفي سنة تسع وثمانين وخمسمائة ولم يترك إلا أربعين درهما وهو الذي أنشأ قلعة الجبل وسور القاهرة العظيم‏.‏
وكان المشد على عمائره بهاء الدين قراقوش ثم استمر الأمر في أولاده وأولاد أخيه الملك العادل وحضر الإفرنج أيضًا إلى مصر في أيام الملك الكامل بن العادل وملكوا دمياط وهدموها فحاربهم شهورًا حتى أجلاهم وعمرت بعد ذلك دمياط هذه الموجودة في غير مكانها وكانت تسمى بالمنشية والكامل هذا هو الذي أنشأ قبة الشافعي رضي الله عنه عندما دفن بجواره موتاهم وأنشأ المدرسة الكاملية بين القصرين المعروفة بدار الحديث‏.‏
وفي أيام الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل حضر الإفرنج وملكوا دمياط وزحفوا إلى فارسكور واستمر الملك الصالح يحاربهم أربعة عشر شهرًا وهو مريض وانحصر جهة الشرق وأنشأ المدينة المعروفة بالمنصورة ومات بها سنة سبع وأربعين وستمائة والحرب قائمة وأخفت زوجته شجرة الدر موته ودبرت الأمور حتى حضر أبنه توران شاه من حصن كيفا وانهزمت الإفرنج وأسر ملكهم ريدا وكانوا طائفة الفرنسيس والملك الصالح هذا هو أول من اشترى المماليك واتخذ منهم جندًا كثيفًا وبنى لهم قلعة الروضة وأسكنهم بها وسماهم البحرية ومقدمهم الفارس اقطاي‏.‏
والملك الصالح هو الذي بنى المدارس الصالحية بين القصرين ودفن بقبة بنيت له بجانب المدرستين‏.‏
ولما أنهزم الإفرنج ومات الصالح وتملك ابنه توران شاه استوحش من مماليك أبيه واستوحشوا منه فتعصبوا عليه وقتلوه بفارسكور و قلدوا في السلطنة شجرة الدر ثلاثة أشهر ثم خلعت وهي آخر الدولة الأيوبية ومدة ولايتهم إحدى وثمانون سنة‏.‏
الملوك التركية ثم تولى سلطنة مصر عز الدين أيبك التركماني الصالحي سنة ثمان وأربعين وستمائة وهو أول الدولة التركية بمصر‏.‏
ولما قتل ولوا أبنه المظفر علي فلما وقعت حادثة التتار العظمى خلع المظفر لصغره وتولى الملك المظفر قطز وخرج بالعساكر المصرية لمحاربة التتار فظهر عليهم وهزمهم ولم تقم لهم قائمة بعد ذلك بعد أن كانوا ملكوا معظم المعمور من الأرض وقهروا الملوك وقتلوا العباد وخربوا البلاد‏.‏
وفي سنة أربع وخمسين وستمائة ملكوا سائر بلاد الروم بالسيف وفي البحر‏.‏
فلما فرغوا من ذلك صنيعه نزل هولاكو خان وهو ابن طولون بن جنكيز خان على بغداد وذلك سنة ست وخمسين وهي إذ ذاك كرسي مملكة الإسلام ودار الخلافة فملكها وقتلوا ونهبوا وأسروا من بها من جمهور المسلمين والفقهاء والعلماء والأئمة والقراء والمحدثين وأكابر الأولياء والصالحين وفيها خليفة رب العالمين وأمام المسلمين وأبن عم سيد المرسلين فقتلوه وأهله وأكابر دولته وجرى في بغداد ما لم يسمع بمثله في الآفاق‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوجهاد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
أبوجهاد


وسام التميز لونه طوبى
العمر : 47
الدولة : مصر الحبيبة
ذكر الجدي النمر
عدد المساهمات : 1133
نقاط : 2247
تاريخ الميلاد : 20/01/1963
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
العمر : 61
العمل/الترفيه : طالب علم
تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(2 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين مارس 22, 2010 9:45 pm


عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(2 )
من نصائح الرشاد لمصالح العباد

ثم أن هولاكو خان أمر بعد القتلى فبلغوا ألف ألف وثمانمائة ألف وزيادة ثم تقدم التتار إلى بلاد الجزيرة واستولوا على حران والرها وديار بكر في سنة سبع وخمسين ثم جاوزوا الفرات ونزلوا على حلب في سنة ثمان وخمسين وستمائة واستولوا عليها وأحرقوا المساجد وجرت الدماء في الأزقة وفعلوا ما لم يتقدم مثله‏.‏
ثم وصلوا إلى دمشق وسلطانها الناصر يوسف بن أيوب فخرج هاربا وخرج معه أهل القدرة ودخل التتار إلى دمشق وتسلموها بالأمان ثم غدروا بهم وتعدوها فوصلوا إلى نابلس ثم إلى الكرك وبيت المقدس فخرج سلطان مصر بجيش الترك الذين تهابهم الأسود وتقل في أعينهم أعداد الجنود فالتقاهم عند عين جالوت فكسرهم وشردهم وولوا الأدبار وطمع الناس فيهم يتخطونهم‏.‏
ووصلت البشائر بالنصر فطار الناس فرحًا‏.‏
ودخل المظفر إلى دمشق مؤيدًا منصورًا وأحبه الخلق محبة عظيمة وساق بيبرس خلف التتار إلى بلاد حلب وطردهم وكان السلطان وعد بحلب ثم رجع عن ذلك‏.‏
فتأثر بيبرس وأضمر له الغدر وكذلك السلطان وأسر ذلك إلى بعض خواصه فأطلع بيبرس فساروا إلى مصر وكل منهما محترس من صاحبة فاتفق بيبرس مع جماعة من الأمراء على قتل المظفر فقتلوه في الطريق‏.‏
الملك بيبرس ودخل بيبرس مصر سلطانًا وتلقب بالملك الظاهر وذلك سنة ثمان وخمسين وستمائة وهو السلطان ركن الدين أبو الفتح بيبرس البندقداري الصالحي النجمي أحد المماليك البحرية وعندما استقر بالقلعة أبطل المظالم والمكوس وجميع المنكرات وجهز الحج بعد انقطاعه اثنتي عشرة سنة بسبب فتنة التتار وقتل الخليفة ومنافقة أمير مكة مع التتار‏.‏
فلما وصلوا إلى مكة منعوهم من دخول المحمل ومن كسوة الكعبة فقال أمير المحمل لأمير مكة‏:‏ أما تخاف من الملك الظاهر بيبرس فقال‏:‏ دعه يأتيني على الخيل البلق‏.‏
فلما رجع أمير المحمل وأخبر السلطان بما قاله أمير مكة جمع له في السنة الثانية أربعة عشر ألف فرس أبلق وجهزهم صحبة أمير الحج وخرج بعدهم على ثلاث نوق عشاريات فوافاهم عند دخولهم مكة وقد منعهم التتار وأمير مكة فحاربوهم فنصرهم الله عليهم وقتل ملك التتار وأمير مكة طعنه السلطان بالرمح وقال له‏:‏ أنا الملك الظاهر جئتك على الخيل البلق‏.‏
فوقع إلى الأرض وركب السلطان فرسه ودخل إلى مكة وكسا البيت وعاد إلى مصر واستقر ملكه حتى مات بدمشق سابع عشري المحرم سنة ست وسبعين وستمائة ومدته سبع عشرة سنة وشهران واثنا عشر يوما وحج سنة سبع وستين وستمائة‏.‏
ولذلك خبر طويل ذكره العلامة المقريزي في ترجمته في تواريخه وفي الذهب المسبوك فيمن حج من الخلفاء والملوك وكان من أعظم الملوك شهامة وصرامة وانقيادًا للشرع وله فتوحات وعمارات مشهورة ومآثر حميدة ومنها رد الخلافة لبني العباس وذلك أنه لما جرى على بغداد وقتل الخليفة وبقيت ممالك الإسلام بلا خلافة ثلاث سنوات حضر شخص من أولاد الخلفاء الفارين في الواقعة إلى عرب العراق ومعه عشرة من بني مهارش فركب الظاهر للقائه ومعه القضاة وأهل الدولة فأثبت نسبه على يد قاضي القضاة تاج الدين بن بنت الأعز ثم بويع بالخلافة فبايعه السلطان وقاضي القضاة والشيخ عز الدين بن عبد السلام ثم الكبار على مراتبهم ولقب بالمستنصر وركب يوم الجمعة وعليه السواد إلى جامع القلعة وخطب خطبة بليغة ذكر فيها شرف بني العباس ودعا فيها للسلطان وللمسلمين ثم صلى بالناس ورسم بعمل خلعة خليفة إلى السلطان وكتب له تقليدا وقرأ بظاهر القاهرة بحضرة الجمع وألبس الخليفة السلطان الخلعة بيده وفوض إليه الأمور وركب السلطان بالخلعة والتقليد محمول على رأسه ودخل من باب النصر وزينت القاهرة والأمراء مشاة بين يديه ورتب له اتابكيًا واستادارًا وخازندارًا وحاجبًا وشرابيًا وكاتبًا وعين له خزانة وجملة مماليك ومائة فرس وثلاثين بغلًا وعشر قطارات جمال إلى أمثال ذلك‏.‏
ثم أنه عزم على التوجه إلى العراق فخرج معه السلطان وشيعه إلى دمشق وجهز معه ملوك الشرق صاحب الموصل وصاحب سنجار والجزيرة وغرم عليه وعليهم ألف ألف دينار وستين ألف دينار وسافروا حتى تجاوزوا هيت فلاقاهم التتار فحاربوهم فعدم الخليفة ولم يعلم له خبر‏.‏
وبعد أيام حضر شخص آخر من بني العباس وكان أيضا مختفيا عند بني خفاجة فتوصل مع العرب إلى دمشق وأقام عند الأمير عيسى بن مهنا فأخبر به صاحب دمشق فطلبه وكاتب السلطان في شأنه فأرسل يستدعيه فأرسله مع جماعة من أمراء العرب فلما وصل إلى القاهرة وجد المستنصر قد سبقه بثلاثة أيام فلم ير أن يدخل إليها فرجع إلى حلب فبايعه صاحبها ورؤساؤها ومنهم عبد الحليم بن تيمية وجمع خلقًا كثيرًا وقصد عانة ولقب بالحاكم‏.‏
فلما خرج المستنصر وافاه بعانة فانقاد له هذا ودخل تحت طاعته وخاصته فلما قدم المستنصر قصد الحاكم الرحبة وجاء إلى عيسى ابن مهنا فكاتب الملك الظاهر فيه فطلبه فقدم إلى القاهرة ومعه ولده وجماعته فأكرمه الملك الظاهر وبايعوه بالخلافة كما سبق للمستنصر وأنزله بالبرج الكبير بالقلعة‏.‏
واستمرت الخلافة بمصر وأقام الحاكم فيها نيفا وأربعين سنة وهذه من مناقب الملك الظاهر‏.‏
ولما مات الملك الظاهر تولى بعده ابنه الملك السعيد ثم أخوه الملك العادل وكان صغيرًا والأمر لقلاوون فخلعه واستبد بالملك ولقب بالملك المنصور قلاوون الألفي الصالحي النجمي جد الملوك القلاوونية وهو صاحب الخيرات والبيمارستان المنصوري والمدرسة والقبة التي دفن بها وله فتوحات بسواحل البحر الرومي ومصافات مع التتار وغير ذلك‏.‏
تولى سنة ثمان وسبعين وستمائة ومات أواخر مدته إحدى عشر سنة‏.‏
وتولى بعده ابنه الملك الأشرف خليل بن قلاوون وكان بطلًا شجاعًا ذا همة علية ورياسة مرضية خانه أمراؤه وغدروه وقتلوه بترانة جهة البحيرة سنة ثلاث وتسعين وستمائة ونقل لتربته التي أنشأها بالقرب من المشهد النفيسي بجانب مدرسة أخيه الصالح علي بن قلاوون‏.‏
مات في حياة أبيه وكان هو أكبر أولاده مرشحًا للسلطنة‏.‏
ولما مات الأشرف تولى بعده أخوه الملك الناصر محمد بن قلاوون الألفي الصالحي النجمي‏.‏
أقيم في السلطنة وعمره تسع سنين فأقام سنة وخلع بمملوك أبيه زين الدين ‏)‏كنبغا‏(‏ الملك العادل فثار الأمير حسام الدين لاجين المنصوري نائب السلطنة على العادل وتسلطن عوضه ثم ثار عليه طغى وكبرى فقتلاه وقتلا أيضا‏.‏
واستدعى الناصر من الكرك فقدم وأعيد إلى السلطنة مرة ثانية فأقام عشر سنين وخمسة أشهر محجورا عليه والقائم بتدبير الدولة الأميران بيبرس الجاشنكير وسلار نائب السلطنة فدبر لنفسه في سنة ثمان وسبعمائة وأظهر أنه يريد الحج بعياله فوافقه الأميران على ذلك وشرعا في تجهيزه وكتب إلى دمشق والكرك برمي الإقامات وألزم عرب الشرقية بحمل الشعير فلما تهيأ لذلك احضر الأمراء تقاد معهم الخيل والجمال ثم ركب إلى بركة الحاج وتعين معه للسفر جماعة من الأمراء‏.‏
وعاد بيبرس وسلار من غير أن يترجلا له عند نزوله بالبركة فرحل من ليلته وخرج إلى الصالحية وعيد بها وتوجه إلى الكرك فقدمها في عاشر شوال ونزل بقلعتها وصرح بأنه قد ثنى عزمه عن الحج واختار الإقامة بالكرك وترك السلطنة ليستريح وكتب إلى الأمراء بذلك وسأل أن ينعم عليه بالكرك والشوبك وأعاد من كان معه من الأمراء وسلمهم الهجن وعدتها خمسمائة هجين والمال والجمال وجميع التقادم وأمر نائب الكرك بالمسير عنه وتسلطن بيبرس الجاشنكير وتلقب بالملك المظفر وكتب للناصر تقليدًا بنيابة الكرك‏.‏
فعندما وصله التقليد مع آل ملك اظهر البشر وخطب باسم المظفر على منبر الكرك وأنعم على البريد الحاج آل ملك وأعاده فلم يتركه المظفر وأخذ يناكده ويطلب منه من معه من المماليك الذين اختارهم للإقامة عنده والخيول التي أخذها من القلعة والمال الذي أخذه من الكرك‏.‏
وهدده فحنق لذلك وكتب إلى نواب الشام يشكو ما هو فيه فحثوه على القيام لأخذ ملكه ووعدوه بالنصرة فتحرك لذلك وسار إلى دمشق واتت النواب إليه‏:‏ وقدم إلى مصر وفر بيبرس وطلع الناصر إلى القلعة يوم عيد الفطر سنة تسع وسبعمائة فأقام في الملك اثنتين وثلاثين سنة وثلاثة أشهر ومات في ليلة الخميس حادي عشري ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة وعمره سبع وخمسون سنة وكسور ومدة سلطنته ثلاث وأربعون سنة وثمانية أشهر وتسعة أيام‏.‏
وكان ملكًا عظيمًا جليلًا كفوءًا للسلطنة ذا دهاء محبًا للعدل والعمارة وطابت مدته وشاع ومن محاسنه أنه لما أستبد بالملك أسقط جميع المكوس من أعمال الممالك المصرية والشامية وراك البلاد وهو الروك الناصري المشهود وأبطل الرشوة وعاقب عليها فلا يتقلد المناصب إلا مستحقها بعد التروي والامتحان واتفاق الرأي ولا يقضي إلا بالحق‏.‏
فكانت أيامه سعيدة وأفعاله حميدة‏.‏
وفي أيامه كثرت العمائر حتى يقال أن مصر والقاهرة زادا في أيامه أكثر من النصف وكذلك القرى بحيث صارت كل بلدة من القرى القبلية والبحرية مدينة على انفرادها وله ولأمرائه مساجد ومدارس وتكايا مشهورة وحضر في أوائل دولته القان غازات بجنود التتار فخرج إليهم بعساكر مصر وهزمهم مرتين‏.‏
وبعض مناقبه تحتاج إلى طول ونحن لا نذكر إلا لمعًا فمن أراد الإطلاع عليها فعليه بالمطولات‏.‏
وفي السيرة الناصرية مؤلف مخصوص مجلدان ضخمان ينقل عنه المؤرخون وللصفي الحلي فيه مرثية رائية بليغة نحو ستين بيتا‏.‏
ولما مات دفن على والده بالقبة المنصورية بين القصرين‏.‏
وتولى من أولاده وأولاد أولاده اثنا عشر سلطانا منهم السلطان حسن صاحب الجامع بسوق الخيل بالرميلة ومن شاهده عرف علو همته بين الملوك هو الذي ألف باسمه الشيخ بن أبي حجلة التلمساني كتبه العشرة والتي منها ديوان الصبابة والسكردان وطوق الحمامة وحاطب ليل وقرع سن‏.‏
ومنهم الملك الأشرف شعبان بن حسين بن الملك الناصر محمد وهو الذي أمر الأشراف بوضع العلامة الخضراء في عمائمهم وفي ذلك يقول بعضهم‏:‏ جعلوا لأبناء النبي علامة أن العلامة شأن من لم يشهر نور النبوة في كريم وجوههم يغني الشريف عن الطراز الأخضر وفي أيام الأشرف هذا قدمت الإفرنج إلى الإسكندرية على حين غفلة ونهبوا أموالها وأسروا نساءها ووصل الخبر إلى مصر فتجهز الأشرف وسار بعساكره فوجدهم قد ارتحلوا عنها وتركوها‏.‏
ولهذه الواقعة تاريخ أطلعت عليه في مجلدين ويقال أن الفرنساوي الذي يكون في أذنه قرط أمه أصلها من النساء المأسورات في تلك الواقعة‏.‏
وفي أيامه كثر عبث المماليك الأجلاب فأمر بإخراجهم من مصر فتجمعوا وعصوا فحاربهم وقاتلهم فانهزموا فقبض على كثير منهم فقتل منهم طائفة وغرق منهم طائفة ونفى منهم طائفة وبقي منهم بمصر طائفة التجئوا إلى بعض الأمراء وهؤلاء المماليك كانوا من مماليك يلبغا العمري مملوك السلطان حسن ومنهم صرغتمش واسند مروآلجاي اليوسفي وهم كثيرون مختلفي الأجناس ومنهم من جنس الجركس فلم يزالوا في اختلاف ومقت وهياج وحقد للدولة إلى أن تحيلوا وتراجعوا وتدخلوا في الدولة فاستقر أمرهم على أن طائفة منهم سكنوا بالطباق ودخلوا في مماليك الأسياد أي أولاد السلطان ومنهم من بقي أمير عشرة لا غير ومنهم من انضم إلى المماليك السلطانية ومماليك الأمراء وكانوا أرذل مذكور في الإقليم المصري‏.‏
فلما عزم الأشرف على الحج وأخذ في أسباب ذلك انتهزوا عند ذلك الفرصة وكتموا أمرهم ومكروا مكرهم وتواعدوا مع أصحابهم الذين بصحبة السلطان أنهم يثيرون الفتنة مع السلطان في العقبة وكذلك المقيمون بمصر يفعلون فعلهم حتى ينقضوا نظام الدولة ويزيلوا السلطان والأمراء‏.‏
ولما خرج السلطان من مصر خرج في أبهة عظيمة وتجمل زائد بعد أن رتب الأمور وأستخلف بمصر وثغورها من يثق به وأخذ بصحبته من لا يظن فيه الخيانة ومنهم جملة من الجلبان وأبقى منهم ومن غيرهم بمصر كذلك ولا ينفع الحذر من القدر‏.‏
فلما خرج السلطان وبعد عن مصر أثاروا الفتنة بعد أن استمالوا طائفة من المماليك السلطانية وفعلوا ما فعلوه ونادوا بموت السلطان وولوا أبنه ووقفوا مستعدين منتظرين فعل أصحابهم الغائبين مع السلطان وثار أيضا أصحابهم على السلطان في العقبة فانهزم بعد أمور طالا المجيء إلى مصر وصحبته الأمراء الكبار وبعض المماليك ونهبت الخزينة والحج وذهب البعض إلى الشام والبعض إلى الحجاز والبعض إلى مصر صحبة حريم السلطان وجرى ما هو مسطر في الكتاب من ذبح الأمراء واختفاء السلطان وخنقه وتمكن هؤلاء الأجلاب من الدولة ونهبوا بيوت الأموال وذخائر السلطان واقتسموا محاظيه وكذلك الأمراء ووصل كل صعلوك منهم لمراتع الملوك وأزالوا عز الدولة القلاوونية وأخذوا لأنفسهم الأمريات والمناصب وأصبح الذين كانوا بالأمس أسفل الناس ملوك الأرض يجبى إليهم ثمرات كل شيء‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوجهاد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
أبوجهاد


وسام التميز لونه طوبى
العمر : 47
الدولة : مصر الحبيبة
ذكر الجدي النمر
عدد المساهمات : 1133
نقاط : 2247
تاريخ الميلاد : 20/01/1963
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
العمر : 61
العمل/الترفيه : طالب علم
تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(3 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين مارس 22, 2010 9:47 pm


عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(3 )
من نصائح الرشاد لمصالح العباد
الجراكسة ثم وقعت فيهم حوادث وحروب أسفرت عن ظهور برقوق الجركسي أحد مماليك يلبغا العمري واستقراره أميرًا كبيرًا‏.‏
وكان غاية في الدهاء والمكر فلم يزل يدبر لنفسه حتى عزل بن الأشرف وأخذ السلطنة لنفسه وهو أول ملوك الجراكسة بمصر‏.‏
وبالأشرف شعبان هذا وأولاده زالت دولة القلاوونية وظهرت دولة الجراكسة‏.‏
أولهم برقوق وبعده أبنه فرج وأستمر الملك فيهم وفي أولادهم إلى الأشرف قانصوه الغوري وابتداء دولتهم سنة أربع وثمانين وسبعمائة وانقضاؤها سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة فتكون مدة دولتهم مائة سنة وتسعة وثلاثين سنة‏.‏
وسبب انقضائها فتنة السلطان سليم شاه ابن عثمان وقدومه إلى الديار المصرية فخرج إليه سلطان مصر قانصوه الغوري فلاقاه عند مرج دابق بحلب وخامر عليه أمراؤه خير بك والغزالي فخذلوه وفقدوه ولم يزل حتى تملك السلطان سليم الديار المصرية والبلاد الشامية‏.‏
وأقام خير بك نائبا بها كما هو مسطر ومفصل في تواريخ المتأخرين مثل مرج الزهور لابن إياس وتاريخ القرماني وابن زتبل وغيرهم‏.‏
وعادت مصر إلى النيابة كما كانت في صدر الإسلام ولما خلص له أمر مصر عفا عمن بقي من الجراكسة وأبنائهم ولم يتعرض لأوقاف السلاطين المصرية بل قرر مرتبات الأوقاف والخيرات والعلوفات وغلال الحرمين والأنبار ورتب للأيتام والمشايخ والمتقاعدين ومصارف القلاع والمرابطين وأبطل المظالم والمكوس والمغارم‏.‏
ثم رجع إلى بلاده وأخذ معه الخليفة العباسي وانقطعت الخلافة والمبايعة واخذ صحبته ما انتقاه من أرباب الصنائع التي لم توجد في بلاده بحيث أنه فقد من مصر نيف وخمسون صنعة‏.‏
ولما توفي تولى بعد ابنه المغازي السلطان سليمان عليه الرحمة والرضوان فأسس القواعد وتمم المقاصد نظم الممالك وأنار الحوالك ورفع منار الدين وأخمد نيران الكافرين وسيرته الجميلة أغنت عن التعريف وتراجمه مشحونة بها التصانيف‏.‏
ولم تزل البلاد منتظمة في سلكهم ومنقادة تحت حكمهم من ذلك الأوان الذي استولوا عليها فيه إلى هذا الوقت الذي نحن فيه وولاة مصر نوابهم وحكامهم أمراؤهم‏.‏
وكانوا في صدر دولتهم من خير من تقلد أمور الأمة بعد الخلفاء المهديين وأشد من ذب عن الدين وأعظم من جاهد في المشركين‏.‏
فلذلك اتسعت ممالكهم بما فتحه الله على أيديهم وأيدي نوابهم وملكوا أحسن المعمور من الأرض ودانت لهم الممالك في الطول والعرض‏.‏
هذا مع عدم إغفالهم الأمر وحفظ النواحي والثغور وإقامة الشعائر الإسلامية والسنن المحمدية وتعظيم العلماء وأهل الدين وخدمة الحرمين الشريفين والتمسك في الأحكام والوقائع بالقوانين والشرائع‏.‏
فتحصنت دولتهم وطالت مدتهم وهابتهم الملوك وانقاد لهم المالك والمملوك‏.‏
ومما يحسن إيراده هنا ما حكاه الأسحاقي في تاريخه أنه لما تولى السلطان سليم ابن السلطان سليمان المذكور كان لوالده مصاحب يدعى شمسي باشا العجمي ولا يخفى ما بين آل عثمان والعجم من العداوة المحكمة الأساس فأقر السلطان سليم شمسي باشا العجمي مصاحبًا على ما كان عليه أيام والده وكان شمسي باشا المذكور له مداخل عجيبة وحيل غريبة يلقيها في قالب مرض ومصاحبة يسحر بها العقول فقصد أن يدخل شيئا منكرًا يكون سببًا لخلخلة دولة آل عثمان وهو قبول الرشاوي من أرباب الولاة والعمال‏.‏
فلما تمكن من مصاحبة السلطان قال له على سبيل العرض‏:‏ عبدكم فلان المعزول من منصب كذا وليس بيده منصب الأن قصده من فيض إنعامكم عليه المنصب الفلاني ويدفع إلى الخزينة كذا وكذا‏.‏
فلما سمع السلطان سليم ما أبداه شمسي باشا علم أنها مكيدة منه وقصده إدخال السوء بيت آل عثمان فتغير مزاجه وقال له‏:‏ يا رافضي تريد أن تدخل الرشوة بيت السلطنة حتى يكون ذلك سببا لأزالتها‏.‏
وأمر بقتله فتلطف به وقال له‏:‏ يا باشا لا تعجل هذه وصية والدك لي فإنه قال لي أن السلطان سليم صغير السن وربما يكون عنده ميل للدنيا فاعرض عليه هذا الأمر فإن جنح إليه فامنعه بلطف فإن أمتنع فقل له هذه وصية والدك فدم عليها ودعا له بالثبات وخلص من القتل‏.‏
فانظر يا أخي وتأمل فيما تضمنته هذه الحكاية من المعاني‏.‏
وأقول بعد ذلك يضيق صدري ولا ينطلق لساني وليس الحال لمجهول حتى يفصح عنه اللسان بالقول وقد أخرسني العجز أن أفتح فما أفغير الله أبتغي حكمًا‏.‏ وفي

أثناء الدولة العثمانية ونوابهم وأمرائهم المصرية

ظهر في عسكر مصر سنة جاهلية وبدعة شيطانية زرعت فيهم النفاق وأسست فيما بينهم الشقاق ووافقوا فيها أهل الحرف اللئام في قولهم سعد وحرام وهو أن الجند بأجمعهم اقتسموا قسمين و احتزبوا بأسرهم حزبين‏:‏ فرقة يقال لها فقارية وأخرى تدعى قاسمية ولذلك أصل مذكور وفي بعض سير المتأخرين مسطور لا بأس بإيراده في المسامرة تتميما للغرض في مناسبة المذاكرة وهو أن السلطان سليم شاه لما بلغ من ملك الديار المصرية مناه وقتل من قتل من الجراكسة وسامهم في سوق المواكسة قال يومًا لبعض جلسائه وخاصته وأصدقائه‏:‏ يا هل ترى هل بقي أحد من الجراكسة نراه وسؤال من جنس ذلك ومعناه‏.‏
فقال له خير بك‏:‏ نعم أيها الملك العظيم هنا رجل قديم يسمى سودون الأمير طاعن في السن كبير رزقه الله تعالى بولدين شهمين بطلين لا يضاهيهما أحد في الميدان ولا يناظرهما فارس من الفرسان‏.‏
فلما حصلت هذه القضية تنحى عن المفارشة بالكلية وحبس ولديه بالدار وسد أبوابه بالأحجار وخالف العادة واعتكف على العبادة‏.‏
وهو إلى الآن مستمر على حالته مقيم في بيته وراحته‏.‏
فقال السلطان‏:‏ هذا والله رجل عاقل خبير كامل ينبغي لنا أن نذهب لزيارته ونقتبس من بركته وإشارته قوموا بنا جملة نذهب إليه على غفلة لكي أتحقق المقال وأشاهده على أي حالة هو من الأحوال‏.‏
ثم ركب في الحال ببعض الرجال إلى أن توصل إليه ودخل عليه فوجده جالسا على مسطبة الإيوان وبين يديه المصحف وهو يقرأ القرآن وعنده خدم واتباع وعبيد ومماليك أنواع فعندما عرف أنه السلطان بادر لمقابلته بغير توان وسلم عليه ومثل بين يديه فأمره بالجلوس ولاطفه بالكلام المأنوس إلى أن اطمأن خاطره وسكنت ضمائره فسأله عن سبب عزلته وامتناعه عن خلطته بعشيرته فأجابه أنه لما رأى في دولتهم اختلال الأمور وترادف الظلم والجور وأن سلطانهم مستقل برأيه فلم يصغ إلى وزير ولا عاقل مشير وأقصى كبار دولته وقتل أكثرهم بما أمكنه من حيلته وقلد مماليكه الصغار مناصب الأمراء الكبار ورخص لهم فيما يفعلون وتركهم وما يفترون فسعوا بالفساد وظلموا العباد وتعدوا على الرعية حتى في المواريث الشرعية فانحرفت عنه القلوب وابتهلوا إلى علام الغيوب فعلمت أن أمره في أدبار ولابد لدولته من الدمار فتنحيت عن حال الغرور وتباعدت عن نار الشرور ومنعت ولدي من التداخل في الأهوال وحبستهما عن مباشرة القتال خوفًا عليهما لما أعلمه فيهما من الأقدام فيصيبهما كغيرهما من البلاء العام‏.‏
فإن عموم البلاء منصوص واتقاء الفتن بالرحمة مخصوص‏.‏
ثم أحضر ولديه المشار إليهما وأخرجهما من محبسهما فنظر إليهما السلطان فرأى فيهما مخايل الفرسان الشجعان وخاطبهما فأجاباه بعبارة رقيقة وألفاظ رشيقة ولم يخطئا في كل ما سألهما فيه ولم يتعديا في الجواب فضل التشبيه والتنبيه ثم أحضروا ما يناسب المقام من موائد الطعام فأكل وشرب ولذ وطاب وحصل له مزيد الانشراح وكمال الارتياح‏.‏
وقدم الأمير سودون إلى السلطان تقادم وهدايا وتفضل عليه الخان أيضا بالأنعام والعطايا وأمر بالتوقيع لهم حسب مطالبهم‏.‏
ورفع درجة منازلهم ومراتبهم ولما فرغ من تكرمه وإحسانه ركب عائدًا إلى مكانه وأصبح ثاني يوم ركب السلطان مع القوم وخرج إلى الخلا بجمع من الملا وجلس ببعض القصور ونبه على جميع أصناف العساكر بالحضور فلم يتأخر منهم أمير ولا كبير ولا صغير فطلب الأمير سودون وولديه فحضرا بين يديه فقال لهم‏:‏ أتدرون لم طلبتكم وفي هذا المكان جمعتكم‏.‏
فقالوا‏:‏ لا يعلم ما في القلوب إلا علام الغيوب فقال‏:‏ أريد أن يركب قاسم وأخوه ذو الفقار ويترامحا ويتسابقا بالخيل في هذا النهار‏.‏
فامتثلا أمره المطاع لأنهما صارا من الجند والأتباع فنزلا وركبا ورمحا ولعبا واظهرا من أنواع الفروسية الفنون حتى شخصت فيهما العيون وتعجب منهما الأتراك لأنهم ليس لهم في ذلك الوقت أدراك‏.‏
ثم أشار إليهما فنزلا عن فرسيهما وصعدا إلى أعلى المكان فخلع عليهما السلطان وقلدهما أمارتان ونوه بذكرهما بين الأقران وتقيدا بالركاب ولازما في الذهاب والإياب‏.‏
ثم خرج في اليوم الثاني وحضر الأمراء والعسكر المتواني فأمرهم أن ينقسموا بأجمعهم قسمين وينحازوا بأسرهم فريقين قسم يكون رئيسهم ذو الفقار والثاني أخوه قاسم الكرار‏.‏
وأضاف إلى ذو الفقار أكثر فرسان العثمانيين وإلى قاسم أكثر الشجعان المصريين وميز الفقارية بلبس الأبيض من الثياب وأمر القاسمية أن يتميزوا بالأحمر في الملبس والركاب‏.‏
وأمرهم أن يركبوا في الميدان على هيئة المتحاربين وصورة المتنابذين المتخاصمين فأذعنوا بالانقياد وعلوا على ظهور الجياد وساروا بالخيل وانحدروا كالسيل وانعطفوا متسابقين ورمحوا متلاحقين وتناوبوا في النزال واندفعوا كالجبال وساقوا في الفجاج وأثاروا العجاج ولعبوا بالرماح وتقابلوا بالصفاح وارتفعت الأصوات وكثرت الصيحات وزادت الهيازع وكثرت الزعازع وكاد الخرق يتسع على الراقع وقرب أن يقع القتل والقتال فنودي فيهم عند ذلك بالانفصال‏.‏
فمن ذلك اليوم افترق أمراء مصر وعساكرها فرقتين واقتسموا بهذا اللعبة حزبين‏.‏
واستمر كل منهم على محبة اللون الذي ظهر فيه وكره اللون الآخر في كل ما يتقلبون فيه حتى أواني المتناولات والمأكولات والمشروبات والفقارية يميلون إلى نصف سعد والعثمانيين والقاسمية لا يألفون النصف حرام والمصريين‏.‏
وصار فيهم قاعدة لا يتطرقها اختلال ولا يمكن الانحراف عنها بحال من الأحوال ولم يزل الأمر يفشو ويزيد ويتوارثه السادة والعبيد حتى تجسم ونما واهريقت فيه الدماء‏.‏
فكم خربت بلاد وقتلت أمجاد وهدمت دور وأحرقت قصور وسبيت أحرار وقهرت أخيار‏.‏
وقيل غير ذلك وأن أصل القاسمية ينسبون إلى قاسم بك الدفتردار تابع مصطفى بك والفقارية نسبة إلى ذي الفقار بك الكبير وأول ظهور ذلك من سنة خمسين وألف والله أعلم بالحقائق‏.‏
وأتفق أن قاسم بك المذكور انشأ في بيته قاعة جلوس وتأنق في تحسينها وعمل فيها ضيافة لذي الفقار بك أمير الحاج المذكور فأتى عنده وتغدى عنده بطائفة قليلة ثم قال له ذو الفقار بك‏:‏ وأنت أيضا تضيفني في غد وجمع ذو الفقار مماليكه في ذلك اليوم صناجق وأمراء واختيارية في الوجاقات وحضر قاسم بك بعشرة من طائفته واثنين خواسك خلفه والسعاة والسراج فدخل عنده في البيت وأوصى ذو الفقار أن لا أحد يدخل عليهما إلا بطلب إلى أن فرشوا السماط وجلس صحبته على السماط‏.‏
فقال قاسم بك‏:‏ حتى يقعد الصناجق والاختيارية‏.‏
فقال ذو الفقار‏:‏ أنهم يأكلون بعدنا هؤلاء جميعهم مماليكي عندما أموت يترحمون علي ويدعون لي وأنت قاعتك تدعو لك بالرحمة لكونك ضيعت المال في الماء والطين‏.‏
فعند ذلك تنبه قاسم بك وشرع ينشئ إشراقات كذلك وكانت الفقارية موصوفة بالكثرة والكرم والقاسمية بكثرة المال والبخل‏.‏
وكان الذي يتميز به أحد الفريقين من الآخر إذا ركبوا في المواكب أن يكون بيرق الفقاري أبيض ومزاريقه برمانة وبيرق القاسمية أحمر ومزاريقه بجلبة‏.‏
ولم يزل الحال على ذلك‏.‏
واستهل القرن الثاني عشر وأمراء مصر فقارية وقاسمية‏:‏ فالفقارية ذو الفقار بك وإبراهيم بك أمير الحاج ودرويش بك واسمعيل بك ومصطفى بك قزلار وأحمد بك قزلار بجدة ويوسف بك القرد وسليمان بك بارم ذيله ومرجان جوزبك كان أصله قهوجي السلطان محمد قلدوه صنجقا فقاريا بمصر الجميع تسعة وأمير الحاج منهم والقاسمية مراد بك الدفتر دار ومملوكه ايواظ بك وإبراهيم بك أبو شنب وقانصوه بك وأحمد بك منوفيه وعبد الله بك‏.‏
ونواب مصر من طرف السلطان سليمان بن عثمان في أوائل القرن حسن باشا السلحدار سنة تسع وتسعين وألف وسنة مائة وواحد بعد الألف والسلطان في ذلك الوقت السلطان سليمان بن إبراهيم خان وتقلد إبراهيم بك أبو شنب إمارة الحاج واسمعيل بك الدفتردار وذلك سنة تسع وتسعين‏.‏ وفي

أواخر الحجة سنة تسع وتسعين وألف
حصلت واقعة عظيمة بين إبراهيم بك ابن ذي الفقار وبين العرب الحجازيين خلف جبل الجيوشي وقتلوا كثيرًا من العرب ونهبوا أرزاقهم ومواشيهم وأحضر منهم أسرى كثيرة ووقفت العرب في طريق الحج تلك السنة بالشرفة فقتلوا من الحاج خلقًا كثيرًا وأخذوا نحو ألف جمل بأحمالها وقتلوا خليل كتخدا الحج فعين عليهم خمسة أمراء من الصناجق فوصلوا إلى العقبة وهرب العربان‏.‏
وفي أيامه سافر ألفًا شخص من العسكر وألبسوا عليهم مصطفى بك طكوز جلان وسافروا إلى ادرنه في غرة جمادى الأولى سنة مائة وألف‏.‏
وفي رابع جمادى الثانية خنق الباشا كتخدا بعد أن أرسله إلى دير الطين على أنه يتوجه إلى جرجا لتحصيل الغلال وذلك لذنب نقمه عليه‏.‏
وفي شعبان نقب المحابيس العرقانة وهرب المسجونون منها‏.‏
وفي أيامه غلت الأسعار مع زيادة النيل وطلوعه في أوانه على العادة ثم عزل حسن باشا ونزل إلى بيت محمد بك حاكم جرجا المقتول وتولى قيطاس بك قائمقام فكانت مدته هذه المرة سنة واحدة وتسعة أشهر‏.‏
ثم تولى أحمد باشا وكان سابقا كتخدا إبراهيم باشا الذي مات بمصر وحضر أحمد باشا من طريق البر وطلع إلى القلعة في سادس عشر المحرم سنة مائة وإحدى وألف ووصل آغا بطلب ألفي عسكري وعليهم صنجق يكون عليهم سر دار فعينوا مصطفى بك حاكم جرجا سابقًا وسافر في منتصف جمادى الآخرة‏.‏
وفي هذا التاريخ سافرت تجريدة عظيمة إلى ولاية البحيرة والبهنسا وعليهم صنجقان وتوجهوا في ثاني عشر جمادى الآخرة وسافر أيضا خلفهم اسمعيل بك وجميع الكشاف وكتخدا الباشا وأغوات البلكات وكتخدا الجاويشية وبعض اختيارية وحاربوا ابن وافي وعربانه مرارًا ثم وقعت بينهم وقعة كبيرة فهزم فيها الأحزاب وولوا منهزمين نحو الغرق وأما قيطاس بك وحسن آغا بلغيا وكتخدا الباشا فأنهم صادفوا جمعًا من العرب في طريقهم فأخذوهم ونهبوا مالهم وقطعوا منهم رؤوسًا ثم حضر والي مصر‏.‏
وفي أنامهم كانت وقعة ابن غالب شريف مكة ومحاربته بها مع محمد بك حاكم جدة فكانت الهزيمة على الشريف‏.‏
وتولى السيد محسن بن حسين بن زيد إمارة مكة ونودي بالأمان بعد حروب كثيرة وزينت مكة ثلاثة أيام بلياليها وذلك في منتصف رجب ومرض أحمد باشا وتوفي ثاني عشر جمادى الآخرة سنة اثنتين ومائة وألف ودفن بالقرافة فكانت مدته سنة واحدة وستة أشهر‏.‏
ومن مآثره ترميم الجامع المؤيدي وقد كان تداعى إلى السقوط فأمر بالكشف عليه وعمره ورمه‏.‏
وفي رابع عشر رجب توفي قيطاس بك الدفتر دار‏.‏
وفي ثاني يوم حضر قانصوه بك تابع المتوفى من سفره بالخزينة مكان كتخدا الباشا المتولي قائمقام بعد موت سيده فألبس قانصوه بك دفتردار ثم ورد مرسوم بولاية علي كتخدا الباشا قائمقام وأذن بالتصرف إلى آخر مسرى فكانت مدة تصرفه أربعة وتسعين يومًا ثم تولى علي باشا وحضر من البحر إلى القلعة في ثاني عشر رمضان سنة اثنتين ومائة وألف وحضر صحبته تترخان وأقام بمصر إلى أن توجه إلى الحج ورجع على طريق الشام‏.‏
وفي ثاني عشر القعدة حضر قرا سليمان من الديار الرومية ومعه مرسوم مضمونه الخبر بجلوس السلطان أحمد بن السلطان إبراهيم فزينت مصر ثلاثة أيام وضربت مدافع من القلعة‏.‏
وفي ثالث عشر صفر سنة ثلاث ومائة وألف ورد نجاب من مكة وأخبر بان الشريف سعد تغلب على محسن وتولى إمارة مكة فأرسل الباشا عرضًا إلى السلطنة بذلك‏.‏
وفي ثامن ربيع أول ورد مرسوم مضمونه ولاية نظر الدشابش والحرمين لأربعة من الصناجق فتولى إبراهيم بك ابن ذي الفقار أمير الحج حالًا عوضًا عن اغات مستحفظان ومراد بك الدفتردار على المحمدية عوضًا عن كتخدا مستحفظان وعبد الله بك على وقف الخاصكية عوضًا عن كتخدا العزب واسمعيل بك على أوقاف الحرمين عوضًا عن باش جاويش مستحفظان‏.‏
فألبسهم علي باشا قفاطين على ذلك‏.‏
وفي مستهل رمضان من السنة حضر من الديار الرومية الشريف سعد بن زيد بولاية مكة وتوجه إلى الحجاز‏.‏
وفي شهر شوال سافر علي كتخدا أحمد باشا المنوفي إلى الروم‏.‏
وفي تاريخه تقلد اسمعيل بك الدفتردارية عوضا عن مراد بك‏.‏
وفي ثالث عشر شوال قتل جلب خليل كتخدا مستحفظان ببابهم وحصلت في بابهم فتنة أثارها كحك محمد وأخرجوا سليم أفندي من بلكهم ورجب كتخدا والبسوهما الصنجقية في ثالث عشرينه وأبطل كجك محمد الحمايات من مصر باتفاق السبع بلكات وأبطلوا جميع ما يتعلق بالعزب والإنكشارية من الحمايات بالثغور وغيرها‏.‏
وكتب بذلك بيورلدي ونادوا به في الشوارع‏.‏
وفي غرة القعدة قبض الباشا على سليم أفندي وخنقه بالقلعة و نزل إلى بيته محمولًا في تابوت وتغيب رجب كتخدا ثم استعفى من الصنجقية فرفعوها عنه وسافر إلى المدينة‏.‏
وفي ثامن عشر ربيع الأول ورد مرسوم بتزيين الأسواق بمصر وضواحيها بمولودين توأمين رزقهما السلطان أحمد سمي أحدهما سليمان والآخر إبراهيم‏.‏
وفي ثاني عشر شعبان سافر حسين بك أبو يدك بألف نفر من العسكر لاحقًا بإبراهيم بك أبي شنب وقد كان سافر في أواخر ربيع الأول لقلعة كريد‏.‏
وفي ثاني عشر رمضان سنة خمس ومائة وألف الموافق الحادي عشر بشنس هبت ريح شديدة وتراب أظلم منه الجو وكان الناس في صلاة الجمعة فظن الناس أنها القيامة وسقطت المركب التي على منارة جامع طولون وهدمت دوركثيرة‏.‏
سنة ست ومائة وألف وقصر مد النيل تلك السنة وهبط بسرعة فشرقت الأراضي ووقع الغلاء والفناء‏.‏
وفي شهر الحجة سافر أناس من مكة إلى دار السلطنة وشكوا من ظلم الشريف سعد فعين إليه محمد بك نائب جدة واسمعيل باشا نائب الشام فوردا بصحبة الحاج فتحاربوا معه ونزعوه ونهب العسكر منزله وولوا الشريف عبد الله بن هاشم على مكة ثم بعد عود الحاج رجع سعد وتغلب وطرد عبد الله بن هاشم‏.‏
وفي هذه السنة وقعت مصالحات في المال الميري بسبب الري والشراقى‏.‏
وفي ثاني عشر جمادى الآخرة حضر الشريف أحمد بن غالب أمير مكة مطرودًا من الشريف سعد‏.‏
وفي ثامن عشر رجب سنة ألف ومائة وستة ورد الخبر بجلوس السلطان مصطفى بن محمد‏.‏
وفي ثاني عشر شعبان طلع أحمد بك بموكب مسافر اباش على ألف عسكري إلى انكروس وطلع بعده أيضا في سابع عشرينه اسمعيل بك بألف عسكري لمحافظة رودس بموكب إلى بولاق فأقام بها ثلاثة أيام ثم سافر إلى الإسكندرية‏.‏
وفي رابع شعبان ورد مرسوم بضبط أموال نذير آغا واسمعيل آغا الطواشيين فسجنوهما بباب مستحفظان وضبطوا أموالهما وختموها‏.‏
وفي خامس شوال أنهى أرباب الأوقاف والعلماء والمجاورون بالأزهر إلى علي باشا امتناع الملتزمين من دفع خراج الأوقاف وخراج الرزق المرصدة على المساجد وما يلزم من تعطيل وفي شوال أرسل الباشا إلى مراد بك الدفتردار بعمل جمعية في بيته بسبب غلال الانبار فاجتمعوا وتشاوروا في ذلك فوقع التوافق أن البلاد الشرقي تبقى غلالها إلى العام المقبل وأما الري فيدفع ملتزموها ما عليهم‏.‏
وأخذوا أوراقا بيعت بالثمن اشتراها الملتزمون من أرباب الاستحقاق عن الجراية مائة وخمسون نصفًا وغلق الملتزمون ما عليهم بشراء الوصولات‏.‏
وفي ثاني عشر شوال ورد الخبر من منفلوط بان الشريف فارس بن اسمعيل التيتلاوي قتل عبد الله بن وافي شيخ عرب المغاربة‏.‏
وفي حادي عشر القعدة ورد آغا بمرسوم بمبيع متاع نذير آغا واسمعيل آغا المعتقلين وضبط أثمانها ما عدا الجواهر والذخائر التي اختلسوها من السرايا فأنها تبقى بأعيانها وأن يفحص عن أموالهما وأماناتهما وأن يسجنا في قلعة الينكجرية ففعل بهم ذلك وبلغ أثمان المبيعات ألفا وأربعمائة كيس خلاف الجواهر والذخائر فأنها جهزت مع الأموال صحبة الخزينة على يد سليمان بك كاشف ولاية المنوفية‏.‏
سنة سبع ومائة وألف وفي منتصف المحرم أجتمع الفقراء والشحاذون رجالًا ونساءً وصبيانًا وطلعوا إلى القلعة ووقفوا بحوش الديوان وصاحوا من الجوع فلم يجبهم أحد فرجموا بالأحجار‏.‏
فركب الوالي وطردهم فنزلوا إلى الرميلة ونهبوا حواصل الغلة التي بها ووكالة القمح وحاصل كتخدا الباشا وكان ملآنًا بالشعير والفول وكانت هذه الحادثة ابتداء الغلاء حتى بيع الاردب القمح بستمائة نصف فضة والشعير بثلاثمائة والفول بأربعمائة وخمسين والأرز بثمانمائة نصف فضة وأما العدس فلا يوجد‏.‏
وحصل شدة عظيمة بمصر وأقاليمها وحضرت أهالي القرى والأرياف حتى امتلأت منهم الأزقة واشتد الكرب حتى أكل الناس الجيف ومات الكثير من الجوع وخلت القرى من أهاليها وخطف الفقراء الخبز من الأسواق ومن الأفران ومن على رؤوس الخبازين‏.‏
ويذهب الرجلان والثلاثة مع طبق الخبز يحرسونه من الخطيف وبأيديهم العصي حتى يخبزوه بالفرن ثم يعودون به‏.‏
واستمر الأمر على ذلك إلى أن عزل علي باشا في ثامن عشر المحرم سنة سبع ومائة ألف‏.‏
وورد مسلم اسمعيل باشا من الشام وجعل إبراهيم بك أبا شنب قائمقام ونزل علي باشا إلى منزل أحمد كتخدا العزب المطل على بركة الفيل فكانت مدته أربع سنوات وثلاثة أشهر وأيامًا ثم تولى اسمعيل باشا وحضر من البر وطلع إلى القلعة بالموكب على العادة في يوم الخميس سابع عشر صفر فلما استقر في الولاية ورأى ما فيه الناس من الكرب والغلاء أمر بجميع الفقراء والشحاذين بقراميدان فلما اجتمعوا أمر بتوزيعهم على الأمراء والأعيان كل إنسان على قدر حاله وقدرته وأخذ لنفسه جانبا ولأعيان دولته جانبًا وعين لهم ما يكفيهم من الخبز والطعام صباحًا ومساءً إلى أن انقضى الغلاء وأعقب ذلك وباء عظيم فأمر الباشا بيت المال أن يكفن الفقراء والغرباء فصاروا يحملون الموتى من الطرقات ويذهبون بهم إلى مغسل السلطان عند سبيل المؤمن إلى أن انقضى أمر الوباء وذلك خلاف من كفنه الأغنياء وأهل الخير من الأمراء والتجار وغيرهم وانقضى ذلك في آخر شوال‏.‏
وتوفي فيه الشيخ زين العابدين البكري وإبراهيم بك ابن ذي الفقار أمير الحاج وغيرهما‏.‏
ولما انقضى ذلك عمل الباشا مهما عظيما لختان ولده إبراهيم بك وختن معه ألفين وثلاثمائة وستة وثلاثين غلاما من أولاد الفقراء ورسم لكل غلام بكسوة كاملة ودينار‏.‏
وورد مرسوم بمحاسبة علي باشا المنفصل فحوسب فطلع عليه ستمائة كيس فختموا منزله وباعوا موجوداته حتى غلق ذلك‏.‏
وورد أمر بالزينة بسبب نصره فزينت المدينة وضواحيها ثلاثة أيام‏.‏
وفي رجب ورد مرسوم بطلب ألفين من العسكر وأميرهم مراد بك فلبس الخلع هو وأرباب المناصب وسافروا في حادي عشر شعبان‏.‏
وفي سابع عشر رجب سنة سبع ومائة وألف تقلد قيطاس بك تابع أمير الحاج ذي الفقار بك الصنجقية عوضا عن ابن سيده إبراهيم بك وورد الإفراج عن نذير آغا ورتب له خمسمائة عثماني وخمس جرايات وعشر علائف في ديوان مصر واستمر رفيقه اسمعيل آغا في السجن‏.‏
وفي رابع رجب ورد أحمد بك من السفر وفي سابعه تقلد أيوب بك إمارة الحج‏.‏
وفي ثاني شعبان ورد اسمعيل راجعا من السفر سنة ثمان ومائة وألف وفي ثالث عشر ربيع الأول ورد أمر بتزيين أسواق مصر سرورًا بمولود للسلطان وسمي محمودًا‏.‏
وورد أيضا الخبر باستشهاد مراد بك‏.‏
قتل ياسف اليهودي وفي ثالث عشر رمضان من السنة قامت العساكر على ياسف اليهودي‏.‏
قتلوه وجروه من رجله وطرحوه في الرميلة و قامت الرعايا فجمعوا حطبًا وأحرقوه وذلك يوم الجمعة بعد الصلاة‏.‏
وسبب ذلك أنه كان ملتزمًا بدار الضرب في دولة علي باشا المنفصل ثم طلب إلى اسلامبول وسئل عن أحوال مصر فأملى أمورًا والتزم بتحصيل الخزينة زيادة عن المعتاد وحسن بمكره أحداث محدثات ولما حضر مصر تلقته اليهود من بولاق واطلعوه إلى الديوان وقرأت الأوامر التي حضر بها ووافقه الباشا على أجرائها وتنفيذها‏.‏
وأشهر النداء بذلك في شوارع مصر فاغتنم الناس وتوجه التجار وأعيان البلد إلى الأمراء وراجعوهم في ذلك فركب الأمراء والصناجق وطلعوا إلى القلعة وفاوضوا الباشا فجادلهم بما لا يرضيهم فقاموا عليه قومة واحدة وسألوه أن يسلمهم اليهودي فامتنع من تسليمه فاغلظوا عليه وصمموا على أخذه منه فأمرهم بوضعه في العرقانة ولا يشوشوا عليه حتى ينظروا في أمره ففعلوا به كما أمرهم فقامت الجند على الباشا وطلبوا أن يسلمهم اليهودي المذكور ليقتلوه فامتنع فمضوا إلى السجن وأخرجوه وفعلوا به ما ذكر‏.‏
وفي تاريخه أحضر الباشا الشيخ محمد الزرقاني أحد شهود المحكمة بسبب أنه كتب حجة وقف منزل آل إلى بيت المال فأمر بحلق لحيته وتشهيره على جمل في الأسواق والمنادي ينادي عليه‏:‏ هذا جزاء من يكتب الحجج الزور‏.‏
ثم أمر بنفيه إلى جزيرة الطينة‏.‏
وفي صفر وردت سكة دينار عليها طرة فجمع الباشا الأمراء وأحضر أمين الضربخانة وسلمها له وأمره أن يطبع بها وأن يكون عيار الذهب اثنين وعشرين قيراطا والوزن كل مائة شريفي مائة وخمسة عشر درهما وسعر أبي طرة مائة وخمسة عشر نصفًا‏.‏
وفي ذلك الشهر لبس عبد الرحمن بك على ولاية جرجا وتوجه إليها‏.‏
وفي ثاني عشر ربيع الأول قامت العسكر المصرية وعزلوا الباشا فكانت مدة اسمعيل باشا سنتين وتقلد مصطفى بك قائمقام مصر إلى أن حضر حسين باشا من صيدا وطلع إلى القلعة في موكب عظيم سنة تسع ومائة وألف في منتصف رجب ورد مرسوم بطلب تجهيز ألفي نفر من العسكر وعليهم يوسف بك المسلماني فقضى أشغاله وسافر في تاسع عشر رمضان‏.‏
وفي منتصف شهر ذي الحجة خرج اسمعيل باشا إلى العادلية ليسافر‏.‏
وكان قد حاسبه حسين باشا فتأخر عليه خمسون ألف اردب دفع عنها خمسين كيسًا وباع منزله وبلاد البدرشين التي كان قد وقفها وتوجه إلى بغداد‏.‏ وفي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوجهاد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
أبوجهاد


وسام التميز لونه طوبى
العمر : 47
الدولة : مصر الحبيبة
ذكر الجدي النمر
عدد المساهمات : 1133
نقاط : 2247
تاريخ الميلاد : 20/01/1963
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
العمر : 61
العمل/الترفيه : طالب علم
تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(4 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين مارس 22, 2010 9:48 pm


عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(4 )
سنة عشر ومائة وألف
أخذ أرباب الاستحقاقات الجراية والعلائف بثمن عن كل أردب قمح خمسة وعشرون نصفًا وفي آخر جمادى الثانية ظهر رجل من أهل الفيوم يدعى بالعليمي قدم إلى القاهرة وأقام بظهر القهوة المواجه لسبيل المؤمن فاجتمع عليه كثير من العوام وادعوا فيه الولاية وأقبلت عليه الناس من كل جهة واختلط النساء بالرجال وكاد يحصل بسببه مفاسد عظيمة‏.‏
فقامت عليه العسكر وقتلوه بالقلعة ودفن بناحية مشهد السيدة نفيسة رضي الله عنها‏.‏
وفي رابع عشر شوال كانت واقعة المغاربة من أهل تونس وفاس وذلك أن من عادتهم أن يحملوا كسوة الكعبة التي تحمل كل سنة للبيت الحرام ويمرون بها في وسط القاهرة وتحمل المغاربة جانبًا منها للتبرك بها ويضربون كل من رأوه يشرب الدخان في طريق مرورهم‏.‏
فرأوا رجلًا من اتباع مصطفى كتخدا القازدغلي فكسروا إنبوبته وتشاجروا معه وشجوا رأسه وكان في مقدمتهم طائفة منهم متسلحون وزاد التشاجر واتسعت القضية وقام عليهم أهل السوق‏.‏
وحضر أوده باشة البوابة فقبض على أكثرهم ووضعهم في الحديد وطلع بهم إلى الباشا وأخبروه بالقضية فأمر بسجنهم بالعرقانة‏.‏
فاستمروا حتى سافر الحج من مصر ومات منهم جماعة في السجن ثم أفرج عن باقيهم‏.‏
ثم تولى قره محمد باشا وحضر إلى مصر منتصف ربيع الثاني سنة إحدى عشرة ومائة وألف وهو كتخدا اسمعيل باشا المتقدم ذكره‏.‏
وفي أيامه سنة أربع عشرة حصلت حادثة الفضة وفي سنة خمس عشرة وردت الأخبار بوفاة السلطان مصطفى وجلوس السلطان أحمد بن محمد خان في سابع عشر ربيع الآخر منها وأمر الباشا بقطع سقائف الدكاكين لأجل توسعة الطرق والأسواق ففعل ذلك ثم أمر بقطع الأرض وتمهيدها فحفروا نحو ذراع أو أكثر من الأسواق ففعل ذلك‏.‏
ثم أمر بقطع الأرض إلى أن كشفت الجدران‏.‏
ومكث محمد باشا واليًا بمصر خمس سنوات إلى أن عزل في شهر رجب سنة ست عشرة ومائة وألف‏.‏
ومن مآثره تعمير الأربعين الذي بجوار باب قراميدان وأنشأ فيه جامعًا بخطبة وتكية لفقراء الخلواتية من الاروام وأسكنهم بها وأنشأ تجاهها مطبخًا ودار ضيافة للفقراء وفي علوها مكتبا للأطفال يقرؤون فيه القرآن ورتب لهم ما يكفيهم‏.‏
وأنشأ فيما بينها وبين البستان المعروف بالغوري حمامًا فسيحًا مفروشًا بالرخام الملون وجدد بستان الغوري وغرس فيه الأشجار ورمم قاعة الغوري التي بالبستان وعمر بجوار المنزل سكن أميراخور وبنى مسطبة عظيمة برسم إلباس القفاطين وتسليم المحمل لأمير الحج وأرباب المناصب وعمر مسطبة يرمى عليها النشاب وأنشأ الحمام البديع بقراميدان ونقل إليه من القلعة حوض رخام صحن قطعة واحدة أنزلوه من السبع حدارات وعملوا به فسقية في وسط المسلخ وعمر بالقرافة مقام سيدي عيسى بن سيدي عبد القادر الجيلاني وجعل به فقراء مجاورين ورتب لهم ما يكفيهم وأنشأ صهريجًا بداخل القلعة بجوار نوبة الجاويشية ورتب فيها خمسة عشر نفرًا يقرؤون القرآن كل يوم بعد الشمس وهو الذي تسبب في قتل عبد الرحمن بك حاكم جرجا لحزازة معه من أجل مخدومه اسمعيل باشا وسيأتي تتمة ذلك في خبره عند ذكر ترجمته‏.‏
وتولى رامي محمد باشا وكان تولى الوزارة في زمن السلطان مصطفى وانفصل عنها وجعل محافظًا بجزيرة قبرص ثم حضر منها واليًا على مصر فطلع إلى القلعة في يوم الاثنين سادس شعبان سنة ست عشرة ومائة وألف‏.‏
وفي سبع عشرة تقلد قيطاس بك إمارة الحج عوضًا عن أيوب بك‏.‏
وفي تلك السنة توقف النيل عن الزيادة فضج الناس وابتهلوا بالدعاء وطلب الاستسقاء واجتمعوا على جبل الجيوشي وغيره من الأماكن المعروفة بإجابة الدعاء فاستجاب الله لهم في حادي عشر توت وشذ ذلك من النوازل فروى بعض البلاد وهبط سريعًا فحصل الغلاء وبلغ سعر الاردب القمح مائتين وأربعين فضة والفول كذلك والعدس مائتي نصف فضة والشعير مائة نصف فضة والأرز أربعمائة نصف فضة الاردب وبيع اللحم الضاني كل رطل بثلاثة أنصاف فضة والجاموسي والبقري بنصفي فضة والسمن القنطار بستمائة نصف فضة والزيت بثلاثمائة وخمسين والدجاجة بثمانية أنصاف‏.‏
وعلى هذا فقس والبيض كل ثلاث بيضات بنصف والرطل الشمع الدهن بثمانية أنصاف وكثر الشحاذون في الأزقة وفي سنة ثمان عشرة لم يأت من اليمن ولا من الهند مراكب فشح القماش الهندي وغلا البن حتى بلغ القنطار ألفين وسبعمائة وخمسين نصفًا وغلا الشاش فبيع الفرحات خان بأربعمائة نصف فضة والخنكاري بسبعمائة نصف‏.‏
وفي سادس رجب عزل محمد باشا وحضر مسلم علي باشا‏.‏
وفي تاسعه نزل محمد باشا من القلعة في موكب عظيم وسكن بمنزل أحمد كتخدا العزب سابقًا المطل على بركة الفيل بالقرب من حمام السكران‏.‏
ووصل علي باشا من طريق البحر وذهبت إليه الملاقاة على العادة وأرسى بساحل بولاق يوم الاثنين تاسع شعبان وهو في نحو ألف ومائتي نفس خلاف الأتباع‏.‏
وفي ثاني عشر شعبان سنة ثمان عشرة ركب بالموكب وطلع إلى القلعة وضربوا المدافع لقدومه‏.‏
وفي أواخر هذا الشهر وقعت فتنة بين العزب والمتفرقة وسببها إن شخصًا من تلك العزب يسمى محمد أفندي كاتب صغير سابقًا ثم بعد عزله تولى خليفة في ديوان المقابلة وحصل له تهمة عزل بها من المقابلة ثم عمل سردار بالإسكندرية على طائفة العرب وعمل كتخدا القبودان وركب في المراكب وأشيع أنه غرق في البحر فحلوا اسمه وماله من التعلقات في بابه وغيره‏.‏
وبعد مدة حضر إلى مصر وطلع إلى الديوان وصحح اسمه الذي في العزب وجراياته وتعلقاته وبقي له بعض تعلقات لم يقدر على خلاصها ولم يساعده أهل بابه وأهملوا أمره فتغير خاطره منهم وذهب إلى بلك المتفرقة وانضم إليهم وسألهم أن يخرجوه من العزب ويدخلوه فيهم وجعل يركب معهم كل يوم للديوان ويمر على باب العزب‏.‏
فبينما هو ذات يوم طالع إلى الديوان إذ وقف له جماعة من العزب وقبضوا على لجام فرسه وأنزلوه من على فرسه وحبسوه في بابهم‏.‏
وبلغ الخبر المتفرقة وهم في الديوان وحضر محمد أمين بيت المال في العزب وكان في ذلك اليوم نائبًا عن باش جاويش لتمرضه‏.‏
فعاتبه جماعة المتفرقة على ما فعله جماعته فاغلظ عليهم في الجواب فقبضوا عليه من أطواقه وأرادوا ضربه فدخل بينهم المصلحون وخلصوه من أيديهم‏.‏
فنزل إلى باب العزب وأخبرهم بما فعله المتفرقة فاجتمعت طائفة العزب ووقفوا على بابهم فلما مر عليهم اثنان من جماعة المتفرقة نازلين إلى منازلهم وهما محمد الابدال وصاري علي فلما حاذياهم هجم عليهما طائفة العزب هجمة واحدة وضربوهما ضربًا مؤلمًا وأنزلوهما عن الخيل وشجوهما ونهبوا ما على الخيل من العدد واخذوا ما عليهما من الملبوس‏.‏
فلما وصل الخبر للمتفرقة اجتمعوا مع بقية الوجاقات وقعدوا في باب الينكجرية وأنهوا أمرهم إلى الأغوات والصناجق وأهل الحل والعقد واستمروا على ذلك ثلاثة أيام إلى أن وقع التوافق على إخراج أربعة أنفار الذين كانوا سببًا لإشعال نار الفتنة ونفيهم من مصر وهم أحمد كتخدا العزب ومحمد أمين بيت المال والشريف محمد باش أوده باشه ومحمد أفندي قاضي أوغلي الذي كان الباعث على ذلك فوافق على ذلك الجميع وصمموا عليه فسفروهم إلى جهة الصعيد‏.‏
وفي ثاني شهر الحجة عزل علي آغا مستحفظان وتولى عوضه رضوان آغا كتخدا الجاوشية سابقًا وركب بالشعار المعلوم وقطع ووصل وأمر أهل الأسواق أن يدفعوا الأرطال في دار الضرب بالدمغة السلطانية‏.‏
وجعلوا على كل دمغة نصف فضة فتحصل من ذلك مال له صورة‏.‏
وفي سابع عشر المحرم سنة تسع عشرة ومائة وألف توفي اسمعيل بك الدفتردار وولي أيوب بك عوضه وهو الذي كان أمير الحاج سابقًا‏.‏
وفي سادس صفر ورد مرسوم من السلطان أحمد بأن يكون عيار الذهب اثنين وعشرين قيراطًا وكانوا يقطعونه على ستة عشر‏.‏
وفي يوم الخميس ورد أمر بحبس محمد باشا الرامي وبيع كامل ما يملكه من متاع ملبوس وغيره فحبس بقصر يوسف صلاح الدين وأبطال والي البحر الذي يتولى من باب العزب‏.‏
وفيه وصل الحجاج وقد تأخروا إلى نصف صفر بسبب دخول مراكب الهند وشراء ما بها من الأقمشة‏.‏
وفي شهر ربيع حبس جماعة من أتباع الباشا وهو الكتخدا والخازندار وغيرهم من أرباب وفي ثامن عشر جمادى الآخرة تقلد إبراهيم بك الدفتردارية عوضًا عن أيوب بك بموجب مرسوم سلطاني وفيه عزل رضوان آغا مستحفظان وتولى أحمد آغا ابن بكير أفندي عوضًا عنه‏.‏
وفيه ورد أمر بأبطال نوبة محمد باشا ونفيه إلى جزيرة رودس فنزل من يومه إلى بولاق وأقام بها إلى أن سافر‏.‏
وفي أوائل رجب ورد أمر بعزل علي باشا وحبسه في قصر يوسف واستخلاص ما عليه من الديون إلى تجار اسلامبول وجعل إبراهيم بك قائمقام وحبس علي باشا وبيعت موجوداته وفيها وقعت فتنة بباب الينكجرية فعزلوا إفرنج أحمد باشا أوده باشا وحسين أوده باشا ثم نفوهم إلى الطينة بدمياط‏.‏
ووردت الأخبار بولاية حسين باشا على مصر وقدومه إلى الإسكندرية فقدم إلى مصر في ثالث عشري شعبان سنة تسع عشرة‏.‏
وفيه سافر الشريف يحيى بن بركات إلى مكة بمرسوم سلطاني‏.‏
وفيه فر إفرنج أحمد أوده باشا وحسين آغا من حبس الطينة ودخلا مصر ليلًا فاختبآ عند آغات الجراكسة والتجأ حسين إلى باب التفكجبة‏.‏
وفي خامس عشرينه طلع حسين باشا إلى القلعة بالموكب المعتاد على العادة‏.‏
وفي سادس عشرينه أجتمع الينكجرية بالباب بأسلحتهم لما بلغهم قدوم إفرنج أحمد إلى مصر وقالوا لابد من نفيه ورجوعه إلى الطينة فعاند في ذلك طائفة الجراكسة وامتنعوا من التسليم فيه وقالوا‏:‏ لابد من نقله من وجاقكم‏.‏
وساعدهم بقية البلكات ولم يوافق الينكجرية على ذلك ومكثوا ببابهم يومين وليلتين وكذلك فعل كل بلك ببابه‏.‏
فاجتمع كل العلماء والمشايخ على الصناجق والأعيان وخاطبوهم في حسم الفتنة فوقع الاتفاق على أن يجعلوه صاحب طبلخانة وأرسلوا له القفاطين مع كتخدا الباشا وأرباب الدرك وأحضروه إلى مجلس الآغا وقرؤوا عليه فرمان الصنجقية وأن خالف يكون عليه بخلاف ذلك فامتثل الأمر ولبس الصنجقية وطلع من منزل آغات الجراكسة بموكب عظيم إلى منزله ونزل له الصنجق السلطاني والطبلخانة في غايته‏.‏
ومن الحوادث أنه حضر كتخدا حسين باشا المذكور من طريق البحر بأوامر منها تحرير عيار الذهب على ثلاثة وعشرين قيراطًا وأن يضربوا الزلاطة والعثامنة التي يقال لها الاخشاءة بدار الضرب واحضر معه سكة لذلك فامتنع المصريون من ذلك ووافقوا على تصحيح عيار الذهب فقط‏.‏
وفي شهر شوال حضر آغا بمرسوم ببيع موجودات علي باشا المسجون فباعوها بالمزاد بالديوان‏.‏
وفي شهر الحجة ورد آغا بطلب خازندار إبراهيم بك الدفتردار وسببه أنه أنهى إلى السلطان أن خليل الخازندار المذكور أتاه رجل دلال بقوس فصار يجذبها ويتصرف فيها وكان بجانبه رجل من العثمانيين فأخذ القوس من يد خليل المذكور وأراد جذبها فلم يستطع فتعجب من قوة خليل المذكور وأخذ منه القوس وسافر بها إلى الديار الرومية ليمتحن بها أهل ذلك الفن فلم يقدر أحد على جذبها وأتصل خبرها بالسلطان فطلبها لجذبها فلم يستطع فتعجب من صعوبتها فقال له الرجل أن بمصر مملوكًا عند إبراهيم بك أوترها وصار يجذبها حتى تجمع طرفاها وعنده أيضًا مكحلة ثلاثون درهمًا يرمي بها الهدف وهو رامح على ظهر الحصان فأمر السلطان بإحضاره فجهزه إبراهيم بك وأرسله‏.‏
سنة عشرين ومائة وألف ورد قبودان يسمى جانم خوجه رئيس المراكب وطلع إلى الديوان ومعه بقية الرؤساء فلما أجتمع بالباشا أبرز له مرسومًا بتجهيز علي باشا إلى الديار الرومية فجهز في ثامن عشرينه ونزل بموكب فيه حسين باشا والصناجق والآغوات وأتباعهم ونزل في السفائن وسافر في أوائل ربيع الأول‏.‏
وفي ثامن عشر شوال أجتمع عسكر بالديوان وأنهوا إلى الباشا أن محمد بك حاكم جرجا أنزل عربان المغاربة وأمنهم وهذا يؤدي إلى الفساد فعزلوه وولوا آخر اسمه محمد من أتباع قيطاس وفي تاسع عشر شوال ورد محسن زاده أخو كتخدا الوزير أدخله حسين باشا بموكب حفل وطلع إلى القلعة وأبرز مرسومًا بعزل ايواز بك وتولية محمد باشا محسن زاده في منصبه فأنزله في غيظ قراميدان إلى أن سافر صحبة الحاج الشريف‏.‏
ومن الحوادث أن في يوم الاثنين رابع عشر القعدة سنة عشرين ومائة وألف وقف مملوك لرجل يسمى محمد آغا الحلبي على دكان قصاب بباب زويلة ليشتري منه لحمًا فتشاجر مع حمار عثمان أوده باش البوابة فأعلم عثمان بذلك فأرسل أعوانه وقبضوا على ذلك المملوك وأحضروه إليه‏.‏
فأمر بحبسه في سجن الشرطة فلما بلغ محمد جاويش سجن مملوكه حضر هو وأولاده وأتباعه إلى باب صاحب الشرطة لخلاص مملوكه فتفاوضا في الكلام وحصل بينهما مشاجرة فقبض عثمان أوده باشا على محمد جاويش المذكور وأودعه في السجن وركب إلى باش أوده باشا وهو إذ ذاك سليمان ابن عبد الله وطلع إلى كتخدا مستحفظان وعرض القصة فلم يرضوا له بذلك وأمروه بإطلاقه فرجع وأخرج محمد جاويش ومملوكه من السجن وركب ففي ثاني يوم الحادثة اجتمعت طائفة الجاويشية مع طائفة المتفرقة والثلاث بلكات الاسباهية والأمراء والصناجق والآغوات في الديوان وطلبوا نفي عثمان أوده باشا المذكور فلم توافقهم الينكجرية على ذلك فطلعوا إلى الديوان وطلبوا عثمان المذكور للدعوى عليه فحضر وأقيمت الدعوى بحضرة الباشا والقاضي‏.‏
فأمر القاضي بحبس عثمان كما حبس محمد جاويش فلم يرض الأخصام بذلك وقالوا ألا بد من عزله ونفيه فلم توافقهم الينكجرية فطلب العسكر من الباشا أمرًا بنفيه فتوقف في ذلك فنزلوا مغضبين واجتمعوا بمنزل كتخدا الجاويشية وأنزلوا مطبخهم من نوية خاناه إلى منزل كتخدا الجاويشية صالح آغا وأقاموا به ثلاثة أيام ليلًا ونهارًا وامتنعوا من التوجه إلى الديوان ثم أجتمع أهل البلكات وتحالفوا أنهم على قلب رجل واحد واتفقوا على نفي عثمان أوده باشا ثم اجتمعوا على الصناجق واتفقوا أن يكونوا معهم على طائفة الينكجرية لأنهم لم يعتبروهم‏.‏
وأرسل الاسباهية مكاتبات لأنفارهم المحافظين مع الكشاف بالولايات يأمرونهم بالحضور‏.‏
وفي ذلك اليوم عزل أوده باش البوابة وولي خلافه‏.‏
وفي يوم الجمعة ثامن عشري الشهر حضر إلى طائفة الينكجرية من أخبرهم أن العسكر يريدون قتالهم فأرسلوا القابجية إلى أنفارهم ليحضروا إلى الباب بآلة الحرب فاجتمعوا وانزعج أهل الأسواق وقفل غالبهم دكاكينهم ثم اطمأنوا بعد ذلك وجلسوا في دكاكينهم‏.‏
واستمر أهل الوجاقات الستة يجتمعون ويتشاورون في أبوابهم وفي منزل محمد آغا المعروف بالشاطر ومنزل إبراهيم بك الدفتردار و أما الينكجرية فأنهم كانوا يجتمعون بالباشا فقط‏.‏
وفي يوم الأحد رابع عشر ذي الحجة قدم محمد بك الذي كان بالصعيد في جند كثيف وأتباع كثيرة وطلع إلى ديوان مصر على عادة حكام الصعيد المعزولين ولبس الخلع السلطانية ونزل إلى بيته بالصليبة‏.‏
ثم أن أهل الوجاقات الست اجتمعوا واتفقوا على أبطال المظالم المتجددة بمصر وضواحيها وكتبوا ذلك في قائمة واتفقوا أيضًا أن من كان له وظيفة بدار الضرب والانبار والتعريف بالبحرين أو المذبح لا يكون له جامكية في الديوان ولا ينتسب لوجاق من الوجاقات وأن لا يحتمي أحد من أهل الأسواق في الوجاقات وأن ينظر المحتسب في أمورهم ويحرر موازينهم على العادة وأن يركب معه نائب من باب القاضي مباشرا معه وأن لا يتعرض أحد للمراكب التي ببحر النيل التي تحمل غلال الانبار وأن يحمل الغلال المذكورة جميع المراكب التي ببحر النيل‏.‏
ولا تختص مركب منها بباب من أبواب الوجاقات وأن كل ما يدخل مصر من بلاد الأمناء باسم الأكل لا يؤخذ عليه عشر وأن لا يباع شيء من قسم الحيوانات والقهوة إلى جنس الإفرنج وأن لا يباع الرطل البن بأزيد من سبعة عشر نصفًا فضة‏.‏
وأرسلوا القائمة المكتتبة إلى الباشا ليأخذوا عليها بيورلدي وينادي به في الأسواق‏.‏
فتوقف الباشا في إعطاء البيورلدي ولما بلغ الإنكشارية ما فعل هؤلاء اجتمعوا ببابهم وكتبوا قائمة نظير تلك القائمة بمظالم الخردة ومظالم اسباهية الولايات وغيرها وأرسلوها إلى الباشا فعرضها على أهل الوجاقات فلم يعتبروها وقالوا لابد من وفي يوم الأحد حادي عشري الحجة اجتمع أهل الوجاقات ومعهم الصناجق بباب الغرب وقاضي العسكر ونقيب الأشراف بالديوان عند الباشا وأرسلوا إلى الباشا أن يكتب لهم بيورلدي بأبطال ما سألوه فيه والمناداة به وأن لم يفعل ذلك أنزلوه ونصبوا عوضه حاكمًا منهم‏.‏
وعرضوا ذلك على الدولة فلما تحقق الباشا منهم ذلك كتب لهم ما سألوه وكتب لهم القاضي أيضًا حجة على موجبة ونزل بهما المحتسب وصاحب الشرطة ونائب القاضي وآغا من أتباع الباشا ونادوا بذلك في الشوارع‏.‏
وفي غاية الحجة سنة عشرين كسف جرم الشمس في الساعة الثامنة واستمر سبع عشرة درجة ثم انجلت‏.‏
سنة إحدى وعشرين ومائة وألف وفي يوم السبت رابع محرم سنة إحدى وعشرين ومائة وألف أجتمع الينكجرية عند آغاتهم وتحالفوا أنهم على قلب رجل واحد واجتمع أنفارهم جميعًا بالغيط المعروف بخمسين كتخدا وتحالفوا كذلك‏.‏
وفي سابعه أجتمع أهل الوجاقات بمنزل إبراهيم بك الدفتردار وتصالحوا على أن يكونوا كما كانوا عليه من المصافاة والمحبة بشرط أن ينفذوا جميع ما كتب في القائمة ونودي به ولا يتعرضوا في شيء منه فلم يستمر ذلك الصلح‏.‏
وفي ليلة السبت حادي عشرة وقع في الجامع الأزهر فتنة بعد موت الشيخ النشرتي وسيأتي ذكرها في ترجمة الشيخ عبد الله الشبراوي ثم أن الينكجرية قالوا لا نوافق على نقل دار الضرب إلى الديوان حتى تكتبوا لنا حجة بأن ذلك لم يكن لخيانة صدرت منا ولا تخوف عليها فامتنع أخصامهم من إعطاء حجة بذلك ثم توافق أهل البلكات الست على أن يعرضوا في شأن ذلك إلى باب الدولة فإن أقرها في مكانها رضوا به وأن أمر بنقلها نقلت فاجتمعوا هم ونقيب الأشراف ومشايخ السجاجيد وكتبوا العرض المذكور ووضعوا عليه ختومهم ما عدا الينكجرية فإنهم امتنعوا من الختم ثم أمضوه من القاضي وأرسلوه مع أنفار من البلكات وآغا من طرف الباشا في سادس عشري المحرم سنة إحدى وعشرين ومائة وألف‏.‏
وأما الينكجرية فأنهم اجتمعوا ببابهم وكتبوا عرضًا من عند أنفسهم إلى أرباب الحل والعقد من أهل وجاقهم بالديار الرومية وعينوا للسفرية علي أفندي كاتب مستحفظان سابقًا وأحمد جربجي وجهزوهم للسفر فسافروا في يوم الاثنين سابع عشرينه‏.‏
وفي ثالث عشر ربيع الأول تقلد إمارة الحاج قيطاس بك مقررًا على العادة في صبيحية المولد النبوي في كل سنة وكان أشيع أن بعض الأمراء سعى على منصب إمارة الحج فلما بلغ الينكجرية ذلك اجتمعوا ببابهم لابسين سلاحهم وجلسوا خارج الباب الكبير على طريق الديوان بناء على أنه أن لبس شخص إمارة الحج خلاف قيطاس بك لا يمكنوه من ذلك‏.‏
فلما رأى الصناجق والأمراء ذلك منهم خافوهم وقالوا هذه أيام تحصيل الخزينة ونخشى وقوع أمره من هؤلاء الجماعة إلى تعطيل المال فاجتمع رأي الصناجق وأهل الوجاقات الست على نفي ستة أشخاص من الينكجرية الذين بيدهم الحل والعقد ويخرجونهم من مصر إلى بلاد التزامهم تسكينًا للفتنة حتى يأتي جواب العرض‏.‏
فلما بلغ الينكجرية ما دبروه اجتمعوا في بابهم في عددهم وعددهم فلم يلتفتوا إلى فعلهم وقالوا‏:‏ لابد من نفيهم أو محاربتهم‏.‏
واجتمعوا كذلك في أبوابهم واستعد الينكجرية في بابهم وشحنوه بالأسلحة والذخيرة والمدافع فحصل لأهل البلد خوف وانزعاج وأغلقوا الدكاكين وذلك سابع عشر ربيع الأول ونقل الجاويشية مطبخهم من القلعة من النوبة إلى منزل كتخدا الجاويشية وأقام طائفة الينكجرية منهم طوائف محافظين على أبواب القلعة وباب الميدان والسحراء الذي بالمطبخ الموصل إلى القرافة خوفًا من أن العسكر يستميلون الباشا وينزلونه الميدان لأنهم كانوا أرسلوا له كتخدا الجاويشية وطلبوا منه النزول إلى قراميدان ليتداعوا مع الينكجرية على يد قاضي العسكر فلم تمكنهم الينكجرية من ذلك وحصل لكتخدا الجاويشية ومن معه مشقة في ذلك اليوم من المذكورين عند عودهم من عند الباشا وما خلصوا إلا بعد جهد عظيم‏.‏
وفي يوم الخميس عشري ربيع الأول أجتمع الصناجق والعسكر واختاروا محمد بك الذي كان بالصعيد لحصار القلعة من جهة القرافة على جبل الجيوشي بالمدافع والعسكر ففعل ما أمروا به وخافت العسكر وقوع نهب بالمدينة فعينوا مصطفى آغا أغات الجراكسة يطوف في أسواق البلد وشوارعها‏.‏
كما كان يفعل في زمن عزل الباشا‏.‏
وفي يوم السبت ثاني عشرينه أجتمع الأمراء الصناجق والاسباهية بالرميلة وعينوا أحمد بك المعروف بإفرنج أحمد آغات التفكجية ليحاصروا طائفة الينكجرية من بابهم المتوصل منه إلى المحجر وباب الوزير ويمنعوا من يصل إليهم بالإمداد‏.‏
وأما الينكجرية الذين كانوا بالقاهرة فاجتمعوا بباب الشرطة واتفقوا على أن يدهموا العسكر المحافظين بالباب ويكشفوهم ويدخلوا إلى باب الينكجرية‏.‏
فلما بلغ الصناجق ذلك والعسكر عينوا إبراهيم الشهير بالوالي ومصطفى آغات الجبجية في طائفة من الاسباهية فنزلوا إلى باب زويلة ولما بلغ خبرهم الينكجرية الذين كانوا تجمعوا في باب الشرشة تفرقوا فجلس مصطفى آغا محل جلوس الاوده باشا وإبراهيم بك في محل جلوس العسس وانتشرت طوائفهم في نواحي باب زويلة و الخرق واستمروا ليلة الأحد على هذا المنوال فطلع في صبحها نقيب الأشراف والعلماء وقاضي العسكر وأرباب الاشاير واجتمعوا بالشيخونيتين بالصليبة وكتبوا فتوى بأن الينكجرية إن لم يسلموا في نفي المطلوبين وإلا جاز محاربتهم وأرسلوا الفتوى صحبة جوخدار من طرف القاضي إلى باب الينكجرية فلما قرأت عليهم تراخت عزائمهم وفشلوا عن المحاربة وسلموا في نفي المطلوبين بشرط ضمانهم من القتل فضمنهم الأمراء الصناجق وكتبوا لهم حجة بذلك فلما وصلتهم الحجة انزلوا الأنفار الثمانية المطلوبين إلى أمير اللواء ايواز بك ورضوان آغا فتوجها بهم إلى بولاق ومن هناك سافروا إلى بلاد الريف‏.‏
وفي يوم تاسع عشر ربيع الأخر ورد أمير اخوز صغير من الديار الرومية وطلع إلى القلعة وأبرز مرسومين فرثا بالديوان بمحضر الجميع أحدهما بأبطال المظالم والحمايات بموجب القائمة المعروضة من العسكر ونفي عطاء الله المعروف ببولاق وأحمدجلبي بن يوسف آغا وأن يحاسبوا تجارة القهوة على مرابحة العشرة اثني عشر بعد رأس المال والمصاريف والأمر الثاني بنقل دار الضرب من قلعة الينكجرية إلى حوش الديوان وبناء قنطرة اللاهون بالفيوم وأن يحسب ما يصرف عليهما من مال الخزينة العامرة‏.‏
وفي يوم تاريخه برز أمر من الباشا برفع صنجقية أحمد بك الشهير بإفرنج أحمد بك وإلحاقه بوجاق الجملية‏.‏
وفي يوم السبت أجتمع أعيان مستحفظان بمنزل أحمد كتخدا المعروف بشهر اغلان وأرسلوا خلف إفرنج أحمد وتصالحوا معه وتعاهدوا على الصدق وأن لا يغدرهم ولا يغدروه‏.‏
ومضوا معه إلى الباب الجملي وأخذوا عرضه وركب الحمار في يوم الأحد وطلع إلى باب مستحفظان في جم غفير من الأوده باشية وتقرر باش أوده باشا كما كان سابقًا وعاد إلى منزله‏.‏
وفي غاية الشهر رجع الأنفار الثمانية المنفيون وأخرجوهم من وجاق الينكجرية ووزعوهم على أهل الوجاقات باطلاع الأمراء الصناجق والآغوات‏.‏
وفي أوائل جمادى الأولى أرسل القاضي فأحضر مشايخ الحرف وعرفهم أنه ورد أمر يتضمن أن لا يكون لأحد من أرباب الحرف والصنائع علاقة ولا نسبة في أحد الوجاقات السبع فأجابوه بأن غالبهم عسكري وابن عسكري وقاموا على غير امتثال ثم بلغ القاضي أنهم أجمعوا على إيقاع مكروه به فخافهم وترك ذلك وتغافل عنه ولم يذكره بعد‏.‏
وفي هذه السنة أبطل الينكجرية ما كانوا يفعلونه من الاجتماع بالمقياس وعمل الاسمطة والجمعيات وغيرها عند تنظيفه‏.‏
وفي منتصف جمادى الثانية تم بناء دار الضرب التي أحدثوها بحوش الديوان وضرب بها السكة وكان محلها قبل ذلك معمل البارود ونقل معمل البارود إلى محل بجوارها‏.‏
وفيه لبس إبراهيم بك أبو شنب أميرًا على الحج عوضًا عن قيطاس بك وتولى قيطاس بك دفتردارية مصر عوضًا عن إبراهيم بك بموجب مرسوم بذلك من الأعتاب‏.‏
وفي تاسع عشر رمضان ورد الخبر بعزل حسين باشا وولاية إبراهيم باشا القبودان ووردت منه مكاتبة بأن يكون حسين باشا نائبًا عنه إلى حين حضوره ولم يفوض أمر النيابة إلى أحد من صناجق مصر كما هو المعتاد وفي شهر شوال الموافق لكيهك القبطي ترادفت الأمطار وسالت الأودية حتى زاد بحر النيل بمقدار خمسة أذرع وتغير لونه لكثرة ممازجة الطفل للماء في الأودية واستمرت الأمطار تنزل وتسكب إلى غاية الشهر وكان ابتداؤها من غرة رمضان‏.‏
وفي منتصف ذي القعدة نزل حسين باشا من القلعة بموكب عظيم وأمامه الصناجق والآغوات إلى منزل الأمير يوسف آغا دار السعادة بسويقة عصفور ووصل إبراهيم باشا القبو دان وطلع إلى القلعة في منتصف الحجة‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوجهاد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
أبوجهاد


وسام التميز لونه طوبى
العمر : 47
الدولة : مصر الحبيبة
ذكر الجدي النمر
عدد المساهمات : 1133
نقاط : 2247
تاريخ الميلاد : 20/01/1963
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
العمر : 61
العمل/الترفيه : طالب علم
تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(7 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين مارس 22, 2010 9:49 pm

:[qq[qowowoei:
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(7 )

سنة إحدى وثلاثين وهي سنة إحدى وثلاثون ومائة وألف
وذلك عند وصول رجب باشا إلى العريش ثم حضر رجب باشا إلى مصر وعملوا له الشنك والموكب على العادة فلما اسقر بالقلعة أحضر إليه ابن علي باشا وخازنداره وكاتب خزينته والروزنامجي وأمره بعمل حسابه ثم قطع رأسه ظلمًا وسلخها وأرسلها إلى الباب ودفن علي باشا بمقام أبي جعفر الطحاوي بالقرافة ويعرف إلى الأن قبره بعلي باشا المظلوم وأمر بضبطجميع مخلفاته ثم أحضر له جركس خفية وأمر الآغا والوالي بالمناداة عليه وكل من آواه يشنق على باب داره‏.‏
ثم اختلى به وقال له‏:‏ كيف العمل والتدبير في قتل ابن ايواظ بك وجماعته فقال له‏:‏ الرأي في ذلك أن ترسل إلى العرب يقفون في طريق الوشاوشة فأنهم يرسلون يعرفونكم بذلك فأرسلوا لهم عبد الله بك وبعد عشرة أيام أرسلوا يوسف بك الجزار ومحمد بك ابن ايواظ بك واسمعيل بك جرجا وعبد الرحمن آغا ولجه آغات الجملية فعندما يرتحلون من البركة يقتل اسمعيل بك الدفتردار كتخدا الجاويشية عند ذلك أنا أظهر ونقلد إمارة الحج إلى محمد بك ابن اسمعيل بك ونرسله بتجريدة إلى ابن ايواظ بك يقتلونه مع جماعته وهذا هو الرأي والتدبير‏.‏
ففعلوا ذلك ولم يتم بل اختفى اسمعيل بك ودخل إلى مصر ثم ظهر بعد أن دبر أموره وعزل رجب باشا وأنزلوه إلى بيت مصطفى كتخدا عزبان وفسد تدبيره وكتبوا عرضحال بصورة الواقع وأرسلوه إلى اسلامبول‏.‏
وسيأتي تتمة خبر ذلك في ترجمة اسمعيل بك‏.‏
وكان رجب باشا أخذ من مال دار الضرب مائة وعشرين كيسا صرفها على التجريدة‏.‏
وصل محمد باشا النشانجي سنة ثلاث وثلاثين‏.‏
فعندما استقر بالقلعة طلب من رجب باشا المائة وعشرين كيسا وقلد إمارة الحج لمحمد بك فطلع بالحج سنة ثلاث وسنة أربع وثلاثين ثم حضر مرسوم والعفو لاسمعيل بك ابن ايواظ بك وقرئ بالديوان وساف رجب باشا وسكن الحال مع التنافر والحقد الباطني الكامن في نفس محمد بك جركس وابن أستاذه محمد بك أبي شنب لاسمعيل بك ابن ايواظ وهو يسامح لهم ويتغافل عن أفعالهم وقبائحهم ويسوس أموره معهم وكل عقدة عقدوها بمكرهم حلها بحسن رأيه وسياسته وجودة رأيه‏.‏
وجرت بينه وبينهم أمور ووقائع ومخاصمات وجمعيات ومصالحات يطول شرحها ذكرها أحمد جلبي عبد الغني في تاريخه الذي ضاع مني‏.‏
ولم يزل اسمعيل بك ظاهرا عليهم حتى خانوه واغتالوه وقتلوه بالقلعة على حين غفلة على يد ذي الفقار تابع عمر آغا وأصلان وقيلان ومن معهم وقتلوا وقتلوا معه اسمعيل بك جرجا وعبد الله آغا كتخدا الجاويشية ثم تحيلوا على قتل عبد الله بك ومحمد بك ابن ايواظ وإبراهيم بك ابن الجزار وذلك في سنة ست وثلاثين ومائة وألف في أيام ولاية محمد باشا المذكور‏.‏
وسيأتي تتمة ذلك في ذكر تراجمهم وقلدوا ذا الفقار قاتل اسمعيل بك الصنجقية وكشوفية المنوفية وأنضم إليه من كان خاملًا من الفقارية وبدأ أمرهم في الظهور‏.‏
فممن انضم إليه مصطفى بك يلفيه ومحمد بك أمير الحاج وهو ابن اسمعيل بك الكبير الفقاري واسمعيل بك الدالي وقيطاس بك الأعور واسمعيل بك ابن سيده ومصطفى بك فزلار وخلافهم اختيارية وآغوات من الوجاقلية ونظم أموره وقضى لوازمه وأشغاله وجعل مصطفى أفندي الدمياطي كاتب تركي وعزم على السفر إلى المنوفية وركب في موكب حافر وصحبته من ذكر من الفقارية‏.‏
وكان رجب كتخدا ومحمد جاويش الداودية متوجهين إلى بيت محمد بك جركس وكانا خصيصين به وبيدهما باب الينكجرية مع الاقواسي ولهما الكلمة بالباب دون القازدغلية‏.‏
فصادف موكب ذي الفقار فوقفا ونظرا إلى الراكبين معه من الفقارية فتغير خاطرهم على جركس وتكدر مزاجهما وترحما على اسمعيل بك ابن ايواظ‏.‏
ولما دخلا على جركس نظر إليهما فرآهما منفعلين فسألهما عن سبب انفعالهما فأخبراه بما رأياه‏.‏
وقالا ان دام هذا الحال قتلنا الفقارية فقال‏:‏ يكون خيرًا‏.‏
ثم أمر الصيفي بقتل أصلان وقيلان فوظب معه سراجا يثق به وأمره أن يقف في سلالم المقعد فعندما علم بحضورهما أحدث الصيفي مشاجرة مع ذلك السراج وفزع عليه بالطبنجة فهرب السراج من أمامه فجرى الصيفي خلفه فاخرج ذلك السراج طبنجته أيضا ورفع زنادها فقال له أصلان‏:‏ عيب فأفرغها فيه وفرغ أيضا الصيفي طبنجته في قيلان وذلك بسلالم المقعد ببيت جركس ومسح الخدم الدم وأخذوا خيولهما وأرسلوا المقتولين إلى بيوتهما في تابوتين‏.‏
ثم أن محمد بك جركس طلع إلى القلعة وطلب من الباشا فرمانا بتجريدة يرسلها إلى ذي الفقار ومن معه من الفقارية فامتنع الباشا وقال‏:‏ رجل خاطر بنفسه بمعرفتكم واطلاعكم كيف أني أعطيكم بعد ذلك فرمانا بقتله‏.‏
فقام جركس ونزل إلى بيته ولم يطلع بعد ذلك إلى الديوان وأهملوا الدواوين والباشا‏.‏
فلما ضاق خناق الباشا أبرز مرسوما رفع صنجقية جركس وكتب فرمانا للمشايخ والوجاقلية بذلك ويمنعهم من الذهاب إليه وبلغ إلى جركس فتدارك الأمر وعمل جمعيات ورتب أمورا واجتمعوا بالرميلة وحوالي القلعة وعزلوا الباشا وأنزلوه وأسكنوه في بيت ابن الدالي وكان ذلك في أواخر سنة سبع وثلاثين فكانت مدته في هذه المدة أربع سنوات وأرسلوا له محمد بك ابن أبي شنب فخلع عليه وجعلوه قائمقام وأخذوا منه فرمانا بالتجريدة على ذي الفقار وجعلوا إبراهيم بك فارسكور أمير العسكر وكاشف المنوفية‏.‏
ووصل الخبر إلى ذي الفقار بك بما حصل من مصطفى بك بلغيه فوزع طوائفه في البلاد ودخل إلى مصر خفية إلى بيت أحمد أوده باشا مطر باز‏.‏
فلما سافر إبراهيم بك بالتجريدة فلم يجده فضبط موجوداته وتحقق من المخبرين أنه دخل إلى مصر وأرسل الخبر بذلك لجركس فأمر لهلوبة الوالي والصيفي بالفحص والتفتيش عليه وأرسلوا عرضحال محضرًا بما نمقوه وبنزول الباشا‏.‏
وكان محمد باشا أرسل قبل ذلك مكاتبات لرجال الدولة بما حصل بالتفصيل فلما وصل عرض المصريين عينوا علي باشا واليا جديدًا إلى مصر بتدبير ومكيدة وصحبته قبودان وقابجي بطلب الأربعة آلاف كيس التي جعلها محمد بك ابن أبي شنب حلوانًا على بلاد الشواربية‏.‏
بعض الحوادث في تلك السنة من الحوادث في أيام محمد باشا أن في أول الخماسين طلع الناس على جري العادة في ذلك لاستنشاق النسيم في نواحي الخلاء وخرج سرب من النساء إلى الأزبكية وذهب منهن طائفة إلى غيط الأعجام تجاه قنطرة الدكة فحضر اليهن جماعة سراجون وبأيديهم السيوف من جهة الخليج وهم سكارى وهجموا عليهن وأخذوا ثيابهن وما عليهن من الحلي والحلل‏.‏
ثم أن الخفراء وأوده باشة القنطرة حضروا إليهن بعد ذهاب أولئك السراجين فأخذوا ما بقي وكملوا بقية النهب وجميع من كان هناك من النساء من الأكابر ومن جملة ما ضاع حزام جوهر وبشت جوهر قالوا أن الحزام قيمته تسعة أكياس والبشت خمسة أكياس‏.‏
ومن جملة من أن هناك آمنة الجنكية وصحبتها امرأة من الأكابر فعروهما وأخذوا ما عليهما وكان لها ولد صغير وعلى رأسه طاقية عليها جواهر وبنادقة وزوجا أساور جوهر وخلخال ذهب بندقي قديم وزنه أربعمائة مثقال‏.‏
ومن جملة ما أخذوا لباس شبيكة من الحرير الأصفر والقصب الأصفر وفي كل عين من الشبيكة لؤلؤة شريط مخيش والدكة كذلك واخذوا أزرهن وفرجياتهن وأرسلن إلى بيوتهن فتاتين بثياب يستترن بها وذهبن‏.‏
وكانت هذه الحادثة من أشنع الحوادث‏.‏
ثم أن في ثاني يوم قدموا عرضحال إلى الباشا وأخذوا على موجبة فرمانا إلى آغات الينكجرية على أنه يتوجه وصحبته الوالي واوده باشة البوابة فذهبوا إلى محل الواقعة وأحضروا أهل الخطة فشهدوا على أن هذه الفعلة من الخفراء بيد أوده باشة مركز القنطرة وهو الذي أرسل السراجين والحمارة فقبضوا على الخفراء والاوده باشا وسئلوا فأنكروا فحبس الاوده باشا في بابة والخفراء في العرقانة وأمر الباشا الوالي بعقابهم فلما رأوا آلة العذاب اقروا أن ذلك من فعل الاودة باشا‏.‏
فاخذوا منه مالا كثيرا ونفوه إلى أبي قير ونادى الآغا والوالي على النساء لا يذهبن إلى الغيطان بعد اليوم ولا يركبن الحمير‏.‏
ومنها أنه ورد آغا من الديار الرومية في سابع عشر ربيع الآخرة سنة خمس وثلاثين وعلى يده مرسوم بدفع ستين كيسا إلى باشة جدة ليشتروا بها مركبا هنديا لحمل غلال الحرمين عوضا عن مركب غرقت قبل هذا التاريخ‏.‏
وحضر صحبة ذلك الآغا تاجر عظيم من تجار الشوام ومعه أتباعه ووصل الجميع على خيل البريد إلى أن وصلوا إلى بركة الحاج‏.‏
فنزلوا يأخذوا لهم راحة لكونهم وصلوا أرض الأمان وفارقهم الآغا فنزل عليهم سالم بن حبيب فعراهم وأخذ ما معهم وكذلك كل من صادفه في الطريق‏.‏
ومن جملة ذلك سبعون جملا لعبد الرحمن بك محملة ذخيرة من الولجة إلى منزله وكذلك جمال عبد الله بك وجمال السقائين وحصل منهم ما لا خير فيه وكان صحبة سالم عرب الجزيرة ومغاربة‏.‏
وسبب ذلك أنه لما طرد من دجوة وذهب إلى الصعيد فنزل إلي قيحاس بك وجمع عليه عربان القبائل وحاربه وقتل أولاده فرجع من خلف الجبل وقعد بالبركة وقطع الطريق‏.‏
فلما وصل الخبر بذلك إلى مصر نزل إليه أمير الحاج وكاشف القليوبية حمزة بك تابع ابن ايواظ وعينوا صحبتهم عرب الصوالحة وهم نصف حرام فنزل أمير الحلي بالمسبك وجلس هناك وابن حبيب نازل في المساطب التي بعد البركة وناصب صيوان كاشف شرق اطفيح وكان نهبه وهو متوحه إلى قبلي فإن الكاشف لما أقبل عليه سالم رمح عليه وكان في قلة فهزمه سالم واخذ صيوانه ونهب الوطاق والجمال وأخذ النقاقير ونزل البركة وربط خيوله هو ومن معه في الغيطان‏.‏
فأكلوا ستة وثلاثين فدان برسيم في ليلة واحدة‏.‏
ثم أن الباشا أرسل إلى أمير الحاج بالرجوع وعينوا عبد الله بك وحمزة بك وخليل آغا وأرسل اسمعيل بك صحبتهم خمسمائة جندي من أتباعه ومن البلكات ومعهم فرمان لجميع العرب بالتعمير في أوطانهم ما عدا سالم بن حبيب وأخوته ومن يلوذ به وسافرت لهم التجريدة وارتحل ابن حبيب وسار إلى جهة غزة‏.‏
ونهبت التجريدة ما في طريقها من البلاد وأرسل إليهم ومنها أنه ورد شاهقتان وهما مركبان من أرض حوران مملوءتان قمح حنطة في كل واحدة عشرة آلاف اردب بيعتا في دمياط وكان سعر الغلة غاليا بمصر لقصور النيل في العام الماضي وتسامعت البلاد بذلك فهذا هو السبب في ورود هذين المركبين‏.‏
وفي شهر ذي القعدة سنة خمس وثلاثين ومائة وألف تقلدا الصنجقية علي آغا الأرمني الذي عرف بأبي العزب وكذلك علي آغا صنجقية وأمين العنبر وحاكم جرجا وكمل بذلك صناجق مصر أربعة وعشرين صنجقًا‏.‏
وكانوا في المعتاد القديم اثنين وعشرين وكتخدا الباشا وقبطان الإسكندرية فتكرم الباشا بصنجقية كتخداه لعلى بك الأرمني إكرامًا لاسمعيل بك ابن ايواظ بك فكمل بذلك عشرة من أتباع اسمعيلبك وهم اسمعيل بك الدفتردار وعبد الله بك وأخوه محمد وحمزة بك وعلي بك الهندي وصاري علي بك وإبراهيم بك خازندار الجزار وعبد الرحمن بك ولجه وعلي بك هذا المعروف بأبي العزب وهو عاشرهم ومن بيت أبي شنب محمد بك ابنه وجركس الكبير ومملوكه جركس الصغير وقاسم الكبير وقاسم الصغير والأعسر وإبراهيم بك فارسكور وذو الفقار تابع قانصوه ومصطفى بك القزلار وقيطاس بك تابع قيطاس بك الكبير وابن اسمعيل بك الدفتر دار وهو محمد بك وأحمد بك المسلماني ومرجان جور وإبراهيم الوالي تتمة أربعة عشرة‏.‏
وتقلد كشوفية الغربية محمد بن اسمعيل بك والبحيرة أحمد بك الأعسر وبني سويف قاسم بك الصغير والجيزة محمد بك أبي شنب الدفتر دار والشرقية عبد الرحمن بك‏.‏
ولبس علي القليوبية خليل آغا بعد عزله من آغاوية الجراكسة وتقلد قيطاس بك كشوفية المنوفية بعد عزله من آغاوية التفكجية وتقلد حسين آغا ابن محمد آغا تابع البكري كشوفية الفيوم وإبراهيم بك الوالي على الخزينة وألبس اسمعيل بك محمد آغا ابن أشرف علي آغاوية الجملية على ما هو عليه‏.‏
وكان أراد محمد بك تلبيس مصطفى آغا بلغيه فحصل بين بك ابن أبي شنب وبين اسمعيل بك ابن ايواظ بك غم وكلام في الديوان فلما رأى مصطفى آغا ذلك ما وسعه إلا النزول من باب الميدان وتركهم وألبس عبد الغفار أفندي آغاوية الجراكسة ومصطفى آغا تابع عبد الرحمن بك آغات متفرقة‏.‏
وركب اسمعيل بك بطائفته ونزل بن أبي شنب والأعسر وقاسم بك وهم مملوءون من الغيظ‏.‏
وفي رجب قبل ذلك ورد آغا من الديار الرومية وعلى يده مرسوم وسيف وقفطان للشريف يحيي شريف مكة وتقرير للباشا على السنة وآغاوية المتفرقة لعبد الغفار أفندي لم يسبق نظير ذلك‏.‏
وأن آغاوية المتفرقة تأتي من الديار الرومية وسبب ذلك أن حسن أفندي والد عبد الغفار أفندي كان عنده طواشي أهداه إلى السلطنة فأرسل ذلك الآغا آغاوية المتفرقة إلى ابن سيده فالبسه الباشا القفطان على ذلك فحصل بسبب ذلك فتنة في الوجاق‏.‏
وسبب ذلك أن وجاقهم فرقتان ظاهرتان بخلاف غيره والظاهر منهما ستة أشخاص من الاختيارية وهم سليمان آغا الشاطر وعلي آغا وعبد الرحمن آغا القاشقجي وخليل آغا وإبراهيم كاتب المتفرقة سابقًا وكبيرهم محمد آغا السنبلاوين وهم من طرف محمد بك جركس‏:‏ لكن لما ظهر اسمعيل بك انحطت كلمتهم وظهرت كلمة الذين من طرف اسمعيل بك وهم اسمعيل آغا ابن الدالي وأحمد حلبي بن حسين آغا أستاذ الطالبية وأيوب جلبي‏.‏
فلما تولى عبد الغفار آغاوية لحق أولئك الحقد والحسد وتناجوا فيما بينهم على أن يملكوا الباب فاجتمعوا بأنفارهم وملكوا الباب فهرب عبد الغفار آغا إلى بيت اسمعيل بك وكان عنده الجماعة الآخرون‏.‏
فدخل عليهم عبد الغفار آغا وأخبرهم بما حصل فأشار عليهم اسمعيل بك أن يذهبوا إلى بيت أحمد جلبي ويجعلوه محل الحكم‏.‏
وأرسل أولئك الطرف فطلبوا محمد آغا أبطال وباكير آغا تابع اسمعيل بك الكبير ومصطفى أغا وكانوا منفيين من بابهم إلى العزب وكانوا كبراءهم وخرجوا منهم في واقعة جركس المتقدمة فآبوا من الحضور إليهم‏.‏
فلما أبوا عليهم عملوا القاشقجي باش اختيار عوضًا عن أبطال وعزلوا وولوا على مرادهم وطلع في صبحها اسمعيل بك إلى الديوان وصحبته علي بك وأمير الحاج وأخبروا الباشا بما حصل فأرسل اثنين آغوات ومن كل وجاق اثنين اختيارية فأرسل لهم فرمانا بنفيهم إلى الكشيدة فأبوا وصمموا على عدم ذهابهم إلى الكشيدة‏.‏
وأقام الأمراء عند الباشا إلى الغروب ثم أنهم نزلوا ووعدوا الباشا أنهم في غد يفصلون هذا الأمر وأن لم يمتثلوا حاربناهم‏.‏
فلما كان في ثاني يوم عملوا جمعية واتفقوا على توزيع الستة أنفار على الست وجاقات وكتبوا من الباشا ست فرمانات لك فرد منهم فرمان فكان كذلك وتفرقوا في الوجاقات‏.‏
ونزل اسمعيل بك ابن ايواظ ثالث عشر رجب سنة خمس وثلاثين إلى بيته بعد أقامته في باب العزب ثلاثة أيام في طائفته ومماليكه وصناجقه بحيث أن أوائل الطائفة دخلوا إلى البيت قبل ركوبه من باب العزب وكان خلفه نحو المائتين بالطرابيش الكشف وتمم الأمر على مراده‏.‏
ثم تحقق الخبر فظهر له أن أصل هذه الفتنة من اسمعيل آغا ابن الدالي فطلع في ثاني يوم إلى الديوان وألبس اسمعيل آغا آغاوية العزب وأحضر محمد آغا أبطال باش اختيارًا‏.‏
وفي ذلك اليوم حضر عبد الله بك وحمزة بك المتوجهان إلى العزب ومعهما أربعمائة وخمسون رأسا وسبعة من القادم بالحياة فأرسل إليهما اسمعيل بك بأن يرميا الرؤوس في الخانقاة ويقتلا الذين بالحياة ويدخلا إلى مصر بالليل ففعلا ذلك والله أعلم بغرضه في ذلك‏.‏
وفي أيامه أيضًا في شعبان سنة خمس وثلاثين ورد عرضحال من مكة بان يحيى الشريف وعلي باشا والي جدة وعسكر مصر الذين عينوا صحبة أحمد بك المسلماني وأهل مكة تحاربوا مع الشريف مبارك شريف مكة سابقًا وكان معه سبعة آلاف من العرب اليمانية ووقع بينهم مقتلة عظيمة وسقط علي باشا من على ظهر جواده إلا أن أحمد بك أدركه وأنقذه بجواده الجنيب فخلع على أحمد بك خلعة سمور وسردارية مستحفظان‏.‏
وكان ذلك في عرفات وقتل من العرب زيادة عن ألفين وخمسمائة ومن العسكر نحو الخمسين ومن ابتاع الباشا كذلك‏.‏
ومات علي آغا سردار جمليان وكان الباشا قتل من الأشراف أثني عشر شخصًا وكانوا في جيرة الشريف يحيى وقد أبطل الجيرة ثم أنهم رجعوا بعد المعركة إلى جدة وأنهم مجتهدون في جمع اللموم وقادمون علينا بمكة والقصد الاهتمام والتعجيل بإرسال قدر ألف وخمسمائة عسكري وعليهم صنجق لأن الذين عندنا عندما ينقضي الحج يذهبون إلى بلادهم وتصير مكة خالية‏.‏
وقد أخبرناكم وأرسلنا بمثل ذلك إلى الديار الرومية صحبة الشيخ جلال الدين ومفتي مكة فكتب الباشا والأمراء بذلك أيضا وانتظروا الجواب‏.‏
ثم ورد الساعي وأخبر بوصول على باشا إلى سكندرية في غليون البليك وحضر بعد يومين الملم بقائم مقامية لمحمد بك جركس فخلع عليه فروة سمور وأنزله بمكان شهر حواله ورتب له تعيينات‏.‏
وسافرت الملاقاة وأرباب الخدم والجاويشية والملازمون‏.‏
وقلد محمد بك خازنداره رضوان صنجقية وجعله أمين السماط وأخذ الخاصكية من علي بك الهندي وأعطاها لرضوان المذكور وأبطل الخط الشريف الذي بيده بالخاصكية قيد حياته‏.‏
سنة ثمان وثلاثين ووصل الباشا في منتصف ربيع أول سنة 1138 وركب إلى العادلية وخلع خلع القدوم وقدموا له التقادم وطلع إلى القلعة بالموكب المعتاد وضربوا له المدافع والشنك وسكن الحال‏.‏
‏.‏
ثم أن محمد باشا المنفصل أرسل تذكرة على لسان كتخداه خطابا لمصطفى بك بلغيه وعثمان جاويش القازدغلي مضمونها أن حضرة الباشا يسلم عليكم ويقول كلم‏:‏ لا بد من التدبير في ظهور ذي الفقار وقطع بيت أبي شنب حكم الأمر السلطاني وتحصيل الأربعة آلاف كيس الحلوان المعين بها القابجي‏.‏
فلما وصلت التذكرة إلى مصطفى بك أحضر عثمان جاويش وعرضها عليه فقال‏:‏ هذا يحتاج أولًا إلى بيت مفتوح تجتمع فيه الناس‏.‏
فاتفقا على ضم علي بك الهندي إليهما وهو يجمع طوائف الصناجق المقتولين ومماليكهم ثم يدبرون تدبيرهم بعد ذلك‏.‏
فاعتذر بخلويدة فقالوا له‏:‏ نحن نساعدك وكل ما تريده يحضر إليك‏.‏
وأحضر أحمد أوده باشا المطرباز ذا الفقار عند علي بك الهندي أحضر مصطفى جلبي بن ايواظ فاحضر كامل طوائف أخيه وجماعة الأمراء المقتولين وبلغ محمد بك جركس أن علي بك الهندي عنده لموم وناس‏.‏
فأرسل له رجب كتخدا ومحمد جاويش يأمره بتفريق الجمعية ووعده برد نظر الخاشكية إليه‏.‏
فلما وصلا إليه وجدا كثرة الناس والازدحام وأكلا وشربا فقال له رجب‏:‏ كتخدا إيش هذا الحال وأنت خالي وجمع الناس يحتاج إلى مال‏.‏
فقال له وكيف أفعل قال‏:‏ أطردهم‏.‏
قال‏:‏ وكيف أطردهم وهم ما بين ابن أستاذي وخشداشي وابن خشداشي حتى أني رهنت بلدا‏.‏
فقال‏:‏ أقعد مع عائلتك وخدمك ونرد لك نظر الخاصكية وأخلص لك البلد المرهونة‏.‏
قال‏:‏ يكون خيرًا‏.‏
وانصرفا من عنده ودخل علي بك فاخبر ذا الفقار بذلك فقال له‏:‏ أرسل إلي سليمان آغا أبي دفية يوسف جربجي البركاوي‏.‏
فأرسل إليهما وأحضرهما وأدخلهما إليه وتشاوروا فيما يفعلونه‏.‏
فاتفقوا على قتل إبراهيم أفندي كتخدا العزب وبقتله يملكون باب العزب‏.‏
وعند ذلك يتم غرضنا‏.‏
فأصبحوا بعدما دبروا أمرهم مع الباشا المعزول والفقارية والشواربية وفرقوا الدراهم‏.‏
فركب أبو دفية بعد الفجر وأخذ في طريقه يوسف جربجي البركاوي ودخلا على إبراهيم كتخدا عزبان فركب معهم إلى الباب‏.‏
وتطليس ذو الفقار وأخذ صحبته سليمان كاشف ويوسف زوج هانم بنت ايواظ بك ويوسف الشرايبي ومحمد بن الجزار وأتوا إلى الرميلة ينتظرونهم بعدما ربطوا المحلات والجهات‏.‏
فعندما وصل إبراهيم كتخدا إلى الرميلة تقدم إليه سليمان كاشف ليسلم عليه وتبعه خازنداره ابن ايواظ وضربه فسقط إلى الأرض ورمحوا إلى الباب فطردوا البكجية وملكوه‏.‏
وركب في الحال محمد باشا وحضر إلى جامع المحمودية ونزل علي باشا إلى باب العزب واجتمعت كامل صناجق نصف سعد وقسموا المناصب مثل الحال القديم‏:‏ أمير الحلي من الفقارية والدفتر دار من القاسمية ومتفرقة باشا من الفقارية وكتخدا الجاويشية من القاسمية ونحو ذلك‏.‏
وقرأوا فاتحة على ذلك وأغات الينكجرية أبو دفية‏.‏
ومصطفى فندي الدمياطي زعيم وكان القبودان أتى من الإسكندرية ونزل في قصر عثمان جاويش القازدغلي بعسكره فأتى بهم وملك السلطان حسن وكرنك به مع ذي الفقار بك‏.‏
وخلع محمد باشا على علي بك الهندي دفتر دار وعلى ذي الفقار صنجقيته كما كان وعلى علي كاشف قطامش صنجقية وعلى سليمان كاشف صنجقية وحاكم جرجا وعلى مصطفى جلبي ابن ايواظ صنجقية وعلى يوسف آغا زوج هانم صنجقية وعلى يسف الشرايبي صنجقية وسليمان أبي دفية أغات مستحفظان ومصطفى الدمياطي والي‏.‏
وحضر إليهم محمد بك أمير الحاج سابقًا ومصطفى بك بلغيه واسمعيل بك الدالي وقيطاس بك الكور واسمعيل بك ابن قيطاس وأقاموا في المحمودية‏.‏
هذا ما كان من هؤلاء وأما محمد بك جركس فانه أستعد أيضًا وأرسل إلى بيت قاسم بك عدة كبيرة من الأجناد ومدافع وعملوا متاريس عند درب الحمام وجامع الحصرية وهجمت عساكرهم على من بسبيل المؤمن بالبنادق والرصاص حتى أجلوهم وهزموهم وهربوا إلى جهة القلعة وسوق السلاح وأكثرهم لم يدرك حصانه‏.‏
فلما وقع ذلك عملوا متاريسهم في الحال عند مذبح الجمال ورموا على من بالمحمودية وهرب المجتمعون بالرميلة وبنى طائفة جركس في الحال متاريس عند وكالة الاشكنية وأرتبك أمر الفرقة الأخرى‏.‏
ثم أن يوسف جررجي البركاوي وكان حين ذاك من الخاملين القشلانين وتقدم له الطلوع بالسفر سردار بيرق رمى نفسه في الهلاك وتسلق من باب العزب ونط الحائط والرصاص نازل وطلع عند محمد باشا والصناجق بالمحمودية وطلب منهم فرمانا لكتخدا العزب يعطيه بيرق سردن جشتي ومائة نفر وضمن لهم طرد الذين بسبيل المؤمن وملك بيت قاسم بك وعند ذلك يسير البيارق على بيت جركس‏.‏
وشرط عليهم أن يجعلوه بعد ذلك كتخدا العزب فكعلوا ذلك ونزل بمن معه من باب الميدان وسار بهم من جانب تكية اسمعيل باشا وهناك باب ينفذ على تربة الرميلة فوقف بهم هناك وطوى البيرق وهجم بمن معه على سبيل المؤمن بطلق رصاص متتبع وهو مهللون على حين غفلة‏.‏
فأجلوهم وفروا من مكانهم إلى درب الحصرية وهم في أقفيتهم حتى جاوزوا متاريسهم وملكوها منهم ودخلوا بيت قاسم بك وأداروا المدافع على بيت قاسم بك وصعدوا منارة جامع الحصرية ورموا بالبنادق على بيت قاسم بك‏.‏
فعند ذلك نزلت البيارق من الأبواب وساروا إلى جهة الصليبة وطلع القبو دان إلى قصر يوسف ورتب مدفعًا على بيت جركس على الرحيل والفرار فخرج معه أحمد بك الأعسر ومحمد بك جركس على الرحيل والفرار فخرج معه أحمد بك الأعسر ومحمد بك جركس الصغير وأركب خمسة من مماليكه على خمسة من الهجن المحملة بالمال وذهبوا إلى جهة مصر القديمة وعدوا إلى البر الآخر وساروا وتخلف منهم بمصر محمد بك ابن أبي شنب وعمر بك أمير الحاج ورضوان بك وعلي بك وإبراهيم بك فارسكور‏.‏
وطلع محمد باشا إلى القلعة ثانيًا ونزل علي باشا وسافر إلى منصبه بكريد‏.‏
وترأس ذو الفقار بك وقلد عثمان بك كاشف مملوكه منجقية وهو عثمان بك الشهير الذي يأتي ذكره وأرسلوه صحبة يوسف بك زوج هانم بنت ايواظ خلف محمد بك جركس ومعهم عساكر وآغات البلكات فصاروا كل من وجدوه من أتباع جركس بالجيزة أو خلافها يقتلونه‏.‏
ووقعوا بأحمد أفندي الروزنامجي فأرسلوه إلى محمد باشا فسجنه مع المعلم داود صاحب العيار بالعرقانة ثم قتلوهما وقتلوا عمر بك أمير الحاج ومحمد بك ابن أبي شنب وجدوه ميتا بالجامع الأزهر وعملوا رجب كتخدا سردار جداوي والاقواسي يمق‏.‏
وخرجا إلى بركة الحاج ليذهبا إلى السويس فأرسلوا من قتلهما أتى برؤوسهما ونهبوا بيوت المقتولين والهربانين وبعد أيام رجع عثمان بك ويوسف بك والتجريدة فأخبروا ذا الفقار بك وعلي بك الهندي أنهم وصلوا حوش ابن عيسى سألوا العرب عن محمد بك جركس ومن معه فأخبروهم أنهم باتوا هناك‏.‏
ثم أخذوا معهم دليلًا أوصلهم إلى الجبل الأخضر وركبوا من هناك إلى درنة‏.‏
وكان هروب جركس وخروجه من مصر يوم السبت سابع جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف‏.‏
ثم أنهم عملوا جمعية وكتبوا عرضحال بما حصل وأعطوه للقابجي وسلموه ألف كيس من أصل حلوان بلاد اسمعيل بك ابن ايواظ أمرائه وبلاد أبي شنب وأبنه وأمرأته أيضًا وذلك خلاف بلاد محمد بك قطامش ورضوان آغا وكور محمد آغا كتخدا قيطاس بك وكتبوا أيضا مكاتبة إلى الوزير الأعظم بطلب محمد بك قطامش تابع قيطاس بك الذي تقدم ذكره وهروبه إلى الروم بعد قتل سيده وختم عليه جميع الأمراء الصناجق والآغوات وأعطاه الباشا إلى قابجي باشا فلما وصل إلى الدولة طلب الوزير محمد بك فلما حضر بين يديه قال له أهل مصر‏:‏ أرسلوا يطلبونك إليهم بمصر‏.‏
فاعتذر بقلة ذات يديه وأنه مديون فأنعموا عليه بالدفتردارية والذهاب إلى مصر وكتبوا فرمانات لسائر الجهات بإهدار دم محمد بك جركس أينما وجد لأنه عاص ومفسد وأهل شر وذلك حسب طلب المصريين‏.‏
ثم أن محمد باشا والي مصر خلع على جماعة وقلدهم أمريات فقلد مصطفى بن ايواظ صنجقية وحسن آغات الجملية سابقًا صنجقية واسمعيل بن الدالي صنجقية ومحم جلبي بن يوسف بك الجزار صنجقية وسليمان كاشف القلاقي صنجقية وذلك خلاف الوجاقات والبلكات والسدادرة وغيرهم‏.‏
وسكن الحال وانتهت الرياسة بمصر إلى ذي الفقار بك وعلي بك الهندي‏.‏
وحضر محمد بك إلى مصر من الديار الرومية فلم يتمكن من الدفتردارية لأن علي بك الهندي تقلدها بموجب الشرط السابق وكل قليل يذاكر محمد بك ذا الفقار بك فيقول له‏:‏ طول روحك‏.‏
فاتفق أن علي بك المعروف بأبي العذب ومصطفى بك بن ايواظ ويوسف بك الخائن ويوسف بك الشرايبي وعبد الله آغا كتخدا الجاويشية وسليمان آغا ابادفية والكل من فرقة القاسمية كانوا يجتمعون في كل ليلة عند واحد منهم يعملون حظا ويشربون شرابًا‏.‏
فاجتمعوا في ليلة عند علي بك أبي العذاب فلما أخذ الشراب من عقولهم تأوه مصطفى بك ابن ايواظ وقال‏:‏ يموت العزيز أخي الكبير والصغير ويصير الهندي مملوكنا سلطان مصر ونأكل من تحت يده والباشا في قبضته‏.‏
وكان النيل قريب الوفاء فقال علي بك‏:‏ أنا أقتل الباشا يوم جبر البحر‏.‏
وقال أبو دفية‏:‏ وأنا أقتل ذا الفقار‏.‏
وقال مصطفى بك‏:‏ وأنا أقتل الهندي‏.‏
وكل واحد من الجماعة ألتزم بقتل واحد وقرؤوا الفاتحة وكان معهم مملوك أصله من مماليك عبد الله بك ولما قتل سيده هرب إلى الهند وأقام في خدمته أيامًا فلما تقلد مصطفى بك الصنجقية أخذه من علي بك الهندي‏.‏
فلما سمع منهم ذلك القول ذهب إلى علي بك الهندي وأخبره‏.‏
فأرسله إلى ذي الفقار فأخبره أيضًا‏.‏
فبعثه إلى الباشا فأخبره فلما كان يوم الديوان وطلع علي بك أبو العذب قبض عليه الباشا وقتله تحت ديوان قايتباي وأحاط بداره ونهب ما فيها وكان شيئًا كثيرًا وأرسل في الوقت فرمانًا إلى الآغا بالقبض على باقي الجماعة فقبضوا على مصطفى بك ابن ايواظ وأركبوه حمارًا وصحبته مقدمه وأحضروه إلى الباشا فأمر بقتله وقتل مقدمه أيضًا واختفى الباقون‏.‏
وأخذ ذو الفقار فرمانا ينفي هانم بنت ايواظ بك وأم محمد بك ابن أبي شنب ومحظيته علي بك فمانع عثمان جاويش القازدغلي في ذلك واستقبحه وضمن غائلتهن وألزمهن أن لا يخرجن من بيوتهن ورتب لهن كفايتهن‏.‏
فلما حصل ذلك ضعف جانب القاسمية وانفرد علي بك الهندي وكان ذو الفقار أرسل إلى الشام فأحضر رضوان آغا ومحمد آغا الكور فجعلوا رضوان آغا آغات الجملية ومحمد بك الجزار غائب بإقليم المنوفية‏.‏
فعند ذلك اغتنموا الفرصة وتحرك محمد بك قطامش في طلب الدفتردارية فدبروا أمرهم مع يوسف جربجي عزبان البركاوي ورضوان آغا وعثمان جاويش القازدغلي وقتلوا علي بك الهندي وذا الفقار قانصوه وأرسلوا إلى محمد بك الجزار تجريدة وأميرها اسمعيل بك قيطاس وهو بإقليم المنوفية وقلدوا مصطفى أفندي الدمياطي صنجقية وجعلوه حاكم جرجا‏.‏
وقبضوا على سليمان بك أبي شنب وقضى اسمعيل بك أشغاله وسافر بالتجريدة إلى المنوفية وأخذ صحبته عربان نصف سعد وساروا إلى محمد بك الجزار‏.‏
وأن لما وصله الخبر أخذ ما يعز عليه وترك الوطاق وأرتحل إلى جسر سديمة فلحقوه هناك وحاربوه وحاربهم وقتل بينهم أجناد وعر وحمى نفسه إلى الليل‏.‏
ثم أخذ معه مملوكين وبعض احتياجات وزل في مركب وسار إلى رشيد وترك أربع وعشرين مملوكًا فاخذوا الهجن وساروا ليلًا مبحرين حتى جاوزوا وطاق اسمعيل بك وتخلف عنهم مملوك ماشي فذهب إلى وطاق اسمعيل بك قيطاس وعرفه بمكانهم فأرسل إليهم كتخداه بطائفة فردوهم وأخذهم عنده فأقاموا في خدمته‏.‏
ولم يزل محمد بك في سيره حتى دخل إلى رشيد واختفى في وكالة ووصل خبره إلى حسين جربجي الخشاب فقبض عليه وقتله بع أن أستأذن في ذلك وتقلد في نظير ذلك الصنجقية وكشوفية البحيرة‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوجهاد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
أبوجهاد


وسام التميز لونه طوبى
العمر : 47
الدولة : مصر الحبيبة
ذكر الجدي النمر
عدد المساهمات : 1133
نقاط : 2247
تاريخ الميلاد : 20/01/1963
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
العمر : 61
العمل/الترفيه : طالب علم
تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(6 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين مارس 22, 2010 9:50 pm

:[qq[qowowoei:

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(6 )

تاسع عشر جمادى الأولى
رجع يوسف بك ومصطفى آغا من الشرقية‏.‏
وفي سابع جمادى الآخرة تقلد محمد بك ابن اسمعيل بك ابن ايواظ بك الصنجقية ثم أنهم اجتمعوا في بيت قائمقام وكتبوا عرضحال بصورة ما وقع وطلبوا إرسال باشا واليًا على مصر وذكروا فيه أن الخزنة تصل صحبة محمد بك الدالي وانقضت الفتنة وما حصل بها من الوقائع التي لخصنا بعضها وذكرناه على سبيل الاختصار واستمر خليل باشا بمصر حتى حضر والي باشا وحاسبوه وسافر في ثامن عشر جمادى الأولى سنة أربع وعشرين ومائة وألف وكانت أيام فتن وحروب وشرور‏.‏
ثم تولى على مصر والي باشا فوصل إلى مصر وطلع إلى القلعة في أواخر رجب سنة ثلاث وعشرين ومائة وألف‏.‏
وفي شوال قلدوا أحمد بك الأعسر تابع إبراهيم بك صنجقية وزادوه كشوفية البحيرة وكان قانصوه بك قائمقام قبل وصول الباشا رسم بإخراج تجريدة إلى هوارة المفسدين الذين أتوا إلى مصر صحبة محمد بك الصعيدي ورجعوا صحبته وأخربوا أخميم وقتلوا الكشاف وأمير التجريدة محمد بك قطامش وصحبته ألف عسكري وأعطوا كل عسكري ثلاثة آلاف نصف فضة من مال البهار سنة تاريخه وأن يكون محمد بك حاكم جرجا عن سنة ثلاثة وعشرين وأربعة وعشرين وقضى أشغاله وبرز خيامه إلى الآثار ثم طلب الوجه البلي إلى أن وصل إلى اسيوط فقبض على كل من وجده من طرف محمد بك الصعيدي وقتله ومنهم حسين أوده باشا ابن دقماق ثم انتقل إلى منفلوط وهربت طوائف الهوارة بأهلها إلى الجبل الغربي واتت إليه هوارة بحري صحبة الأمير حسن فأخبروه بما وقع لهم وساروا صحبته إلى جرجا فنزل بالصيوان وأبرز فرمانا قرئ بحضرة الجميع باهراق دم هوارة قبلي وأمر بالركوب عليهم إلى أسنا وتسلط عليهم هوارة تجري ونهبوا مواشيهم وأغنامهم ومتاعهم وطواحينهم واشتفوا منهم وكل من وجدوه منهم قتلوه ولم يزل في سيره حتى وصل قنا وقوص وثم رجع إلى جرجا ثم أن هوارة قبلي التجئوا إلى إبراهيم بك أبو شنب والتمسوا منه أن يأخذ لهم مكتوبا من قيطاس بك بالأمان ومكتوبًا إلى حاكم الصعيد كذلك وفرمانا من الباشا بموجب ذلك فأرسل إلى قيطاس بك تذكرة صحبة احمد بك الأعسر يترجى عنده فأجاب إلى ذلك وأرسلوا به محمد كاشف كتخدا وبرجوع التجريدة والعفو عن الهوارة‏.‏
ورجع محمد كاشف والتجريدة وصحبته التقادم والهدايا وأرسلوا إلى إبراهيم بك مركب غلال وخيول مثمنة وأغنامًا‏.‏
وفي أواخر شوال ورد آغا من الدولة وعلى يده مرسومات منها محاسبة خليل باشا واستعجال الخزينة وبيع بلاد من قتل في أيام الفتنة وكذلك أملاكهم‏.‏
وفي شهر رمضان قبل ذلك جلس بجامع المؤيد فكثر عليه الجمع وأزدحم المسجد وأكثرهم أتراك ثم أنتقل من الوعظ وذكر ما يفعله أهل مصر بضرايح الأولياء وإيقاد الشموع والقناديل على قبور الأولياء وتقبيل أعتابهم وفعل ذلك كفر يجب على الناس تركه وعلى ولاة الأمور السعي في أبطال ذلك‏.‏
وذكر أيضًا قول الشعراني في طبقاته أن بعض الأولياء أطلع على اللوح المحفوظ أنه لا يجوز ذلك ولا تطلع الأنبياء فضلًا عن الأولياء على اللوح المحفوظ وأنه لا يجوز ذلك ولا تطلع الأنبياء فضلًا عن والتكايا ويجب هدم ذلك‏.‏
وذكر أيضا وقوف الفقراء بباب زويلة في ليالي رمضان‏.‏
فلما سمع حزبه ذلك خرجوا بعد صلاة التروايح ووقفوا بالنبابيت والأسلحة فهرب الذين يقفون بالباب فقطعوا الجوخ والاكر المعلقة وهم يقولون‏:‏ أين الأولياء‏.‏
فذهب بعض الناس إلى العلماء بالأزهر وأخبروهم بقول ذلك الواعظ وكتبوا فتوى وأجاب عليها الشيخ أحمد النفراوي والشيخ أحمد الخليفي بأن كرامات الأولياء لا تنقطع بالموت وأن إنكاره على اطلاع الأولياء على اللوح المحفوظ لا يجوز ويجب على الحاكم زجره عن ذلك‏.‏
وأخذ بعض الناس تلك الفتوى ودفعها للواعظ وهو في مجلس وعظه فلما قرأها غضب وقال‏:‏ يا أيها الناس أن علماء بلدكم أفتوا بخلاف ما ذكرت لكم وأني أريد أن أتكلم معهم وأباحثهم في مجلس قاضي العسكر فهل منكم من يساعدني على ذلك وينصر الحق‏.‏
فقال له الجماعة‏:‏ نحن معك لا نفارقك‏.‏
فنزل عن الكرسي وأجتمع عليه من العامة زيادة عن ألف نفس ومر بهم من وسط القاهرة إلى أن دخل بيت القاضي قريب العصر فانزعج القاضي وسألهم عن مرادهم فقدموا له الفتوى وطلب منه إحضار المفتيين والتحدث معهما‏.‏
فقال القاضي‏:‏ اصرفوا هؤلاء الجموع ثم نحضرهم ونسمع دعواكم‏.‏
فقالوا‏:‏ ما بقول في هذه الفتوى قال‏:‏ باطلة‏.‏
فطلبوا منه أن يكتب لهم حجة ببطلانها‏.‏
فقال‏:‏ أن الوقت قد ضاق والشهود ذهبوا إلى منازلهم وخرج الترجمان‏.‏
فقال لهم ذلك فضربوه واختفى القاضي بحريمه‏.‏
فما وسع النائب إلا أنه كتب لهم حجة حسب مرادهم ثم اجتمع الناس في يوم الثلاثاء عشرينه وقت الظهر بالمؤيد لسماع الوعظ على عادتهم فلم يحضر لهم الواعظ فأخذوا يسألون عن المانع من حضوره‏.‏
فقال بعضهم‏:‏ أظن أن القاضي منعه من الوعظ‏.‏
فقام رجل منهم وقال‏:‏ أيها الناس من أراد أن ينصر الحق فليقم معي‏.‏
فتبعه الجم الغفير فمضى بهم إلى مجلس القاضي فلما رآهم القاضي ومن في المحكمة طارت عقولهم من الخوف وفر من بها من الشهود ولم يبق إلا القاضي فدخلوا عليه وقالوا له‏:‏ أين شيخنا فقال‏:‏ لا أدري‏.‏
فقالوا له‏:‏ قم واركب معنا إلى الديوان ونكلم الباشا في هذا الأمر ونسأله أن يحضر لنا أخصامنا الذي أفتوا بقتل شيخنا ونتباحث معهم فإن اثبتوا دعواهم نجوا من أيدينا وإلا قتلناهم فركب القاضي معهم مكرها وتبعوه من خلفه وأمامه إلى أن طلعوا إلى الديوان فسأله الباشا عن سبب حضوره في غير وقته‏.‏
فقال‏:‏ أنظر إلى هؤلاء الذين ملئوا الديوان والحوش فهم الذين أتوا بي وعرفه قصتهم وما وقع منهم بالأمس واليوم وأنهم ضربوا الترجمان وأخذوا مني حجة قهرا وأتوا اليوم وأركبوني قهرًا‏.‏
فأرسل الباشا إلى كتخدا الينكجرية وكتخدا العزب وقال لهما‏:‏ اسألوا هؤلاء عن مرادهم‏.‏
فقالوا‏:‏ نريد إحضار النفراوي والخليفي ليبحثا مع شيخنا فيما أفتيا به عليه فأعطاهم الباشا بيورلديا على مرادهم ونزلوا إلى المؤيد وأتوا بالواعظ وأصعدوه إلى الكرسي فصار يعظهم ويحرضهم على اجتماعهم في غد بالمؤيد ويذهبون بجمعيتهم إلى القاضي وحضهم على الإنتصار للدين وقمع الدجالين‏.‏
وافترقوا على ذلك وأما الباشا أنه لما أعطاهم البيورلدي أرسل بيورلديا إلى إبراهيم بك وقيطاس بك يعرفهم ما حصل وما فعله العامة من سؤ الأدب وقصدهم تحريك الفتن وتحقيرنا نحن والقاضي وقد عزمت أنا والقاضي على السفر من البلد‏.‏
فلما قرأ الأمراء ذلك لم يقر لهم قرار وجمعوا الصناجق والآغوات ببيت الدفتردار وأجمعوا رأيهم على أن ينظروا هذه العصبة من أي وجاق ويخرجوا من حقهم وينفي ذلك الواعظ من البلد‏.‏
وأمروا الآغا أن يركب ومن رآه منهم قبض عليه وأن يدخل جامع المؤيد ويطرد من يسكنه من السفط‏.‏
فلما كان صبيحة ذلك اليوم ركب الآغا وأرسل الجاويشية إلى جامع المؤيد فلم يجدوا منهم أحدا وجعل يفحص ويفتش على أفراد المتعصبين فمن ظفر به أرسله إلى باب آغاته فضربوا بعضهم ونفوا بعضهم وسكنت الفتنة‏.‏
سنة أربع وعشرين ومائة وألف وفي ثالث المحرم سنة أربع وعشرين ومائة وألف ورد مرسوم سلطاني بطلب ثلاثة آلاف من العساكر المصرية إلى الغزو‏.‏
وفي ثامنه تشاجر رجل شريف مع تركي في سوق البندقانيين فضرب التركي الشريف فقتله ولم يعلم أين ذهب‏.‏
فوضع الأشراف المقتول في تابوت وطلعوا به إلى الديوان واثبتوا القتل على القاتل‏.‏
فلما كان يوم عاشرة قامت الأشراف وقفلوا أسواق القاهرة وصاروا يرجمون أصحاب الدكاكين بالحجارة ويأمرونهم بقفل الدكاكين وكل من لقوه من الرعية أو من أمير يضربونه‏.‏
ومكثوا على ذلك يومهم وأصبحوا كذلك يوم الجمعة وأرسلوا خبرًا للأشراف القاطنين بقرى مصر ليحضروا واجتمعوا بالمشهد الحسيني ثم خرجوا وأمامهم بيرق وذهبوا إلى منزل قيطاس بك الدفتردار فخرج عليهم أتباعه بالسلاح فطردوهم وهزموهم فلما تفاقم أمرهم تحركت عليهم العساكر وركب آغوات الاسباهية الثلاث وآغات الينكجرية في عددهم وعددهم وطافوا البلد‏.‏
فعند ذلك تفرقت الجمعية ورجع كل إلى مكانه ونادوا بالأمن والأمان وفتحت الدكاكين ثم أجتمع رأي الأمراء على نفي طائفة من أكابر الأشراف فتشفع فيهم المشايخ والعلماء فعفوا عنهم‏.‏
وفي هذا الشهر وقع ثلج بقريتي سرسنة وعشما من بلاد المنوفية كل قطعة منه مقدار نصف رطل وأقل وأكثر ثم نزلت صاعقة أحرقت مقدارًا عظيمًا من زرع الناحية وقتلت أناسًا‏.‏
وفي يوم الخميس ثامن ربيع الأول سافر مصطفى بك تابع يوسف آغا من بولاق بالعسكر صحبة المعينين للغزو وحضرت العساكر الذين كانوا في سفر الموسقو صحبة سر دارهم اسمعيل بك ولما عادوا إلى اسلامبول بالنصر وضعوا لهم على رؤوسهم ريشا في عمائمهم سمة لهم‏.‏
ومات وفي ثاني عشرينة قبل الغروب خرجت فرتينة بريح عاصف أظلم منها الجو وسقط منها بعض المنازل‏.‏
وفي غرة ربيع الثاني ورد آغا ومعه مرسوم مضمونه حصول الصلح بين السلطنة والموسقو ورجوع العسكر المصري ولما رجعوا أخذوا منهم ثلثي النفقة وتركوا لهم الثلث وكذلك التراقي من الجوامك التي تعطى للسردارية وأصحاب الدركات‏.‏
وفي ثامن عشره ورد قابجي باشا وعلى يده مرسوم بتقليد قيطاس بك الدفتردار أميرًا على الحاج عوضا عن يوسف بك الجزار وأن يكون إبراهيم بك بشناق المعروف بأبي شنب دفتردار‏.‏
فامتثلوا ذلك ولبسوا الخلع ومرسوم آخر بإنشاء سفينتين ببحر القلزم لحمل غلال الحرمين وأن يجهزوا إلى مكة مائة وخمسين كيسا من الأموال السلطانية برسم عمارة العين على يد محمد بك ابن حسين باشا‏.‏
ثم أن قيطاس بك اجتمع بالأمراء وشكا إليهم احتياجه لدراهم يستعين بها على لوازم الحاج ومهماته فعرضوا ذلك على الباشا وطلبوا منه أن يمده بخمسين كيسا من مال الخزينة ويعرض في شأنها بعد تسليمها إلى الدولة وأن لم يمضوا ذلك يحصلوها من الوجاقات بدلا عنها‏.‏
وفي يوم الأربعاء وصل من طريق الشام باشا معين لمحافظة جدة يسمى خليل باشا فدخل القاهرة في كبكبة عظيمة وعساكر رومية كثيرة يقال لهم سارجه سليمان وجمال محملة بالأثقال يقدمهم ثلاثة بيارق وخرج لملاقاته الباشا وقيطاس بك أمير الحاج في طائفة عظيمة من الأمراء والآغوات والصناجق وقابلوه وأنزلوه بالغيظ المعروف بحسن بك ومدوا هناك سماطًا عظيمًا حافلًا وقدموا له خيولا وساروا معه إلى أن دخلوا إلى المدينة في موكب عظيم إلى أن أنزلوه بمنزل المرحوم اسمعيل بك المتوفى في سفر الموسقو بجوار الحنفي فلم يزل هناك حتى سافر في أوائل رجب سنة تاريخه وخرج بموكب عظيم أيضًا وفي منتصف شعبان تقلد احمد بك الأعسر على ولاية جرجا عوضًا عن محمد بك الصغير المعروف بقطامش ثم ورد أمر بتقليد إمارة الحج لمحمد بك قطامش عوضًا عن سيده وطلع بالحج سنة أربع وعشرين ورجع سنة خمس وعشرين وذلك من فعل قيطاس بك سرًا وتقلد ولاية جرجا مصطفى بك مزلار‏.‏
وفي يوم الخميس عشرينه تقلد محمد بك المعروف بجركس تابع إبراهيم بك أبي شنب الصنجقية وكذلك قيطاس تابع قيطاس بك أمير الحج‏.‏
وفي عاشر شوال ورد عبد الباقي أفندي وتولى كتخدائية والي باشا ومعه بقرير للباشا على ولاية مصر‏.‏
وفي ثالث عشر ذي القعدة ورد أيضًا مرسوم صحبة آغا معين بطلب ثلاثة آلاف من العسكر المصري لسفر الوسقو لنقضهم المهادنة وقرئ ذلك بالديوان بحضرة الجميع فألبسوا حسين بك المعروف بشلاق سردار عوضًا عن عثمان بك ابن سليمان بك بارم ذيله وقضى أشغاله وسافر في أوائل المحرم‏.‏
سنة خمس وعشرين ومائة وألف ورد أيضا آغا باستعجال الخزينة ورجع الحجاج في شهر صفر صحبة محمد بك قطامش وانتهت رياسة مصر إلى قيطاس بك ومحمد بك وحسن كتخدا النجدلي وكور عبد الله وإبراهيم الصابونجي‏.‏
فسولت لقيطاس بك نفسه قطع بيت القاسمية وأخذ يدبر في ذلك وأغرى سالم بن حبيب فهجم على خيول اسمعيل بك ابن ايواز بك في الربيع وجم أذناب الخيول ومعارفها ما عدا الخيول الخاص فإنها كانت بدوار الوسية وذهب ولم يأخذ منها شيئا وحضر في صبحها أمير أخور فاخبروه وكان عنده يوسف بك الجزار فلاطفه وسكن حدته وأشار عليه بتقليد حسن أبي دفية قائمقام الناحية ففعل ذلك وجرت له مع ابن حبيب أمور ستذكر في ترجمة ابن حبيب فيما يأتي‏.‏
ثم أنه كتب عرضحال أيضا على لسان الأمير منصور الخبيري يذكر فيه أن عرب الضعفاء أخربوا الوادي وقطعوا درب الفيوم‏.‏
وأرسل ذلك العرضحال صحبة قاصد يأمنه فختمه منصور وأرسله إلى الباشا صحبة البكاري خفير القرافة‏.‏
فلما طلع قيطاس بك في صبحها إلى الباشا وأجتمع باقي الأمراء وكان قيطاس بك رتب مع الباشا أمرًا سرًا وأغراه وأطمعه في القاسمية وما يؤول إليه من حلوان بلاد إبراهيم بك ويوسف بك وابن ايواظ بك وأتباعهم فلما استقر مجلسهم دخل البكاري بالعرضحال فأخذه كاتب الديوان وقرأه على أسماع الحاضرين فأظهر الباشا الحدة وقال‏:‏ أنا أذهب لهؤلاء المفاسيد الذين يخربون بلاد السلطان ويقطعون الطريق‏.‏
فقال إبراهيم بك أقل ما فينا يخرج من حقهم وانحط الكلام على ذهاب إبراهيم بك واسمعيل بك ويوسف بك وقيطاس بك وعثمان بك ومحمد بك قطامش‏.‏
وكان قانصوه بك في بني سويف في الكشوفية وأحمد بك الأعسر في إقليم البحيرة فلما وقع الاتفاق على ذلك خلع عليهم الباشا قفاطين ونزلوا فأرسلوا خيامهم ومطابخهم إلى تحت أم خنان ببر الجيزة وعدوا بعد العصر ونزلوا بخيلهم‏.‏
واتفق قيطاس بك مع عثمان بك أنهم يعدون خلفهم بعد المغرب ويكونون أكلوا العشاء وعلوا على الخيول وعندما ينزلون إلى الصيوان يتركون الخيول ملجمة والماليك والطوائل بأسلحتها‏.‏
فإذا أتى إلينا الثلاثة صناجق نقتلهم ثم نركب على طوائفهم وخيولهم مربوطة فنقتل كل من وقع ونخلص ثار الفقارية الذين قتلهم خال إبراهيم بك في الطرانة‏.‏
فلما فعلوا ذلك وعدوا وأوقدوا المشاعل وذلك وقت العشاء ونزلوا بالصيوان قال إبراهيم بك ليوسف بك واسمعيل بك‏:‏ قوموا بنا نذهب عند قيطاس بك‏.‏
قالا له‏:‏ أنت فيك الكفاية‏.‏
فذهب إبراهيم بك وهو ماش ولم يخطر بباله شيء من الخيانة‏.‏
فلما دخل عندهم وسلم وجلس سأله قيطاس بك عن رفقائه‏.‏
فقال‏:‏ أنهم جالسون محلهم فلم يتم ما أرادوه فيهم من الخيانة‏.‏
فعند ذلك قام محمد بك وعثمان بك إلى خيامهما وقلعا سلاحهما وخلعا لجامات الخيل وعلقا مخالي التبن ورجعا إليهما فقال قيطاس بك لإبراهيم بك‏:‏ أركبوا أنتم الثلاثة في غد وانصبوا عند وسيم ونحن نذهب إلى جهة سقارة فنطرد العرب فيأتون إلى جهتكم فأركبوا عليهم‏.‏
فأجابه إلى ذلك‏.‏
ثم قام وذهب إلى رفقائه فأخبرهم بذلك وباتوا إلى الصباح‏.‏
وفي الصباح حملوا وساروا إلى جهة وسيم كما أشار إليهم قيطاس بك فنزلت إليهم الزيدية بالفطور فسألوهم عن العرب فقالوا لهم الوادي في أمن وأمان بحمد الله لا عرب ولا حرب ولا شر‏.‏
وأما قيطاس بك ومن معه فإنه رجع إلى مصر وأرسل إلى ابن حبيب بأن يجمع نصف سعد وعرب بلي ويرسلهم مع أبنه سالم يدهمون الجماعة بناحية وسيم ويقتلونهم فتلكأ ابن حبيب في جمع العربان لصداقة قديمة بينه وبين إبراهيم بك وحضر لهم رجل من الأجناد كان تخلف عنهم لعذر حصل له فأخبرهم برجوع قيطاس بك ومن معه إلى مصر فركب إبراهيم بك ويوسف بك واسمعيل بك ونزلوا بالجيزة عند أبي هريرة وصحبتهم خيالة الزيدية وباتوا هناك وعدوا في الصباح إلى وفي هذه السنة حصل طاعون وكان ابتداؤه في القاهرة في غرة ربيع الأول وتناقص في أواخر جمادى الآخرة‏.‏
ووصل عابدين باشا إلى الإسكندرية وتقلد يوسف بك الجزار قائمقام وخلع على ابن سيده اسمعيل بك ولما حضر الباشا إلى الحلي وطلع إلى العادلية وأحضر الأمراء تقادمهم وقدم له اسمعيل بك تقدمة عظيمة وأحبه الباشا وأختص به ومال قلبه إلى فرقة القاسمية فقلدهم المناصب والكشوفيات‏.‏
وحضر مرسوم بإمارة الحج لاسمعيل بك ابن ايواظ بك وعابدين باشا هذا هو الذي قتل قيطاس بك بقراميدان كما يأتي خبر ذلك في ترجمة قيطاس بك‏.‏
وهرب محمد بك قطامش تابعه بعد قتل سيده إلى بلاد الروم وأقام هناك مدة ثم عاد إلى مصر وسيأتي خبر ذلك في ترجمته‏.‏
وفي ولايته تقلد عبد الله كاشف وصاري علي وعلي الأرمني واسمعيل كاشف صناجق الأربعة ايواظية وتقلد منهم أيضا عبد الرحمن آغا ولجه آغات جمليه واسمعيل آغا كتخدا وايواظ بك كتخدا الجاويشية ومن أتباع إبراهيم بك أبي شنب قاسم الكبير وإبراهيم فارسكور وقاسم الغير ومحمد جلبي بن إبراهيم بك أبي شنب وجركس محمد الصغير خمستهم صناجق واستقر الحال وطلع بالحج الأمير اسمعيل بك ابن أيواظ سنة سبع وعشرين وسنة ثمان وعشرين في أمن وأمان وسخاء ورخاء‏.‏
وفي سنة ثمان وعشرين ورد آغا من اسلامبول وعلى يده مرسوم بطلب ثلاثة آلاف من العسكر المصري وعليهم أمير فادر وكانت النوبة على محمد بك جركس الكبير فلما اجتمعوا بالديوان وقرئ المرسوم خلع الباشا على محمد بك جركس القفطان ونزل إلى داره فطوى القفطان وأرسله إلى سيده إبراهيم بك ويقول له‏:‏ عندك خلافي صناجق كثيرة فأني قشلان‏.‏
فتكدر خاطره ثم أرسل إليه صحبة أحمد بك الأعسر عشرين كيسا فاستقلها فأعطاه أيضا وصولا بعشرة أكياس على الطرانه فجهز حاله وركب إلى قصر الحلي بالموكب وأحضر عنده الحريم فأقام أيامًا في حظه وصفائه والآغا المعين يستعجل السفر وفي كل يوم يأتيه فرمان من الباشا بالاستعجال والذهاب وهو لا يبالي بذلك‏.‏
ثم أن الباشا تكلم مع إبراهيم بك في شأن ذلك فلما نزل إلى بيته أرسل إليه أحمد بك الأعسر وقاسم بك الكبير فأخبراه بتقريظ الباشا والاستعجال فقال في جوابه‏:‏ جلوسي هنا أحسن من إقامتي تحت الطرانة حتى يدفعوا لي العشرة أكياس فلا أرتحل حتى تأتيني العشرة أكياس‏.‏
ورمى لهم الوصول فرجع أحمد بك إلى إبراهيم بك وأخبره بمقالته ورد إليه الوصول فما وسعه إلا أنه دفع ذلك القدر إليه نقدًا وقال‏:‏ سوف يخرب هذا بيتي بعناده‏.‏
فلما وصله ذلك نزل إلى المراكب وسافر‏.‏
ثم ورد مسلم علي باشا وأخبر بولايته مصر‏.‏
فاجتمعوا بالديوان وتقلد إبراهيم بك أبو شنب قائمقام ونزل إلى بيته وخلع على أحمد بك الأعسر وجعله أمين السماط‏.‏
ونزل عابدين باشا من القلعة عندما وصل الخبر بوصول علي باشا إلى إسكندرية وسافرت إليه أرباب الخدم والعكاكيز وسافر عابدين باشا قبل حضور علي باشا بمصر‏.‏
وحضر علي باشا وطلع إلى القلعة على الرسم المعتاد واستقر في ولاية مصر والأمور صالحة والفتن ساكنة ورياسة مصر للأمير إبراهيم بك أبي شنب الكبير والأمير اسمعيل بك ابن ايواظ بك ومحمد كتخدا جدك مستحفظان وإبراهيم جربجي الصابونجي عزبان وأتباع حسن جاويش القازدغلي وهم عثمان اوده باشا وسليمان أوده باشا تابع مصطفى كتخدا وخلافهم من رؤساء باب العزب وباقي البلكات ومات الأمير إبراهيم بك الكبير سنة ثلاثين فاستقل بالرياسة اسمعيل بك ابن ايواظ بك وسكن محمد بك ابن إبراهيم بك بمنزل أبيه وفي نفسه ما فيها من الغيرة والحسد لاسمعيل بك ابن حشداش أبيه‏.‏
وفي أواخر سنة تسع وعشرين ورد قابجي وعلى يده مرسوم بطلب ثلاثة آلاف من عسكر مصر وعليهم أمير لسفر الجهاد وكان الدور على محمد بك ابن ايواظ أخي اسمعيل بك فعلم أخوه أنه خفيف العقل فلا يستر نفسه في السفر فقلد أحمد كاشف صنجقية وجعله أمير العسكر وجعل مملوكه علي الهندي كتخداء إليه وقضوا أشغالهم‏.‏
وركب الأمير والسدادرة سنة ثلاثين وحضر محمد جركس من السفر في سنة ثلاثين فوجد سيده إبراهيم بك توفي وأمير مصر اسمعيل بك فتاقت نفسه للرياسة فضم إليه جماعة من الفقارية مثل حسين أبو يدك وذي الفقار تابع عمر آغا وأصلان وقيلان ومن يلوذ بهم من أمثالهم واتخذ لهم سراجًا قبيحًا يقال له الصيفي وكان الدفتردار في ذلك الوقت أحمد بك الأعسر تابع إبراهيم بك أبي شنب وكلما رأى تحرك محمد بك جركس لإثارة الفتن يهدي عليه ويلاطفه ويطفئ ناريته‏.‏
وكان ذو الفقار لما قتل سيده عمر آغا وأراد اسمعيل بك قتله أيضا في ذلك اليوم فوقع على خازندار حسن كتخدا الجلفي وحماه من القتل وأخرج له حسن كتخدا حصة في قمن العروس بالمحلول عن سيده وهي شركة اسمعيل بك ابن ايواظ ولم يقدر حسن كتخدا أن يذاكر اسمعيل بك في قائظها لعلمه بكراهته لذي الفقار ويريد قتله‏.‏
فلما مات حسن كتخدا الجلفي وحضر محمد بك جركس من السفر انضم إليه ذو الفقار المذكور وخاطب في شأنه اسمعيل بك فلم يفد ولم يرض أن يعطيه شيئا من فائظه وتكرر هذا مرارًا حتى ضاق خناق ذي الفقار من الفشل فدخل على محمد بك جركس في وقت خلوة وشكا إليه حاله وفاوضه في اغتيال اسمعيل بك‏.‏
فقال له‏:‏ أفعل ما تريد‏.‏
فأخذ معه في ثاني يوم أصلان وقيلان وجماعة خيالة من الفقارية ووقفوا لاسمعيل بك في طريق الرميلة عند سوق الغلة وهو طالع إلى الديوان فمر اسمعيل بك وصحبته يوسف بك الجزار واسمعيل بك جرجا وصاري علي بك فرموا عليهم بالرصاص فلم يصب منهم إلا رجل قواس ورمح اسمعيل بك ومن بصحبته إلى باب القلعة ونزل هناك وكتب عرضحال ملخصه الشكوى من محمد بك جركس وأنه قد جمع عنده المفسدين ويريد إثارة الفتن في البلد وأرسله إلى الباشا صحبة يوسف بك‏.‏
فأمر علي باشا بكتابة فرمان خطابًا للوجاقات بإحضار محمد بك جركس وإن أبى فحاربوه واقتلوه‏.‏
فلما وصل الخبر إلى جركس ركب مع المنضمين إليه فقارية وقاسمية ووصل إلى الرميلة فصادف الموجهين إليه فحاربهم وحاربوه وقتل حسين بك أبو يدك آخرون وانهزم جركس وتفرق من حوله ولم يتمكن من الوصول إلى داره‏.‏
فذهب على طريق الناصرية ولم يزل سائرا حتى وصل إلى شبرا ولم يبق صحبته سوى مملوكين‏.‏
فلاقاه جماعة من عرب الجزيرة فقبضوا عليهم واخذوا سلاحهم وأتوا بهم إلى بيت اسمعيل بك ابن ايواظ بك وكان عند أحمد كتخدا أمين البحرين والصابونجي فأشارا عليه بقتله فلم يرض وقال أنه دخل بيتي وخلع عليه فروة سمور وأعطاه كسوة وذهبا ونفاه إلى جزيرة قبرص‏.‏
ورجع العسكر الذين كانوا بالسفر واستشهد أمير العسكر أحمد بك فقلدت الدولة علي كتخدا الهندي صنجقًا عوضًا عن مخدومه أحمد بك وأعطوه نظر الخاصكية قيد الحياة وأطلقوا له بلاده من غير حلوان‏.‏
فلما وصلوا إلى مصر عمل له يوسف بك الجزار سماطًا بالحلي ثم ركب وطلع إلى القلعة وخلع الباشا على علي بك الهندي خلعة السلامة ونزل إلى بيت اسمعيل بك وأنعم عليه بتقاسيط بلاد فائظها اثنا عشر كيسا‏.‏
واستمر صنجقا وناظرا على الخاصكية‏.‏
وفي هذه السنة أعني سنة ثلاثين حصلت حادث ببولاق وهو أن سكان حارة الجوابر تشاجروا مع بعض الجمالة ابتاع أوسية أمير الحاج فحضر اليهم أمير اخور فضربوه ووصل الخبر إلى الأمير اسمعيل بك فأرسل إليهم آغات الينكجرية والوالي فضربوهم فركب الصنجق بطائفته وقتلوا منهم جماعة وهرب باقيهم وأخرجوا النساء بمتاعهن وسمروا الدرب من الجهتين وكانت حادثة مهولة واستمر الدرب مقفولا مسمرا نحو سنتين‏.‏
وفيها كان موسم سفر الخزينة وأميرها محمد بك ابن إبراهيم بك أبو شنب‏.‏
وكان وصل إليه الدور وخرج بالموكب وأرباب المناصب والسدارة ولما وصل إلى اسلامبول واجتمع بالوزير ورجال الدولة أوشى إليهم في حق اسمعيل بك ابن ايواظ وعرفهم أنه أن استمر أمره بمصر أدعى السلطنة بها وطرد النواب فإن الأمراء وكبار الوجاقات والدفتردار وكتخدا الجاويشية صاروا كلهم اتباعه ومماليكه ومماليك أبيه‏.‏
وعلي باشا المتولي لا يخرج عن مراده في كل شيء ونفى وأبعد كل من كان ناصحًا في خدمة الدولة مثل جركس ومن يلوذ به وعمل للدولة أربعة آلاف كيس على إزالة اسمعيل بك والباشا وتولية وال آخر يكون صاحب شهامة‏.‏
فأجابوه إلى ذلك‏.‏
وكان قبل خروجه من مصر أوصى قاسم بك الكبير على إحضار محمد بك جركس فأرسل إليه وأحضره خفية واختفى عنده‏.‏
ثم أن أهل الدولة عينوا رجب باشا أمير الحاج الشامي ورسموا له عند حضوره إلى مصر أن يقبض على علي باشا ويحاسبه ويقتله ثم يحتال على قتل اسمعيل بك أن ايواظ وعشيرته ما عدا بك الهندي‏.‏
ورجع محمد بك ابن أبي شنب إلى مصر وعمل دفتر دار وحضر مسلم رجب باشا ومعه الأمر بحبس علي باشا بقصر يوسف وقائمقامية إلى أحمد بك الأعسر‏.‏
وبعد أيام وصل الخبر بوصول رجب باشا إلى العريش وسافرت له الملاقاة وتقلد إبراهيم بك فارسكور أمين السماط وطلع اسمعيل بك أميرًا بالحج‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوجهاد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
أبوجهاد


وسام التميز لونه طوبى
العمر : 47
الدولة : مصر الحبيبة
ذكر الجدي النمر
عدد المساهمات : 1133
نقاط : 2247
تاريخ الميلاد : 20/01/1963
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
العمر : 61
العمل/الترفيه : طالب علم
تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(8)   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين مارس 22, 2010 9:55 pm

:[qq[qowowoei:
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(8)

سنة أربعين ومائة وألف
ونزل بعد ذلك إلى البحيرة ثم حضر محمد بك جركس عن غيبته ببلاد الإفرنج وطلع على درنه وأرسل مركبه التي وصل فيها إلى الإسكندرية وحضر إليه أمراؤه الذين تركهم قبل جهة قبلي فركب معهم ونزل إلى البحيرة ليصل الإسكندرية‏.‏
فصادف حسين بك الخشاب ففر منه وغنم جركس خيامه وخيوله وجماله‏.‏
ثم رجع إلى الفيوم ونزل على بني سويف ثم ذهب إلى القطيعة قرب جرجا واجتمع عليه القاسمية المشردون فحاربه حسين بك حاكم جرجا والسدادرة وقتل حسن بك وطائفته واستولى على وطاقهم وعازفهم‏.‏
ووصلت أخباره إلى مصر فجمع ذو الفقار بك جمعية وأخرج فرمانًا بسفر تجريدة فسافر إليه عثمان بك وعلي بك قطامش وعساكر فتلاقوا معه بوادي البهنسا‏.‏
فكانت الهزيمة على التجريدة واستولى محمد بك جركس ومن معه على عرضيهم وخيامهم وحال بينهم الليل ورجع المهزومون إلى مصر‏.‏
فجمع ذو الفقار الأمراء واتفقوا على التشهيل وإخراج تجريدة أخرى فاحتاجوا إلى مصروف فطلبوا فرمانًا من الباشا بمبلغ ثلاثمائة كيس من الميري عن السنة القابلة فامتنع عليهم فركبوا عليه وأنزلوه وقلدوا محمد بك قطامش قائمقام وأخذوا منه فرمانًا بمطلوبهم وجهزوا أمر التجريدة واعتموا فيها اهتمامًا زائد ورتبوا أشغالهم‏.‏
وخرجوا وجرت أمور وحروب وقتل من جماعة جركس سليمان بك ثم وقعت الهزيمة على جركس‏.‏
تولية باكير باشا وعزله ووصل إلى مصر باكير باشا وذلك في سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف وطلع إلى القلعة فمكث أشهرًا وعزله العساكر في أواخر السنة وحصل بمصر في أيام هذه التجار يدضنك عظيم وثار جماعة القاسمية المختفون بالمدينة ودبروا مكرهم ورئيسهم في ذلك سليمان أغا أبو دفية‏.‏
ودخل منهم طائفة على ذي الفقار بك وقت العشاء في رمضان وقتلوه‏.‏
وكان محمد بك جركس جهة الشرق ينتظر موعدهم معه فقضى الله بموت جركس خارج مصر وموت ذي الفقار داخلها‏.‏
ولم يشعر أحدهما بموت الآخر وكان بينهما خمسة أيام وثارت أتباع ذي الفقار بالقاسمية وظهروا عليهم وقتلوهم وشردوهم ولي يقم منهم قائم بعد ذلك إلى يومنا هذا‏.‏
وانقرضت دولة القاسمية من الديار المصرية وظهرت دولة الفقارية وتفرع منها طائفة القازدغلية وسيأتي تتمة الأخبار عند ذكر تراجمهم في وفياتهم‏.‏
وقد جعلت هذا فضلا مستقلًا من أول القرن إلى سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف التي هي آخر دولة قاسمية‏.‏
ذكر من مات في هذه السنين من العلماء والأعاظم على سبيل الإجمال بحسب الإمكان فإني لم أعثر على شيء من تراجم المتقدمين من أهل هذا القرن ولم أجد شيئا مدونًا في ذلك إلا ما حصلته وفياتهم فقط وما وعيته في ذهني واستنبطته من بعض أسانيدهم وإجازات أشياخهم على حسب الطاقة وذلك من أول القرن إلى آخر سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف وهي أول دولة السلطان محمود بن وأولهم الإمام العلامة والحبر الفهامة شيخ السلام والمسلمين وارث علوم سيد المرسلين الشيخ محمد الخرشي المالكي شارح خليل وغيره ويروى عن والده الشيخ عبد الله الخرشي وعن العلامة الشيخ إبراهيم اللقاني كلاهما عن الشيخ سالم السنهوري المالكي عن النجم الغيطي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ بن حجر العسقلاني بسنده إلى الإمام البخاري في سنة إحدى ومائة وألف‏.‏
ومات الشيخ الإمام شمس الدين محمد بن داود بن سليمان العناني نزيل الجنبلاطية أخذ عن علي الحلي صاحب السيرة والشهاب الغزي والشمس البابلي والشهاب الخفاجي والبرهان اللقاني وغيرهم‏.‏
حدث عنه حسن بن علي البرهاني والخليفي والبديري وغيرهم توفي سنة ثمان وتسعين وألف‏.‏
ومات إمام المحققين وعمدة المدققين صاحب التآليف العديدة والتصانيف المفيدة السيد أحمد الحموي الحنفي ومن تصانيفه شرح الكنز وحاشية الدرر والغرر والرسائل وغير ذلك‏.‏
توفي أيضا في تلك السنة رحمه الله ومن شيوخه الشيخ علي الأجهوري والشيخ محمد ابن علان والشيخ منصور الطوخي والشيخ أحمد البشبيشي والشيخ خليل اللغاني وغيرهم كالشيخ عبد الله بن عيسى العلم الغزي‏.‏
ومات علامة الفنون الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن محمد ابن أحمد بن أمير الدين محمد الضرير بن شرف الدين حسين الحسيني الشهير بالشرنبابلي شيخ مشايخ الأزهر في عصره كذا ذكر نسبه شيخنا السيد مرتضى نقلا عن سبطه العلامة محمد بدر الدين أخذ عن شيوخ عدة كالشيخ سلطان المزاحي والشيخ علي الشبراماسي وأجازه البابلي وأخذ عنه اليليدي والملوي والجوهري والشبراوي بواسطة الشيخ عبد ربه الديوي توفي سنة اثنتين ومائة وألف‏.‏
ومات الشريف المعمر أبو الجمال محمد بن عبد الكريم الجزائري روى عن أبي عثمان سعيد قدورة وأبي البركات عبد القادر وأبي الوقاء الحسن ابن مسعود البوسي وأبي الغيث القشاشي وأجازه البابلي والأجهوري ومحمد الزرقاني وعبد العزيز بن محمد الزمزمي والشبراملسي والشهاب القليوني والغنيمي والشهاب الشلبي وحمد حجازي الواعظ ومفتي تعز محمد الحبشي والتجم الغزي والقشاشي والشهاب السبكي والمزاحي توفي سنة اثنتين ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام العلامة أبو الأمداد خليل بن إبراهيم اللقاني المالكي أخذ عن والده وعن أخويه عبد السلام ومحمد اللقانيين والنور الأجهوري والشبراملسي والشيخ عبد الله الخرشي والشمس البابلي وسلطان المزاحي والشيخ عامر الشبراوي والشهاب القليوبي والشمس الشوبري الشافعي وأحمد الشوبري الحنفي وعبد الجواد الجنبلاطي ويس العليمي الشامي وأحمد الدواخلي وعلي النبتيتي وعقد دروسًا بالمسجد الحراس وأخذ بها عن محمد بن علان الصديقي والقاضي تاج الدين المالكي وبالمدينة عن الوجيه الخياري وغرس الدين الخليلي وأجازوه توفي سنة خمس ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام أبو سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر العياشي المغربي الإمام الرحالة قرأ بالمغرب على شيوخ منهم أخوه الأكبر عبد الكريم ابن محمد والعلامة أبو بكر بن يوسف الكتاني وأمام المغرب سيدي عبد القادر الفاسي والعلامة أحمد بن موسى الابار ورحل إلى المشرق فقرأ بمصر على النور الأجهوري والشهاب الخفاجي وإبراهيم المأموني وعلى الشبراملسي والشمس البابلي وسلطان المزاحي وعبد الجواد الطريني المالكي وجاور بالحرمين عدة سنين فأخذ عن زين العابدين الطبري وعبد الله بن سعيد باقشير وعلي بن الجمال وعبد العزيز الزمزمي وعيسى الثعالبي والشيخ إبراهيم الكردي وأجازوه ورجع إلى بلاده وأقام بها إلى أن توفي سنة تسعين وألف وله رحلة مجلدات وذكر فيها أنه أجتمع بالشيخ حسن العجمي وأجاز كل صاحبه ومات الإمام الحجة عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن محمد بن علوان الزرقاني المالكي الوفائي ولد سنة عشرين وألف بمصر ولازم النور الاجهوري مدة وأخذ عن الشيخ يس الحمصي والنور الشبراملسي وحضر في دروس الشمس البابلي الحديثية وأجازه جل شيوخه وتلقى الذكر من أبي الإكرام بن وفي سنة خمس وأربعين وألف وتصدر للإقراء بالأزهر وله مؤلفات منها شرح مختصر خليل وغيره توفي في رابع عشرين رمضان سنة تسع وتسعين وألف وصلى عليه إمامًا بالناس الشيخ محمد قوشي‏.‏
ومات عالم القدس الشيخ عبد الرحيم بن أبي اللطف الحسيني الحنفي المقدسي قرأ بمكة على الإمام زين العابدين بن عبد القادر الطبري وبمصر على الشيخ الشبراملسي والشمس البابلي والشمس الشوبري والفقه على الشهاب الشوبري الحنفي وحسن الشرنبلالي وعبد الكريم الحموي الطرابلسي وبدمشق على السيد محمد بن علي بن محمد الحسيني المقدسي الدمشقي توفي غريبًا بأدرنة سنة أربع ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام العلامة شمس الدين محمد بن قاسم بن اسمعيل البقري المقرئ الشافعي الصوفي الشناوي أخذ علم القراءات عن الشيخ عبد الرحمني اليمني والحديث عن البابلي والفقه عن المزاحي والزيادي والشوبري ومحمد المنياوي والحديث أيضا عن النور الحلبي والبرهان اللقاني والطريقة عن عمه الشيخ موسى بن اسمعيل البقري والشيخ عبد الرحمن الحلبي الأحمدي وغالب علماء مصر أما تلميذه أو تلميذ تلميذه وألف وأجاد وانفرد ومولده سنة ثماني عشرة وألف ومات الأديب الفاضل الشاعر أبو بكر بن محمود بن أبي بكر بن أبي الفضل العمري الدمشقي الشافعي الشهير بالصفوري ولد بدمشق وبها نشأ ورحل إلى مصر وتوطنها وأخذ بها عن الشمس البابلي ونظم سيرة الحلبي ولم يتمه وجمع ديوان شعره باسم الأستاذ محمد بن زين العابدين البكري وكان من الملازمين له توفي سنة اثنتين ومائة وألف ودفن بتربة الشيخ فرج خارج بولاق عند قصر الأستاذ البكري‏.‏
ومات السيد عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن محمد كريشه بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد الرحمن السقاف ترجمة صاحب المشرع فقال ولد بمكة وتربى في حجر والده وأدرك شيخ الإسلام عمر ابن عبد الرحيم البصري وصحب الشيخ محمد بن علوي وألبسه الخرقة وكذا أبو بكر بن حسين العيدروس الضرير وزوجه أبنته وأخذ عنه العلوم الشرعية وزار جده وعاد إلى مكة وبها توفي ليلة الجمعة سنة أربع ومائة وألف‏.‏
ومات الأستاذ زين العابدين محمد بن محمد بن محمد ابن الشيخ أبي المكارم محمد أبيض الوجه البكري الصديقي ولد سنة ستين وألف وكان تاريخ ولادته أشرق الأفق بزين العابدين توفي سنة سبع ومائة وألف في الفصل ودفن عند أسلافه بجوار الإمام الشافعي رضي الله عنه‏.‏
ومات السند شيخ الشيوخ برهان الدين إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكوراني المدني ولد بشهر ان في شوال سنة خمس وعشرين وألف وأخذ العلم عن محمد شريف الكوراني الصديقي ثم أرتحل إلى بغداد وأقام بها مدة ثم دخل دمشق ثم إلى مصر ثم إلى الحرمين وألقى عصا تسياره بالمدينة المنورة ولازم الصيفي القشاشي وبه تخرج وأجازه الشهاب الخفاجي والشيخ سلطان والشمس البابلي وعبد الله بن سعيد اللاهوري وأبو الحسين علي بن مطير الحكمي وقد أجاز لمن أدرك عصره ووفي ثامن عشرين جمادى الأولى سنة إحدى ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام العلامة برهان الدين إبراهيم بن مرعي الشبرخيتي المالكي تفقه على الشيخ الاجهوري والشيخ يوسف الفيشي وله مؤلفات منها شرح مختصر خليل في مجلدات وشرح علي العشماوي وشرح على الأربعين النووية وشرح على ألفية السيرة للعراقي مات غريقا بالنيل وهو متوجه إلى رشيد سنة ست ومائة وألف‏.‏
ومات الأستاذ أبو السعود بن صلاح الدين الدنجيهي الدمياطي المولد والمنشأ الشافعي الفال البارع ولد سنة ألف وستين وجود القرآن على العلامة بن المسعودي أبي النور الدمياطي ثم قدم مصر ولازم دروس الشهاب البشبيشي وجد في الأشغال وقدم مكة وتوفي وهو راجع من الحج بالمدينة في أوائل المحرم سنة تسع ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام العلامة مفتي المسلمين الشيخ حسن بن علي بن محمد ابن عبد الرحمن الجيرتي الحنفي وهو جد الشيخ الوالد أخذ عن أشياخ عصره من أهل القرن الحادي عشر كالبابلي والاجهوري والزرقاني وسلطان المزاحي والشبراملسي والشهاب الشويري وتفقه على الشيخ حسن الشرنبلالي الكبير ولازمه ملازمة كلية وكتب تقاريره على نسخ الكتب التي حضرها عليه ومنها كتاب الأشباه والنظائر للعلامة بن نجيم وكتاب الدرر شرح الغرر لملاخسرو وكلا النسختين بخطه الأصلي وما عليهما من الهوامش ثم جرد ما عليهما فصارا تأليفين مستقلين وهما الحاشيتان المشهورتان على الدرر والأشباه للعلامة الشرنبلالي وكلتا النسختين وما عليهما من الهوامش موجودتان عندي إلى الآن بخط المترجم ومن تآليفه رسالة على البسملة‏.‏
ولما توفي الأستاذ الشرنبلالي في سنة تسع ستين وألف تصدر بعده للإفادة والتدريس والإفتاء وأقرأ ولده الشيخ حسن وتقيد به حتى ترعرع وتمهر وتوفي المترجم في سنة ست وتسعين وألف وترك الجد إبراهيم صغيرًا فربته والدته الحاجة مريم بنت المرحوم الشيخ محمد المنزلي حتى بلغ رشده فزوجته ببنت عبد الوهاب أفندي الدلجي وعقد عقده عليها بحضرة كل من الشيخ جمال الدين يوسف أبي الإرشاد ابن وفي والشيخ عبد الحي الشرنبلالي الحنفي وشهاب الدين أحمد المرحومي والشيخ شهاب الدين أحمد البرماوي والشيخ زين الدين أبي السعود الدنجيهي الشافعي الدمياطي شيخ المدرسة المتبولية والشيخ شمس الدين محمد الارمناوي وغيرهم المثبتة أسماؤهم في حجة العقد في كاغد كبير رومي محرر ومسطر بالذهب وعليه لوحة مموهة بالذهب مؤرخة بغاية شعبان سنة ثمان ومائة وألف وهي محفوظة عندي إلى الآن بإمضاء موسى أفندي بمحكمة الصالحية النجمية وبني بها في ربيع أول وحملت منه بالمرحوم الوالد وفات الحد بعد ولادة الوالد بشهر واحد وذلك في سنة عشر ومائة وألف وعمره ست عشرة سنة لا غير‏.‏
وماتت الإمام العلامة نور الدين حسن بن أحمد بن العباس بن أحمد ابن العباس بن أبي سعيد المكناسي ولد بها سنة ألف واثنتين وخمسين وقر الفاسي وكثيرين وقدم مصر سنة أربع وسبعين وألف وحضر دروس على محمد بن أحمد الفاسي نزيل مكناس وحضر دروس سيدي عبد القادر الشبراملسي ومنصور الطوخي وأحمد البشبيشي ويحيى الشهاوي وحج وأجتمع على السيد عبد الرحمن المحجوب المكناسي وكانت له مشاركة في سائر العلوم مات بمصر سنة إحدى ومائة وألف‏.‏
ومات الشيخ الإمام العلامة إبراهيم ابن محمد بن شهاب الدين بن خالد البرماوي الأزهري الشافعي الأنصاري الأحمدي شيخ الجامع الأزهر قرأ على الشمس الشوبري والمزاحي والبالبلي والشبراملسي ثم لازم دروس الشهاب القليوبي وأختص به وتصدر بعده بالتدريس في محله توفي سنة ست ومائة وألف روى عنه محمد بن خليل العجلوني وعلي ابن علي المرحومي نزيل ومات عالم المغرب الشيخ الإمام نور الدين حسن بن مسعود اليوسي قدم مكة حاجا سنة اثنتين ومائة وألف وله مؤلفات عديدة مشهورة توفي بالمغرب سنة إحدى عشرة ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام العلامة شيخ الشيوخ الشيخ شاهين بن منصور بن عامر ابن حسن الارمناوي الحنفي ولد ببلده سنة ثلاثين وألف وحفظ القرآن والكنز والألفية والشاطبية والرجبية وغيرها ورحل إلى الأزهر فقرأ بالروايات على العلامة المقرئ عبد الرحمن اليمني الشافعي ولازم في الفقه العلامة أحمد الشوبري وأحمد المنشاوي الحنفيين وأحمد الرفاعي ويس الحمصي ومحمد المنزلاوي وعمر الدفري والشهاب القليوبي عبد السلام اللقاني وإبراهيم الميموني الشافعي وحسن الشرنبلالي الحنفي وفي العلوم العقلية شيخ الإسلام محمد الشهير بسيبويه تلميذ أحمد بن قاسم العبادي ولازمه كثيرًا وبشره بأشياء حصلت له وأخذ عن العلامة سري الدين الدروري والشيخ علي الشبراملسي والشمس البابلي وسلطان المزاحي وأجازه جل شيوخه وتصدر للإقراء في الأزهر في فنون عديدة وعنه أخذ جمع من الأعيان كمحمد ابن حسن الملا والسيد علي الحنفي وغيرهما توفي سنة إحدى ومائة وألف‏.‏
ومات العلامة الشيخ أحمد بن حسن البشتكي أخذ عن البناء وعن الشيخ محمد الشرنبابلي وتوفي سنة عشر ومائة وألف‏.‏
ومات السيد الشريف عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بلفقيه التريمي الإمام الفقيه المحدث أخذ عن مصطفى بن زين العابدين العبدروس والسيد محمد سعيد وعنه ولده عبد الرحمن والسد شيخ بن مصطفى العيدروس وأخواه زين العابدين وجعفر توفي ببندر الشحر في آخر جمادى سنة أربع ومائة وألف‏.‏
ومات خاتمة المحدثين بمصر شمس السنة محمد بن منصور الآطفيحي الوفائي الشافعي ولد سنة اثنتين وأربعين وألف وأخذ عن أبي الضياء علي الشبراملسي وعن الشمس البابلي والشيخ سلطان المزاحي والشمس محمد عمر الشوبري والصوفي والسهاب أحمد القليوبي توفي سنة خمس عشرة ومائة وألف تاسع عشر شوال‏.‏
ومات إمام المحققين الشيخ عبد الحي بن عبد الحق بن عبد الشافي الشرنبلالي الحنفي علامة المتأخرين وقدوة المحققين ولد ببلده ونشأ بها ثم أرتحل إلى القاهرة واشتغل بالعلوم وأخذ عن الشيخ حسن الشرنبلالي والشهاب أحمد الشوبري وسلطان المزاحي والشمس البابلي وعلى الشبراملسي والشمس محمد العناني والسري محمد بن إبراهيم الدروري والسراج عمر بن عمر الزهري المعروف بالدفري وتفقه بهم ولازم فضلاء عصره في الحديث والمعقول وأخذ أيضًا عن الشيخ العلامة يس بن زين الدين العليمي الحمصي والشيخ عبد المعطي البصير والشيخ حسن النماوي وابن خفاجي وأجتهد وحصل واشتهر بالفضيلة والتحقيق وبرع في الفقه والحديث وأكب عليهما آخرًا واشتهر بهما وشارك في النحو والأصول والمعاني والصرف والفرائض مشاركة تامة وقصدته الفضلاء وانتفعوا به وانتهت إليه رياسة مصر‏.‏
توفي سنة سبع عشرة ومائة وألف ودفن عند معبد السيدة نفيسة‏.‏
ومات الشيخ الإمام الفقيه الفرضي الحيسوب صالح بن حسن بن أحمد بن علي البهوتي الحنبلي أخذ عن أشياخ وقته وكان عمدة في مذهبه وفي المعقول والمنقول والحديث وله عدة تصانيف وحواش وتعليقات وتقييدات مفيدة متداولة بأيدي الطلبة أخذ عن الشيخ منصور البهوتي الحنبلي ومحمد الخلوتي وأخذ الفرائض عن الشيخ سلطان المزاحي ومحمد الدلجموني وهو من مشايخ الشيخ عبد الله الشبراوي ولازم عمه الشمس الخاوثي وأخذ الحديث عن الشيخ عامر الشبراوي وله ألفية في الفقه وألفية في الفرائض ونظم الكافي‏.‏
توفي يوم الجمعة ثامن عشرين ربيع الأول سنة إحدى وعشرين ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام العلامة محمد فارس التونسي من ذرية سيدي حسن الششتري الأندلسي هو والد الشيخ محمد ابن محمد فارس من أكابر الصوفية كان يحفظ غالب ديوان جده أقام بدمياط مدة ثم رجع إلى مصر ومات بها سنة أربع عشرة ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي بن يوسف ابن أحمد بن علوان الزرقاني المالكي خاتمة المحدثين مع كمال المشاركة وفصاحة العبارة في باقي العلوم ولد بمصر سنة خمس وخمسين وألف وأخذ عن النور الشبراملسي وعن حافظ العصر البابلي وعن والده وحدث عنه العلامة السيد محمد بن محمد ابن محمد الأندلسي وعبد الله الشبراوي والملوي والجوهري والسيد زين الدين عبد الحي ابن زين العابدين بن الحسن البهنسي وعمر بن يحيى بن مصطفى المالكي والبدر البرهاني وله المؤلفات النافعة كشرح الموطأ وشرح المواهب واختصر المقاصد الحسنة للسخاوي ثم اختصر هذا المختصر في نحو كراسين بإشارة والده وعم نفعها وكان معيدًا لدروس الشبراملسي وكان يعتني بشأنه كثيرًا وكان إذا غاب يسأل عنه ولا يفتتح درسه إلا إذا حضر مع أنه أصغر الطلبة فكان محسودًا لذلك في جماعته وكان الشيخ يعتذر عن ذلك ويقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاني به‏.‏
توفي سنة اثنتين وعشرين ومائة وألف‏.‏
ومات الشيخ رضوان إمام الجامع الأزهر في غرة رمضان سنة خمس عشرة ومائة وألف‏.‏
ومات الشيخ المجذوب أحمد أبو شوشة خفير باب زويلة وكانت كراماته ظاهرة وكان يضع في فمه نحو المائة إبرة ويأكل ويشرب وهي في فمه لا تعوقه عن الأكل والشرب والكلام مات في يوم ومات السند العمدة الشيخ حسن أبو البقاء بن علي ابن يحيى بن عمر العجمي المكي الحنفي صاحب الفنون ولد سنة تسع وأربعين وألف كما وجدته بخط والده بمكة وبها نشأ وحفظ القرآن وعدة متون وأخذ عن الشيخ زين العابدين الطبري وعلي بن الجمال وعبد الله بن سعيد باقشير والسيد محمد صادق وحنيف الدين المرشدي والشمس البابلي وبالمدينة علي القشاشي ولبس منه الخرقة وأخذ عن جمع من الوافدين كعيسى الجعفري ومحمد بن محمد العيثاوي الدمشقي وعبد القادر بن أحمد الفضي الغزي وعبد الله بن أبي بكر العياشي وأجازه جل شيوخه وكتب إليه بالإجازة غلب مشايخ الأقطار كالشيخ أحمد العجلي وهو من المعمرين والشيخ علي الشبراملسي وعبد القادر الصفوري الدمشقي والسيد محمد بن كمال الدين بن حمزة الدمشقي والشيخ عبد القادر الفاسي واعتنى بأسانيد الشيوخ بالحرم وأفاد وانتفع به جماعة من الأعلام كالشيخ عبد الخالق الزجاجي الحنفي المكي وأحمد بن محمد بن علي المدرس المدني وتاج الدين الدهان الحنفي المكي ومحمد بن الطيب بن محمد الفاسي والشيخ مصطفى بن فتح الله الحموي توفي ظهر يوم الجمعة ثالث شوال سنة ثلاث عشرة ومائة وألف بالطائف ودفن بالقرب من ابن عباس‏.‏
ومات السيد عبد الله الإمام الشيخ أحمد المرحومي الشافعي وذلك سنة اثنتي عشرة ومائة ومات الأستاذ المعظم والملاذ المفخم صاحب النفحات والإشارات الشيخ يوسف بن عبد الوهاب أبو الإرشاد الوفائي وهو الرابع عشر من خلفائهم تولى النجادة يوم وفاة والده في ثاني رجب سنة ثمان وتسعين وألف وسار سيرًا حسنًا بكرم نفس وحشمة زائدة ومعروف وديانة إلى أن توفي في حادي عشر المحرم سنة ثلاث عشرة ومائة وألف ودفن بحوطة أسلافه رضي الله عنهم‏.‏
ومات الفقيه محمد بن سالم الحضرمي العوفي أخذ عن سليمان بن أحمد النجار وعنه محمد بن عبد الرحمن بن محمد العيدروس توفي بالهند سنة إحدى عشرة ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام العلامة المفيد الشيخ أحمد بن محمد المنفلوطي الأصل القاهري الأزهري المعروف بابن الفقي الشافعي ولد سنة أربع وستين وألف وأخذ القراءات عن الشمس البقري والعربية عن الشهاب السندوبي وبه تفقه والشهاب البشبيشي ولازمه لسنين العديدة في علوم شتى وكذا أخذ عن النور الشبراملسي وحضر دروس الشهاب المرحومي وكان إمامًا عالمًا بارعًا ذكيًا حلو التقرير رقيق العبارة جيد الحافظة يقرر العلوم الدقيقة بدون مطالعة مع طلاقة الوجه والبشاشة وطرح التكلف ومن تآليفه حاشية علي الأشموني لم تكمل وأخرى على شرح أبي شجاع للخطيب ورسالة في بيان السنن والهيئات هل هي داخلة في الماهية أو خارجة عنها وأخرى في أشراط الساعة وشرح البدور السافرة ومات قبل تبييضه فاختلسه بعض الناس وبيضه ونسبه لنفسه وكتمه‏.‏
توفي فجأة قيل مسمومًا صبيحة يوم الاثنين سابع عشري شوال سنة ثمان عشرة ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام العالم العلامة الشيخ محمد النشرتي المالكي وهو كان وصيًا على المرحوم الشيخ الوالد بعد موت الجد توفي يوم الأحد بعد الظهر وأخر دفنه إلى صبيحة يوم الاثنين وصلي عليه بالأزهر بمشهد حافل وحضر جنازته الصناجق والأمراء والأعيان وكان يومًا مشهودًا وذلك سنة عشرين ومائة وألف‏.‏
ومات السيد أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن علي بن محمد بن أحمد ابن الفقيه المقدم ولد بتريم وأخذ عن أحمد بن عمر البيتي والفقيه عبد الرحمن بن علو بلفقيه وأبي بكر بن عبد الرحمن ابن شهاب العيدروس والقاضي أحمد بن الحسين بلفقيه وأحمد بن عمر عبديد وغيرهم وأجازوه وتميز في العلوم وتمهر ودرس وصنفذ في الفقه والفرائض وممن روى عنه شيخ وجعفر وزين العابدين أولاد مصطفى بن زين العابدين بن العيدروس ومصطفى بن شيخ مصطفى العيدروس وغيرهم توفي بالشحر سنة ثمان عشرة ومائة وألف‏.‏
ومات الشيخ العلامة المفيد سليمان الجنزوري الأزهري توفي سنة أربع وعشرين ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام المحدث الإخباري مصطفى بن فتح الله الحموي الحنفي المكي أخذ عن العجمي والبابلي والنخلي والثعالبي والبصري والشبراملسي والمزاحي ومحمد الشلبي وإبراهيم الكوراني وشاهين الأرمناوي والشهاب أحمد البشبيشي وأكثر عن الشاميين وله رحلة إلى اليمن توسع فيها في الأخذ عن أهلها وألف كتابًا في وفيات الأعيان سماه فوائد الإرتحال ونتايج السفر في أخبار أهل القرن الحادي عشر توفي سنة أربع وعشرين ومائة وألف حدث عنه السيد عمر بن عقيل العلوي‏.‏
ومات السيد السند صاحب الكرامات والإشارات السيد عبد الرحمن السقاف باعلوى نزيل المدينة‏.‏
قال الشيخ العيدروس في ذيل المشرع‏:‏ ولد بالديار الحضرمية ورحل إلى الهند فأخذ بها الطريقة النقشبندية عن الأكابر العارفين واشتغل بها حتى لاحت عليه أنوارها وورد الحرمين فقطن بالمدينة المنورة وبها تزوج الشريفة العلوية العيدروسية من ذرية السيد عبد الله صاحب الرهط وممن أخذ عليه بها الطريقة الشيخ محمد حياة السندي بإشارة بعض الصالحين وكان المترجم يخبر عن نفسه أنه لم يبق بيني وبين رسول الله صلى الله وسلم حجاب وأنه لم يعط الطريقة النقشبندرية لأحد إلا بإذن رسول الله صلى الله فيه وسلم وأنه أعطى سيف أبي بكر وسيفي في غمده لدفع الشدائد معدود وقوله‏:‏ بسيفي يلاقي المهند وقائع تشيب الولود ولم يزل على طريقة حميدة حتى توفي بها سنة أربع وعشرين ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام الهمام عمدة المسلمين والإسلام الشيخ عبد ربه بن أحمد الديوي الضرير الشافعي أحد العلماء مصابيح الإسلام ولد ببلده ونشأ بها ثم ارتحل إلى دمياط وجاور بالمدرسة المتبولية فحفظ القرآن وعدة متون منها البهجة الوردية واشتغل هناك على أفاضلها كالشمس ابن أبي النور ولازمه في الفنون وتفقه به وقرأ عليه القرآن بالروايات وأخذ عنه الطريق وتهذب به ثم ارتحل إلى القاهرة فحضر عند الشهاب البشبيشي قليلًا ثم لازم الشمس الشرنبابلي في فنون إلى إن توجه إلى الحج فأمره بالجلوس موضعه والتقييد بجماعته فتصدى لذلك وعم النفع وبرعت طلبته وقصدته الفضلاء من الآفاق وكان إمامًا فاضلًا فقيهًا نحويًا فرضيًا حيسوبًا وعروضيًا تحريرًا ماهرًا كثير الاستحضار غريب الحافظة صافي السريرة مشتغل الباطن بالله جميل الظاهر بالعلم توفي يوم السبت ثالث عشر ربيع الآخرة ودفن يوم الأحد بعد الصلاة عليه بالأزهر بمشهد حافل عظيم اجتمع فيه الخاص والعام وذلك سنة ست وعشرين ومائة وألف‏.‏
ومات الشيخ العلامة أبو المواهب محمد بن الشيخ تقي الدين عبد الباقي ابن عبدالقادر الحنبلي البعلي الدمشقي مفتي السادة الحنابلة بدمشق ولد بها وأخذ عن والده وعمن شاركه ثم رحل إلى مصر وقرأ بالروايات على مقرئها الشيخ البقري والفقه على الشيخ محمد البهوتي الخوتي والحديث على الشمس البابلي والفنون على المزاحي والشبراملسي والعناني توفي في شوال سنة ست وعشرين ومائة وألف عن ثلاث وثمانين سنة حدث عنه الشيخ أبو العباس أحمد بن علي بن عمر الدمشقي كتابه وهو عال والشيخ محمد بن أحمد الحنبلي والسيد مصطفى بن كمال الدين الصديقي وغيرهم‏.‏
ومات الإمام العلامة المحقق المعمر الشيخ سليمان بن أحمد بن خضر الخربتاوي البرهاني المالكي هو والد الشيخ داود الخربتاوي الآتي ذكر ترجمته توفي سنة خمس وعشرين ومائة وألف عن مائة وست عشرة سنة‏.‏
ومات الشيخ الإمام العالم العلامة الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا النفراوي شارح الرسالة وغيرها ولد ببلده نفرة ونشأ بها ثم حضر إلى القاهرة فتفقه في مبادئ أمره بالشهاب اللقاني ثم لازم العلامة عبد الباقي الزرقاني والشمس محمد بن عبد الله الخرشي وتفقه بهما وأخذ الحديث عنهما ولازم الشيخ عبد المعطي البصير وأخذ العربية والمعقول عن الشيخ منصور الطوخي والشهاب البشبيشي واجتهد وتصدر وانتهت إليه الرياسة في مذهبه مع كمال المعرفة والإتقان للعلوم العقلية لا سيما النحو وأخذ الأعيان وانتفعوا به ومن مؤلفاته شرح الرسالة وشرح النورية وشرح الآجرومية توفي سنة خمس وعشرين ومائة وألف عن اثنتين وثمانين سنة‏.‏
ومات الإمام العلامة الشهير الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن عطية ابن عامر بن نوار بن أبي الخير الموساوي الشهير بالخليفي الضرير أصله من الشرق وقدم جده أبو الخير وكان صالحًا معتقدًا وأقام بمنية موسى من أعمال المنوفية فحصل له بها الإقبال ورزق الذرية الصالحة واستمر بها وولد الشيخ بها ونشأ بها وحفظ القرآن ثم ارتحل إلى القاهرة واشتغل بالعلوم على فضلاء عصره فتفقه على الشمس العناني والشيخ منصور الطوخي وهو الذي سماه بالخليفي لما ثقل عليه نسبة الموسوي فسأله عن أشهر أهل بلده فقال‏:‏ أشهرها من أولياء الله تعالى سيدي عثمان الخليفي‏.‏
فنسبه إليه ولازم الشهاب البشبيشي وأخذ عنه فنونًا وحضر دروس الشهاب السندوبي والشمس الشرنبابلي وغيرهما وأجازه الشيخ العجمي واجتهد وبرع وحصل وأتقن وتفنن وكان محدثًا فقيهًا أصوليًا نحويًا بيانيًا متكلمًا عروضيًا منطقيًا آية في الذكاء وحسن التعبير مع البشاشة وسعة الصدر وعدم الملل والسآمة وحلاوة المنطق وعذوبة الألفاظ انتفع به كثير من المشايخ‏.‏
توفي في عصر يوم الأربعاء خامس عشر صفر ودفن صبيحة يوم الخميس سادس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوجهاد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
أبوجهاد


وسام التميز لونه طوبى
العمر : 47
الدولة : مصر الحبيبة
ذكر الجدي النمر
عدد المساهمات : 1133
نقاط : 2247
تاريخ الميلاد : 20/01/1963
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
العمر : 61
العمل/الترفيه : طالب علم
تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(9)   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين مارس 22, 2010 9:56 pm

:[qq[qowowoei:
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(9)

ومات الإمام العمدة
الفهامة الشيخ أحمد التونسي المعروف بالدقدوسي الحنفي توفي فجأة بعد صلاة العشاء ليلة الأحد سادس عشر المحرم سنة ثلاث وثلاثين ومائة وألف‏.‏
ومات في تلك السنة أيضًا الشيخ العلامة أحمد الشرفي المغربي المالكي‏.‏
ومات الشيخ العلامة شيخ الجامع الأزهر الشيخ محمد شنن المالكي وكان مليئًا متمولًا أغنى أهل زمانه بين أقرانه وجعل الشيخ محمد الجداوي وصيًا على ولده سيدي موسى فلما بلغ رشده سلمه ماله فكان من صنف الذهب البندقي أربعون ألفًا خلاف الجنزلالي والطرلي وأنواع الفضة والأملاك والضياع والوظائف والجماكي والرزق والأطيان وغير ذلك بدده جميعه ولده موسى وبنى له دارًا عظيمة بشاطئ النيل ببولاق أنفق عليها أموالًا عظيمة ولم يزل حتى مات مديونًا في سنة اثنتين وتسعين ومائة وألف وترك ولدًا مات بعده بقليل وكان للمترجم مماليك وعبيد وجوار ومن مماليكه أحمد بك شنن الآتي ذكره توفي المترجم سنة ثلاث وثلاثين ومائة وألف عن سبع وسبعين سنة‏.‏
ومات العمدة العالم الشيخ أحمد الوسيمي توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف‏.‏
ومات الجناب المكرم السيد حسن أفندي نقيب السادة الأشراف وكانت لأبيه وجده وعمه من قبله وبموته انقرضت دولتهم‏.‏
وأقيم في منصب النقابة عوضه السيد مصطفى بن سيدي أحمد الرفاعي قائمقام إلى حين ورود الأمر توفي يوم الجمعة تاسع عشر رجب سنة إحدى وعشرين ومائة وألف ثم ورد في شهر جمادى سنة اثنتين وعشرين ومائة وألف السيد عبد القادر نقيبًا ونزل ببولاق بمنزل أحمد جاويش الخشاب وهو إذ ذاك باشجاويش الأشراف وبات هناك فوجد في صبحها مذبوحًا في فراشه وحبس باشجاويش بسبب ذلك بالقلعة ولم يظهر قاتله وتقلد النقابة محمد كتخدا عزبان سابقًا لامتناع السيد مصطفى الرفاعي عن ذلك ووافى تاريخه ذبح عبد القادر‏.‏
ومات العلامة الفقيه المحدث الشيخ منصور بن علي بن زين العابدين المنوفي البصير الشافعي ولد بمنف ونشأ بها يتيمًا في حجر والدته وكان بارًا بها فكانت تدعو له فحفظ القرآن وعدة متون ثم ارتحل إلى القاهرة وجاور بالأزهر وتفقه بالشهابيين البشبيشي والسندوبي والشمس الشرنبابلي والزين منصور الطوخي ولازم النور الشبراملسي في العلوم وأخذ عنه الحديث وجد واجتهد وتفنن وبرع في العلوم العقلية والنقلية وكان إليه المنتهى في الحذق والذكاء وقوة الاستحضار لدقائق العلوم سريع الإدراك لعويصات المسائل على وجه الحق نظم الموجهات وشرحها وانتفع به الفضلاء وتخرج به النبلاء وافتخرت بالأخذ عنه الأبناء على الآباء‏.‏
توفي حادي عشرين جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين ومائة وألف وقد جاوز التسعين‏.‏
ومات الإمام العلامة شيخ الشيوخ الشيخ محمد الصغير المغربي سلخ رجب سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف‏.‏
ومات الأجل الفاضل العمدة العلامة رضوان أفندي الفلكي صاحب الزيج الرضواني الذي حرره على طريق الدر اليتيم لابن المجدي على أصول الرصد الجديد السمرقندي صاحب كتاب أسنى المواهب وغير ذلك تآليف وحسابيات وتحقيقات لا يمكن ضبطها لكثرتها وكتب بخطه ما ينوف عن حمل بعير مسودات وجداول حسابيات وغير ذلك وكان بسكن بولاق منجمعا عن خلطة الناس مقبلًا على شأنه وكان في أيامه حسن أفندي الروزنامجي وله رغبة ومحبة في الفن فالتمس منه بعض آلات وكرات فأحضر الصناع وسبك عدة كرات من النحاس الأصفر ونقش عليها الكواكب المرصودة وصورها ودوائر العروض والميول وكتب عليها أسماءها بالعربي ثم طلاها بالذهب وصرف عليها أموالًا كثيرة وذلك في سنة اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة ومائة وألف‏.‏
واشتغل عليه الجمالي يوسف مملوك حسن أفندي المذكور وكلارجيه وتفرغ لذلك حتى أنجب وتمهر وصار من المحققين في الفن واشتهر فضله في حياة شيخه وبعده وألف كتابًا عظيمًا في المحرفات جمع فيه ما تفرق من تحقيقات المتقدمين وأظهر ما في مكنون دقائق الأوضاع والرسومات والأشكال من القوة إلى الفعل وهو كتاب حافل نافع نادر الوجود وله غير ذلك كثير ومن تآليف رضوان أفندي المترجم النتيجة الكبرى والصغرى وهما مشهورتان متداولتان بأيدي الطلبة بآفاق الأرض وطراز الدرر في رؤية الأهلة والعمل بالقمر وغير ذلك‏.‏
توفي يوم السبت ثالث عشري جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين ومائة وألف‏.‏
ومات الشيخ الصالح قطب الوقت المشهور بالكرامات معتقد أرباب الولايات الشيخ عبد الله النكاري الشافعي الشهير بالشرقاوي من قرية بالشرقية يقال لها النكارية أخذ عن الشيخ عبد القادر المغربي وكان يحكي عنه كرامات غريبة وأحوال عجيبة‏.‏
وممن كان يعتقده الشيخ الحفني والشيخ عيسى البراوي والشيخ علي الصعيدي وقد خص كل واحد بإشارة نالها كما قال له وشملتهم بركته وأنه تولى القبطانية وكان بينه وبين الشيخ محمد كشك مودة ومؤاخاة‏.‏
توفي سنة أربع وعشرين ومائة وألف‏.‏
ومات الشيخ العمدة المنتقد الفاضل الشاعر البليغ الصالح العفيف حسن البدري الحجازي الأزهري وكان عالمًا فصيحًا مفوها متكلمًا منتقدًا على أهل عصره وأبناء مصره سمعت من الشيخ الوالد قال رأيته ملازمًا لقراءة الكتب الستة تحت الدكة القديمة منجمعًا عن خلطة الناس معتكفًا على شأنه قانعًا بحاله وله في الشعر طريقة بديعة وسليقة منيعة على غيره رفيعة وقلما تجد في نظمه حشوًا أوتكملة‏.‏
وله أرجوزة في التصوف نحو ألف وخمسمائة بيت على طريق الصادح والباغم ضمنها أمثالًا ونوادر وحكايات وديوان على حروف المعجم سماه باسمين تنبيه الأفكار للنافع والضار وأجماع الإياس من الوثوق بالناس شرح فيه حقيقة شرار الخليقة من الناس المنحرفة طباعهم عن طريقة قويم القياس استشهد بكثير من كلامه في هذا المجموع بحسب المناسبة وفي بعض الوقائع والتراجم وله مزدوجة سماها الدرة السنية في الأشكال المنطقية ونظم رسالة الوضع للعلامة العضد ونظم لقطة العجلان في تعريف النقيضين والضدين والخلافين والمثلين وفي حكم المضارع صحيحًا كان أو معتلًا ورموز الجامع الصغير وختم ديوانه بأراجيز بديعة ضمنها نصايح ونوادر وأمثالًا واستغاثات وتوسلات للقبول موصلات‏.‏
ومن كلامه في قافية الباء‏:‏ كن جار كلب وجار الشرة اجتنب ولو أخالك من أم يرى وأب وجانب الدار أن ضاقت مرافقها والمرأة السوء لو معروفة النسب ومركبا شرس الأخلاق لا سيما أن كان ذا قصر أو أبتر الذنب وله غير ذلك كثير اقتصرنا منه على هذا البعض‏.‏
توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف رحمه الله‏.‏
ومات الشيخ الإمام خاتمة المحدثين الشيخ عبد الله بن سالم بن عيسى البصري منشئًا المكي مولدًا الشافعي مذهبًا ولد يوم الأربعاء رابع شعبان سنة ثمان وأربعين ومائة وألف كما ذكره الحموي وحفظ القرآن وأخذ عن علي بن الجمال وعبد الله بن سعيد باقشير وعيسى الجعفري وحمد بن محمد بن سليمان والشمس البابلي والشهاب البشبيشي ويحيى الشاوي وعلي بن عبد القادر الطبري والشمس محمد الشنبابلي والبرهان إبراهيم ابن حسن الكوراني ومحدث الشام محمد بن علي الكاملي ولبس الخرقة من يد السيد عبد الغني الدمياطي‏.‏
وتوفي يوم الاثنين رابع رجب سنة أربع وثلاثين ومائة وألف عن أربع وثمانين سنة ودفن بالمعلاة بمقام الولي سيدي عمر العرابي قدس سره حدث عن شيوخ العصر ابن أخته السيد العلامة عمر بن أحمد بن عقيل العلوي والشهاب أحمد الملوي والجوهري وعلاء الدين بن عبد الباقي المزجاجي الزبيدي والسيد عبد الرحمن بن السيد عبد الرحمن بن السيد أسلم الحسيني والشبراوي والشيخ الوالد حسن الجبرتي وعندي سنده وإجازته له بخطه والسيد المجدد محمد بن اسمعيل الصنعاني المعروف بابن الأمير ذي الشرفين كتابة من صنعاء والسيد العلامة حسن بن عبد الرحمن باعيديد العلوي كتابة من المخنا والشيخ المعمر صبغة الله بن الهداد الحنفي كتابة من خير آباد ومحمد بن حسن ابن همان الدمشقي كتابة من القسطنطينية والشهاب بن أحمد بن عمر بن علي الحنفي كتابة من دمشق كلهم عنه وحدث عنه أيضًا شيوخ المشايخ الشيخ المعمر محمد بن حيوة السندي مزيل المدينة المنورة والشيخ محمد طاهر الكوراني والشيخ محمد ابن أحمد بن سعيد المكي والشيخ العلامة اسمعيل بن محمد بن عبد الهادي بن عبد الغني العجلوني الدمشقي والشيخ عيد بن علي النمرسي الشافعي والشيخ عبد الوهاب الطندتائي والشيخ أحمد باعنتر نزيل الطائف والشهاب أحمد بن مصطفى بن أحمد الإسكندرية وغيرهم كذا في المربي الكابلي فيمن روى عن البابلي‏.‏
ومات الرجل الصالح المجذوب الصاحي أحد صلحاء فقراء السادة الأحمدية بدمياط الشيخ ربيع الشيال كان صالحًا ورعًا ناسكًا حافظًا لأوقاته مداومًا على الصلوات والعبادات والأذكار دائم الإقبال على الله لا يرى إلا في طاعة إذا أحرم في الصلاة يصفر لونه وتأخذه رعدة فإذا نطق بالتكبير يخيل لك بأن كبده قد تمزق وكان يتكسب بحمل الأمتعة للناس بالأجرة مع صرفه جميع جوارحه وأعضائه لما خلق لأجله‏.‏
توفي سنة إحدى وعشرين ومائة وألف‏.‏ ومات

الشيخ المقري الصوفي محمد ابن سلامة بن عبد الجواد الشافعي
ابن العارف بالله تعالى الشيخ نور الدين ساكن الصخرية من أعمال فارسكور الصخري الدمياطي المعروف بأبي السعود بن أبي النور أستاذ من جمع بين طريقي أهل الباطن والظاهر من أهل عصره ولد بدمياط ونشأ بها بين صلحائها وفضلائها فحفظ القرآن واشتغل بالعلوم فتفقه بالشيخ حلال الدين الفارسكوري وتلقى المنهج تسع مرات في تسع سنين عن العلامة مصطفى التلباني وأخذ الطريق عن جمع من أكمل العارفين ثم ارتحل إلى القاهرة فلازم الضياء المزاحي فتفقه به وأخذ عنه فنونًا وقرأ القراءات السبع والعشر عليه وأخذ عن العلامة يس الحمصي فنونًا واجتهد ودأب وأتقن وألف في القراءات وغيرها وعم النفع به وأخذ عنه جمع من الأفاضل‏.‏
توفي سنة سبع عشرة ومائة وألف‏.‏
ومات أحد الأئمة المشاهير الإمام العلامة شهاب الدين أحمد بن محمد النخلي الشافعي المكي ولد بمكة وبها نشأ وأخذ عن علي بن الجمال وعبد الله بن سعيد باقشير وعيسى الثعالبي ومحمد بن سليمان والشمس البابلي وسليمان بن أحمد الضيلي القرشي والسيد عبد الكريم الكوراني الحسيني والشمس الميداني والشهاب أحمد المفلجى الوفائي والشيخ شرف الدين موسى الدمشقي والشيخ إبراهيم الحلبي الصابوتي والشيخ عبد الرحمن العمادي ومحمد بن علان البكري والصفي القشاشى والشيخ خير الدين الرملى وأبي الحسن البازوري‏.‏
توفي بمكة سنة ثلاثين ومائة وألف عن تسعين سنة‏.‏
روى عنه السيد عمر بن أحمد والسيد عبد الرحمن ابن أسلم الحسيني والسيد عبد الله بن إبراهيم بن حسن الحنفي والشهاب أحمد بن عمر بن علي الدمشقي والملوي والجوهري والشبراوي والحفني وحسن الجبرتي والسيد سليمان بن يحيى بن عمر الزبيدي والسيد عبد الله ابن علي الغرابي واسمعيل بن عبد الله الإسكنداري والشهاب أحمد بن مصطفى الصباغ‏.‏
ومات الشيخ الإمام أبو العز محمد بن شهاب أحمد بن أحمد بن محمد ابن العجمي الوفائي القاهري خاتمة المسندين بمصر سمع على الشمس البابلي المسلسل بالأولية وثلاثيات البخاري وجملة من الصحيح والجامع الصغير وغير ذلك وذلك بعد عوده من مكة المشرفة كما رأيت ذلك بخط والده الشهاب في نص إجازته لنادرة العصر محمد بن سليمان المغربي‏.‏
حدث عنه العلامة محمد بن أحمد بن حجازي العشماوي والشيخ أحمد بن الحسن الخالدي وأبو العباس الملوي وأبو علي المنطاوي وولده المعمر أبو العز أحمد‏.‏
ومات أبو عبد الله العلامة محمد بن علي الكاملي الدمشقي الشافعي والواعظ انتهى إليه الوعظ بدمشق وكان فصيحًا روى عن الشبراملسي وعبد العزيز بن محمد الزمزمي والمزاحي والبابلي والقشاشي وخير الدين الرملي‏.‏
توفي في خامس عشر ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف عن سبع وقيل عن تسع وثمانين روى عنه أبو العباس أحمد بن علي بن عمر العدوى وهو عال والشيخ محمد بن أحمد الحنبلي‏.‏
ومات العلامة صاحب الفنون أبو الحسن بن عبد الهادي السندي الأثري شارح المسند والكتب الستة وشارح الهداية ولد بالسند وبها نشأ وارتجل إلى الحرمين فسمع الحديث على البابلي وغيره من الواردين‏.‏
وتوفي بالمدينة سنة ست وثلاثين ومائة وألف‏.‏
ومات الأجل العمدة بقية السلف الشيخ عبد العظيم بن شرف الدين بن زين العابدين بن محيي الدين بن ولي الدين أبي زرعة أحمد بن يوسف بن زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري الشافعي الأزهري من بيت العلم والرياسة جده زكريا شيخ الإسلام عمر فوق المائة وولده يوسف الجمال روى عن أبيه والحافظ السخاوي والسيوطي والقلقشندي وحفيده محيي الدين روى عن جده وحفيده شرف الدين والد المترجم روى عن أبيه وعنه الأئمة أبو حامد البديري وغيره نشأ المترجم في عفاف وتقوى وصلاح معظمًا عند الأكابر وكان كثير الإجتماع بالشيخ أحمد بن عبد المنعم البكري ومن الملازمين له على طريقة صالحة وتجارة رابحة حتى مات سنة ست وثلاثين ومائة وألف وصلي عليه بالأزهر ودفن عند آبائه ومات الشيخ العلامة حسن بن حسن بن عمار الشرنبلالي الحنفي أبو محفوظ حفيد أبي الإخلاص شيخ الجماعة ووالد الشيخ عبد الرحمن الآتي ترجمته في محله كان فقيهًا فاضلًا محققًا ذا تؤدة في البحث عارفًا بالأصول والفروع‏.‏
توفي سنة تسع وثلاثين ومائة وألف‏.‏
ومات العمدة الفاضل السيد محمد النبتيتي السقاف باعلوي وهو والد السيد جعفر الآتي ذكره أحد السادة الأفراد أعجوبة زمانه ولد باليمن ودخل الحرمين وبها أخذ عن السيد عبد الله باحسين السقاف وكان يأخذه الحال فيطعن نفسه بالسلاح فلا يؤثر فيه وكان يلبس الثياب الفاخرة ويتزيا بزي أشراف مكة‏.‏
توفي بمكة سنة خمس وعشرين ومائة وألف‏.‏
ومات الأجل الأوحد السيد سالم بن عبد الله بن شيخ بن عمر بن شيخ ابن عبد الله بن عبد الرحمن السقاف ولد بجدة سنة إحدى وثلاثين وألف تقريبًا ثم رحل به والده إلى المدينة وبها حفظ القرآن وغيره ثم إلى مكة وبها سكن واشتغل على علي بن الجمال وعلى محمد بن أبي بكر الشلبي في سنة اثنتين وسبعين وألف إلى وقت تأليف الكتاب وجد في تحصيل المكارم والفضائل حتى بلغ الغايات ولبس الخرقة عن والده وعن المحبوب ولازمه وصحبه مدة وله نظم حسن‏.‏
توفي سنة ثلاث وعشرين ومائة وألف‏.‏
ومات الحسيب النسيب السيد محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الله بن شيخ بن عبد الله بن شيخ العيدروس ولد بتريم وبها نشأ وأخذ عن السيد عبد الله بافقيه وعن والده وعنه أخذ السيد شيخ العيدروس وغيره‏.‏
توفي ثامن عشر شوال سنة سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف‏.‏
ومات الشيخ الإمام العالم العلامة محمد بن عبد الرحمن المغربي ناظم كتاب الشفا والمنظومة المسماة درة التيجان ولقطة اللؤلؤ والمرجان‏.‏
توفي سنة إحدى وأربعين ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام العلامة والنحرير الفهامة الشيخ علي العقدي الحنفي ولد سنة سبع وخمسين وألف أدرك الشمس البابلي وشملته إجازته وأخذ الفقه عن السيد الحموي وشاهين الامناوي وعثمان النحراوي والمعقول عن الشيخ سلطان المزاحي وعلي الشبراملسي ومحمد الحبار وعبد القادر الصفوري ولازم عمه العلامة عيسى بن علي العقدي وتفقه به وبالبرهان الوسيمي والشرف يحيى الشهاوي وعبد الحي الشرنبلالي ولازمه في الحديث والعلوم العقلية أكابر عصره كالشهاب أحمد بن عبد اللطيف اليشبيشي والشمس محمد بن محمد الشنبابلي والشهاب أحمد بن علي السندوبي وأخذ عنه الشمائل وغيرها واجتهد وبرع وأتقن وتفنن واشتهر بالعلم والفضائل وقصدته الطلبة من الأقطار وانتفعوا به وكان كثير التلاوة للقرآن وبالجملة فكان من حسنات الدهر ونادرة من نوادر العصر‏.‏
توفي في شهر ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين ومائة وألف عن ست وسبعين سنة وأشهر‏.‏
ومات الإمام العلامة الشيخ محمد الحماقي الشافعي ولد سنة ثلاث وسبعين وألف وتوفي بنخل وهو متوجه إلى الحج في شهر القعدة سنة أربع وثلاثين ومائة وألف‏.‏
ومات الإمام المحدث العلامة والبحر الفهامة الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي المالكي شيخ الجامع الأزهر تفقه على الشيخ محمد بن عبد الله الخرشي قرأ عليه الرسالة وشرحها وكان معيدًا له فهيمًا وتلبس بالمشيخة بعد موت الشيخ محمد شنن ومولده سنة اثنتين وستين وألف أخذ عن الشبراملسي والزرقاني والشهاب أحمد البشبيشي وغيرهم كالشيخ الغرقاوي وعلي الجزايرلي الحنفي وأخذ الحديث عن يحيى الشاوي وعبد القادر الواطي وعبد الرحمن الأجهوري والشيخ إبراهيم البرماوي والشيخ محمد الشرنبابلي وآخرين وله شرح على العزية في مجلدين‏.‏
توفي سنة سبع وثلاثين ومائة وألف عن خمس وسبعين سنة‏.‏
ومات الجناب المكرم والملاذ المفخم محمد الدادة الشرايبي وكان إنسانًا كريم الأخلاق طيب الأعراق جميل السمات حسن الصفات يسعى في قضاء حوايج الناس ويؤاسي الفقراء ولما ثقل في المرض قسم ماله بين أولاده وبين الخواجا عبد الله بن الخواجا محمد الكبير وبين ابن أحمد أخي عبد الله كما فعل الخواجا الكبير فإنه قسم المال بين الدادة وبين عبد الله وأخيه أحمد وكان المال ستمائة كيس والمال الذي قسمه الدادة بين أولاده وبين عبد الله وابن أخيه وهم قاسم وأحمد ومحمد جربجي وعبد الرحمن والطيب وهؤلاء أولاده لصلبه وعبد الله بن الخواجا الكبير وابن أخيه الذي يقال له ابن المرحوم ألف وأربعمائة وثمانون كيسًا خلاف خان الحمزاوي وغيره من الأملاك وخلاف الرهن الذي تحت يده من البلاد وفائظها ستون كيسًا والبلاد المختصة به أربعون كيسًا وذلك خلاف الجامكية والوكائل والحمامات وثلاث مراكب في بحر القلزم وكل ذلك أحداث الدادة وأصل المال الذي استلمه الدادة في الأصل من الخواجا محمد الكبير سنة إحدى عشرة ومائة وألف تسعون كيسًا لما عجز عن البيع والشراء ولما فعل ذلك وقسم المال بين الدادة وبين عبد الله وأخيه بالثلث غضب عبد الله وقال هو أخ لنا ثالث فقال أبو عبد الله‏:‏ والله لا يقسم المال إلا مناصفة له النصف ولك ولأخيك النصف وهذا الموجود كله لسعد الدادة ومكسبه فإني لما سلمته المال كان تسعين كيسًا وها هو الآن ستمائة كيس خلاف ما حدث من البلاد والحصص والرهن‏.‏
فكان كما قال وكان جاعلًا لعبد الله مرتبًا في كل يوم ألف نصف فضة برسم الشبرقة خلاف المصروف والكساوي له ولأولده ولعياله إلى أن مات يوم السبت سادس عشر رجب سنة سبع وثلاثين ومائة وألف وحضر جنازته جميع الأمراء والعلماء وأرباب السجاجيد والوجاقات السبعة والتجار وأولاد البلد وكان مشهده عظيمًا حافلًا بحيث أن أول المشهد داخل إلى الجامع ونعشه عند العتبة الزرقاء وكان ذكيًا فهيمًا دراكًا سعيد الحركات وعلى قدر سعة حاله وكثرة إيراده ومصرفه لم يتخذ كاتبًا ويكتب ويحسب لنفسه‏.‏
ومات الشيخ الإمام العالم العلامة مفرد الزمان ووحيد الأوان محمد ابن محمد بن محمد بن الولي شهاب الدين أحمد بن العلامة حسن بن العارف بالله تعالى علي بن الولي الصالح سلامة بن الولي الصالح العارف بدير بن محمد بن يوسف شمس الدين أبو حامد البديري الحسيني الشافعي الدمياطي مات جده بدير بن محمد سنة ستمائة وخمسين في وادي النسور وحفيده حسن ممن أخذ عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري أخذ أبو حامد المترجم عن الشيخ الفقيه العلامة زين الدين السلسلي إمام جامع البدري بالثغر وهو أول شيوخه قبل المجاورة ثم رحل إلى الأزهر فأخذ عن النور أبي الضياء علي بن محمد الشبراملسي الشافعي والشمس محمد بن داود العناني الشافعي قراءة على الثاني بالجنبلاطية خارج مصر القاهرة وأمام شرف الدين بن زين العابدين بن محي الدين بن ولي الدين بن يوسف جمال الدين بن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري والمحدث المقري شمس الدين محمد بن قاسم البقري شيخ القراء والحديث بصحن الجامع الأزهر والشيخ عبد المعطي الضرير المالكي وشمس الدين محمد الخرشي والشيخ عطية القهوقي المالكي والشيخ المحدث منصور بن عبد الرزاق الطوخي الشافعي إمام الجامع الأزهر والشيخ المحدث العلامة شهاب الدين أبي العباس أحمد بن محمد بن عبد الغني الدمياطي الشافعي النقشبندي والمحقق شهاب الدين أحمد بن عبد اللطيف البشبيشي الشافعي وحيسوب زمانه محمود بن عبد الجواد بن العلامة الشيخ عبد القادر المحلي والعلامة الشيخ سلامة الشبيني والعلامة المهندس الحيسوب الفلكي رضوان أفندي ابن عبد الله نزيل بولاق ثم رحل إلى الحرمين فأخذ بهما عن الإمام أبي العرفان إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكوراني في سنة إحدى وتسعين وألف والسيدة قريش وأختها بنت الإمام عبد القادر الطبري في سنة اثنتين وتسعين وألف روى وحدث وأفاد وأجاد أخذ عن الشيخ محمد الخفني وبه تخرج وأخوه الجمال يوسف والشيخ العارف بالله تعالى السيد مصطفى بن كمال الدين البكري وهو من أقرانه والفقيه النحوي الأصولي محمد بن يوسف الدنجيهي الشافعي والعلامة عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن البشبيشي الشافعي الدمياطي ومصطفى بن عبد السلام المنزلي‏.‏
توفي المترجم أبو حامد بالثغر سنة أربعين ومائة وألف‏.‏
ومات العلامة الهمام محمد بن أحمد بن عمر الأسقاطي الأزهري نزيل إدلب كان جل تحصيله بمصر على والده وبه تخرج وتفنن وصار له قدم راسخ وله مشايخ آخرون أزهريون فلما نزل إدلب تلقاه شيخ العلماء بها أحمد ابن حسين الكاملي فأنزله عنده وأكرمه غاية الإكرام وأرشد الطلبة إليه فانتفعوا به جدًا ولم يزل مفيدًا على أكمل الحالات حتى مات سنة تسع وثلاثين ومائة وألف‏.‏
ومات الشيخ العلامة الزاهد الياس بن إبراهيم الكوراني الشافعي ولد بكوران سنة إحدى وثلاثين وألف وأخذ العلم بها عن عدة مشايخ وحج ودخل مصر والشام وألقى بها عصا التسيار عاكفًا على إقراء العلوم العقلية والنقلية وكان على غاية من الزهد وروى عنه شيوخ العصر كالشيخ أحمد الملوي والشهاب أحمد بن علي المنيني وله المؤلفات والحواشي‏.‏
توفي بدمشق بمدرسة جامع العراس بعد العصر من يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقين من شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من قبر الشيخ نصر المقدسي رحمه الله‏.‏
ومات الإمام العالم العلامة المحدث أبو عبد الله محمد بن علي المعمر الكاملي الدمشقي الشافعي ولد سنة أربع وأربعين وألف وأخذ العلم عن جماعة كثيرين وروى وحدث وانتهى إليه الوعظ بدمشق وكان فصيحًا وإذا عقد مجلس الوعظ تحت قبة النسر غصت أركانها الأربعة بالناس وكان يحضره في دروس الجامع الصغير كثير من الأفاضل وتزدحم عليه الناس العوام لعذوبة تقريره روى عنه ولده عبد السلام ومحمد بن أحمد الطرطوسي والشيخ أبو العباس أحمد المنيني‏.‏
توفي في منتصف القعدة سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف‏.‏
ومات الأستاذ بقية السلف الشيخ مصلح الدين بن أبي الصلاح عبد الحليم بن يحيي بن عبد الرحمن بن القطب سيدي عبد الوهاب الشعراني قدس سره جلس على سجادة أبيه وجده وكان رجلًا صالحًا مهيبًا مجذوبًا‏.‏
توفي يوم الثلاثاء تاسع ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة وألف ولم يعقب إلا ابنته وابن عمة له وهو سيدي عبد الرحمن استخلف بعده وابن أخت له من إبراهيم جربجي باشجاويش الجاويشية جعلوا لكل منهم الثلث في الوقف وحرر الفائظ اثني عشر كيسًا‏.‏
ومات الأستاذ المجذوب الصاحي الشيخ أحمد بن عبد الرزاق الروحي الضماطي الشناوي الجمال كان والده جمالًا من أتباع المشايخ الشناوية وحفظ القرآن واشتغل بالذكر والعبادة إلى أن حصل له جذبة وربما اعتراه استغراق وكان من أكابر الأولياء أصحاب الكرامات‏.‏
توفي في رمضان سنة أربع وعشرين ومائة وألف‏.‏
ومات الأستاذ العلامة أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الغني الدمياطي الشافعي الشهير بالبناء خاتمة من قام بأعباء الطريقة النقشبندية بالديار المصرية ورئيس من قصد لرواية الأحاديث النبوية ولد بدمياط ونشأ بها وحفظ القرآن واشتغل بالعلوم على علماء عصره ثم ارتحل إلى القاهرة فلازم الشيخ سلطان المزاحي والنور الشبراملسيي فأخذ عنهما القراءات وتفقه بهما وسمع عليهما الحديث وعلى النور الأجهوري والشمس الشوبري والشهاب القليوبي والشمس البابلي والبرهان الميوموني وجماعة آخرين واشتغل بالفنون وبلغ من الدقة والتحقيق غاية قل أن يدركها أحد من أمثاله‏.‏
ثم ارتحل إلى الحجاز فأخذ الحديث عن البرهان الكوراني ورجع إلى دمياط وصنف كتابًا في القراءات سماه إتحاف البشر بالقراءات الأربعة عشر أبان فيه عن سعة اطلاعه وزيادة اقتداره حتى أن الشيخ أبو النصر المنزلي يشهد بأنه أدق من ابن قاسم العبادي واختصر السيرة الحلبيبة في مجلد وألف كتابًا في اشراط الساعة سماه الذخائر المهمات فيما يجب الإيمان به من المسموعات وارتحل أيضًا إلى الحجاز وحج وذهب إلى اليمن فاجتمع بسيدي أحمد بن عجيل ببيت الفقيه فأخذ عنه حديث المصافحة من طريق المعمرين وتلقن منه الذكر علىطريق النقشبندية وحل عليه أكسير نظره ولم يزل ملازمًا لخدمته إلى أن بلغ مبلغ الكمال من الرجال فأجازه وأمره بالرجوع إلى بلده والتصدي للتسليك وتلقين الذكر فرجع وأقام مرابطًا بقرية قريبة من البحر المالح تسمى بعزبة البرج واشتغل بالله وتصدى للإرشاد والتسليك وقصد للزيارة والتبرك والأخذ والرواية وعم النفع به لا سيما في الطريقة النقشبندية وكثرت تلامذته وظهرت بركته عليهم إلى أن صاروا أئمة يقتدى بهم ويتبرك برؤيتهم‏.‏
ولم يزل في إقبال على الله تعالى وازدياد من الخير إلى أن ارتحل إلى الديار الحجازية فحج ورجع إلى المدينة المنورة فأدركته المنية بعد شيل الحج بثلاثة أيام في المحرم سنة سبع عشرة ومائة وألف ودفن بالبقيع مساء رحمه الله‏.‏
وأما من مات في هذه الأعوام من الأمراء المشاهير فلنقتصر على ذكر بعض المشهورين مما يحسن إيراده في التبيين إذ الأمر أعظم مما يحيط به المجيد فلنقتصر من الحلي على ما حسن بالجيد ما وصل علمه إلي وثبت خبره لدي إذ التفصيل في أحوالهم متعذر والدواء من غير حمية غير متيسر ولم أخترع شيئًا من تلقاء نفسي والله مطلع على أمري وحدسي‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالثلاثاء مارس 23, 2010 12:10 am

السلام عليكم

الله يرحم أمواتنا وأموات المسلمين

اللهم ارحم علمائنا الكرام أصل العلم والمعرفة بارك الله فيك أبو جهاد وننتظر منك المزيد من المعرفة فانت أهل لذلك

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 538975 عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 538975 عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 538975

_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا


عدل سابقا من قبل نبيلة محمود خليل في الخميس أكتوبر 27, 2011 8:39 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالثلاثاء مارس 23, 2010 12:13 am


السلام عليكم
الله يرحم علمائنا الأفاضل

سبحان الله كفاح وحب شديد للإسلام وموت فى سبيل الله

بارك الله فيك أبو جهاد

_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا


عدل سابقا من قبل نبيلة محمود خليل في الخميس أكتوبر 27, 2011 8:40 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالثلاثاء مارس 23, 2010 12:16 am

وفي شهر رمضان قبل ذلك جلس بجامع المؤيد فكثر عليه الجمع وأزدحم المسجد وأكثرهم أتراك ثم أنتقل من الوعظ وذكر ما يفعله أهل مصر بضرايح الأولياء وإيقاد الشموع والقناديل على قبور الأولياء وتقبيل أعتابهم وفعل ذلك كفر يجب على الناس تركه وعلى ولاة الأمور السعي في أبطال ذلك‏.‏

أشكرك ابو جهاد كل الشكر والتقدير على المعلومات القيمة



_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا


عدل سابقا من قبل نبيلة محمود خليل في الخميس أكتوبر 27, 2011 8:40 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالثلاثاء مارس 23, 2010 12:20 am

بارك الله فيك أبو جهاد على جميل طرحك للمواضيع أكرمك الله واعزك

_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
أبوجهاد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
أبوجهاد


وسام التميز لونه طوبى
العمر : 47
الدولة : مصر الحبيبة
ذكر الجدي النمر
عدد المساهمات : 1133
نقاط : 2247
تاريخ الميلاد : 20/01/1963
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
العمر : 61
العمل/الترفيه : طالب علم
تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(10)   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالثلاثاء مارس 23, 2010 1:42 pm

:
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 97170127

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(10)

مات الأمير ذو الفقار بك
تابع الأمير حسن بك الفقاري تولى الصنجقية وإمارة الحج في يوم واحد وطلع بالحج إحدى عشرة مرة وتوفي سنة اثنتين ومائة وألف‏.‏
ومات أبنه الأمير إبراهيم بك تولى الإمارة بعد أبيه وطلع أميرًا على الحج سنة ثلاث ومائة وألف وتحارب مع العرب تلك السنة في مضيق الشرفة فكانت معركة عظيمة وامتنع العرب من حمل غلال الحرمين فركب عليهم هو ودرويش بك وكبس عليهم آخر الليل عند الجبل الأحمر وساقوا منهم نحو ألف بعير ونهب بيوتهم وأحضر الجمال إلى قراميدان وأحضر أيضًا بدنة أخرى شالوا معهم الغلال والقافلة‏.‏
وولى من طرفه إبراهيم آغا الصعيدي زعيم مصر أخاف الناس وصار له سمعة وهيبة وطلع بالحج بعد ذلك ثلاث مرار في أمن وأمان‏.‏
وتاقت نفسه الرئاسة ولا يتم له ذلك إلا بملك باب مستحفظان وكان بيد القاسمية فأعمل حيلة بمعضدة حسن آغا بلغيه وإغراء علي باشا والي مصر حين ذاك فقلد رجب كتخدا مستحفظان وسليم أفندي صناجق ثم عملوا دعوة على سليم بك المذكور انحط فيها الأمر على حبسه وقتله‏.‏
فلما رأى رجب بك ذلك ذهب إلى إبراهيم بك واستعفى من الإمارة فقلده سردار جداوي وسافر من القلزم وتوفي بمكة وخلف ولد اسمه باكير حضر إلى مصر بعد ذلك ولما قتل سليم بك المذكور لا عن وارث ضبط مخلفاته الباشا لبيت المال وأخذوا جميع ما في بيته الذي بالأزبكية المجاور لبيت الدادة أبي قاسم الشرايبي وهو الذي اشتراه القاضي مواهب أبو مدين جربجي عزبان في سنة أربع ومائة وألف‏.‏
وقتلوا أيضًا خليل كتخدا المعروف بالجلب وقلدوا كجك محمد باشا أوده باشا وصار له كلمة وسمعة ونفى مصطفى كتخدا القازدغلي إلى أرض الحجاز‏.‏
وصفا الوقت لإبراهيم بك وكجك محمد من طرفة في باب مستحفظان فعزم على قطع بيت القاسمية فأخرج ايواظ بك إلى إقليم البحيرة وقاسم بك إلى جهة بني سويف وأحمد بك إلى المنوفية‏.‏
وخلا له الجو وانفرد بالكلمة في مصر وصار منزله بدرب الجماميز مفتوحًا ليلًا ونهارًا لقضاء الحوايج مع مشاركة الأمير حسن آغا بلغيه ثم أنه عزم على قتل إبراهيم بك أبي شنب واتفق مع الباشا على ذلك بحجة المال والغلال التي عليه فلم يتم ذلك ولم يزل المترجم أميرًا على الحج إلى أن مات في فصل الشحاتين سنة ستع ومائة وألف وطلع بالحج خمس مرات‏.‏
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 97170127
ومات الأمير اسمعيل بك الكبير الفقاري تابع حسن بك الفقاري وصهر حسن آغا بلغيه تولى الدفتردارية ثلاث سنين وسبعة أشهر ثم عزل وسافر أميرًا على عسكر السفر إلى الروم ورجع إلى مصر وأعيد إلى الدفتردارية ثانيًا ولم يزل حتى مات سنة تسع عشرة ومائة وألف فجأة ليلة السبت تاسع عشري المحرم وكانت جنازته حافلة وخلف ولده محمد بك تولى بعده الإمارة وطلع بالحج سنة سبع وثلاثين ومائة وألف‏.‏
ومات الأمير حسن آغا بلغيه الفقاري آغات ككللويان وأصله رومي الجنس تابع محمد جاويش فياله تولى أغاوية العزب سنة خمس وثمانين وألف ثم عمل متفرقة باشا سنة تسع وثمانين وألف ثم عزل عنها وتقلد أغات ككللويان سنة ثلاث وتسعين وألف وكان أميرًا جليلًا ذا دهاء ورأي وكلمة مسموعة نافذة بأرض مصر صاحب سطوة وشهامة وحسن تدبير ولا يكاد يتم أمر من الأمور الكلية والجزئية إلا بعد مراجعته ومشورته وكل من انفرد بالكلمة في مصر يكون مشاركًا له وتزوج بابنة اسمعيل بك الكبير المذكورآنفًا وولد له منها ابنه محمد بك الآتي ذكره الذي تولى إمارة الحج في سنة سبع وثلاثين ومائة وألف ومصطفى كتخدا القازدغلي جد القازدغلية كان أصله سراجًا عنده وهو الذي رقاه حتى صار إلى ما صار إليه‏.‏
وتفرعت عنه شجرة القازدغلية وغالب أمراء مصر وحكامها يرجعون في النسبة إلى أحد البيتين وهم بيت بلغيه وبيت رضوان بك صاحب العمارة المتوفى سنة خمس وستين وألف‏.‏
ولم يترك أولادًا بل ترك حسن بك أمير الحاج المتقدم ذكره ولاجين بك حاكم الغربية وهو صاحب السويقة المنسوبة إليه وأحمد بك أباظه وشعبان بك أبا سنة وقيطاس بك جركس وقانصوه بك وعلي بك الصغير وحمزة بك هؤلاء قتلوا بعده في فتنه القاسمية بالطرانة‏.‏
وأما أمراؤه الذين يقتلوا واستمروا أمراء بمصر مدة طويلة فهم محمد بك حاكم جرجا وذو الفقار بك الماحي الكبير وكان رضوان بك هذا وافر الحرمة مسموع الكلمة تولى إمارة الحج عدة سنين وكان رجلًا صالحًا ملازمًا للصوم والعبادة والذكر وهو الذي عمر القصبة المعروفة به خارج باب زويلة عند بيته ووقف وقفًا على عتقائه وعلى جهات بر وخيرات وكان من الفقارية‏.‏
وأما رضوان بك أبو الشوارب القاسمي وهو سيد ايواظ بك فظهر بعد موت رضوان بك المذكور وانفرد بالكلمة بمصر مع مشاركة قاسم بك جركس وأحمد بك بشناق الذي كان بقناش السباع وهو قاتل الفقارية بالطراثة وهو أيضًا عم إبراهيم بك بشيناق المعروف بأبي شنب سيد محمد جركس الآتي ذكره‏.‏
ومات قاسم بك هذا سنة اثنتين وسبعين وألف وهو دفتردار بعد عزله من إمارة الحج وانفرد بعد رضوان بك أبي الشوارب أحمد بك‏.‏
ثم مات رضوان بك عن ولده أزبك بك وانفرد أحمد بك بشناق بإمارة مصر نحو سبعة أشهر فطلع يوم عرفه يهني شيطان إبراهيم باشا باليد فغدره وقتلوه بالخناجر أواخر سنة اثنتين وسبعين وألف ولم يزل حسن آغا لغيه المترجم حتى توفي سنة خمس عشرة ومائة وألف على فراشه وعمره نحو تسعين سنة‏.‏
ولما مات حسن آغا انفرد بالكلمة بعده صهره اسمعيل بك وخضعت له الرقاب مشاركة إبراهيم بك أبي شنب بضعف‏.‏
ومات الأمير مصطفى كتخدا القازدغلي تابع الأمير حسن آغا بلغيه أصله رومي الجنس حضر إلى مصر وخدم عند حسن أغا المذكور ورقاه ولم يزل حتى تقلد كتخدا مستحفظان فلما حصل ما تقدم وتقلد كجك محمد باش أوده باشا بالباب خمل ذكر مصطفى كتخدا وخمدت شهرته ثم نفاه كجك محمد إلى الحجاز فأقام سنتين إلى أن ترجى حسن آغا عند إبراهيم بك أمير الحاج وكجك محمد في رجوعه فردوه إلى مصر فأقام مع كجك محمد خاملًا فأغرى به رجلًا سجماني كان عنده بناحية طلخا يضرب نشابًا فضرب كجك محمد من شباك الجامع بالمحجر فأصابه وملك مصطفى كتخدا باب مستحفظان ذلك اليوم ونفى وقتل وفرق من يخشى طرفه وصفا له الوقت إلى أن مات على فراشه سنة خمس عشرة ومائة وألف‏.‏
ومات كجك محمد المذكور باش أوده باشا وكان له سمعة وشهرة وحسن سياسة‏.‏
ولما قصر مد النيل في سنة ست ومائة وألف وشرقت البلاد وكان القمح بستين نصفًا فضة الاردب فزاد سعره وبيع باثنتين وسبعين فضة نزل كجك محمد إلى بولاق وجلس بالتكية وأحضر الأمناء ومنعهم من الزيادة عن الستين وخوفهم وحذرهم وأجلس بالحملة اثنين من القابجية ويرسل حماره كل يومين أو ثلاثة مع الحمار يمشي به جهة الساحل ويرجع فيظنون أن كجك محمد ببولاق فلا يمكنهم زيادة في ثمن الغلة‏.‏
فلما قتل كما ذكر بيع القمح في ذلك اليوم بمائة نصف فضة ولم يزل يزيد حتى بلغ ستمائة نصف فضة‏.‏
ومما اتفق له أن بعض التجار بسوق الصاغة أراد الحج فجمع ما عنده من الذهبيات والفضيات واللؤلؤ والجواهر ومصاغ حريمه ووضعه في صندوق وأودعه عند صاحب له بسوق مرجوس يسمى الخواجا علي الفيومي بموجب قائمة أخذها معه مع مفتاح الصندوق وسافر إلى الحجاز وجاور هناك سنة ورجع مع الحجاج وحضر إليه أحبابه وأصحابه للسلام عليه‏.‏
وانتظر صاحبه الحاج علي الفيومي فلم يأته فسأل عنه فقيل له أنه طيب بخير فأخذ شيئًا من التمر واللبان والليف ووضعه في منديل وذهب إليه ودخل عليه ووضع بين يديه ذلك المنديل فقال له‏:‏ من أنت فإني لا أعرفك قبل اليوم حتى تهاديني‏.‏
فقال له‏:‏ أنا فلان صاحب الصندوق الأمانة فجحد معرفته وأنكر ذلك بالكلية ولم يكن بينه وبينه بينة تشهد بذلك فطار عقل الجوهري وتحير في أمره وضاق صدره فأخبر بعض أصحابه فقال له‏:‏ اذهب إلى كجك محمد أوده باشه‏.‏
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 97170127
فذهب إليه وأخبره بالفضة فأمره أن يدخل إلى المكان الداخل ولا يأتي إليه حتى يطلبه وأرسل إلى علي الفيومي‏.‏
فلما حضر إليه بش في وجهه ورحب به وآنسه بالكلام الحلو ورأى في يده سبحة مرجان فأخذها من يده يقلبها ويلعب بها ثم قام كأنه يزيل ضرورة وأعطاها لخادمه وقال له‏:‏ خذ خادم الخواجا صحبتك واترك دابته هنا عند بعض الخدم واذهب صحبة الخادم إلى بيته وقف عند باب الحريم وأعطهم السبحة إمارة وقل لهم أنه اعترف بالصندوق والأمانة‏.‏
كلما رأوا الإمارة والخادم لم يشكوا في صحة ذلك وعندما رجع كجك محمد إلى مجلسه قال للخواجا‏:‏ بلغني أن رجلًا جواهرجي أودع عندك صندوقًا أمانة ثم طلبه فأنكرته‏.‏
فقال‏:‏ لا وحياة رأسك ليس له أصل وكأني اشتبهت عليه أو أنه خرفان وذهلان ولا أعرفه قبل ذلك ولا يعرفني‏.‏
ثم سكتوا وإذا بتابع الأوده والخادم داخلين بالصندوق على حمار فوضعوه بين أيديهما فامتقع وجه الفيومي وأسفر لونه فطلب الأوده باشه صاحب الصندوق فحضر فقال له‏:‏ هذا صندوقك قال له‏:‏ نعم‏.‏
قال له‏:‏ عندك قائمة بما فيه قال‏:‏ معي‏.‏
وأخرجها من جيبه مع المفتاح فتناولها الكاتب وفتحوا الصندوق وقابلوا ما فيه على موجب القائمة فوجده بالتمام‏.‏
فقال به‏:‏ خذ متاعك واذهب‏.‏
فأخذه وذهب إلى داره وهو يدعو له ثم التفت إلى الخواجا علي الفيومي وهو ميت في جلده ينتظر ما يفعل به فقال له صاحبالأمانة‏:‏ أخذها وأيش جلوسك فقام وهو ينفض غبار الموت وذهب‏.‏
واتفق أن أحمد البغدادي أقام مدة يرصد المترجم يمر من عطفة النقيب ليضربه ويقتله إلى أن صادفه فضربه بالبندقية من الشباك فلم تصبه وكسرت زاوية حجر وأخبروه أنها من يد البغدادلي فأعرض عن ذلك وقال‏:‏ الرصاص مرصود والحي ماله قاتل‏.‏
وتقلد باش أوده باشه سنة خمس وثمانين وألف فتحركت عليه طائفته وأرادوا قتله فخرج من وجاقه إلى وجاق آخر وعمل شغله في قتل كبار المتعصبين عليه وهم ذو الفقار كتخدا وشريف أحمد باشجاويش باتفاق مع عابدي باشا المتولي إذ ذاك خفية فقتل الباشا الشريف أحمد جاويش في يوم الخميس خامس الحجة سنة تسع وثمانين وألف وهرب ذو الفقار إلى طندتا فأرسلوا خلفه فرمانًا خطابًا لاسمعيل كاشف الغربية بقتله فركب إلى طندتا وقتله وأرسل دماغه وذلك بعد موت أحمد جاويش بعشرة أيام ورجع كجك محمد إلى مكانه كما كان واستمر مسموع الكلمة ببابه إلى أن ملك الباب جربجي سليمان كتخدا مستحفظان في سنة أربع وتسعين وألف‏.‏
ونفى كجك محمد إلى بلاد الروم ثم رجع في سنة خمس وتسعين وألف بسعاية بعض أكابر البلكات بشرط أن يرجع إلى لبس الضلمة ولا يقارش في شيء فاستمر خامل الذكر إلى أن مات جربجي سليمان على فراشه فعند ذلك ظهر أمر المترجم وعمل باش أوده باشا كما كان ولم يزل إلى سنة سبع وتسعين وألف فاستوحش من سليم أفندي كاتب كبير مستحفظان ورجب كتخدا فانتقل إلى وجاق جمليان وعمل جربجي وسافر هجان باشا ثم رجع إلى بابه سنة تسع وتسعين وألف كما كان بمعاضدة إبراهيم بك الفقاري واتفق معه على هلاك سليم أفندي ورجب كتخدا فولوهما الصنجقية وقتلوهما كما ذكر‏.‏
وكان سليم أفندي المذكور قاسمي النسبة واستمر كجك محمد مسموع الكلمة نافذ الحرمة إلى أن قتل غيلة كما ذكر في طريق المحجر في يوم الخميس سابع المحرم سنة ست ومائة وألف‏.‏
ومات الأمير عبد الله بك بشناق الدفتردار تولى الدفتردارية سنة ثلاث ومائة وألف ثم عزل عنها بعد خمسة أشهر وعشرين يومًا وسافر أميرًا على العسكر إلى الروم ورجع إلى مصر وتولى قائمقام عندما عزل حسن باشا السلحدار في سنة اثنتين وذلك قبل سفره وحضر أحمد باشا ثم عزل بعد ذلك المترجم من الدفتردارية واستمر أميرًا إلى أن مات سنة خمس عشرة ومائة وألف على فراشه‏.‏
ومات الأمير سليمان بك الأرمني المعروف ببارم ذيله تولى الصنجقية سنة اثنتين ومائة وألف وكان وجيهًا ذا مال وخدم ومماليك وتولى كشوفيات المنوفية والغربية مرارًا عديدة ولم يزل في إمارته إلى أن توفي على فراشه سنة إحدى وعشرين ومائة وألف وخلف ولدًا يسمى عثمان جلبي تقلد إمارة والده بعده وكان جميلًا وجيهًا حاذقًا يحب مطالعة الكتب ونشد الأشعار وتقلد كشوفية المنوفية والغربية والبحيرة وكان فارسًا شجاعًا ولم يزل حتى هرب مع من هرب في واقعة محمد بك قطامش سنة ستع وعشرين ومائة وألف فاختفى بمصر ونهب بيته واستمر مخفيًا إلى أن مات بالطاعون سنة ثلاثين ومائة وألف وخرجوا بمشهده جهارًا ومات وعمره سبع وثلاثون سنة‏.‏
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 97170127
ومات الأمير حمزة بك تابع يوسف بك جلب القرد تأمر بعد سيده سنة عشرة ومائة وألف فمكث خمس سنوات أميرًا ثم سافر بالخزينة ومات بالطريق سنة ست عشرة ومائة وألف‏.‏
ومات قبله سيده الأمير يوسف بك القرد تولى الصنجقية سنة ثلاث وسبعين وألف وتولى إمارة ومات الأمير رمضان بك تولى الإمارة سنة سبع وسبعين وألف وعمل قائمقام عندما عزل أحمد باشا الدفتردار وسبب ذلك أنه لما ورد أحمد باشا المذكور واليًا على مصر في سنة ست وثمانين وألف وأشيع عنه بأن قصده إحداث مظالم على البيوت والدكاكين والطواحين مثل الشام ويفتش على الجوامك وغيرها فاجتمع العسكر في خامس الحجة بالرميلة وقاموا قومة واحدة وقطعوا عبد الفتاح أفندي الشعراوي كاتب مقاطعة الغلال وهو نازل من الديوان‏.‏
وكان قبل تاريخه ذهب إلى الديار الرومية وحضر صحبته أحمد باشا فاتهموه بأنه هو الذي أغرى الباشا على ذلك‏.‏
ولما نزل الأمراء وأرباب الديوان قام عليهم العسكر والعامة وقالوا لهم‏:‏ لابد من نزول الباشا وإلا طلعنا إليه وقطعناه قطعًا قطعًا‏.‏
فطلعوا إلى الباشا فعرضوا عليه ذلك فامتنع وتكرر مراجعته والعسكر والناس يزيد اجتماعهم إلى قريب العصر فلم يسعه إلا النزول بالقهر عنه إلى بيت حاجي باشا بالصليبية وولوا رمضان بك هذا قائمقام‏.‏
فلم يزل حتى ورد عبد الرحمن باشا سادس جمادى الآخرة من سنة سبع وثلاثين وألف ولم يزل المترجم أميرًا حتى مرض ومات سنة ثلاث عشرة ومائة وألف‏.‏
ومات الأمير درويش بك الفلاح تولى الإمارة سنة خمس وتسعين وألف ومات سنة ثمان ومائة وألف‏.‏
ومات الأمير درويش بك جركس الفقاري وهو سيد أيوب بك تولى الإمارة سنة ثمان وتسعين وألف ومات سنة خمس ومائة وألف‏.‏
ومات الأمير محمد كتخدا عزبان البيرقداري وكان صاحب صولة وعز في بابه وكلمة وشهرة مع مشاركة محمد كتخدا البيقلي وكان المترجم شهير الذكر وبيته مفتوح وتسعى إليه الأمراء والأعيان ويقضي حوائج الناس ويسعى في أشغالهم‏.‏
وظهر في أيامه أحمد أوده باشه القيومجي وظالم علي جاويش عزبان‏.‏
مات المترجم ثالث عشري رمضان سنة سبع ومائة وألف على فراشه بمنزله ناحية المظفر‏.‏
ومات أيضًا محمد كتخدا البيقلي في ثالث عشري رمضان سنة خمس ومائة وألف بمنزله بسوق السلاح وعمره ولده بعد موته وهو يوسف كتخدا عزبان وكالة سنة ست عشرة ومائة وألف‏.‏
ومات الأمير أحمد جربجي عزبان المعروف بالقيومجي وسبب تسميته بالقيومجي أن سيده حسن جربجي كان أصله صائغًا ويقال له باللغة التركية قيومجي فاشتهر بذلك وكان سيده في باب مستحفظان وأحمد هذا عزبان وكان المشارك لأحمد جربجي في الكلمة علي جاويش المعروف بظالم علي إلى أن لبس ظالم علي كتخدا الباب سنة ثمان ومائة وألف ومضى عليه نحو سبعة أشهر فانتبذ أحمد جربجي وملك الباب على حين غفلة وأنزل علي كتخدا إلى الكشيدة فخاف على نفسه ظالم علي فالتجأ إلى وجاق تفكجيان فسعى إليه جماعة منهم ومن أعيان مستحفظان وردوه إلى بابه بأن يكون اختياريًا وضمنوه فيما يحدث منه فاستمر مع أحمد كتخدا معززًا إلى أن مات ظالم علي على فراشه بمنزله بالجبانية الملاصق للحمام سنة خمس عشرة ومائة وألف وانفرد بالكلمة أحمد كتخدا ولم يزل إلى أن مات على فراشه بمنزله ببولاق سنة عشرين ومائة وألف وكان سخيًا يضرب بكرمه المثل وكان به بعض عرج بفخذه الأيسر بسبب سقطة سقطها من على الحمار وهو أوده باشه‏.‏ ومات

الأمير الكبير المقدام أيواظ بك والد الأمير اسمعيل بك

وأصل اسمه عوض فحرفت باعوجاج التركية إلى ايواظ فإن اللغة التركية ليس فيها الضاد فأبدلت وحرفت بما سهل على لسانهم حتى صارت ايواظ وهو جركس الجنس قاسمي تابع مراد بك الدفتردار القاسمي الشهيد بالغزاة ومراد بك تابع أزبك بك أمير الحاج سابقًا ابن رضوان بك أبي الشوارب المشهور المتقدم ذكره تولى الإمارة عوضًا عن سيده مراد بك الشهيد بالغزاة في سنة سبع ومائة وألف وفي سنة عشر ومائة وألف‏.‏
ورد مرسوم من الدولة خطابًا لحسين باشا والي مصر إذ ذاك بالأمر بالركوب على المتغلب عبد الله وافي المغربي بجهة قبلي ومن معه من العربان وإجلائهم عن البلاد وحضرت جماعة من الملتزمين والفلاحين يشكون ويتظلمون من المذكورين فجمع حسين باشا الأمراء والأغوات وأمرهم بالتهيؤ للسفر صحبته فقالوا نحن نتوجه جميعًا وأما أنت فتقيم بالقلعة لأجل تحصيل الأموال السلطانية‏.‏
ثم وقع الاتفاق على إخراج تجريدة وأميرها ايواظ بك وصحبته ألف نفر من الوجاقات ويقرروا له على كل بلد كبيرة ثلاثة آلاف نصف فضة والصغيرة ألف وخمسمائة فأجابهم إلى ذلك وجعلوا لكل نفر ثلاثة آلاف فضة وللأمير عشرة أكياس وخلع عليه الباشا قفطانًا وخرج في يوم السبت سابع عشر جمادى الآخرة بموكب عظيم ونزل بدير الطين‏.‏
فبات به وأصبح متوجهًا إلى قبلي ثم ورد منه في حادي عشر رجب يذكر كثرة الجموع ويطلب الإمداد فعمل الباشا ديوانًا وجمع الأمراء واتفقوا على إرسال خمسة من الأمراء الصناجق وهم أيوب بك أمير الحاج حالًا واسمعيل بك الدفتردار وإبراهيم بك أبو شنب وسليمان بك قيطاس وأحمد بك ياقوت زاده وآغوات الاسباهية الثلاثة وأتباعهم وأنفارهم‏.‏
فتهيئوا وسافروا ونزلوا بالجيزة وأقاموا بها أيامًا فورد الخبر أن ايواظ بك تحارب مع العربان وهزمهم وقروا إلى الوجه البحري من طريق الجبل ورجع الأمراء إلىمصر‏.‏
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 97170127
وفي شوال نزلت جماعة من العربان بكرداسة فكبسهم ذو الفقار كاشف الجيزة وقتل منهم أربعة وسبعين رجلًا وطلع برؤوسهم إلى الديوان ثم ورد الخبر بأن جمع أبي زيد بن وافي نزل بوادي الطرانة فاحتاط به قائمقام البحيرة وقتل من معه من الرجال واحتاط بالأموال والمواشي ولما بلغ بقية العربان ما حصل لأبي زيد ضاقت بهم الأرض ففروا إلى الواحات وأقاموا بها مدة حتى أخربوها وأغلوها وانقطعت السيارة فألجأتهم الضرورة إلى أن هبطوا في صعيد مصر بمحاجر الجعافرة بالقرب من أسنا وصحبتهم علي أبو شاهين شيخ النجمة‏.‏
وحصل منهم الضرر فلما بلغ ذلك عبد الرحمن بك أغرى بهم عربان هوارة فاحتاطوا بهم ونهبوهم وأخذوا منهم جملة كبيرة من الجمال وغيرها ففروا فتبعهم خيل هوارة إلى حاجر منفلوط فتبعهم عبد الرحمن بك ومن معه من الكشاف فأثخنوهم قتلًا ونهبًا وأخذوا منهم ألفا وسبعمائة جمل بأحمالها‏.‏
وهرب من بقي‏.‏
وما زالوا كلما هبطوا أرضًا قاتلهم أهلها إلى أن نزلوا الفيوم بالغرق وأفترق منهم أبو شاهين بطائفة إلى ولاية الجيزة فعين لهم الباشا تجريدة ذهبوا خلفهم إلى الجسر الأسود فوجدوهم عدوا إلى المنوفية وأما ايواظ بك فإنه منحين نزوله إلى الصعيد وهو يجاهد ويحارب في العربان حتى شتت شملهم وفرق جمعهم فتلقاهم عبد الرحمن بك فأذاقهم أضعاف ذلك وحضر ايواظ بك إلى مصر ودخل في موكب عظيم والرؤوس محمولة معه وطلعوا إلى القلعة وخلع عليه الباشا وعلى السدادرة الخلع السنية ونزلوا إلى منازلهم في أبهة عظيمة وتولى كشوفية الأقاليم الثلاثة على ثلاث سنوات ورجع إلى مصر‏.‏
وحضر مرسوم بسفر عسكر إلى البلادالحجازية وعزل الشريف سعد وتولية الشريف عبد الله وأميرها ايواظ بك فخلع عليه الباشا وشهل له جميع احتياجاته وبرز إلى العادلية وصحبته السدادرة وسار برًا في غير أوان الحج ولما وصل إلى مكة جمع السدادرة القدم والجد وحاربوا الشريف سعدا هزموه وملك دار السعادة وأجلس الشريف عبد الله عوضه وقتل في الحرابة رضوان آغا ولده وكان خازنداره وأقام بمكة إلى أيام الحج أتى إليه مرسوم بأنه يكون حاكم جدة وكانت إمارة جدة لأمراء مصر أقام بجدة وحاز منها شيئًا كثيرًا‏.‏
وكان الوكيل عنه بمصر يوسف جربجي الجزار عزبان ويرسل له الذخيرة وما يحتاجه من مصر‏.‏
وتولى المترجم إمارة الحج سنة اثنتين وعشرين وقتل في تلك السنة وذلك أنه اشتدت الفتنية بين العرب والينكجرية وحضر محمد بك حاكم الصعيد معينا للينكجرية وصحبته السواد الأعظم من العسكر والعرب والمغاربة والهوارة فنزل بالبساتين ثم دخل إلى مصر بجموعه نزل ببيت آقباي وحار المتترسين بجامع السلطان حسن وكان به محمد بك الصغير وهو تابع قيطاس بك مع من أنضم إليه من أتباع إبراهيم بك وايواظ بك ومماليكه فكانت النصرة لمحمد بك الصغير بعد أمور وحروب‏.‏
وأنتقل محمد بك جرجا إلى جهة الصليبة ووقعت أمور يطول شرحها مشهورة من قتل ونهب وخراب أماكن‏.‏
وطال الأمر ثم أن الأمراء اجتمعوا بجامع بشتاك وحضر معهم طائفة من العلماء والأشراف واتفقوا على عزل خليل باشا وإقامة قانصوه بك قائمقام وولوا مناصب وآغوت ووالي‏.‏
ووصل الخبر إلى الباشا ومن معه فحرض الينكجرية وفيهم إفرنج أحمد ومحمد بك جرجا ومن معه على الحرب‏.‏
ووقعت حروب عظيمة بين الفريقين عدة أيام وصار قانصوه بك يرسل بيورلديات وتنابيه وأرسل إلى محمد بك جرجا يأمره بالتوجه إلى ولايته ويجتهد في تحصيل المال والغلال السلطانية فعندما وصل إليه البيورلدي قام وقعد واحتد وأشتد بينهم الجلاد والقتال‏.‏
واجتمع الأمراء الصناجق والآغوات عند قائمقام ورتبوا أمورهم وذهبت طائفة لمحاربة منزل أيوب بك إلى أن ملكوه بعد وقائع ونهبوه وخرج أيوب بك هاربًا وكذلك منزل أحمد آغا التفكجية بعد قتله‏.‏
وخرج أيضًا محمد آغا الشاطر وعلي جلبي الترجمان وعبد الله الوالي ولحقوا بأيوب بك وفروا إلى جهة الشام وخرج محمد بك الكبير إلى جهة قبلي وانتهبت جميع بيوت الخارجين وبيت محمد بك الكبير وأحمد جرجي القنيلي وأحرقوا بيت أيوب بك وما لاصقه من البيوت والحوانيت والرباع‏.‏
وفي أثناء ذلك قبل خروج من ذكر أيام اشتداد الحرب خرج محمد بك بمن معه إلى جهة قصر العيني فوصل الخبر إلى ايواظ بك فركب مع من معه ورفع القوس المزراق إمام الصنجق فانشبك في سكفة الباب وانكسر فقالوا للصنجق‏:‏ كسر المزراق‏.‏
قال‏:‏ وتطيروا من ذلك‏.‏
فقال‏:‏ لعل بموتي ينصلح الحال‏.‏
وطلب مزراقًا آخر وسار إلى جهة القبر الطويل فظهر محمد بك والهوارة فتحاربوا معهم فانهزم رجال محمد بك وفر هو ومن معه إلى السواق فطمع فيهم ايواظ بك ورمح خلفهم وكان محمد بك أجلس جماعة سجمانية على السواقي لمنع من يطرد خلفهم عند الانهزام فرموا عليهم رصاصا فأصيب ايواظ بك وسقط من على جواده‏.‏
وحصل بعد ذلك ما حصل من الحروب ونصرة القاسمية والعزب وهروب المذكورين وعزل الباشا ودفن ايواظ بك بتربة أبي الشوارب وكان أميرًا خيرًا شهمًا حزن عليه كثير من الناس‏.‏
وخلف ولده السعيد الشهيد اسمعيل بك الشهير السابق ذكره والآتي ترجمته وما وقع له ولأخيه محمد بك المعروف بالمجنون ومصطفى بك وخلف عدة من المماليك والأمراء ومنهم يوسف بك الجزار غيره‏.‏
ومات الأمير أيوب بك تابع درويش بك وهو كان ممن تسبب في إثارة الفتنة المذكورة وتولى كبرها مع إفرنج أحمد وأرسل إلى محمد بك جرجا فحضر إليه معينًا ومعه من ذكر من أخلاط العالم وحصل ما حصل وأصله جركس الجنس ومن الفقارية تولى إمارة الحج بعد موت إبراهيم بك ذك الفقار سنة سبع ومائة وألف وطلع بالحج عشر مرات وعزل سنة سبع عشرة ومائة وألف وتولى الدفتردارية ثم عزل عنها ثم وقعت الفتنة وقهر فيها وخرج من مصر هاربًا مع من هرب إلى جهة الشام وذهب إلى اسلامبول ولم يزل بها حتى مات سنة أربع وعشرين ومائة وألف طريدًا غريبًا وحيدًا بعد الذي رآه من العز والجاه بمصر وخلف من الأولاد الذكور والإناث اثني عشر لم ينتج منهم أحد عاشوا وماتوا فقراء لأن ماله انتهب في الفتنة‏.‏
ومات الأمير قيطاس بك وهو مملوك إبراهيم بك ذي الفقار كردلي الجنس تولى إمارة الحج سنة عشرة ومائة وألف واستمر فيها إلى سنة إحدى وعشرين ومائة وألف طلع بالحج خمس مرات ثم عزل وتولى الدفتردارية وأستمر فيها إلى سنة أربع وعشرين ومائة وألف ثم عزل عنها وتولى إمارة الحج سنة تاريخه ثم عزل وتلبس بالدفتردارية واستمر فيها إلى أن قتل في سنة ست وعشرين ومائة وألف قتله عابدي باشا وذلك أنه لم حضر عابدي باشا إلى مصر وقدم له الأمراء التقادم وقدم له اسمعيل بك ابن ايواظ تقدمة عظيمة وكان إذ ذاك أمين السماط فأحبه الباشا وسأل عمن تسبب في قتل أبيه فقالوا هذه قضية ليس لأحد فيها جنية وأنما قيطاس بك وايوب بك من بيت واحد وكان أيوب بك أعظم فالتجأ قيطاس بك إلى المرحوم ايواظ بك إلى أن قتل بسببه وقتل أيضًا كثير من رجاله‏.‏
وبعدما بلغ مراده سعى في هلاكنا وأراد قتلنا عند أم أخنان وسلط ابن حبيب على خيولنا في المربع وجم أذنابها‏.‏
فقال الباشا‏:‏ يكون خيرًا‏.‏
ولما استقر الباشا وتقلد اسمعيل بك إمارة الحج وقلدوا مناصب الأقاليم للقاسمية وتقلد عبد الله بك خازندار ايواظ بك الصنجقية وأرسلوا بقتل الأمير حسن كاشف اخميم‏.‏
ثم أن قيطاس بك أرسل كور عبد الله سرًا إلى الباشا وكلمه في إدارة الكشوفيات على الفقارية وعمل رشوة فقال له‏:‏ هذه السنة مضت وفي العام القابل نعطيكم جميع الكشوفيات فاطمأن بذلك وشرع في عمل عزومة للباشا بقصر العيني فأجاب لذلك وذهب مع القاضي وإبراهيم بك الدفتردار وأرباب الخدم وقدم لهم تقادم وخلع عليه الباشا فروة سمور وركبوا أواخر النهار وذهبوا إلى منازلهم‏.‏
ومضى على ذلك أيام وكان محمد بك قطامش تابع قيطاس بك في الخفر بسبيل علام فخضر في بعض الأيام إلى الديوان لحاجة ودخل عند الباشا فقال له‏:‏ أين كنت ولم تحضر معنا عزومة سيدك‏.‏
فقال‏:‏ أنا في خفر بسبيل علام‏.‏
فقال الباشا‏:‏ وسبيل علام هذا بلد والقلعة فعرفه أنه مثل القلعة وحوله قصور لنزول الأمراء‏.‏
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 97170127
فقال الباشا‏:‏ أحب أن أرى ذلك‏.‏
فقال‏:‏ حبًا وكرامة تشرفونا يوم السبت‏.‏
فقال‏:‏ كذلك شهل روحك ونأتي صحبة سيدك والقاضي من غير زيادة وأدع أنت من شئت‏.‏
وقال الباشا لقيطاس بك‏:‏ تنزل في صبح يوم السبت إلى قراميدان فتأتيني هناك ونركب صحبة‏.‏
فقال‏:‏ كذلك‏.‏
فأرسل إبراهيم أبو شنب تلك الليلة تذكرة لقيطاس بك‏:‏ اقبل النصيحة ولا تذهب إلى قراميدان‏.‏
فلما قرأ التذكرة وأعرضها على كتخدا محمد آغا الكور فقال هذا‏:‏ عدو فلا تأخذ منه نصيحة فإنه لا يحب قربك من الباشا‏.‏
وفي الصباح ركب في قلة وذهب إلى قراميدان فوجد الباشا نزل وجلس بالكشك وأوقف أتباعه وعسكره‏.‏
فلما حضر قيطاس بك قال له الباشا من الشباك‏:‏ أطلع حتى يأتي القاضي ونركب سوية وخل الطوائف راكبين‏.‏
فنزل وطلع وجلس فهجم عليه أتباع الباشا وقتلوه بالخناجر وقطعوا رأسه ورموه لطائفته من الشباك‏.‏
وركب الباشا في الحال وطلع إلى القلعة‏.‏
فشاله أتباعه وذهبوا إلى بيته وذهبت طائفة إلى سبيل علام أخبروا محمد بك بقتل سيده فركب من ساعته وصحبته عثمان بك فأتوا صيوان قيطاس بك الأعور وكان طالعًا بالخزينة فعرفوه أن سيده قتله القاسمية بيد الباشا وطلبوه يركب معهم يأخذون بثأره فأتى وقال أنه قتل بأمر سلطاني والخزنة في تسليمي وأنتم فيكم البركة فساروا إلى بيت أستاذهم فوجدوا هناك حسن كتخدا النجدلي وناصف كتخدا القازدغلي وكور عبد الله جاويش وأخضروا رأس الصنجق مسلوخة وغسلوه وكفنوه وصلوا عليه بسبيل المؤمن ودفنوه بالقرافة وكرنك محمد بك قطامش تابعه هو وو عثمان بك بن سليمان بك بارم ذيله ولم يتم له أمر وهرب محمد بك إلى بلاد الروم وسيأتي خبره في ترجمته واختفى عثمان بك في بيت رجل مغربي حتى مات وكان إبراهيم بك أبو شنب يعرف مكانه ويرسل له مصروفًا وثارت فتنة عظيمة بعد قيطاس بك بين الينكجرية والعزب وهو أن حسن كتخدا النجدلي وناصف كتخدا وكور عبد الله جاويش أغراض قيطاس بك ملكوا باب مستحفظان في ذلك اليوم في شهر رجب وقتلوا كتخدا الوقت شريف حسين إبراهيم باش أوده باشه المعروف بكدك وكانوا يتهمونه في قتل قيطاس بك‏.‏
ثم في أواخر رمضان ملك باب مستحفظان محمد كتخدا كدك على حين غفلة ليأخذ ثار أخيه حسين وقتل حسن كتخدا النجدلي وناصف كتخدا القازدغلي وأنزلوا رممهما في صبحها إلى بيوتهم وهرب كور عبد الله ثم قبضوا عليه بعد ستة أيام وأحضروه وهو راكب على حصان وفي عنقه جنزير وعلى رأسه ملاءة فطلع به محمد بك جركس إلى الباشا فأمر به إلى محمد كدك بالباب فقتله وأرسل رمته إلى بيته بسوق السلاح وذلك في غاية رمضان سنة سبع وعشرين ومائة وألف‏.‏
ومات الأمير عبد الرحمن بك وكان أصله كاشف الشرقية وكان مشهورًا بالفروسية والشجاعة قلده الإمارة اسمعيل باشا والي مصر سنة سبع ومائة وألف هو ويوسف بك المسلماني‏.‏
فإنه لما وقع الفصل في تلك السنة وغنم الباشا أموالًا عظيمة من حلوان المحاليل والمصالحات فلما انقضى الفصل عمل عرسًا عظيمًا لختان أولاده في سنة ثمان ومائة وألف وهادنه الأعيان والأمراء والتجار بالهدايا والتقادم وكان مهمًا عظيمًا أستمر عدة أيام لم يتفق نظيره لأحد من ولاة مصر نصبوا في ديوان الغوري وقاتباي الأحمال والقناديل وفرشوهما بالفرش الفاخرة والوسائد والطنافس وأنواع الزينة ونصبوا الخيام على حوش الديوان وحوش السراية وعلقوا التعاليق بها وخيام تركية وأتصل ذلك بأبواب القلعة التحتانية إلى الرميلة والمحجر ووقف أرباب العكاكيز وكتخدا الجاوشية وآغات المتفرقة والأمراء وباشجاويش الينكجرية والعزب والآغا الوالي والمحتسب الجميع ملازمون للخدمة وملاقاة المدعوين وفي أوسلعهم الحازم الزردخان وأبو اليسر الجنكي ملازم بديوان الغوري ليلًا ونهارًا وجنك اليهود بديوتن قايتباي وأرباب الملاعيب والبهلوانيين والخيالة بالحيشان وأبواب القلعة مفتوحة ليلًا ونهارًا وأصناف الناس على اختلاف طبقاتهم وأجناسهم أمراء وأعيان وتجار وأولاد بلد طالعين نازلين للفرجة ليلًا ونهارًا‏.‏
وختن مع أولاده عند انقضاء المهم مائتي غلام من وأولاد الفقراء ورسم لكل غلام بكسوة ودراهم ودعوا في أول يوم المشايخ والعلماء وثاني يوم أرباب السجاجيد والرق وثالث يوم الأمراء والصناجق ثم الآغوات والوجاقلية والاختيارية والجربجية وواجب رعايات الأبواب كل طائفة يوم مخصوص بهم ثم التجار وخواجات الشرب والغورية ثم القاقجية والعقادين والقوافين ومغاربة طيلون وأرباب الحرف ومجاوري الأزهر والعميان بوسط حوش الديوان غدوا وعشيًا‏.‏
ثم خلع الخلع والفراوي وأنعم بحصص وعتامنة على أرباب الديوان والخدم وكذلك كساوي للجنك وأرباب الملاهي والبهلوانيين والطباخين والمزينين وإنعامات وبقاشيش‏.‏
ولما تم وانقضى المهم قال الباشا لإبراهيم بك وحسن أفندي وكانا خصيصين به‏:‏ أريد أقلد إمارة صنجقين لشخصين يكونان إشراقين ويكونان شجاعين قادرين‏.‏
فوقع الاتفاق على يوسف آغا المسلماني وعبد الرحمن آغا كاشف الشرقية‏.‏
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 97170127عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 97170127
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوجهاد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
أبوجهاد


وسام التميز لونه طوبى
العمر : 47
الدولة : مصر الحبيبة
ذكر الجدي النمر
عدد المساهمات : 1133
نقاط : 2247
تاريخ الميلاد : 20/01/1963
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
العمر : 61
العمل/الترفيه : طالب علم
تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالأربعاء مارس 24, 2010 8:34 am


بسم الله الرحمن الرحيم

أختي الحبيبة منتدى الرحمة والمغفرة هو منتداي؟
أختي الحبيبة
الدعوة إلي الله شرف وفضل وتاج يوضع علي الرؤوس وهي مهمة الأنبياء والرسل والدعوة إلي الله ليس لها مكان ولا زمان سواء في الشرق او الغرب المهم هي إيصال الكلمة إلي المسلم الحيران
والله الذي لا اله إلا هـــــــــــو انك أخت في الله ؟
وأدعو الله ان يتقبل الله عمرتك وتكون عمرة مبرورة ؟
وتسفري بالسلامة وتجنا بألف سلامة مغفور لكي

أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه والله أختي أكتب هذه الرسالة والدمع يسيل من عيني

لا اله الا الله محمد رسول الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالأربعاء مارس 24, 2010 6:45 pm

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Qupnejfwbh5z

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Dsfsdfsdfs



عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 43534534

_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
‏جمال جمال‏

‏جمال جمال‏


الدولة : مصر
ذكر عدد المساهمات : 726
نقاط : 824
تاريخ التسجيل : 08/10/2009

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين أبريل 26, 2010 9:08 pm

مشكور اخى على الموضو القيم ولكن طويل يتحاج ارجع له مرة اخرى

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 504876
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حواء
عضو نشيط
عضو نشيط
حواء


الدولة : مصر
التوقيع : الحمد الله انثى عدد المساهمات : 780
نقاط : 865
تاريخ التسجيل : 30/04/2010
تعاليق : الحمد الله رب العالمين

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالإثنين مايو 24, 2010 12:38 am

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 759721
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مادو

مادو


الدولة : مصر
التوقيع : لا اله الا الله انثى عدد المساهمات : 985
نقاط : 1143
تاريخ التسجيل : 07/01/2010

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالخميس يونيو 03, 2010 8:24 am

اشكرك

جزاك الله خيرا اخى ابو جهاد واعذرنى لم اقرأ الموضوع كلةعجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) 825887
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )   عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 ) Icon_minitimeالخميس أكتوبر 27, 2011 8:56 pm

كل التقدير لكم
شكرا لمروركم و ردكم الرائع
ومنكـم..نستفيد دوما..هنا وهناك
تقديري و تحياتي
مع الاحترام

_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
 
عجائب الأثار في التراجم والأخبار ( عبد الرحمن الجبرتي )(1 )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جولة حول العالم ... منتدى الأثار السياحية
» عجائب وغرااااااائب
» عجائب مكونات جسم الإنسان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~ :: منتدى التاريخ الإسلامي والغزوات الإسلامية :: ساحة التاريخ الإسلامى العام-
انتقل الى: