| فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
نبيلة محمود خليل مديرة موقع الرحمة والمغفرة
الدولة : مصر عدد المساهمات : 17810 نقاط : 28623 تاريخ التسجيل : 31/08/2009 العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة المزاج : الحمد الله تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها
| موضوع: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ الخميس يونيو 10, 2010 8:51 pm | |
| ســؤال وجــواب في الإســلام ـــــــــبسم الله الرحمن الرحيم إخوتي أخواتي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله أوقاتكم بكل خير ــــــــــــــــــــ مدخل أضع الموضوع بين أيدي إدارتنا الموقرة ومشائخنا الأجلاء فإن رأيتم فيه ما يفيد أتمنى بأن يتم تثبيته وإن رأيتم فيه مخالفة لمنهاج المنتدى فلكم الحرية في حذفه أو حذف ما يراه مشائخنا مخالف لمنهج ديننا الحنيف
الموضوع
تصل إلي بريدي الالكتروني العديد من الفتاوي الشرعية من كبار العلماء المجازين في الفتوى . وهذه الفتاوي هي رد على أسئلة المسلمين في مختلف الأمور وجميع المواضيع ..
وتعميما للفائدة رأيت نشر هذه الفتاوي ليستفيد منها أعضاء المنتدى والزوار ..
والسؤال مفتاح العلم كما يقولون وقد أمر الله سبحانه وتعالى بسؤال العلماء عند الجهل بموضوع أو أمر معين وعدم العلم به .
قالى تعالى : ْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ سورة النحل الآية 43 وسورة الأنبياء الآية 7
أرجو أن تستفيدوا من هذه الفتاوي
تابعونا .....
_________________ اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
| |
|
| |
نبيلة محمود خليل مديرة موقع الرحمة والمغفرة
الدولة : مصر عدد المساهمات : 17810 نقاط : 28623 تاريخ التسجيل : 31/08/2009 العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة المزاج : الحمد الله تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها
| موضوع: رد: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ الخميس يونيو 10, 2010 8:57 pm | |
| هل الملائكة مخيرون أم مسيرون ؟ السؤال: هل الملائكة مخيرون أم مسيرون ؟!
الجواب : الحمد لله أولا : إطلاق هذا السؤال : هل العبد مسير أو مخير ، لم يكن معروفا في كلام المتقدمين ؛ لحرصهم على التقيد بألفاظ الشرع ، وعدم الخروج عنها ، مع كونهم أهل لسان وفصاحة وحكمة . قال ابن عثيمين رحمه الله : " هذه العبارة لم أرها في كتب المتقدمين من السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم ، ولا في كلام الأئمة ، ولا في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ، أو ابن القيم أو غيرهم ممن يتكلمون ، لكن حدثت هذه أخيرا ، وبدءوا يطنطنون بها : " هل الإنسان مسير أم مخير؟ " انتهى . مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (3 / 215)
وسئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله : هل الإنسان مسير أم مخير ؟ فأجاب : " هذا اللفظ لم يرد في الكتاب ولا في السنة ، بل الذي دلاَّ عليه أن الإنسان له مشيئة ويتصرف بها ، وله قدرة على أفعاله ، ولكن مشيئته محكومة بمشيئة الله كما قال تعالى : ( لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير/28، 29 فليست مشيئته مستقلة عن مشيئة الله ، ولفظ : مخير ومسير . لا يصح إطلاقهما ، فلا يقال : الإنسان مسير . ولا يقال : إنه مخير . بل لابد من التفصيل ، فإن أريد أنه مسير بمعنى أنه مجبور ولا مشيئة له ، ولا اختيار ، فهذا باطل ، وإن أريد أنه مسير بمعنى أنه ميسر لما خلق له ، وأنه يفعل ما يفعل بمشيئة الله وتقديره ، فهذا حق ، وكذلك إذا قيل إنه مخير وأريد أنه يتصرف بمحض مشيئته دون مشيئة الله ، فهذا باطل ، وإن أريد أنه مخير بمعنى أن له مشيئة واختيارًا وليس بمجبر ، فهذا حق " انتهى من موقع الشيخ .
وقال علماء اللجنة : " الإنسان مخير ومسير ، أما كونه مخيرا فلأن الله سبحانه أعطاه عقلا وسمعا وبصرا وإرادة فهو يعرف بذلك الخير من الشر والنافع من الضار ، ويختار ما يناسبه ، وبذلك تعلقت به التكاليف من الأمر والنهي ، واستحق الثواب على طاعة الله ورسوله والعقاب على معصية الله ورسوله . وأما كونه مسيرا فلأنه لا يخرج بأفعاله وأقواله عن قدر الله ومشيئته " انتهى . "فتاوى اللجنة الدائمة" (3 / 514)
وهذا يعني أن من له مشيئة وإرادة فهو مخير ، ولكن لا تخرج مشيئته وإرادته عن مشيئة وإرادة الله .
ومعلوم أن الملائكة لهم إرادة ومشيئة ، ولكنهم ليسوا في ذلك كالجن والإنس ، فهم مجبولون على الطاعة والإيمان ، وقد جاءت النصوص بأنهم يحبون ويكرهون ، وأنهم يستغفرون للذين آمنوا ، ويستغفرون لمنتظري الصلاة ، ويدعون للمنفقين بالخلف ، ويدعون على الممسكين بالتلف ، إلى غير ذلك . وقال الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/30 هذا مع قولهم : ( سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ) البقرة/32 فلم يمنع قصر علمهم على ما علمهم الله أن يقولوا : ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) وهو ما يدل على إرادتهم ومشيئتهم .
وروى البخاري (1339) ومسلم (2372) – واللفظ له - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أنه َقَالَ : ( جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ : أَجِبْ رَبَّكَ . قَالَ فَلَطَمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا ، قَالَ فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ : إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ ، وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي . قَالَ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ ) ... الحديث . فرجوع ملك الموت عليه السلام إلى الله تعالى ، وقوله : ( إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ ) دليل على أن له إرادة ومشيئة ، وليس في الحديث أنه كان يعلم ذلك سلفا .
وقال الإمام أحمد (10521) حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ وَيُونُسُ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ يُونُسُ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَدْ كَانَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَأْتِي النَّاسَ عِيَانًا ، قَالَ فَأَتَى مُوسَى فَلَطَمَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَأَتَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ : يَا رَبِّ عَبْدُكَ مُوسَى فَقَأَ عَيْنِي ، وَلَوْلَا كَرَامَتُهُ عَلَيْكَ لَعَنُفْتُ بِهِ . وَقَالَ يُونُسُ : لَشَقَقْتُ عَلَيْهِ ... ) الحديث . صححه الألباني في "مختصر العلو" (ص75) فقوله : ( وَلَوْلَا كَرَامَتُهُ عَلَيْكَ لَعَنُفْتُ بِهِ ) أو ( لَشَقَقْتُ عَلَيْهِ ) دليل على أن له إرادة واختيار .
وروى البخاري (3470) ومسلم (2766) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ ، فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً . ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ ، فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ . فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ ؛ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ . فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ ، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ . فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ ، فَقَالَ : قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ . فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ ، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ ) .
فهذا يدل على أنهم مخيرون ، ولهم إرادة في الفعل ومشيئة ، إلا أن ذلك منهم على وجه العصمة ، وعدم الخروج عما خلقوا لأجله من طاعة الله تعالى وعدم المخالفة .
وأمثال هذه النصوص كثير لا يحصى .
فالصواب أن يقال : نَصِفُ ملائكة الرحمن سبحانه وتعالى بما وصفهم به الله ، ونقتصر عليه ، ولا حاجة بنا إلى اختراع ألفاظ موهمة ، والاختلاف حولها ، والانشغال بذلك بما يوقع في الجدال والشقاق والنزاع . ولا أسلم ولا أغنم من اتباع ألفاظ الشرع والاقتصار عليها . قال الله عز وجل : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) الأنبياء / 26 - 29 وقال تعالى : ( عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/ 6 وقال تعالى : ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) التكوير / 19 - 21 قال ابن كثير رحمه الله : " أي : له وجاهة ، وهو مسموع القول مطاع في الملأ الأعلى . قال قتادة : ( مُطَاعٍ ثَمَّ ) أي : في السموات ، يعني : ليس هو من أفناد الملائكة ، بل هو من السادة والأشراف ، مُعتَنى به ، انتخب لهذه الرسالة العظيمة . وقوله : ( أَمِينٍ ) صفة لجبريل بالأمانة ، وهذا عظيم جدا أن الرب عز وجل يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل كما زكى عبده ورسوله البشري محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله : ( وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ) . "تفسير ابن كثير" (8 / 339)
ولكن هذا لا يمنع من القول بأن الملائكة عليهم السلام مخيرون ، غير أنهم لا يخرجون عن طاعة الله تعالى ؛ لأنهم مجبولون عليها ، مخلوقون لها ، ليس العصيان من صفاتهم . كما أنهم مسيرون فيما لا قدرة لهم فيه ، كالحال في غيرهم من مخلوقات الله . وينظر جواب السؤال رقم (138506) .
والله أعلم .
_________________ اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
| |
|
| |
نبيلة محمود خليل مديرة موقع الرحمة والمغفرة
الدولة : مصر عدد المساهمات : 17810 نقاط : 28623 تاريخ التسجيل : 31/08/2009 العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة المزاج : الحمد الله تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها
| موضوع: رد: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ الخميس يونيو 10, 2010 9:00 pm | |
| هل للملائكة إرادة واختيار ؟ وهل يمكن أن تقع منهم معصية ومخالفة لخالقهم ؟
السؤال: سؤالي هو : هل تطيع الملائكة الله من تلقاء إرادتهم الحرة ؟ فقد أخبرني أحد الإخوة بأن للملائكة إرادة ، واختياراً حرة لكي تطيع ، أو تعصي أوامر الله ، لكنهم اختاروا الطاعة دائماً ، والأدلة التي قدمها ليوضح أن لديهم إرادة حرة كانت الآية رقم 30 من سورة البقرة فقد قال : إن الملائكة تحدثت من تلقاء نفسها دون أن تتلقى أمراً من الله بالحديث ، كما كان الحديث الذي يقول بقيام جبريل بتلقيم فم فرعون دليلاً آخر قدمه لي ، فقد قال : إن جبريل قام بذلك لأنه خشي أن تلحق رحمة الله فرعون , وأنه لم يكن مأموراً من الله بذلك , وقدم دليلاً منطقيّاً آخر بأنه إذا كانت الملائكة كالدمى ، أو الإنسان الآلي : فإنها لم تكن في هذا الحال جديرة بالثناء , وأنا أطرح هذا السؤال لأن الشيخ " عمر سليمان الأشقر " كتب في كتابه عن الملائكة بأنهم ليس لديهم القدرة على عصيان الله ، كما تكرر هذا القول في كتاب الإمام السيوطي " الحبائك في أخبار الملائك " حيث يقول : بأن الملائكة معصومون كما تم رواية الرأي القائل بأن الملائكة ليس لديها إرادة حرة عن الصحابي عبد الله بن سلام ( الحاكم فى " مستدرك الصحيحين " ، ووافقه الذهبي ) . رجاء هل بوسعكم توضيح أي الرأيين هو الرأي الصحيح وفقاً للقرآن والسنَّة ؟ .
الجواب : الحمد لله أولاً: من أركان الإيمان بالله تعالى : الإيمان بالملائكة المقرَّبين . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ : مَا الْإِيمَانُ ؟ قَالَ : الْإِيمَانُ : أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ ، قَالَ : مَا الْإِسْلَامُ ؟ قَالَ : الْإِسْلَامُ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ ، قَالَ : مَا الْإِحْسَانُ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ) رواه البخاري ( 50 ) ومسلم ( 9 ) . وانظر جواب السؤال رقم ( 14610 ) للوقوف على بعض الاعتقادات في الملائكة الكرام . ثانياً: الملائكة خلق من خلق الله , وعباد من عباده ، مفطورون على العبادة ، ومجبولون عليها , والأدلة على ذلك كثيرة من الكتاب والسنة , منها : قوله تعالى : ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/ 6 ، وقال تعالى : ( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) النحل/ 50 . قال القرطبي – بعد أن ذكر قصة هاروت وماروت ما روي عن قصتهما من روايات أهل الكتاب , وأنه وقع منهم المعصية بعد أن ركَّب الله فيهما الشهوة – : هذا كله ضعيف ، وبعيد عن ابن عمر وغيره ، لا يصح منه شيء ؛ فإنه قول تدفعه الأصول ، في الملائكة الذين هم أمناء الله على وحيه ، وسفراؤه إلى رسله ، ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/ 6 ، ( بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ . لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) الأنبياء/ 26 ، 27 ، ( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ ) الأنبياء/ 20 . وأما العقل : فلا يُنكِر وقوع المعصية من الملائكة , ويوجد منهم خلاف ما كلفوه ، ويخلق فيهم الشهوات ، إذ في قدرة الله تعالى كل موهوم ، ومن هذا : خوف الأنبياء ، والأولياء الفضلاء العلماء ، ولكن وقوع هذا الجائز لا يُدرك إلا بالسمع ، ولم يصح . " تفسير القرطبي " ( 2 / 52 ) . أي : لم يصح وقوع المعصية منهم . وقال ابن القيم - رحمه الله - : ولفظ الملَك يشعر بأنه رسول منفِّذ لأمر غيره ، فليس لهم من الأمر شيء ، بل الأمر له لله الواحد القهار , وهم ينفذون أمره ( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ . يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) الأنبياء/ 27 ، 28 ، ( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) النحل/ 50 ، ( لاَ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُم وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/ 6 ، ولا تتنزل إلا بأمره ، ولا تفعل شيئا إلا من بعد إذنه ، فهم عباد له مكرمون ، منهم الصافُّون , ومنهم المسبحون ، ليس منهم إلا من له مقام معلوم لا يتخطاه , وهو على عمل قد أُمر به لا يقصر عنه ولا يتعداه ، وأعلاهم : الذين عنده سبحانه ، لا يستكبرون عن عبادته ، ولا يستحسرون ، يسبحون الليل والنهار لا يفترون . " إغاثة اللهفان " ( 2 / 127 ) . ومما يؤكد هذا المعنى : أن الله تعالى رفع منهم الشهوة , التي هي داعية الذنب ، والمعصية ، والهوى . قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : كما قال أبو بكر عبد العزيز - من أصحابنا - وغيره : خُلقَ للملائكة عقولٌ بلا شهوة , وخُلق للبهائم شهوة بلا عقل , وخُلق للإنسان عقل وشهوة ، فمَن غلب عقلُه شهوتَه : فهو خير من الملائكة , ومَن غلبت شهوتُه عقلَه : فالبهائم خير منه . " مجموع الفتاوى " ( 15 / 428 ، 429 ) . وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - : وحجة من قال : إن أصله - أي : إبليس - ليس من الملائكة : أمران : أحدهما : عصمة الملائكة من ارتكاب الكفر الذي ارتكبه إبليس ، كما قال تعالى عنهم : ( لاَّ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/ 6 ، وقال تعالى : ( لاَ يَسْبِقُونَهُ بالقول وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) الأنبياء/ 27 . " أضواء البيان " ( 3 / 356 ) ، وينظر : " مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 1 / 233 ) . ثالثاً: ليس معنى عصمة الملائكة عن المعصية أنهم لا اختيار لهم ، أو أنهم يحركون نحو الطاعة بلا قدرة منهم ولا اختيار ، وإنما هم في ذلك كالدمى ، أو الإنسان الآلي ، على نحو ما ورد في السؤال ؛ فحاشا ملائكة الله المكرمين عن ذلك المقام ؛ بل إنما ذكر الله تعالى عصمتهم عن المعصية في مقام مدحهم والثناء عليهم ، ومعلوم أن من لا قدرة له على الطاعة ، ولا اختيار له : لا يمدح بذلك ، وإنما يمدح من يقدر على الأمرين ؛ فأنبياء الله ورسله من البشر معصومون من الكفر والكذب والفواحش ـ مثلا ـ بالإجماع ، ولا يعني ذلك أنهم لا قدرة لهم على الإيمان والكفر ، أو أنهم لم يفعلوا ما فعلوه من الإيمان والطاعات اختيارا ، ولا أنهم تركوا ما تركوه من الكفر والفواحش اختيارا ؛ بل هم مختارون لذلك ، ومعصومون من ضده ، لكمال توفيق الله له م في عامة الأحوال . فهكذا الملائكة المكرمون : وفقهم الله تعالى للطاعة في جميع أحوالهم وأوقاتهم ، وعصمهم من المعصية ، لكن ذلك لا يعني أنهم غير مختارين لذلك ولا ممدوحين به ، كما أن الشياطين مخذولون في عامة أحوالهم ، فلا يختارون الإيمان ولا الطاعات ، مع أن لهم القدرة عليها ، وهم مذمومون بما هم فيه من الكفر والعصيان ، معاقبون على اختياره وفعله . قال الإمام ابن حزم رحمه الله : " وقال بعض السخفاء : إن الملائكة بمنزلة الهواء والرياح . [ يعني : أنهم لا اختيار لهم ] . قال أبو محمد [ هو ابن حزم ] : وهذا كذب وقحة وجنون ، لأن الملائكة بنص القرآن والسنن وإجماع جميع من يقر بالملائكة من أهل الأديان المختلفة : عقلاء متعبدون ، منهيون مأمورون ، وليس كذلك الهواء والرياح لكونها لا تعقل ولا هي مكلفة متعبدة ، بل هي مسخرة مصرفة لا اختيار لها ... " انتهى . "الفصل في الملل والأهواء والنحل" ، بن حزم (5/17) . قال الشيخ عمر الأشقر – حفظه الله - : ويمكن أن نقول : إن الملائكة ليسوا بمكلفين بالتكاليف نفسها التي كلف بها أبناء آدم ، أما القول بعدم تكليفهم مطلقاً : فهو قول مردود ، فهم مأمورون بالعبادة ، والطاعة : ( يَخَافُونّ رَبَّهُم مِنْ فَوْقِهِم وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) النحل/ 50 ، وفي الآية أنهم يخافون ربهم ، والخوف نوع من التكاليف الشرعية ، بل هو من أعلى أنواع العبودية ، كما قال فيهم : ( وَهُمْ مِن خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) الأنبياء/ 28 . " عالم الملائكة الأبرار " ( ص 21 ) . ولا شك أن التكليف إنما هو فرع على العقل والعلم والقدرة والاختيار ، فثبت بهذا الإجماع الذي نقله الإمام ابن حزم رحمه الله أنهم مختارون لما هم فيه من الطاعة ، مأمورون منهيون ، لهم القدرة على ذلك ، وتوالى توفيق الله لهم ، فلا يختارون ما فيه معصية لربهم . وما يدل على ذلك ، مع ما سبق ذكره وتقريره من الأدلة : 1. قوله تعالى ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/ من الآية 6 . ولا يسمَّى العاصي عاصياً إلا حيث يتعمد فعل المعصية ، وكذا ترك الأمر ، ولو كان الملائكة عاجزين بطبعهم عن ذلك لما أثنى الله عليهم بفعل الأوامر ، ولما سمَّى ما عجزوا عنه معصية . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : العاصي هو الممتنع من طاعة الأمر مع قدرته على الامتثال ، فلو لم يفعل ما أمر به لِعجزه : لم يكن عاصياً ، فإذا قال : ( لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ ) : لم يكن في هذا بيان أنهم يفعلون ما يؤمرون ؛ فإن العاجز ليس بِعاصٍ ، ولا فاعل لما أمر به ، وقال : ( وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) ليبين أنهم قادرون على فعل ما أمروا به ، فهم لا يتركونه ، لا عجزاً ، ولا معصية ، والمأمور إنما يترك ما أمر به لأحد هذين ، إما ألا يكون قادراً ، وإما أن يكون عاصياً لا يريد الطاعة ، فإذا كان مطيعاً يريد طاعة الآمر وهو قادر : وجب وجود فعل ما أمر به ، فكذلك الملائكة المذكورون ، لا يعصون اللّه ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون . " مجموع الفتاوى " ( 13 / 61 ) . 2. حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ – أي : في المنام - فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ رَبِّ وَسَعْدَيْكَ ، قَالَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى ؟ قُلْتُ : رَبِّ لَا أَدْرِي ) الْحَدِيثَ ، ويؤيده قوله تعالى ( مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَأِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) ص/ 69 ، فقد أثبت الله تعالى ها هنا اختصام الملائكة ، وهو ما يحدث من جدال بينهم في بعض المسائل التي ذُكرت في الحديث وهي : الدرجات ، والكفارات . وانظر الحديث وشرحه في جواب السؤال رقم : ( 1863 ) . 3. حديث الذي قتل مئة نفس ، ثم تاب ، ولما مات اختصمت فيه ملائكة الرحمة ، وملائكة العذاب ، حتى بعث الله تعالى ملَكاً يحكم بينهم ، وهو في الصحيحين . وانظر في جواب السؤال رقم : ( 65621 ) . فادِّعاء أنهم كالدمى ، أو كالإنسان الآلي : قول عارٍ عن الصحة ، وبعيد عن الحقيقة ، وأجنبي عن التحقيق العلمي ، وما أحراه بما وصفه به الإمام ابن حزم رحمه الله : أنه كذبة سخيفة ، كما سبق نقله عنه . بل هم عبادٌ مُكرمون ، لهم إرادة ، ولهم طاعات متفاوتة ، ولهم عبادات متنوعة ، وإن كانوا لا يعصون الله البتة . رابعاً: وأما حديث عبد الله بن سلام الذي أشار إليه السائل ، فنصه : عَنْ بِشْر بنِ شَغَافٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ ، قَالَ : وَكُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : إِنَّ أَعْظَمَ أَيَّامِ الدُّنْيَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ ، وَإِنَّ أَكْرَمَ خَلِيقَةِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : قُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَأَيْنَ الْمَلائِكَةُ ؟ قَالَ : فَنَظَرَ إِلَيَّ وَضَحِكَ ، وَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ، هَلْ تَدْرِي مَا الْمَلائِكَةُ ؟ إِنَّمَا الْمَلائِكَةُ خَلْقٌ كَخَلْقِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، وَالرِّيَاحِ ، وَالسَّحَابِ ، وَسَائِرِ الْخَلْقِ الَّذِي لاَ يَعْصِي اللَّهَ شَيْئًا . رواه الحاكم في " المستدرك " ( 4 / 612 ) ، والبيهقي في " دلائل النبوة " ( 5 / 485 ) ، و"شعب الإيمان" (1/309ـ رقم 148) . وهذا الحديث موقوف على عبد الله بن سلام ، كما هو ظاهر ، وليس مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم ، وليس فيه ما يؤيد قول المخالف على القطع ، بل على الاحتمال ، والاحتمال الآخر أنه يريد بأن الملائكة عليهم السلام لا يصدر منهم معصية ، بل هم ينفذون أمر الله إليهم ، كما تنفذه السماء ، والأرض ، وهذا موافق لما ذكرناه سابقاً ، وليس معناه أنه لا إرادة لهم . وما سبق ذكره من الأدلة من الكتاب والسنة ، وأشباه ذلك ، قاطع في بيان أن لهم إرادة واختيارا ، وهو ما حكى ابن حزم الإجماع عليه . والله أعلم .
_________________ اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
| |
|
| |
نبيلة محمود خليل مديرة موقع الرحمة والمغفرة
الدولة : مصر عدد المساهمات : 17810 نقاط : 28623 تاريخ التسجيل : 31/08/2009 العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة المزاج : الحمد الله تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها
| موضوع: رد: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ الخميس يونيو 10, 2010 9:02 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم حكم التسمية بـ برحمة أو آية أو فرقان أو همة أو بيان أو تقى أو مؤيد بالله
السؤال: ما حكم التسمي بهذه الأسماء – تفاؤلا بها - : رحمة ، آية ، فرقان ، همة ، بيان ، تقى ، مؤيد بالله .
الجواب : الحمد لله أولا : أما اسم " رحمة " فمن الأسماء الطيبة المباركة ، يرجى لحامله أن يكون رحمة على والديه وأسرته وأمته ، وأن ينال بذلك رحمة الله عز وجل ، ولذلك نص بعض أهل العلم على اختيار التسمي به ، كما في " تسمية المولود " للعلامة بكر أبو زيد رحمه الله (ص/31). ثانيا : أما اسم " آية " فلا حرج فيه أيضا ، ولا شك أن جميع مخلوقات الله هي من آياته الدالة على عظمته وقدرته عز وجل . ثالثا : وأما اسم " فرقان " فمكروه ، لأنه اسم سورة من سور القرآن ، وقد كره العلماء التسمي بأسماء القرآن وسوره . يقول ابن القيم رحمه الله : " ومما يمنع منه : التسمية بأسماء القرآن وسُوَرِه ، مثل : طه ، ويس ، وحم " انتهى. " تحفة المودود " (ص/127) رابعا : يجوز التسمي بـ " هِمَّة " ولا حرج ، ومعناه صحيح مقبول ، يبعث في النفس القوة والرغبة في بلوغ المعالي . خامسا : وأما اسم " بيان " فقد اختلفت فيه فتاوى أهل العلم المعاصرين على قولين : القول الأول : الكراهة . يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أما " بيان " فلا أرى أن يسمى به ، وكذلك " إيمان " ؛ لأن فيه شيئاً من التزكية ، و " أبرار " كذلك " انتهى. " لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/16، سؤال رقم/26) ويقول أيضا رحمه الله : " " بيان " نقول : لا تُسَمِّ به ؛ لأن " بيان " من أسماء القرآن ، وهذه المرأة ليست بياناً ، قد لا تكون مبيِّنة فضلاً عن كونها بياناً " انتهى. " لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/67، سؤال رقم/8) وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله السؤال الآتي : أحد الأخوان رزق بمولودة أسماها ( بيان ) ما الحكم في ذلك ، علما بأن عمر المولودة أكثر من سنة ، وقد سجلت في الأوراق الرسمية؟ فأجاب : أرى تغيير هذا الاسم ؛ حيث ذكر بعض المشايخ أنه لا يجوز ، وذلك لأنه اسم أو وصف للقرآن ، والأولى تغييره ولو بعد مضي سنة أو أكثر . والله أعلم " انتهى. نقلا عن موقع الشيخ رحمه الله : http://ibn-jebreen.c...ok=67&page=3778 القول الثاني : الجواز . يقول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله : " كثُر السؤال في عصرنا عن حكم تسمية المولود باسم " بيان " ، فمانع منه بعضهم ؛ لأنه من أسماء القرآن الكريم ، ويمتنع تسمية الآدميين بأسماء كلام الله المنزل على عبده ونبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم . وأفتيت من سألني بجواز تسمية المولود باسم : " بيان " وهو من الأسماء المشتركة بين الذكور والإناث مثل : " أسماء " و " خارجة " وغيرهما ؛ لأن هذا اللفظ : " بيان " ليس من أسماء القرآن الكريم ، وإنما هو وصف من أوصافه العظيمة ، مثل : " هدى ". ومن لطيف ما يستحضر أن عصرينا الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي المتوفى سنة 1410 هـ - رحمة الله تعالى - ألف كتاباً حافلاً في جزئين سماه : " الهدى والبيان في أسماء القرآن " فلو كانا اسمين للقرآن ؛ لما سمَّى كتابه بهما ، لكنهما من الأوصاف لا من الأسماء . ولا يؤثِّر على الجواز : أن أول من تكلَّم بالقدر في البصرة : بيان بن سمعان ، فكم في الرواة من اسمه : " بيان " ، ولم نسمع في التحاشي منه بخبر ، وانظر : " التقريب " للحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى- ففيه مَن اسمه " بيان " والله أعلم " انتهى. " معجم المناهي اللفظية " (ص/627) ولعل القول بالجواز أقرب ، لأنه الأصل ، ما لم يدل دليل على المنع منه ، وإن كان في الأسماء الطيبة المتفق عليها ما يغني عنه ، لا سيما في ابتداء التسمية ، فلا حاجة إلى أن يدخل نفسه في أمر يختلف أهل العلم في جوازه والمنع منه ، ما دامت له مندوحة عن ذلك . سادسا : وأما اسم " تقى "، و " المؤيد بالله " فيكره التسمي بها ، لما فيها من التزكية ، وقد سبق بيان كراهة التسمي بالأسماء التي يغلب فيها ملحظ التزكية ، وذلك في جواب السؤال رقم : (101401) ، (117474) وانظر جواب السؤال رقم : (1692) ، (7180) والله أعلم .
_________________ اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
| |
|
| |
نبيلة محمود خليل مديرة موقع الرحمة والمغفرة
الدولة : مصر عدد المساهمات : 17810 نقاط : 28623 تاريخ التسجيل : 31/08/2009 العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة المزاج : الحمد الله تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها
| موضوع: رد: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ الخميس يونيو 10, 2010 9:05 pm | |
| تسأل عن أسماء حسنة للإناث مع معانيها
أنا بحاجة لأسماء جيدة لأطفال بنات مع بيان معانيها .
الحمد لله أولاً : الأولاد هبات من الله تعالى ، أنعم بها على الوالدين ، وأوجب تجاههم حقوقا كثيرة عظيمة ، تبدأ باختيار الاسم الحسن الذي سيحمله فيما يستقبل من عمره . قال الماوردي رحمه الله في كتابه "نصيحة الملوك" (ص167) : " فإذا ولد المولود ، فإن من أول كراماته له وبره به أن يُحَلِّيَه باسمٍ حسنٍ ، فإن للاسم الحسن موقعاً في النفوس مع أول سماعه " انتهى باختصار . ثانيا : وهذه بعض الإرشادات التي يحسن الوقوف عليها قبل اختيار الاسم : 1- ليس من المستحب التمسك بأسماء جميع الصحابة أو الصحابيات ، فقد كان من أسمائهم ما هو مقبول معروف في محيطهم ، إلا أنه مستغرب في مجتمع آخر . وقد ذكر الماوردي في كلامه السابق شيئا مما يستحب في الأسماء ، ومنها : " أن يكون حسناً في المعنى ، ملائماً لحال المُسمَّى ، جارياً في أسماء أهل طبقته وملته وأهل مرتبته " انتهى . فعلى الوالدين أن يختاروا اسماً حسناً لولدهم ، ولا يكون شاذاً أو غريباً عن المجتمع الذي يعيشان فيه ، فإن غرابة الاسم قد تكون سبباً للاستهزاء به أو بصاحبه ، وقد يخجل صاحبه من ذكر اسمه أمام الناس . فمن أراد أن يتشبه بأسماء الصحابة والأنبياء والصالحين ، فليختر منها ما يناسبه ويناسب مجتمعه وقومه . 2- لا يلزم غير العرب أن يتسموا بالأسماء العربية ، والواجب هو الابتعاد عما يختص به أهل الديانات الأخرى من الأسماء ، وما يغلب استعماله في أهل تلك الديانة ، " كجرجس وبطرس ويوحنا ومتى ونحوها ، لا يجوز للمسلمين أن يتسموا بذلك ؛ لما فيه من مشابهة النصارى فيما يختصون به " نقلا عن "أحكام أهل الذمة" لابن القيم (3/251) أما إذا كان اسما أعجميا - غير عربي - ذا معنى حسن طيب ، فلا حرج من استعماله والتسمي به ، فقد كان الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يتسمون ويسمون أبناءهم بأسماء حسنة طيبة ، يأخذونها من عرفهم وعوائدهم ، ولا يلتزمون فيها العربية ، ومن ذلك : إسرائيل وإسحاق وموسى وهارون . 3- ينبغي اجتناب الأسماء القبيحة أو تلك التي تزكِّي أصحابها . قال الطبري رحمه الله – كما نقله ابن حجر في "فتح الباري" (10/577) - : " لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى ، ولا باسم يقتضي التزكية له ، ولا باسم معناه السب ، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص ، ولا يقصد بها حقيقة الصفة ، لكنَّ وجهَ الكراهة أن يسمع سامع بالاسم ، فيظن أنه صفة للمسمى ، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يُحوِّل الاسم إلى ما إذا دُعيَ به صاحبه كان صدقاً " انتهى . ومن أسماء الإناث التي أنكرها النبي صلى الله عليه وسلم اسم " عاصية " ، فغيره إلى " جميلة " كما رواه مسلم (2139) . ومن الأسماء المكروهة التي تشتهر في بعض بلاد المسلمين ، الأسماء المضافة إلى لفظ ( الدين ) أو ( الإسلام ) ، مثل : نور الدين ، أو عماد الدين ، أو نور الإسلام ، ونحو ذلك فقد كرهها أهل العلم للذكور والإناث ، لما فيها من تزكية صاحبها تزكية عظيمة قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله : " وذلك لعظيم منزلة هذين اللفظين ( الدين ) و ( الإسلام ) ، فالإضافة إليهما على وجه التسمية فيها دعوى فجة تُطل على الكذب ، ولهذا نص بعض العلماء على التحريم ، والأكثر على الكراهة ؛ لأن منها ما يوهم معاني غير صحيحة مما لا يجوز إطلاقه ، وكانت في أول حدوثها ألقاباً زائدة عن الاسم ، ثم استعملت أسماء " انتهى . "تسمية المولود" (ص/22) . 4- وفي أسماء الإناث : ينبغي اجتناب الأسماء التي فيها معانٍ تلحظ الشهوة ، مثل : فتنة أو فاتن ، وكذا ناهد أو ناهدة ( وهي التي ارتفع ثديها وبرز ) كما يجب تجنب تسمية الإناث بأسماء الملائكة ، لأن في ذلك تشبهاً بالمشركين في ظنهم أن الملائكة بنات الله . يقول الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله : " أما تسمية النساء بأسماء الملائكة ، فظاهر الحرمة ؛ لأن فيها مضاهاةً للمشركين في جعلهم الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن قولهم ، وقريب من هذا – يعني في الحرمة - تسمية البنت : ملاك ، ملكة " انتهى "تسمية المولود" (ص/24) . ثالثا : أما الأسماء المباحة المقترحة فهي كثيرة جدا ، ولا يمكن حصرها ، لكن نذكر شيئاً منها : آمنة : هي المطمئنة التي لا تخاف . شَيْماء : ذات الشيم والفضائل . أروى : أنثى الوعل ، وبمعنى أحسن وأبهى . عائشة : ذات حياة . أسماء : قيل مشتق من الوسامة وقيل من السمو وهو العلو . ريم الغزال شديد البياض . عالية : من الرفعة والعلو . جويرية : تصغير جارية ، وهو اسم إحدى زوجات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رحمة : هي اللين والشفقة . بسمة : انفراج الشفتين تعبيرا عن السرور . رزان : الوقور من النساء . عفاف : من العفة والطهارة والنزهة. زينب : شجرة طيبة الرائحة . سارة : تضفي السرور على النفس . ميمونة : هي المرأة المباركة . رانية : مطيلة النظر مع سكون الطرف . سعاد : التوفيق واليمن والبركة ، ونقيض الشقاء. مريم : اسم عبري بمعنى مرتفعة أو سيدة البحر . سلمى : امرأة ناعمة الأطراف ، ومن السلامة أيضا. نورة : قبس من الضوء . سُمَيَّة : تصغير سماء، بمعنى سامية عالية رفيعة الشأن هاجر : الجيد الحسن ، والفائق على غيره. والله أعلم بسم الله الرحمن الرحيم
حكم التسمي بـ (أواب)
ولد لي مولود ذكر ، وقد اخترت له أسم (أواب) ما رأيكم في هذا الاسم ؟
الحمد لله يكره التسمي بما فيه معنى التزكية للنفس ، كتقي وبار وأواب ونحو ذلك ؛ لما روى البخاري (192) ومسلم (2141) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ ، فَقِيلَ : تُزَكِّي نَفْسَهَا ، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ .
وروى مسلم (2142) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ : سَمَّيْتُ ابْنَتِي بَرَّةَ ، فَقَالَتْ لِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الِاسْمِ ، وَسُمِّيْتُ بَرَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ ) فَقَالُوا : بِمَ نُسَمِّيهَا ؟ قَالَ : ( سَمُّوهَا زَيْنَبَ ). فسبب الكراهة ما في الاسم من تزكية للنفس ومدحها . قال النووي رحمه الله : " مَعْنَى هَذِهِ الْأَحَادِيث تَغْيِير الِاسْم الْقَبِيح أَوْ الْمَكْرُوه إِلَى حَسَن , وَقَدْ ثَبَتَ أَحَادِيث بِتَغْيِيرِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاء جَمَاعَة كَثِيرِينَ مِنْ الصَّحَابَة , وَقَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِلَّة فِي النَّوْعَيْنِ , وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا , وَهِيَ التَّزْكِيَة , أَوْ خَوْف التَّطَيُّر (التشاؤم)" انتهى من شرح مسلم .
وقال ابن القيم رحمه الله : " وثبت عنه أنه غَيَّر اسم عاصية ، وقال : أنت جميلة . وكان اسم جويرية برة ، فغيّره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باسم جويرية . وقالت زينب بنت أم سلمة : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمى بهذا الاسم . فقال : لا تزكوا أنفسكم ، الله أعلم بأهل البر منكم " انتهى من "زاد المعاد" (2/306).
وقال في "تحفة المودود" ص 133 : " وكما أن تغيير الاسم يكون لقبحه وكراهته ، فقد يكون لمصلحة أخرى مع حسنه ، كما غير اسم برة بزينب كراهة التزكية ، وأن يقال : خرج من عند برة ، أو يقال : كنت عند برة ؟ فيقول : لا ، كما ذكر في الحديث " انتهى . وعلى هذا ؛ فعليك تغيير هذا الاسم إلى اسم حسن ، ليس فيه مخالفة للشرع . ولمزيد الفائدة ينظر جواب السؤال رقم (7180) و (1692) .
والله أعلم .
_________________ اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
| |
|
| |
نبيلة محمود خليل مديرة موقع الرحمة والمغفرة
الدولة : مصر عدد المساهمات : 17810 نقاط : 28623 تاريخ التسجيل : 31/08/2009 العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة المزاج : الحمد الله تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها
| موضوع: رد: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ الخميس يونيو 10, 2010 9:09 pm | |
| الأسماء المحرمة والمكروهة
هل هنالك أسماء ممنوعة شرعا لا يجوز التسمية بها ؟ وما هي ؟.
الحمد لله نعم هناك أسماء ممنوعة شرعاً لا يجوز التسمية بها ومن أمثلـة ذلك : (1) تحرم التسمية بكل اسم خاص بالله سبحانه وتعالى ، كالخالق والقدوس ، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى كملك الملوك وهذا محل اتفاق بين الفقهاء . وأورد ابن القيم فيما هو خاص بالله تعالى : الله والرحمن والحكم والأحد ، والصمد ، والخالق ، والرزاق ، والجبار ، والمتكبر ، والأول ، والآخر ، والباطن ، وعلام الغيوب . تحفة المودود ص 98 . ومما يدل على حرمة التسمية بالأسماء الخاصة به سبحانه وتعالى كملك الملوك مثلاً : ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه – ولفظه في البخاري – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أخنى الأسماء يوم القيامة عند الله رجل تسمى ملك الملوك " . حديث رقم ( 2606 ) ولفظه في صحيح مسلم : " أغيظ رجل على الله يوم القيامة ، أخبثه واغيظه عليه : رجل كان يسمى ملك الأملاك ، لا ملك إلا الله " . حديث رقم ( 2143 ) أما التسمية بالأسماء المشتركة التي تطلق عليه تعالى وعلى غيره فيجوز التسمي بها كعليّ ولطيف وبديع . قال الحصكفي : ويراد في حقّنا غير ما يراد في حق الله تعالى . (2) وتحرم التسمية بالأسماء التي لا تليق إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم كسيد ولد آدم ، وسيد الناس ، وسيد الكل ، لأن هذه الأسماء كما ذكر الحنابلة لا تليق إلا به صلى الله عليه وسلم . (3) وتحرم التسمية بكل اسم معبد مضاف إلى غير الله سبحانه وتعالى كعبد العزى ، وعبد الكعبة ، وعبد الدار ، وعبد علي ، وعبد الحسين ، وعبد المسيح أو عبد فلان ... إلخ . حاشية ابن عابدين 5/268 ، ومغني المحتاج 4/295 ، وتحفة المحتاج 10/373 ، وكشاف القناع 3/27 ، وتحفة المودو ص 90 . هذا والدليل على تحريم التسمية بكل معبّد مضاف إلى غير الله سبحانه وتعالى ما رواه ابن أبي شيبة عن يزيد بن المقدام بن شريح عن أبيه عن جده هانئ بن يزيد رضي الله عنه قال : " وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قوم ، فسمعهم يسمون : عبد الحجر ، فقال له : ما اسمـك ؟ فقال : عبد الحجر ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما أنت عبد الله " من الموسوعة الفقهية 11/335 (4) التسمي بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله . (5) ويحرم التسمية بأسماء الشياطين ، كإبليس وخنزب ، وقد وردت السنة بتغيير اسم من كان كذلك .
أما الأسماء المكروهة فيمكن تصنيفها على ما يلي : (1) تكره التسمية بما تنفر منه القلوب ، لمعانيها ، أو ألفاظها ، أو لأحدهما ، لما تثيره من سخرية وإحراج لأصحابها وتأثير عليهم فضلاً عن مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء . (2) ويكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة شهوانية وهذا في تسمية البنات كثير ، كفاتن ومغناج . (3) ويكره تعمد التسمي بأسماء الفساق المجّان من الممثلين والمطربين وعُمار خشبات المسارح باللهو الباطل . ومن ظواهر فراغ بعض النفوس من عزة الإيمان أنهم إذا رأو مسرحية فيها نسوة خليعات سارعوا متهافتين إلى تسمية مواليدهم عليها ، ومن رأى سجلات المواليد التي تزامن العرض ، شاهد مصداقية ذلك فإلى الله الشكوى . (4) ويكره التسمية بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية . (5) وتكره التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة . (6) التسمية بالأسماء الأعجمية المولدة للكافرين الخاصة بهم . والمسلم المطمئن بدينه يبتعد عنها وينفر منها ولا يحوم حولها ، وقد عظمت الفتنة بها في زماننا ، فيلتقط اسم الكافر من أوربا وأمريكا ، وهذا من أشد مواطن الإثم وأسباب الخذلان . وهذا التقليد للكافرين في التسمي بأسمائهم ، إن كان عن مجرد هوى وبلادة ذهن ، فهو معصية كبيرة وإثم ، وإن كان عن اعتقاد أفضليتها على أسماء المسلمين ، فهذا على خطر عظيم يزلزل أصل الإيمان ، وفي كلتا الحالتين تجب المبادرة إلى التوبة منها ، وتغييرها شرط في التوبة منها . وبعض المسلمين يسمي ابنته في هذه الأيام ليندا ونانسي وديانا وغيرها وإلى الله المشتكى . (7) ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة مثل كلب وحمار وتيس ونحو ذلك . (8) وتكره التسمية بكل اسم مضاف من اسم أو مصدر أو صفة مُشبّهة مضاف إلى لفظ ( الدين ) ولفظ ( الإسلام ) مما يحمل معنى التزكية للمسمى مثل : نور الدين ، ضياء الدين ، سيف الإسلام ، نور الإسلام .. وقد يكون المسمى بخلاف ذلك إذا كبُر فيكون وبالا على أهل الإسلام ومن أعداء الدين واسمه ناصر الدين وذلك لعظيم منزلة هذين اللفظين ( الدين ) و ( الإسلام ) ، فالإضافة إليهما على وجه التسمية فيها دعوى فجة تطل على الكذب ، ولهذا نص بعض العلماء على التحريم ، والأكثر على الكراهة ، لأن منها ما يوهم معاني غير صحيحة مما لا يجوز إطلاقه . وقد يكون الاسم من هذه الأسماء منهياً عنه من جهتين ؛ مثل : شهاب الدين ؛ فإن الشهاب الشعلة من النار ، ثم إضافة ذلك إلى الدين ، وقد بلغ الحال في بعضهم التسمية بنحو : ذهب الدين ، ماس الدين . بل أن بعضهم سمى : جهنم ، ركعتين ، ساجد ، راكع ، ذاكر . وكان النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين ، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بتقي الدين ، ويقول : ( ولكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر ) . (9) وكره جماعة من العلماء التسمي بأسماء الملائكة عليهم السلام . أما تسمية النساء بأسماء الملائكة ، فظاهره الحرمة ، لأن فيها مضاهاة للمشركين في جعلهم الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن قولهم . (10) وكره جماعة من العلماء التسمية بأسماء سور القرآن الكريم ، مثل : طه ، يس ، حم .. ، ( وأما ما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ، فغير صحيح ) . (11) الأسماء التي تحمل تزكية مثل : بّرة وتقي وعابد ... ينظر تحفة المودود لابن القيم وتسمية المولود : بكر أبو زيد . والله اعلم .
آداب تسمية الأبناء
السؤال : أريد تسمية ابني ، فما الآداب الشرعية في ذلك ؟ .
الجواب : الحمد لله لا شك أن مسألة الأسماء من المسائل المهمة في حياة الناس ، إذ الاسم عنوان المسمى ودليل عليه وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه ، وهو للمسمى زينة ووعاء وشعار يُدعى به في الآخرة والأولى ، وتنويه بالدين ، وإشعار بأنه من أهل هذا الدين ، وهو في طبائع الناس له اعتباراته ودلالاته ، فهو عندهم كالثوب ، إن قَصُر شان ، وإن طال شان . والأصل في الأسماء الإباحة والجواز ، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها عند اختيار الأسماء منها : - التعبيد لغير الله عز وجل ، سواء لنبي مرسل أو ملك مقرب ، فلا يجوز التعبيد لغير الله عز وجل مطلقا ، ومن الأسماء المعبدة لغير الله عبد الرسول ، عبد النبي ، عبد الأمير ، وغيرها من الأسماء التي تفيد التعبيد أو الذلة لغير الله عز وجل . وهذه الأسماء يجب تغييرها لمن تسمى بها أو سماه أهله بها ، قال الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : كان اسمي عبد عمرو - وفي رواية عبد الكعبة - ، فلما أسلمت سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن . رواه الحاكم 3/306 ووافقه الذهبي . - التسمية باسم من أسماء الله تبارك وتعالى ، التي اختص بها نفسه سبحانه ، كأن يسمي الخالق أو الرازق أو الرب أو الرحمن ونحوها مما اختص بها الله عز وجل ، أو باسم لا يصدق وصفه لغير الله عز وجل مثل ملك الملوك ، أو القاهر ونحوه ، وهذا النوع من الأسماء يحرم التسمي به ويجب تغييره . قال الله عز وجل : ( هل تعلم له سميا ) . - التسمي بأسماء الكفار الخاصة بهم ، الدالة عليهم دون غيرهم ، مثل عبد المسيح وبطرس وجرجس ونحوها من الأسماء الدالة على ملة الكفر . - التسمي بأسماء الأصنام أو الطواغيت المعبودة من دون الله ، كالتسمي بشيطان ونحوه . وكل ما سبق من الأسماء لا يجوز التسمي به بل هو حرام ، وعلى من تسمى به أو سماه به غيره أن يغيره . - يكره التسمي بما تنفر النفوس من معناه من الأسماء ، إما لما يحمله من معنى قبيح أو مثير للسخرية ، كما أن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بتحسين الأسماء ، ومثال ذلك اسم حرب ، ورشاش ، وهيام وهو اسم مرض يصيب الإبل ونحوها من الأسماء التي تحمل معان قبيحة وغير حسنة . - يكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة أو شهوانية ، ويكثر هذا في تسمية الإناث ، مثل بعض الأسماء التي تحمل أوصافا جنسية أو شهوانية . - يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق من المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات ونحوهم ، فإن كانوا يحملون أسماء حسنة فيجوز التسمي بها لكن لأجل معانيها الحسنة وليس لأجل التشبه بهم أو تقليدهم . - يكره التسمي بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية ، مثل سارق وظالم ، أو التسمي بأسماء الفراعنة والعصاة مثل فرعون وهامان وقارون . - ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة ، مثل الحمار والكلب والقرد ونحوها . - تكره التسمية بكل اسم مضاف إلى الدين والإسلام ، مثل نور الدين وشمس الدين وكذلك نور الإسلام وشمس الإسلام ، لما فيها من إعطاء المسمى فوق حقه ، وقد كان علماء السلف يكرهون تلقيبهم بهذه الألقاب ، فقد كان الإمام النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين ، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كان يكره تلقيبه بتقي الدين وكان يقول : لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر . - وتكره الإضافة إلى اسم الله عز وجل غير عبد الله ، وذلك مثل حسب الله ، ورحمة الله ونحوه . وكذلك الإضافة إلى لفظ الرسول . - ويكره التسمي بأسماء الملائكة ، وكذلك بأسماء سور القرآن مثل طه ويس ونحوها ، وهذه الأسماء هي من الحروف المقطعة وليست من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم . انظر تحفة المودود لابن القيم رحمه الله تعالى ص109 . وهذه الأسماء المكروهة ، إنما يكره التسمي بها ابتداء ، أما من سماه أهله بذلك وقد كبر ويصعب عليه تغييرها فلا يجب عليه التغيير . ومراتب الأسماء أربعة : المرتبة الأولى : اسميْ عبد الله وعبد الرحمن ، وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ) رواه مسلم في صحيحه 1398 . المرتبة الثانية : سائر الأسماء المعبدة لله عز وجل : مثل عبد العزيز وعبد الرحيم وعبد الملك وعبد الإله وعبد السلام وغيرها من الأسماء المعبدة لله عز وجل . المرتبة الثالثة : أسماء الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، ولاشك أن خيرهم وأفضلهم وسيدهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن أسمائه كذلك أحمد ، ثم أولوا العزم من الرسل وهم إبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، ثم سائر الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه . المرتبة الرابعة : أسماء عباد الله الصالحين ، وعلى رأسهم صحابة نبينا الكريم ، فيستحب التسمي بأسمائهم الحسنة اقتداء بهم وطلبا لرفعة الدرجة . المرتبة الخامسة : كل اسم حسن ذو معنى صحيح جميل . ويحسن مراعاة بعض الأمور عند تسمية الأبناء منها : 1 - معرفة أن هذا الاسم سيكون ملازما له طوال حياته وقد يسبب له من الضيق والإحراج ما يجعله يضيق بوالده أو والدته أو من سماه بهذا الاسم . 2 - عند النظر في الأسماء لاختيار أحدها ، ينبغي تقليبه على وجوه عدة ، فينظر في الاسم في ذاته ، وينظر إليه من حيث كونه طفلا صغيرا ثم شابا يافعا ثم شيخا كبيرا وأبا ، ومدى مناسبة الاسم إذا تكنى به ، ومدى ملاءمته لاسم أبيه وهكذا . 3 - التسمية حق مشروع للوالد لأنه هو الذي سينسب إليه ، لكن يستحب للوالد أن يشرك الأم في اختيار الاسم ويأخذ برأيها إن كان حسنا إرضاء لها . 4 - يجب نسبة الولد لأبيه ولو كان متوفيا أو مطلِّقا أو نحوه ، ولو لم يرْعَه ولم يره البتة ، ويحرم مطلقا نسبة الولد لغير أبيه ، إلا في حالة واحدة ، هي أن يكون الولد أتى من سفاح والعياذ بالله ، فإنه ينسب حينئذ لأمه ولا تجوز نسبته لأبيه ..
الإسلام سؤال وجواب الشيخ محمد صالح المنجد
ما هي آيات السكينة ؟
السؤال: ما هي آيات السكينة ، ونريد أن نفهم لم تقال ، وفيم تقال ؟
الجواب : الحمد لله السكينة هي الطمأنينة التي يلقيها الله في قلوب عباده ، فتبعث على السكون والوقار ، وتثبت القلب عند المخاوف ، فلا تزلزله الفتن ، ولا تؤثر فيه المحن ، بل يزداد إيمانا ويقينا . وقد ذكرها الله عز وجل في ستة مواضع من كتابه الكريم ، كلها تتضمن هذه المعاني من الجلال والوقار الذي يهبه الله تعالى موهبة لعباده المؤمنين ، ولرسله المقربين . يقول ابن القيم رحمه الله في شرح منزلة " السكينة " من منازل السالكين إلى الله : " هذه المنزلة من منازل المواهب ، لا من منازل المكاسب ، وقد ذكر الله سبحانه السكينة في كتابه في ستة مواضع : الأولى : قوله تعالى : ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) البقرة/248. الثاني : قوله تعالى : ( ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) التوبة/26. الثالث : قوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا) التوبة/40. الرابع : قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ) الفتح/4. الخامس : قوله تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) الفتح/18. السادس : قوله تعالى : ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) الفتح/26. وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور : قرأ آيات السكينة . وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها ، من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة ، قال : فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي : اقرأوا آيات السكينة ، قال : ثم أقلع عني ذلك الحال ، وجلست وما بي قَلَبَة . وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه ، فرأيت لها تأثيرا عظيما في سكونه وطمأنينته . وأصل السكينة هي الطمأنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف ، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه ، ويوجب له زيادة الإيمان ، وقوة اليقين ، والثبات ، ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب كيوم الهجرة ، إذ هو وصاحبه في الغار ، والعدو فوق رءوسهم ، لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما ، وكيوم حنين حين ولوا مدبرين من شدة بأس الكفار لا يلوي أحد منهم على أحد ، وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكم الكفار عليهم ، ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس ، وحسبك بضعف عمر رضي الله عنه عن حملها ، وهو عمر ، حتى ثبته الله بالصدِّيق رضي الله عنه . وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : رأيت النبي ينقل من تراب الخندق حتى وارى التراب جلدة بطنه وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه : اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا إن الألى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا وفي صفة رسول الله في الكتب المتقدمة : إني باعث نبيا أميا ، ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا متزين بالفحش ، ولا قوال للخنا ، أسدده لكل جميل ، وأهب له كل خلق كريم ، ثم أجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره ، والتقوى ضميره ، والحكمة معقوله ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه ، والعدل سيرته ، والحق شريعته ، والهدى إمامه ، والإسلام ملته ، وأحمد اسمه " انتهى باختصار. " مدارج السالكين " (2/502-504) فمن قرأ آيات السكينة في مواقف الخوف والفزع ، أو في مواقف الشبهات والفتن ، أو عند الهم والحزن ، أو عند اشتداد وسواس الشيطان ، يقرؤها رجاء أن يثبت الله قلبه بما ثبت به قلوب المؤمنين فلا حرج عليه ، ورجي أن يكون له ذلك ، كما كان لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، ولكن على ألا ينسب استحباب قراءة هذه الآيات ـ وبهذه الكيفية ـ إلى الشريعة ، ولا يتخذه عبادة تشبه عبادة الأذكار والأدعية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة .
والله أعلم .
_________________ اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
| |
|
| |
نبيلة محمود خليل مديرة موقع الرحمة والمغفرة
الدولة : مصر عدد المساهمات : 17810 نقاط : 28623 تاريخ التسجيل : 31/08/2009 العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة المزاج : الحمد الله تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها
| موضوع: رد: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ الخميس يونيو 10, 2010 9:13 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
هل للزوج أن يسكن زوجته في بيت أبيه ، أثناء الإجازة ؟
السؤال: على حد فهمي : فإن للزوجة الحق في أن تطلب العيش في بيت مستقل عن أهل زوجها ، وسؤالي هو : هل هذا الأمر ينطبق حتى على المدة المؤقته ؟ لأنني سأزور أنا وزوجي أهله في الوطن ، وهناك يعيش أبواه في بيت صغير( غرفتين وحمام ) ، وأنا غير معتادة على التزاحم ، بل إنني قد جربت هذا الوضع عندما زرناهم في المرة السابقة ، فلم أرتح ، ولم أجد خصوصيتي ، ونحن بفضل الله قادرون على تحمل تكاليف الجلوس في الفندق ، ولكن زوجي يصر على أن اجلس في بيت أبويه ، فهل له حق في ذلك ؟
الجواب : الحمد لله أولا : توفير السكن الملائم للحياة الزوجية هو من واجبات الزوجة على زوجها ، ومن حقها أن يكون ذلك السكن مستقلا ؛ لا يشاركها فيه زوجة أخرى ، ولا يسكنها مع أهله أو أقاربه في بيت واحد مشترك المرافق . قال الشيخ عليش ، المالكي ، رحمه الله : " ولها ، أي : الزوجة ، الامتناع من أن تسكن مع أقاربه ، أي : الزوج ؛ لتضررها باطلاعهم على أحوالها وما تريد ستره عنهم ، وإن لم يثبت إضرارهم بها " انتهى . "منح الجليل شرح مختصر خليل " (4/395) . وينظر : " التاج والإكليل" (4/186) . وقال الكاساني ، الحنفي ، رحمه الله : " وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسْكِنَهَا مع ضَرَّتِهَا ، أو مع أَحْمَائِهَا كَأُمِّ الزَّوْجِ وَأُخْتِهِ وَبِنْتِهِ من غَيْرِهَا وَأَقَارِبِهِ ، فَأَبَتْ ذلك : عليه أَنْ يُسْكِنَهَا في مَنْزِلٍ مُفْرَدٍ ، لِأَنَّهُنَّ رُبَّمَا يُؤْذِينَهَا ويضررن بها في الْمُسَاكَنَةِ ، وَإِبَاؤُهَا دَلِيلُ الْأَذَى وَالضَّرَرِ . وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُجَامِعَهَا وَيُعَاشِرَهَا في أَيِّ وَقْتٍ يَتَّفِقُ ، وَلَا يُمْكِنُهُ ذلك إذَا كان مَعَهُمَا ثَالِثٌ " انتهى . "بدائع الصنائع" (4/23) . وجاء ـ أيضا ـ في "الموسوعة الفقهية" ـ (25/109) ـ : " الْجَمْعُ بَيْنَ الأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ لاَ يَجُوزُ ، ( وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنَ الأَقَارِبِ ) ؛ وَلِذَلِكَ يَكُونُ لِلزَّوْجَةِ الاِمْتِنَاعُ عَنِ السُّكْنَى مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ؛ لأِنَّ الاِنْفِرَادَ بِمَسْكَنٍ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا حَقُّهَا ، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ جَبْرُهَا عَلَى ذَلِكَ . وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ . وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الشَّرِيفَةِ وَالْوَضِيعَةِ ، وَقَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الشَّرِيفَةِ وَالْوَالِدَيْنِ ، وَبِجَوَازِ ذَلِكَ مَعَ الزَّوْجَةِ الْوَضِيعَةِ ، إِلاَّ إِذَا كَانَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَضِيعَةِ وَالْوَالِدَيْنِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا . " انتهى .
ثانيا : تستحق الزوجة السكنى والنفقة على زوجها في السفر كما تستحقه في الحضر ، ما دامت قد سافرت بإذن زوجها . قال الشيخ محمد بن عمر الجاوي الشافعي : " لا تسقط المؤن بسفرها بإذنه معه ؛ أي : الزوج ، ولو لحاجتها ، أو حاجة أجنبي ، أو سفرها وحدها بإذن لحاجته .. " انتهى . "نهاية الزين" (1/336) .
ثالثا : إذا كان من حق الزوجة أن يفردها زوجها بمسكن خاص في الحضر ، فكذلك إذا كان في سفر ، وبقيا فيه مدة : استحقت أن يفردها بمكان مستقل تسكن فيه ، مادام قادرا على ذلك ، فإن عجز لم يلزمه ، وهكذا إن كان نزوله في السفر يسيرا ، لا يقيم فيه إقامة معتادة . وحاصل ذلك : أنه يراعى في المسكن الذي تحتاجه سواء كان في السفر أو الحضر أمران : الأول : قدرة الزوج ذلك ، وذلك يختلف باختلاف حاله من حيث اليسار والإعسار . الثاني : ما تحتاج إليه المرأة في مثل هذه الحال ، وهذا يختلف حضرا وسفرا ، ويختلف أيضا باختلاف الزمان والمكان . قال الشيخ شمس الدين الرملي الشافعي ، رحمه الله : " ويحرم أن يجمع ضرتين ، أو زوجة وسرية في مسكن متحد المرافق ، أو بعضها ، كخيمة في حضر ، ولو ليلة أو دونها ... ، أما خيمة السفر فله جمعهما فيها ، لعسر إفراد كل بخيمة ، مع عدم دوام الإقامة . ويؤخذ منه عدم جمعهما في محل واحد من سفينة ، ما لم يتعذر إفراد كل بمحل ، لصغرها مثلا . أما إذا تعدد المسكن وانفرد كل بجميع مرافقه نحو مطبخ وحش وسطح ورحبته وبئر ماء ولاق فلا امتناع لهما " . انتهى ، مختصرا . "نهاية المحتاج" (6/382) . وقد نقل ابن عابدين رحمه الله في "حاشيته" تفريق بعض فقهاء الأحناف بين الشريفة الموسرة : فيجب أن يفردها بدار ، ومتوسطة الحال : فيكفيها بيت ـ أي : غرفة ـ من دار . ثم قال : " ومفهومه أن من كانت من ذوات الإعسار يكفيها بيت ، ولو مع أحمائها وضرتها ، كأكثر الأعراب وأهل القرى وفقراء المدن الذين يسكنون في الأحواش والربوع . وهذا التفصيل هو الموافق لما مر من أن المسكن يعتبر بقدر حالهما ، ولقوله تعالى { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } الطلاق 6 ، وينبغي اعتماده في زماننا هذا ... ؛ إذ لا شك أن المعروف يختلف باختلاف الزمان والمكان . فعلى المفتي أن ينظر إلى حال أهل زمانه وبلده إذ بدون ذلك لا تحصل المعاشرة بالمعروف " انتهى . مختصرا . "رد المحتار" (3/601-602) .
والخلاصة : أن على الزوج أن يسكن زوجته في مسكن يلائمها ، ولا تضرر فيه ، أو يشق عليها فيه معاشرة زوجها بالمعروف ، فإن كان قادرا على أن يوفر لها مسكنا آخر ، سوى بيت أبيه : وجب عليه ذلك . وينبغي على الزوجة أن تراعي حال زوجها ، وعشرته لأهله بالمعروف ، وصلته لرحمه : فإن كان نزولهم في فندق ، أو بيت مستقل : يسبب وحشة مع أهله ، أو قطيعة لرحمه ، فينبغي عليها أن تتحمل شيئا من المشقة مراعاة لحال زوجها ، لا سيما إذا كانت فترة الزيارة يسيرة ، يمكن تحملها بشيء من الكلفة . ومثل هذه المسائل الاجتماعية تحتاج إلى قدر كبير من التفاهم ، وإيثار كل منكما لصاحبه ، ومراعاته للعشرة بالمعروف ، أكثر من حاجتها إلى معرفة الحقوق والواجبات ؛ فالإحسان إلى العشير شيء ، ومجلس القضاء شيء آخر .
والله أعلم
_________________ اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
| |
|
| |
بارو
الدولة : مصر التوقيع : الله اكبر عدد المساهمات : 1064 نقاط : 1198 تاريخ التسجيل : 14/06/2010
| موضوع: رد: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ الثلاثاء أبريل 03, 2012 8:10 pm | |
| موضوع رررائع
شكرا لك على الطرح المفيد استغفر الله العطيم
جزاك الله خيرا | |
|
| |
د/محمد بغدادى مشرف المنتديات الطبية ومنتدى التاريخ الإسلامى والغزوات الإسلامية
العمر : 40 الدولة : مصر التوقيع : لا تعرض بوجهك الكريم يا كريم عنا عدد المساهمات : 995 نقاط : 1365 تاريخ التسجيل : 13/01/2012
| موضوع: رد: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ الثلاثاء أبريل 03, 2012 9:19 pm | |
| موضوع رائع شكرا لك على المعلومات القيمة استاذة نبيلة _________________ | |
|
| |
| فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ | |
|