10> نشرة اخبار منتدى الرحمة واالمغفرة | |
توك توك منتديات الرحمة والمغفرة | |
كاميرا منتديات الرحمة والمغفرة |
|
شركة طيران منتديات الرحمة والمغفرة | |
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع | |
|
| تـفـرٍيـغ حـلـقـات بـرٍنـامج ـآ‘لأخــلاق لـعـمـرٍوٍ خـالد | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: تـفـرٍيـغ حـلـقـات بـرٍنـامج ـآ‘لأخــلاق لـعـمـرٍوٍ خـالد الجمعة نوفمبر 13, 2009 5:46 pm | |
| مـقـدمـة فـٍي ـآ‘لأخــلاق
أعوذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً .
سنشرع في بداية سلسلة الأخلاق ، في كل مرة نتعرض لخلق من الأخلاق هو كيف نرسخه في أنفسنا ؟ وكيف نتعامل به ؟ وكيف نتخلق به ؟ كيف ننميه ليكون خلقا من أخلاقنا وسلوكا من سلوكياتنا في الحياة ؟ وأنا أعلم أن الكثيرين سيتساءلون لماذا الأخلاق بالذات ؟ ولمَ لا نتحدث عن السيرة أو حكايات الصحابة ؟ لماذا الأخلاق وما هي القيمة التي ستعود علينا من دراستها ؟ لذلك أنا جعلت الشريط الأول مقدمة في الأخلاق أتحدث فيها عن أهمية الأخلاق وما هو هدفنا منها ؟ في الحقيقة هناك أربعة أهداف من دراستنا لهذه السلسلة : -
الهدف الأول : أن هذه الأخلاق هي الهدف الأول من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم... نعم... ، إن أول هدف من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : ضبط الأخلاق أتتعجب ؟ ؟؟؟?!!!اسمع هذا الحديث " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وفكر فيه . الرسول صلى الله عليه وسلم بعث لماذا ؟ لرحمة البشر ، لخير البشر ، لصلاح البشر ، لهداية البشر ، ألم يقل الله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " فكر معي في هذه الآية .
تخيل لو أن مجتمعا يسوده الغش ، تسوده الكراهية ، تسوده خيانة الأمانة ، تسوده الفواحش ...، هل يكون في هذا المجتمع مكان للرحمة ؟ هل هذا مجتمع آمن ؟ هل هو مجتمع راضٍ؟ لو أن هذا المجتمع كان أفراد شركة واحدة هل ستنجح ؟ لو كان هذا المجتمع عائلة واحدة هل ستسودها الرحمة وتكون متحابة ومترابطة فيما بينها ؟ إذن هل رأيت العلاقة بين : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، و "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " يعني أنه لا رحمة بين العالمين " لا هداية ، لا صلاح ، لا اطمئنان بين مجتمع من المجتمعات إلا بشيء واحد ألا و هو " الأخلاق " .
نقطة أخرى : قد تظن أن العبادات من صلاة ، صوم ، حج ، ذكر دعاء أهم من الأخلاق لكني أقول لك :- لا !!!! الأخلاق أهم . وكيف ذلك ؟ يا جماعة كل هذه العبادات هدفها الأسمى ضبط الأخلاق … فيصبح خُلُق حضرتك سوياً ومنضبطاً ، ولو فقدت عبادة من هذه العبادات ضبط الأخلاق تصبح تمارينا رياضية ليس إلا .
ولنبدأ .
1. بالصلاة: يقول الله عز وجل " وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " . إذن من لا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر أيكون قد أدى صلاته أم لا ؟ إنه لم يؤد إلا تمارينا رياضية ، ما هي قيمة الصلاة الأساسية؟؟ ما هو انعكاسها على خلقك . يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : " إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل بها على خَلقي ولم يبت قصراً على معصيتي وقطع النهار في ذكري ، ورحم المسكين وابن السبيل ورحم الأرملة ورحم المصاب " . تمعن معي ؟ ما هي العلاقة بين آداء الصلاة وتقبلها والرحمة بالأرملة ؟ هناك علاقة... إذا لم تجعلك صلاتك رحيما بالناس فأنت إذن لم تصل . ألاحظتم المعنى والعلاقة ؟؟؟
2. الصدقة: يقول الله عز وجل " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " . هدف الصدقة والزكاة هو التزكية ، فما معنى التزكية ؟ هي التربية العميقة على حسن الخُلق ، أرأيت إذن كل آية من آيات الفرائض تجدها تخدم خُلقا معينا وتحث عليه. و أين يكمن معنى التزكية إذا تصدقت ؟ ، أنت إذا تصدقت ستتعلم الرحمة ، سترحم الضعيف ، ستتعلم الكرم ، ستكره الكــبْر. النبي أيضاً يعلمنا أن هناك صدقات أخلاقية تفوق صدقات الأموال . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- تبسمك في وجه أخيك صدقة " ، تخيل ، إذا أردت أن تتصدق وليس في جيبك مال ، تستطيع أن تبتسم في وجه أخيك وتكون بذلك قد تصدقت . " تبسمك في وجه أخيك وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة ، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق صدقة ، وإرشادك للرجل الضرير صدقة ، وأعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته " . أرأيتم مفهوم الصدقات ؟؟؟؟ كيف أن إرشاد الرجل لطريق يجهله صدقة ، وأن تفرغ من إنائك في إناء أخيك صدقة ، وأن تنظر لوجه أخيك المؤمن كفيفا كان أم بصيرا صدقة وهكذا . ...
وأنا هدفي يا جماعة من درس اليوم أن أجعل كل واحد منكم يستشعر إرادة اغيير ما بنفسه من أعماقه ويريد أن يحسن خُلقه ، وهذه أصبحت قضية مهمة ، لم تعد القضية أن أرتدي الحجاب فقط ، وأنني عندما أرتديه أكون قد أديت كل ما علي من أوامر الدين ، لا أبداً .. إن المعنى الحقيقي لهذا الدين يكون في يندرج تحت : " أين أخلاقك من الإسلام ؟ "
3. الصيام : يقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يفسق ، ولا يجهل ، وإن شاتمه أحدكم أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم إني امرؤ صائم " . تخيل ، أصبح يوم صيامك يوم تتجسد فيه أخلاقك ، أصبح يوما لتبيان الأخلاق ، لأنه لا يصح أن أشتم أو أتشاجر أو أفسق أو أجهل أو أن أرفع صوتي أو أجادل لأني صائم ، وصيامي هذا يجعلني مسلما على خلق. أرأيتم : إذن اكتشفنا أن الهدف من الصلاة التحلي بالأخلاق ، و الهدف من الصيام أيضا كذلك
4. الحج : يقول الله تبارك وتعالى :- " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " . الحج يا جماعة تدريب قاس على انضباط الأخلاق ، فعندما تكون قاصد الحج وأنت مستحضر النية ، صار لزاما عليك ألا تزاحم حتى و إن زاحمك أحدهم عند الطواف ، إذا شاتمك أحد فلا ترد عليه ، والمقصود هنا أقل ما يصدر من الكلام غير المقبول ، مثل " أفُ لك " مثلاً قد تحتاج منك الاستغفار وتوبة في الحج ... إنه تدريب قاس لك على مدار عشرين يوماً لضبط نفسك و ترسيخ الأخلاق فيها يتساءل الكثيرون ترى لم كان موسم الحج موسما واحد يجتمع فيه كل المسلمين ، ترى لمَ لا يحج المصريون في شهر رجب مثلاً ، واليمنيون في شهر آخر... أي أن يحج الناس كل من بلده في أوقات متفرقة فجبل عرفات راسخ بمكانه لا يتزحزح عنه ما الداعي لاجتماع الكل عليه في وقت واحد أتراه سيغير مكانه بعد هذا الموسم المحدد ؟؟؟ طبعا لا !!!! الهدف أن يجتمع الكل بتعداد الملايين من مسلمي العالم في وقت واحد و في أوج الزحام و تداعياته ، عليك أن تبرهن على تحكمك بضبط نفسك و تحليك بحسن الأخلاق ... أرأيت ما هو الهدف من الحج وأن يكون ملايين المسلمين معاً على جبل عرفات في وقت واحد ، و جميعهم يرمون الجمرات في وقت واحد ، وجميعهم في منى وجميعهم في المزدلفة... لماذا ؟ إنها رسالة تربوية مفادها : عيشوا معاً واحتكوا ببعضكم و اجعلوا الأخلاق سمتكم ستستطيعون ضبط أخلاقكم في وسط هذا المكان الضيق خلال عشرين يوما ، هل ستعود بعد ذلك وتعجز عن ضبط أخلاقك مع أبيك وأمك ويعلو صوتك ؟ مع جيرانك وفي بيتك ؟
أرأيتم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ما معناها ؟ وإن ضبط الأخلاق أول وأهم هدف من البعثة المحمدية .
- بعض الناس تظن أن أهم شيء في الدين أن يتعلم المسلم ، يحفظ القرآن يتعلم أمور الفقه وعلم المواريث و … و … و لكن و لكن أين أخلاقك ؟ يقول إنها في المقام الثاني ، لا ...أبداً ، اقرؤوا معي هذه الآية والتي وردت على لسان سيدنا إبراهيم " ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" . البقرة الآية 129ولاحظ معي هنا الترتيب :- أن يأتي رسول من هذه الأمة : ليتلو عليهم الوحي ويعلمهم ، ويحسن أخلاقهم ( يزكيهم ) . هذه الآية أتت في القرآن 4 مرات ، مرة على لسان سيدنا إبراهيم وثلاث مرات على لسان الله عز وجل ، وهذه المرات الثلاث على لسان الله كان الترتيب فيها مختلفا ، يقول الله عز وجل :" كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ "البقرة(151) لاحظت الترتيب هنا : سيدنا إبراهيم عندما دعا طلب العلم أولاً ثم التزكية لكن الله عز وجل ذكر التزكية أولاً أي أن الأخلاق هي التي تتصدر الأمر . ما هي قيمة مسلم حفظ القرآن وليس بصادق ، ما هي قيمة علم دون خلق كل هذا لا يساوي شيئا . إذن هل ندرك قيمة الخلق هل نتحلى بها و نعيش بها و هل هدفنا الأول من دراستنا لهذه السلسلة " هو ضبط الأخلاق " .
الهدف الثاني : - إن هناك انفصالا شديدا لدينا بين الأخلاق والعبادات ، بين الدين والحياة ، داخل المسجد يكون منضبطا ...الحجاب الشرعي والصلاة يؤديان على أكمل وجه ، خارج المسجد تصبح شخصا آخرا ...إذن أين الأخلاق ؟ ستجيب : مادامت العبادات منتظمة فلا أهمية للأخلاق !!!! الحياة شيء ، والدين و تأدية العبادات شيء آخر ، خطأ يا جماعة ، هذا الفصل ليس من الإسلام في شيء الإسلام وحدة واحدة ، كل متكامل ، وينتج عن هذا الفصل الصارخ نوعان من البشر :
الأول : عابد سيئ الخلق ، والثاني : حسن الخلق سيئ العبادة . نموذجان مشوهان ليسا من الإسلام في شيء إذن هدفنا من هذه السلسلة يا جماعة أن نكون عباد ذوي أخلاق حسنة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قيل من يا رسول الله ، قال : من لا يأمن جاره بوائقه " . لاحظوا كم أنّ الإيمان مرتبط بالأخلاق ، مثال : المرأة التي نشرت ثيابها المغسولة مبتلة فوق ثياب جارتها و هي جافة ، كتب عليها ملك الشمال سيئة . نعم سيئة كتبت عليك ، هل فكرت فيها من قبل ؟ هل خطرت على بالك من قبل من ترك سيارته أمام مستودع جيرانه وذهب ليصلي ركعتين أتراها قد قبلت صلاته ؟ نحن هنا وقعنا في خطأ يقلل من ثواب حضورنا لهذا الدرس ، جميعنا هنا ترك سيارته أمام باب المسجد لأنه يريد أن يوفر على نفسه عناء المسير إلى سيارته التي أودعها مكانا يبعد عن المسجد بعد خروجه ، ما ذنب الجيران و أهل المنطقة هنا ؟؟؟، كلنا يحسب أنه على صواب فنحن في بيت الله نتدارس ونتعبد ، كلا أبداً نحن مخطئون أرأيتم إننا نفعل أشياء كثيرة خاطئة ونظن أن ليس لها علاقة بالإسلام ...لا ،أبدا الإيمان والأخلاق شيء واحد . .. كل لا يتجزأ
جاء أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها ، قال : هي في النار ، تخيل يقال أنها تذكر : أي انتشر صيتها من كثرة الصيام والصلاة والصدقة وفي مدينة النبي ، ولكنه قال : هي في النار . ثم ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن فلانة تذكر من قلة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها لا تؤذي جيرانها ، قال : هي في الجنة . بالمناسبة هي ليست دعوة للإقلال من الصلاة نحن لا نريد إصلاح شيء على حساب الآخر ، نحن نريد الانضباط في الاثنين معا نريد الموازنة . حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم :- " إن شر الناس منزلة يوم القيامة من يتركه الناس اتقاء شره " تخيل !!!! نجد الأب يحذر ابنه إياك أن تلمس أو تضرب ابن هذه الجارة لأنها " ستجمع علينا أهل البناية إذا ما فعلت " و تتسبب في مشكلة نحن في غنى عنها . أما عن حجابها فهو شرعي ما شاء الله ، ما قيمة هذا الحجاب و الناس تتجنبك اتقاء لشرك . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- " الإيمان بضع وسبعون شعبة – أو وستون شعبة – أعلاها " لا إله إلا الله " ، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق " إذن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان ، فما قولك فيمن فتح شباك سيارته وأخرج بقايا ما كان يأكله وألقى بها في الشارع ، ومن أخرجت لبانة من فمها وألقت بها على الأرض في الشارع ، هل تصدق أنك بذلك قد فقدت شعبة من إيمانك ، فعلا قد فقدتها ... أنت مطالب بإماطة الأذى عن الطريق ويكون ذلك من دلائل إيمانك ، فماذا عمن يفعل العكس...ما بالك بمن تطلب من ابنها أن ينزل مبكراً ليلقي بالقمامة في الشارع قبل أن يستيقظ الجيران ، ترى هل صلت الفجر ؟ و إن صلته أين صلاتها مما فعلت ...؟؟ إننا نريد أن نسترجع العلاقة بين الإيمان والأخلاق ، و نرسخها فتعتبر آثما إذا ما ارتكبت خطأ أخلاقيا ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحياء والإيمان قرناء جميعاً ، إذا رفع أحدهما ، رفع الآخر " . الحياء والإيمان يا جماعة ، ما أوطد العلاقة بينهما
مثلا : طالبة بالجامعة تقهقه ضاحكة بأعلى صوتها " أين حياؤها ؟ " و إذا ما أذن لصلاة الظهر تدخل المسجد لتصلي و قد تبكي من فرط الخشوع في صلاتها . الحياء والإيمان قرناء جميعاً .
إذن تريد أن تعرف مستوى قوة إيمانك ، أخبرني ما مستوى تخلقك أخبرك إن كنت قريبا من الله أو بعيدا عنه ؟
وهذا ما نريد أن نؤصله بداخلنا ونخرج به من هذه السلسلة . مثال : من خرج بسيارته ويعلم أن ليس بها بنزين كاف وصعد بها الجسر فتعطلت لاستنفاذها ما كان بها من وقود فكان سببا في توقف الكثيرين وسط الطريق هل هو ( آثم ) نعم هو آثم. ولا تقل لي أن ليس لذلك علاقة بالدين ، لا ، إنه لب الدين ، أرأيتم إلى أي درجة نحن بحاجة لتصحيح مفاهيمنا ؟ كما أننا بحاجة لتغيير سلوكيات كثيرة هي من صحيح الإيمان . يقول النبي صلى الله عليه وسلم في تصحيحه لمفهوم خاطئ لدينا عن الإفلاس . أتدرون ما المفلس ، قالوا : من لا درهم له ولا متاع قال : المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، حتى إذا فنيت حسناته ، أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " . - أرأيتم ؟؟؟ أتمعنتم المقصود ؟؟؟ ،
لذلك إذا دققنا في القرآن اكتشفنا شيء عجيب ، كلما تحدث الله عن صفات المؤمنين ، وجدت أن ترتيب الصفات في سياق الحديث صفة أخلاقية بعدها صفة عبادية ، أخلاق = عبادة = أخلاق = عبادة . مثال : في سورة –المؤمنون- قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6)فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ(7)وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8) أرأيتم كيف تكون صفات المؤمنين خلق وعبادة وتأمل الآية جيداً وبالاثنين معاً يكون المؤمنون . مثال آخر تأمل الآيات التالية من سورة الفرقان:
" وَعِبَادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا(63)" -(خُلُق)- "وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) "-( عبادة )-"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا(65)" "إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا(66)" -( عبادة )- "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا(67)" وفي سورة الماعون : " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ(4)الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ(5)الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ(6)وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ(7) " ما الذي أتى بـ " الماعون " بعد ترك الصلاة ؟ إنه التكامل في فهم الإيمان ونحن نريد أن نكون كذلك وهدفنا كل مرة سيكون كذلك . إذن ما هي الأخلاق التي سنتناولها ؟
التواضع: كيف أكون متواضعا ، وما هي صفات المتواضعين ، سيد المتواضعين صلى الله عليه وسلم " كيف كان ؟
الحـــلم: كيف نتعلمه ونتدرب عليه ؟
الهدف الثالث : أن نكون قوما عمليين ، ماذا يعني هذا ؟ هناك أناس مدمنو دروس ، طوال الأسبوع يحضر يوما هنا و يوما هناك وهكذا .لكن ماذا استفدت ؟ نحن نحفظ الدروس بطريقة ممتازة...و لكن اعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن تؤجروا حتى تعملوا بما علمتم . كفانا سماع ولنبدأ في التطبيق ، كل أسبوع سنتواصى بخلق معين نأخذه معاً ثم نطبقه طوال الأسبوع .
الهدف الرابع : إننا نريد أن نخرج لمجتمعنا وبلدنا أناس متميزين حسني الأخلاق ونريد أن نبلغ رسالة : من أين يأتي المميزون ؟ من المسجد؟ ، من أين تستفيد المجتمعات والدول ؟ من نماذج خرجوا من المساجد صالحين – أمناء – مخلصين – عباد – يتقنون أعمالهم – صادقون – يحبون بلادهم. إذا ظهرت هذه النماذج سيختفي النموذج المشوه الذي ذكرناه قبل قليل " عابد سيئ الخلق ، نفتن الناس ونغريهم بعبادتنا ثم نفتنهم بسوء أخلاقنا ، فيسألون قائلين ، أنت تريدني أن أكون مثل هذا المتدين الذي يصلي لكنه ينام طوال النهار بالعمل؟؟ لا ، لا أريد أن أكون مثله . كلنا لدينا أخطاء في السلوك نريد أن نضبطها معاً من خلال هذه السلسلة . و كانت هذه أهداف دراستنا لهذه السلسلة .
والآن دعونا نعلم فضل حسن الخلق : وستستغربون كثيرا و تتعجبون .ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق " . أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة ليست الصلاة ولا الزكاة ولكنه حسن الخلق – ألا تتشوق لتحسين خلقك بعد كل ما سمعت و بعد هذا الثواب العظيم . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم خلقاً " . ويقول " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً " أترون كيف تسير الأحاديث تمعنوا العبارات " أثقل – أحسن – أكمل " . أكملهم إيماناً أحسنهم خلقاً حتى ولو كانت معلوماته الدينية أقل حتى و إن كانت عباداته ما تزال محتاجة لضبط . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم خلقاً ".يقول أيضاً : " أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق " . جاء وفد لنبي الله صلى الله عليه وسلم : " وسألوا النبي : من أحب عباد الله إلى الله ؟ قال : أحسنه خلقاً " . أرأيت أهمية أن تحسن أخلاقك ، وإن لم تدرك ذلك فاعلم أنك تسير في اتجاه آخر ...تريد أن تحفظ القرآن ، وأن تدرس علوم الدين .. كل هذا مهم وسنتدارسه سوياً ، لكن أيــــن أنت من تحسين أخلاقك؟؟؟و قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث له: " ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ، ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله : قال أحسنكم خلقاً " . ويقول أيضاً : " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم " ولذلك من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم اهدني بأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت " . أرأيتم حرص النبي ، وهو الذي قال عنه الله عز وجل " وإنك لعلى خلق عظيم " فإذا نظر للمرآة قال : " اللهم كما حسنت خَلقي فأحسن خُلُقي " ، أرأيت حرصه وإصراره ، هل أنت على سنته سائر و تدعو بهذا الدعاء ، لا أنت حينما تنظر للمرآة تنشغل بشيء آخر بجمالك فترى أن ليس هناك من يضاهيك جمالا و أناقة … يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا زعيم – أي ضامن – ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " تخيل !!! النبي صلى الله عليه وسلم يضمن لك بنفسه بيتا في أعلى الجنة ، ألن تبحث عما سيكون لك سببا في حصولك عليه ؟ سأخبركم بشيء و لا تغضبوا مني؟؟ ، إننا نستسهل الأمور – نبحث عما يكون سهلا لنفعله (نصلي – نقرأ القرآن – نلقي السلام بعبارة - السلام عليكم- في الهاتف) و نشكر بعضنا بعبارة -جزاكم الله خيرا-ً ، نلبس الحجاب .. وأصبحنا متدينين بسهولة ، لكن من الصعب علينا أن نضبط أخلاقنا من الصميم . إننا نبحث عن أسهل الطرق لنكون ملتزمين ولكن أين الأخلاق ؟ أين أخلاق الملتزمين . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فسعوهم ببسطة الوجه وحسن الخلق .تريد أن تفوز بحب الناس ؟؟ ، اجعل وجهك بشوشا وحسن أخلاقك .هل ترسخ بأنفسنا و تجسد بأعمالنا حسن الخلق ؟. أريد أن أطرح عليكم سؤالا : هل أن الأخلاق قابلة للتغيير أم أن هذا مستحيل ؟؟ هل من الممكن أن يصبح البخيل كريما؟؟ ، أم أن ذلك شيئ غير قابل للتغيير ؟؟هل كتب بجيناته الوراثية ، أنه بخيل و لن يكون إلا كذلك ؟؟هل من الممكن أن يصبح العصبي حليماً بالناس ؟؟، هل يمكن أن تتحول فتاة لا تستحي في تعاملاتها إلى فتاة حييّة ؟ هل التغيير ممكن أم لا ؟.
يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم قائلا : " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر " . يريد صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا أن الأخلاق قابلة للتغيير ، وإياك أن تحسب أنك غير مؤهل للتغيير ... أبداً والله ...يا جماعة كثـــُـر هم الذين تغيروا بعدما التزموا بدينهم فتتعجب كيف أصبح فلان هادئاً هكذا بعد أن كان لا يطاق . كيف ذلك ؟؟بكل بساطة لقد اختار لنفسه حديث النبي صلى الله عليه و سلم " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر.." إذن فالطبائع قابلة للتغيير ، وإلا فلماذا نحن هنا نتحدث ونتدارس عن حسن الخلق إذا لم يكن الحال كذلك ..
سأضرب لكم مثلا : النفس مثل الطفل يخلق ناقصا فينمو ويكتمل بالغذاء ، النفس كذلك تكتمل وتنضج ، فكما أن البدن الضعيف العليل يتجرع الدواء ويتحمل مرارته ليقوى و يشفى ... النفس أيضا تصيبها أسقام تتمثل في الأخلاق السيئة ) محتاجة لمجاهدة وصبر . أنا أقول لك هذا الكلام حتى تأتي المرة القادمة وأنت على استعداد وعلى يقين تام أن نفسك وأخلاقك قابلتان للتغيير بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم وطبقاً لقاعدة أن نفسك مثل بدنك ... فالسمين ينحف إذا ما اتبع نظام حمية قاس ويصبر أمام شهيته و يقاوم حبه لأكلة مفضلة
كذلك الكاذب إذا ما جاهد نفسه و قاوم سوء خلقه صار صادقا مثل ذاك الذي قاوم السمنة ...
ضعيف البنية يداوم على تمارين كثيرة يجري ، يعود نفسه على تمارين يومية و يظل على تلك الحال يوما بعد يوم و يتحمل ويبذل جهدا حتى يصبح ذا لياقة كذلك النفس تتعلم فضائل الأخلاق بالتربية ، بالصبر ، بالمجاهدة . إذن هلا بادرنا بنية التغيير ؟ هناك من يتساءل كيف لي أن أعرف عيوب نفسي ؟ كيف أعرف أن لدي أخلاق سيئة وأريد تحسينها ؟ تريد معرفة ذلك إليك أربع نقاط تمكنك من ذلك :
1- من صديق ناصح ( صاحب الصالحين ) .
2- من عدوك ( اسمع أعدائك )، اسمعي ما تقول عنك فتاة تغار منك ... اسمع ما يردده عنك خصمك في العمل ... وإياك أن تصم أذنيك لربما قال شيء سيفيدك .
3- حضور مثل هذا الدرس .
4- أن تدرس وتعرف أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم .
و النقطة الأخيرة أهم النقاط كلها ...من أكمل الناس أخلاقاً ؟ النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال فيه سبحانه و تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(4) " –سورة القلم- ،هل تريد أن تبلغ مبلغ الفضيلة من الأخلاق ، اسمع عن تواضع النبي صلى الله عليه و سلم ، عن حلمه ، عن معاملته للنساء ، وتعلم ...تعلم من كل ذلك. و لذلك سنستشهد بأخلاق النبي وأفعاله في كل الدروس القادمة و في كل خلق سنتدارسه . يقول الله عز وجل " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21) " –سورة الأحزاب-هل تعلمون لماذا ؟ لأن الله عز وجل جمع في الـ 23 سنة فترة بعثة النبي كل ما يحتاجه المرء في حياته حتى يوم القيامة ، إنك لن تستطيع أن تقتدي بأي نبي آخر مثل محمد صلى الله عليه وسلم .تستطيع أن تقتدي بكل نبي في صفة معينة ، فقد كان سيدنا عيسى عليه السلام شابا عازبا مجاهدا لنفسه زاهدا في الدنيا . لكن أتستطيع أن تجد فيه ما تقتدي به إذا ما تزوجت ؟ طبعا لا لأنه لم يتزوج ...... أتستطيع أن تقتدي به كأب ؟؟، كجد ؟؟ ...لا ، كيف كان يعامل زوجاته ؟؟ لا تستطيع الاقتداء بسيدنا سليمان كحاكم غني شاكر متصدق........ لكن هل تستطيع الاقتداء به كفقير صابر؟؟؟... من الذي كان فقيراً وغنيا؟؟ ؟ من الذي كان قوياً وضعيفا؟؟ ؟ من الذي كان حاكماً ومحكوماً ؟؟؟ من الذي كان أباً وجداً؟؟ ؟ من الذي كان عازبا ؟؟ لذلك قال تعالى : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " .
و في خضم حديثنا عن الأخلاق لابد وأن نغوص في سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و نتتبع صفاته فهو النبي الوحيد الذي ليس له خصوصية تخفى ...نعلم عنه كل شيء ، عن علاقاته بزوجاته و بم اتسمت ؟ داخل بيته...، وهو نائم في فراشه .. ليست هناك أي جزئية في حياته تعد خصوصية لم يطلع أحد عليها أو تعد جانبا مظلما مبهما ... لذلك سأختم هذا الدرس بنقطة وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم ، لأننا إذا طالبنا باقتفاء أثر ه صلى الله عليه و سلم فيما عرف عنه من أخلاق دون وجود تعلق به و حب خاص صادق له ، عندها للأسف لن يعدوه قدوتهم ...لن يستشعروا قوة ما سيقال لهم لذلك رأيت أن نغرس في قلوبنا محبة النبي صلى الله عليه وسلم غرسا فيكون ذلك مدخلنا للأخلاق في أحاديثنا اللاحقة . لأنه على قدر محبتك للنبي ستقتدي بأخلاقه . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وماله " . وأنا أروي هذا الحديث ،مرّر الثلاثة بقلبك، وأخبرني هل النبي فعلاً أحب إليك منهم ، هل نحن متعلقون به صلى الله عليه وسلم بهذه الشدة و محبون و مفضلون له . - يقول الله عز وجل " قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) " . سورة التوبة الأية 24.اعتبر الله أن من يحب هؤلاء – مع ملاحظة أن جميعهم حلال – أكثر من الله والرسول فاسق ... تخيلوا ... يروي عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا بعض أصحابه ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي ومشى ، يقول عمر : وجدت نفسي أقول والله يا رسول الله إني أحبك ، فقال له النبي : أكثر من ولدك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من أهلك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من مالك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من نفسك يا عمر ؟ قال : لا ، - لقد كان عمر صادقا من البداية - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يا عمر ، لا يكمل إيمانك حتى أكون أحب إليك من نفسك يقول عمر : فخرجت وفكرت ثم عدت لأهتف بها : والله يا رسول الله أنت أحب إلى من نفسي ، فقال رسول الله : الآن يا عمر – أي الآن اكتمل إيمانك الآن ، فقال عبد الله بن عمر ، يا أبت ماذا فعلت بنفسك لقد خرجت لدقائق وعدت ( هل تملك مفتاحا لقلبك ) ، فقال : يا بني خرجت فسألت نفسي من أحتاج يوم القيامة نفسي أكثر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت حاجتي إليه أكثر من حاجتي لنفسي ، وتذكرت كيف كنت في الصراط وما أنقذني إلا هو ، أنقذني الله به ، فأحببته أكثر من نفسي ، فقال عبد الله بن عمر : يا أبت إن نسيت كل شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما هو الشيء الذي لا تنساه أبداً ؟ فقال : إن نسيت ما نسيت لا أنسى يوم أن ذهبت إليه أقول : ائذن لي أن أخرج إلى العمرة يا رسول الله ، فقال : لا تنساني يا أخي من صالح دعاؤك ، يقول عبد الله بن عمر : فوالله لا أنسى هذه الكلمة أبداً.يقول أبو بكر الصديق يصف حبه للنبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : كنا في الهجرة ونحن عطشى ، فجئت بمرقة لبن – القليل من اللبن – فقلت لرسول الله : اشرب يا رسول الله ، فيقول فشرب النبي حتى ارتويت – أنا – أترون الحب ، أترون التعلق بنبي الله صلى الله عليه وسلم . دخل النبي صلى الله عليه وسلم على " ثوبان " خادمه وكان غائباً طوال اليوم فقال له ثوبان : أوحشتني يا رسول الله - أترون قوة التعلق – ترى عندما يذهب أحدكم للحج أو العمرة هل سيقف أمام قبر النبي ويقول له أوحشتني يا رسول الله من قلبه ؟ أنا أعرف رجلا كان يتحدث في مؤتمر فقال ( محمد بن عبد الله ) مجردة هكذا ، فأدى عمرة خصيصاً ليعتذر له . عندما دخل النبي صلى الله عليه و سلم على " ثوبان " وجده يبكي فقال : ما يبكيك يا ثوبان ، قال : أوحشتني ، قال : أهذا ما يبكيك ؟ قال : لا يا رسول الله ، قال فما الذي يبكيك ؟ قال : تذكرت مكانك في الجنة ومكاني فذكرت الوحشة في الجنة ، وأنى لا أكون معك في الجنة فقال له النبي : يا ثوبان الرجل يحشر مع من أحب . – تريد أن تعلم مكانك في الجنة في قاع الجنة أم في عدن أم في الفردوس انظر إلى درجة حبك للنبي وتعلقك به . سيدنا أبو بكر الصديق يوم إسلام أبيه " أبو قحافة " يوم فتح مكة – وقد أسلم متأخرا جداً بعد أن أصبح عجوزا و فقد البصر – فأخذه أبو بكر وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليم وسلم ليعلن إسلامه فقال له رسول الله : يا أبا بكر هل تركت الشيخ في بيته وذهبنا نحن إليه ؟ فقال أبو بكر : أنت أحق أن يأتي إليك يا رسول الله ، فأسلم أبو قحافة ، فبكى أبو بكر من فرحته ، فقالوا له : هذا يوم فرح ، أبوك أسلم ونجا من النار فما الذي يبكيك ؟ قال أبكي : لأني أحب أن الذي يبايع النبي الآن أبو طالب وليس أبي لأن ذلك كان سيسعد النبي أكثر . فتخيل مدى العلاقة والحب ، إن فرحتي لفرحة النبي أكبر من فرحتي بأبي، أين نحن من هذا الحب ؟ ومن هذا التعلق ؟؟؟فهذا جذع شجرة يحب النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان النبي يخطب في مسجده من على جذع شجرة قبل أن يقام منبره حتى تراه الناس ، فعندما بنوا له المنبر ترك الجذع وأصبح يخطب من على المنبر ، فسمعنا للجذع أنينا – كما يقول الصحابة – لفراق النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم ينزل من على المنبر ويمسح على الجذع ويقول له : ألا ترضى أن تدفن هاهنا وتكون معي في الجنة ؟ فسكن الجذع .. هو موجود بمكانه حتى اليوم ، في الروضة أمام المنبر مدفون هناك . الجذع نطق وشعر بحلاوة قرب النبي صلى الله عليه وسلم ونحن بعيدون. سيدنا " سواد " يقف يوم غزوة بدر في وسط الجيش – وهو صحابي سمين – فيقول النبي استووا ( استقيموا ) فيذهب النبي ليجد سيدنا سواد يخرج عن الصف قليلاً فقال استو يا سواد فقال : نعم يا رسول الله ، فالتفت النبي وعاد فوجد " سواد " ما زال غير مستو ، فجاء النبي بسواك ونخزه في بطنه وقال : استو يا " سواد " – فنحن في وقت معركة والأمر جدي – قال : أوجعتني يا رسول الله ، فكشف النبي عن بطنه وقال : اقتص يا سواد ، اقتص يا سواد ، فانكب سيدنا سواد على بطن النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها يقول : هذا ما أردت هذا ما أردت ، فيقول له النبي وما حملك على هذا يا سواد ؟ فيقول : يا رسول الله أظن أن اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر عهدي بالدنيا ملاصقة جسدي لجسدك . صلى الله عليه وسلم . صلى الله عليه وسلم ...صلى الله على محمد صلى الله عليه و سلم صلوا عليه و سلموا تسليما
| |
| | | مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: حـلـقــة ـآ‘لأدب وٍ ـآ‘لـذوٍوٍق الجمعة نوفمبر 13, 2009 5:47 pm | |
|
حـلـقــة ـآ‘لأدب وٍ ـآ‘لـذوٍوٍق
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً.
- خلق هذه المرة، الجميع يستغربه على الإسلام، إنه خلق (الذوق، الأدب، سمو النفس، التعامل الراقي مع الناس).
- البعض قد يتساءل: وما علاقة هذا الخلق بالإسلام؟ وأنا أنوي في هذا الدرس أن أصل بكم إلى أن هذا الخلق أصله من الإسلام.
بداية: ما معنى الذوق والأدب:
أقصد به أدبيات التعامل مع الناس، اقصد به النفس المرهفة، أقصد به الروح الجميلة، أقصد به الجمال، النظافة، النظام، أقصد به الحس المرهف والنفس الشفافة التي تدرك الخطأ بسرعة من نظرة العين، وابتسامة الوجه.
وهذا الخلق خلق إسلامي صميم ، وأنا أعلم أن ما زال بداخلكم تعجب, ما علاقة هذا الخلق بالدين ؟ وأن عنوان المحاضرة لا يشدكم هذه المرة ، وأنكم تقولون أن ما أنوي الحديث عنه إنما هو أولى به الدبلوماسيين مثلا ، أو يدرس في مدارس أجنبية هم من يقدرون هذا الحديث ، لكن ما علاقتنا نحن بهذا ؟
ونحن في مجتمعاتنا لدينا 4 أنواع من الناس (الأنماط) في تعاملهم مع هذا الخلق:
- النوع الأول : من يعتقد أن الأدب، الذوق، الحضارة، الرقي، الخلق الرفيع إنما هي قيم غربية، أوروبية ونحن تعلمناها منهم، لذلك نحن نتعلمها في المدارس الأجنبية ، ونرسل لها أولادنا ليتعلموا الذوق والأدب في التعامل ويشبوا على ذلك وحديث اليوم إنما هو موجه لهذا النوع على وجه الخصوص وسنرى سويا أصل هذا الخلق.
- النوع الثاني: إنهم أناس تربوا وشبوا على هذا الخلق في منازلهم، ويتخيلون أن الإسلام عكس ذلك، وعندما يسمع عن المتدينين يعلم أنك تعني عدم اللياقة، عدم النظام، عدم النظافة …… وأصبح الذوق حاجز بينه وبين التدين. وهنا أقول لهم: لا إن هذا الحاجز الذي وضعتموه بين الذوق والرقي والحضارة والأدب والتدين إنما هووهم فالذوق أصله من ديننا الإسلامي.
- النوع الثالث: ناس يرون أن الإسلام في المسجد فقط, و لا علاقة له بما هو خارجه من أدبيات وإدارة وتعاملات.
- النوع الرابع : هو شاب متدين، ملتزم فهم الإسلام كعبادة وصلاة وذكر وقيام ولكن ليس لديه ذوق – وأرجو ألا تغضبوا مني – فكره بذلك بقية الناس في التدين وممكن يكون من بينهم والده ووالدته ويقولون أنظر : من وقت تدينه وهو مهمل في هيئته وأحواله ! إنه متدين حريص على عبادته ، حريص على إرضاء الله عز وجل ولكنه لا يتفهم أن الذوق من القيم الإسلامية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم.
وأنا اليوم أريد أن أقول لهذا النوع: أرجوك افهم الإسلام كدين متكامل. لذلك أنا أعتبر أن هذا الخلق من أهم الأخلاق الإسلامية التي يجب أن نتحلى بها ولا يقل أهمية عن الصدق أو الأمانة.
وهدفي في النهاية من هذه الرسالة أن أرسخ معكم مفهوما مهما جداً، أننا نفخر بانتمائنا للإسلام.
- وليس معنى حديثي معكم عن الذوق أنكم لا تتعاملون بذوق بالعكس فأنا أعلم أن جميعنا تربى وتعلم الذوق في بيته، لكنه يتعامل به لأنه من أدبيات التعامل خصوصا من أولاد الأصول وليس لأنه من الإسلام، أو لأن الإسلام هو من طلب مننا التعامل على هذا النحو، لكني هنا لأقول لكم أن ما تتعاملون به من أدب وذوق إنما مرجعيته ومرده للإسلام.
ولنبدأ حديثنا بعد هذه المقدمة الطويلة بأنواع الأدب والذوق:
أنواع الأدب والذوق
1) أدب مع الله
2) أدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3) أدب مع الخَلق (الناس).
أدب مع الخَلق (الناس)
ولنبدأ بالأدب مع الناس لنختم بالأدب مع الله عز وجل:
وفي الحقيقة عندما حاولت حصر ما جاء به الإسلام عن الأدب والذوق وجدت نفسي تائها ووجدت أنه لا بد من الترتيب لذلك، سنبدأ بالأدب والذوق في منزلك، ثم بالأدب والذوق في الشارع، ثم بالأدب والذوق مع من تزورهم … وهكذا.
الأدب والذوق في داخل بيتك :
وهنا لا بد أن نبدأ بالأدب والذوق مع والديك، وأنا هنا لا أتحدث عن بر والدين حتى لا تخلط الأمور، ولأن الموضوع كبير جداً فأنا أكتفي بضرب أمثلة فقط لأدلل لك على مدى أهمية الأدب والذوق في الإسلام.
مثلا : أحدنا جاء إلى منزله ومعه صنف يحبه ويشتهيه من أصناف الطعام ويخاف أن يراه أبوه أو أمه ويأخده منه فإذا به يخفيه، أو يأكله في الطريق، أو يأكله مع أصدقائه وأكرر إنني لا أتحدث هنا عن بره بوالديه ولكني أتحدث عن ذوق المسلم مع أبيه وأمه وتقدير الإسلام لهذا الذوق . وسأروي لكم قصة :
- أحد الصحابة في عهد النبي كان يحتضر فجاءه إخوانه يقولون له : أنطق بالشهادتين فما استطاع ، عقد لسانه ، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فالأمر خطير : إنه صحابي منضبط في صف النبي صلى الله عليه وسلم ، طائع لله ورسوله ، فسأل النبي : أله أم ؟ فقالوا نعم يا رسول الله ، فذهب إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألها عن بر ولدها بها فقالت : لقد كان باراً بي، ولكنه كان يأتي بالفاكهة والطعام يخبؤها عني، فيطعم أولاده ، ولا يطعمني. فلم يستطع نطق الشهادتين لأنه لم يكن يتعامل بذوق معه أمه ! فيوقد النبي ناراً ويقول للأم سنحرقه طالما لا تسامحينه، فتقول: سامحته يا رسول الله. فلما تحرك قلبها، ينطق لسانه: اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
- انظر لهذه الواقعة ولتقدير الإسلام لذوق التعامل مع الأم في موقف صغير :
أنه كان يعطي الفاكهة لأولاده ولا يعطي لأمه. وقس على ذلك أفعالك .
من الأدبيات أيضاً: أن تنادي عليك أمك وأنت منشغل فلا ترد عليها:
يأتي الإسلام ويضرب لنا في هذه النقطة مثل وحديث طويل ويحكيه لنا رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول : " كان فيمن قبلكم رجل يسمى " جريج العابد " ، كثير الصلاة ، فإذا هو في المحراب يصلي جاءت أمه ، و نادت عليه وهو يصلي ، فقال : يا رب أمي وصلاتي – كان حائرا – فأقبل على صلاته فانصرفت أمه ، ثم جاءت في اليوم التالي : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته فانصرفت أمه فجاءت في اليوم الثالث : يا جريج ، فقال : أيا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته فانصرفت الأم وغضبت فقالت : اللهم لا تمته حتى ينظر في وجوه .... وقالت كلمة معناها الزانيات ، فسلطت عليه امرأة زانية حملت في ابن وقالت إنه ابن " جريج " ، فقاموا إليه بني إسرائيل يضربونه ويؤذونه حتى أنجاه الله في النهاية. " لكن ما أريد أن أصل إليه من هذه القصة أنه كان عابداً وباراً بوالدته ، ولكنه أوذي لأنه لم يرد عليها ثلاثة مرات نادت فيها عليه ، وأنا أهدي هذه القصة لشاب ذهب يصلي الجمعة وتأخر ساعتين عن أهله وهم ينتظروه على الغداء ، وليس لشاب شغلته العبادة عن أهله ولكني أهديها لفتاة تجلس مع صديقاتها بالساعات ، منغلقين على أنفسهم وتأبى أن تمنح أمها 1/2 ساعة تجلس فيه معها.
حتى في الاستئذان للدخول على الأب والأم :
تجد آية في القرآن تتكلم فقط عن أدب الدخول على الأب والأم غرفة نومهم في قرآن يتلى ليوم القيامة ؟ نعم
" يا أيها الذين آمنوا ليسئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات " (النور,58) آية تضع قاعدة من قواعد الذوق، الأطفال تحت سن البلوغ لا بد وأن يستأذنوا ثلاث مرات : قبل صلاة الفجر، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء.هل هذا دين جاء لينظم الحياة في المسجد أم في المنزل ؟ لا إنه جاء لينظم الحياة داخل غرفة النوم ! لا إله إلا الله .
جاء رجل لنبي الله صلى الله عليه وسلم وقال له: يا رسول الله أأستأذن على أمي؟ قال: نعم، قال: يا رسول الله أستأذن على أمي ؟ قال: نعم، قال : يا رسول الله أأستأذن على أمي ؟ قال: أتحب أن تراها عارية ؟ ، قال: لا يا رسول الله، قال: فاستأذن على أمك. " وخرجت الأجيال وكبرت على الاستئذان على الأب والأم بتعاليم وأدبيات وذوقيات الإسلام.
فلقد انتقل الإسلام بالبشرية إلى الحضارة والمدنية، لذلك كان موقف مثل ذلك غريب على هذا الرجل.
ولنأتي إلى الذوق مع الزوجة، ونحن لا نزال مع الذوق في البيت.
مثال: نشاهد في الأفلام والمسلسلات الأجنبية، الرجل الأوربي مع زوجته في مطعم ما يأكلون، فإذا به يقطع قطعة اللحم ويضعها في فم زوجته بالشوكة، والشباب والفتيات يعجبون جدا بمثل هذا الموقف ويقولون: يا للرومانسية ! ونكبر نحن على تقليد مثل هذه التعاملات مدعين التمدن من خلال تقليد الأوربيين فما بالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته " ! والآن إلى من مرجعيتك؟
وهناك مشكلة أخرى : الكثير من البيوت تهدم ويتفرق الزوجان قبل الزواج بقليل بسبب تأسيس البيت فإما أهل العروسة يغالون ويبالغون في طلباتهم ، أو أن الزوج لا يريد أن يوفر للزوجة مثل الحياة والمستوى المعيشي الذي كانت تحياه فتفشل الزيجة. أنظر إلى ذوقيات النبي في مثل هذه الحالة.
- النبي صلى الله عليه وسلم تزوج زوجاته وكلهن يسكن بجوار المسجد النبوي في المدينة المنورة والمنطقة كلها صحراوية وزوجاته تعودن على هذا المناخ ، ثم تزوج النبي بالسيدة : ماريا المصرية ، إنها من أرض النيل والخضرة ، وهذا هو النبي القائد والمسئول عن الدعوة وعن تعليم القرآن ويأخذ بيد الصحابة ويقوم الليل ، ينتبه لهذه الذوقيات البسيطة ، فلا يسكن الرسول صلى الله عليه وسلم السيدة ماريا بجانب زوجاته ، ولكنه يسكنها في منطقة تسمى العوالي : لأنها منطقة زراعية .. صلى الله عليه وسلم . أترى المراعاة الدقيقة وذوقه في التعامل مع زوجته، فقد كان يستطيع أن يسكنها مع زوجاته. لكنه لم يفعل ..
وأنا أخشى هنا أن يفهم كلامي على أن الأهالي يريدوا كل بناتهم يسكنوا على النيل!
- لذلك على العكس كان النبي غير ذلك عندما زوج ابنته السيدة فاطمة جاءها عريس (لقطة) إنه رجل مؤمن، يعتمد عليه ويا سعد من تتزوجه، لكنه فقير فزوجه إياه على ما يملك، وقد كان ما يملك حصيرة، وسادة حشوها ليف! ، لا أقول إننا سنفعل كذلك اليوم ، ولكن راعوا ذوقيات قدرة الرجل ، ولا تختلفوا على ماديات. ومع ذلك أنا أقول من ذوقيات الإسلام أن تراعي المستوى الاجتماعي والمادي للزوجة.
نعود ثانية لشيء آخر في ذوقيات التعامل مع الزوجة :
- الزوجة في وقت المحيض : وكيف أن حالتها النفسية تكون مختلفة ، وفي هذا الوقت هناك أزواج كثيرين يرفضون التعامل مع الزوجة بأي شكل في هذا الوقت وفي الحقيقة هذا من عدم الذوق ، وأنظر هنا لذوق النبي صلى الله عليه وسلم :
- تقول السيدة عائشة: كنت في أثناء المحيض، أشرب من الإناء فيأخذه النبي وينظر إلى موضع شفتي، ويضع فيه (فمه) على موضع شفتي!
وكان النبي يقصد هذا في هذه الفترة على وجه التحديد ليراعي نفسيتها التي تحتاج لذلك في هذه الفترة. هل بعد ذلك نقول الغرب و تقاليد الغرب؟
يا جماعة أنا لم آتي بجديد فهذه الأحاديث نحن على علم بها، ولكننا لا ندرك أنها تضع لنا أساسيات الذوق والأدب في التعامل لذلك لا بد أن ننتمي للإسلام بفخر.
من الأدبيات أيضا في التعامل مع الزوجة: أن نراعي المرأة في لحظة ضعفها أو غضبها:
- السيدة عائشة ذات مرة وهي تجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا بصوتها يرتفع في لحظة دخول سيدنا أبي بكر الصديق ، فكاد أن يضربها ، فجاء النبي وحال بينه وبينها وهدأ أبو بكر ، وذهب أبو بكر ، فوجد النبي السيدة عائشة منكسرة فقد كانت ستهان وتضرب الآن ، فقال لها النبي يهون عليها : أرأيت كيف حلت بينه وبينك ؟ إنه ذوق النبي في التعامل مع زوجته والتهوين عليها في لحظة إنكسار .
- أزواج كثيرين لا يتعاملون مع زوجاتهم بذوق ورقة في التعامل ، دائما يهددون "سأتزوج عليك" ، " سأنفصل عنك" وهذا الحديث حتى ولو مزاحاً يجرح المرأة كثيراً.
- السيدة عائشة كانت تجلس ذات مرة مع النبي تحكي له عن قصة عشرة أزواج مع زوجاتهم ، قصة طويلة جداً وفي نهايتها ذكرت له قصة رجل يدعى "أبا زرع" كان رجل رقيق مع زوجته يحبها وتحبه ويعيش معها أجمل عيشة ، إلا أنه طلقها ، فنظر إليها النبي وقال لها : كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك. فقد راعى النبي قلق السيدة عائشة بعض الشيء فأراد أن يسكن روعها بذوقه وسرعة بديهته.
- من عدم مراعاة الذوق أيضا في التعامل مع الزوجة: يأتي الرجل من عمله الغائب فيه طول اليوم – إلى بيته متجهم الوجه، ويجلس ليفتح الصحف ويظل يتصفحها ثم يدخل لينام ! وهذا يؤذي الزوجة. صحيح قد تكون متعبا ومرهقا من عملك طوال اليوم ، لكنك لن تكون أكثر إنشغالا من النبي صلى الله عليه وسلم. انظر إليه في بيته : كل زوجات النبي يخبرن عنه أنه كان في بيته هاشا باشا ، وكان ضحاكا في بيته – أي أنه يضحك ويضحك من حوله – وكان يجلس معنا يحدثنا ونحدثه ، فإذا أذن للصلاة كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه . ولكنه كان يجلس معهن ويتحدث إليهن لم يغلق على نفسه الباب ويقول إنني متعب ومثقل بمشاكل عدة.
في مسألة الشكل والتزين: يريد الزوج دائماً من زوجته التزين والتحلي له، أما هو فلا يهم، لا يهتم بشكله وأناقته أمامها.
وهذا هو عبد الله بن عباس – وهو من أعلم الصحابة - يقول: إني أحب أن أتزين لزوجتي كما أحب أن تتزين هي لي.
في الحقيقة مفاهيم الذوق في الإسلام عالية جداً وراقية جداً.
آخر مثال سنتحدث فيه يخص المعاشرة الزوجية بين الرجل والمرأة:
وكيف أن القرآن تحدث عن ذوق التعامل بينهما في الفراش، فالإسلام لم يترك صغيرة أو كبيرة. اسمع هذه الآية :
"نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ، وقدموا لأنفسكم"
إذن وقدموا لأنفسكم تعني: الملاطفة والمداعبة قبل المعاشرة إنه من الذوق في العلاقة الزوجية.
والقرآن قد عبر عن ذلك بكلمة كلها ذوق " وقدموا لأنفسكم ".
من الأدب والذوق في بيتك : سنة جميلة :
إذا أردت الدخول إلى بيتك فمن السنة والذوق أن تقرع جرس الباب أولا وتنتظر ثواني ثم تفتح الباب.
وذلك لسببين : الأول : لأن الإسلام يحب أن ترى امرأتك في أحلى صورة ويمكن يكون شعرها أو ملبسها غير مهندم فلا يجب أن تراها هكذا أعطيها فرصة أن تعدل من نفسها ، لأنه من الذوق أيضا أن تقابلك هي أيضا في أبهى صورة "إذا نظر إليها سرته"
والثاني : أن هناك رجال من طبعهم تخوين الزوجة ، والنبي يريد أن ينزع من قلبه وعقله هذه النقطة ، لأنه لا يصح ولا يجوز أن تتعامل مع زوجتك بهذه الصورة أعطيها الأمان دائما، اقرع الجرس أولا ونبهها لمجيئك ثم أدخل عليها.
- ما هذه الذوقيات الراقية؟ إنها بسيطة لكنها تفرق في التعامل.
- الأدب والذوق في الشارع :
وفي الحقيقة ذوقيات التعامل والسلوكيات المهذبة مهدرة في الشارع المصري ولكننا سنتناول سلوكا سلوكا ونتحدث عنه :
1- طريقة المشي: علمونا في بيوتنا : إياك أن تتسكع في مشيتك، أو تسير تتخبط في الحجارة والطوب في الأرض ، أليس كذلك؟
واسمع ماذا كانوا يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" كان إذا مشى أسرع دون الجري ، مشية بها جدية كلها أدب وذوق ، مشية ليس بها تراخي ، وليس بها جري .
- حتى أن القرآن ذكر مسألة المشي وقال " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً " مشية هينة ، فيها ذوق وعدم تكبر أو تعالي ، فيها هدوء ورصينة.
من السلوكيات المهدرة أيضا في الشارع المصري : نفير السيارات (الكلاكسات) .
- شاب يريد أن ينادي صديق من تحت بيته فيستعمل آلة التنبيه بإسراف وبدون ذوق لأنه متكاسل عن الصعود إليه ، حتى هذه النقطة يتدخل فيها القرآن :
" إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون، ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم ". (الحجرات 4.5) أدب من الأدبيات في التعامل.
صحيح هو يتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه درس أيضا لتنظيم سلوكيات الناس، هذا ينادي وهذا ينادي …
من السلوكيات الأخرى: وأنت تقود سيارتك تأبى أن يسبقك من يقود سيارة خلفك أن يتخطاك أو يسبقك، وتضيق عليه الطريق، فاسمع :
" يأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا، يفسح الله لكم " . (المجادلة.11)
- يقول عمر بن الخطاب: ثلاثة يصفين لك ود أخيك منهم: " وأن تفسح له في المجلس".
- (أن تفسح له) هنا تنطبق على كل شيء: أن تفسح له في المسجد، أن تفسح له في الطريق بين السيارات، أن تفسح في العزاء ! نعم، ألا تلاحظ أن كل من يدخل إلى سرادق يدخل وهو قلق متوتر لأن كل العيون عليه، فماذا إذا أخذت بيده وأجلسته ألن تكون بذلك قد أنقذته وأنهيت حالة قلقه.
وتنطبق أيضا في المدرج بالكلية، أن تفسح لزملائك. إنها آية في القرآن تعلمك الذوق وأن تفسح لأخيك !
من السلوكيات الخاطئة : إلقاء القمامة في الشارع .
وأنت تقود سيارتك، تلتفت حولك، إذا كان لا أحد يراك تلقي بما معك من قمامة . ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا " إماطة الأذى عن الطريق صدقة " فما بالك بالذي يلقي بالأذى في الطريق ؟! كيف يكون إثمه؟
" الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول : لا إله إلا الله ، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق " إذن إماطة الأذى عن الطريق جزءً من الإيمان ، وكأن الذوق أصبح جزءاً من الإيمان. جعل أيضا المحافظ على نظافة الطريق متصدق – في الحديث السابق – إذن نحن في حاجة لفهم إسلامنا بشكل صحيح، لماذا تخاف الناس من الإسلام والالتزام ؟ إذا كان كله ذوق وأدب بهذا الشكل.
فكر معي: لقد قال النبي هذا الحديث " إماطة الأذى عن الطريق صدقة " والجزيرة العربية كلها صحراء وهل ستفرق ؟ بالعكس إننا لا نشعر بتأنيب ضمير إذا ألقينا القمامة ونحن مسافرين على الطريق الصحراوي.
لكن النبي يعلمنا الحضارة من 1400 سنة ، وكأنه يقول هذا الحديث لنا هذه الأيام.
الأسوأ من إلقاء القمامة : من يبصق في الطريق .
- اسمع هذا الحديث: يقول النبي صلى لله عليه وسلم " إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم " وهذا يكفيك لتتعلم الذوق في كل شيء، فانظر إلى أي شيء يتأذى منه ابن آدم وأعلم أن الملائكة تتأذى منه أيضا.
تتأذى من كل شئ : من البصاق ؟ من السجائر ؟ ، رائحة الجوارب ؟ من … نعم تنطبق على كل ذلك.
- إن الذوق والأدب واللياقة أصل من أصول الإيمان.
يقول النبي : " إياكم والجلوس في الطرقات " قالوا : يا رسول الله ما لنا بد إنما هي مجالسنا ، يقول النبي : " إن أبيتم إلا الطريق فاعطوا الطريق حقه " ، قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله : قال : " غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ". إنهم يسألون عن أدبيات الشارع.
الأدب والذوق في الزيارة :
وسأخبرك بسنن النبي، وأنا لا أعلم هل هي حضارة أم سنة أم قيمة جمالية ؟
أولا : تذهب لزيارة شخص بدون ميعاد " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ". (النور.27). وفي وقتنا الحالي معنى تستأنسوا: أن تقوم بإجراء مكالمة تليفونية تستأذن في الحضور، وانظر إلى التعبير القرآني: تستأنسوا: أي أنك تضمن أن صاحب البيت سيستأنس بك ويمكن أن تستشف ذلك من نبرة صوته بالتليفون. انظر إلى الذوق في هذه الكلمة "وتسلموا على أهلها"، أي أن السلام يأتي بعد الاستئذان وبعد الذهاب للمنزل.
- أما إذا كان ليس على استعداد لاستقبالك فلا تغضب " وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم." (النور.28). إذن يعلمك القرآن أنه من الأدب أن ترجع ولا تغضب.
- إذا أخذت موعدا وذهبت في الموعد المحدد. انت الآن تقف أمام البيت. تذكر أن والدتك وأنت صغير كانت تعلمك ألا تقرع الجرس وتقف في وجه الباب مباشرة لأن ذلك ليس من الذوق ، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو يوصيك بنفس الوصية ، يقول النبي في معنى الحديث : " لا تقفوا أمام الباب ولكن شرقوا أو غربوا " – أي تقف على يمين أو يسار الباب – أيضا تعلمنا في بيوتنا ألا تقرع الجرس باستمرار وأكثر من مرة حتى لا يضجر أصحاب المنزل ، الرسول أيضا يعلمنا ذلك ، يقول صلى الله عليه وسلم : " الاستئذان ثلاثاً " ومن السنة أن تترك وقتا من الزمن بين كل من هذه المرات الثلاثة حتى تتيح له الفرصة إذا كان يصلي أو بالحمام … ،
" الاستئذان ثلاثاً فإن لم يؤذن لك فارجع " فلا تصر وتطرق على الباب وعلى الجرس بإلحاح لأنك تعتقد أن هناك من بالداخل ، لا يصح " وإذا قيل لكم ارجعوا فارجعوا " .
- وصلنا لقرع الباب ، ومن بالداخل يسأل : من ؟ فلا تقل : أنا ، يعلمنا الإسلام أن نقول أسماءنا مباشرة. يقول جابر بن عبد الله جئت إلى النبي فطرقت الباب، فسأل من ؟ فقلت: أنا، فيقول: فسمعته يقول من الداخل: أنا، أنا ؟ - وكأنه كرهها – فتعلمها الصحابة ، فكان النبي إذا سأل : من ؟ قال هذا : أنا أبا ذر يا رسول الله ، وتقول الأخرى : أنا أم هانئ يا رسول الله ، وهكذا تعلمها الصحابة ،من 1400 سنة ، إنه الإسلام الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة .
- فتح لك الباب فدخلت وأغلقت الباب بشدة من ورائك. هذا ليس من الذوق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلى شانه" .
- شيء آخر : صاحب المنزل دعاك إلى وليمة (عزومة) فأنت تذهب وتصطحب معك صديق لك ، أو أنك تقول لوالدتكم أن صديقا لك سيأتي لتناول الغذاء عندك ثم تفاجئها بـ 6 اشخاص . هذا ليس من الذوق.
النبي صلى الله عليه وسلم ذهب هو وخمسة من الصحابة إلى أحد الأنصار والذي دعاهم إلى طعام ، وهم يسيرون في الطريق تبعهم سادس ، فأول ما وصلوا عند باب الأنصاري فقال له النبي – للأنصاري - : إن هذا تبعنا فإن شئت أن تأذن له دخل ، وإن شئت رجع ! قال: بل أأذن له يا رسول الله.
- أما نحن فقد نقول خمسة من ستة أشخاص لن تفرق كثيرا، ولن يلاحظ, لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لنا : لا ، ويعلمنا غير ذلك.
دخلت إلى بيت مضيفك ووجدت التليفون، فطلبت منه أن تتحدث بالتليفون وأجريت مكالمة (مباشر) أو دولية مثلا وأخذت تتحدث نصف ساعة وهذا لا يصح ، وليس من الذوق في شيء ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام " ما تأخذه من صاحبه وهو يصمت لحيائه منك فهو حرام ! تخيل، ما هذا الدين ؟
ذهبت للزيارة وجلست طويلا جداً، يتنزل قرآن ليقول لك " وإذا طعمتم فانتشروا " بعدما تتناول الطعام، انتشر، لا تطل على الناس.
- الإمام الشافعي له قصة: جاءه من يزوره في مرة وأطال، فأخذ يحضر له الطعام يأكل وينتظر، يأكل وينتظر – أي يطيل – ثم قال له: أخشى أن أكون قد أثقلت عليه يا إمام، فقال له : أنت ثقيل علي وأنت في منزلك!
أنظر حتى عتابه له كان بذوق ، فالجملة تحمل معنيين.
قررت أن تزور قريب لك وتقيم عنده يومين أو أسبوع ، وزوجته رحبت بك ولكن في المقابل ، أنت غير مهتم وغير منظم في البيت حتى أصبح رأٍساً على عقب وتستضيف أناس في البيت وتسهر معهم لوقت متأخر … يقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة وكان قد نزل ضيفا على بيت رجل يدعى " أبو أيوب الأنصاري " لفترة ما حتى يبنى المسجد النبوي ويبنى بيت للنبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كان بيت ( أبا أيوب ) مكون من دورين ، فقال للنبي – من ذوقه – أنت تسكن في الدور الأعلى وأنا أسكن في الدور الأسفل ، حتى لا تدب قدمه فوق النبي صلى الله عليه وسلم ، كان النبي صلى الله عليه وسلم أيضا كله ذوق ، فقال له النبي : لا لأن الكثيرين من الصحابة وغيرهم من سيزور النبي ، فإذا كان أبو ايوب وزوجته في الدور الأول فسينزعجوا من كثرة الزوار ، لكن عندما يكونوا بالدور الأعلى فلن ينزعجوا ولن يضيق على زوجته.
- عندما تذهب لزيارة أحد ، تدخل وتجلس في أي مكان وهذا لا يصح ، فلا بد أن تجلس في المكان الذي يختاره لك صاحب المنزل ، وذلك حتى لا تكشف المنزل كله مثلا ، أو تضيق على زوجته يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يجلس أحدكم على تكرمة الرجل إلا بإذنه " التكرمة : أي السرير.
والمعنى ألا تجلس على شيء من خاصة الرجل إلا بإذنه.
تخيلوا الشخصية التي تتصرف بهذا الشكل ، ألا تكون محبوبة ، ألا تكون متحضرة فالحضارة ليست تكنولوجيا ، وليست بغلو ثمن ما أرتديه، أو بالسيارة ألتي أركبها إنها الأدب والذوق في التعامل ، والذي قد نكون قد تربينا عليه في بيوتنا ، ولكننا ها نحن نقول إنه من 1400 سنة ، وأن مرجعيتنا للإسلام في كل صغيرة وكبيرة .
عيادة المريض: لا تطل في زيارتك لمريض حتى لا تثقل عليه إلا إذا كان هو مستأنسا لجلستك معه، لكن الأصل ألا تطل.
- جاء أربعة ليزوروا الإمام أبو حنيفة وهو مريض وأطالوا جداً، فقال لهم: قوموا فقد شفاني الله عز وجل.
الأدب والذوق مع الجيران :
النبي يعلمنا أنه من السنة إذا حضرت إلى منزلك ومعك أكل نادر أو فاكهة حلوة وجيرانك تطلعوا إليها أو رأوها معك فلا بد أن تعزم عليهم ، وألا تخبأها من الأساس ، لكن لا تستعرض بها وقد رأوها إلا وتعزم عليهم منها.
لكن الرجل يأتي ومعه كيس تفاح مثلا، ويخرج التفاحة يعطيها لأولاده أمام الجيران ليظهر لهم أنه بيت عز، هذا من قلة الذوق.
- من الذوق إنك إذا طبخت طبخة ولها رائحة نفاذة أن تعزم على جيرانك منها.
- من الذوق أيضا ألا تعلو بحائطك عن حائط جارك إلا بإذنه ، ونحن لأن مشكلتنا في معظم العمارات, الناس تعلو بأدوار وحوائط وتقطع عن الأدوار السفلى الشمس والهواء ودون استئذانهم.
الذوق في المسجد :
1- أن تفسح به بالطبع 2- ألا تتخطى الرقاب (بقدمك وأنت تمر) 3- أن تغلق تليفونك المحمول ! نعم، والله إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه (بن آدم).
- الرجل ينعم الله عليه بلحظة خشوع في الصلاة وإذا بالموبايل يرن فجأة يخرجه من هذه اللحظة فإذا به يكره صاحب التليفون ويمكن أن يدعو عليه في صلاته ، وتتأذى منه الملائكة.
4- أحيانا عندما نحاول أن نقاوم بعض العادات التي جبل عليها الناس وهي ليست من السنة بشكل خطأ، وهنا تحضرني قصة لا أنساها:
كان هناك رجل كبير " شيخ " لا يعمل السنة جيدا ، فبعدما انتهى من صلاته وسلم ، مد يده لمن يصلي بجواره وقال :حرما – طبعا حرما وجمعاً بعد الصلاة هذه لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وليست بالسنة ، لكنها عادة – فالشاب الذي على يمينه مد يده إليه وقال : جمعاً ، أما الشاب الذي على يساره فقال له : أنها ليست من السنة ولم يمد يده للرجل ، فقال له الرجل : إذن قلة الذوق هي التي وردت في السنة؟ فقد كان من الممكن أن يمد الشاب يده ليسلم على الرجل ثم يفهمه بعدها على حدة أن هذه العادة ليست من السنة . فننتبه يا إخواننا لهذه الذوقيات البسيطة في التعامل .
5- من الذوقيات أيضا ألا تفرق بين اثنين في المجلس وتجلس بينهما, من السنة أن تستأذنهما أو تجلس إلى جوارهما.
الذوق في الدعوة إلى الله : إلى الشباب والإخوان الذين أحبوا الدين وأحبوا أن يكلموا الناس عن الدين ، إليهم هذه الذوقيات :
إذا وجدتم أحدا يتصرف بشكل خاطئ : انظروا إلى الحسن والحسين أحفاد النبي صلى الله عليه وسلم ، وجدا رجلا يتوضأ بشكل خاطئ ، فوضعا خطة ذكية. ذهب أحدهما إلى الرجل وقال له : أيها الرجل إن أخي يدعي أنه يتوضأ أفضل مني ، وأنا أقسم أني أتوضأ كما يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاحكم بيننا وقل أينا يتوضأ اصح ، فدخل الأول وتوضأ على مهل وكما تقول السنة تماماً ، ثم دخل الآخر فتوضأ مثل أخيه ، فنظر إليهما الرجل وقال : والله إني لا أجيد الوضوء كما توضأتما ، فقالا : جزاك الله خيرا وذهباً. انظر كيف يكون الذوق في تصحيح الخطأ وفي الدعوة إلى الله ، فرقت كثيرا عن رجل يذهب إليه ويقول " يا عم الحاج إن ما تفعله خطأ وانظر إلى الصحيح ".
-كان النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وإذا برجل إعرابي يتبول في المسجد ! تخيل في المسجد النبوي ، فقام الصحابة وكادوا يقتلوه ، فقال لهم النبي : اتركوه حتى يكمل بولته ! تخيلوا ، وأنظر إلى حكمة النبي وذوقه في معالجة الموقف : فقد حدث ما حدث ، وإذا هاجموه وهو يتبول ؟ تخيل كيف سيكون موقفه وهو يجري بهذا المنظر ؟ !
- كلنا نعلم أن سيدنا جبريل عليه السلام لم ينزل بالآذان ، وكان المسلمين يفكرون كيف يجمعوا الناس للصلاة ، فرأى منهم واحد رؤية فيها صيغة الآذان ، وكان قد رأى هذه الرؤية سيدنا عمر بن الخطاب أيضا ، فأتيا النبي يجريان يبلغاه بما رأيا ، فقال النبي : إنها لرؤية حق ، ولكن مر بها بلالاً لا تؤذن أنت به يا من رأيت الرؤية ، قلها لبلال فإنه أندى منك صوتاً – صوته أحلى – حتى لو كان فلان أقرب منه لله ؟ ، لا بل يؤذن من كان صوته أفضل وأحلى ، إنها قيمة جمالية في الإسلام ، وأتى بعدها آلاف المؤذنين الذين يتباهوا بجمال الصوت استجابة لكلمة قالها النبي من 1400 سنة.
الإمام أبو حنيفة كان يحب أن يقوم الليل ، وكان يسكن بجواره مباشرة شاب فاسد ، دائماً يأتي مخمورا ليلا ويظل يغني فكان يشوش على الإمام ، فعلم الإمام أنه لو نهاه وهو في هذه الحالة لن ينتهي ، فكان الشاب يغني ويقول : " أضاعوني ، أضاعوني " ، وفي ليلة جاء الإمام ليصلي فلم يسمعه يغني فسأل عنه : أين الشاب الذي كان يغني " أضاعوني " ، فقالوا له : أمسكت به الشرطة لأنه يشرب الخمر ، فأراد الإمام أن يدعوه ولكن بشكل آخر ، فذهب إلى الشرطة وقال لهم : هلا تركتموه من أجلي فقالوا له : إنه مخمور دائماً ، فألح في طلبه حتى تركوه. فأخذه الإمام وقال له أركب ورائي على بغلتي وظل طوال الطريق صامتاً ، فعندما وصلوا إلى البيت ، قال له : هل أضعناك يا فتى ؟ فقال : لا والله ، والله لا أعود لها أبدا – يقصد الخمر – أرأيتم اللطف والذوق مع الناس ماذا عساه أن يفعل؟
الذوق في حديثك مع الناس :
من السلوكيات الشهيرة والتي لا تدل على الذوق : أن تفاطع الناس في حديثهم ولا تدع لهم الفرصة للكلام.
انظر للنبي صلى الله عليه وسلم ، يأتيه رجل كافر ويعرض عليه كلاما سخيفا وكله استهزاء بالدين. يقول له: يا محمد إن كان ما تفعله هذا تريد به مالا ، فلك الأموال حتى تصير أغنانا ، وإن كان ما تفعله هذا تريد أن تصبح به ملكاً ملكناك علينا ، كلها أمور سخيفة ، وهذا الرجل يدعى عتبة بن ربيعة ، وعندما جاء النبي قال له : يا ابن أخي إني عارض عليك أمور يعرضها عليك قومك فاسمع مني ، فقال له النبي : تكلم يا أبا الوليد ، أسمع – انظر إلى ذوق النبي – ورغم كل ما قاله لم يقاطعه النبي مرة واحدة ، وبعدما انتهى ، سأله النبي : أفرغت يا أبا الوليد ؟ انظر إلى الأدب ، ولاحظ أنه يناديه بكنيته : "أبا الوليد".
فقال له : نعم ، انتهيت ، فقال له النبي : إذن اسمع مني : فقرأ النبي سورة فصلت حتى وصل للآية " فإن أعرضوا فقد أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " فخاف الرجل ، فوضع الرجل يده على النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : ناشدتك بالرحم أن تسكت – أي حلفتك بصلة القرابة بيننا – فسكت النبي صلى الله عليه وسلم . أرأيت أدب الحوار.
في يوم الطائف : ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بالحجارة من قبيلة ثقيف، آذته بالضرب والشتم والحجارة والبصاق على وجهه ، وشجت رأس سيدنا زيد بن حارثة خادم النبي ، وتخضبت قدمي النبي بالدم ، وفي وسط هذا يبحث النبي عن مكان يحتمي به من الحجارة فوجد بستانا صغيرا اختبأ فيه ، فرق أصحاب البستان للنبي وقد غطاه الدم ، فأرسلوا له صبيا صغيرا اسمه (عداس) – 12 سنة – وهو نصراني ، قالوا له : أعطي قطفا من العنب لهذا الرجل – فهم لم يتعرفوا على النبي – فوضع الصبي الطبق أمام النبي فتناول النبي واحدة وقال بصوت عال : بسم الله ، فقال له الصبي : إن أهل هذه البلاد لا يقولون هذا الكلام ، فقال النبي : ما اسمك ؟ قال الصبي : عداس ، فقال له : من أي البلاد أنت يا عداس ؟ ، قال له : من (نينوى) ،فقال النبي: من بلد الرجل الصالح : يونس بن متى ؟ فقال له الغلام : وما يدريك ما يونس بن متى ؟ فقال النبي : ذلك أخي ، كان نبيا ، وأنا نبي ، فانكب الغلام على قدم النبي يقبله ، عندما كنت أسمع هذه القصة من قبل كنت أتعجب ما الذي دفع الصبي ليقبل قدم النبي ؟ وقد توصلت للآتي :
1- أن النبي بدأ الحوار بـ " بسم الله " فلا تخفي كلمات الإيمان لكي يحبك الناس.
2- عندما سأله النبي " ما اسمك " وهذه من مفاتيح الحوار الجيدة أن تسأل من تحدثه عن أسمه.
3- وقد استخدم الاسم مباشرة وسأله من أي البلاد أنت يا عداس . وأنت تقف مع شاب وتسأله عن اسمه ، فيقول لك : أحمد ، وبعد دقيقة تقول له : إنني سيعد جداً بمقابلتك يا محمد ، لأنك لم تركز في الاسم ، لكن النبي استخدم الاسم مباشرة حتى لا ينساه ، وحتى يحبب النبي الصبي فيه .
4- ثم سأله عن بلده ، وعندما أجاب قال له من بلد الرجل الصالح : انظر إلى نعته للرجل ، وعندما قال : يونس بن متى ، أتى باسم أبيه تأكيدا للرجل ، وقال : إنه أخي ، ثم قال : كان نبي ، وأنا نبي ، وكأنه ينسب نفسه إليه ، وهذا من ذوقه وأدبه . فانكب الغلام على قدمي النبي يقبلهما .
من الذوق أيضا ومما علموه لنا في بيوتنا، ألا نتكلم بصوت خفيض، (الوشوشة)، وألا نثرثر كثيرا. وكذلك النبي نهانا عن الثرثرة وكان إذا تكلم أسمع . وعلمنا شيء جميل : إنه عندما يكون هناك ثلاثة يقفون معاً ، نهانا النبي عن أن يتناجي اثنان دون الثالث ، إلا إذا كنتما وسط أناس كثيرة ، أو وسط أربعة مثلا ، وذلك حرصا على مشاعر الثالث.
وأنا أعلم فتاة في انجلترا أسلمت بسبب هذا الأدب:
فمن الأدب أيضا : إنه إذا كان هناك ثلاثة ، منهم اثنان يتحدثان لغة أخرى لا يعلمها الثالث ، من الأدب أن تتحدث باللغة التي يعملها الثالث حتى لا يشعر أنهما يتحدثان عنه ، فهذه الفتاة الإنجليزية كانت تعمل بمكان ويعمل معها فيه إثنان مصريان ، فكانا يتحدثان بالعربية سويا ، وكلما جاءت هذه الفتاة أكملا حديثهما بالإنجليزية ، وحدث ذلك أكثر من مرة ، حتى لاحظت الفتاة وسألتهما لم تفعلان ذلك ، فأخبراها أن ذلك من السنة في دينهم وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرهم بذلك وهنا قالت بالنص : نبيكم هذا حضاري جداً ، فأسلمت هذه الفتاة بعدها بـ 6 اشهر وتقول أن أول ما دخل قلبي من الإسلام كانت هذه الذوقيات في هذا الدين.
من الذوق أيضا يا شباب ألا يكون لسانك بذئ ، الشباب الآن اعتادوا على أن يسبوا بعضهم. وأنا أذكر لكم هنا :
- أحد التابعين كان معه ابن صغير وكان هناك كلب مر أمامهم ، فقال له الطفل : سر يا كلب يا ابن كلب ، فقال الرجل بغضب شديد لابنه : إياك أن تقول هذا ، فقال له الصبي : لم يا أبت ؟ فهو كلب وأبوه كلب فقال الرجل : يا بني أنت قلتها للتحقير لا للإثبات ، أي لا لكي تثبت أنه أبوه كلب ؟ إنما أردت تحقيره ، ولا ينبغي أن يخرج من لسانك مثل هذا .
- نريد أن نصل لهذا الخلق العظيم: ألا تؤذي شعور إنسان في الكلام ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ، ولا يقول : يا فلان أنت فعلت كذا .
- وانظر إلى سيدنا يوسف عليه السلام : بعدما ضيعه إخوته ، وألقوه في البئر ، وتاه عشرين سنة وتعذب كثيرا بسببهم. ، انظر للآية بعدما عاد إليه أبوه وأمه وإخوته وتحققت رؤياه : " ورفع أبويه على العرش ، وقال : يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا، وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن – ولم يقل إذا أخرجني من السجن والجب حتى لا يؤذي مشاعر إخوته فهم موجودون ، انظر إلى الرقي وجاء بكم من البدو ، من بعد أن نزع الشيطان بيني وبين إخوتي . مع أن الشيطان نزع بينهم هم ليكيدوله له ، لكنه لم يرض أن يقول أن الشيطان ضحك على إخوته ونسب كل ما حدث للشيطان الذي أفسد العلاقة بينه وبين إخوته ، وبدأ بنفسه (بيني) / هل رأيتم الذوق والأدب ، هل ستؤذي بعد ذلك جارتك بالكلام؟ هل ستؤذي زوجك بالكلام ؟
الذوق مع أصحاب المراكز العليا :
أستاذك في الجامعة (الدكتور) ، الوزير ، رجل العلم ……………
من السنة أن تنزله منزلته – إلا في حالة الحرب – انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم عندما أرسل إلى كسرى ملك الفرس والذي يسجد للنار : من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس ، وعندما أرسل إلى ملك الروم : من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، وكان يستطيع أن يقول إلى هرقل الكافر أو كسرى الكافر لكنه ينزل الناس منزلتهم بين أقوامهم . أترى الأدب.
- إياك أن تذهب لأستاذك في الجامعة وتقول له: " أنت " ، تقول له : حضرتك وهذا من الذوق والأدب الإسلامي .
الذوق مع أصحاب الفضل عليك :
ومنهم معلمك ، إياك أن تعتقد أنه من الرجولة أن تسخر من معلمك.إنه من أصحاب الفضل عليك ألم يعلمك ؟ ، كذلك من علمك الدين ، من أخذ بيدك في طريق الإسلام والالتزام ، أي أحد له فضل عليك.
- وأنظر إلى العباس عندما سأله رجل: أيكما أكبر أنت أم رسول الله ؟ - والعباس أكبر – فقال : هو أكبر مني ، وأنا ولدت قبله.
- سيدنا أبو بكر والنبي صلى الله عليه وسلم : دخلا المدينة يوم الهجرة ولم يعلم أهل المدينة بعد أيهما رسول الله ، وكان أبو بكر متقدم براحلته فظن الناس أنه النبي ، فأخذوا بخطام ناقته ، فلم يشأ أن يحرجهم فأخذ بعباءته وظلل بها النبي ، ففهم الناس وجروا جميعهم نحو ناقة النبي.
- أحيانا من طول العشرة بينك وبين مدرسك تفقد أدبك وذوقك معه. مثل أن يكون يعطي لك درس خصوصي في المنزل ، فتتباسط معه في الحديث. وهذا عيب في حقه فهو له فضل عليك .
انظر إلى الإمام الشافعي : يقول : لا استطيع أن أقلب الورق بصوت مرتفع بين يدي أستاذي حتى لا أزعجه.
ويقول الشافعي : لا أستطيع أن أشرب الماء أمام أستاذي إجلالا له.
الذوق في الجنائز:
تجد السيدات في الجنائز في وسط تلاوة القرآن، وأم أو أخت أو زوجة المتوفي تبكي ، كل منهما تتحدث مع جارتها ، وكذلك الرجال.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب الصمت في ثلاث: عند الزحف، وعند قراءة القرآن، وفي تشييع الجنائز.
أخيرا في الذوق مع الناس :
1) المبالغة في الذوق تعد من قلة الذوق :
مثال: وأنت تزور مريضا, تخفف في الزيارة، لكن المريض طلب منك بإلحاح أن تجلس معه، فأنت تقسم على أن تذهب وتقول هذا ما تعلمناه وهذا من الذوق، لا المبالغة والتكلف في الذوق من قلة الذوق.
يقول الإمام الشافعي: أثقل إخواني على قلبي: من يتكلف لي وأتكلف له وأحب إخواني إلى قلبي من أكون معه كما أكون وحدي.
2) المبالغة في الجدية ليست من الذوق:
أي أنك لا تضحك مثلا أبدا مدعي الجدية والذوق. هذا ليس من الذوق .
الأدب مع الله
1- صيانة فكرك من أن تلحق بالله أي نقيصة.
مثال : (ليه يا رب عملت في أولادي كده؟) هذه قلة أدب مع الله عز وجل).
2- صيانة قلبك أن يلتفت لغير الله عز وجل.
أليس عيبا أنت تلتفت لغيره وتفكر فيما سواه وأنت تصلي بين يديه؟
3- صيانة أفعالك من أن تفعل شيء يكرهه الله عز وجل.
مثال : تنظر لامرأة في الطريق ، تصاحب فتاة ، تترك صلاة ، تفعل ذنب كذا .. كل هذا من سوء الأدب مع الله.
يقول العلماء : من تأدب بهذه الثلاثة : فكره مع الله ، وقلبه مع الله ، وأفعاله لله ومع الله فهو من أهله محبة الله.
أرأيت الأدب مع الله يصل بك إلى أي مرتبة ؟
من نماذج الأدب مع الله :
سيدنا عيسى بن مريم عندما يقول له الله يوم القيامة :
" وإذا قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ؟". فيجيب:" إن كنت قلته فقد علمته ، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك " الله على الأدب ، كان من ممكن يقول له : لا لم أقل وكيف ذلك و …… لكنه اكتفى بأدب وذوق مع الله أن يبجل ويرفع علمه على أنه يقول مثل هذا ولا يعمله وهو يعلم كل شيء فقال مكملا : إنك علام الغيوب ، ما قلت لهم إلا ما أمرتني به وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ، أنت على كل شيء شهيدا ، إن تعذبهم فإنه عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " ما رأيكم في الأدب ؟
قصة سيدنا موسى مع الخضر :
الخضر فعل 3 أشياء : 1) خرق السفينة 2) قتل الغلام 3) بنى الجدار لليتيمين. انظر عندما تحدث عنهم :
الفعلين الأولين في ظاهرهما شر فألحق بنفسه عند الحديث قائلا :
" أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها " ولم يلحق العمل بالله. " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه".
فقال: خشينا وأردنا ولم يقل: أراد الله حتى لا يلحق عمل الشر بالله حتى لو في الظاهر.
لكن عندما تحدث عن الجدار " وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهم وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشهدهما ويستخرجا كنزهما". هنا قال أراد ربك: لأن العمل فيه خير إذن فمن الله.
الناس جميعا متفاوتون عند الله على حسب أدبهم مع الله عز وجل ، ولذلك ربنا لعن اليهود وأحد أسباب لعنتهم اجترائهم و قلة أدبهم مع الله عز وجل " وقالت اليهود يد الله مغلولة ، غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء"
لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء " إنهم اليهود أيضا لقد لعنوا بسبب سوء أدبهم مع الله.
أما نحن فمتفاوتون أيضا مع الله عز وجل في الأدب .
منا من يترك المعاصي أدبا مع الله .
ومنا من يقوم الليل ولكنه يرتدي أفضل عباءة عنده ويتعطر بأطيب العطور قائلا: إنه يتجمل للقاء الله عز وجل.
ومنا من يستاك (أي يستعمل السواك) قبل كل صلاة حتى تكون رائحة فمه جيدة وهو مشرف على مقابلة الله عز وجل.
ومنا من يسمع آذان الصلاة ويقف لينصت له تعظيما لشعائر الله عز وجل.
وإذا سمع القرآن أطرق أدبا مع الله عز وجل.
الأدب مع الله درجات يا شباب، وأنا هنا أشبهها بملك طلب مقابلة أحد رعيته، يا ترى سيدخلون عليه واحد غير مهذب أم سيدخلون واحد شديد الأدب ؟
فكذلك الله عز وجل يدخل عليه الناس بقدر أدبهم معه تبارك وتعالى، ولذلك أكثر الناس أدبا هو أكثر من يدخله الله عليه ، لذلك الوحيد الذي دخل سدرة المنتهى للقاء الله عز وجل في رحلة الإسراء والمعراج هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أكمل الناس أدبا.
فقال عنه الله: "ما زاغ البصر وما طغى" في هذا اللقاء من شدة أدبه مع الله.
هذا هو الأدب يا إخوان وحقا أنه من تهاون في الأدب مع الله حرم السنن وكثرت معاصيه.
أوصيكم بالأدب مع الله والأدب مع رسول الله ومحاولات التخلق بالأدب مع الناس.
تم بحمد الله.
| |
| | | مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: حـلـقـة ـآ‘لـصـدق الجمعة نوفمبر 13, 2009 5:49 pm | |
|
حــلــقــة ـآ‘لــصــدق
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
الصدق صفة ملازمة للأنبياء، فهي صفة لصيقة بالنبي وكلما امتدح الله عز وجل نبيا في كتابه، وصفه بأنه صادق، صدّيق.
"واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صدّيقاً نبياً"، "واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صدّيقاً نبياً"، "واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً". سورة مريم. وهكذا نرى أنها كانت صفة لصيقة بالأنبياء لدرجة تصل للكمال الذي لا يضاهيها ريبة واحدة أو يشك فيها لحظة واحدة، إذن فهي صفة أساسية في النبي.
كان النبي بين أهله وعشيرته يتصف بصفة "الصادق الأمين"- قبل بعثته وبين أصحابه وأتباعه بعد البعثة هو "الصادق المصدوق".
- حتى أنه يوم صعد فوق جبل الصفا – بعد 3سنوات من بعثته – عندما أمر بالجهر بالدعوة: "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين"(سورة الحجر 94), يصعد الجبل ويقول كلاما هو أقرب لعدم التصديق حتى يختبر إلى أي مدى هم يصدقونه. يجمع القبائل كلها و ينادي فيهم: "أرأيتم إن أخبرتكم أن خلف هذا جبل خيلاً تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدّقي؟ - ومن سافر للحج أو العمرة يعلم أن جبل الصفا قصير، وسهل رؤية الخيل لو كانت وراءه فعلاً – فقالوا: ما جربنا عليك كذباً قط، فقال: فإني لكم نذير بين يدّي عذاب شديد".
حتى أبو لهب عندما قام ليرد عليه لم يستطع أن يقول له أنت كاذب، إنما قال له تباً لك, أجمعتنا لهذا؟ - أرأيتم الصفة راسخة عند النبي لأي مدى؟ أما بعد البعثة فهو الصادق المصدوق. يروي ابن مسعود : حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة – ويأتي العلم الحديث ليثبت هذه الحقيقة والتي كان لا يتخيلها الصحابة وقتها – ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح .. إلى آخر الحديث.
هذا الكلام لم يشهده الصحابة مثلما شهدنا نحن اليوم مع التقدم والسونار الذي يحدد اليوم عمر المولود، لكن الصحابي عندما روى الحديث قال : حدثنا الصادق المصدوق وصدقوا فعلاً ما قاله النبي.
إذن نحن نتحدث عن صفة الأنبياء الأصيلة واللازمة لهم وخاصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتخيل لو أنه ثبت على أحد الأنبياء أنه كذب ولو مرة هل سيصدق بعد ذلك في رسالته؟
بل إن الله سبحانه وتعالى لا يعاملنا إلا صدقاً، يقول الله تبارك وتعالى:
"الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه، ومن أصدق من الله حديثاً" ويقول أيضاً: "والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، وعد الله حقاً، ومن أصدق من الله قيلاً".( سورة النساء).
هل تصدق بيوم القيامة ؟ وبالجنة تمام اليقين؟ فليس هناك أصدق من الله إذن إذا كنت مصدّقا بالجنة، فأين استعدادك لها؟ أمستعد أنت ليوم القيامة؟ وإذا كنت مصدّقا بالنار فأين خوفك منها؟
وستجد أن هناك معاني كثيرة مشتقة من الصدق لا نلاحظها : مثل :
كلمة صديق : هي مشتقة من الصدق، لأن الصديق هو الذي يصدق في معاملته لك فلا يخونك أبداً.
الصدقة: لا تتعجب، فهي دليل صدقك مع الله بشكل عملي, إذن فهي من الصدق.
فضل الصدق، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الصدق
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة – وكأن الصدق طريقك للجنة مباشرة – وإن الرجل ليصدق ويتحرّى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار- وكأن طريق النار من الكذب – وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً".
بالله عليك ماذا تريد أن تكتب عند الله؟
تخيلوا إنه من الممكن أن يكون بيننا من يكتب عند الله كذاباً ويحشر يوم القيامة بهذه الصفة، ويقرأ صحيفته كلما قلب فيها وجد نفسه منعوتا عند الله بأنه كاذب حتى أن الملائكة تعرف أن هذا كذاب.
وآخر بسيط جداًَ ممكن يكون طالب أو امرأة في بيتها تتحرى الصدق وتأتي يوم القيامة وينادى عليها هكذا.
(الصدق يهدي إلى البر) : اختار النبي كلمة يهدي وكأن الصدق هو الذي يأخذ بيدك إلى الجنة، وإذا كذبت فسيأخذ الكذب بك إلى النار.
وانظر لكلمة (يتحرى) : أي أنك تبحث عن الدقة في صدقك فلا تترك كذيبة.
(الكذب يهدي إلى الفجور): اختار "الفجور" لأنها الاسم الجامع لكل أنواع الشرور وكأن كل الشر يأتي بسبب الكذب.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة، اصدقوا إذا كذّبتم، وأوفوا إذا عاهدتم، وأدّوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضّوا أبصاركم، وكفّوا أيديكم".
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " من يضمن لي ما بين لحيّيه – عظام الفك ويقصد اللسان – وما بين رجليه – يقصد الفرج – اضمن له الجنة" من الضامن هنا؟ النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح ( رواه الترمذي).
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الصدق طمأنينة والكذب ريبة" (رواه الترمذي). وكأن النبي يعبر عن دخائل نفسك، وأنت تصدق الحديث بم تشعر؟ الراحة والاطمئنان, أليس كذلك؟ لا تشعر بقلق، لا تشعر بتردد، وجهك لا يتغير لونه من الكذب.
وإذاً فهنا الحديث علمنا أننا عندما نتعامل مع الصادق نشعر بالطمأنينة وعندما تتعامل مع الكاذب أنت قلق، لا تعرف ماذا سيفعل، لا تثق فيه.
فتخيلوا لو أن المجتمع كله يسوده الكذب، سيكون القلق إلى أي مدى؟ والعكس لو أن المجتمع يسوده الرحمة ويسوده الصدق، الناس مطمئنة بعضها البعض، إذن فالمجتمع تسوده الثقة.
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك به مصدّق وأنت له به كاذب". تتحدث مع صديقك وهو يعتقد أنك صادق وأنت تكذب عليه، ثم تقول لأصدقائك: إنه ساذج لقد صدّقني، إذا كان هو ساذج فأنت خائن عند الله.
لذلك لا تغضب إذا فعلها أحد معك، فهو خائن.
حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" آية المنافق ثلاثة : إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان".
حديث النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح (رواه الترمذي): "إذا كذب العبد تباعد عنه الملك – الملك الموكل بك – ميلاً من نتن ما جاء به – من نتانة الكذب (الكلام الغير صادق) فإذا كان الأمر كذلك عند الملك، فكيف يكون عند الله؟ الملك بعد ميلاً فكيف سيغضب عليك الله؟ وإذا بعد الملك مَن المسيطر عليك وقتها؟ إنه الشيطان.
يقول الصحابة: "ما كان هناك خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب". الذين يحبون النبي صلى الله عليه وسلم ويتمنون أن يحبهم النبي، ويصلون عليه لأنه يعلمون أنه يرد عليهم الآن، هل تريدون أن يبغضكم، فهو يبغض الكذب.
يقول الصحابة :" ما كان هناك خلق أبغض إلى رسول الله من الكذب، ولقد كان الرجل يحدث الكذبة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتغير – قلب النبي على الرجل – فلا يزال النبي في نفسه – لا يطيقه – حتى يعلم أنه أحدث منها توبة".
نتعلم من هذه القصة نقطتين:
1) وأنت تكذب تخيل أن النبي صلى الله عليه وسلم تغير قلبه عليك وغضب منك.
2) النبي يظل متغيرا من ناحيتك حتى تتوب.
أريت أن الكذب من الممكن أن يُمحى من صحيفتك ويرضى عنك الله إذا تُبت من الكذب.
- يقول النبي في حديث له : "أن من علامات الساعة الصغرى كثرة الكذب" أن يشيع الكذب في المجتمعات.
- والعلماء يقولون أن من استدام على الكذب أتى بكبيرة من الكبائر تخيل ! ولنبحث هاتين النقطتين:
لماذا الكذب من علامات الساعة ؟
لأن الكون قائم على صفة أصيلة وهي الحق "خلق السماوات والأرض بالحق" ، وما الذي يُفسد الحق ؟ السبل الأساسية لهدم الحقائق والمؤدية للباطل هي الكذب، فتخيلوا أن الكذب ينتشر وينتشر حتى يصير المعروف منكرا، والخير شراً، والحق باطلاً – تهدم وتغلب الحقائق كلها حتى لا يعمل الناس أين الحقائق، أين الخير وأين الشر ؟ وقتها تقوم الساعة. وتزول السماوات والأرض لأن الأساس ضاع و هو الحق– ولذلك من علامات حفظ الأرض أن تظل الناس مصدقة ومؤمنة بالحق وتنكر الكذب فتعلم أن ما زال في الأرض بقية.
لذلك نقول أن ما زال في بلادنا وأممنا أمل كبير، فمازال الناس تصدق الحق وتعلم الحق وتنظر إلى الحق.
إذن لماذا الكذب والاستمرار عليه يعد من الكبائر؟
لأن الكذب يظل يسري على اللسان حتى تصدق نفسك من داخلك وتتخيل أنك على الحق ويمكن أن تتعصب لرأيك ولنفسك مع أنك على الباطل هذه مرحلة ، ثم تنتقل لمرحلة ينتقل الكذب لأفعالك ، أصبحت أفعالك مناقضة لأقوالك ، وأصبحت كل أحوالك وعاداتك وتصرفاتك كذب في كذب .. أنت يقينا من أصحاب الكبائر فأنت تغش ، وتستبيح الحرمات .. لذلك فإن الكذب يفتح باب الكبائر.
- ولندلل على ذلك: تعالى نقول لإنسان افعل كل المعاصي ما عدا الكذب.
- فتاة تصادق فتى دون علم أهلها.. لن نطلب منها قطع العلاقة ولكننا سنطلب منها ألا تكذب. مرة بعد الأخرى وبعد الإهانات والعقوبات التي ستتعرض لها من أهلها ليس أمامها إلى أن تعود للكذب حتى تستطيع الاستمرار في العلاقة، أو أنها تقطع العلاقة.
- في مرة عدت متأخرا إلى المنزل من سهرة حدث فيها معاصي، وطلبنا منك أن لا تذكر الأمر, وسألك أبوك أين كنت؟ ماذا ستفعل؟
- إذن إذا أردت أن تغلق باب الكبائر، أول شيء تفعله أن تقلع عن الكذب ستعاني في البداية لكنك بعد قليل ستفضل أن تقلع عن كل المعاصي والكبائر حتى لا تضطر للكذب. أرأيتم قيمة الصدق؟
- يقولون أيضاً : أن الكذب يؤدي لا محالة إلى النفاق . تخيل !
حتى أن الله سبحانه وتعالى عندما يصنف الناس يقسمهم إلى صنفين صادق ومنافق في قوله تعالى : "ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم".( سورة الأحزاب 24). ما الذي أتى بصفة المنافقين هنا؟ ألا تكون للكاذبين؟ ذلك أن الكاذب لا بد وأن يكون في النهاية منافق.
- ولذلك أساس الإيمان الصدق، و أساس النفاق الكذب، لذلك لا يمكن أن يجتمع في قلبك الإيمان والكذب ولا بد أن يطرد أحدهما الآخر.
أثر الكذب يوم القيامة:
يقول الله تبارك وتعالى: "ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة، أليس في جهنم مثوى للمتكبرين" (سورة الزمر 60)
وينادي الله يوم القيامة: "هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم".( سورة المائدة 119).
حتى لو أدى الصدق بك إلى مهالك في الدنيا فسينفعك يوم القيامة وتستبشر بهذا النداء ويحدث الله تعالى عن الأنبياء "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً ليسأل الصادقين عن صدقهم".(سورة الأحزاب 8)
بداية الآية كانت تتحدث عن الأنبياء إذن فهم من سيسألون عن صدقهم فكيف بالكاذبين أن يسألوا عن صدقهم، إذا كان موسى وعيسى ونوح بل ومحمد صلى اله عليه وسلم سيسألهم الله عن صدقهم، فبالله عليك ماذا ستفعل أنت؟
- لا تتعجب من قيمة الصدق فكما قلنا هو قوام السماوات والأرض، وإذا زال ستقوم الساعة.
- في حديث الشفاعة للنبي صلى الله عليه سلم ، أن النبي بعد طول موقف الحساب يوم القيامة وهو شيء قاس (خمسين ألف سنة والناس تقف حفاة عراة وتدنو الشمس من الرؤوس) ومن الألم الشديد يبدأ الكافرون يطلبون من الله أن ينجيهم من هذا الموقف حتى لو بدخولهم جهنم، وتذهب البشرية المليارات والبلايين من الناس لكل نبي من الأنبياء يريدون أن يشفع لهم حتى ينتهوا من الحساب ، حتى يقول النبي : أنا لها ، أنا لها – صلى الله عليه وسلم ويسجد تحت العرش وينادي الله سبحانه وتعالى يقول له الله : ارفع رأسك يا محمد ، سل تعط, واشفع تشفع.
- إنني أحكي هذه الحكاية ، لأن من ضمن الأنبياء الذين سيلجأ إليهم البشرية في هذا الموقف سيدنا إبراهيم يقولون له : يا خليل الرحمن ، يا أبا الأنبياء اشفع لنا عند الله فيقول سيدنا إبراهيم : "نفسي ، نفسي ، لست لها ، لست لها " ، لقد كذبت ثلاث كذبات منها عندما قلت " بل فعلها كبيرهم هذا " في حادثة تكسير الأصنام ..
اعتبرها كذبة مع أنها تورية للحفاظ على الحق ، وفعلها ليثبت للكفار أنهم على الباطل لكنه الصادق الذي ترهف نفسه لأي كذبة ، وشعر أنها كبيرة وتمنع من الشفاعة فما بال الذي يأتي يوم القيامة وحياته كلها كذب ، والمصيبة أنه لا تتأزم نفسه ولا ترهف نفسه لذلك ولخطورة الكذب.
- يقول الله تبارك وتعالى و هو يصف نوعية من الناس الكاذبين, الذين تعودوا الكذب أنه سيأتون يوم القيامة يكذبون على الله سبحانه وتعالى ! تخيل. "ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ، أنظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون"
وصل بهم التعود والإصرار على الكذب إلى الحد الذي جعلهم يحلفون بالله أمام الله عز وجل بالكذب ! فيقول الله عنهم, إنهم كذبوا على أنفسهم ولم يكذبوا على الله.
ما هي أسباب الكذب: لماذا يكذب الناس؟
خوفك من أن تقع في مصيبة أو مشكلة (إذا أتزنقت)
- وهذا هو السبب الأعم عند الناس – زوجة ظلت تشاهد التلفزيون طوال اليوم، وجاء زوجها ليسألها عن الطعام، ستصبح مشكلة ويحدث خصام بينهما مثلا إذا قالت له الحقيقة، فتضطر للكذب (الموقد فيه مشكلة مثلا، …)
إذن السبب هنا هو الخروج من المأزق الحرج واعتقادي أن كلمة الكذب هذه هي التي ستنقذني من هذا الموقف.
أليس هذا هو السبب الشهير الذي يقع أغلبنا في الكذب بسببه؟ طالب مثلا رسب في الامتحان ، لم يذاكر ، وينتظر أبوه النتيجة لا يستطيع أن يخبره بالحقيقة ، فيقول له أنه نجح ويفاجئ الأب بعد 4 سنوات برسوب ابنه، موظف ولم يخلص في عمله وسأله مديره عن العمل المكلف به ، فيخاف من العقاب فيضطر للكذب ..
- المشكلة أنك تعتقد أن هذه الكذبة هي التي ستنجيك، لكن لو علمت أن ما فعلت سيوقعك في شرور ومشاكل أشد، وأنه سيزداد غضب من تريد إرضاؤه عليك كما سيغضب الله منك بل وسيكشف كذبك أمامه. إذن ما رأيك ؟ هل تكذب وتنقذ من موقف اللحظة ثم تكشف بعد ذلك فيكون موقفك أصعب ؟ أم تصدق وتتحمل العقاب ويعرف عنك أنك صادق؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم "تحروا الصدق وإن رأيتم الهلكة فيه ، فإن فيه النجاة" ، حديث جميل – إن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم – العلماء يقولون "لو وضع الصدق على جرح لبرأ" ، لو أنك فعلت خطأ ما ومجروح منه ووضعت عليه الصدق لبرأت، وأحيانا العلاج يؤلم الجرح لكنه يشفي في النهاية.
- يقول عمر بن الخطاب: "لئن يضعني الصدق – أي يضعني في مرتبة دنيا – وقلما يضع- أحب إلي من أن يرفعني الكذب، وقلما يرفع".
أن يكون شكلي سيء أمام الناس وأكون صادق ، خير من أن يكون شكلي جيد أمام الناس وأنا كاذب.
- يقول عمر بن عبد العزيز "والله ما كذبت كذبة منذ أن علمت أن الكذب يشين بأهله".
- يقول جنيد : " حقيقة الصدق أن تصدق في وضع لا ينجيك فيه إلا الكذب " وهذا هو أعظم الصدق أن تصدق في وضع أنت متأكد فيه أن كلمة كذب واحدة هي التي ستنجيك.
سأحكي لك قصة حدثت في عهد النبي:
خرج النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ،و معه (30 ألف صحابي) والحر شديد في شهر أغسطس ، المسافة بعيدة حوالي 1000 كيلو.قبل الخروج بدأ المنافقون يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم . لكن كان هناك ثلاثة من الصحابة الصادقين لم يخرجوا (تخاذلوا) ومنهم (كعب بن مالك) وهو الذي يروي لنا هذه القصة ، فيقول أخذ كل يوم يمر يقول سألحق بهم غداً ، سألحق بهم غداً، حتى قطعوا مسافة لن يستطيع اللحاق بهم فيها ، وأخذ يمشي في المدينة لا يجد سوى المنافقين حتى انتهى النبي من غزوته وعاد ، فيقول: فلما قفل النبي صلى الله عليه وسلم عائدا حضرني بثي – أي شدة حزني – ماذا سأخبره ؟ وكيف أخرج من سخطه غداً ؟
- أليس هذا ما يحدث لك ؟ ومن الذي تهابه أو تخاف سخطه؟ أبوك ؟ أمك ؟ زوجك ؟ وهذا هو النبي صلى الله عليه وسلم – فيقول فطفقت أتذكر الكذب وأختار أكثر كذبة سيصدقها النبي ويعذرني بها – أليس هذا ما يحدث لك ؟ فلما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب عني الباطل فأجمعت صدقه – أي نويت على صدق الرسول – تخيل لو أنك في هذا الموقف وتخلفت عن الجهاد معه في سبيل الله – فجاء النبي وجلس في المسجد ، والمنافقون اتفقوا على الدخول مرة واحدة ومكثوا يتسمحون النبي ويحلفون له والله حدث كذا وكذا وهذا ما منعنا ، فقبلهم النبي في علانيته واستغفر لهم في سره ، وجدد لهم البيعة وخرجوا فرحين ورأى كعب بن مالك ذلك ، أي أن الكذب قد أفلح أمامه ، فيقول : فنظر إلي النبي وتبسم تبسم المغضب ، وقال لي : تعال ، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه.
فسأله النبي: ما خلفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟ أي اشتريت جملا يحملك. قال: يا رسول الله لو جلست عند ملك من ملوك الدنيا لخرجت من عنده بعذر, لقد أوتيت جدلا – أي يستطيع الكذب بحلو الكلام – ولكن يا رسول الله لئن حدثتك اليوم حديثا يرضيك عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد فيه علي – أي تغضب مني فيه – وإني لأرجو فيه رضى الله ، والله يا رسول الله ما كان عندي عذر – يحلف له بالله – وما كنت أقوى ولا أيسر حالا من يومها ! – ألا تستطيع أن تفعل ذلك مع والدك ، مع مديرك في العمل ؟ ليس لي عذر ! – ولكن ليس من باب الاستعلاء (وأعلى ما في خيلك أركبه) لا ، وسيدنا كعب أيضا لم يقصد ذلك إنما هو الصدق. فقال النبي : أما هذا فقد صدق – أي أن الباقين لم يصدقوا والنبي علم ذلك – قم حتى يقضي الله فيك ، فيقول : فقمت ، ونهى النبي عن كلامنا نحن الثلاثة أربعين يوما ثم زيدت عشرة أيام. فكانوا خمسين يوما لا يكلمهم أحد من الصحابة ولا النبي.
– هل معنى أنه صدق ألا يعاقب؟ لا, فالنبي يريد أن يعلمنا أنك لا بد وأن تصدق وتتحمل العقاب ، فلا تقل إذا صدقت والدي سيحرمني من المصروف إذن الكذب أنفع ، لا ، أصدق وتحمل نتيجة خطأك – وظلوا هكذا حتى ضاقت الأرض بما رحبت على كعب بن مالك ، كما وصف القرآن في سورة التوبة – فيقول سيدنا كعب : فلما خرجت من عند النبي جاءني أناس من قبيلة أبي سلمة من الأنصار يقولون لي ،لو كنت كذبت وتعللت بأي شيء مثل فلان وفلان, ألم تر أن النبي قد استغفر لهم ، واستغفار النبي لك يمحو ما فات ، يقول حتى هممت أن أعود إلى النبي فأكذب نفسي ! – وهو يحكي لك ترددات النفس ، وهذا ما يحدث لنا – وظل الوضع كما هو ولا يكلمهم أحد حتى نزلت توبة الثلاثة في قرآن يتلى إلى يوم القيامة " لقد تاب الله علي النبي … وعلى الثلاثة الذي خلفوا … وآخر الآية يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" قلدوا كعب بن مالك ، واصدقوا ..
لم لا نجرب ونتفق على الصدق ويحدث ما يحدث ستمر كغيرها ولكنك ستعرف بين الناس بالصادق ، ولذلك بعد ما مرت الخمسين يوما ذهبت لأسلم على النبي في المسجد – والكلام هنا لكعب بن مالك – فيقول : فاستنار وجهه من الفرحة ، وكنا نعرف ذلك عن النبي إذا ابتسم وفرح لشيء استنار وجهه كأنه القمر ، فنظر إلي رسول الله ، فقلت له : يا رسول الله والله ما نجاني إلى الصدق ، وإن من توبتي ألا أحدث بعد ذلك إلا صدقا – والله ما كذبت بعدها كذبة ، وإني لأرجو أن أستديم عليها حتى أموت . هل نستطيع أن نكون هكذا ؟
جلب المنفعة لنفسك
سبب ثاني من أسباب الكذب : جلب المنفعة لنفسك (جاه – منفعة – رياسة – مال – مكانة في المجتمع …) وهذا النوع أخبث واشد وأسوأ عند الله من النوع الأول وهذا النوع هو الذي يؤدي إلى النفاق ، لأنك ستبدأ في الغش ، وتستبيح الحرمات وتستبيح دماء ، فلا يعقل أنك لتجلب المنفعة ستكذب فقط . وهذا النوع هو الذي أهلك أبا جهل. الناس تعتقد أن أبا جهل كان يكذب النبي لأنه معتقد أنه كاذب بالفعل ، لكن الحقيقة أنه كان يعلم أنه صادق ، والدليل حادثة شهيرة في السيرة ، كان النبي صلى الله عليه وسلم قد مر على أبي جهل وصديق له يدعوهما للإسلام ، فقال له أبو جهل : أنت كاذب يا محمد ولا أصدقك ، فالنبي تركه وغادر وهو حزين ، وبعد ما غادر قال أبو جهل لصديقه : أنا أعلم أنه صادق .
- ولقد رواها صديقه لأنه أسلم بعد ذلك – ولكن يمنعني أن أؤمن به أننا – أي قبيلته – وقبيلة بني عبد مناف – قبيلة سيدنا محمد – كنا فرسي رهان أي يسابقان بعضهما في النفوذ والجاه والمنافع – يقولون منا كذا ، نقول منا كذا ، نقول : ونحن منا كذا ، أي عندنا كذا ، فنقول : ونحن عندنا كذا – حتى قالوا : ونحن منا نبي ، فأنى لنا بها ؟ فلن أصدقه أمام الناس.
تخيل أنه سيصبح في قعر نار جهنم لأنه كان حريص على منفعة شخصية، فإياك أن تكون من هذا النوع.
لإيذاء الآخرين
السبب الثالث للكذب: لإيذاء الآخرين، بسبب حقد أو غل أو حسد
أنت تحقد على شخص ، فتكذب لكي تسبب له مشكلة أو ورطة ، تكره إنسان فتكذب لكن تحقر من مقامه ، فانتبه فمن الممكن أن تكذب كذبة في عرض شخص تجعل الناس تلوك في عرضه فتهوي بك في النار سبعين خريفاً . وهذا السبب عاقبته خطيرة.
أن تكذب للكذب
تستلذ بالكذب وأنا أحيل هذا النوع للأحاديث النبوية التي ذكرناها في البداية . إنه شيء خطير.
- سئل النبي صلى الله عليه وسلم: " أيكون المؤمن جباناً ؟ قال: نعم، قالوا: يا رسول الله, أيكون المؤمن بخيلا ؟ قال: نعم، قالوا يا رسول الله: أيكون المؤمن كذاباً، قال: لا ". أرأيتم ؟ وكأننا ممكن نعذرك في لحظة ضعفت فيها يدك فكنت بخيلا – ولكن ليس معنى هذا أن تكون بخيلا أو جباناً – أو نعذرك في لحظة جبنت فيها نفسك، ولكن لن نعذرك إذا كذبت.
فتخيل لو أنك تكذب للكذب ؟ أين عذرك ؟
أنواع الصدق
وهي ثلاثة: صدق النية، صدق اللسان، صدق العمل.
صدق النية
: أي أن تعمل كل عمل في حياتك بنية خالصة لله, بنية صادقة لله، فلا تبتغي في هذا العمل إلا و جه الله، أسال نفسك مثلا : لما أذاكر ؟ أذاكر لكي أنجح ، لأني لا بد أن أذاكر ، فما رأيك لو أخذت ثواب على هذه المذاكرة ؟ وكيف ذلك ؟
بأن تأخذ نية في مذاكرتك ولتكن أن يكون المسلم متفوقا، أو بنية إرضاء والديك وبذلك تأخذ ثواباً، فالنية تحول العادة إلى عبادة.
- أتمنى أن أكون غنيا، لماذا ؟ ليكون معي المال وأسعد نفسي به. لا, اصدق النية لتأخذ ثوابا. قل أريد أن أكون غنيا لأنفق في سبيل الله، ولكي أحرص على مظهري وملبسك بنية ترغيب الناس في الدين، وبذلك يصبح كل ما تبذله من غنى في ميزان حسناتك من صدق النية.
- أريد أن أتزوج، لماذا ؟ لأنها سنة الحياة. اصدق النية لتأخذ ثوابا ، قل أريد الزواج لأعف نفسي ، لاستقر نفسيا فأعبد الله بشكل أفضل ، لأنشئ بيتا مسلما ملتزما .فتصبح كل لحظة في زواجك بثواب.
- أرأيتم إسلامنا جميل إلى أي مدى ؟ و يتعامل مع القلوب إلى أي مدى ؟ فأنت تذاكر، وتتزوج وبدون مجهود ستأخذ ثواب عظيم فقط أصدق النية ، سيهون كل تعب في البيت مثلا: غسيل ، طهي ، تنظيف … ، ستجد تلال حسنات يوم القيامة دون أن تفعل شيء ، فقط بصدقك النية في أعمالك.
- يقول النبي صلى الله عليه وسلم " من طلب الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ". تخيلوا إن ممكن سيدة بسيطة تأتي يوم القيامة مع الشهداء، مع حمزة بن عبد المطلب ! وتخيل شاب صغير لم يتح له الجهاد حتى يموت يأتي يوم القيامة مع السيدة سمية ! هيا انوي الشهادة ولكن بصدق، فستبلغ منازل الشهداء وإن مت على فراشك.
- يقول الله تبارك وتعالى ، " فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم " ويضرب لنا النبي مثلا فيقول " الدنيا لأربعة نفر : الأول معه مال وطامع لله ، ينفق أمواله ليل نهار في سبيل الله ، والثاني : ليس معه شيء ولكنه يقول : لو كان عندي مثل فلان لفعلت مثلما فعل ، يقول النبي : فهما في الأجر سواء .. تخيل! ، أنك لوقت قلت مثلا : لو كان عندي مالاً لبنيت هذا المسجد ، فتأتي يوم القيامة ومعك ثواب بناء مسجد ، ولو أنك قلت : لو كان عندي مثل علم فلان لملأت الدنيا دعوة إلى الله ، فتأتي يوم القيامة في منزلته وربما أفضل منه ، لأن كان يدعو بدون إخلاص ، وأن تمنيت وأنت مخلص . أرأيت كيف أن صدق النية شيء عظيم.
إذن تريد أن تأخذ تلالا من الحسنات يوم القيامة, اصدق النية.
- أرأيتم أن من الصدق صدق النية والعزم.
صدق اللسان
: و هو المشهور بيننا.
وأذكركم بدعاء النبي: "اللهم إني أسألك لساناً صادقاً" تخيل لو أن النبي يدعو بها, فكم نحتاج نحن لندعو بها في اليوم. والإسلام يعلمنا أن هناك أنواع لصدق اللسان.
1) صدق اللسان في القرآن :
يقول النبي صلى الله علين وسلم ، " من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده في النار " إياك أن تفتي بغير علم في تفسير القرآن ، أو تأتي عند آية لتبني عليها رأيك وتأولها مثل آية الحجاب في القرآن ، وتقول أنها أتت لزوجات النبي فقط إذن إياك وأن تكذب على القرآن ، أو تقول فيه بغير علم.
2) الصدق في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم:
يقول النبي : " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده في النار " لذلك إذا كنت غير متأكدا من رواية حديث قل " أو كما قال " ، أو قل " إن صحت هذه الرواية عن الني صلى الله عليه وسلم " ، ولذلك يقول النبي :
""من روى عني حديثا وهو يرى أنه كذب، فهو أحد الكذابين".
3) الصدق في التجارة :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء " حديث النبي " يا معشر التجار ، فرفعوا رؤوسهم وأبصارهم – فقال : إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا : من اتقى وبر وصدق " أخي التاجر : انتبه ، إن لم تصدق ستبعث مع الفجار يوم القيامة.
حديث النبي صلى الله عليه وسلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبينا ، بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا وكتما عيوب السلعة فعسى أن يربحا ربح ما ويمحق بركة بيعهما.
4) الصدق في الشهادة :
إياك أن تشهد في المحكمة، أو تشهد في موضوع ما وأنت غير متأكد.
يقول الني صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس ، وكان متكئا فجلس – وقال : ألا وقول الزور ، وشهادة الزور ، ألا وقول الزور وشهادة الزور ، فظل يكررها حتى قلنا : ليته سكت ".
- تشعر وكأنه كلما كان ضرر الكذبة يعم عددا أكبر، كلما كان الوزر يوم القيامة شديدا. إذن الكذب ليس كله درجة واحدة، وليس الحساب عليه حسابا موحدا، فعلى قدر ما أضلت كذبتك أناس كثيرين على قدر ما ستعذب بها يوم القيامة.
- النبي صلى الله عليه وسلم رأى رؤية : " أنه رأى رجل يفتح فمه فيشقه شقين فيقول : فأتاني رجلان فقالا لي : من يشق شقيه هذا الكذاب ، يكذب الكذبة فتحمل عنه – أي يعمل بها كل الناس منه – فتبلغ الآفاق فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة.
5) من أنواع الكذب الخطيرة : الكذب عند الزواج فهو يخفي عيوبه:
كان متزوجا قبل ذلك ولا يقول، تشتكي من مرض ما ولا تقول. فانتبهوا لقد حدث موقف مع النبي مثل هذا وقال: " دلستم علي " فهذا تدليس.
6) من أنواع كذب اللسان أيضا : الكذب على الأطفال.
تخيل أن هذا النوع له باب من السنة بمفرده ! لأنهم سيتعلمون ويكبرون مثل أبيهم ويتوارث الكذب في العائلة. الأب يقول لأبنه: إذا اتصل بي أحد فأنا غير موجود، الأب يقول للابن: إذا سألتك أمك عني فقل لها كذا، وهو بذلك يربي ولدا مدربا على الكذب بالله على الآباء والأمهات.
كان النبي يجلس في بيت أحد الصحابة، فرأى زوجة الصحابي تنادي على ابن لها وتقول له: تعال أعطيك شيئاً، فنظر النبي إلى يدها وقال لها: ماذا تريدين أن تعطيه؟ قالت: معي تمر يا رسول الله، قال: لو أنك ليس معك شيء تعطيه إياه لكتبت عليك كذبة ! ، ونحن في بيوتنا .. حدث ولا حرج.
لا تكذبوا على أولادكم حتى لا يكبرون كذابين.
7) من الأنواع أيضا: كذب المزاح وكثير من الشباب يقع فيها.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم " ويل لمن يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويل له ، ويل له " تريد أن تضحك أصدقاءك فتفعل شيء لم يحدث وتحكي عنه وتزيد في الكلام ، وهم يضحكون في الوقت الذي يضحكون فيه يقول النبي لك : ويل لك ، ويل لك .
- كان الرسول صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا صدقا، لا أقول لك لا تمزح ولكن إياك والكذب والناس تستهين بهذا النوع.
- يقول النبي " أنا زعيم – ضامن – ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً ".
8) النوع الأخير من كذب اللسان ما نطلق عليه " كذبة بيضاء "
- يقول النبي صلى الله عليه وسلم، وقد دخلت عليه أحدى الصحابيات تقول له: أقول الطعام الذي اشتهيه لا أشتهيه، هل تكتب علي كذبة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الكذب يكتب كذبة حتى تكتب الكذيبة كذيبة " وكأن النبي ينظر للناس في القرن الحالي وهم يقولون أنها كذبة بيضاء ويخبرهم أن الكذبة البيضاء كذيبة.
صدق العمل :
يقول الله تبارك وتعالى: " وقل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيرا "
يا رب اجعل لي في كل مكان أدخله عملا صادقا، واجعل لي كل خروج من مكان بصدق، لا تجعل دخولي وخروجي إلى كذب وإلى افتراء وإلى حرام، اجعل كل مقصدي في دخولي وخروجي هو الصدق. أترى التعبير القرآني الجميل ؟
يقول الله تبارك وتعالى " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا لله عليه " (سورة الأحزاب 23)
وأنا أريدكم أن تتعلموا شيئاً في تعاملكم مع الله، لن تصدق مع الله في شيء إلا وسيجعلك تناله كما طلبته، فقط اصدق معه. وسأضرب لكم أمثلة لأناس صدقوا لعمل مع الله.
- يوم غزوة بدر جاء عمير بن الحمام فقال : يا رسول الله : أرأيت إن قاتلت هؤلاء الناس – يعني الكفار – وقتلوني أأنا في الجنة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ، ثم قال النبي : قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض ، قال : عمير بن الحمام : بخ بخ – وهي لفظ استحسان مثل (الله الله ) – فقال له النبي : ما يحملك يا عمير على قول بخ بخ ؟ قال :إني أرجو أن أكون من أهلها – قالها بصدق – فقال له النبي : أنت من أهلها، فكان في يده ثمرات يأكلها ، فنظر إلى هذه الثمرات وقال : أما بيني وبين الجنة إلا هذه الثمرات إنها لحياة طويلة ! فألقى الثمرات ودخل وقاتل فمات شهيدا – رضي الله عنه, صدق مع الله فصدقه الله.
- النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة خيبر والغنائم توزع ، النبي قال نصيب فلان من الغنائم كذا ، فأخذوا الغنائم وذهبوا بها إليه ، فقال لهم : ما هذا ؟ قالوا نصيبك من الغنائم ،فجاء إلى النبي فقال : والله ما على هذا اتبعتك يا رسول الله ولكن اتبعتك على سهم ها هنا – وأشار إلى نحره – فنظر إليه النبي وقال : إن تصدق الله يصدقك ، وتأتي المعركة التالية ويموت الرجل شهيدا ولكن العجيب أنهم وجدوا السهم حيث أشار، فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فقلب يديه متعجبا يقول : أهو هو ؟ قالوا: نعم يا رسول الله ، فقال : صدق الله فصدقه الله .
- أمنيتك أن تكون داعية تدعو الناس ، أصدق ، تعلم ، أقرأ ، اتق الله وسيحدث وتكون كذلك ، أمنيتك أن تكون من قوامين الليل البكائين : ادع الله ، واجتنب المعاصي ، واجتهد .. سيحدث .
أمنيتك أن تتزوج امرأة تقية صالحة، غض بصرك، احفظ لسانك من الحرام ادع الله وسيحدث.
تتمنى أن يكون إبنك مثل صلاح الدين ادع وقم بتربيته على هذا سيحدث " إن تصدق الله يصدقك "
- كان عبد الله بن جحش يوم أحد يقول في دعائه قبل الغزوة – والصحابة جميعهم يدعون : يا رب إني أسألك غدا رجلا من الكفار شديد القوة أقاتله ويقاتلني ثم أقتله ، ثم ترزقني رجلا من الكفار شديد القوة أقاتله ويقاتلني ثم أقتله ، ثم ترزقني رجلا من الكفار شديد القوة أقاتله فيقتلني ويبقر بطني ويقطع أذني ويجدع أنفي فآتيك هكذا يوم القيامة ، فتقول لي : لم حدث هذا لك يا عبد الله ؟ فأقول : فيك يا رب ، فتقول : صدقت .
ويأتي يوم أحد، يقول سعد بن معاذ فظللت أبحث عنه، فوجدت عجبا. وجدته وقد بقرت بطنه وقطعت أذنه وجدعت أنفه وبجواره اثنين من الكفار قتلى. (صدق الله فصدقه الله ) تخيل أحدا يدعو على نفسه بهذا (إن تصدق الله يصدقك)
- جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر رجل (عبد حبشي أسود الوجه نتن الرائحة ، رث الثياب) فقال له : يا رسول الله كنت كافرا مع هؤلاء اليهود وأسلمت فهل يا رسول الله إن قاتلتهم اليوم أدخل الجنة ؟ قال النبي: نعم. فقال : يا رسول الله إني أسود الوجه نتن الرائحة رث الثياب أأدخل الجنة ؟ فقال له النبي : نعم ، فقاتل فمات شهيدا ، فقال لهم النبي : احملوه إلى خيمتي ، فوقف النبي أمامه وقال : أراك كنت نتن الرائحة فحسن الله رائحتك ،و كنت أسود الوجه وقد بيض الله وجهك ، وأرى بجوارك الآن زوجتان من الحور العين ينفضان عنك التراب يقولان كرم الله من كرمك ، وقتل الله من قتلك .
وهو أسود الوجه … لكن المسألة ليست بالمظاهر ولا بالأصل والحسب والنسب. المسألة مسألة صدق مع الله .
- انظر إلى صدق علي بن أبي طالب كان يدعو ويقول " اللهم ارزقني شهادة في سبيلك بعد عمر طويل في سبيلك " فعاش طويلا ومات شهيدا.
- وانظر إلى صدق عمر بن الخطاب عندما دعا وقال " اللهم ارزقني شهادة في بلد نبيك " وهي هكذا لا تعقل فكيف لأمير المؤمنين أن يستشهد داخل المدينة وهي معقل الإسلام ؟ ولكنه يموت شهيدا في بلد النبي صلى الله عليه وسلم.
- انظر إلى صلاح الدين الصادق وهو يقول: كيف أضحك والمسجد الأقصى أسير؟ فما رؤى ضاحكاً إلى يوم فتح المسجد الأقصى. أترون الصدق ؟
- أما أنت فهل أنت صادق مع الله ؟ أتنوي الصدق مع الله ؟
أرأيتم أن الصدق ليس في اللسان فقط، على أهميته – لكن الصدق نية وعقل. نية وعمل ولسان, فإذا استكملت الثلاثة كتبت صديقا. أرأيت لماذا سمي أبو بكر رضي الله عنه بالصديق ؟
لأنه استكمل أحوال الصدق الثلاثة في كل أحواله وسكناته ونظراته وتصرفاته كان الصادق المصدق .
و لكن ما ثواب الصديقين ؟
إنها ثاني درجة بعد الأنبياء يقول الله عز وجل " ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ".( سورة النساء 69) ولاحظ ترتيب الآية فقد قال: النبيين والصديقين ثم الشهداء. تخيل أن مرتبة الصديقين أعلى من مرتبة الشهداء وتأتي بعد النبوة ولماذا جاءت قبل الشهادة؟ لأنك لن تبلغ درجة الشهادة إلا إذا كنت صديق. العبد الأسود رزق الشهادة بعد يوم واحد لأنه كان صادقاً.
متى يجوز الكذب ؟
يجوز الكذب في ثلاث حالات فقط .
كما قال العلماء :
1) في الحرب : لأن الحرب خدعة.
2) عند الإصلاح بين الناس: تذهب لهذا وتقول له أن فلان يمدحك وهو يسبه.
3) على الزوجة: ولكن انتبه فلا يجوز أن تخونها ثم تكذب عليها ويقول العلماء حللوا لنا، ولكن يكون الكذب فيما يرضيها ويصلحها وليس خيانة لها. مثال: تخبرها بأنها أجمل امرأة في العالم وهي ليست بالقدر الكافي من الجمال..
| |
| | | مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: حـلـقـة ـآ‘لـرٍحـمـة الجمعة نوفمبر 13, 2009 5:50 pm | |
| [size
حــلـقــة ـآ‘لــرٍحــمــة
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن ، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً .
مازلنا نذكر يا إخوان إننا نتناول هذه الأخلاق لنتدرب على التخلق بها, ومن أجل التغيير ..
يقول الإمام ابن الجوزي، إنه كان يحضر درسه في كتاب " صيد الخاطر " آلاف مؤلفة فكان يأتيه الرجل يقول له : لم أنم أمس شوقا للدرس ، فأقول له : ينبغي ألا تنام الليلة القادمة وليست الماضية ، إن كنت استفدت من الدرس.
خلق اليوم هو خلق محبب إلى النفس ، لكنه للأسف خلق غاب عن البشرية ، صارت الأرض مفتقدة لهذا الخلق ، فلما غاب هذا الخلق انتشرت الجريمة ، لما غاب هذا الخلق صارت القنابل النووية تدوي هنا وهناك ، لما غاب هذا الخلق صار الملايين يقتلون في لحظة … إنه خلق الرحمة.
ورغم أنه محبب فعلا للنفوس إلا أنه صار غائبا بين البشرية، وأصبح الأصل هو الظلم أما الرحمة فصارت نادرة في دنيا البشر.
لذلك من المهم جداً أن تجيد هذا الخلق، ولا يكفي أن تتعرف عليه, لأن هذا الخلق إذا طبقته كما ينبغي في الدنيا ضمنت أن ترحم يوم القيامة، حتى لو افتعلته افتعالا حتى تجيده يضمن لك الرحمة يوم القيامة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء"
يقول الله تبارك وتعالى: " الراحمون يرحمهم الله "
" ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء "
إذن ارحموا من تتعاملون معهم في الأرض حتى تنالوا رحمة الله، وأنت أحوج ما تكون لرحمة الله تعالى. إنه خلق النجاة يوم القيامة, إنه المنجي يوم القيامة.
أنت الآن تستطيع أن تعرف إذا كان الله سيعاملك برحمة يوم القيامة أم لا سل نفسك: هل أنا رحيم ؟
وانظر إلى الارتباط الشديد بين رحمتك للناس في الدنيا ورحمة الله بك يوم القيامة. أرأيت الارتباط بين الأخلاق والعبادة؟ بين الأخلاق والدين؟ وإن رحمتك يا رب يوم القيامة بعبدك مرتبطة بمدى تطبيقه لهذا الخلق أم لا ؟
ولنبدأ بالحديث عن :
رحمة الله سبحانه وتعالى
وهو كلام قريب إلى النفوس ، حبيب إلى القلب ، يرقق القلوب ، ويستجمع الملائكة لتحرسنا وتحيطنا بأجنحتها ، فرأيت لكي أحدثك كيف نتراحم بيننا لا بد وأن أحدثك عن رحمة الله سبحانه وتعالى حتى نتصف بصفات الله عز وجل الرحمن الرحيم.
يقول الله تبارك وتعالى: " كتب ربكم على نفسه الرحمة " لا إله إلا الله وهذه الآية موجودة مرتين في سورة واحدة سورة " الأنعام ".
بماذا تشعر عندما تقرأ هذه الآية ؟ إنه الاطمئنان ، لا تخف فالأصل في صفات الله عز وجل " الرحمة " أما الغضب فنتيجة أعمالك ، أنت تخطئ فيغضب لكنها ليست صفة لازمة لله تبارك وتعال.
يقول الله تبارك وتعالى مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم: " فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة " وإذا سألنا واسعة إلى أي مدى ؟ تأتي آية تالية وتقول " ورحمتي وسعت كل شيء " .
ولذلك من قمة رحمة ربنا في خلقه لليل والنهار ، أنهما لا يأتيان فجأة ، وإنما تدريجيا ، تخيل لو أننا الآن نهارا ًثم فجأة وبدون أن يحدث غروب تدريجي تجد الظلام فجأة ، هل تعلم شكل الاضطرابات العصبية التي من الممكن أن نتعرض لها ؟ والعكس إذا كان هناك ظلام وفجأة أصبح هناك ضوء شديد.
ولذلك من رحمة الله أن يقول عز وجل " والليل إذا عسعس, والنهار إذا تنفس " أي تنفس نفس نفس، برحمة الله عز وجل، أرأيت آثار رحمة الله بنا والتي لا نلاحظها وهي تحدث كل يوم ويراها كل البشر.
وانظر إلى رحمة أخرى في الكون ، يقول الله تبارك وتعالى " وهو الذي ينزل الغيث " الغيث : هو الماء الغزير ، فبدون الماء تفسد الأرض ، فمن رحمته أن ينزل الغيث " وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته " انظر إلى قوله : وينشر رحمته ، تشعر أن الله ينزل الغيث يوزع به رحمته على عباده, تحمله الرياح " مبشرات بين يدي رحمته " لا إله إلا الله .
يقول الله تبارك وتعالى: " فانظر إلى آثار رحمة الله، كيف يحيى الأرض بعد موتها " كيف يحي الأرض بعد موتها، تخيل لو أننا فقدنا هذه الرحمة، رحمة نزول المياه من السماء.
يقول الله تبارك وتعالى: " أرأيتم الماء الذي تشربون، أأنتم أنزلتموه من المزن – السحب – أم نحن المنزلون ؟ لو نشاء لعلناه أجاجاً – مملح – تخيل لو نزل الماء مالحاً ؟ إذن فهي رحمة ونعمة نزل الماء من السماء عذبا .
وانظر إلى رحمة العلاقات الاجتماعية التي أنزلها الله، فهو الذي أودع في قلوب الآباء والأمهات رحمتهم بأولادهم، فكيف أن كل الآباء والأمهات في الكون حتى آباء وأمهات الحيوانات لديهم رحمة بالوليد منذ ولادته.
والرحمة أيضا بين أفراد العائلة, فمن الذي أودع في قلبك حب عمك؟ ومن الذي أودع بذرة أن تحب خالك في قلبك ؟ من أين أتت ؟ تخيل كل هذا وهي رحمة واحدة ، هي التي تسير الأرض منذ أن خلقت ، والله عنده الـ 99 لا إله إلا الله الرحمن الرحيم.
وأنظر كيف ألف بين هذين القلبين ؟ " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة".
وكأن الأصل الذي يبنى عليها البيت هو الرحمة، لكنها هما من يفسدان هذه الرحمة بمعصيتهم، وبعدهما عن طاعة الله وما يرضي الله وهنا تبدأ تنزع الرحمة.
من آثار رحمة الله أيضا بنا: أنه لا يأخذنا بذنوبنا, أليس كذلك ؟ كم مرة نذنب ؟ وكم مرة يتركنا ، ويمهلنا؟
اسمع هذه الآية وفكر في حالك وتذكر العشرين عاماً التي مرت من حياتك:"وربك الغفور ذوالرحمة لويؤاخدهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب.." سورة الكهف.
لو يؤاخذنا بما نفعل ، كان حرمك من أن تقرأ أو تسمع مثل هذا الكلام ، لكنك كنت تعصي أمس وأتاح لك أن تسمع مثل هذا الكلام اليوم, وجعل الملائكة تشهد على حضورك ، ويقول للملائكة الآن : " أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لفلان " أرأيت الرحمة؟
قد تكون أجرمت جرما لو عرف به أبوك وأمك لما سامحاك ليوم القيامة لكن الله رحمك وأعطاك فرصة أخرى لتسمع كلامه اليوم.
يقول الله تبارك وتعالى : ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم", " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم أحداً" – لم ينقي أحد من المعاصي أبدا لولا رحمته – يقول الله تبارك وتعالى : "إن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون إلا رحمة منا ومتاعاً إلى حين" (سورة يس, 43,44)
ومن رحمته أيضا أن يسترك بعد المعصية. تخيل أن يسترك بعد المعصية. تخيل أنك كلما عصيت يكتب على بيتك، أو أنك عندما تعصى تخرج منك ريح خبيثة تفضحك، لأن الذنوب لها رائحة ! والله ما استطاع أن يجلس أحد مع أحد من نتن روائح المعاصي. لكن رحمته تستر. لا إله إلا الله .
أحد الرجال سرق فقبضوا عليه وأخذوه إلى سيدنا عمر بن الخطاب: فأخذ يصيح: أقسم بالله إنها أول مرة، فقال عمر: كذبت: إن الله لا يفضح عبدا من أول مرة. سيدنا عمر يعرف قانون الرحمة الذي يعاملنا به الله عز وجل. من رحمته: تيسير التوبة.
يقول الله تبارك وتعالى: " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه". (البقرة.37)
عندما عصى سيدنا آدم وأكل من الشجرة, لم يكن يعلم كيف يتوب ؟ إنه نادم من داخله، لكن ماذا يفعل لكي يتوب الله عليه وماذا يقول ؟ لم يكن يعلم. فالآية تقول: " فتلقى آدم من ربه كلمات " إذن ربنا قال له إذا قلت هذه الكلمات سأغفرلك ! لا إله إلا الله. مع أن آدم أخطأ، يلقنه الله كيف يتوب ! سبحان الله . ما هي هذه الكلمات ؟ قال له " قل يا آدم: " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين".
ليس العجب في عبد يتذلل ويتودد إلى سيده، لكن العجب كل العجب من سيد يتودد إلى عبده، يتودد إليه برحمته. فيا سبحان الله.
من رحمته: إرسال الرسل، وإنزال الكتب، وسن الشرائع الإسلامية فالشريعة رحمة من ربنا.
يقول الله تبارك وتعالى:" وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون".( سورة الأنعام, 155)
لذلك يا إخواني: احفظوا هذه الجملة جيدا " إن الشريعة الإسلامية كلها مبنية على الرحمة " حتى تعيشوا أنتم حياة كلها رحمة وهداية.
لذلك إياك وأن تعتقدوا أن فيها ظلم، لكن ربما قال قائل: كيف تقطع يد السارق مثلا ؟ وجلد الزاني و…؟و يعتقد أن الحدود في الشريعة الإسلامية ظالمة. أبدا إنها رحمة بالمجتمع وحتى يصان المجتمع الإسلامي، وأنتم ترون الآن كيف تنتشر الجريمة ومعدلات الاغتصاب والشذوذ و …… إذن فمن رحمة الله إنزال الكتب والرسل.
من رحمة الله أيضا أنه جعل يوم القيامة. تخيل !
اسمع تركيب هذه الآية معي : " كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة" من رحمته أنه يجمعكم يوم القيامة,لماذا ؟ حتى ترد المظالم ، وحتى يأخذ كل من : حرم نفسه من المعاصي ، عانى ليحضر درسا أو يسمع كلام الله, غض بصره وكان يتمنى أن ينظر, ثوابه. وحتى يأخذ الظالم نصيبه من العذاب.
الحمد الله الذي جعل يوم القيامة، تخيلوا أن هناك أناسا يأتون يوم القيامة كالمسافر الذي عاد ولاقى أهله مسروراً. أناس تعبوا في الدنيا، أناس ظلموا وافتريَ عليها في الدنيا، ناس بذلت، صامت، صلت، قامت الليل، تحجبت، غضت بصرها …… طبعا يأتوا فرحين مسرورين يوم القيامة، معهم حق.
أما الفاسق أو العاصي فيأتي يوم القيامة كالسجين ، الهارب من السجن عشرات السنوات وقد قبض عليه . تخيل الفارق الكبير بين الاثنين ؟ لذلك من رحمة الله أن جعل يوماً للقيامة.
من رحمته أيضا : أن خلق المرأة !
نعم، فمن آثار رحمة الله علينا أنه خلق المرأة لجلب العاطفة إلى الرجل ولولا ذلك ما كان يوجد على الأرض من العاطفة والود ما فيها، والدليل على ذلك:
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: عاش آدم في الجنة، فاستوحش – شعر بالوحدة – فخلقت حواء، فقال لها: من أنت ؟ ولم خلقت؟ فقالت : أنا سكن لك، الآية واضحة " ليسكن إليها " أرأيتم العلاقة بين الرجل والمرأة ؟ وكيف كرم الإسلام المرأة ؟ وكيف أن النساء أصبحن شقائق للرجال ؟ وأنه ليس هناك تفرقة بين الرجل والمرأة في الإسلام.
من رحمة الله بنا: أنه أنزلنا الأرض !
ستتعجب بالطبع وتقول لا، فيا ليتنا دخلنا الجنة مباشرة ولم ننزل للأرض و … لكن في الحقيقة نزولنا الأرض رحمة من الله بنا ، فطبيعة النفس البشرية أنها لا ترضى أو لا يروق لها ما تصل إليه بسهولة وبسرعة ، وتمله بعد قليل – ولكن يعجبها الشيء الذي تصل إليه بصعوبة وعناء أليس كذلك ؟
هذا هو الأب يظل يشقى ويكد طوال عشرين سنة لجمع أموال, يشتري بها سيارة يخاف عليها أن تخدش, ويأتي الابن وتصبح قطعاً صغيرة بسبب تصادم بها واستهتاره في القيادة، ويقول للأب بمنتهى البساطة لم أنت غاضب؟ لأنه لم يتعب في شرائها فلا يشعر بقيمتها.
لذلك من رحمة الله . أنت لا بد وأن تنزل إلى الأرض وتشتاق الجنة، واعبد الله 60، 70 عاما وأنت لا تراه، لذلك أكثر الناس التي تستمتع برؤية الله في الجنة من عبدوه بحق في الدنيا، والذين تركوا المعصية في الدنيا من أجل رؤيته في الآخرة. أرأيت رحمة الله هنا؟
من رحمته أيضا عز وجل: تنغيص الدنيا !
وأكيد جميعنا تنغصه الدنيا وليس بنا سليم معافى، وهذا التنغيص وكثرة البلاء والتكدير في الدنيا إنما هو من رحمته حتى لا تركن وترتاح بشدة للدنيا ولكي تشتاق للجنة ، فلا تصبح الدنيا غايتك. إنك تخرج منها الآن وهي مكدرة وفيها مشاكل ونحن نبكي وننوح ، فما بالك لو خرجت منها وأنت مرتاح وهي هنيئة ؟ فمن رحمته بك أنه كدرها عليك لتعرف أنها ليست مستقرك وليست دائمة لك أبداً.
أترى هذه الرحمات العجيبة؟
من رحمته : أن هذه الرحمة عمت البشرية حتى الكافرين فيها .
انظر إلى الرزق, وكيف أنه لا يمنعه عن الكفار. لم يمنع عنهم الهواء. أليست الأرض أرضه والسماء سماؤه؟ لكنه يتركهم يتنفسون، ويشربون ويأكلون .. سبحان الله إنها رحمة منه .
ولا ننسى سيدنا إبراهيم عندما جاءه شيخ فدعاه إلى الطعام وأوقد سيدنا إبراهيم النار لنضج الطعام ، فجاء الشيخ وسجد أمام النار – كان من عبدة النار – فقال له : قم, أتعبد النار ؟ فقام الرجل. وعدل إبراهيم عن إطعامه لأنه من عبدة النار.
فنزل إليه سيدنا جبريل وقال له: يا إبراهيم – يقول لك الله عز وجل – لم تتحمله ساعة وأنا أتحمله منذ ستين عاما ؟ فجرى سيدنا إبراهيم إلى الشيخ وقال له: هلم إلى الطعام، فقال له: لم ؟ قال: عاتبني ربي فيك، فقال الرجل: إله رحيم لا بد وأن يعبد فأسلم !
سيدنا إبراهيم أيضا عندما دعا قال: " وإذا قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات – ثم اشترط شرطا – من آمن منهم بالله واليوم الآخر فيكمل الله الآية ويقول – قال: "ومن كفر". وهذا من رحمة الله. =18][/size] | |
| | | مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: حـلـقـة ـآ‘لـصـبـرٍ الجمعة نوفمبر 13, 2009 5:51 pm | |
|
حــلــقــة ـآ‘لــصــبــرٍ
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. خُلقنا اليوم من أمهات الأخلاق ومن أساسيات الأخلاق في ديننا. خلق " الصبر " في الحقيقة : أحيانا كثيرة يأتيني شاب ويقول إنني أعاني من معصية مثل غض البصر ولا أعرف ماذا أفعل فأقول له :اصبر فلا يعجبه الحديث ويظن أن هذا كلام نظري وليس كلام عملي ، كلمة الصبر عند الكثيرين منا تساوي كلمة نظرية " فض مجالس كما يقولون" .
هناك من يقول أنا أحاول أن أواظب على صلاة الفجر، وأحاول قيام الليل، اصبر على قيام الليل، يظن أنها كلمة لا تصلح أن تكون منهج عملي له يسير عليها. إن كلمة الصبر نفسها كلمة عملية، نحن لا نعتاد ذلك في قاموسنا وحياتنا مع أن خلق الصبر قائم عليه منهج السموات والأرض، تخيلوا أن هذا الخُلُق سنة كونية من سنن الكون، ولا يتعلق بالإنسان فقط ، إنما الكون كله قائم على فكرة الصبر أو التدرج. كيف ذلك؟ أترى الجنين في بطن أمه ؟ أترى مرحلة تكوينه ؟ انظر لنفسك كيف تكبر يوم بعد يوم وتتدرج، انظر للزرع كيف ينمو؟ أرأيت فكرة الصبر والتدرج كيف يقوم عليها كل ما في الكون؟ ليس هناك نبات ينمو فجأة ، إنما كل شيء يتم في صبر وتدرج ألا ترى أن الله تبارك وتعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان قادرا سبحانه وتعالى على أن يخلقها في يوم واحد أو في طرفة عين أو أدنى من ذلك ، لكن ما الحكمة ؟
أراد الله أن يفهمنا من خلق السموات والأرض في ستة أيام أن كل شيء في هذا الكون قائم على التدريج . وأن الصبر ليس سلوك إنساني إنما الكون كله قائم على فكرة الصبر على فكرة التدرج ، ولذلك كل شيء في الوجود محتاج لصبر. أن تتفوق في حياتك العملية لابد وأن تصبر 16 عام تعليم. وأن تتفوق في علامتك مع الله لابد وأن تصبر على الطاعات ، محتاج تتخلص من المعاصي تترك التدخين مثلا ، لابد وأن تصبر وتأخذ نفسك بالعزيمة حتى تقلع عنها .
محتاج أصبر على المصيبة التي أصابتني.. لابد وأن تصبر. لذلك العلماء يقولون: كمال الدنيا والدين مرتبط بالصبر وكيف ذلك ؟ لو تحدثنا عن الشجاعة مثلا، هل هناك شجاعة بدون صبر ؟ تعمير بلد وبناء قنوات وسدود هل يجدي بدون صبر على هذا البناء. تنمية اقتصادية هل تصلح بدون صبر ؟ بِر وَالدَين، أن يطلبوا منك أشياء وهي على غير هَواك, هل ستبرهم بدون صبر ؟ وكذلك نقصان الدين والدنيا تابع لنقصان الصبر . الزاني ما الذي يجعله يزني لا يقدر على الصبر حتى يتزوج، من أدمن المخدرات لم يصبر على المصيبة التي أصابته أو لم يصبر على الفراغ الذي يعيشه فذهب في هذا الطريق.
لذلك يقولون أن النفس هي ركوبة العبد ، هي التي تسير بك إلى الجنة أو إلى لنار ولجامها (الصبر). (فرامل) روحك أو نفسك هي الصبر، فإن أنت تركت اللجام وأطلقته ذهبت بك النفس حيث شاءت. نريد أن نتعلم قيمة هذا المعنى. إذن ما معنى كلمة الصبر؟ معناها في اللغة: الحبس، المنع، أنا صابر إذن أنا مانع نفسي، حابس نفسي في الطاعات مثلا : أي مستديم على الطاعات ، حابس نفسي عن المعاصي إذن أنا ممتنع عن المعاصي ، في المصائب معناها : إنني لا أسخط ولا أتضجر. كل ذلك من معاني الصبر. .
الصبر في القرآن
ورد الصبر في أكثر من 90 موضع ليس هناك خلق ورد في القرآن كما جاء الصبر، ويذكر بصيغة الأمر (فاصبر), (اصبروا).. . ذُكِر أكثر من الصدق، أكثر من الأمانة. أرأيتم قيمة هذا الخلق والحرص عليه ؟
ويقول الله تعالى تبارك وتعالى " واستعينوا بالصبر والصلاة".
أتريد أن تكون في معية الله ؟ اصبر ، تخاف على نفسك من أن تقع في المعصية ؟ كيف تصل إلى الله ؟ اصبر على طاعته . إن الله مع الصابرين . يقول الله تبارك وتعالى " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين". البقرة 155من الذي يبشرك ؟ الله هو الذي يبشرك. تخيل أن الله عز وجل يقول لك " أبشر يا صابر" ما الذي سيفعله معك؟ وما الذي سيعطيك إياه؟ يقول الله تبارك وتعالى " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب". الزمر 15 بدون حساب، يقولون في التفسير، تُصَب عليهم الحسنات صبا. هؤلاء الذين صبروا في الدنيا، لهم نعيم في الجنة بغير حساب. لماذا الصابرون بالتحديد يوفى أجرهم بغير حساب، لأنهم لم يحاسبوا الله على أفعاله معهم في الدنيا. لم يقولوا" لماذا يا رب فعلت معنا هذا لم يحاسبوا الله على قضائه وقدره في الدنيا . فلم يحاسبهم الله تبارك وتعالى في الآخرة، كما أنتم رضيتم بقضاء الله وقدره في الدنيا، يرضيكم الله في الآخرة، فلا حساب عليكم. العمل الوحيد الذي لا تعلم كم حساب الله ، ثوابه عليه . نحن نعلم أن الحسنة بعشرة أمثالها، والنفقة إلى سبعمائة ضعف لكن الصبر بغير حساب، لا تعلم كم ثوابك عليه ؟ يقول الله تبارك وتعالى: "والله يحب الصابرين ". إن معيته مع الصابرين وحبه للصابرين ، فتخيل عندما تكون معية الله وحب الله لك ، تصبر أم لا ؟ تقلع عن التدخين أم لا ؟ تبر والديك أم لا ؟ تصل رحمك أم لا ؟ تغض بصرك أم لا ؟ تستطيع مقاومة الحرام بعد هذا الكلام أم مازالت لا تقدر على ترك الحرام وتصبر؟ يقول الله تبارك وتعالى " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون". وهذا كان اليهود في فترة من فترات إيمانهم ، يدلنا الله تبارك وتعالى أن الإمامة والقيادة في الدنيا والدين تنال بشيئين : الصبر ، واليقين بالله . أمة الإسلام البعيدة الممزقة كيف تكون سيدة الأمم بأن تصبروا. ليس في العبادة فقط، أصبروا على الإنتاج، على تحسين وضع البلد، اصبروا على المعاصي وعلى المصائب. واجعلوا لديكم يقين في الله. يقول الله عز وجل " ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور" . أن تصبر على الأذى وتعفو إنه من عزم الأمور . تجد في القرآن تأكيدات شديدة للمؤمنين وللمرسلين على الصبر يقول الله تبارك وتعالى موجها حديثه للنبي في أكثر من مرة : -" فأصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ".
هل هنا كلمة أصبر كلمة نظرية أم عملية ؟ إنها أكثر وصية وصى بها الله سيدنا محمد مما فعل الأنبياء من قبله: (الصبر ):" يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" آل عمران
ويؤكد القرآن تأكيدا شديدا أن من الأمور التي يبغضها الله تعالى أن يكون صبرك قليل وضعيف – مثل الأخت التي ترتدي الحجاب وتقول أنا أعلم أنني سأخلعه لأن صبري ضعيف – هذا أمر غير محبوب في الإسلام ، بل عليك أن تقوي صبرك وتغذيه.
يقول الله تبارك وتعالى: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما" الأصل أن يكون عزمك شديد.
يقول الله تبارك وتعالى مخاطبا النبي " فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم، لولا أن تداركه نعمة من ربة لنبذ بالعراء وهو مذموم".
وانظر لقصص الأنبياء في القرآن ولا حظ أن السطر الأخير تكون فيه حكمة وعظة القصة، أفتح قصة سيدنا يوسف واقرأ معي القصة ستجد أخر صفحة فيها العظات من القصة.
سورة سيدنا هود, كلها قصص الأنبياء، أنظر لنهاية قصة سيدنا نوح. يقول الله تبارك وتعالى : " فاصبر إن العاقبة للمتقين " كأن الله تبارك وتعالى يقص للنبي هذه القصة من أجل هذا السطر ليقول له أصبر إن العاقبة للمتقين إن كانوا قد آذوك يا رسول الله فاصبر فالعاقبة لك.
ويعلمنا الله تبارك وتعالى أنه لا نصر للمسلمين ولا نصر لعباد الله إلا بالصبر على الحق ، يقول الله تبارك وتعالى يصف لقاء طالوت وجالوت في سورة البقرة لقاء جيش مؤمن وجيش غير مؤمن يقول في نهاية القصة: " قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ".البقرة . ثم جاءت الآية التإلية . " فهزموهم بإذن الله" .
ويعلمنا الله في سورة الأنفال: "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين " شرط العشرون أن يكونوا صابرون ليغلبوا المائتين. هل تصبر أنت على المعاصي ؟ هل تصبر على الطاعات ؟ هل تصبر على المذاكرة ؟ أتصبر على الوالدين؟..هل فكرت في أن تتخلق بهذا الخلق؟ لا تقول إنها عادات، وأنني سريع الغضب ؟ لابد أن تدرب نفسك على الصبر.
يقول الله " وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين" . فلا نصر للدين إلا بالصبر.
أسمع معي أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم عن الصبر : " الصبر ضياء" لماذا اختار النبي هذا الوصف ؟ ولم يقل مثلا الصبر برهان ، الصبر قوة, الصبر عزيمة ؟ إنما قال الصبر ضياء وما ينطق عن الهوى صلي الله عليه وسلم ، ذلك لأن أزمات الدنيا ظلمات ، فقد الأم أو فقد الأب ، أو فقد عضو من أعضاك ، كآبة تصيبك تصل إلى حد الظلمة – والمعاصي كذلك ظلمات ، من أين يأتي الضياء الذي يخرجك من الظلمات ؟ عليك بالصبر. صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم يقول: – الصبر ضياء – افهم ونفذ يقول النبي صلي الله عليه وسلم : "ما أعطي عبد عطاء أوسع من الصبر" لا تأخذ شيء في حياتك أفضل لك من أن تكون صبور . إني أملك سيارة وأملاك وعمل في مكان مرموق.وليس هذا هو أفضل شيء حصلت عليه ، أعظم عطاء أخذته أن تكون صبورا.
يقول صلي الله عليه وسلم, وأعلم أن النصر مع الصبر:" عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له". وقت النعمة أنت ساجد وشاكر لله تؤديها في حق الله ، ساعة المصيبة صابر ، محتسب ، موصول بالله.
ثم أنظر لمعنى جميل جدا, هل فكرت أن من أسماء الله الحسني: "الصبور". والله لو لم يكن في الصبر نعمة أو شرف غير أنه من أسماء الله الحسنى, لكفانا لنتخلق بهذا الخلق. ليس الصبر أو الصبار لأن الاثنين أقل مقاما من الصبور. الصبور هو الذي حاله مستمر على الصبر ، ولكنه صبرا لا يماثل صبر البشر ، صبرا يليق بجلاله سبحانه وتعالى .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدعون له ولدا وهو يعطيهم ويرزقهم" لا إله إلا الله من أصبر من الله على عباده؟
هناك من تقول أن والدة زوجي قالت في حقي كذا ، وكلما رأوني قالوا كذا وكذا .. أنظري لصبر الله تبارك وتعالى عما يقولون في حق مع قدرته على البشر، مع سمعه وبصره لكل ما يقوله البشر، مع أنه مالك الملك المسيطر المدبر، الذي يقول للشيء كن فيكون. لكن انظر إلى صبر الله تبارك وتعالى ؟ أنظر إلى البشرية وصلت إلى كم مليون الآن ؟ 6 مليار ونصف تقريبا ؟ كم منهم عابد الله؟ لو قلنا 300 ألف يكون عظيما. لم لا يهلك الله سبحانه وتعالى الكون؟ لأنه صبور وحليم .
في أوقات تمر ليالى في السنة تكون كل البشرية غارقة في المعصية ، ولا ينزل عليهم سخط الله عز وجل إنما يمهلهم ويصبر عليهم. أتصبر أنت بعدما سمعته هذا أم لا ؟ إذا كانت الكائنات تستجير، وتستنكر لما يحدث على الأرض ما من يوم إلا ويستأذن البحر ربه : يا رب اذن لي أن أغرق ابن آدم فإنه أكل رزقك وعبد غيرك ، وتقول الجبال : يارب اذن لي أن أطبق على ابن آدم فإنه أكل رزقك وعبد غيرك وتقول الأرض يا رب اذن لي أن أبتلع ابن آدم فإنه أكل رزقك وعبد غيرك ، والله تبارك وتعالى يقول:" دعوهم لو خلقتموهم لرحمتموهم ". "إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهن أحد من بعده" لذلك كان للنبي حق أن يقول بعد كل ما تفعله البشرية " ما من أحد أصبر على أذى سمعه من الله " أنويت أن تتصف بصفات الله أم لا ؟
يقول العلماء " أن الصبر نصف الإيمان . كيف ؟ ما الإيمان غير عمل طاعات وترك معاصي؟ والصبر ما هو إلا صبر على الطاعات وعلى البعد عن المعاصي والرضا بالمقدور. ألا يكون نصف الإيمان ؟ حياتك ما هي إلا نعمة تأتيك أو مصيبة تصيبك أليس صحيحا ؟ نعمة تأتي أشكر، ومصيبة تأتي تصبر. إن نصف الإيمان صبر والنصف الأخر شكر. لذلك يقولون أن لله علينا عبودية في السراء وعبودية في الضراء ، في السراء إذا أعطانا شكرنا ، وفي الضراء إذا امتحننا صبرنا ، إذا حققنا العبوديتين فنحن من عباد الله حقا لذلك جمعهما الله في آية واحدة " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور" .
تشعر أن الإيمان كجسد رأسه الصبر ، إذا قطعت الرأس انتهي ، تزيد لذة من اللذات؟ لا تريد أن تصلي ؟ أفعل ما شئت أنت بدون رأس أرأيت قيمة الصبر . لذلك لا إيمان لمن لا صبر له .
إذن ما هو شكل الصبر الذي يريده الله منا؟ "إنه الصبر الجميل" يقول الله تبارك وتعلى "فاصبر صبرا جميلا" ويقول يعقوب عليه السلام "فصبر جميل" ما هو الصبر الجميل ؟ وما معني إضافة كلمة جميل للصبر؟ هو الصبر الذي بلا ضجر ، بدون قلق ، بدون زهق ، بدون اعتراض ، حتى ولم لم تعبر بلسانك وقلبك يقول لماذا يحدث هذا ؟ ويشعر بالضجر فهذا ليس بالصبر الجميل.
الصبر الجميل هو الذي بلا عبوس ، حتى وجهك يبدو عليه الرضا وكأنك لم تصب بمصيبة ، صحيح أنه لابد للقلب وأن يتألم ، وصحيح أنه لابد للعين أن تدمع فنحن بشر ، لكن لابد أن تكون طبيعة القلب من داخله صابرة ، محتسبة بدون ضجر .
وهناك معني آخر لكلمة " الصبر الجميل " وهي أن يكون صبرك إيجابي ما معناه ؟ مثل : شاب لا يستطيع أن يتزوج ، فهو سيصبر ويغض بصره ، لكنه لا يعمل بجدية حتى يجد الشقة ومؤنة الزواج ، إذن فهذا ليس بالصبر الجميل ، الصبر الجميل أن تصبر وتبذل الجهد ، ألا تكون سلبيا ، تجلس في البيت وتقول إنني صابر. لا, تحرك وأصبر. إذن ما هي أنواع الصبر؟
للصبر ثلاث أنواع .
1- صبر عن المعاصي .
2- صبر عن الطاعات.
3- صبر على الأقدار والمصائب.
فمن أدى الثلاثة وصبر على الثالثة فقد اكتمل صبره .
هناك أناس وقت المحنة تجده صلب جلد قوي، لكن وقت المعصية يلهث وراءها.
تجد أناس يقومون الليل ويصبرون على الصيام، لكن عندما تعرض عليه المعصية لا يستطيع الصبر على مقاومتها ، وهو العابد الطائع . وتجد من أخلاقه حسنة: يغض البصر ويحترم نفسه، لكن يطيع الله، يقوم ويصلي ولو ركعتين ؟ لا يستطيع ؟ أكملهم من يقوم بالطاعات ويصبر عليها. تعرض عليه المعاصي يصبر على البعد عنها، تصيبه المصائب يصبر ويثبت بذلك تكون أكملت الصبر، وبإتمامك الصبر قد أتممت نصف الإيمان وأنظر إلى منزلتك وقتها " إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب. أيهم أفضل ؟ الصبر على الابتلاءات والمصائب ؟ أم الصبر على الطاعات وعلى المعاصي,؟
طبعا الجميع سيقول الصبر على المصائب فهي تكون أشد على الإنسان. لا، الصبر على فعل الطاعات والبعد عن المعاصي أحب إلى الله وأكمل من الصبر على المصائب ولو كانت عظيمة ! لماذا ؟ لأن الصبر على المصائب صبر اضطراري، أليس كذلك ؟ أما الصبر على الطاعات وعن المعاصي فهو صبر اختياري . أنا الذي أحدد إذا كنت سأغض بصري أما لا؟ ولذلك. أيهما أكمل ؟ صبر يوسف عليه السلام في محنة السجن وامرأة العزيز أم صبر أيوب المبتلي في جسده وماله وولده؟
صبر يوسف. لماذا ؟ لأنه هو الذي اختار دخول السجن بنفسه. رمي في البئر رغما عنه ، وإن كان لاقى العذاب في البئر وشيء مرعب ، بمفرده في الصحراء وفي بئر عميق كله حيات وهوام، لكنه بإرادته و رفضه للمعصية يكون مقامه في السجن أعلى من مقامه في البئر .
إذن خلصنا إلى أن الصبر على الطاعات وعن فعل المعاصي أفضل وأكمل. لماذا .
1- ذلك لأن سر وجودنا والسبب الأساسي هو عبادة الله ومعرفة الله وبم تحقق عبادة الله ؟ بالطاعات .
2- والحسنة بعشرة أمثالها أما السيئة بمثلها ، إذن فعل الطاعات أحب إلى الله. إذا فعل الإنسان الطاعات والمنكرات بالتساوي – حتى تساويا في ميزانه في النهاية فإلى أين يذهب ؟ لا نعدل على الله سبحانه وتعالى ولكن الله يقول " إن رحمتي سبقت غضبي "
إننا نقول ذلك لنستدل على رحمة الله عز وجل وعفوه سبحانه وليس لكي ندعوكم إلى المعاصي . إذن أعلى المراتب : الصبر على الطاعات، ثم الصبر عن المعاصي ثم الصبر على الابتلاءات . ولنبدأ
الصبر على المصائب و الأقدار.
الموت: هذه المصيبة تصيب الجميع: أهل وأقارب وأحباب وأصدقاء، كلنا نتجرع الصبر على الموت.
الصبر على الأمراض: أمراض كثيرة نسمع عنها كل يوم.
الصبر على أذى وسخف الناس .
الصبر على الفقر – الصبر على فشل الأولاد في المدارس.
الصبر على الزوجة (أي ما يحدث أحيانا من خلافات زوجية)
ولنبدأ بالصبر على الموت : أليس هو أشد أنواع الابتلاءات وخاصة عند المرأة تتألم كثيرا أكثر من الرجل . إليك أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم حتى تصبري .
قالت النساء للنبي "غلبنا عليك الرجال يا رسول الله ، فاجعل لنا يوما من درسك ، فقال النبي نعم ، وجاءهن النبي يوما وكلمهن ووعظهن وكان مما قال لهم ، ما منكن امرأة تقدم ثلاث من والدها إلا وكان لها حجابا من النار أي يموت لها ثلاثة وهي مازالت حية – فقالت امرأة : وأثنين يا رسول الله ؟ ، قال : وأثنين."
يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: " إذا مات ولد العبد قال الله للملائكة: أقبضتم ولد عبدي ؟ فتقول الملائكة : نعم يا رب. فيقول: أقبضتم ثمرة فؤاده ؟ أرأيتم رحمة الله مع المصيبة متلازمة إلى أي مدى ؟ فيقولون: نعم يا رب، فيقول: وماذا قال عبدي ؟ يقولون: حمدك واسترجع يا رب – أي قال : الحمد لله ، وإنا لله وإنا إليه راجعون- فيقول المولى عز وجل أبنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد".
وهذا الحديث إلى كل من أحب إنسان: أب ، أم ، أخ ، صديق ، معلم ... ثم مات، يقول النبي صلي الله عليه وسلم: ما لعبد مؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفية من أهل الدنيا ثم احتسبه،إلا الجنة " .
هل تتخيل أن مصيبة الموت هي التي ستدخلك الجنة ؟ أي صبرك عليها, وهذه نصيحة للأخوات والشباب الذين مات لهم عزيز، يوم صبرك كتب لك مكان في الجنة ، أصبحت من أهل الجنة.
يا من صبرت على ابنك أو ابنتك كتب لكما بيت الحمد في الجنة، يوم القيامة يأتي الأطفال الذين ماتوا في الدنيا فهم غير مكلفون يقول لهم الله: أدخلوا الجنة. يقولون : لا يارب لا ندخل حتى نأخذ آباءنا وأمهاتنا. فيقول لهم الله عز وجل : خذوا بيد أبائكم وأمهاتكم وادخلوا الجنة. فلنفهم الدنيا ومصائبها بشكل صحيح .
أرأيتم جمال خلق الصبر وثوابه؟ إنها الجنة .
أما الصبر على المرض : مثل الفشل الكلوي .. وفقدان البصر .. حتى من يعاني من أمراض نفسية واكتئاب. اسمع أحاديث النبي. عن عطاء بن أبي رباح يقول : قال لي ابن عباس : أتحب أن أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : نعم ، قال : تلك المرأة السوداء – مقاييس الدنيا ومقاييس الجنة مختلفة- أتت النبي صلي الله عليه وسلم فقالت له يا رسول الله إني أصرع -أي تصاب بالصرع- وإني أتكشف فأدعو الله لي أن يعافيني ، فقال لها النبي : إن شئت دعوت لك وإن شئت صبرت ولك الجنة فقالت : أصبر يا رسول الله ولكني يا رسول الله أتكشف – أرأيتم حياءها هناك أناس الآن حريصين على أن يتكشفوا !- فأدعو الله آلا أتكشف ، فدعا لها النبي فكانت تصرع ولا تتكشف. وهي من أهل الجنة .
يقول النبي صلي الله عليه وسلم " إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه- وهما العينان ، وسموا كذلك لأنهم أحب أعضاء جسده إليه – فصبر ، لم يكن له عندي جزاء إلا الجنة "
إن الله ليكفر عن المؤمن خطاياه كلها بحُمى ليلة " حديث شريف .
مغص كلوي أصابك في ليلة, تقوم صباحا وأنت مغفور لك تخيل ؟
والله أنت ممكن بعد قليل وبعد أن تسمع هذا الكلام تتألم وأنت بداخلك معنى اللذة لأن الصبر له لذة ، واستشعار الثواب له لذة أكبر وأكبرة من أهل الجنة ؟ ، قلت : نعم، قال ، تلك المرأة السوداء – مقاييس الدنيا ومقاييس الجنة مختلفة – أتت .
ابن مسعود له كلمة شهيرة يقول : إن الحسنات لاتكتسب بالمصائب، فيقولون فاغتممنا ، إنما هي تكفر السيئات ، فيقولون : فسعدنا .
أحد التابعين : يزيد بن ميسرة : له كلمة جميلة جدا : إن العبد ليمرض المرض وماله عند الله من خير قط – أي علاقته سيئة مع الله فيلقي الله في قلبه وهو يتألم أن عد إلى عبدي ، ففي أثناء المرض ربما دمعت عينه رجاءا في رحمة الله عز وجل ، فيخرج من مرضه طاهرا من الذنب" أرأيتم نظرتنا للمرض أنها لابد وأن تتغير ؟
النبي صلي الله عليه وسلم أصابه جرح غائر في أصبعه أثناء المعركة ، فينظر إليه ويقول " هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت؟ إنه يهون على نفسه مادام ما حدث لإصبعه في سبيل الله.
أما أنت رؤيتك لمنظر الدم وهو ينزف من أصبعك يجعلك تضطرب وتحزن ولذلك كان من دعاء النبي صلي الله عليه وسلم للمريض "طهور إن شاء الله" إنها من السنة أن تقول لمن تعوده وهو مريض "طهور إن شاء الله" أي إنها مطهرة من الذنوب إن شاء الله.
من أنواع الصبر أيضا. أن نصبر على أذى الناس ونحتمله ، أتحمل الجارة التي شتمتني ، أتحمل الحماة التي أهانتني ، أتحمل كلمة شديدة من زوجي، أتحمل كلمة شديدة من أبي ، تحمل الأذى بشتى أنواعه وخاصة ممن يكرهك أو يعاديك.
يقول النبي صلي الله عليه وسلم: إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة نادي منادي ليقم أهل الفضل ، فيقومون وهم قليل ، فيسيرون سراعا إلى الجنة ،فتستوقفهم الملائكة وتقول : من أنتم ؟ فيقولن نحن أهل الفضل ، فيقولون لهم وما فضلكم ، فيقولون كنا إذا ظلمنا صبرنا ، وإذا أسيئ إلينا غفرنا ، وإذا جهل علينا حلمنا فتقول لهم الملائكة : أدخلوا الجنة فنعم أجر العاملين.
ستصبر على الإيذاء أم سترد الإيذاء بإيذاء؟ "ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور. "
يأتي رجل للنبي صلي الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم ويقول له :أعدل يا محمد فإن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله- في إيذاء أشد من هذا ، يقال للنبي أعدل ؟- فيرد النبي صلي الله عليه وسلم : " رحم الله أخي موسي لقد أوذي أكثر من هذا فصبر " صلي الله علية وسلم .
يقول الله تبارك وتعالى "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان الله بصيرا " أرأيتم الحكمة ؟
الصبر على كل شيء. نحن مازلنا في الصبر على الإبتلاءات والمصائب – لكن الصبر مطلوب حتى في الضيق ، من المذاكرة مثلا ، والدك أغلق الإنترنت والتلفيزون وكل شيء حتى تنتهي الامتحانات ، وبداخلك هم وغم .
يقول النبي صلي الله عليه وسلم " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا وكفر الله له بها من خطاياه" .
نصب: تعب – لعبت كرة وتعتب تكفير لذنوبك تخيل ؟
وصب : مرض – وانظر إلى النصب والوصب : إيذاء جسدي ، الهم والغم والحزن: نفسيا ، والأذى: شملت كل هذا وحتى الشوكة .. كل ذلك يكفر الله له بها من خطاياه.
يقول النبي صلي الله عليه وسلم " لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة .
أنصبر بعد ذلك أم لا ؟
لذلك أعداء الإسلام ومن لا يحبهم الله لا يبتليهم، بل ينعم عليهم ويكثر عليهم في الإنعام حتى إذا أخذهم لم يفلتهم " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون" .
وسئل رسول الله صلي الله عليه وسلم " يا رسول الله أي الناس أشد بلاءا ؟ قال :الأنبياء – حتى لا تعتقد وأنت تبتلى أن الله ساخط عليك ، ولماذا أنا بالذات ؟ هؤلاء هم الأنبياء أشد الناس بلاءا - ثم الأمثل فالأمثل ، فيبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلبا زيد في ابتلاءه ، وإن كان في دينه رقة – أي ضعف – يبتلى على حسب دينه ، حتى يتركه الله يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة .
ما هي حكمة الابتلاء ؟
1. الحديث اخبرنا عن واحدة وهي : رفع الدرجات.
والله أننا لو قابلنا الله يوم القيامة بدون مصائب سنقابله مفلسين. هل حسناتنا أمام نعم الله، ومعاصينا أمام حسناتنا تدخلنا الجنة ؟ لكن تأتيك مصيبة تكدرك أسبوع ، شهر ، سنة ، سنتين.فتصبح لك منزلة كبيرة في الجنة ، ولكي تصل لها لابد وأن تمر بهذه المرحلة .
2. حكمة أخري من الابتلاء : التميز في الدرجات بيننا وبين بعض بشكل عملي. الله يعلم كيف سنتصرف إزاء أي موقف ، لكنه بعدله يأبى أن يحاسبنا يوم القيامة بعلمه ، ولكنه يحاسبنا على تصرفاتنا ، ولو حاسبنا بعلمه بنا لكان عادلا ، ولكنه من رحمته ولإقامة الشهود – فأنت الذي ستشهد على نفسك يوم القيامة – تأتي المصائب لتظهر مواقفنا ويظهر أصحاب الفضل من أصحاب التنكيت.
3. يقول الله تبارك وتعالى " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين " البقرة ويقول عز وجل " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، وما كان الله ليطلعكم على الغيب "
غيب التمييز الذي هو يعلمه تبارك وتعالى. هو يعلمه تبارك وتعالى ولكنه أراد أن يكون مشهودا.
1- من حكمة الله تعالى أيضا, أنه لو استمرت الأمور بنا هادئة ومستقرة وبدون ابتلاءات دائما وتحصل على المنافع والمكاسب والنعيم, سيحدث لك كبر ، غرور ، تَعاِلي على الله ، عدم احتياج لله ، فمن رحمته أن يبتليك ولترجع إليه وتنكث راسك وتذل إليه وتقول له يا رب أحتاج لكذا وكذا وكذا. .
من حكمته أيضا: أن تشتاق للجنة، فلن تشتاق إليها إلا إذا ذقت مرارة الدنيا، إذا تعبت في الدنيا اشتقت لحلاوة الجنة .
2- إن المصائب تذكرك بالمنعم والنعم، فتكون المصيبة سبب في أن تشكر نعمة الله عليك،
3- من حكم الابتلاء: أن الله يحب إذا قضى قضاء أن نرضي بقضائه.
4- من حكم الابتلاء: أن يبتليك لتظهر قوة الله عز وجل وتتجلى , حين ينجيك منها ، فمتى ستظهر صفة الله القوي الرحيم الودود إذا كانت حياتك كلها مستقرة؟ يبتليك فتلجأ إليه فيأخذ بيدك ، فتظهر صفات الله عز وجل .
هذه كانت حكم الابتلاءات .
نماذج الصابرين على الابتلاءات
أجمل هذه النماذج: أيوب عليه السلام، عاش 80 عام غني موفور الصحة عنده 14 ولد وبنت، كل الناس تحبه في البلد التي يعيش فيها. ثم يشاء الله تعالى بعد كل هذا النعيم ، وبعد 80 سنة أن يموت ال 14 ولد وبنت ، ويصاب بمرض شديد حتى أنه اقعد فلم يستطيع الحركة ، حتى أن أعضاءه بدأت تتساقط ، فخافه الناس ، هربوا منه ، فلم يبق معه سوى زوجته الوفية الصابرة هي أيضا – زوجات كثيرات عندما يتغير حال زوجها أو يتبدل يتغيرن ، تعليم من زوجة أيوب عليه السلام بقي الرجل 18 عام مقعد ، فاقد أولاده جميعهم ، حتى أنفقت زوجته مالها كله عليه فهو لا يعمل ، ونفذ المال ولم يبقي في بيت النبي شيء يؤكل – أترون كم الابتلاءات ؟ فخرجت زوجته تعمل عند الناس ، وهي زوجة النبي لكي تأتي بلقمة العيش لزوجها حتى جاءت يوما وقالت له ألا تدعوا الله أن يشفيك ؟ قال: أنعم على 80 عام فلأصبر 80 عاما ثم أدعوه ! مثل عجيب ، حتى أننا إلى الآن نقترب المثل بأيوب في الصبر لذلك يقول الله عنه " إنا وجدناه صابرا فنعم العبد ، إنه أواب" وظل صابرا ولا يدعو الله ، ولم تجد زوجته شيء لأن الناس خافوا منها أيضا لأنها زوجة من تتساقط أعضاؤه ، حتى اضطرت لبيع ضفائرها ، فلما علم بذلك بدأ يدعو ، ولكن أنظرا لدعائه ، قال " رب إن مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " وفقط ، لم يقل يا رب كفاني 18 عام ، لم يشتكي ، بقية الآية " فنجيناه من الغم " لا إله إلا الله ، ورزق – هناك روايات تقول – 28 ولد ، ولم هذا العدد بالتحديد لأن الله يقول " ورزقناه أهله ومثلهم معه " كان لديه 14 ولد رزقه الله بـ28 ، وبارك الله له في ماله ، وردت إليه صحته إنه أيوب عليه السلام وأنت تحزن لخدش أصابك ، وتحزن لأن سيارتك فيها صدمة خفيفة ، تحزن لأن شخص مات لك ، انظر لنبي الله ماذا حدث له ؟ أنت أحب إلى الله أم أيوب عليه السلام ؟ فلا تقل " ليه يا رب عملت في كده" ؟
ثم أنظر لثاني هذه النماذج : " يوسف عليه السلام" يفقد أبوه وأمه، يفقد أهله ووطن وغرب عشرين سنة عن بلده، لا يعمل طريق العودة لأنه عندما أخرج منها كان طفل وبيع ولم يعلم كيف يعود؟ أخوته يكرهونه ، وكادوا يقتلوه، ألقي في البئر في وسط صحراء ، تملأه الهوام وهو عميق جدا " في غيا بات الجب " ، يباع عبدا وهو الكريم أبن الكريم أبن الكريم أبن الكريم . أبن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم يباع عبدا، ثم يتعرض لفتنتين عندما يباع لقصر العزيز وتبدأ امرأته في مراودته عن نفسها، فتنة صعبة، ثم يلقى في السجن 9 سنوات ثم يتعرض لفتنة المال والوزارة . سبحان الله أنظر إلى حجم الابتلاءات التي تعرض لها ؟ وهو صابر .
ويعود لأبيه بعد عشرات السنين ، وأنظر إلى صبر أبيه يعقوب هو أيضا لفقد أبنه وحزنه الشديد عليه .
من نماذج المبتلين أيضا: - (عمران بن حصين) من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم جاءه مرض شديد حتى اقعد لفترة طويلة، يدخل عليه أصحابه يزورونه فيبكون رفقة به. فينظر إليهم ويقول لهم ما أحبه الله أحببته !
انظر لامرأة قطعت يدها، فأول ما قطعت ضحكت، فقالوا لها ألا تجدين الألم ؟ فقالت : حلاوة الثواب أفقدتني مرارة الألم!.
من نماذج المبتلين أم سليم : صحابية ، هي وزوجها عندهم ولد واحد وهو " طلحة " الولد أصابه مرض شيد وأبوه كان يحبه حب شديد ، وفي يوم خرج الأب ، والود مات في المساء ، والبكاء عليه في وقت متأخر من الليل لن يفيد فلن يستطيعوا دفنه ، فالمرأة العاقلة الصابرة المؤمنة الذكية لم ترضى أن يعلم زوجها ويظل حزينا من الليل حتى الصباح ، فتحملت هي الألم وحدها ,أثرت أن تخبره صباحا ! فجاء الرجل ليلا وسألها : ما حال الغلام ؟ فقالت : سكن . هو يفهمها أنها ارتاح وهي تقصد أنه مات وارتاح – فقال : الحمد لله ، فتزينت له وأعددت له نفسها كأجمل ما يكون ! وقضى معها ليلته، فلما جاء الصباح فقالت له يا رجل: أرأيت إن كان لجيراننا عندنا وديعة أنردها إليهم ؟ قال : نعم ، قالت أفرأيت إن طال الزمن ؟ أي أنها عندنا مدة طويلة ؟ قال بذلك فهي أحق أن تؤدى ، قالت : فاحتسب أبنك ، إن الله أراد أن يسترد وديعته – الأخوات يستطعن أن يصبرن هكذا ، أن يكونوا نصف أم سليم؟ .
إذن وكيف أصبر؟ للصبر على المصائب شروط :
1- لابد وأن يكون في اللحظة الأولي ، أول ما يأتي الخبر وكيف ؟
بينما الرسول صلى الله عليه وسلم يمر على القبور فإذا بامرأة تبكي عند قبر بنواح. فقال لها النبي: يا أمة الله اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني – أي اتركني وشأني – فقال لها ، يا أمة الله اتقي الله واصبري ، فقالت : إليك عني ، فتركها رسول الله ، فذهب إليها الصحابة وقالوا لها : أتعلمين من هذا ؟ إنه رسول الله فذهبت إليه وقالت له : سامحني فلم أكن أعلم أنك رسول الله ، فقال لها : إنما الصبر عند الصدمة الأولى أي الآن هدأت ؟ الصبر كان لابد وأن يكون في لحظتها حتى تأخذي الثواب كاملا.
2- الشرط الثاني: أن تقولي في لحظتها " إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها "
ليتنا يا شباب نتعلم هذا الدعاء، في أي شيء يصيبك، سرق حذاءك وأنت تصلي ، ضاع منك أي شيء ، قل هذا الدعاء ، ولابد أن يعوضك الله خيرا منها.
أم سلمة زوجها " أبو سلمة " مات شهيدا في بدر ، فقال لها النبي قولي هذا الدعاء ربنا يخلفك خيرا منه ، فجلست تفكر من يكون خير من أبي سلمة صحابي ، وشهد بدرا ، ومات شهيدا ؟ لكنها قالته ، فتزوجها نبي الله محمد صلي الله عليه وسلم إذن نتعلم أن نحرص على هذا الدعاء " اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها.
3- الشرط الثالث عند استقبال المصائب: أن يكون بلا ضجر وبلا شكوى هل معناه ألا أقول لأحد ؟ إذا كنت تقول بنية الأخبار وإنك تتألم من حدوث كذا وكذا .. يجوز، لكن لو بنية شكوى الله لا يجوز، فالأمر يتوقف على نيتك.
أوصيكم بتطبيق عملي على الصبر ، الصبر في البيوت بين الزوجات والأزواج ونصيحة بالذات للأزواج، يقول النبي صلي الله عليه وسلم :
"لا يبغض مؤمن مؤمنة إذا رأى منها خلق يبغضه رأى منها أخر يعجبه "
وهو يقصد الأزواج هنا ، فليس كل شيء في زوجتك سيء ، هناك فيها ما يعجبك ، إن سخطت منها شيء فارضي بالباقي .
قضية مهمة جدا ومنتشرة الآن في المجتمع ، أزواج كثيرين الآن ، يقولون أريد أن أتزوج مرة أخرى ، لا أستطيع الاستمرار مع زوجتي لماذا ؟ في الحقيقة هي حسنة المعاشرة وتربي أولادي , .. لكن فيها بعض الأشياء التي تضايقني .
أقول له: ألم تسمع قول الله تعالى " إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب"
وقول الله تعالى: " فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا" النساء
انصح الأزواج أن يصبروا على زوجاتهم وإذا كان هناك ما يضايقك فيها حاول أن تصلحه معها وتساعدها على أن تعالجه.
من التطبيقات أيضا التي أوصي بها:
أوصي الناس التي تظل صابرة ومحتسبة عند المصائب ، لكن عندما يفتح الله عليها ويفرحها لا تستطيع الصبر ، يصبر على البلاء ولا يصبر عند النعمة يقول أحد الصحابة : أبتلينا مع النبي صلي الله عليه وسلم في الضراء فصبرنا ، ثم أبتلينا بالسراء فلم نصبر.
وهذا ما يحدث لبعضنا، هو صابر ومؤمن ، أول ما يفتح له الله وتأتي السيارة يعصي ، يأتي المحمول يعصي أكثر ، كل ما النعيم يفتح له يعصي أكثر ولا يقوى على الصبر فبالله عليك لا تغفل عن هذا المعني .
لذلك ما الأصعب ؟ صبر سيدنا يوسف في السجن، أم صبره عندما صار وزيرا ؟ وهو وزير ، لأن فتنة السراء تأت ملتوية أم فتنة الضراء فهي مباشرة وأنت تدركها . فاتقي الله عند النعم .
هذا كان النوع الأول من الصبر الذي تحدثنا عنه وهو الصبر على المصائب أما النوع الثاني : فهو
الصبر عن المعاصي
وهنا الحديث للشباب
وسأضرب لكم مثل على أصعب مشكلة تقابل الشباب والبنات في الصبر وهي علاقة الرجل بالمرأة خاصة فيما يتعلق بمسائل الجنس ، وليس هناك أصعب من هذا المثل يوسف عليه السلام وامرأة العزيز " ، وأنظر له : شاب موفور الشباب ، موفور الصحة ، جميل أعطي نصف الجمال وليس جمال البشر ، بل نصف جمال المخلوقات والكون نحيل ، أعزب ، عبد – وما قيمتها ؟ العبد لن يحاسب كالحر في تصرفاته فهو مأمور - ، غريب ليس في بلده – مثل الذي يسافر خارج مصر يكون أشد جرأة على المعاصي لأنه لا أحد يعرفه ، تخيل كل هذه الصفات فيه .
وأنظر لها هي: امرأة جميلة, ذات منصب ، هي التي تسعي إليه ، " غلقت الأبواب" وقالت هيت لك" هي التي تدعوه للمعصية ، ولا أحد يراهم ، ثم تهدده: إذا لم تفعل ما آمرك به ستدخل السجن. هل هناك موقف أصعب من ذلك ، ثم بعد ذلك كل نساء المدينة يسعين إيه ، وكلهن يراودنه عن نفسه .. ثم هو يقول بعد ذلك " معاذ الله" هل تستطيع أن تكون كذلك ؟ أنت تسعى وراء المعصية ، وهو وسط كل هذه الابتلاءات والإغراءات وصمد .
والله يا شباب قصة سيدنا يوسف لم تترك لأي شاب عذر ، يقول لك الشاب : أنت لم ترى الجامعة ، أقول له بل أنت الذي لم ترى قصر العزيز، يقول لك : إنك لم ترى القنوات الفضائية وما بها من إباحية ومشاهد أقول له : بل أنت الذي لم ترى امرأة العزيز وهي جميلة وذات منصب تسعى لشاب أعزب غريب وعبد عندها وتقول له (هيت لك) .. وانظر إلى حديثها هي عنه " ولقد راودته عن نفسه فاستعصم " أنظر إلى هذه الكلمة وحسها على أذنك، ووقعها عليك.
أصبروا ياشباب ، تجلدوا قليلا حتى تتزوجوا ، لا تقل يا رب أنني كنت في موقف صعب جدا فاضطررت. لا تعالى يا يوسف قول له عن الجو الذي كان يحيط بك يا شباب ، يا بنات .. يا من لا تقوون على ترك (المصاحبة ) وعلى ترك التليفون انظروا لسيدنا يوسف.
يقول الله تبارك وتعالى " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا و الله عنده حسن الثواب. قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار" . آل عمران
ألا نصبر في مقابل الجنات التي تجري من تحتها الأنهار والتي ستنعم فيها وتسعد في الحقيقة أنا وجدت أن هذا من أعظم الأمثلة على الصبر عن المعاصي هل بعد هذا المثل لا تقوى على الإقلاع عن التدخين ؟
وبهذه المناسبة يحضرني مثال عن رجل عظيم ذو مكانة ظل يدخن 40 عام وسمع عن الدعاء وأهميته وفائدته، ففكر فيه، يدعو أن يهديه الله ويترك التدخين، وبالفعل أقلع عن التدخين في أسبوعين، تخيل ؟ وكأن الصبر عن المعاصي يجعلك تفعل المعجزات .
أصبر وأجعل عندك ثقة في الله إنه سيعينك على ترك المعصية إن صبرت. أبعد عن أصدقاء السوء ، أصبر عن التطلع إلى دنيا الآخرين ، وهذه نصيحة للنساء أغلبهن تقول " نفسي أبقي زي فلانة " وتبدأ المعاصي من مجرد التطلع إلى دنيا الآخرين ، يبدأ زوجها يسير في طريق حرام حتى يرضي رغباتها وطلباتها " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواج منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه "
أنا اكتفيت في هذا النوع من الصبر (الصبر عن المعاصي) بقصة سيدنا يوسف وليكن شعارك " صبر يوسف" وأقرأ سورة يوسف كثيرا وأسمع كلامه وهو يقول " قال يارب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه " ألا تشعر بالقوة على المعصية من هذا الكلام ، ولذلك يقولون : أنه لا يقرأ سور يوسف محزون أو مكروب أو محب لشهوة إلا سري عنه وصرفت عنه .
النوع الثالث من الصبر :
الصبر على الطاعات
ولنا فيه مثل : إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
تخيل الطاعة تصل بأب أن يذبح أبنه ، ويأت بولده بالفعل ويضع السكين على رقبته .. والولد يقول له " يا أبت أفعل ما تأمر ستجدني أن شاء الله من الصابرين ، فلما أسلما وتله للجبين ". السكين لم تعمل لأنك قد صدقت الرؤيا يا إبراهيم واثبت طاعتك واستلامك لله.
وبعد ذلك أنت لا تقوى على قيام الليل بركعتين ، لا تقوى على أداء الصلاة في أول الوقت وتكسل عن صلاة السنن ، وهذا إبراهيم لم يتكاسل أو يتواني عن قتل أبنه وجاء بالسكين ووضعها على رقبته ، أين طاعتك لأوامر الله حتى أن الولد وهو في الرابعة عشر أو الخامسة عشر استجاب وأطاع أوامر الله عز ووجل ولم يتردد وقال " ستجدني إن شاء الله من الصابرين " فأين صبرك أيها الشاب وهو يصبر على ذبحه طاعة لأوامر الله .
ولذلك تعلمون الحديث الشهير " سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله". السبعة صابرين".
1- إمام عادل كان يستطيع أن يطغى لكنه صبر على أن يطغى.
2- شاب نشأ في طاعة الله : منذ صغره وهو مستقيم على الطاعات (يصبر على الطاعات)قراءة قرآن – دعاء – ذكر – استغفار..
3- رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه ( الصبر على أداء لطاعة يتخفي حتى يحتسب صبرا) .
4- رجلان تحابا في الله (تحملا بعضهما البعض وصبرا على بعضهما البعض حتى يحبون الله).
5- رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه (واصبر هنا في كتمانه هذه اللحظة والصبر عليها حتى يؤجر عليها يوم القيامة فلم يخرج يرائي بها ويحكي عنها).
كلها نماذج على الصبر على لطاعات .
ومن أمثلة الصبر : الصبر على مصادقة الصالحين ، يقول الله تعالى " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا " الكهف . اصبروا أنفسكم مع المؤمنين.
من ضمن الأوامر ونماذج الصبر على الطاعات : -
يقول الله تعالى:" وأمر أهلك بالصلاة وأصطبر عليها ". طه 132 أن توصي أهلك وتصبر بهم ومعهم سوءا زوجتك أو أبيك وأمك خاصة في قيام الليل.
كان سيدنا عمر بن الخطاب يقوم الليل يصلي وقبل الفجر بنصف ساعة يوقظ زوجته وأولاده يقول لهم " وأمر أهلك بالصلاة وأصطبر عليها".
يوميا يقرأ نفس الآية يوقظهم.
| |
| | | مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: حـلـقـة ـآ‘لأمــانـة الجمعة نوفمبر 13, 2009 5:52 pm | |
|
حــلــقــة ـآ‘لأمــانــة
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً .
خلق اليوم هو الأمانة ، وفي الحقيقة : في ناس كثيرين تتعامل مع هذا الخلق تعامل جزئي، يقول: أنا أمين ، ولا يمكن أن آخذ شيء ملك أي أحد وإذا أحد أعطاني أمانة أو وديعة لابد وأن أرجعها له ، وهذا أنا تربيت عليه في منزلنا وهذا صحيح ، وأنا كثيرين منا ولله الحمد عندهم هذا المعنى ، لكن أنا في الحقيقة أريد أن أذهب بكم لمعاني أشمل وأعم للأمانة ، فالمفهوم الذي نعلمه لا يخص المعنى الأعظم والأشمل لهذا الخلق العظيم .
ولنبدأ لنعيش مع الآيات والأحاديث التي تتحدث عن مفهوم الأمانة وقيمة الأمانة ولكن ما هو عكس الأمانة يا شباب ؟ الخيانة ، والناس جميعها تكره هذا الخلق وتمتعض منه ، تعالوا لنرى الله تعالى ماذا يقول :- يقول الله تبارك وتعالى :- " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " يلفت الله تبارك وتعالى نظرنا إلى " أن إياكم أن تخونوا الله " ، ومن يصدق أننا يمكننا خيانة الله ؟ وما معنى أن تخون الله ؟ أن تترك أوامر الله ، وأوامر الله أمانة في رقبتك ، أرأيت كيف سيبدأ يتسع مفهومنا للأمانة ؟
ولا " تخونوا الرسول " أنا من الممكن أن أخون النبي ؟.......................................... أن تترك أوامر الله ، وأوامر الله أمانة في رقبتك ، أرأيت كيف سيبدأ يتسع مفهومنا للأمانة ؟
ولا " تخونوا الرسول " أنا من الممكن أن أخون النبي ؟.......................................... إذا علمت بسنة النبي ولم تنفذها ولم تنشرها بين الناس . ، بعد قليل سنعلم أن الأمانة شيء ثقيل حقاً .
يقول الله تبارك وتعالى : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " ، سنعلم بعد قليل ما هي أنواع الأمانات – ولاحظ الجمع في لفظ الآية والتي سبقتها – ومن هم أهلها ؟ لنخرج من مفهوم الأمانة إنها مجرد أموال ؛ أو أحد أعطاني شيء و ائتمنني عليه ثم طالبني به ، لا سنبدأ في توسيع هذا المفهوم .
أحاديث النبي عن الأمانة
يقول صلى الله عليه وسلم :- الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، وأداء الأمانة كفارة لما بينها . رواه بن ماجة
وهذه رواية أخرى للحديث الشائع " الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينها " .
حديث آخر رواه الإمام أحمد في مسنده " اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة : أصدقوا إذا حدثتم – وأوفوا إذا عاهدتم – وأدوا إذا أؤتمنتم واحفظوا فروجكم – وغضوا أبصاركم – وكفوا أيديكم – من المال الحرام أو إيذاء الناس .
يا ترى أنت حاصل على كم من هؤلاء الستة ، ضامن كم فيهم ؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر عن الأمانة :- " إن الله إذا أراد أن يهلك عبد نزع منه الحياء ، فإذا نزع منه الحياء لم تلقاه إلا مقيتاً ممقتاً ، فإذا لم تلقه إلا مقيتاً ممقتاً نزعت منه الأمانة ، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا خائناً مخوناً ، فإن لم تلقه إلا خائناً مخوناً نزعت منه الرحمة ، فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إلا رجيماً ملعناً....................... رواه بن ماجة
ألا نرى هذه الأمثلة في الحياء ، مقيتاً ممقتاً ثم تنزع منه الأمانة فيكون خائناً مخوناً … إياك أن تكون من هذه الأمثلة. ( سلسلة عيوب تؤدي بعضها البعض ) – حديث النبي صلى الله عليه وسلم :- ( أحاديث الشفاعة ) – وهو حديث طويل- يقول فيه " ثم يمر الناس على الصراط فيرسل الله تعالى الأمانة والرحم فتقومان على جنبتي الصراط – مجسدتان على يمين ويسار الصراط – فتسألك الأمانة : أأديت ما عليك من حقي ؟ - تطالبك بحقها قبل أن تمر على الصراط . إذن إياك أن تخون أمانة الله ورسوله بأن تضيع دينه ، هل تخيلت مرة أن عدم حجابك خيانة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأن تركك الصلاة في المسجد خيانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " وأنتم تعلمون الأوامر والنواهي ، فالخيانة ليست عن جهل . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " آية المنافق ثلاث :- إذا حدث كذب ، وإذا أوعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان . فمن كان فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق . – وتكملة الحديث بهذا الشكل في رواية مسلم – ومن كانت فيهن كلهن كان منافقاً خالصاً " . وانتبهوا هذا النفاق ليس نفاق المشركين عهد النبي أمثال عبد الله بن سلول ، لا ، هذا هو نفاق الأخلاق والذي قد يكون أشد .
ولاحظ إنه لم يقل من لا يصلى ، لكنه قال من كان فيه إحدى هذه الثلاث فليحذر من النفاق ، إذن لو فيك واحدة منها احذر وتخلص منها :- يقول النبي " … كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها " إذن اتركيها . حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له " وهذا الحديث صعب جداً ، لا إيمان ، هل يعني هذا إنه غير مؤمن ؟ لا ، ولكن لمن يكتمل إيمانه أبداً مهما يكن بكى في الصلاة ومهما خشع وأدى العمرة والحج أبداً لأنه غير أمين . حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم – وأنا بجمع كل هذه الأحاديث حتى أوقظ بداخلكم معنى وقيمة الأمانة حتى نقطع عهداً على أنفسنا ألا نقع في خيانة وضياع الأمانة عند الحديث عن أنواع الأمانات . يقول صلى الله عليه وسلم :- أدي الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك " ليس في الأمانة تجزئة يا جماعة ، فلا يصح أن يأخذ مني أحد مثلاً 3 آلاف جنيه ثم لا يردهم لي ويخونني ، ثم يقع تحت يدي قدراً ، ويرسل لي آخر 3 آلاف جنيه لأوصله لنفس الشخص الذي خانني فآخذهم ، فلقد خانني من قبل ، لا ، لا يصح " ولا تخن من خانك " ردهم إليه ثم طالبه بحقلك وهذه قاعدة شرعية يا جماعة . هؤلاء كفاء قريش أخذوا أموال وتجارة وبيوت المسلمين عندما هاجروا من مكة إلى المدينة ولم يخرجوا إلا بالثياب التي يرتدونها ، لكن النبي رد إليهم ودائعهم .
حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " أربع من كن فيه فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ أمانة ، وصدق حديث ، وحسن خليقة ، وعفاف في رواه الإمام أحمد في مسنده ونرى أشهر صفتين للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة قبل البعثة الصدق والأمانة ، ولِمَ لأهميتهما وخاصة قبل البعثة .
خطبة الوداع : خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبة طويلة وقال في ختامها :- " ألا هل بلغت ، ألا هل بلغت ، فليبلغ عني الشاهد منكم الغائب ، فرب مُبلَغ أسعد من سامع " .
أتذكرين الإنسيال " الذي اقترضتيه من صديقتك ولم ترديه حتى الآن ؟ ألا تذكر أنت هذا " التي شيرت " الذي أخذته من صديقك ولم ترده ؟ وألا ترى تشديد النبي عن هذه النقطة بالتحديد ألا هل بلغت ؟ ثلاث مرات .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يسأله :- متى الساعة ؟ فقال له النبي : إذا ضيع الأمانة فانتظر الساعة .
تخيلوا أنها من أشراط الساعة ، وأن قيام السماوات والأرض مرتبط بحفظ الأمانات ، وكأن الأمانة سنة كونية مثلها مثل الشمس والقمر فإذا غابت الشمس والقمر قامت القيامة ، وإذا ضاعت الأمانة قامت القيامة . فقال له الرجل : وما ضياعها ؟ فقال له النبي : إذا وشد الأمر بي إلى غير أهله فانتظر الساعة . وشد : استقر – أنت من الوسادة والتي تجلس عليها وتنام عليها وأنت مستقر – عندما يكون من لا يستحق أن يكون مسئول عن الأمر مسئولاً عنه فانتظر الساعة .
أنواع الأمانات
واعرض نفسك على نوع منها .
أمانة المال والودائع
"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأرواحهم " .
تريد أن تعلم أنت مؤمن أم لا ؟ أنظر إلى الناس هل يأتمنوك أم لا ؟ كلما زاد عدد من يأتمنك على دمه ، ماله ، عرضه ، فأنت مؤمن . أرأيتم النبي صلى الله عليه وسلم وحرصه على أداء الودائع وهو مهاجر إلى المدينة لدرجة إنه أبقى على بن أبي طالب قائلاً له : ابق يا علي ولا تلحق بي حتى ترد الودائع ، هل ترى هذا كافر ولا يريد أن يقتلك وأنت مصر تؤدي له أمانته هل علمت أنت مطالب بأن تكون أمين لأي درجة ؟ سيدنا عمر بن الخطاب يوم فتح " المدائن " وهي مليئة بكنوز كسرة وقيصر وجاءت الكنوز إلى عمر في المدينة ووضعت في المسجد ويدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويجد المسجد ممتلئ بكنوز يرفع عنها الغطاء فيجد في الكنوز حتى الخاتم الصغير والفص الصغير فنظر إليها عمر وبكى ثم قال : إن قوماً أتوا إلى بهذا لأمناء " نعم منه أدوا الأمانة على أكمل وجه حتى فص الزبرجد وحتى الخاتم الصغير .. إنها الأمانة . لكن تعالوا للأمانات الصغيرة التي نضيعها نحن : شريط الكاسيت ، الكتاب ، العقد ، الملزمة .. كلها من الأمانات ، يرضيك بالله عليك أن تلقى الله وأنت لديك 50 شريط مثلاً ليسوا ملكك ماذا ستقول لله عز وجل عنهم ؟ ومن الممكن أن يأتي صاحب الشريط الذي لم يسألك عنه في الدنيا ليطالبك عند الله ولكن من حسناتك . إذن احرص على أداء الأمانة بكل ما تستطيع الأمانة لا تتجزأ ليس فيها كبير وصغير . هذه هي أمانة الأموال والودائع وهي أسهل أنواع الأمانات .
الأمانة في البيع والشراء : والمهن
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء"تخيل أيها التاجر أنك بمجرد صدقك وأمانتك تأتي مع سيدنا موسى وسيدنا عيسى وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . نجد الآن بعض الأطباء يطلبون من المرضى أشعة ويقوموا بتحويلهم لمراكز أشعة وهو لا يحتاجها ، والطبيب يعلم ، وهي مجرد منافع بينهما ( بين الطبيبين ) إنها خيانة الأمانة . الميكانيكي الذي تعطيه سيارتك وأنت لا تفهم فيها شيء ويطالبك بفاتورة تغيير بعض الأشياء في السيارة والتي لم تكن تحتاج لتغيير إنها خيانة للأمانة لذلك لابد أن تنتبه إلى أنواع الأمانات هذه ، لأن هناك الكثيرين الذي لا يعتبرون مثل هذه الأشياء أمانات . إذن كل من يتحايل في مهنته للحصول على حقوق من الغير فهو غير أمين ، ونقيس على المثالين المذكورين . وانظروا كيف انتشر الإسلام في آسيا ؟ عن طريق التجار ، تاجر صدوق ينزل بلاد آسيا يبيع ويشتري بأمانة – يقول مثلاً عن عيب ما موجود في البضاعة ولا يراه المشتري لكنه ينبهه لأنه لأمين – فيسألونه عد دينه فيقول : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله " فيسلموا هم أيضاً ، كثيرين هناك أسلموا بسلوكيات رجل أمين .. إذن الأمانة أدخلت الإسلام آسيا .
أمانة حفظ الأسرار
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة" . ومعناه : أني إذا كنت أجلس معك وأحكي لك أمراً ثم التفت يميناً ويساراً لأتأكد إنه لا أحد يسمعني إذن فهي أمانة أنت تحملها دون أن يقول لك ذلك . لا يجب أن أقول لك أن هذا سراً ، مجرد أن أخفض صوتي وأنا أحدثك فأنا حريص على ألا يطلع على ما أقوله فهو سر . لأن هناك أناس كثيرين يقولون إنه لم يستأمني على هذا السر ، ولو كان أمّنّي لما قلت ، انظر لدقة تعبير النبي " ثم التفت " مجرد أن ظهر عليه أن لا يريد أحد أن يعلم فقد أصبحت أمانة عليك . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن من أعظم الأمانة على الله يوم القيامة أن يفضى الرجل لامرأته بالحديث وتفضي إليه ثم ينشر سرها " – من أشد الأمانات التي سيحاسب عليها الله حتى من أمانة المال. ونحن نرى ما يحدث عندما ينفصل الزوجين ، فضائح لا حصر لها وليعلم كل من فعل ذلك في لحظة غدر وخصام سيسأل يوم القيامة من الله عز وجل سؤال شديد عن هذه الأمانة . فما بالكم من غير خصام أو طلاق ، زوجة تجلس مع صديقاتها تحكي عن كل ما يحدث بينها وبين زوجها ، وزوج يجلس مع أصدقائه ليحكي عما يحدث بينه وبين زوجته – إنها من أشد وأعظم الأمانات عند الله عز وجل .. انتبهوا يا جماعة مثل هذه الأمثلة تكون سبباً في خراب وهدم الكثير من البيوت لتركهم هذه الأمانة .
أمانة التعامل مع المرآة
وكيف أن الكثير من الشباب يتعامل مع المرآة وهو ينوي سوء وينوي شر وهناك مثل أعظم ضربه الله عز وجل في القرآن لتتعلم :- موسى عليه السلام ." ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يستسقون ووجد من دونهم امرأتان تزودان ، قال : ما خطبكما ؟ قالتا : لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل ، نجدها عندما حكت لأبيها عنه ، قالت : إن خير من استأجرت القوي الأمين . ونرى في هذا المثل التوازن في التعامل مع المرآة ليس بالشكل الذي يرفض ويحرم التعامل مع المرآة بتاتاً ، وليس بالشكل المتهور أو الزائد عن الحد . سألهم النبي وهو الذي ذهب إليهما ولكن في أدب وغض البصر وباختصار : ما خطبكما ولم يطل في الحديث أو يعرفهم بنفسه أو … ، كما ردتا هما في أدب واختصار فذهب وسقى لهما – ونلاحظ هنا فإن السرعة فهو لم يتكأ ، ثم " تولى إلى الظل " ونرى هنا الروعة في التعبير ( تولى ) وكأنه هو الخجلان منهما ، وعندما حكيتا عنه لأبوهما وصفوه بالأمين لِمَ ؟ لأن المرآة تعلم مدى أمانة الرجل في التعامل معها والحفاظ عليها من لفتة عينيه. دقق في هذا المثل واضبط عليه سلوكياتك في التعامل مع المرآة . أمانة التعامل مع الزوجة: الرجل الذي يتزوج ويعتقد أنه بذلك ملك المرآة ويفعل ما يشاء ويحلوا له فيها أبداً ، ستسأل عن أمانتك فيها .أنسيت أن بينكما عقد ( عقد الزواج ) ، وإنك عندما توقع ، توقع على أنك قبلت أن تستأمن فيها . يقول الله تبارك وتعالى : " وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً " ميثاق الزواج الميثاق الوحيد الذي قال عنه الله تبارك وتعالى ميثاقاً غليظاً . لذلك هناك أمانة التعامل مع الزوجة ، والزوج الذي يمنع زوجته أن تذهب لتزور أهلها هو خائن للأمانة ، أبوها عندما سلمها إليك قال لك :- " إنها أمانة في رقبتك " . الزوج الذي يضرب زوجته ، ويمنعها من زيارة أهلها ، إنك خائن وستسأل عنها يوم القيامة ، فقد استأمنك عليها أهلها ، الكثير من الأزواج يعتقدون إنه فضل منه يسمح لزوجته أن تزور أهلها ، لا إنه حقهم وحقها . المرآة أمينة في بيتها على زوجها, فلا تدخل بيته إلا من يرضى ، تحرص على طاعته وعلى تربية أولاده كما يجب وكما يشتهي.
أمانة الأبناء مع أهلهم
وكلامي للشباب والشابات .... من يأخذ من مال أبيه وأمه دون أن يعلمون ، ويقول إنها عشرة جنيهات فقط ( أنها خيانة للأمانة ) لابد وأن تستأذن منهم . الفتاة التي تتعرف على شاب من وراء أهلها ؛ ضيعت الأمانة . يقول الله تبارك وتعالى " وأتوا البيوت من أبوابها " ، الشاب الذي قبل أن يصاحب فتاة بدون علم أهلها خائن لأبيها وأمها وسيشتكوه لله عز وجل يوم القيامة إنه يا رب كان خائن لنا ، فما بالكم لو كان جارته ، تزداد الخيانة ويزداد الإثم ويزداد السؤال . انتبهوا أشياء كثيرة لا نعدها من الأمانة .
يقول أنس بن مالك " إنكم تعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر ، كنا نعدها على زمن النبي من الموبقات – من المهلكات . " وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم " .
تعالوا لنوسع الدائرة ونقول : - أن الأمانة هي أن تحافظ على كل ما أعطاك الله من النعم " – " وما المال والأهلون إلا ودائع ، ولابد يوماً أن ترد الودائع " . أولادك : ألا يعدوا أمانة ؟ هل ربيتهم جيداً ؟ لا تقل لي أنك أنفقت عليهم ، هذا رزقهم ، لكن أمانتك فيهم أن تربيهم على الدين . صحتك : ألا تعد أمانة ؟ المدخنين : ألا تعتقد أنك تخون بذلك أمانة صحتك ، لا تقل لي أن التدخين لم يثبت إنه حرام شرعاً ولكنه يعد مكروه ، وأنت تفعل 20 مكروه يومياً ألا يحسبوا بحراماً واحداً كل يوم ؟ . لابد وأن يسيطر على الأذهان أن إهلاك الصحة تضييع للأمانة . هذه العين أليست أمانة ؟ إذن النظر بها إلى الحرام ألا يعد خيانة ؟ اللسان أليس أمانة الوجه الجميل ، هذا الشعر الذي رزقك الله إياه ألا يعد أمانة ، وأن تحفظي أمانته بتغطيته ، القدمين … ؟ أنا أريدك أن تنظر لكل الأمانات التي استودعك الله إياها وتحافظ عليها لأنك ستحاسب عليها . هذا المال وتبذيرك له أليس أمانة ؟ تشعر أني أبالغ ؟ اسمع النبي :- يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة إلا ويسأل عن أربع :- عن عمره فيمَ أفناه ؟ وعن شبابه فيمَ أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه ؟ و فيمَ أنفقه ؟ وعن علمه ماذا عمله به ؟ " .
أما آخر الأمانات وأعظم الأمانات فهي:
أمانة الحفاظ على الدين والحفاظ على الإسلام
صيانة الدين ، أنت مسئول عن الإسلام وستسأل عنه يوم القيامة ، هذه أمانة القرآن الذي تقرأه ، الدرس الذي حضرته ، أمانة ستسأله عنها يوم القيامة بلغت الناس ، أخذت بيد أحد من أصحابك ؟ يقول ابن تميمه : " لا تظن أن الأمانة أن تتوضأ برطل من الماء وتصلي ركعتين في المحراب إنما الأمانة أن تحمل هذا الدين ، وتحمله للناس ، . يقول الله تبارك وتعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " بم أصبحتم خير أمة ؟ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إذن وبمَ تنتسب أنت لهذه الأمة ؟ هل حملت مسئولية هذا الدين على عاتقك ؟ إياك أن تعتقد أن مسئولية هذا الدين على عاتقي أنا فقط ، لا ، أنت أيضاً مسئوليتك أن تبلغ ما سمعته مني إلى صديقك ، خطيبتك ، والدك ، بأرق وأفضل الأساليب ، بأحسن الأساليب . الإسلام مسئولية الجميع ، وهذه أمانة ستسأل عنها يوم القيامة . أعلمت أنواع الأمانات ، وكيف أنها شملت كل شيء في حياتنا ، هل وجدتها تقيلة عليك ؟ اسمع قول الله عز وجل :" إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقنا منهما وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً . كثيراً سمعنا هذه الآية ، لقد أبوا واعتذروا السموات والأرض والجبال عن حمل هذه الأمانة لأنه ثقيلة جداً يكفيك أن كل ما وهبك الله من نعم أمانة ، أن الدين أمانة ، أن زوجتك أمانة ، وأن المال أمانة . " ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات – من أخذوا الأمانة ولم يصونوها – ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات – من قبلوا الأمانة وأدوها كما يحب الله ويرضى فما كانوا ظالمين ولا جهالاً – وكان الله غفوراً رحيماً .
اسأل الله عز و جل أن يكون مفهومنا للأمانة قد اتسع ، وبذلك ننتبه ونحطاط ونحفظ الأمانة
| |
| | | مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: حـلـقـة ـآ‘لـوٍفـاء الجمعة نوفمبر 13, 2009 5:54 pm | |
|
حــلــقــة ـآ‘لـوٍفـــاء
نعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعملانا ، من يهده الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا . خلقنا هذه المرة هو (الوفاء)، واجعلنا نبدأ درسنا بسؤال: - هل أنت وفي ؟ طبعا كل الناس ستقول: طبعا أنا وفي.
لكن اتركني أسالك أسئلة خمسة وبعدها أجب إذا كنت وفيا أم لا.
السؤال الأول: هل وفيت بوعودك وعهودك مع الله ؟ هل أنت وفي مع الله ؟
السؤال الثاني: هل أنت وفيٌ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
السؤال الثالث: هل أنت وفي في تعاملاتك مع الناس ؟
السؤال الرابع: هل أنت وفي مع من أحسن إليك؟ وكان له فضل عليك ؟
السؤال الخامس: هل أنت وفي مع من عاشرتهم طوال رحلة حياتك؟
هل أنت وفي ؟
شعارنا اليوم في حديثنا عن الوفاء : حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا دين لمن لا عهد له " لا ينفي عنك صفة الإسلام ، لا يقل إنك غير مسلم ولكن ينفي عنك تمام وكمال الدين – لن يكتم دينك يا من لا عهد لك . لأنك إذا كنت تخلف، وتخون، وتغدر فكيف تحفظ دينك؟
الوفاء مع الله
ونلاحظ هنا شيئا عجيبا ، إننا كلما تحدثنا عن خلق من الأخلاق لابد وأن نتناوله مع الله " الإحسان مع الله ، الأمانة فيما استرعاك الله من أمانات ، الوفاء مع الله " وذلك لأن الأخلاق جزء لا يتجزأ من العقيدة ، إن هذا الإسلام دين شامل ولابد أن تأخذه كاملا ، إذا أخذت جزءا وتركت الأخر خرجت شخصيتك وبها شيء من الاعوجاج ، وكل شيء يخدم الأخر في هذا الدين ، فإذا انضبطت في صلاتك انضبطت تعاملاتك وأخلاقك، وإذا انضبطت أخلاقك زادت وعليت عقيدتك. . وهكذا إنه نظام متكامل, هذا الدين، لذلك في كل خلق نتناوله مع الله، مع الوالدين ، مع المرآة والزوجة .. أنا لا أفتعل هذه الصلة ولكنها شديدة الارتباط بالأخلاق.
الوفاء مع الله: - إن أعظم الوفاء أن تفي بما طلب الله منك وما أمرك به. ستقول بماذا أفي؟.. أنا أبدا ماحلفت لله على شيء، أو وعدته بشيء .. أي وفاء أنا مطالب به إذن مع الله ؟
أنظر كم نعمة أنعم الله بها عليك ؟ هذه النعم الكثيرة ألا تستحق الوفاء ؟ (وما بكم من نعمة فمن الله ) (النحل) كل الخير الذي تنعم وأنت فيه هو من عند الله.
فأين وفاؤك لله عز وجل؟ أليس هو ربك وأنت عبده ؟ أليس من حق العبودية أن توفي الله عز وجل؟
يا شباب تخيلوا لو أن هناك شحص ينفق عليه أبواه سنين طويلة وبعد ذلك تنكر لهم، ماذا نقول عليه ؟ جاحد, أليس كذلك ؟
فما بالكم بالذي لا يوفي مع الله، لا يريد أن يصلى الصلاة في وقتها، فما بالكم بالتي لا تريد أن ترتدي الحجاب ؟ … أين الوفاء مع الله عز وجل ؟
إذن كيف أوفي مع الله عز وجل؟
1. الإيمان به
2. إخلاص العمل له
3. العمل بأوامره ونترك ما نهي عنه
إذا أيدتهم – أنت وفي مع الله عز وجل . يقول الله تبارك وتعالي " يا بني إسرائيل أذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون" (البقرة,40) يقول تعالي " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ، يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه " إياك وأن تنكث عهدك مع الله "ومن أوفي بما عاهد عليهُ الله فسيؤتيه أجرا عظيما " . (الفتح,10)
انظر لنبي الله صلى الله عليه وسلم ووفاءه مع الله: يقوم الليل حتى تتورم قدماه فتقول له السيدة عائشة يا رسول الله: ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيرد عليها هذا الرد والذي يحمل الوفاء لله: أفلا أكون عبدا شكورا ؟ انظر لنعم الله عليك، وأنظر إليك إذا أنعم عليك أحد من البشر بشيء كيف تتودد إليه ؟ وانظر هل تتودد وتفي بعهدك مع الله عز وجل . أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " هل وفيت ؟ " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" أوفيت ؟ قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ؟ ولا يبدين زينتهن " – الحجاب – هل وفيت ؟ يقول الله عز وجل في وصفه لبعض المؤمنين الصادقين في عهودهم مع الله عز وجل. "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا. " (الأحزاب, 23) نزلت هذه الآية في سيدنا " أنس بن النضر " ، وهو لم يشهد غزوة بدر كان مسافرا ، بعد الغزوة أقسم: والله لو أشهدني الله غزوة أخرى ليرين الله ما أصنع ، فلما كان يوم أحد ، وبدأ المسلمون في الانسحاب والتراجع إلى المدينة ، كان سيدنا أنس بن النضر الوحيد الذي استمر في التقدم في اتجاه الكفار فيقابله سيدنا سعد بن معاذ ويقول له " إلى أين يا أنس ؟ فيقول : الجنة ورب النضر ، إني أشم رائحتها ‘عند جبل أحد " ، فيقولون فمات تحت جبل أحد ، ووجدنا في جسده بضع وثمانين طعنة ، فما عرفناه إلا أخته عرفته من بنانه – فقد كان له أصبع مبتور-
فنزلت فيه هذه الآية " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه .." والعكس ، الذي لا يوفي نزلت فيه أيضا آية : يقول الله تبارك وتعالي " وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ " التوبة 75 - 77 انظر لهذه الآية وطبقها علي نفسك . لئن تزوجت لسوف أستقيم، وأغض بصري، إذا تزوجت سأرتدي الحجاب مباشرة سأنتظم في صلاة الفجر بعد ما تأتيني هذه الوظيفة، سأنتظم في قراءة القرآن في الصيف لأني في وقت الكلية منشغل جدا " ومنهم من عاهد الله " ولقد رأينا ما جزاء من يخلف عهده من الله " فأعقبهم نفاقا في قلوبهم .. " يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث له رواه الإمام البخاري في سنده عن ثلاثة رجال : أبرص وأقرع وأعمى ، الحديث طويل لكنه يحكي أن ملكا جاء للأبرص فقال له : لو أن الله يغير لون جلدي ولون وجهي ، فمسح عليه فصار حسن اللون وحسن الجلد ، ثم قال له الملك وماذا تريد من المال : قال : الإبل ، فكثر عنده الإبل والمال وصار غنيا . ثم ذهب للأقرع فقال له ماذا تريد ؟ قال: شعر حسن فمسح على رأسه فإذا هو غزير الشعر ثم قال له: أي المال تحب ؟ قال: البقر، فكثر عنده البقر والمال، ثم ذهب للأعمى فقال له ماذا تريد ؟ قال : أن يرد الله إلي بصري ، فرد الله إليه بصره عندما مسح الملك على عينه ، فقال ، وأي المال تريد ، قال : الغنم ، فكثر عنده الغنم وكثر ماله – مثل الآخرين – ثم عاد إليهم الملك في صورة رجل مسكين فذهب إلى الأبرص وقال له : مسكين أعطيني جمل عن هذه الإبل أعود به إلى بلدي فرفض ، فقال له يا رجل ، لعلك لم تكن تملك منها شيءا ، فقال له : إنما ورثتها كابر عن كابر، فقال الملك : إن كنت كاذبا فيم قلت فسيصيرك الله إلى ما كنت فذهب إلى الأقرع وطلب منه نفس الطلب ورد نفس الرد " إنما ورثتها كابر عن كابر" ثم ذهب إلى الأعمى فقال له : خذ ما تريد فوالله لقد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ورزقني هذا المال وما أملك منه شيء إنما هو من فضل الله عز وجل . فقال له الملك: أمسك عليك مالك، فلقد ابتليتم ورضي الله عنك وسخط على صاحبيك. يا ترى أنت أيا منهم ؟ بعد 20، 30 سنة من نعم الله عليك، من يركبون السيارات وفتح الله عليهم، يا ترى أجدادنا كانوا كذلك ؟ " ورثناها كابرا عن كابر؟ – العائلة ممتدة من عهد محمد علي ؟ وفي ناس كثيرين كذلك للأسف . أي الوفاء مع الله علي أنعمه عليك؟ يقول الله عز وجل : " أن هناك عهودا أخرى مع الله منها عدواة الشيطان :
" ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين" (يس,60) أين وفاؤك بهذا العهد ؟ أين عدواتك لشيطانك. من ضمن العهود مع الله الوفاء بالنذر " يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا «. (الإنسان,7)
جاء رجل لنبي الله صلى الله عليه وسلم قال " يا رسول الله: أختي نذرت إلى الله أن تحج وقد ماتت فماذا أفعل ؟ فقال رسول الله: أرأيت إن كان على أختك دين أكنت قاضيه، قال نعم، قال: فاقض الله في دينه ، فإن الله أحق بالوفاء. من ضمن عهدك مع الله أنك إذا حلفت تنفذ. يقول الله تبارك وتعالى: "وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم، ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ". (النحل,91)حديث للنبي صلى الله عليه وسلم " ثلاثة أنا خصيمهم يوم القيامة: منهم ورجل أعطى بي ثم غدر " أي رجل حلف أمامي بالله ثم غدر. كثيرا ما حلفنا ولم نوف، سيكون خصمنا النبي يوم القيامة. إذن أين أنت من وفائك مع الله؟والمطلوب إيمان بالله – إخلاص – فعل أوامره وتجنب نواهيه .
الوفاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
كيف أفي مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ الصحابة كانوا يعيشون عهده أما أنا فكيف؟. باتباع سنته ، وسأضرب لك مثلا في حب الصحابة للوفاء بكل كلمة قالها النبي صلى الله عليه وسلم .
النبي كان أثناء هجرته من مكة إلي المدينة يتبعهم رجل يسمى سراقة " وكان يهم أن يلحق بالنبي فيقول صلى الله عليه وسلم " اللهم اكفنيه بما شئت وكيف شئت إنك على كل شيء قدير " فيسقط " سراقة " من على فرسه وهو فارس فيعود ليركب جواده ويلحق بالنبي وما إن يقترب منه يدعو النبي فيقع سراقة " ثم المرة الثالثة فيسقط أيضا فيعلم أن النبي ممنوع وإنه لن يستطيع الإمساك به ، فيقف ويقول : يا محمد: الأمان ، ثم يقول له بعد أن تأكد من خسر المائة الناقة، أعطني شيئا ، فيقول له النبي : أعطيك سوار كسري – الحلي التى كان يرتديها كسرى في يده – وعاد " سراقة " وأسلم بعد ذلك ، ومات النبي وجاء أبو بكر ثم مات وجاء عمر وفتحت المدائن وأخذت سوار كسري وكنوزه كلها ووضعت في المسجد النبوي ويقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه على منبر رسول الله ويبكي ويقول " أين سراقة بن مالك أين سراقة بن مالك ، ويمسك بسوار كسري ويقول قسمة موعودة – بعد 25 سنة تقريبا – ويأخذها سراقة ويبكي كل من في المسجد. وفى عمر بن الخطاب بما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أنظر لوفاء أبي بكر الصديق : كان النبي يمشي يوما مع سيدنا جابر بن عبد الله وكان فقيرا، فقال له النبي يا جابر لو جاء مال البحرين لقسمت لك وأعطيتك كذا وكذا وكذا – أي سأعطيك بالكومة هكذا وهكذا .. .- فلم يأت مال البحرين ومات النبي صلى الله عليه وسلم وجاء أبو بكر رضي الله عنه ليقول من كان له عند النبي عدة أو دين فليأتنا يقول جابر فأتيته وقلت له لقد قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : لو جاء مال البحرين لأعطيتك كذا وكذا وكذا ، يقول جابر : فحثى أبو بكر حثوة – أي أغترف أبو بكر بيده بعض الأموال – ثم دفعها لي فعدتها فإذا هي خمسمائة درهم ، فهممت أن أذهب ، فقال أنتظر خذ مثليها – أي قدرها مرتان – فقال له : ولم؟ قال لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لك هكذا ، وهكذا وهكذا – إذن لابد وأن أعطيك ثلاثا. أترى وفاء أبي بكر الصديق؟ .
الأعجب من ذلك ونحن نرى الصحابة وهم يستشهدون و يموتون وفاءً للرسول صلى الله عليه وسلم "
في يوم أحد يقول النبي " من يدفعهم عني وله الجنة " ؟
فيأتي " يزيد بن السكن " أحد الأنصار – شاب صغير – ويظل يدافع ويدافع عن الرسول صلى عليه وسلم حتى يسقط شهيدا على الأرض فيقول النبي " ضعوا خده على قدمي – لا تضعوها على التراب – ثم يرفع رأسه إلى السماء ويقول : اللهم إني أشهدك أن" يزيد بن السكن " قد وفى ، اللهم إني أشهدك أنه قد وفى .
وأنت هل وفيت بأوامر النبي صلى الله عليه وسلم، فمن سنته أن تصلى في المسجد أن تقرأ القرآن، سيأتي يوم القيامة ويقول " يا ربي إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ". (الفرقان, 30)
أين وفاؤك مع نبي الله صلى الله عليه وسلم ؟ وهل ترضى أن تأتي يوم القيامة وليس لك مع النبي عهد أو وفاء بعدما تعب وضرب وأوذي لكي تولد أنت مسلما؟ أين الوفاء وقد فعل من أجلك كل هذا ؟
الوفاء مع الناس
يقول النبي صلى الله عليه وسلم " المسلمون عند شروطهم". طالما اتفقت على شيء لابد أن تنفذه.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم " من علامات النفاق الغدر بعد العهد"
يقول الله:" وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا". (الإسراء,34)
تعالوا لنرى أنواع التعاملات والوفاء مع الناس .
في الأموال :- والكثير من المشكلات تحدث بسبب الأموال .
فتح المسلمون بلاد الشام وطردوا الرومان ثم دعوا أهل حمص للإسلام لكنهم اختاروا أن يدفعوا الجزية. وجمعوا الجزية فعلا ، بعد ذلك جمع الرومان جموعهم وهاجموا حمص مرة أخرى ، فشعر القواد المسلمون أنهم إذا ظلوا داخل حمص سيهزمون فقرروا الرجوع لجمع القوات ثم العودة ، فماذا فعلوا قبل أن ينسحبوا؟
أعادوا أموال الجزية لأهل حمص فأسلم أهل حمص جميعهم وبقي الجيش المسلم ومعه أهل حمص يدافعون عنها ضد الرومان.
لا إله إلا الله بخلق الوفاء أسلم كل أهل حمص.
ما هي مشكلة المسلمين الآن ؟ إن الغرب ينظرون لديننا من خلال أخلاقنا ، هم ليس لهم علاقة بالصلاة ، إنهم ينظرون إلى عهودنا ، إلى تعاقداتنا ، إلى أخلاقنا. هل تعرفون الرجل الأجنبي الذي أسلم ، وبعدها ذهب ليحج فقال : الحمد الله أني أسلمت قبل أن أرى المسلمين؟ .
أرأيتم كيف تفضحنا أخلاقنا؟
الوفاء في الأموال: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين ". أرأيتم عظم الدين عند الله وإنه لابد من الوفاء به، لدرجة إن الجيش كان قبل أن يتحرك ينادى في المجاهدين من كان عنده دين فليرجع .
لذلك يحرم الإسلام أن تستدين إلا للحاجات القاهرة. و لكننا نجد ربة منزل ولا تخرج من بيتها تريد هاتف محمول لماذا لأن صديقاتي كلهم لديهم ، طالبة في الجامعة كل ستة اشهر تريد تغير جهازها المحمول لماذا لأن اللون الأصفر أجمل من الأحمر ، ومن الذي سيوفي بكل هذه الديون ؟
أنا أضع كل هذه الأمور تحت بند الوفاء، ولابد أن نأخذ خطوة نحو التغيير بعد خروجنا من هنا.
لا يزال الوفاء بالقروض مستعصيا عند المسلمين ، أموال تؤخذ من البنوك دون رد ، كيف ذلك في بلد الوفاء في بلد الإسلام قروض شيكات مزورة – تعاقدات بين الشركات نجدها توصي مستشارها القانوني بأن يترك ثغرة في العقد تفيدهم إذا أرادوا الانسحاب أو عدم الوفاء بها في العقد ، أصبحت الناس تخطط لكي تغدر ولا توفي بما عليها .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أيما رجل استدان دينا لا يريد أن يؤدي إلى صاحبه حقه ،(خدعه حتى أخذ ماله) فمات لقي الله يوم القيامة سارقا.
مثل الذي يأخذ خط تليفون محمول من شركة ما ثم ينوي إذا جاءت الفاتورة عالية فلن يدفعها وسيترك الخط ويشتري غيره لماذا تقابل الله عز وجل سارقا؟
الوفاء في المواعيد: - كلنا لدينا مشاكل في المواعيد نذهب بعد ساعة أو ساعتين أو حتى لا نذهب دون أن نعتذر.
يقول عبد الله بن أبي الحمساء: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث – قبل الإسلام – بيعة (بيع وشراء) وبقي علي بقية فواعدته في المكان الذي هو فيه أن آتيه بها ثم نسيت فتذكرت بعد ثلاثة أيام فعدت فوجدته في مكانه منظر إلي وقال : يا فتى لقد شققت علي أنا ها هنا منذ ثلاث أنتظرك – صلى الله عليه وسلم . جميل أن كل خلق نتعرض له نجد الرسول يطبقه عمليا.
نصيحة للآباء الذين يعدون أبناءهم ولا يوفون – بأن يخرجوا مثلا ثم يأتي ويقول اليوم الجو بارد، إنني اتصلت تلفونيا ووجدت المكان مغلق ………, فالولد عندما يجد أباه غير وفي معه، يصبح هكذا عندما يكبر.
فبالله عليك لا تعد إبنك بشيء ولا تفي به .
الوفاء مع من أحسن إليك:
هل تتذكر الناس الذين أحسنوا إليك؟ هل فكرت فيهم أو حاولت تحصرهم لتتصل بهم وتشكرهم أو تسأل عنهم ؟
النبي كان وفيا حتى مع الكافر ولو بعد مرور 10 سنوات . النبي عندما كان في مكة ووسط تعذيب أهل مكة وإيذاءهم له وللمسلمين كان هناك رجل يدعى " أبو البختري بن هشام " وكان كافرا من سادة الكفار.
لكنه وقف مع النبي يوم نقض الصحيفة ، وكان موقفا مشرفا دافع فيه عن المسلمين رغم كفره وظل كافرا وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته من مكة إلى المدينة ، ومر على هذه الواقعة عشر سنوات- لكن النبي لا ينسى من أحسن إليه – وتأتي غزوة بدر والنبي مشغول بإعداد الجيش ثم ينادي وهو وسط هذا كله في الصحابة: من لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله ، فإنه كان له معنا بمكة كذا وكذا ..
أحد الصحابة وهو يحارب في الغزوة فجأة وجد أمامه أبا البختري فوجد بجواره رجل أخر فترك أبا البختري وذهب للرجل الآخر فقاتله فعجب أبا البختري وقال له لم تركتني فقال له : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نقتلك ، قال ولم، قال : وفاء لما فعلت معنا يوم الصحيفة ، قال : فإن قلت لك فأترك هذا – علي الرجل الأخر – فقال : لا لقد أمرنا رسول الله ألا نقتلك أنت فقط، فقال أبا البختري بن هشام، فسأقاتلك أنا قال : إذن أتركك، فجرى الصحابي من أمام أبا البختري ، وهو يجري وراءه معتقدا أن الصحابي خائف منه ، لكنه كان يحاول الالتزام بالوفاء حتا لحق به وكاد أن يقتله فقاتله الصحابي حتا قتله ، وعاد يرتجف لرسول الله: والله يا رسول الله لولا أنه كان سيتقلني ما قتلته ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : عفا الله عنك . ما هذا الوفاء ؟ مع كافر ؟
الوفاء مع من علمك
وآه لما يحدث للمدرسين . انظر للإمام أحمد بن حنبل يقول " ما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أستغفر للشافعي وأدعو له " انظر لتلميذ الإمام أبي حنيفة ماذا يقول " والله إني لأدعو لأبي حنيفة قبل والدي في الصلاة ؟. وهذا لأنه تعلم ذلك من أبي حنيفة والذي كان أيضا وفيا :
يقول أبو حنيفة ما مددت رجلي نحو دار أستاذي حماد وفاء له ، وإن بين بيتي وبيته لسبع سكك" . عمرك فكرت تذهب لأساتذتك في المدرسة وتشكرهم ؟ من علمك دين ، من علمك قرآن ، من علمك آية …. كل من له عليك فضل . أبوك وأمك أين وفاءك لهما؟
جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله مات أبي وأمي فهل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ فقال نعم : الصلاة عليهما (تدعو لهما). والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما".
أصحاب الأفضال عليك كثير ، ضابط المرور الذي يقف في خدمتك ويفسح لك ولغيرك لحضور مثل هذا الدرس ويضبط الحركة في الشارع من وفائك له أن تحترم إشارة المرور ، ولا تضع سيارتك في مكان ممنوع فيه الانتظار .
الوفاء مع كل صاحب عشرة (كل من عاشرته)
من كان معك في المدرسة، من كان معك في الكلية ومن تربيت معه ، وجارك الذي كان يسكن قريبا منك وانتقل لمكان أخر، أي الوفاء لكل هؤلاء ؟ أعظم الوفاء لكل من كان لك معه عشرة : الوفاء للزوجة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن أحق العهود أن توفوا ما استحللتم به الفروج" لم تتزوجها إذن؟؟ هل وفيت بالمهر؟ هل وفيت بمكان الزوجية. هل وفيت بحسن المعاملة؟ إياك أن تضرب ، إياك أن تؤذي ، إياك أن تمنعها من أن تزور أهلها.
أحد الصحابة زوجته صوتها عال. فضاق بذلك فذهب ليشتكي لسيدنا عمر بن الخطاب – أمير المؤمنين – وعندما اقترب من باب المنزل ليطرقه سمع صوت زوجة سيدنا عمر عال من داخل المنزل ، فعندما وجد ذلك يقع مع أمير المؤمنين نفسه، استدار ليعود أدراجه فإذا بسيدنا عمر يفتح الباب فوجد الرجل فقال له ما الذي أتى بك ؟ ولم كنت سترحل دون أن تطرق الباب؟ فحكى له الرجل ما حدث ، فقال له عمر : تحملتني ، ربت أولادي ، غسلت ثيابي ، نظفت بيتي ، ولم تؤمر بذلك ، تفعل ذلك وتصبر علي ، أفلا أتحملها إذا رفعت صوتها ؟
انظر للنبي مع السيدة خديجة : وبعد وفاتها بـ 14 عام يوم فتح مكة ، يوم النبي منشغل فيه جدا ، كل الناس تريد أن تنحدث إليه وفي وسط هذا كله يرى امرأة عجوزا قادمة فيترك الناس كلها ويجلس معها . السيدة عائشة تشاهد من بعيد – ثم يضع عنه عبائته ويفرشها لها لتجلس عليها ويجلس ليتحدث معها ساعة ، تاركا كل الناس ، بعد أن عاد إلى البيت تقول له عائشة : يا رسول من هذه ؟ يقول : صاحبة خديجة ، كانت تأتينا أيام خديجة ، قالت : ففيم كنتم تتحدثون يا رسول الله ؟ قال : كنا نتذكر الأيام الخوالي ، أيام خديجة فغارت السيدة عائشة وقالت له : أما زلت تذكر هذه العجوز و قد واراها التراب وقد أبدلك الله من هي خير منها؟ قال الني : لا والله ما أبدلني الله من هي خير منها ، واستني حين منعني الناس ، آمنت بي حين كذبني الناس. أترون الوفاء بالزوجة حتى بعد وفاتها؟ وهناك الأسوأ من عدم الوفاء بالزوجة، أن تغدر بها. يقول النبي صلى الله عليه وسلم : أيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو كثر وليس في نفسه أن يؤدي إليها حقها ، خدعها ، فمات لقي الله وهو زان" حديث رواه الطبراني . الأمر شديد في حق الزوجة .
كان مفتاح الكعبة مع بني " عبد الدار " عثمان بن طلحة عبد الدار كان واقفا يفتح باب الكعبة لبعض أشراف مكة ليدخلوا يصلوا بالداخل ، فجاء النبي وسطهم وقال له : أتدخلني أصلي قال لا – كان كافرا – فقال : ياعثمان أدخلني أصلي ، قال : لا لن أدخلك قال : يا عثمان أدخلني لعله يأتي يوم يكون المفتاح معي ولا أعطيه لك فقال عثمان : إن جاء هذا اليوم فبطن الأرض خير لي من ظهرها ، ومنع النبي ولم يدخل ، ومرت الأيام وفتحت مكة وأسلم " عثمان بن طلحة " وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا عثمان ، أين مفتاح الكعبة ؟ فقال له : أذهب إلى أمي فآتيك به يا رسول الله ، فذهب عثمان إلى أمه ، فرفضت أن تعطيه إياه وذكرته بالواقعة التي حدثت بينه وبين النبي وقالت له: إذا أخذه لن يعطيه لنا ثانية وهو شرفنا ، وخبأته في ثيابها ، وحاول معها عثمان فقد اسلم فتأخر..فجاء عمر بن الخطاب ليرى لماذا تأخر عثمان وطرق الباب قائلا : يا عثمان أين المفتاح فأخرجت الأم المفتاح مباشرة – خوفا من عمر – فذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخذه النبي وقال تذكر يا عثمان ، يوم قلت لك لعلي أخذه منك فلا أعطيه لك ؟ فسكت الرجل ، فجاء العباس عم النبي قال : يا رسول الله أعطني المفتاح – ليكون مع عائلة عبد المطلب – فيقول له: لا يا عباس هذا يوم بر ووفاء ،هذا يوم بر ووفاء ، خذوه يا بني عبد الدار لا يأخذه منكم إلا ظالم ، ورد إليه المفتاح. حتى اليوم مفتاح الكعبة مع قبيلة بني عبد الدار، لا يدخل ملك أو رئيس إلا بإذن بني عبد الدار وفاءا للنبي صلى الله عليه وسلم . وهنا يعلمنا الرسول الوفاء حتى مع من لا تحب. هكذا مررنا على أنواع الوفاء الخمسة (مع الله – الرسول – الناس – ذوي الفضل علينا – ذوي العشيرة). ويكفي أن الله عز وجل عندما أراد أن يمدح نبيه إبراهيم قال : "وإبراهيم الذي وفى" بماذا ، بكل شيء بكل أنواع الوفاء الخمسة .
| |
| | | مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: حـلـقـة ـآ‘لـتـوٍـآضـع الجمعة نوفمبر 13, 2009 5:55 pm | |
|
حـــلـقــة ـآ‘لـتــوٍـآضـــع
أعوذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا .
لقد اتفقنا في حديثنا السابق على أن الأخلاق قابلة للتغيير وللتحسين وعلمنا أهمية وفضل حسن الخلق وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأت بحديث به كلمة ( أفضل – أثقل – أكمل ) إلا وكانت مقرونة بحسن الخلق .
فلنبدأ بخلق اليوم-وليس معناه أنه أفضل الأخلاق وأولها – وليكن " التواضع " و له معنيان : -
الأول: أن تستسلم للحق وتقبله من أي إنسان جاءك منه ، الكثير من الناس يعانون من مشكلة عدم قبولهم للحق معتبرين أن الحق ما صدر منه أو ممن يكبره سنا ، لكن إذا جاءه ممن هو أصغر منه سنا أو أقل منه مكانة كان رافضا له تماما – ولابد أن نركز في المعنى حتى يتحقق فينا فنحن اتفقنا على أن نكون عمليين فى هذا الدرس .
إذن أنا أتقبل الحق واستسلم له من أي إنسان من الضعيف والقوى من الغنى والفقير، من الشريف والوضيع ، من القريب ومن البعيد ، من العدو ومن الصديق
الثاني: أن تخفض جناحك – أي تعامل الناس برفق ولين أيا كانت صفتهم خادمهم ومخدومهم، غنيهم و فقيرهم ، شريفهم ووضيعهم تعامل البشر ، كل البشر بمنتهى العطف ومنتهى الرقة والحنان .
إذن من أين أتيت بهذين التعريفين ؟ ما هو عكس التواضع ؟ التكبر إذن ما هو التكبر ؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم .
التكبر بطر الحق وغمط الناس ، ما معنى هذا الكلام الصعب ؟
بطر الحق................................ ألا تقبل الحق ، إذن التواضع معناه قبول الحق
غمط الناس............................. أي يأتي الفقراء والبسطاء وأنت تشمخ عليهم بأنفك ترى لنفسك وضعا ومكانة فلا تسلم على هذا ولا تكلم ذاك ولا تبتسم لهم شموخا ورفعة.
فضل التواضع
- يقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما تواضع أحد لله إلا ورفعه الله " ألسنا نحب كل من علت منزلته فى الدنيا وكان متواضعا والعكس تزداد بغضا لكل من علت منزلته في الدنيا فيأنف على الناس .
- يقول النبي صلى الله عليه وسلم " من تواضع لله درجة ، يرفعه الله درجة حتى يبلغ أعلى عليين ، ومن تكبر على الله درجة ، وضعه الله درجة حتى يبلغ اسفل سافلين " .
- يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله أوحى الي أن تواضعوا حتى لا يفخر احد على أحد ولا يبغى أحد على أحد " .
- يقول النبي صلى الله عليه وسلم : يقول الله تبارك وتعالى " من تواضع لي هكذا – وظل النبي يشير بباطن كفه إلى الأرض ويهوى به إلى الأرض – ويقولون ظل يخفض كفه هكذا حتى أدناها إلى الأرض، رفعته هكذا وقلب باطن كفه إلى السماء حتى جعله فى السماء " أترون التصوير النبوي .
- يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- " لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر " اهتم بهذا الحديث جدا وراقب قلبك واسأل نفسك هل بداخلك ولو ذرة كبر على الناس ، لن تدخل الجنة وقد أتيت بصلاة وصيام وزكاة وحضرت دروس .. لا ليس بهذا فقط وهناك رواية أخرى للحديث : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال فرد له من كبر " فاحذروا الكبر يا جماعة .
- يقول الله عز وجل فى الحديث القدسي : " الكبرياء ردائى، والعزة إزاري فمن نازعنى فيهما عذبته " . هل تنازع الله فى كبريائه ؟
- يقول الله عز وجل فى كتابه العزيز الحكيم ضمن وصايا لقمان لابنه . " ولا تصعر خدك للناس ، ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور"الآية 18-سورة لقمان- . معنى تصعر : باللغة العامة " تلوى رقبتك " ، إذن ما أصلها في اللغة الفصحى ؟ الصعر : هو مرض يصيب الإبل فى رقابها فلا تستطيع أن تستعيد وضعها مرة أخرى (لا تعتدل رقبتها بل تبقى ملتوية) ، من هنا جاء التعبير القرآني البليغ والذى يحذرك من أن تصاب بهذا المرض فلا تستطيع أن تعتدل رقبتك مرة ثانية إذا لويتها .
- وفى آية أخرى : " ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض، ولن تبلغ الجبال طولا " . تواضع..يا بن آدم تواضع فأنت لن تملك شيئا فلم تتكبر .
تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول الصحابة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم على أحد لا ينزع يديه حتى و إن كانت لديه مشاغل ومهام عديدة ، ويقولون : " وإذا سلم سلم بكليته " أي بجسده كله يلتفت لمن يسلم عليه ، ولا يصرف وجهه عمن يسلم حتى يصرف هو وجهه عنه " . " وكان يجلس حيث انتهى به المجلس " ، و" كان هاشا باشا لا تلقاه إلا مبتسما" ، هل نستطيع أن نضبط هذه النقاط الأربع مثل الرسول صلى الله عليه وسلم وتكون متواضعا هكذا : -
1- إذا ما سلمت على أحد ، تسلم وأنت تنظر إليه .
2- عندما تسلم على أحد، لا تنزع يدك ، ولا تسلم بطرف يدك فهذا من الكبر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن الله خيرني بين أن أكون ملكا نبيا وأن أكون عبد ا نبيا ، فاخترت أن أكون عبد ا نبيا " صلى الله عليه وسلم
أحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وتعلقوا به واشتاقوا لرؤيته ومجالسته.
جاء النبي رجل يرتعد – يعتقد أنه آت لمقابلة ملك الملوك – فقال له النبي " هون عليك فإني لست بملك ، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة ". وهو اللحم المجفف – مثل البسطرمة – كانت لا تأكل اللحم الطازج .
هل فعلتها مرة حين أتاك رجل يهاب منصبك فقلت له هون عليك ما أنا إلا ابن رجل فلاح ؟ بل هناك من الناس من يتمنون وقوع أي أحد تحت رحمتهم .
كان صلى الله عليه وسلم يركب الحمار مع قدرته على ركوب الخيل تواضعا لله عز وجل ، كان أحيانا مخيرا بين البغل والحصان فيركب البغل تواضعا لله
أرجو أن تفهموا كلامي بشكل صحيح فأنا لا أدعوكم لأن تقللوا من شأنكم أو تزهدوا ولكن ليس هناك مانع أن تتنازلوا مرة ابتغاء الخضوع لله وتعليم القلب الذل وعدم الكبر .
يوم فتح خيبر : عاد النبي صلى الله عليه و سلم منتصرا ، والمدينة كلها خرجت لاستقباله فإذا به و قد كان يركب فرسه وفى موقف عز وسط جيشه يقول أين البغل ؟ فينزل عن الفرس ويركب البغل تواضعا ، صلى الله عليه وسلم
و يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أن الجارية – أي البنت الصغيرة – أو الأمة - تأخذ بيده فلا ينزع يده منها تخرج به المدينة تشترى حاجتها فيكون معها حتى تعود ؟ هل تستطيع أن تفعل ذلك مع أخيك الصغير ؟ إنه إذا طلبها منك سخرت منه ، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها مع الجارية .
يوم غزوة الخندق الصحابة يحفرون ويحفرون ويكسرون الحجر ، والذى يعد أشرف الأعمال يومها، وأحقرها وأصعبها فى هذا اليوم أن تفرغ الحفرة من التراب وتضعه إلى جانبها ، هنا يختار النبي صلى الله عليه وسلم أحقر الأعمال فينزل للحفرة ليرفع التراب ، فيقول الصحابة والله لقد رأينا جسد النبي وقد غطاه التراب .
بالله عليك هل فعلتها مرة؟؟ هل غسلت الأطباق لوالدتك يوما أم تراك قلت كيف لي أن أفعل ذلك !!!؟
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله ، كان يذهب ليشترى لهم ما يحتاجون من السوق، وكان يرقع ثوبه ، ويخصف نعله، ويحلب شاته صلى الله عليه و سلم، وهو رسول البشرية لا يدخل أحد الجنة قبله ولكن هل ترون تواضعه وبساطته .
يوم فتح خيبر : جاءته فتاة – وقد كان معه في هذه المعركة عشرون امرأة – وجدها تسير وسط الجيش فناداها وقال لها لا يصح أن تمشى هكذا وسط الجيش وأنت مازلت صغيرة ، فتعالي ، وأركبها وراءه على ناقته ، يقول الصحابة: أنه إذا أراد أن يستريح نزل عن الناقة ثم أناخ الناقة وقال للجارية " هاتي يدك " وأنزلها صلى الله عليه و سلم تقول الجارية فلما انتهت الغزوة وانتصر المسلمون رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوزع الغنائم، ينظر ويبحث عنها فلما رآها قال لها تعالي ، فلما ذهبت أخذ قلادة من الغنائم وقال لها البسي فلما همت أن تلبسها قال لها لا ، أنا ألبسك إياها ، فوضعها بنفسه في رقبتها ، تقول الفتاة بعدما كبرت والله لا يغادر رقبتي أبدا ولقد أوصيت أن يدفن معي في قبري حتى آتيه يوم القيامة وأنا أقول له ها هي القلادة يا رسول الله .
انظروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، هل أنت بهذه الصفات ، هل تتعامل مع الخدم ومع من هو أقل منك بهذا التواضع وهذه البساطة؟ لو لم تكن كذلك فاعلم أن في قلبك كبر وإنك لا تتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رسول الله يدخل مكة منتصرا ، كيف يدخل ؟ مطأطئ الرأس تواضعا لله عز وجل ، يقولون : حتى رأينا جبهة النبي تلتصق بالناقة تخيل ؟ هل تستطيع أن تكون بهذا التواضع وأنت في عز نصرك؟
يوم ترقيت أو نجحت أو تخرجت من الجامعة هل كنت حينها بتواضع النبي صلى الله عليه و سلم وهو يدخل مكة بعد 13 عاما وبعد أن آذوه وأخرجوه منها يدخلها وهو منكس الرأس تواضعا لله عز وجل في عز نصره .
ذات مرة خرج الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وفى الطريق أرادوا أن يأكلوا فقال أحدهم أنا أشعل النار وقال آخر وأنا أفعل كذا .. وقال النبي وأنا أجمع الحطب .
تواضع الصحابة رضوان الله عليهم .
والآن فلنأت لتواضع الصحابة رضوان الله عليهم .
سيدنا أبو بكر الصديق يكنس وينظف بيت امرأة عجوز وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم – ونحن نخجل من تنظيف بيوتنا والبنت تقول لأمها أنا الآن جامعية وعندى مشاغل أهم بكثير من غسل الأطباق وتنظيف البيت.
سيدنا أبو بكر
يأتيه يوما رجل من المؤلفة قلوبهم قائلا: أمر لي بعطاء – استقطع لي شئ ، فيأمر له بقطعة أرض ويقول له اذهب فأشهد عليها عمر بن الخطاب، فذهب بالورقة إلى سيدنا عمر – وقد كان ممن أسلموا حديثا – فقال له أبو بكر يقول لك اشهد لي على هذه الورقة يا عمر... فقال عمر والله لن أشهد لك على هذه الورقة، كنتم تأخذونها والإسلام ضعيف ، أما الآن فالإسلام قوى ، ثم أمسك بالورقة ومزقها – وهى التي عليها إمضاء الخليفة - ثم عاد الرجل لأبي بكر وقال له والله لا أدري أيكما الخليفة أنت أم هو ؟ - فرد عليه و قال : هو إن شاء
ماذا تفعل لو أنك مدير وحدث هذا الموقف معك من المؤكد أنك ستثور وتقول بالطبع أنا – أما عمر رضى الله عنه فكان متواضعا أيضا فقال : ليتنى كنت شعرة فى صدر ابي بكر.. هل يمكن أن تقول ليتني شعرة في صدر فلان وهو منافس لك ؟
سيدنا عمر بن الخطاب
و حينما كان عمر بن الخطاب أميرا للمؤمنين جاءه ذات مرة وفد من العراق يقودهم الأصنف بن قيس فإذا بهم يفاجؤون بأمير المؤمنين في حظيرة الإبل يغسل الإبل بنفسه؟ و إذا به يقول للأصنف – وهو سيد من سادة العراق – يا أصنف تعال وأعن أمير المؤمنين على غسل إبل الصدقة ، فقال رجل من الوفد : رحمك الله يا أمير المؤمنين هلا أمرت عبدا من عبيدك ينظف هذه الإبل، يقول عمر : وأي عبد هو أعبد منى ومن الأصنف بن قيس ؟ ألم تعلم أنه من ولي أمرا من أمر المسلمين كان له بمنزلة العبد من السيد؟
سيدنا على بن أبي طالب
سيدنا على بن أبي طالب كان يجلس مع ابنه ( محمد ) وهو من زوجة أخرى غير السيدة فاطمة تدعى الحنفية – فقال له : يا أبت من خير المسلمين بعد رسول الله ؟ قال : أبو بكر ، قال له : ثم من ؟ فقال : عمر فيقول الولد خشيت أن أسأله ثم من فيقول: عثمان ، فقلت له : ثم أنت ؟ فيقول له : يا بنى إنما أنا رجل من المسلمين.
يقول " محمد بن الحنفية " تشاجرت أنا " والحسين بن على " – وهما أخوان وتخاصما فطال الخصام فبعث " محمد بن الحنفية " خطابا " للحسين بن على " ، قال له : يا أخى طال بيننا الخصام وأنت خير مني ، وأمك خير من أمي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : خيركم من يبدأ بالسلام ، وأخشى أن أبدأك بالسلام – فأكون خيرا منك ، فابدأني بالله عليك بالسلام .
انظر إلى التواضع الحق هل تستطيع أن تكون كذلك وهو في وضع خصام ؟
سيدنا زيد بن ثابت
" وهو الذى جمع القرآن ، وسيدنا " عبد الله بن عباس " بن عم النبي وحبر هذه الأمة . سيدنا زيد كان يركب الناقة ثم يأتي سيدنا عبد الله ويأخذ بلجام الناقة – ويقول هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا ، فينزل سيدنا زيد بسرعة من على الناقة ويقبل يد سيدنا عبد الله بن عباس ويقول : هكذا أمرنا أن نفعل مع آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . من أمثلة التواضع العجيبة : الإمام الشافعي يقول : " شربنا ماء زمزم للعلم – أي بنية التعلم – فتعلمناه ، ولو كنا شربناها للتقوى لكان خيرا لنا . يقول أيضا : " أحب الصالحين ولست منهم وعسى أن أنال بهم شفاعة وأكره من تجارته المعاصي وإن كنا سواء في البضاعة أنا وهو " ويقول أيضا : " لا ترفع شعرك أي إياك أن ترى نفسك فى منزلة عالية غير منزلتك ( أي أن تزهو بنفسك ) يقول " لا ترفع شعرك فيردك الله لقيمتك ، ألم تر أن من طأطأ رأسه للسقف أظله وأكنه ، وأن من تمادى برأسه شجه السقف ؟ إذن نختم حديثنا عن التواضع : بـكيف نتواضع ؟
أمثلة للتواضع فى حياتنا
نتواضع فى الملبس
وليس المقصود أن أرتدي الممزق من اللباس أو أن أكون غير مهندم).
فلقد جاء رجل للنبي " صلى الله عليه وسلم " قال " : يا رسول الله إنى أحب الثوب الحسن فهل هذا من الكبر فى شئ ، قال : لا ، إن الله جميل يحب الجمال ". إذن فالذي علي تركه هو الفاخر من اللباس و الذي أرتديه بنيّة التفاخر والمباهاة لأن هذا يعد كبرا ، أما إذا ارتديت لباسا فاخرا بنية إعطاء صورة جيدة للملتزمين والذين يلبسون بشكل مهندم ومنسق فلا بأس بذلك بل هو محبب ...، خذن حذركن يا أخوات . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " بينما رجل يتبختر في برده إذ خسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة " . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من ترك اللباس تواضعا لله عز وجل وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان يشاء " ، وليس من عناه هو من عاش زاهدا عن اللباس الفاخر ولكن افعلها وافعليها يوما في موقف سيتباهى فيه الجميع بملبسه .
التواضع مع الخدم
يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فأطعموهم تطعمون ، وألبسوهم مما تلبسون ، وكلفوهم بما يطيقون ، فإن كلفتموهم بما لا يطيقون فأعينوهم ".يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا أتى أحدَكم خادمـُه بطعام فليجلسه معه فإن لم يجلسه معه فليطعمه اللقمة واللقمتين ، والأكلة والأكلتين . يا أخوات انتبهن في معاملتكن لخدمكن ، السيدة من السيدات تطلب من خادمتها تنظيف البيت بأكمله ثم إعداد الوليمة قبل أن يأتي الضيوف ثم تنظيف البيت مرة أخرى بعد انصراف الضيوف – كل هذا قد لا تطيقه – ومن الممكن أن تتعصب عليها ..حذار يا أختاه فنبي الله يوصيك بها " هى تحت يديك " تواضعى لله بها وبمعاملتك لها .
التواضع فى تأسيس المنزل
الكثير من الزيجات فشلت بسبب صعوبة ما يشترط أهل العروس وجوده في الشقة ... يقول " على بن أبي طالب " : " أهديت إلي ابنة النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة ، فدخلت بها يوم أن دخلت بها و والله لم يكن فى بيتى يوم أهديت إلى إلا جلد كبش – على الأرض – ووسادة حشوها ليف " . طبعا أنا لا أضعك بموضع المقارنة بين ما كان في عصرهم و ما هو موجود في عصرنا ، لكن ذلك أيضا كان يعد شيئا قليلا مقارنة بما كان متوفرا و فتح الله بعد ذلك على سيدنا علي وأكمل البيت وجهزه .
التواضع مع الأقارب الفقراء
إذا كان لديك أقارب فقراء تذكرهم وابدأ ببرهم وزرهم وإياك أن تدعي أنك تبر أهلك وأقاربك وأنت تختار الطبقة الراقية منهم دون غيرهم .
التواضع مع من هم دونك في المستوى الاجتماعي والمستوى الثقافي : - مثال / أنا خريج جامعة أمريكية فلا يصح أن أتعامل معك أنت خريج تجارة – إياك أن تزهو بعلمك أو شهادتك و تتفاخر بهما.
التواضع مع من علمك
كثيرا ما نسخر من أساتذة مدارسنا ، وأساتذتنا بالجامعة .. إياك فهم مَنْ علمك و مَنْ لهم الفضل عليك.
التواضع مع من تعلمه
حذار أيها الدعاة إلى الله... تحروا التواضع في دعواكم ، فكم من أخت تريد أن تأخذ بيد صاحبتها تظل تسخر منها زمنا لتقول لها أخيرا " أنت ما زلت مبتدئة ، أنت ساذجة جدا ، " حذار ...حذار ...فتكون بذلك سببا في بعد الناس عن ديننا وسببا في تجنب الملتزمين ، اصبروا عليهم يا إخوتنا وعاملوهم برقة ولين وتواضع .
التواضع مع الوالدين
يقول عز و جل : " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة" ، ... إذا كانا والداك على قيد الحياة : أتراك ستقبل أيديهما ؟ ، هل تستطيع أن تقبل يد والدتك أمام الناس ؟أتعلم ؟؟؟ إن ذلك لمن دلائل التواضع ... و إذا ما فارقا الحياة استغفر لهما باستمرار ، واعمل عملا صالحا يوضع لهما في ميزان حسناتهما والله إذا أردت أن تتعلم التواضع لتتحلى به خلقا جربه لشهر فقط و ستتعود بعدها ستقول لي : كان سهلا علي فعلها مع أمي ، لكن وجدت من الصعب أن أفعل ذلك مع أبي ، حاول وجربها أيضا انزل على يديه وقبلها والله ستتعلم بعد ذلك التواضع مع الله عز وجل .
وأجمل التواضع
أن تذل وتتواضع لله عز وجل ، إياك أن تمن أو تتباهي بحضورك لدرس علم ، أو بحجابك والتزامك فيما ما يزال الكثير من الناس بعيدين عن الله ، يقول عز و جل : " ولا تمنن تستكثر " ، إياك أن تمن على الله . اخفض جناحك وذل لله الذي خلقك ، فأنت كلك من خيره ومن نعمته . هذه كانت أمثلة للتواضع مرت ببالي ولكنني لم أحصرها ، فكر مع نفسك وابحث عن أي وسيلة تبعدك عن الكبر وتجعلك متواضعا . كيف تتخلق بخلق التواضع ؟ كيف تصبح متواضعا؟ تفكّر بجلال الله عز وجل وقدرته ونعمته تشعر بذلك وخضوعك ...أشعر بفقرك إلى الله تكن متواضع ، أنظر لعظمة الله ولمكانتك تكن متواضعا . كيف تتدرب على ذلك عمليا ؟ تعال وتناول وجبة من الوجبات مع الموظفين الأقل منك درجة أو السعاة . جالسي خادمتك و لتشاركيها الطعام . قم بتعليم القرآن لفقير ... اجلس مع المساكين والفقراء . خصص يوما في الأسبوع لغسل الأواني . اركع على ركبتك وقبل يد أبيك وأمك . ابحث عن العمل الذي تجد من الصعب على نفسك التي تعودت التعالي أن تفعله و افعله فهذه أحسن وسيلة لتربيتها على التواضع ، ابحث عما ولّد الكبر بداخلك حتى تعودت عليه نفسك فصعب عليك التخلي عنه واكسره .
كيف أعرف أني أصبحت متواضعا ؟
تريد طريقة عملية تعرف بها أأصبحت متواضعا أم لا ؟
- اطلب من أحدهم أن يسأل عنك خدمك فى البيت .
- اطلبي من أحدهم أن يسأل أقرانك عنك .
- ابحث عما يقوله عنك الفقراء والمساكين الذين يسكنون قـريبا منك ؟ "اعرف ماذا يقول الناس عنك وخاصة البسطاء منهم " .
أختم حديثي بتذكرة . " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر "
| |
| | | مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: حـلـقـة ـآ‘لإحـسـان الجمعة نوفمبر 13, 2009 5:55 pm | |
| حــلــقـــة ـآ‘لإحــســان
أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا .
يقول الله عز وجل: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ترى هل نوينا وجربنا التغيير من خلال ما تعرضنا له بالدرس السابق ؟ فتخلقنا بخلق التواضع مع الفقراء والمساكين .. إن الله يقول لنا ابدؤوا وحاولوا أن تتغيروا وانظروا ماذا سيفعل بكم الله .
قد يظن أن بناء السدود و المصانع وشق القنوات والأنهار من أصعب الأشياء .. لا بل أصعب شئ في الدنيا بناء إنسان من الداخل ، أصعب شئ أن تنتج إنسانا ذا أخلاق يصبح نموذجا يحتذى به في المجتمع ، ليس أصعب شئ أن تتعلم الصلاة ، وليس من الصعب أن تصوم وليس صعبا أن تذهب للحج ، أصعب شئ أن تصلح نفسك من الداخل وتزكيها يقول عز و جل " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها "الآية 09 سورة الشمس حقا هذا هو الشيء الصعب . سيدنا " عمر بن عبد العزيز " استلم زمام الأمة منذ قرون عديدة وكان في صفوف الأمة بعض الخلل ، و لما أصبح خليفة للمسلمين قال " إنى أعالج شئ لا يعين عليه إلا الله " تعال يا عمر يا بن عبد العزيز وانظر لحال الأمة اليوم وماذا تحتاج لكي تعالج . لذلك نحن نحاول أن نصلح أنفسنا معا من الداخل ولا نسمع لمجرد التسلية و تمضية الوقت ، يا جماعة النبي بدأ مع الصحابة من الجاهلية وحاول بناء أمة صالحة فى 25 سنة فقط بعدها صارت هذه الأمة تقود الأرض كلها ، أناس كانوا يعبدون الأصنام و يأكلون الميتة حسّن من أخلاقهم وعباداتهم ، رباهم وصاروا أمة تقيم الإسلام فى الأرض كلها وتنصر . إذا ليس من الصعب ان تتغيروا و تصبحوا صالحين . ولنبدأ فى خلق ضاع بين المسلمين ، خلق أصبح غريبا فى ارض الإسلام نادرا ما تجد مسلما يتحلى به ، خلق أجادة الغرب ونجح فيه خلق " الإحسان " – وأنا أعلم أن الكثيرين لن يفهموا ويقدروا قيمة هذا الخلق إلا بعد الانتهاء من دراسته .
ما هو الإحسان ؟
ببساطة هو " الإتقان " ، أن تتقن كل شئ ...و لكن هل هذا الخلق ؟ نعم ، إنه من صميم أخلاق الإسلام إتقان الأعمال – إتقان المعاملة .. ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه "
فضل الإحسان : واسمع الآيات القرآنية التى تتحدث عن قيمة المحسن عند الله فى كل شئ وليس فى العبادة فقط .
· يقول الله عز وجل : " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين " .
· ويقول الله تبارك وتعالى " إن رحمة الله قريب من المحسنين " .
· إن رحمة الله قريب من الإنسان الذى يتقن أي شئ يكلف به .
· يقول الله تبارك وتعالى : " واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين " .
· يقول الله تبارك وتعالى : " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنين " . إذن الله مع المحسنين ، والمحسنون فى درجة المتقين .
· يقول الله تبارك وتعالى : " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " والزيادة هى رؤية الله عز وجل ، أيها المحسنون بشرى لكم برؤية الله عز وجل عيانا . أترون قيمة هذا الخلق الضائع بين الناس .
· يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شئ " كتب : أي أنك مطالب ومأمور بالإحسان ، في كل شئ ، أي فى كل صغيرة وكبيرة أنت مطالب أن تكون محسنا . " إن الله كتب الإحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتل ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته " هل رأيتم المثل الذى اختاره النبي ( كأن تذبح دجاجة ) قد تحسب أنك غير مطالب بالإحسان فيه ،في لحظة إنهاء حياة هذه الدجاجة أنت مطالب بالإحسان .المثال ذكر آخر ما قد تتصور نفسك تفعله (القتل أو الذبح) ، إذن غير ذلك كله أنت مطالب بالاحسان فيه .
ألا ترى أن هذا الخلق ضائع منا ، خصوصا نحن المصريون لدينا مشكلة تسمى (الفهلوة ) ونعتقد أنها شطارة / تميز ، مع أنها عكس ( الإحسان ) ، وهى دليل على سوء خلق " إن الله كتب الإحسان على كل شئ " . " وليحد أحدكم شفرته " دليل على أننا لا يكفى أن نأخذ نية الإحسان ولكن لابد من الأخذ بالأسباب ( أدوات الإحسان ) ، أن تحسن وأنت تقتل أو تذبح ذبيحة فكر فى أحسن الأدوات اللازمة لكى تحسن هذا العمل ( تحد السكين ) . وأنت تراجع دروسك – عليك أن تختار المكان المناسب والوقت المناسب لذلك .. .
هل أصبح المعنى أوضح ؟ .
انظر الى الله عز وجل كيف أحسن إلينا ، سندقق الآن في صفة من صفات الله عز وجل لنتعلم منها ونأخذ بها.
يقول الله تبارك وتعالى : " الذى أحسن كل شئ خلقه " فى كل شئ هل تلاحظ وجود أي نقص فى خلق الله تعالى ، أي اعوجاج أي قصور فى خلقه تبارك وتعالى لن تجد .
يقول تبارك وتعالى " وزيناها للناظرين ، فأرجع البصر هل ترى من فطور " وهو يصف السماء ويسألك أن ترجع البصر وتنظر هل سترى أى اعوجاج؟؟؟ هل ترى أى قصور ؟ ؟؟؟كان من الممكن أن يجعل الله عز و جل للسماء وقت الشروق ووقت الغروب لونين فقط أبيض وأسود ، لكن انظر لجمال المنظر وتعدد الألوان ، انظر للإحسان فى الخلق .. إنه بديع السموات والأرض . انظر الى نفسك ، يقول الله تبارك وتعالى :" لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم " أي خلقتك على أكمل ما يكون انظر الى العينين ومكانيهما ، إلى اللسان و مكانه ، انظر الى جسدك … انظر الى الحيوانات كيف أحسنت خلقها بمختلف أنواعها ؟ " الذى أحسن كل شئ خلقه " . تعلموا من الله ، وتحلوا بهذا الخلق الجميل . يقول الله تبارك وتعالى : "وصوركم فأحسن صوركم" نتعلم منها أن " وأحسن كما أحسن الله إليك " . يقول الله تبارك وتعالى : "الله أنزل أحسن الحديث" أحسن الله خلق الكون ، وأحسن إليك ، وأحسن فى كتابه المنزّل عليك فأنزل فيه أحسن الحديث.
نماذج الإحسان فى حياتنا .
الإحسان فى العبادة
إن آداءك للصلاة عبادة ، لكن إحسانك آدائها خلق ( أن تؤدى الصلاة على أفضل ما يكون ) أرأيت علاقة الأخلاق بالعبادات ....كيف تحسن فى العبادة ؟ .
جاء جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم : قال : يا محمد اخبرني عن الإسلام ، فقال : أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ، قال : فأخبرني عن الإيمان : قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيرة وشره ، قال :فأخبرني عن الإحسان : قال : أن تعبد لله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .
هل تستطيع أن تحسن بهذا الشكل، أن تصلى ركعتين لله وكأنه ينظر إليك وتنظر إليه : تعالوا لنجرب...لم لا نجرب ذلك و نتذوق حلاوته ، أن نعبد الله كأننا نراه ، فإن لم نكن نراه نستشعر مراقبته الشديدة لنا فى كل خطوة ليس فى الصلاة فقط ، لكن اعلم أنه عز و جل مطلع علينا في كل لحظة من لحظات حياتنا في كل حركاتنا و سكناتنا وأنا أضحك ... الله مطلع علي... الآن وأنا أتحدث إلى صديقي – الله مطلع علي الآن وأنا أدخل حجرتي لأنام – الله سيأخذ روحي الآن ، هل تستطيع أن تقضي يوما من عمرك محسنا في كل شيء ؟
الإحسان بالوالدين
يقول عز و جل : " وبالوالدين إحسانا " جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : - يا رسول الله أبايعك على الهجرة والجهاد ، فقال له النبي : هل من والديك احد حي ؟ قال نعم : بل كلاهما ، قال : أتبتغى الآجر ؟ قال : نعم يا رسول الله قال : : فارجع الى والديك فأحسن صحبتها " هل تستطيع أن تحسن لوالديك بنية الفوزبالآجر؟؟؟، خلق الإحسان : ليس محدودا يا إخوتي أو له نهاية ، كل ما تزيد إحسانا و تطبق الإحسان في كل ما تفعل كلما ترتقى عند الله ، أنت لست مطالبا بشئ بعينه . حتى أن الله تعالى قال " وبالوالدين إحسانا " فقط دون تفصيل و تركك لتحسن بطريقتك ... أرنى إذن كيف ستكون نظرة عينك إليهما ، كيف ستكون معهما نبرة صوتك ، كيف ستكون ملامح وجهك وأنت تقول لأمك : هل أنت بحاجة لشئ ؟ أنا الآن لست أعلمك حديثا رقيقا لتقوله لهما ولكنني أتحدث عن إحسانك لهما و هو يتجسد في نبرة صوتك معهما وملامح وجهك . أن تقبل أيديهما ، وقد ذكرنا ذلك فى خضم حديثنا عن التواضع ، لكن قد تسأل ترى كيف يكون الإحسان في تقبيل أيديهما ؟
الإحسان للبنات
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من رجل تدرك له ابتنان أو أخان فيحسن إليهما ما صاحبها أو صاحباه إلا أدخلتاه الجنة " . كيف أحسن للبنات ؟ ذلك في طريقة معاملتك معهن ، في النصيحة لهن ، في إعانتهن على طاعة الله ، أنظر الى النبي صلى الله عليه وسلم وإحسانه الى فاطمة رضى الله عنهما : كانت لا تدخل عليه إلا و قام لها وقبلها من رأسها ، انظر كيف أن الأب هنا هو الذى يفعل ذلك ،ترى كم من أب يفعل ذلك مع ابنته ؟ عندما تزوجت السيدة فاطمة سيدنا علي سكنا بعيدا عن بيت النبي وعن المسجد النبوي ، فذهب النبي لرجل يسكن بجوار المسجد النبوي و قال له : إنى لا أطيق فراق فاطمة ، هل أشتري منك البيت ليأتي على وفاطمة ويسكنا بجواري ؟ فقال له الرجل : يا رسول الله أنا وبيتى فى سبيل الله . لذلك كل من يدخل الروضة سيجد مكان بيت السيدة فاطمة ملاصقا لبيت النبي صلى الله عليه وسلم
والآن ونحن نعيش القرن العشرين كيف ستحسن لابنتك ؟ أنصحك بأن تصادقها حتى لا تخفي عنك شئ، الكثيرات منهن يخدعن اليوم باسم الحب ، اسمع منها واصبر عليها وأنا أرى أن هذا هو أفضل سبل الإحسان في هذا الزمن الصعب الذى نعيشه .
الإحسان فى التحية
يقول الله تبارك وتعالي : " إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها " . حتى عند التحية أنت مطالب بالإحسان ، إذا مد يده مدها أنت أيضا ، إذا ابتسم إليك رد عليه بابتسامة أوسع .
الإحسان فى الجدال
أجل حتى عند اختلاف وجهات النظر . يقول الله تبارك وتعالى : " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)" سورة النحل كيف يكون ذلك ؟ إن أبدى رأيا يخالفك ماذا سترد عليه هل ستقول له : لا لا ما هذا الهراء ؟ أو ستقول لا أنا معترض على هذا الحديث؟؟ كيف ستكون محسنا هنا ؟ تستطيع أن تجيبه قائلا : كلام حضرتك جميل لكن أنا عندى رأي أخر أريد أن أقوله . انظر للنبي صلى الله عليه وسلم كيف يجادل بالتى هى أحسن : - جاءه عتبة بن ربيعة فقال : يا أبن أخي إنى عارض عليك أمورا فقال له النبي : قل يا أبا الوليد فإني أسمع : فعرض عليه أشياء سخيفة جدا ، عرض عليه أموالا ، وأن يتزوج من أجمل فتيات قريش ، وأن تكون له العزة والمكانة ، وأن يعالجوه إذا مرض كل ذلك في سبيل أن يترك ما يدعو إليه فقال له النبي : أفرغت يا أبا الوليد ، قال : نعم ، قال : فاسمع منى … أرأيت كيف يكون الجدال بالحسنى ، بعيدا عن العصبية ، يؤخذ على المتدينين أنه إذا جاء أحد وتحدث عن الدين والمتدينين بطريقة ما يثور ويتعصب ، ولا يجادل فى هدوء ، ليتنا تعلمنا عن النبي ، ليت قنواتنا الفضائية تتعلم كيف يكون الجدال بالحسنى ، وأدب الحديث .
الإحسان فى الكلام
تختار أرق الكلام إذا تحدثت ،هل تستطيع وأنت خارج من المنزل أن تسأل والدتك "نفسك فى حاجة " بدلا من " عايزة حاجة ؟ " فالرقة فى نبرة الصوت والكلمة الحلوة لم يكلفاك شئ . انظر للنبي صلى الله عليه وسلم في اختياره للكلمات الحلوة . كان أحد البدو يدعى " زاهر " وقد كان ذميما ، وكان غليظا لأنه من البادية ، فكان الصحابة لا يحبون التعامل معه كثيرا وينفرون منه إلا النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامله برقة شديدة وكان يتودد إليه ، فبينما كان النبي يمر في السوق إذا " زاهر " يقف وسط السوق وكل الصحابة بعيدون عنه ، لا أحد يقف معه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم من ظهره واحتضنه ، فقال زاهر و هو ذو الشخصية الغليظة . من هذا ؟ أرسلني ، يقول الراوي : ففتح النبي ذراعيه، فاستدار فوجد النبي صلى الله عليه وسلم فاتحا ذراعيه ، فيقول زاهر ": فما فرحت بشئ كملاصقتي لجسد النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أخذ النبي بيدى ووقف فى السوق يقول : من يشترى هذا العبد ؟ من يشترى هذا العبد ؟ فيقول زاهر : إذن تجدنى كاسدا يا رسول الله ، فيقول النبي : لكنك عند الله غال – أترون رقة الكلام ، إن كنت كاسدا فى عالم الناس ، فمقامك عند الله عظيما أيها الرجل .
إذن ما أحسن الكلام ؟ أحسن الكلام الدعوة إلى الله . يقول الله تبارك وتعالى : " ومن أحسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا " . إذا أردت أن تكون محسنا في كلامك ، اجعل كلامك عن الدين ، عن الإسلام .
الإحسان فى الزواج
يقول الله تبارك وتعالى : " وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ " من الآية 19 من سورة النساء ، يقول العلماء فى تفسيرهم لهذه الآية إنه ليس معناها أن تعاملهم بالمعروف عندما يحسن إليكم ولكن معناها أن عندما تسيئ إليك تحسن أنت إليها . تحسن فى إختيارك للزوجة ، تبحث عن أصل أهلها ، عن والدتها ، عن دينها ، عن أخلاقها ، هل تحرص على الصلاة أم لا ؟ ابحث عن الصدق فيها و ليس جمالها فحسب .
خلق الإحسان خلق يمكن أن يشمل الدين كله ، يقول عنه ابن القيم : " هو لب الإيمان ، وروح الإيمان ، وكمال الإيمان هذا الخلق خلق الإحسان " . ولو جمعنا فضائل الأعمال كلها من صلاة وصيام وذكر وقرآن لدخلت تحت الإحسان . من الإحسان أيضا فى قوله تعالى : " وعاشروهن بالمعروف " الإحسان فى المسكن : مثلا : كل زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كنّ يسكنّّ بالمسجد النبوي – منطقة صحراوية – فلما تزوج " ماريا المصرية " أسكنها النبي فى مكان يسمى " العوالي " – مكان كله خضرة وزرع حتى يتناسب و طبيعة البيئة المصرية التي كانت تعيش بها السيدة ماريا – أترى إحسان النبي فى اختياره مسكن الزوجية ، وهو المنشغل بإصلاح أمة . لكن ليس معنى ذلك أنك لابد وأن تسكنها فى شقة على النيل باهظة التكاليف وتقول أن هذا من الإحسان ، لا ولكن توفر لها مستوى قريبا من الذى كانت تعيشه .
الإحسان حتى عند الطلاق
يقول لله تبارك وتعالى : "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ " -من الآية 18 من سورة الزمر- هل بلغ الإحسان حاسة السمع ؟؟؟ إذن ماذا ستختار لأذنك عندها ؟ نعم يبلغ الإحسان ذلك أيضا. لا تسمع أذنيك كلاما هابطا ، كلاما بذيئا ... كلاما ليست له قيمة . الاحسان عند مراجعة الدروس : أن تحس وتتقن الدراسة ، تقول لا أنا شاطر وأعلم كيف أنجح دون تعب شديد فى المذاكرة ، ودائما أنجح بسهولة . نعم أنت أمام الناس ناجح ، لكن أمام الله أنت غير محسن ، وأنت فى هذا الخلق تتعامل مع الله وليس مع الناس .
إحسان ربة البيت فى منزلها
فى ترتيب وتنظيف البيت ، في طهي الطعام ، فى تربية الأولاد . تخيلي أنك كلما أتقنت عملك في البيت أكثر كلما كتبت عند الله محسنة بدرجة أكبر . إن كنا نريد أن نبنى مصانعا ، سدودا ، و ننجز مشاريعا ، نقطة البداية ستكون من هنا: بــــــــــــالإحسان .
الإحسان مع الحيوان
لتتعلم جماعات الرفق بالحيوان من النبي صلى الله عليه وسلم : جاء في الحديث الذى رواه الإمام مسلم فى مسنده " أن بينما رجل قد أضجع شاته – أي أنامها لكي يذبحها – ثم أخذ شفرته يحدها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أتريد أن تميتها مرتين ؟ فقال : وكيف ذلك ؟ قال : هل أحديت شفرتك ثم أضجعتها ؟ . أليس عظيما هذا الدين الذي طبّق في كل أمور حياتنا وعلمنا الإحسان فى كل شئ .
الإحسان فى مهنتك
ليتنا نجد منتجا و قد كتب عليه " صنع فى مصر " فنعلم أن من أنتجه مصري مسلم ، و نعلم عندها أن هناك مكان للإحسان في صناعاتنا فنقتنيه . لكن ما يحدث أننا عندما نعلم أن هذه السيارة مثلا ركّبت في مصر يعتريك فورا شك حيالها و تقفز إلى ذهنك عبارة "إياك أن تشتريها" ، اشتر التى ركّبت في إيطاليا فذلك أضمن ... !!!! لماذا ؟ لأنهم يتقنون ، يحسنون.. أما نحن فلسنا بمحسنين . أرأيت كيف يمكن أن يكون المسلم نموذجا سيئا للمسلمين ، و قد بلغ الأمر بالأجنبي الذي اعتنق الإسلام أن قال : الحمد لله أني قد أسلمت قبل أن أرى المسلمين ، لأن أخلاقنا وطبائعنا ليس لها علاقة بالإسلام .
انظر لسيدنا يوسف : كيف كان محسنا في إدارة شؤون الدولة ( مصر ) ويضع سياسة للتخزين ، ويضع سياسة للاستهلاك .
قال : قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ(47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ(48)- . سورة يوسف
· دأبا – زيادة في الإنتاج
· ذروه في سنبلة – سياسة للتخزين
· يأكلن ما قدمتم لهن – استهلاك بترشيد .
ما هذا ؟ نبي أنت يا سيدنا يوسف أم أنك وزير اقتصاد ..إنّه الإحسان أرأيت الإحسان وعلاقته بالتخطيط والإدارة .
هل تفخر و تعتز بدينك أم لا ؟ أتستشعر كم هو عظيم ويتسم بالشمولية ؟؟
الإحسان فى الحرب
يقول النبي للجيش فى غزوة مؤتة عند خروجهم " انطلقوا باسم الله ، على ملة رسول الله ، لا تقتلوا شيخا فينا ، لا تقتلوا أمرآة ، لا تقتلوا صغيرا ، لا تقتلوا رضيعا ، لاتهدموا بناءا لاتحرقوا شجرا ، لا تقطعوا نخلا ، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين " . إنه جيش محسن ، هل سمعت بحياتك هذا التعبير ؟ الإحسان وأنت تقتل الكافر : - يقول الله عز وجل :- " فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ" من الآية 04 من سورة محمد. حدد الله مكان الضرب عند القتل – عند الرقبة – والضرب أي مباشرة دون تعذيب وقد حدد الله من قبل مكان الضربة القاتلة للملائكة في غزوة بدر في قوله تعالى : "فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ" من الآية 12 سورة الأنفال لأنها أسهل نقطة للقتل مباشرة دون تعذيب حتى مع الكفار ؟ نعم أترون عظمة هذا الدين الذي يحسن حتى للكافر وهو يموت .
بقيت نقطتين فى الإحسان : -
الأولى: أنك قد تعترض وتقول لماذا تطالبني أنا بالإحسان ، كيف سأكون الوحيد الذى لا يرمى ورقة في الشارع ، الجميع يفعلون ذلك ، وليس هناك من يحسن في هذا الأمر . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تكونوا إمّعه ، تقولون : إن أحسن الناس أحسنا ، وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا انفسكم فإن أحسن الناس أحسنوا ، وإن أساءوا لا تظلموا " صلى الله عليه وسلم . وطنوا أنفسكم: أي اضبطوا أنفسكم وأخلاقكم. هذا هو المسلم المتفرد الذى يضبط نفسه وخلقه ، و لا يقول أنا جزء من هذه البيئة فأفعل ما يفعلون و أترك ما يتركون ، إذن ماذا أضاف اليك الإيمان ؟ وذهابك للمسجد .
النقطة الثانية :
إنى خائف على بعض الناس والتى ستنوى الإحسان بعد سماعها لهذا الدرس من أن تصاب ببعض الوسوسة. مثال : " سلمت على والدتك وقلت لها إزيك ؟ ثم خرجت وعدت ثانية لتقول لها إزيك جدا ؟ حتى تكون محسنا " ربة المنزل تستشعر أن الطعام ينقصة ¼ ملي كمون حتى تكون محسنة فى طهيها … أجل لقد ذكرت أن الإحسان هو الكمال والتفرد فى أدائك للأعمال ، لكن ليس هناك فى الإسلام مبالغة ، و وسوسة ، و مثالية . أي خلق فى الإسلام له طرفان والإسلام يطلب منك أن تكون فى وسطيا .
مثال :
· الشجاعة وسط بين التهور والجبن
· الكرم وسط بين البخل والإسراف
· الإحسان وسط بين الفهلوة والوسوسة والمبالغة
" سددوا وقاربوا " حاول أن ترتقى اليوم أن تحسن في حديثك ، فى السماع .
هل نوينا التغيير ، هل نوينا ألا نفضح الإسلام والمسلمين بسوء أخلاقنا ، ألم تحضر هذا الدرس ، ألم ترتدى الحجاب ابدأي إذن فليس ارتدائك الحجاب هو النهاية بل البداية فى المطلوب منك ، أنت أصبحت منبرا متحركا للإسلام ، دالة عليه أحسنى إذن فما أعظم هذا الخلق ، اتقنوا كل شئ .. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آلة وصحبة أجمعين . | |
| | | مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: حـلـقـة ـآ‘لـحـيــاء الجمعة نوفمبر 13, 2009 6:02 pm | |
|
حــلــقــة ـآ‘لــحــيــاء
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم . "إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً" خُلُقنا اليوم هو خُلُق " الحياء"، والحياء والإيمان متلازمان كلما زاد خلق الحياء زاد الإيمان، وكلما نقص قل الإيمان، فهو لصيق بالإيمان.
ما معنى الحياء؟ وما معنى أن نقول أن فلان عنده حياء؟
الحياء هو انقباض النفس عن فعل المعاصي والرذائل والقبائح، فقلبك لا يطيق أن تفعل الحرام، لأنك لا تطيق أن ترى نفسك مهانة أمام الله أو أمام الناس أو أمام نفسك. لأن نفسك كريمة . هذا هو الحياء، وكأنه عاطفة بداخل النفس ترتفع بها النفس عن الدنايا والصغائر، أنا أزني؟ أنا أسرق؟ أنا أكذب؟ لا يمكن، ولِمَ؟ لأن نفسي كريمة، عظيمة عن ذلك، فأنا أرقى من ذلك، وأنا أحترم نفسي أمام الله عز وجل وأمام الناس وأمام النفس.كلمة الحياء أصلها من الحياة، حيي، أو استحيا الرجل: أي من قوة نبض الحياة داخله ترفع عن فعل الرذائل والدنايا، لذلك هناك علاقة شديدة بين الحياء وأن يكون القلب حياً، كلما كان القلب حياً ازددت حياءً. ولذلك يقال: أكثر الناس حياة " أكثرهم حياءً" لأن القلب عندما يموت فلن تستقبح شيئاً، فأي شيء من الممكن أن تفعله.
ما الفرق بين الخجل والحياء؟
كثيرون يعتقدون أن الحياء معناه الخجل، أنا أخجل إذن أنا حيي، لا.
الخجل: هو ارتباك لمجرد أن يكون المرء أمام من هو أكثر منه علماً، أو تسلط عليه الأضواء، أو يوجه أحد له سؤالاً، فلا يقدر أن يعبر عن نفسه . وكأن الخجل ناتج عن جبن، عن خوف، عن شخصية لا تشعر بقيمتها، شخصية ضعيفة.
الحياء : عكس ذلك تماما، فهذه الشخصية من فرط تقديرها لذاتها وأنها كريمة تستعلي عن فعل القبائح.
الخجول يخجل لأنه يرى نفسه قليلة في نظره، أما الحيي فيترفع لأنه يرى نفسه كريمة، فيأبى أن تهان نفسه أمام الله أو أمام الناس أو أمام عينه، فالفرق كبير. هذا الفرق يجعلنا نفسر تصرفات كثيرة. فلا تترك حقك مهضوما وتقل إنني حيي، هذا ليس حياءً، إنما الحياء أن تستقذر القبيح، فلا يمكن أن تنطق بسبِّ أحد، أو تعاكس فتاة في الشارع.
أقوال النبي صلى الله عليه وسلم عن الحياء:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان " الإيمان بضع وسبعون خصلة أو نقطة أو موضوع، الحياء أحدها. والعجيب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر البضع وسبعين، لكنه ذكر " الحياء" ولِمَ ؟ لأن الحياء هو الذي يعينك على إكمال الشعب الباقية، فإذا انضبط الحياء ستنضبط بقية الأخلاق والبضع وسبعين شعبة. استكمل حياءك، تستكمل إيمانك.
في رواية أخرى " الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله؟ وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يؤكد على أن الحياء شعبة من الإيمان. حاول العلماء الاجتهاد لمعرفة البضع وسبعين شعبة، " فابن شيبان" قال إن أكثرها – وهي مقسمة – شعب تخص القلب، وشعب تخص اللسان، وشعب تخص البدن. فالتي تخص القلب: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالبعث والنشور والقيامة والجنة والنار – والخوف من الله والتوبة – والرضا – والشكر – كل ما يخص القلب … والتي تخص اللسان: - تجنب آفات اللسان – تعلم العلم – قراءة القرآن – الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – والذكر والدعاء. والتي تخص البدن: - الصلاة- الصيام- الجهاد – الحج – العمرة – الدعوة إلى الله .. أشياء كثيرة. ومع ذلك لم يذكر النبي أية واحدة منها، وإنما ذكر الحياء، لأنه الضابط للسبعين. أنا لن أستطيع أن أصل إلى مرحلة بر الوالدين إلا إذا كنت أستحي منهم. لن أستطيع أن أتوب إلا إذا كنت أستحي من الله. لن أستطيع أن أقدم على الحج والعمرة إلا إذا كنت حيياً من ذنوبي وأريد أن أتطهر منها . الأخلاق كلها مردها الحياء، الحرص على طاعة الله مرده الحياء من الله. يقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحياء والإيمان قرناء جميعا، إذا رُفِع أحدهما رفع الأخر " . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحياء كله خير".ويقول أيضا " الحياء لا يأتي إلا بخير " نتيجته إيجابية دائما. حديث النبي صلى الله عليه وسلم " الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاء – السفالة الرذائل – من الجفاء والجفاء في النار". الجفاء: غلظة القلب. حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أراد أن يهلك عبدا نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتا ممقتا ". ...ألا نرى هذه الأمثلة في الشارع، واحد أو واحدة، تخجل أنت من أفعالها وتتوارى خجلا، نُزِعَ منها الحياء، وإذا نظرت في الوجه وجدته بغيضا مقيتا.
"... فإذا لم تلقه إلا مقيتا ممقوتا نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا خائنا مخونا، فإذا لم تلقه إلا خائنا مخونا نزعت منه الرحمة، فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إلا رجيما ملعونا...". أول ما نزع منه كان الحياء لأنه أول درجة لضياع الإيمان، وضياع الدين . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن لكل دين خلقاً، وخلق الإسلام الحياء" ماذا يعني؟ هل لا يوجد في أخلاق الإسلام إلا الحياء، لا ، ولكن أكمل وأعظم أخلاق الإسلام هو الحياء. حديث النبي صلى الله عليه وسلم " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى – أي أنه الخلق الوحيد الذي لم ينسى من أول الأنبياء لأخرهم ، الخلق الوحيد الذي اجتمع عليه جميع الأنبياء – إذا لم تستح فاصنع ما شئت" رواه البخاري.
ما معنى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت؟ لها معنيان:
1. تهديد: إذ لم يكن عندك حياء فافعل ما شئت فسوف تُجازى به.
2. أو انظر للفعل الذي تفعله أتستحي منه أمام الله ؟ أتستحي منه أمام الناس؟ أتستحي منه أمام نفسك؟ إذا كنت لا تستحي منه فأقدم ولا تبالِ – فافعل ما شئت – لا ضرر عليك ولا إثم عليك.
نماذج الحياء
في القرآن – في حياة النبي صلى الله عليه وسلم – الصحابة وحياؤهم – كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها. انظر للعذراء في مخدعها وهي حريصة على نفسها وعلى حيائها، عندما تتعامل مع الرسول تجده أشد حياءً منها. أين حياؤك أنت؟ أتستحي أن ترى منظراً فاضحاً فيحمر وجهك وتغض بصرك حياء من أن ترى هذا المنظر؟ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من الأنصار يعظ أخاه في الحياء، أي يطلب منه أن يقلل من حيائه قليلا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعه فإن الحياء من الإيمان" حديث أهديه لأخواتنا: " جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تريد الإسلام فقال لها الرسول والسيدة عائشة تقف تشهد الموقف: "بايعيني يا فاطمة على ألا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني..."، والمرأة هنا من شدة حيائها من الكلمة خفضت رأسها، ووضعت يدها على رأسها، فأعجب الرسول بحيائها، فقالت لها عائشة رضي الله عنها: يا فاطمة بايعي، فقد بايعن النساء على ذلك، فبايعت فاطمة.
قارن هذا الخلق بما يجري الآن، أنت أحيانا تخجل ويحمر وجهك عند سماعك كلام البنات مع بعضهن الآن، والسيدة خجلت ووضعت يدها على رأسها وخفضته لمجرد أنها سمعت لفظ الزنا.
في حديث عن السيدة عائشة: تقول السيدة عائشة: كنت أدخل بيتي -وقد دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أبوها- فكنت أقول أبي وزوجي، فكنت أضع ثيابي، فلما مات عمر بن الخطاب ودفن بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي، استحييت أن أضع ثيابي، فكنت أشد عليّ ثيابي حياء من عمر – وهو ميت-. قارن حياءنا الآن –نساء ورجالا- بهذه القصة وهذا الحياء.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن حياء عثمان بن عفان رضي الله عنه: "ألا أستحي من عثمان؟ ذلك رجل تستحي منه الملائكة " من أدبه وحيائه. يا ترى من هذا الذي تستحي منه الملائكة؟ هل هو هذا الشاب الذي يركب سيارته ويرفع صوت جهاز التسجيل على آخره، ويعاكس الفتيات في الشارع. وهل هي هذه الفتاة التي ترتدي بنطلونا "سترتش " وهو ملتصق بجسدها لدرجة يستحيل معها أن تكون قد ارتدته بنفسها، وترتدي الـ "بودي " الضيق والقصير و…. هل يمكن أن يكون هؤلاء هم أبناء عثمان وعائشة وفاطمة؟ هل نحن ببعدنا عن الحياء بهذا الشكل نكون أتباعاً لهؤلاء؟ ونحن نتحدث عن الحياء تكون نظرتنا للفتاة أشد ومطالبتنا لها أشد، انظري إلى حياء الفتاة التي قابلها سيدنا موسى عليه السلام في سورة القصص {فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير. فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} . (القصص 24- 25) وهناك في الحقيقة قراءتان لهذه الآية، الأولى: تخص مشيتها بالاستحياء والثانية تجمع ما قبل الكلمة وما بعدها أي أنها تمشي على استحياء، وقالت له على استحياء أيضا فهي كلها الحياء. يا ترى أخواتنا وبناتنا وهن يمشين يحرصن على الحياء في مشيتهن؟ وأنت عندما تتكلمين هل تتكلمين بحياء؟ في الحقيقة فتيات كثيرات فقدن معنى الحياء في العصر الذي نعيشه الآن. أعظم درجات الحياء وأرقاها: الحياء من الله.
كل الذنوب، كل المعاصي صغيرة أو كبيرة، من رجل، من امرأة ، من عجوز، من صغير، تشترك في شيء أساسي: عدم الحياء من نظر الله إليك، ولو كنت تدرك أن الله ينظر إليك لما فعلت المعصية. لذلك أحيانا قد يرتكب المرء كبيرة، لكن يعقبها من الحياء والخوف من الله ما يجعلها صغيرة، وأحيانا يرتكب المرء صغيرة يقترن بها عدم حياء وعدم خوف من الله يلحقها بالكبائر. وإذ نصحه أحد قال: هذا لا يخصك، {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم} يقول: "وإيه يعني" ؟
أرأينا قيمة خلق الحياة وخطورته، فبه من الممكن أن تكون الكبيرة صغيرة وأن تكون الصغيرة كبيرة بحسب حيائك منها ومن الله.
اسمع ما يقوله ابن القيم في هذه النقطة: "وفرحك بالذنب أشد عند الله من الذنب، لقلة حيائك من الله" ، فضحكك وأنت تفعل الذنب أشد عند الله من الذنوب، "وحزنك على فوات الذنب أشد عند الله من الذنب ". هناك من يرتكب المعصية وهو خائف من الله، مستحٍ منه، غير مستمتع بالمعصية، فهذا سيعينه الله على التوبة بلا ريب، ويتوب عليه ويغفر له. وهناك من يتمنى أن يفعل المعصية، ومازال يرتب لها، فإذا لم يحصل عليها، وفشل في ترتيبها حزن وأصابه هم شديد، يوضع هذا الحزن والهم في ميزان سيئاته يوم القيامة فيكون أثقل من الذنب نفسه. وذلك لقلة حيائه من الله. وحرصك على أن تستر نفسك وأنت تذنب أشد عند الله من الذنب، أتستحي من الناس وتخاف أن يراك أحد، ولا تستحي من الله ؟
جاء رجل إلى إبراهيم بن الأدهم فقال: يا إمام أريد أن أتوب وأترك الذنوب، ولا أعود إليها، دلني على أشياء لا أعصي بها الله وتعصمني من الزلل، يقول له الإمام إبراهيم: إن أردت أن تعصي الله فاعصه ولكن لا تعصه على أرضه، قال : فأين أعصيه؟ قال: خارج أرضه، قال: كيف يا إمام والأرض كلها أرض الله عز وجل؟ قال أما تستحي؟ أن تكون الأرض كلها ملك الله، وأن تعصيه على أرضه؟ ثم قال له: فإن أردت أن تعصيه، فلا تأكل من رزقه، قال : يا إمام وكيف أحيا؟ قال: أفلا تستحي أن تأكل من رزقه ثم تعصيه بما وهبك من نعم؟ قال له: فإن أبيت إلا أن تعصي الله، فاعصه في مكان لا يراك فيه، قال يا إمام فأين أعصيه وهو معنا أينما كنا؟ قال أما تستحي وهو معك قريب منك في كل مكان أن تعصيه؟ فإذا أبيت إلا أن تعصي الله، فإن جاءك ملك الموت ليأخذ روحك فقل له أنظرني حتى أتوب، قال له: ومن يملك ذلك؟ قال : أما تستحي ؟ ستموت ويأخذ ملك الموت روحك وأنت على معصية أفلا تستحي من الله؟ قال: فإن أبيت إلا أن تعصي الله، وجاءتك زبانية جهنم لتأخذك إلى النار فقل لهم: لن أذهب معكم، أما تستحي ؟ وأنت: إنك تأكل من رزقه ، وتعصيه على أرضه، وتعصيه وهو يراك ومن الممكن أن تموت وأنت تفعل المعصية ولن تمنع ملك الموت، وفي الآخرة لن تمنع نفسك من ملائكة جهنم أما تستحي أن تصر على المعصية بعد كل ذلك؟ فإن أبيت إلا أن تعصيه فتعال أذكرك بمعنىً جديد، وهو أن تنظر إلى رحمة الله بك لتتعلم الحياء انظر إلى لطفه بك، إلى حرصه عليك لعلك تستحي منه.
يقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: " إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويُعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل وشرهم إليّ صاعد، أتحبب لهم بنعمتي وأنا الغني عنهم، ويتبغّضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي. من أقبل إلي تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني ناديته من قريب، ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد، ومن أراد رضاي أردت ما يريد، ومن تصرف بحولي وقوتي ألنت له الحديد. أهل ذكري أهل مجالستي، (أي: فمن أراد أن يجالسني فليذكرني)، أهل شكري أهل زيادتي، أهل طاعتي أهل كرامتي، وأهل معصيتي لا أُقَنِّطُهم من رحمتي، إن تابوا إلي فأنا حبيبهم، فإني أحب التوابين وأحب المتطهرين، وإن لم يتوبوا إلي فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب، من آثرني على سواي آثرته على سواه، الحسنة عندي بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، والسيئة عندي بواحدة، فإن ندم عليها واستغفرني غفرتها له، أشكر اليسير من العمل، وأغفر الكثير من الزلل. رحمتي سبقت غضبي، وحلمي سبق مؤاخذتي، وعفوي سبق عقوبتي، وأنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها." (مدارج السالكين لابن قيم الجوزية)
أما تستحي بعد ذلك كله؟ أما زلت تطلق بصرك ولا تغضه؟ أما زلت تأكل حراما؟ أما زلتِ لا تريدين ارتداء الحجاب؟ أما زلتَ تكذب ؟. أما زلت تغش وليس لديك أمانة؟ أما زلت لا تتقي الله، أما زلت لا تريد أن تحسن صلاتك؟ أما زلت لا تريد أن تؤدي الزكاة؟ وأن تعيش لله. جاء في الأثر أن الله تبارك وتعالى نادى داوود وقال: " يا داوود لو يعلم المدبرون عني شوقي لهم وحبي لهم ورغبتي في عودتهم إليّ لطاروا شوقا إلي، يا داوود هذه رغبتي في المدبرين عني فكيف حبي للمقبلين علي " لا إله إلا لله. أما تستحي؟ أما زلت مُصِرًّا أن تتركه وتعصيه ولا تتودد إليه. الحديث يقول " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل. وكأنه هو من يبحث عنك، هو من يدعوك، هو من يناديك. كل هذه الرحمة من الله ولا تستحي منه. فإن أبيت أن تستحي من ذنوبك وأبيت أن تستحي من كل هذه الرحمة وهذا العفو، أفلا تستحي من نعمه عليك؟ { ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه } ق:16 - هو الذي خلقك. عينك التي ترى بها، أذنك التي تسمع بها، قلبك هذا الذي أصبح يتعلق بالناس ونسي رب الناس هو الذي خلقه لك، تحب به الحب الحرام وتنسى أن تحب به الملك القادر الذي رزقك بالمشاعر والأحاسيس. بعد كل هذا يكون أول ما يفكر به عقلك هو اتخاذ قرار بعدم طاعة الله عز وجل؟ انظر لنعم الله عليك؟{ يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم. الذي خلقك فسواك فعدلك. في أي صورة ما شاء ركبك} الانفطار 6 – 8 ...{ فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ } عبس 24 – 32
تريد أن تتعلم الحياء، أحضر ورقة وقلماً اليوم واقسمها نصفين، واكتب في النصف الأول: نعم الله عليك: (البصر – السمع – اليد - القوة – العينين – العاطفة – المشاعر - الجمال – التفكير – الأب والأم – الإسلام .. ) واكتب في النصف الآخر: ذنوبك (فأنت لن تخجل من نفسك) اقرأ وتأمل نعمه عليك جيدا والتي لا تتوقف رغم ذنوبك، وانظر لذنوبك، والله إنه لقليل عليك أن تبكي أمام نعم الله عليك. تذكر حياءك أمام يدي الله يوم القيامة، إذا كنت لا تستطيع أن تتذكره في الدنيا وتستشعر أن الله معك في أي وقت يسمعك ويراك، ألم يقل لسيدنا موسى عليه السلام: {قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى} (طه 46)، {ألم يعلم بأن الله يرى}(العلق 14) ؟ لا تريد أن تستحي من ذلك كله، ستستحي يوم القيامة، وتصور الموقف يومئذ وأنت واقف بين يدي الله ليحاسبك، كثير منا غافلون، لا يتخيلون كيف سيقفون بين يدي الله، لا يتخيلون هذا الموقف العسير، وأنت تقف مسكيناً حافياً عارياً، تمسك صحيفة سيئاتك بين يدي الله عز وجل، والله ما أقرب هذا اليوم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "بعثت أنا والساعة كهاتين – وقرب بين إصبعيه"
تذكر حياءك بين يدي الله، يقول الإمام علي رضي الله عنه: "والله إني لأعلم أقواما سيسقط لحم وجوههم خجلا يوم القيامة عندما تعرض ذنوبهم على الله عز وجل". تخيل يوم القيامة وينادي مناد فلان بن فلان وفلانة بنت فلان هلم للعرض على الجبار. فما يستطيع أن يتحرك من مكانه، من خوفه، من حيائه، فتعرفه الملائكة من وسط الملايين من شدة حيائه، من شدة خوفه من الله عز وجل، من شدة ارتعاده، وزرقة وجهه وجلاً من الله عز وجل، فيؤخذ ويوقف أمام الله عز وجل فيقول له – وهذا ورد عن النبي في أحاديث:
عبدي ما غرك بي؟ عبدي أظننت أنك ستقابلني اليوم أم نسيت ذلك؟ عبدي أما استحييت مني؟ عبدي ألم أكن رقيبا على عينيك وأنت تنظر بهما إلى الحرام؟ عبدي ألم أكن رقيبا على قدميك وأنت تمشي بهما إلى الحرام، عبدي ألم أكن رقيبا على يديك وأنت تأخذ بهما الحرام، عبدي أستخففت بلقائي؟
ماذا ستفعل عندما يقول لك الجبار هذه الكلمة ؟ أكنت عليك هيناً؟ أكنت تتجمل للناس وتأتيني أنا بالقبيح؟ عبدي ألم أزوجك؟ ألم أنعم عليك؟ ألم أرزقك مالا؟ ألم أقل... ؟ ألم …
عبدي: اقرأ كتابك. فتمسك كتابك وتقرأ، وتمر بسيئة فيسود لها وجهك، وتمر بالحسنة فيبيض لها وجهك، ولا تزال بين حسنة وسيئة يسود لها وجهك، ويبيض لها وجهك...
تخيلوا أن هناك من لا يستحي حتى يوم القيامة فيقول لله: يا رب إني لا أقبل شهادة الشهداء، ولا أقبل شهادة الملائكة، ولا أقبل شهادة هذا الكتاب الذي كتب. فيقول الله عز وجل: إذن ماذا تريد؟ فيقول لا أقبل شهادة إلا من نفسي. فيقول له تبارك وتعالى: نعم، كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا، فيختم على فمه، ويشهد عليه سمعه وبصره ويده: {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون} (يس 65)، {ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون. حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون. وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا، قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون. وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون. وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين} (فصلت 19إلى 23).
تخيل يديك وهي تقول يا رب لقد فعل بي كذا وكذا وكذا، وقدميك وهي تقول يا رب مشى بي يوم كذا إلى كذا، وقلبك يقول : يا رب اشتهى بي كذا، وأنت هل كنت تستتر أو تستحيي من الله؟ ثم انظر لأمر الله وقد غضب على هذا العبد غضبا شديدا، يقول: اذهب يا عبد السوء، عليك لعنتي فلا أقبل منك أبدا
استحِ من الله عز وجل قبل أن تسمع كلمة كهذه فيكون الويل لك.وبالعكس، يحكي النبي صلى الله عليه وسلم، أن الله يدني العبد المؤمن منه، يقول: ادنُ عبدي. ثم يرخي الله عز وجل عليه ستره يقول له: أتذكر ذنب كذا، أتذكر ذنب كذا، حتي يظن العبد أنه هالك، فيقول الله عز وجل سترتها عليك في الدنيا، وها أنا أغفرها لك اليوم.
يقول العلماء الحياء من الله " له ستة أشكال:
1- حياء الجناية: أي حياء من فعل معصية كبيرة، كحياء آدم عندما أكل من الشجرة، فظل هو وحواء يجريان في الجنة، فقال الله تبارك وتعالى: أين تذهب يا آدم؟ أفرارا مني يا آدم؟ قال لا يا رب: بل حياء منك يا رب. إنه حياء الجاني، هل شعرت بهذا الإحساس في حياتك؟ بعدما اقترفت ذنباً ما، فلم تستطع أن تنم، ونزلت تجري وليس في جيبك سوى خمس جنيهات، أردت أن تعطيها لفقير؟ إنه حياء الجاني في حق المولى عز وجل
2- حياء التقصير: إحساسك بأنك مقصر في حق الله حتى ولو كنت عابداً، وهذا كحياء الملائكة. تظل تعبد الله مئات السنين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أطت السماء –أي ازدحمت – وحق لها أن تئط، ما فيها موضع قدم إلا وملك ساجد أو راكع أو قائم لله عز وجل، حتي إذا قامت القيامة، قاموا من عبادتهم يقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك. أرأيتم حياء التقصير.
3- حياء العبودية: حياء إنني عبد ولابد أن أطيعك يا رب، لا يمكن أن تأمرني بأمر فأخالفه، وهذا كحياء النبي صلى الله عليه وسلم. النبي صلى الله عليه وسلم عندما كانت القبلة تجاه بيت المقدس، وهو يتمنى أن تكون باتجاه المسجد الحرام، حياء العبودية منعه من أن يرفع يديه ويطلب من الله هذا. يقول الله تبارك وتعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء}، ينظر للسماء فقط دون أن يطلب، إنه حياء العبودية منه صلى الله عليه وسلم.
4- حياء استشعار نعمة الله عز وجل: كحياء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو ويقول: "لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك"، حياء من كثرة نعم الله علينا ونحن لا نجيد شكره وثناءه.
5- حياء المحبة: من كثرة حبك لله تستشعر أنك تستحي، فلربما بكت عينك، ولربما اضطرب قلبك، ولربما خشعت جوارحك من الحياء من الله عز وجل، وهذا النوع لا يمكن أن أصفه لك، فأنت فقط من تستطيع الشعور به إذا شعرت بحلاوة حب الله عز وجل. النبي من كثرة حبه له عز وجل يقول ويدعوه: "اللهم ارزقني حبك، وحب من أحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك "
6- حياء إجلال الله عز وجل: الملك – العظيم – مالك الملك. كحياء جبريل عليه السلام عندما صاحب النبي في رحلة الإسراء والمعراج، ووصل النبي إلى السماء السابعة وتقدم إلى سدرة المنتهى ومعه جبريل عليه السلام وفجأة يتوقف، يقول النبي: فالتفت إلي جبريل فإذا هو كالحليس البالي من خشية الله، الحليس البالي: قطعة الخيش الممزقة – كان جبريل منكمشاً في نفسه، ومستشعراً جلال الله عز وجل ومستحياً منه، ولم يتخطَ أكثر من ذلك وترك النبي.
هل استشعرت أياً من هذه المعاني من قبل، هذه الأنواع من الحياء مع الله. يقول العلماء " من استحى من الله بلغ مقام الأولياء " . تعلّم أن تستحي من الله ومن نظر الله إليك وسمعه لك.
أما تستحي ؟
| |
| | | مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: حـلـقـة ـآ‘لـحـجـاب الجمعة نوفمبر 13, 2009 6:04 pm | |
|
حــلــقــة ـآ‘لـحـجــاب
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. عندما تحدثنا عن الحياء كان أفضل وأشد أنواع الحياء ، الحياء مع الله . وأول تطبيق من تطبيقات الحياء عند المرأة ، وأهم ما في حياء المرأة : " الحجاب". وفي الحقيقة سأبدأ بحياء المرأة لأن استقامة المجتمع مرتبط باستحياء نسائنا ، ولا اقصد التطاول على الفتيات والأخوات ، ما عدا لله . ولكني أبدأ وأركز على حياء المرأة لأنه الأهم. فأعداء الدين عندما يريدون التخريب، يحاولون خلع حياء المرأة لأن ذلك يسهل تضييع الشباب. و إن قلنا أن الحياء في حق الرجل فريضة، فهو في حق المرأة فرائض وواجبات شديدة. فطبيعة المرأة أقرب للحياء، وأسهل عليها. وأعظم حياء المرأة أن تغطي جسدها. لو سألتكِ سؤالا: لو تمتلكين شيء غال هل ستحافظين عليه أم لا ؟ لولديك لؤلؤة أو كنز ستحتفظين به في مكان أمين أم لا ؟ وكلما زادت قيمته هل ستواريها عن أعين الناس، أم ستجعلينها أمام الجميع ؟ وما هو أغلى شيء تمتلكه المرأة ؟ أليس حياءها؟ ألا يستحق أن تحافظ عليه ؟ ألا ترون أن اللؤلؤة تحفظها المحارة دون أن تكون بديعة الشكل؟ ولكنها لازمة وضرورية لحفظ اللؤلؤة، وكذلك الحجاب لا غنى عنه للحفاظ عليك. هنا يطرح سؤال لطيف: لماذا فرض الحجاب على المرأة ولم يفرض على الرجل ؟ هل من باب التضييق على المرأة ؟ أم ماذا ؟ مائة رجل لا يستطيعون أن يجعلوا امرأة واحدة تتعلق بهم ، مهما فعلوا ، ولكن امرأة واحدة تستطيع أن تجعل مائة رجل يتعلقون بها, لذلك كان الفرض على المرأة لأنها مصدر التأثير. ونلاحظ شيئا عجيبا، إن الأرض قبل الإسلام كانت تنظر نظرة ظالمة للمرأة، ففي عهد الرومان مثلا كانوا يرون أن قيمة المرأة في جمالها و جسدها. فمفهوم الجمال عند الرومان والأمم السابقة، مرتبط بجسد المرأة. و جاء الإسلام ليرتقي بهذه المشاعر وهذه المفاهيم، يرتقي بالإنسانية و يقول للبشرية: طهروا أذواقكم. يعلم الإسلام الرجل أن قيمة المرأة ليست في جسدها، ولكن في جمال مشاعرها و إحساسها: جمال الجوهر، ولا يتمتع بجمال الجسد إلا إنسان واحد هو " الزوج". إذن من الذي حافظ على المرأة واحترمها ومن الذي فعل غير ذلك ؟ وننتقل هنا لسؤال مهم تسأله معظم الفتيات: من الذي قال أن الحجاب فريضة؟
يقول الله تبارك وتعالى: " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن " والجلباب هو الثوب الذي يغطي الجسد . الكلام واضح و موجه لنساء المؤمنين بنص الآية . من يقول أن الأمر موجه لزوجات النبي فقط و تبع ذلك قواه سبحانه و تعالى:" ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين." أي أنه أولى بها أن ترتدي هذه الملابس حتي يعرف عنها أنها ملتزمة ومتدينة فلا يؤذيها أحد ، فهي تحترم في المجتمع ويراعيها أفراد المجتمع. (..)
كيف سيعلم الناس أن قلبك طاهر أو غير طاهر ؟ سيعلمون ذلك بالتزامك بالحجاب والزي الإسلامي. " ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين " يقول الله عز وجل: " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" فأجمع العلماء على انه الوجه والكفين ، "وليضربن بخمورهن على جيبوهن" أرأيتم التفصيل والتدقيق ، المقصود بالخمار الحجاب الطويل الذي يغطي الجيب وهو الصدر وفتحة العنق "ولا يبدين زينتهن« أعادها مرتين لا تبدي مفاتن جسدك " وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " (النور-31)هذه الآيات موجهة إلى من يقول أن آيات الحجاب غير واضحة في القرآن وإنها موجهة لنساء النبي، وقل " قل للمؤمنات"، وتختم الآية ب" توبوا إلى الله".ارتدي الحجاب يا أختي، قل لزوجتك ترتدي الحجاب لا تتركها، ولكن أعنها، ووفر لها المناخ المناسب، أقنعها لأنك محاسب عليها. يقول الله تبارك وتعالي " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي " (الأحزاب-33). نهي شديد، فإياك أن تتبرجي أي أن تظهر المرأة مفاتنها ومحاسنها, ففي الجاهلية الأولى كان التبرج ليس بلبس (الميني جيب ) أو الإسترتشات أو البوديهات لا, كانوا يلبسون ثيابا طويلة وفضفاضة ولكنهم كانوا يكشفون الرقبة وجزء من الشعر – هذا هو تبرج الجاهلية الأولى . مثله، مثل الحجاب الغير كامل الذي ترتديه بعض الفتيات الآن، لا أريد إغضابهن ولكن الأمر يتعلق بحيائك مع الله ، وكيف ستقفين أمامه يوم القيامة عندما يسألك عن الحجاب. ولا نريد أن يتذمرن ويخلعن هذا الحجاب الغير كامل، بل بالعكس نحن فرحين جدا بالخطوة التي اتخذنها للأمام, ولكننا نريد خطوات أخرى للأمام ليكتمل حجابك فيتغطي الشعر كله، وفتحة العنق والصدر حتى يتم حجابك و لا تكوني متبرجة تبرج الجاهلية الأولى.
عندما نزلت آية الحجاب، خرج الرجال يتلونها على زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم وكل ذوي القرابة من عائلاتهم. أرأيتم حرص الرجل على كل من يعرفهم ، وأنت أيضا كن حريصا على توصيل كل ما تقرأه وتسمعه لأخواتك وبناتك وقريباتك ولكن بأرق الوسائل وأبسطها . يقول الصحابة فوالله ما منهن امرأة إلا وأخذت بعض ثيابها وشقته نصفين تصنع منه خمارا لرأسها وتستر به جسدها لشدة فقرهم. فما منهن امرأة إلا ووافت الرسول في الصلاة التالية وهي ترتدي حجابها.
أما الآن تقول للمرأة ارتدي الحجاب ، فتجيبك : إن شاء الله في فصل الشتاء لأني لا استطيع تبديل ملابس الصيف كلها وأنتم أعلم بالظروف الاقتصادية ، ويأتي الشتاء : في الحقيقة ملابس الشتاء أغلى فإن شاء الله الصيف القادم حتى أتمكن من تجميع كمية ملابس مناسبة للحجاب .
الصحابية لم تتحمل أن تظل كاشفة لشعرها بمجرد نزول آية الحجاب، وشقت ثوبها في حين أنها لا تملك إلا ثوبين مثلا. هذا هو فرق الإيمان و الحياء بيننا وبين الصحابة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" خير نسائكم الودود، الولود، المواسية إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات، المتخيلات"
المواسية: التي تأخذ زوجها باللين، والمتخيلات: التي تمشي في عجب وخيلاء. يقول النبي صلي الله عليه وسلم: " صنفان من أهل النار, لم أرهما بعد : قوم معهم أسياط كأذناب البقر يضربون الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام ".
مائلات: تميل عن الحق، مميلات: تضيع غيرها، كأسنمة البخت: مثل الجزء العالي الذي به شعر عند الجمل.
أين رأى النبي هذه الأوصاف؟ إنها من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم. كاسيات عاريات: لا تعلم هل ترتدي شيئا أم لا ؟ لا تدخل الجنة ولا تشم رائحتها. ألا تخاف على أختك وزوجتك؟
النبي صلي الله عليه وسلم قام بغزوة كاملة بسبب امرأة تكشفت: غزوة " بنوقنينقاع" . كان يهود بني قنينقاع يعيشون في المدينة وكان عندهم سوقا للذهب.و في أحد الأيام، دخلت صحابية من صحابيات النبي صلي الله عليه وسلم تشتري من هذا السوق ، فجاء أحد اليهود الخبثاء وربط طرف ثوبها في رأسها ، فجاءت لتقوم من الأرض فانكشف ثوبها وأخذ اليهود يضحكون منها. فجاء أحد أصحاب النبي وقتل هذا اليهودي فجاء اليهود وقتلوا هذا الصحابي ، فخرج الرسول صلي الله عليه وسلم في جيش وحاصر يهود بني قنينقاع، وطردهم من المدينة، وأجلاهم منها وتفرقوا وماتوا. كل ذلك لأجل امرأة انكشفت. فلو النبي وصحابته بعد ما بذلوا كل هذا المجهود جاؤوا ورأوا حالنا الآن، ماذا سيفعلون ؟ وماذ ا سنقول نحن لهم يوم القيامة . سار الإمام أحمد بن حنبل ذات مرة في الطريق،و وجد أمامه امرأة ترتدي حجابها كاملا وملابس طويلة. لكن بمجرد أن جاء الهواء وطار طرف ثوبها ورأى كعبها فإذا به يمسك طرف ثوبه ويغطي وجهه ويقول غاضبا " هذا زمان فتن". فماذا لو جئت هذا الزمان يا إمام أحمد ؟ !
فانضباط حجاب المرأة انضباط حياءها، ولو انضبط حياءها انضبط المجتمع، واكتمل الإيمان " الحياء والإيمان قرناء جميعا". أرأينا قيمة الحجاب وكيف نحن نحتاج إليه ؟ ما الذي يمنع نساءنا من الحجاب ؟ العديد من الشبهات: منهم من تقول : أنا غير مقتنعة بالحجاب. ونقول لها من أنت؟ وما دينك؟ ستقول أدين بالإسلام فأنا مسلمة ، وما معني كلمة مسملة ؟ أصل الكلمة " الاستسلام لله عز وجل ، فلا يصح أن أكون مسلما بالإسم فقط، ولا استسلم بكل ما أملك لله عز وجل. يقول الله تبارك وتعالي " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" (الأحزاب-36)والله قضى أمر الحجاب و قد تلونا آيات الحجاب، فلا يصح أن يكون لك خيار آخر بعد أمر الله عز وجل. سيدنا إبراهيم عندما أمره الله، كان سيذبح ولده دون أن يعلم أو يسأل لماذا؟ ، وهل نحن نعلم لم أمر الله سيدنا إبراهيم بذلك ؟ ليعلمنا نحن الإستسلام. وأن هذا الدين قائم على طاعتك لأوامر الله جميعها حتي و إن كنت لا تفهمها . صحيح كثيرا ما يفهمك الله، ولكن أحيانا لا يفهمك ليختبر إسلامك. بل يصح أن تقولي أنك ضعيفة ولا تستيطعين الحجاب. فإنه أهون من قولك أنك غير مقتنعة بأمر الله سبحانة وتعالى ؟
الشبهة الثانية : تقول إحداهن : المهم الجوهر ، أنا نيتي سليمة والحجاب حجاب القلب، وأنا أصلي وأقوم الليل وأؤدي النوافل وأتصدق . ويقول النبي صلي الله عليه وسلم: " لا يقوم بهذا الدين إلا من خاطة من جميع جوانبة " أي تأخذ هذا الدين كاملا نقص أوترك لأركان أخرى . قولي لله يوم القيامة يا رب إن فعلت كثير من الطاعات ويكفي ذلك ، أما الحجاب فهو حجاب القلب. يقول الله تعالى " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض". وتعالي لنحسبها معا ، أنت تفعلين الكثير من الطاعات وبقلب طاهر ونقي .. وتأخذين حسنات كثيرة ، ثم تخرجين بدون حجابك ، كل رجل ينظر إلي شعرك وإلي جسدك تأخذين سيئات أليس كذلك ؟ يقينا تأخذ سيئات لإنك لم تنفذي أوامر الله . تقولين إنها مشكلته الرجل ، هو الذي نظر، فيأخذ سيئات إذا أطال النظر ولم يغض بصره . وأنت أيضا لإنك كنت الداعي لنظره ، إحسبي إذا ركبت الأتوبيس ؟ ودخلت المدرج ، فبالحساب هكذا ، كل يوم كم تأخذي من السيئات؟ لا تتعدي الألف كل رجل له عينان وقلب يشتهي ، تخيلي كم الذنوب التى قد تتراكم عليك يوميا ، هل ستكفي حسناتك ؟ من الذي أعلمك؟ إنها أوامر العليم الحكيم ، المدبر لهذا الكون. هو أعلم بمصلحتك .وإذا كانت حسناتك هذه ستكفي أم إنها تضيع ؟ أنا أخاف أن تكوني ممسكة بقرية مقطوعة من أسفل كلما وضعت فيها حسنات من أعلى ووقعت من أسفل بترك الحجاب . ولماذا في الدنيا لا تكتفي ، وكل قرش زيادة نجري لنكبة. لمذا الدين الذي نقول فيه يكفي ما أفعله من طاعات أو حسنات ؟
الشبهة الثالثة : الحجاب والحر. تقول الفتاة : إن شعري يضار جدا من الحجاب في الحر، وهذا كلام يقدره الأطباء. يقول الله تعالي" قل نار جهنم أشد حرا" يقول النبي " حفت النار بالشهوات ، وحفت الجنة بالمكارة" أنت لابد وأن تتعين قليلا ، فالجنة حفت بالمكاره، صعب عليك الحجاب، ولكن ثوابك عظيم .
الشبهة الرابعة: أنا أر محجبات يفعلن كذا وكذا وكذا ... لا تضللي نفسك ، أنا أيضا أر مصليين كثيرين يزنون، إذن لا نصلي . وأعرف من يذهبون للحج يذهبوا ليستتروا وراء الحج ويفعلون كذا وكذا.. إذن لا نحج ؟ ويصبح العيب في الحج . أما أن العيب في الناس ، هل الحجاب سيئ إذن أم أن العيب فيمن ترتدي الحجاب وتطبقه خطأ . " ولا تزر وازرة وزر أخرى"
الشبهة الخامسة : أنا أشعر أن الله لم يهدني بعد ، أنا مقتنعة بالحجاب ولكن الله سيهديني إن شاء الله على سن الخمسين مثلا .وهذا كلام خاطئ، يقول الله تبارك وتعالي " إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغروا ما بأنفسهم" لن يهديك الله إلى الحجاب إلا إذا نويت من داخلك " التغيير ونويت الحجاب لا تقولي أن الله لم يهدك بعد ، لإنه فتح لك سبيل الهداية بقراءتك لهذه الكلمات وبحضورك درس ما . يقول الله تبارك وتعالى :" وأما ثمود هديناهم فاستحبوا العمي على الهدي" ألا تشعري أنها تحادثك ، والله لم يترك الله أحد إلا ووفر له طريق الهداية ، إياك أن تقولي أن الله لم يهديني.
شبهة أخرى : بعد زواجي، سأرتدي الحجاب لأضمن الزواج. فأقول لك أن الرجال كثيرا ما يبحثون عن المحجبة أكثر من المبترجة ,أقول لك ايضا أنه لن يتزوج أحد زوجة أحد ، كل رجل مكتوب أسم زوجته عند الله فلا تخافي توكلي على الله ، وهو سيرزقكك الزوج الصالح. جاء رجل للحسن البصري فقال له : من أزوج أبنتي ؟ قال زوجها لصاحب الدين فإنه إن أحبها أكرمها ، وإن كرهها لم يظلمها . عندما تتزوجين إختاري من يفرح ويحترم حجابك فهو الذي سيحافظ عليك .
شبهة أخرى : أنا مازلت صغيرة في السن. هل تضمني يا من لديك 17 عام ألا تموتي غدا أو الآن ؟ ترى من سيموت قبل الآخر ، نحن الآن نفتح صفحة الوفيات نجد 40 % ممن يموتون الآن شباب صغير في السن ، وكأنها تذكرة للناس. فلنأخذ مثالا واقعيا حكاه لي رجل من الإسكندرية، في شهر رمضان: زوجتي محتجبة طائعة والحمد لله، و في الشقة المقابلة لنا، تسكن فتاة صغيرة في السن، متبرجة ولبسها بعيد كل البعد عن الحجاب، لكن البنت بداخلها خير كثير، وزوجتي كانت على علاقة ممتازة بها، وهذا هو واجب المحتجبات، فجاءت الفتاة وطلبت من الزوجة أن تنزل معها لسوق لتشتري بدلة " جينز"، فوافقت هذه الزوجة المؤمنة الذكية على شرط أن تذهب معها أولا لحضور درس دين، فوافقت.. ذهبن إلى الدرس، وكان موضوعه عن التوبة والعودة إلي الله، وتأثرت الفتاة بالدرس تأثرا شديدا و إذا بها تبكي بكاءا شديدا بعد انتهاء الدرس، ولا تتكلم إلا بكلمة واحدة " تبت يا رب عائدة إليك يا رب، ألبسوني الحجاب، يقولن لها اهدئي، ولنذهب إلى المنزل ثم ضعي الحجاب، فأبت إلا أن يحضروا لها "عباية" وحجاب، فارتدته ونزلت من الدرس وأول ما خرجت من الدرس، صدمتها سيارة وماتت... يا لحظها السعيد، أرأيتم آخر عمل فعلته ؟ فإياك قول ما زلت صغيرة.
ومن الشبهات أيضا: أنا لا اريد اارتداء الحجاب بسبب " الموضة " بالله عليك، الموضة أعز عليك من أمر الله عز وجل، هل تضعي الموضة في كفة وأمر الله في كفة وترجحي كفة الموضة ؟ أصبح الله هين عليك لهذه الدرجة ؟ و الموضة عزيزة عليك ؟ والله الطاعة لها بهاء في الوجه ونور في القلب . ستزدادين بهاءا " وجمالا " وعفة بحجابك . ومن الذي قال أن ارتداءك للحجاب سيبعدك عن "الشياكة" والموضة، صحيح نحن لا نرتديه من أجل الموضة، لكن من الممكن أن توافقي بينهما فإن لم تجدي، فسترتدي الحجاب لأنه أمر الله عز وجل، لأن طاعة الله أهم من الموضة.
أنا لا أود ارتداء الحجاب لأني أريد أن أكون مثل الأجنبيات، وأنا أقول: من الذي احترم المرأة، الغرب أم الإسلام ؟ الذي لا يبيع عود كبريت أو أي شيئ إلا وعليه صورة امرأة عارية، أم من صانها وحفظها ؟ عندهم أعلى معدلات الشذوذ الجنسي وأعلى معدلات الاغتصاب بعد الإباحية التى نشروها، و هل بعد ذلك تريدي أن تقلدي الغرب؟ لا أريد أن أرتديه لإني أخاف أن أخلعه مرة أخرى.
سبحان الله، ولمذا لا تقدمي بأسباب الثبات ؟ لمذا لا تقولي أن الأصل أني سأضع الحجاب. لا أنكر هنا أنها معصية شديدة، و المعصية الأشد خلع الحجاب بعد الالتزام به، لأنها لم تبعد هي فقط عن الله، إنما فتنت وأضاعت العشرات وابغضتهم في الحجاب، وأصبح دين الله لعبة. يجب في هذه الحالة أخذ العزيمة، ارتدي الحجاب، وصممي على ألا تتركيه، وكيف ذلك ؟
1- بالصحبة الصالحة التى ستعينك على الحجاب .
2- حضور وسماع دروس العلم
3- الدعاء والاستعانة بالله عز وجل " يا رب أعني على الحجاب".وأدعية بدعاء النبي " يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك" ثبت قلبي على الحجاب .
فلماذا بعد هذا لا تريدين الحجاب؟ "إنني أخجل من صديقاتي، ومن عائلتي الغير محجبة، سيكون شكلي مستهين جدا في مدرستي (الفرنسية ) أو جامعتي." بالله عليك ألا تخجلي من الله عز وجل يوم القيامة، ومن نبيه صلي الله عليه وسلم، ألا تعلمي أنك ستعطشين يوم القيامة وتجري نحو حوض النبي صلي الله عليه وسلم لترتوي، وهو يريد أن يسقيك بيده الشريفة، شربة لن تظمئي بعدها أبدا، وأنت تأتي من بعيد فإذا بالملائمكة يأخذونك بعيدا عنه، فيقول النبي: أتركوها إنها من أمتي ، فيقولن يا محمد أنت لا تدري ما ذا فعلت بعدك، لقد تركت الحجاب بعد وفقاتك فيقول لها النبي سحقا سحقا ، بعدا بعدا ، كما جاء في حديث النبي صلي الله علىه وسلم، ألا تخجلي من النبي وتخجلين من الناس. ومن الذي يحق له أن يخجل ؟ من كشفت جسدها أو من حافظت على دينها وعلى جسدها ؟ يقول النبي صلي الله عليه وسلم " من أرضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس. يقول النبي صلي الله عليه وسلم ، لا يكن أحدكم إمعة يقول : إن أحسن الناس أحسنت ، وإن اساءوا فلا تظلموا " هذه كانت دعوتي لأخواتنا عن أهمية الحجاب، ولكن تبق نصيحة ووصية لهن ، الله أمرك بالحجاب ولكني أوصيكي :
1- بالتدرج في الخطوات، فإذا كانت لديك رغبة لحجاب الآن ارتديه فورا ولكن إياك أن ترتديه وأنت لا تصلين أولا تصومين، وسلوكياتك في التعامل مع الناس مازالت كما هي ليس فيها من أدب وأخلاق الإسلام من شئ، أو حياءك مع الرجال لم يتغير . إذا استعطت أن ترتدي الحجاب اليوم وتصلحي معه باقي هذه الاشياء فهذا جيد، فتبدئي بالصلاة في أول الوقت، وتصادقي فتاة حريصة على طاعة الله عز وجل، متدينة ومرتدية حجابها، و اقرئي كل يوم قرآن ولو قليل، وابدئي في ذكر الله ولو بالقليل أيضا. إذا فعلت هؤلاء الخمسة سيسير حجابك مع عبادتك مع أخلاقك كلهم سويا ، وتصبحي بذلك نموذج المسلمة الصحيحة . لكن إياك أن تفهمي أن الحجاب هو وضع الحجاب على رأسك ثم تأتي الأخلاق والعبادات بعيدة كل البعد. فإن لم تستطيعي ضبط أخلاقك وعبادتك، اضبطيهم أولا ثم ارتدي الحجاب، لكن ليس معنى ذلك أن ترتدي حجابك بعد 6 سنوات ، بل ارتدي الحجاب بعد شهر من اليوم أو شهرين على الأكثر .
ليس لديك حجة إنه فريضة، ولكن اضبطي صلاتك أولا وعبادتك ثم أرتديه.
2- النقطة الثانية: إن وضع الحجاب ليس بنهاية المطاف ، بل هو بدايته مع الله عز وجل ، فما زال أمامك خطوات كثيرة.
3- تذكري دائما إنك داعية إلي الله بحجابك ، الرجال وهم يسيرون في الطريق لن يتاثر بهم أحد ، لكنك و في طريقك إلى كليتك ، وأنت وسط الناس بأخلاقك ، بعلمك، بثقافتك، بجمالك مع حجابك. فأنت منبر للإسلام متحرك دون أن تكلمي الناس في الإسلام سيتأثرون بك، ربما هديت الآلاف بحجابك، فاجعلي عندك ثقة في حجابك وفي نفسك .
ستأخذين بيد الناس بحجابك، ستطهري المجتمع. فثوابك عند الله عظيم بهداية آلاف البنات والأولاد، أنت القدوة . بالله عليك لا تفضحي الإسلام والمسلمين .
شروط الحجاب
لن ألزم عليك إرتداء الخمار والعباءة ، بل سأطرح عليك الشروط و طبقيها بالطريقة التى تريها ليطلق عليه حجابا .
1- لا يصف ، لا القدمين ،و لا الوسط ، فلا يسمى حجابا إلا ما كان واسعا.
2- لا يشف ، فلا ترتدي الحجاب ويظهر من تحته شعرك: لا يصح .
3- يغطي جميع الجسد ما عدا الوجه والكفين .
4- الا يكون مشابها لملابس الرجال .
5- ألا يكون معطرا .
بذلك انتهينا من نقطة أساسية في حياء المرأة (الحجاب)، وأريد أن انتقل لنقطة مهمة في حياء الرجل، وهي " غض البصر". إياك أن تقول إن السيدات غير محجبات فأنا لا أستطيع غض بصري، ليس لك عذر " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم" هذا أطهر لقلبك لأنك لو لم تغض بصرك ستتعب.وهنا يطرح سؤال: هل القلوب تتعب حقا؟ بالطبع، لأنك ترى أشياء ولا تطولهما، والعين رسول القلب، هي تنظر وتتمنى هذه الأشياء ولا تطولها فيتعب القلب. فيمكن أن تخرج من عملك مسرورا وتذهب لمنزلك تعبان ومتضايق، أم خارجا من كليتك مسرورا من أدائك في الامتحان ومن كثرة ما ترى من مناظر ترجع لمنزلك مهموما وتعبانا. وفي النهاية ماذا ربحت؟ لا شيء، بل خسرت قلبك الذي بات بعيدا عن الله، خسرت عيناك التى رأت حراما وستسأل عنهم يوم القيامة، خسرت روحك، خسر ت مزاجك. و الوحيد الرابح هنا هو الشيطان ، أما أنت فلم تنل شيئا سوى تعكر مزاجك وتعب قلبك. و الذي يحدث هو العادة على إطلاق بصرك، فلم تعد تسطيع البعد عن هذه المعصية حتى ولو لم تستمتع بها، فقد النساء تكون قبيحات وأنت تنظر إليهن، فلماذا ؟ لأن الشيطان جبلك على ذلك شئ السيئ، أين حياؤك، لابد وأن تحجب عيناك، لابد وأن تقاوم نفسك. و لكن هل غض البصر عبادة أو خلق. هو مفتاح الحياء عند الرجل فإذا كنت غاضا لبصرك ستصبح أقدر على العبادة، واقرب إلى الله الذي سينير قلبك، وهذا الكلام من تجارب.
جرب أن تغض بصرك أسبوع وستجد كلام رسول الله: يقول النبي صلي الله عليه وسلم: النظر سهم من سهام إبليس، من تركه خوفا لله أثابه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه " .
يقول الرسول صلي الله عليه وسلم " ما من مسلم ينظر إلي محاسن إمرأة مرة واحدة – النظرة الأولى – ثم يغض بصره، إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها " سيرزقك الله بعبادة (قيام الليل أو ذكر أو خشوع أو دموع من خشية الله ) كل ذلك بترك النظر ؟ نعم لأنه " من ترك شيئا لله عوضه الله خير منه" .لكن انتبه : إبليس يجعلك ترى الشيء البعيد عن يديك أحلى مما في يديك ؟ يكون الرجل متزوج فيزين له النساء الأخرى أحلى من زوجته والله إن زوجته لأعز وأكمل وأطيب ، الحلال أطيب بكثير مما ليس بين يديك. جاء رجل لرسول الله صلي الله عليه وسلم وقال له : يارسول الله أسألك عن النظرة – جاءت عينه على أمراة فقال : أصرف بصرك إن الأولى لك والاخرة ليست لك أي الثانية " يقول النبي " من أطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقفا وأعينه فلادية له ولا قصاص" من نظر في بين أحد من شباك أو فتحة باب أو بتلسكوب .. وهم فقا ,اله عينه ليس له دية كما يقول النبي ، الحديث رواء النسئي . ويقول النبي : " العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما السمع ، واليدان زناهما البطش ، والقدمان زناهما المشي ، واللسان زناه الكلام والقلب يشتهي ويتنمنى ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه . العينان تقدمان للزنا بالنظر الحرام، والسمع بكلام مثير مشجع على الفاحشة، واليد تزني بلمسها الحرام، والرجل تزني بسيرها للحرام، لحفلة أو مكان شبهات، واللسان يزني بأن تحكي لصديقك عن مفاتن امرأة أو تحدث معه بفحش أو مع امرأة في الهاتف ، وذلك ليس معناه أن العين أو اللسان أو .. تزني بمعنى الزنا، ولكن من يفعل كل هذا أنت تسير في طريق الزنا وتقترب منه، إذن بداية طريق الزنا ترك البصر، وحفظك من الزنا غض البصر. ختاما، خرجنا بوصيتين ثقيلتين سنحاول تطبيقهما بعون الله، فقد قرأت هذا الدرس أو سمعته لكي تتغير، وإلا فحرام عليك المجهود الذي بذلته. و يحزنني جدا تلقي من أولياء الأمور، مكالمات يقولون أن الأولاد حريصون على الصلاة في المسجد وحضور الدروس، لكن مازالت أخلاقهم غير منضبطة. أشعر وكأن ليس هناك جدوى أو فائدة من كلامي، وأننا نستمع و نقرأ ومازلنا عاجزين عن التطبيق.
الوصيتين من درس الحياء هما :
1- سنغض بصرنا حياء من الله عز وجل يقول الله تبارك وتعالى: " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور " قالوا في تفسير يعلم خائنة الأعين " إذا جلس الرجل وسط القوم لا يدرون به يصرف عينه مع المرأة هنا وهناك ألا تحدث ؟ أين حياءك مع الله وهو يراك ويعلم خائنة الأعين؟
2- الحجاب، وتوصي زوجتك وابنتك وأختك، بألين الوسائل ، وإذا غضضت بصرك ستعينها هي على الحجاب.
وفي سياق فكرة غض البصر للرجال والنساء " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن" ،وصية لأولياء الأمور : إستحي من الله أن تمنع ابنتك من الحجاب ستقف أمام الله عز وجل ولن ينظر الله إليك.
يقول النبي صلي الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر إليهم الله عز وجل يوم القيامة منهم : الرجل الديوث : الذي يرى ابنته على معصية أو على غير لباس الإسلام ولا يتحرك قلبه ولا يأمرها ولا يبينهما لها . لماذا تعرض نفسك لذلك بالله عليكم لا تمنعوا بناتك من الحجاب بل أعينوهن.. و في النهاية أصلي و أسلم على رسول الله صلى الله عليه و سلم، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
| |
| | | مجاهدة فى سبيل الله عضو نشيط
الدولة : مصر عدد المساهمات : 292 نقاط : 588 تاريخ التسجيل : 04/10/2009
| موضوع: حـلـقـة ـآ‘لإيـثـار الجمعة نوفمبر 13, 2009 6:05 pm | |
|
حـلــقــة ـآ‘لإيـثــارٍ
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً . خلق اليوم هو خلق " الإيثار " ، وفي الحقيقة من العجيب أن نجد أخلاقا إسلامية اندثرت ولم تعد معروفة مع أن الإسلام أمر بها، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء بها وفعلها وتخلق بها، لدرجة أنني عندما أقول للشباب الآن (الإيثار) يقولون : وماذا يعني الإيثار ؟ والعجيب أيضاً أنه إذا أردت أن تبحث عن مرادف لكلمة (الإيثار) في أي لغة أخرى مثل الإنجليزية مثلاً لن تجد لها معنى وكذلك في الفرنسية، وليس الإيثار فقط ولكن أخلاق الإسلامية عديدة مثل (الحياء) ترجمته بالإنجليزية (Shy) وهذه الكلمة تعني الخجل ولا تعطي معنى (الحياء) أبداً – كما قلنا في درس الحياء - ، وكذلك (التواضع) تترجم إلى Humble وهذه الكلمة تعني الخنوع وليس التواضع أبداً ، وكذلك (الإيثار) .
- يا خسارة يا شبابنا ، قيمنا من أين نأخذها ؟ ليس من قيمنا الإسلامية الثرية ولكننا نلهث وراء الغرب، ويا ليتنا نأخذ من الغرب التكنولوجيا والحضارة وعلم الإدارة، ولكننا أخذنا مجرد التقليد الأعمى، ويا ليت أمتنا متقدمة ومتحضرة ونأخذ البقايا من الغرب، لكن أمتنا ضعيفة ومتأخرة وما زال عندها مشكلة وبدلاً من أن يتفرغ لحلها الشباب ذهب ليقلد الغرب في الملبس والمأكل وسماع الأغاني العربية ، لكن أخلاقنا الإسلامية لا، لا أربد أن آخذ منها ، فأين ستجد الإيثار ؟
لن تجده إلا في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم ، في وسط رجال آمنوا بالإسلام وعاشوا للإسلام . إذن تعالوا لنعرف " الإيثار " وما هو ،،،
- معنى الإيثار: أن تفضل أخاك على نفسك، شيء من حظوظ الدنيا تتركه لأخيك فيستمتع هو به وتفقده أنت. عندما نقول فلان آثر فلاناً – أي قدمه على نفسه، أي فضله عل نفسه في حظوظ الدنيا رغبة " في حظوظ الآخرة " .
نماذج في الإيثار:-
في ليلة من ليالي الشتاء القارص في المدينة والنبي يشعر ببرد قارص جاءته امرأة من أنصار المدينة وقد نسجت له بردة من القطيفة ففرح بها النبي ولبسها ، فخرج بها النبي صلى الله عليه وسلم (في أول لبسة) – مثلما تشتري بذلة جديدة وتخرج بها لأول مرة – فنظر له أحد الصحابة من الأنصار وقال له ما أحلى هذه العباءة ! ألبسنيها يا رسول الله ، - إذا كنت مكان النبي ماذا تفعل ؟ قال له النبي : نعم وخلعها له في الحال – صلى الله عليه وسلم – أرأيتم الإيثار ، فاحتدوا بالصحابة على هذا الأنصاري وقالوا له كان النبي في احتياج لها ، فقال لهم : وأنا أحوج منه إليها فقد أردت أن أجعلها في كفني حين أموت . جاء أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فتحت مكة وخبير و كثرت الغنائم وقد كان ذلك بعد 23 عام هي فترة بعثة النبي كانت أكثرها والنبي والصحابة في حالة شدة وفقر فقد كان صلى الله عليه وسلم يربط حجرين على بطنه من شدة الجوع فبعد أن من الله عليهم بكل هذه الفتوحات، كان نصيب النبي من الغنائم، عدد أغنام ما بين جبلين، تخيل هذه الكمية تصبح مع فقير عاش كثيراً في الفقر، ولكن النبي كان يريد الآخرة .
- جاءه أعرابي ونظر لهذه الغنائم فقال له النبي : أتعجبك ؟ قال : نعم ، قال له النبي : هي لك ، فقال له : يا محمد ، أتَصدقني القول ؟ قال : نعم خذها إن شئت – هل تتخيل من الممكن أن تؤثر إلى أي مدى ؟ - فقام الرجل وجرى إلى الغنم وهو يلتفت حوله، وأخذها كلها وعاد بها إلى قومه وقال لهم : أسلموا فقد جئتكم من عند خير الناس، إن محمد يعطي عطاء من لا يخشى الفقر أبداً.
يقول الراوي: ما منع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدً شيء يملكه، أي لم يمنع الرسول عن أخذ أي شيء يطلبه من النبي …..
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يا نبي الله إني مجتهد – أي ليس معي ما آكل – فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض زوجاته هل عندكم من شيء ؟ فكلما بعث إلى واحدة ، أرسلت له قائلة لا والذي بعثك بالحق ما عندنا إلا الماء ، فقام النبي ونادى في أصحابه من يضيف هذا الرجل ؟ فقام رجل من الأنصار وقال : أنا يا رسول الله ، وأخذه وأسرع إلى زوجته سألها : هل عندك طعام ؟ فقالت : لا إلا قوت صبياني – أي بقايا أكل لا تكفي إلا أولادهم - فقال لها علليهم بشيء – أي أنسيهم الأكل – وإذا أرادوا العشاء أنيميهم، حتى يأتي الضيف فضعي الطعام وأطفئي السراج – أي النور- حتى يشعروا أننا نأكل فيأكل هو - أترون الإيثار – إننا الآن ممكن يكون هناك شابين أو ثلاثة مسافرين سوياً وكل منهم يخبأ طعامه في جيبه، ولا يضعون الطعام سوياً يأكلون سوياً كما كان يفعل الأشاعرة ويخبرنا عنهم النبي . فجاء الضيف للأنصاري :- بعد أن نام الأطفال –جلس الضيف وأطفؤا الأنوار ليشعروه أنهم يأكلون وأكل الضيف حتى شبع ، وجاءت صلاة الفجر وذهبوا ليصلوا فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم : لقد عجب الله تعالى من صنيعكما بضيفكما الليلة – أي رضي عن صنيعكما – فأنزل الله تبارك وتعالى قوله " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " . خصاصة أي تعب – جوع – فقر – احتياج - هو لا يجد شيء ويؤثر أخيه ، إنه خلق غائب بيننا ولا نسمع عنه. هل فكرت أن تؤثر أخيك ببدلة اشتريتها جديداً ؟ لابد وأن يكون شعارنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " . هذا هو شعار الإيثار. لا يكتمل إيمانك حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك.
إيثار الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم: وهو ليس إيثار أموال إما إيثار أرواح.
- هذا هو " أبو دجانة " في غزوة أحد والسهام تصوب ناحية الرسول صلى الله عليه وسلم من كل مكان ، فيأتي أبو دجانة ويؤثر النبي على نفسه و يحتضن النبي ليقديه من السهام .
- يقول أبو بكر نظرت إلى ظهر أبو دجانة فإذا هو كالقنفذ من كثرة السهام مجروح وما زال يؤثر النبي صلى الله عليه وسلم ، أين إيثارنا نحن لرسول الله بحفظ سنته ؟
- وهذا هو طلحة بن عبيد الله يأتي للنبي يوم أحد ويقول له : " اخفض رأسك يا رسول الله ، نحري دون نحرك يا رسول الله – أي رقبتي دون رقبتك يا رسول الله – ويقذَف النبي صلى الله عليه وسلم بسهم فيمنعه طلحة بيده ويخترق السهم يده ، وتشل هذه اليد الكريمة .
- يقف الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد ويقول " من يمنعهم عني وله الجنة؟ فقد كان الكفار يتكالبون عليه يريدون قتله. فيأتي عشرة من شباب الانصار (من 18، 19 سنة) ويموت الأول ثم الثاني ثم الثالث ، وكان آخرهم "يزيد بن السكن " ومات على قدم رسول الله وهو يدافع عنه فيرفع النبي رأسه إلى السماء ويقول اللهم إني أشهدك أن يزيد بن السكن قد وفى.
دائماً نسمع عن الإيثار بأن يقوم به فرد ، لكن أن تقوم به بلد بأكملها لم نسمع ، وقد كانت المدينة هي هذه البلد ، وكانوا هم الأنصار، لقد كان إيثارهم شيء خيالي لايصدق. عندما خرج المهاجرون من مكة لا يملكون شيئا كل واحد بما يلبسه فقط ، وقد كانوا أغنياء ، وكانوا تجاراً ، أما أهل المدينة فهم زراع ، وكان المهاجرين لا يستطيعون العمل بالزراعة .. وأتى المهاجرون، منهم من أتى على قدمه. لكن ما حصل كان فوق الخيال يقول الصحابة أن ما من مهاجر دخل المدينة، إلا بالقرعة من كثرة تكالب الأنصار على من يأتي من المهاجرين. كل منهم يريد أن يضيفه هو، فكانوا يدخلون بالقرعة.
- ونحن الآن ، تكون الأم قد كبرت في السن وتريد من يرعاها ويكون هناك زوجة الابن، وزوج الابنة، وبناتها وكل منهم لا يريد أن يضيفها ويرسلها للآخر أنظر للأنصار وكانوا ضعفاء وفقراء، ونحن بيوتنا على أكمل وجه وزوجة الابن لا تتحمل والدة زوجها .
من إيثار الأنصار للمهاجرين سيدنا سعد بن الربيع (أنصاري) نزل عليه سيدنا (عبد الرحمن بن عوف) من المهاجرين ، قال له يا أخي : هذه أموالي أجمعها لك – جمعها كلها من السوق – أقسمها بيني وبينك هذا نصفي وهذا نصفك ، وهذه هي الأراضي التي أمتلكها أقسمها بيني وبينك ، وهذا هو بيتي ، وإني متزوج بامرأتين آتي لك بهما حتى ترى أيها تحب لأطلقها لك وتتزوجها بعد أن تفي عدتها– لكن انظروا للإيثار إلى أي درجة وصل؟ لكن عبد الرحمن بن عوف كان لديه ذوق ولم يستغل الفرصة وقال له جزاك الله خيراً ، أين السوق؟ كل هجرة حدثت في التاريخ كانت بالدماء، هجرة الأوروبيين إلى أمريكا – وكلنا شاهدنا أفلام الهنود الحمر – كم من الدماء ؟ وكم من الهنود الحمر قتلوا لكي تكون أمريكا للأوروبيين ؟ لكن أعظم هجرة في التاريخ كانت كلها حب، كلها إيثار لأنها كانت هجرة المهاجرين إلى المدينة، وانظر إلى استقبال الأنصار لهم تخيل كل أنصاري كان يقاسم المهاجر في بيته ، وأمواله ، وملابسه وملابس زوجته تقاسمها فيها زوجة المهاجر ، وكذلك ملابس الأولاد ، من يتخيل أنه يقاسم بيته مع أحد ، ويا ترى كانت مساحة بيوت الأنصار 200 ، 300 م أم كانت صغيرة ، وكيف فعل ذلك ولم يخف من زوجته ، وكيف أن زوجته قبلت ؟ ذلك لأن الإيثار يجعل البركة تعم ، ويجعل رضا الله يوسع من رزقك ، لكن ما دمت لديك الأثرة – وهي عكس الإيثار - أن تؤثر نفسك على الغير ، لن تشعر بالبركة . اقتح دولاب ملابسك وانظر إليه ستجد ملابس منذ 3 سنوات وملابس لا ترتدينها، لماذا لا تخرجينها؟ وأنا لا أقول لك الجديد ؟ فما بالك بالنبي الذي يتصدق بالجديد ؟ والذي يقاسم بيته ؟ مَثل صعب، أليس كذلك ؟
لدرجة أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما هاجر وصحابته إلى المدينة ذهب إلى الأنصار وقال لهم عن المهاجرين: إخوانكم تركوا الأموال والأولاد وجاءوكم، لا يعرفون الزراعة، فهلا قاسمتموهم ؟ فقالوا: نعم يا رسول الله ، نقسم الأموال بيننا وبينهم بالسوية – والرسول كان يقصد مساعدتهم فقط – فقال لهم النبي أو غير ذلك ؟ - ممكن تقدموا لهم شيء آخر – فقالوا له وماذا بعد يا رسول الله ؟ فال تقاسمونهم الثمر – لأنهم لن يستطيعوا التصرف بالأموال أو الخروج من المدينة لأنها محاصرة فقالوا : نعم يا رسول الله ، بمَ يا رسول الله ، فقال : بأن لكم الجنة.
- أرأيت ثواب الإيثار – فكان الأنصاري يعمل طوال العام وعندما يثمر الزرع يأخذ التمر ويذهب به إلى المهاجر قبل أن يذهب إلى بيته .
- لم يجلس ليختار الأفضل له ثم يذهب له بالباقي، وأنت تتصدق بأسوأ النقود في جيبك والتي لا تحتاجها.
يذهب بالتمر كله لأخيه ويقول له : اختر ما تشاء ، وإني سأتركك ساعة حتى تتخير ما شئت – حتى لا يحرجه – ثم يعود فيكون المهاجر قد اختار الثمر الغير جيد ويظلوا يتشاجرون ، كل منهما لا يوافق أن يأخذ الآخر غير الجيد .
- فلما فتحت خيبر وكثر المال قال النبي للأنصار : جزاكم الله خيراً قد وفيتم بالشروط ، فقالوا للنبي يا رسول الله : استرطت شرطاً واشترطنا شرطاً ، وها نحن قد وفينا وإنا لنا عندك الجنة ، قال : لكم بما وفيتم .
- أترى ثواب الإيثار؟ اخرج ما عندك وكلما أخرجت زادت نفسك سخاءاً، وكلما أخرجت صفيت نفسك من الحقد والحسد.
إنها علاقة عجيبة بين الإيثار وبين سلامة الصدر، بين الإيثار ورحمة الناس، بين الإيثار وترك الكبر وترك الغل تريد أن تنقي صدرك تعلم الإيثار.
- حتى أنه عندما جاء مال كثير من البحرين ، فقال النبي هذه للأنصار وحدهم – يكفيهم ما أعطوا وبذلوا – فجاء الأنصار وقالوا : لا يا رسول الله لا نأخذها حتى تقسمها بيننا وبين إخواننا المهاجرين فجاء المهاجرون قالوا لا يا رسول الله ، إخواننا نشك أنهم ذهبوا بالأجر كله ، فقال لهم النبي ، لا : ما دعوتم لهم ، أي طالما تدعون لهم ستأخذون أنتم أيضا الأجر .
ما هذا المجتمع؟، أي مدينة فاضلة يتحدثون عنها الآن ؟
إنها هذه وهى ليست صعبة التحقيق إذا عاد الإيمان وأخلاق الإسلام وكانت الجنة هي الغاية .
لا يكون الإيثار في الأموال فقط كما قلنا ، ولكن في الأرواح أيضا. عكرمة بن أبي جهل حارب النبي 22 سنة ثم أسلم وحسن إسلامه ومات شهيدا، ابن أبي جهل مات شهيدا وبسبب الإيثار، عكرمة كان من ضمن الجرحى في معركة اليرموك، وقد وضع الجرحى جميعهم في مكان ما حتى تنتهي المعركة كلما جرح جندي وضعوه هناك. وكان ابن عم عكرمة في الساقة، أي ممن يسقون الجرحى، فيقول: بحثت عن عكرمة فوجدته في الجرحى يئن، يكاد يموت وبجواره عشرة من المسلمين، فأخذت أجري نحوه لأسقيه وإذا هو يتناول القرية ليشرب سمع صوت أخيه يقول : أنا عطشان فقال: لا والله لا أشرب حتى يشرب أخي، فذهبت الى الثاني وهو يشرب سمع أخوه يقول آه فقال : لا والله لا أشرب ، وذهبت الى الرابع هو الخامس و .... حتى وصلت الى العاشر فقال : لا والله : لا أشرب حتى يشرب عكرمة ، فعدت الى عكرمة ، فإذا به مات شهيدا ، .. آثر على نفسه وهو يموت ،وهو جريح ونحن نبخل بالقليل من المال، نبخل بالملابس، نبخل بالعلم تخاف أن تعطى معلومة لزميلك فيتفوق عليك.
- إيثار عبد الله بن عمر ، إيثار نتعجب له ، عبد الله بن عمر كانت تعجبه الآية : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " فكان يخرج الصدقة مما يحب . وذات مرة تنبه إلى أن ناقته تعجبه فنذل من عليها ووقف إلى جوارها في عرض الطريق حتى وجد عجوز فقيراً ، فقال : اركب يا رجل فهي لك أتته مرة سمكه هدية وكان يحب السمك حباً شديداً ، فأتت إليه امرأته بسمكة مشوية ، ففرح بها ثم طرق الباب مسكين، فقال لها : أعطيه السمكة فقالت : عندنا في البيت خبز وشعير ولحم . قال : وماذا أفعل بقول الله : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " ؟ أعطه السمكة . وبعد أن أعطتها للرجل قالت له : اتبيع إلى السمكة بدرهم ؟ فقال الفقير : نعم . فأعطته الدرهم وأخذت السمكة ثم وضعتها أمام ابن عمر ، ففرح وعندما هم بأكلها طرق الباب نفس الرجل وقال أعطوني شيئا ، فقال لها بن عمر : أعطيه السمكة . فقالت : يا بن عمر فعلتها مرة . قال : إن الله قالها مرات ولم يقلها مرة . " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " ، فخرجت للرجل بالسمكة وقالت له : ابتاع منك السمكة ؟ فوافق فقالت له : أقسمت عليك ألا تعود مرة ثالثة وأخذت السمكة واعطتها لابن عمر .
- سيدنا عمر بن الخطاب لحظة موته، عندما ضربه أبو لؤلؤه المجوسي وسقط في دمائه وعلم إنه الموت، قال لابنه : عبد الله بن عمر يا عبد الله : اذهب الى أم المؤمنين : عائشة وقل لها : عمر بن الخطاب ولا تقل أمير المؤمنين فلم أعد عليكم أميرا – عمر بن الخطاب يستأذنك أن يدفن مع صاحبيه (الرسول وأبو بكر) في حجرة عائشة ، فقالت عائشة : كنت أريد هذا المكان لنفسي، ولأوثنرن به عمر .
- هل الإيثار في الدفن وحتى بعد الموت؟ تخيل كانت ستدفن بجوار زوجها وأبيها وهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، أي مدفن وأي مكان شريف ، ولكن السيدة العظيمة تركت أفضل مكان ورضيت أن تدفن بالبقيع ، إيثارا منها لعمر رضي الله عنه .
- أبو هريرة يحكى لنا : كنت أجوع حتى أصرع من شدة الجوع ، ويقولون مجنون ووالله ما أنا بمجنون إنما هو الجوع ، فكنت أجلس بجوار منبر النبي صلى الله عليه وسلم يمر بي الرجل من المسلمين استقرأه أيات الإنفاق – لعله يعطينى شيئا– فقال : فمربي أبو بكر وقرأها علي ومر، لم يدرك ما أريد ، ومر على عمر بن الخطاب.
فمر النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر الي فعرف حالي ، فبتسم وقال : يا أبا هر : الحق بي ، فدخل بيته واستأذن ، وقال لزوجته هل عندنا شيء؟ فقالت : جرة لبن تكفي رجلا أو اثنين فقط ، فنظر أبو هريرة للبن بشوق فأراد النبي أن يعلمه الإيثار ، فقال له : يا أبا هريرة : اذهب وائتنى بأهل الصفة .
وأهل الصفة من فقراء المسلمين لا يجدون ما يطعمونه مثل أبو هريرة ، وهم حوالي مائة – فيقول : فاهتمت نفسي، وقال لرسول الله : وأين هذه الجرة من أهل الصفة ؟ أيكفيهم هذا؟ فيقول : فخرجت مهموما ولكنه كان لابد لي من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فذهبت وأتيت بهم ، فنظر إلي الرسول مبتسما وقال : يا ابا هريرة اسقهم – إنه يعلمه ويعلمنا معه – فيقول : أخذت الجرة وبدأت أمر عليهم حتى شربوا منها جميعا. والنبي ينظر إلي ويبتسم. فقال لي النبي : يا أبا هريرة لم يبق سوى أنا وأنت ، قلت له : صدقت يا رسول الله ، فقال لي : اشرب يا أبا هريرة – النبي يؤثرهم جميعا على نفسه ثم يؤثر أبا هريرة واللبن يكفى كل هذا العدد لنتعلم خلق الإيثار وأنه يبارك في الشيء يقول أبو هريرة، فشربت ثم أعطيتها له ، فقال : اشرب يا أبا هريرة فشربت وشربت وشربت كلما قال لي ، حتى قلت له : لا والله لا أحد له مسلكا ، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم وشرب الفضلة صلى الله عليه وسلم شرب ما بقى من ذلك كله .
- أخرجوا الشح من بيوتتكم، ومن جيوبكم ترزقوا سخاء النفس وتذوقوا حلاوة الإيثار ، لذة غريبة كلما أعطيت كأنك أنت الذي أخذت.
- الآن : تكون جالسا على مائدة الطعام أنت وأمك وتقول في نفسك ياليتها لا تأخذ هذه اللقمة ، كيف ذلك ؟ إذا كنت لن تؤثر مع أبيك وأمك ، ماذا ستفعل مع من في الشارع ؟ إذا كنت في الأتوبيس ومتعب جدا كيف ستؤثر أخيك وتجلسه مكانك ؟ أين الإيثار في الصغيرة والكبيرة ؟
- ينظر لإيثار النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق كان يعلم جيش بأكمله هذا الخلق العظيم ، جاء " جابر بن عبد الله " يوم الخندق ، قال يا رسول الله : عندنا في البيت دجاجة وبقية شعير فاقدم يا رسول الله وكل معي ، فنظر إليه النبي وقال : وحدي ؟
لقد كان الصحابة ومعهم رسول الله متعبين جدا من الحفر لمدة 15 يوم وكانوا يربطون على بطونهم من شدة الجوع – فقال له جابر بن عبد الله : ومعك رجل أو اثنين . فوقف النبي على تل وقال : يا معشر المهاجرين ، يا معشر الأنصار : غداؤنا اليوم عند جابر بن عبد الله. يقول جابر: فتسللت وجريت إلى البيت أقول لزوجتي: رسول الله قادم ومعه الجيش ! فقالت – المرأة المسلمة المؤمنة - أو أخبرت رسول الله بالطعام ؟ فقال : نعم ، قالت : فالله ورسوله أعلم ، ويقف النبي ويقول لجابر : أنت بوابنا اليوم ، وقال النبي بتكسير الخبز ويدخل جابر عليه عشرة عشرة يطعمهم ويخرجوا..
- أرأيت متى ظهرت معجزة النبي وحلت البركة؟ عندما حدث هذا الحدث ليعلمهم الإيثار وتحل البركة مع أنهم كانوا جوعى منذ مدة فطعم الجيش كله، يقول بن عبد الله ، كلما دخلت مجموعة قلت إنها آخرمجموعة ولن تأكل التي تليها ، ولكنهم كانوا يخرجون وقد امتلأت البطون، يخللون أسنانهم ، ثم دخل جابر في النهاية فقال له النبي : يا جابر بارك الله لك ولأهل بيتك في طعامك ، فدخلت فإذا بالطعام كما هو إلا قطعة من الدجاجة .
- صلى الله علي نبينا معلم الإيثار، ويا خسارة على أمة ضاع فيها الإيثار.
- سيدنا جعفر بن أبي طالب مات يوم مؤتة وترك ثلاثة أطفال والصحابة ضعفاء فقراء، ووقف النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يكفل أولاد جعفر ؟ يقول الراوي : فخرج ثلاثة من الصحابة يتشاجرون : أنا يا رسول الله ، بل أنا يا رسول الله ...
يقول الراوي: والثلاثة أفقر من بعضهم البعض – ويريدون أن يأخذوا 3 أولاد أيتام، ونحن الآن إذا مات لأحد أخيه أراد أن يتخلص من ابنه اليتيم، ويلقى به على الأخ الأخر، ويضيع الولد.
لكن جعفر بن أبي طالب كان لديه خلق الإيثار ولذلك أراد الله أن يبارك له في أولاده ويتربوا جيدا، حتى أن النبي سماه:أبو المساكين.
- لن يستشعر المجتمع الطمأنينة ولا الأمان ولا الاستقرار إلا إذا اتبع خلق الإيثار، وتخيل معي ما يحدث الآن في المجتمع: الرجل يعمل عمره كله ليلا ونهارا ليجمع الأموال ويمكن المرأة أيضا ولكن لماذا ؟ حتى يضمنوا لأولادهم المستقبل الجيد ويتركوا لهم ما يكفيهم لماذا ؟ لأنهم يعلمون أنهم إذا ماتوا ستشرد الأولاد ، من الذي سيتكفل بهم ؟ سيضيعون ، فالدنيا كلها ذئاب ، لكن بالله عليك لو المجتمع لديه خلق الإيثار، المجتمع كل سيعلم ويطمئن إلى أنه إذا مات الأب أو الأم سيجد من يتكفل بأولاده بل وسيتشاجرون على من يأخذه مثلما حدث مع أولاد جعفر بن أبي طالب لذلك خلق الإيثار مهم.
- يقول الإمام الغزالي في الإحياء : الإيثار على ثلاثة منازل :
الأولى : أن تنزل أخوك من نفسك منزلة الخادم فتطعمه وتعطيه مما يبقى منك – ألا يحدث أن تتعامل مع أخيك كالخادم بعدما تنتهي أنت وتأخذ ما يكفيك تعطيه – وهذا إيثار .
الثانية: أن تنزله منزلة نفسك فكما تأخذ تعطيه.
والثالثة: أن تنزله فوق نفسك، فتفضل حاجتهم على حاجتك.
- أولاده سيدخلون المدارس ولا يجدون ملابس، قبل أن تشترى لأولادك تشترى له
- هذه هي منازل الإيثار الثلاثة أختر لنفسك منها.
- أعظم الإيثار في هذه الدنيا : أن تؤثر مرضاة الله على مرضاة الناس، وأن تؤثر رضا الله على رضا من سواه وأن تؤثر رضا الله على هوى نفسك " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " ، مرضاة الله أولى.
عندما نعيش لأنفسنا فقط نعيش حياة قصيرة ، نولد صغار ونموت صغارا ، لكن عندما نعيش من أجل غيرنا نعيش كبارا وحياتنا تمتد بامتداد البشرية ، وهذا كلام حقيقي إذا عشت لغيرك وليس لنفسك فقط ستجد سعادتك في بسمة غيرك ، وفرصتك في فرصة غيرك، وستجد السعادة الكاملة عندما تجد من يدعو الله لك ويقول يا رب ارضى عنه كما أرضاني، لذة عجيبة, جربها ستجدها أعظم من اللذة التي كنت ستشعر بها إذا حصلت على الفائدة والمنفعة بمفردك .
أختم بكلمة قالها رجل صالح وهو يموت:" يا بنيتي لم أعد أفزع من الموت ولو جاء اللحظة. لقد أخذت من الحياة كثيرا، أقصد أعطيت كثيرا هل فهمتها ؟ - أحيانا يا بنيتي يصعب التفرقة بين الأخذ والعطاء لأنها عند المؤمن لهما مدلول واحد، في كل مرة أعطيت فيها أخذت فيها، بل أخذت أكثر مما أعطيت . تعالوا لنجرب هذا الخلق يا شباب ، وأرجوا من الله تعالى أن ينفعنا به.
| |
| | | نبيلة محمود خليل مديرة موقع الرحمة والمغفرة
الدولة : مصر عدد المساهمات : 17810 نقاط : 28623 تاريخ التسجيل : 31/08/2009 العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة المزاج : الحمد الله تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها
| موضوع: رد: تـفـرٍيـغ حـلـقـات بـرٍنـامج ـآ‘لأخــلاق لـعـمـرٍوٍ خـالد الأحد نوفمبر 22, 2009 11:44 am | |
| _________________ اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
| |
| | | | تـفـرٍيـغ حـلـقـات بـرٍنـامج ـآ‘لأخــلاق لـعـمـرٍوٍ خـالد | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |