كشف مصدر ليبي مطلع لـ«الشرق الأوسط» عن تفاصيل اللقاء المطول الذي عقده الزعيم
الليبي العقيد معمر القذافي مع أعضاء اللجنة الخماسية الأفريقية بالاتحاد الأفريقي
مؤخرا في مقر إقامة القذافي بثكنة باب العزيزية في العاصمة الليبية طرابلس. وقال
المصدر رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» حيث شارك في الاجتماع، إن القذافي روى وعلى
مدى نحو 3 ساعات على مسامع ضيوفه وهم رؤساء جنوب أفريقيا والكونغو ومالي وموريتانيا
بالإضافة إلى وزير خارجية أوغندا، الجهود التي قام بها لدعم وإنشاء الاتحاد
الأفريقي. وأضاف: «قال لهم إنه بنى هذا الاتحاد طوبة طوبة على حد تعبيره، وإنه حقق
النصر لجنوب أفريقيا في مواجهة النظام العنصري السابق، وإنه (القذافي) هو من أخرج
الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا من السجن، وحقق استقلال
زيمبابوي».
وكشف المسؤول الذي طلب عدم تعريفه عن أن القذافي جادل طويلا بأنه
هو من بنى منظمة الوحدة الأفريقية ثم لاحقا ساهم في بناء الاتحاد الأفريقي، مشيرا
إلى أن القذافي لم يترك أي فرصة لأي من أعضاء اللجنة الأفريقية
للحديث.
وقال: «لم يترك أي مجال لأي رئيس أفريقي آخر للكلام، ولم يمنحهم
الفرصة لكي يشرحوا مهمة اللجنة واكتفى في ختام اللقاء بأن قال لأعضاء اللجنة قبل أن
ينهي الاجتماع فجأة (أفوضكم للحل مع الناس الذين ستلتقون معهم في بنغازي)»، في
إشارة إلى ممثلي المجلس الوطني الانتقالي الممثل للثوار المناهضين له.
وبحسب
نفس المصدر فقد امتنع القذافي عن وصف معارضيه بأي من الصفات العدائية أو التهكمية
من تلك التي اعتاد أن يقولها على الملأ في مختلف المناسبات وكلماته الصحافية
والجماهيرية.
وكشف النقاب أيضا عن أن الطريقة التي تحدث بها القذافي قد
أغضبت جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا الذي لم ينضم إلى أعضاء اللجنة الأفريقية التي
انتقلت في اليوم التالي إلى معقل الثوار في مدينة بنغازي شرق ليبيا للقاء ممثلي
الثوار ورئيس وأعضاء المجلس الانتقالي الوطني. وقال إنه بالطبع فقد غضب رئيس جنوب
أفريقيا بشدة ولاحقا قال لأحد الرؤساء الأفارقة إن القذافي لم يكن صادقا وهو يعدد
ما قدمه من أفضال إلى جنوب أفريقيا. ونقل لـ«الشرق الأوسط» عن زوما قوله «لم يقدم
القذافي شيئا لشعبه ولا لأفريقيا مقارنة بما قدمه الرئيس المصري الراحل جمال عبد
الناصر».
إلى ذلك كشفت مصادر أفريقية وليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن ما
وصفته بخلافات حادة اندلعت بين المشاركين في الاجتماع الدولي الذي استضافته الجامعة
العربية في القاهرة أول من أمس، وحضرته عدة منظمات إقليمية ودولية، لبحث سبل وضع حد
للأزمة الليبية. وأوضحت المصادر أن هذه الخلافات حالت دون صدور بيان رسمي كان يفترض
أن ينص في بنده الأول على مطالبة الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بالتنحي عن
السلطة التي يقودها منذ نحو 42 عاما. وترأس الاجتماع الأمين العام للجامعة العربية
عمرو موسى، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بحضور مسؤولة السياسة الخارجية
بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، وأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين
إحسان أوغلي، ورئيس المفوضية الأفريقية جان بينغ.
وأكدت المصادر التي شاركت
في الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» أن ما وصفته بمشادة كلامية وقع خلال الاجتماع بين
بينغ مسؤول مفوضية الاتحاد الأفريقي وأشتون بعدما اعترض بينغ على التوقيع على بيان
يتضمن مطالبة القذافي بالتنحي كمخرج سياسي وحيد لحل الأزمة الليبية. وأوضحت أن
مسؤولة الاتحاد الأوروبي تمسكت ببيان يتضمن تنحي القذافي ووقف إطلاق النار وفتح
ممرات إنسانية، لكن بينغ رفض، وقال في المقابل إنه لم يرد في مختلف قرارات مجلس
الأمن الدولي ولا توصيات الأمم المتحدة، ما يدعو لمطالبة القذافي بالرحيل أو التخلي
عن السلطة.
وأوضحت أن بينغ اعترض ورفض التوقيع مما أدى إلى إلغاء البيان
الرسمي والاكتفاء بمؤتمر صحافي لعرض ما جرى خلال المؤتمر بعيدا عن هذه الخلافات.
لكن هشام يوسف مدير مكتب عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية قال لـ«الشرق
الأوسط» إنه لم تكن هناك أي مفاجآت داخل الاجتماع، مشيرا إلى أن موقف كل المنظمات
حيال ما يجري في ليبيا معروف ومعلن.
وأضاف: «طبعا هناك تباين واختلاف في
وجهات النظر، والمدى الذي وصل إليه العرب والأوروبيون مع الأمم المتحدة يختلف عن
موقف الاتحاد الأفريقي، لذلك كان التفضيل هو عدم صدور بيان». وتابع: «لم يكن أحد
يطالب بتنحي القذافي، نتحدث عن ما يجب القيام به بعد ما قام به النظام الليبي من
أفعال أدت إلى فقدانه الشرعية وأصبح واضحا أن استمرار الوضع غير مقبول وبالتالي
الانتقال إلى مرحلة انتقالية تؤدي في النهاية إلى تحول نحو الديمقراطية». وسئل هل
تؤيد الجامعة العربية إذن مطالبة القذافي بالتنحي عن السلطة، فقال يوسف إنه في
نهاية المطاف غياب القذافي ليس قرارنا، نحن لن نتخذ القرار نيابة عن الشعب الليبي
لكن ما نراه أن النداءات التي تصدر مؤخرا تدعو القذافي إلى هذا (التنحي).