فلما ضاقت به السبل قال يا رب

بسم الله الرحمن الرحيم

مشهد واقعي لشخص كان ينكر وجود خالق الكون ويدعي ان الخلق حصل بالصدفة متوهما ان الثقافة التي يمتلكها تبيح له اعتناق مثل هذه الافكار الضالة ،بل تمادى في غيه الى الحد الذي رفض فيه الاحتكام الى دلالات قرآنية او اي حوار منطقي فكان جزاؤه ان يتخلّى عنه اهله واقرب الناس اليه ولم يبق له سوى زوجته المغلوبة على امرها وطفلته ذات الاربع سنوات ،التي من الله عليها بجمال قلّ نظيره.
كان مقتنعا قناعة زائفة ان الانسان هوالذي يصنع مصيره ومستقبله و كل شيء في الكون خاضع لارادته وسيطرته .فهو ناجح في عمله ،سعيد باسرته فخور بنفسه .
ثم ياتي يوم لم يحسب له حساب ولم يخطرعلى باله ان الطب سيعجز عن اكتشاف علة ابنته التي اعياها المرض وتفاقمت حالتها الصحية يوم بعد آخر،حتى تغيرت حياته وسيطر عليه اليأس والقنوط ولم يدم الحال طويلا فقد جاء اليوم الذي ادرك فيه ان موت طفلته بات مسالة وقت ،لانه استنفذ كل محاولات العلاج ،
وفي يوم كانت الطفلة ممدة على الارض وعيونها شاخصة لا حراك فيها
نظر اليها نظرة اليائس فلم يتمالك رباطة جأشه المعهودة فسقطت دمعة على خديه
ولربما هذه المرة الاولى التي تتغلب عليه العاطفة ،وبعد ان استنفذ كل السبل المادية فلم يبق امامه الا ان يعيد النظر في معتقداته ،فرفع اكفه الى السماء وبنظرة المهزوم وبلهفة الاب المنكوب
(قال يا رب اريدها منك)
فوجيء الجميع ولم يتوان جاره الذي كان يدعو لهذه الطفلة بالشفاء العاجل ،ان يمسك يد اباها قائلا: اياك ان تنكر من خلقك فسواك فعدلك في اي صورة ما شاء ركبك ،اياك ان تنفي وجود من تضرعت اليه بالرجاء ولجات اليه في لحظات يائسة
إياك،إياك ....
ومنذ ذلك الحين تغيرت حياة هذا الشخص الملحد بعد ان ايقن انه كان اسير افكار لا تعدو كونها اوهاما سرعان ما تلاشت ليستيقن بان الله تعالى هو الخالق الشافي المعافي ،وليعلن توبته عسى الله تعالى ان يكفر عنه سيئاته ...ويقبل توبته
:
"قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ".
سبحان الله ولا اله الا الله ،
بمجرد مرض طفلة وانقطاع السبل امام والدها ،وجد امامه سبيلا واحدا وهو الله تعالى ،وحده قادر على انقاذ ابنته ،فقال يا رب في لحظة ذل ويأس وانكسار وبقوة الله تعالى وفضله استعادت الطفلة عافيتها .وكانت مجرد النظرة اليها تذكر الجميع بتلك اللحظات العصيبة التي خلقت انعطافة كبيرة في حياة هذا الضال