ما زال المقربون
من الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي يسابقون الزمن في محاولة
لإيجاد تسوية سياسية للأزمة الليبية الراهنة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن محمد إسماعيل
أحد أبرز مساعدي سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد القذافي، بدأ زيارة غير معلنة
إلى العاصمة البريطانية، لندن، لنفس الغرض. وعلمت «الشرق الأوسط» أن فحوى الاتصالات
التي يجريها مقربون من القذافي تتضمن استمرار بقاء العقيد القذافي في السلطة على
غرار الوضع الحالي للملكة إليزابيث الثانية في بريطانيا مع تولي أحد أبنائه منصب
الرئيس التنفيذي للدولة الليبية مع السماح لبعض المعارضين بالانضمام إلى حكومة
وطنية.
وقالت مصادر على اطلاع بتفاصيل اتصالات مبعوثي القذافي مع عدد من
الحكومات الغربية لـ«الشرق الأوسط»، إن القذافي يعرض إمكانية تصعيد نجله المعتصم،
الذي يتولى حاليا منصب مستشار الأمن القومي الليبي إلى منصب رئيس ليبيا على أن يبقى
القذافي في الحكم بشكل رمزي.
وأوضحت المصادر أن هذا العرض الجديد يعني أن
القذافي قد سحب عرضه السابق بتولي نجله الثاني سيف الإسلام نفس المنصب بسبب رفض
الثوار المناهضين له لهذه الفكرة على اعتبار أن التصريحات والمواقف السياسية لنجله
سيف الإسلام وضعته في سلة واحدة مع نظام حكم أبيه.
واعتبرت المصادر أن العرض
الذي ما زال يجري التشاور حوله مع عدد من العواصم الغربية ومسؤولين في إدارة الرئيس
الأميركي، باراك أوباما، ولم يتم حسمه نهائيا في انتظار نتيجة الاتصالات والمشاورات
الحالية.
ويؤشر قيام إسماعيل، المحسوب على سيف الإسلام وذراعه اليمنى،
بزيارة سرية إلى لندن بعدما توقف لساعات في القاهرة، إلى أن هذه المشاورات ما زالت
لم تنضج بعد، وأنها في مراحلها الأولى.
وتوارى سيف الإسلام القذافي عن
الظهور منذ نحو 10 أيام، ولم يدلِ بأي تصريحات صحافية، كما أغلق هاتفه الجوال. وبدا
أمس أن الجهود التي سعى إليها الاتحاد الأفريقي لوضع نفسه في موقع الوسيط المقبول
لحل الأزمة الليبية لم تجد آذنا مصغية لدى الدول الرئيسية التي تقود قوات التحالف
الغربي.
وبينما تتصاعد الضغوط الغربية والمطالب لإقناع القذافي بالتنحي
طواعية عن السلطة، وتوفير ضمانات قانونية له بعدم ملاحقته وأفراد أسرته ومساعديه
المقربين قضائيا، قال عبد المنعم الهوني، ممثل المجلس الوطني الانتقالي المناهض
للقذافي في القاهرة، إن هناك إجماعا دوليا على خروج القذافي من السلطة في أسرع وقت
ممكن حقنا لمزيد من الدماء ووقف الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للدولة الليبية من
جراء حربه على الشعب الليبي.
وقال الهوني لـ«الشرق الأوسط» من المؤكد أن
هناك انشقاقا داخل النظام وأن هناك مجموعة ترى أنه حان الوقت لكي يخرج هو وأسرته،
مشيرا إلى أن القذافي ما زال يعرض أن يكون وجوده في السلطة رمزيا كما هو الحال
بالنسبة للملكة إليزابيث في بريطانيا. وأضاف: «القذافي يتصور أن الشعب الليبي ودول
الغرب والولايات المتحدة من الممكن أن يقبلوا بذلك، إنه يسعى إلى أن يكون له أي شكل
من أشكال الحضور».
لكن الهوني استطرد قائلا: «مستحيل على أي مواطن ليبي أن
يفكر في أن يكون للقذافي أي وجود في حياته بعد كل ما حدث».