لقد برز دور سوزان مبارك في إنشاء وترأس هيئات رسمية بموجب قرارات جمهورية، منها
المجلس القومي للمرأة، المجلس القومي للطفولة والأمومة، جمعية الرعاية المتكاملة،
مكتبة الإسكندرية، إلى جانب ضلوعها بشكل مباشرة في إقرار حزمة من القوانين التي
تعرضت لإنتقادات واسعة في حينها، لكن أحداً لم يلتفت لتلك الإنتقادات، ومنها
قوانين: الكوتة أي تخصيص 64 مقعداً للمرأة بالبرلمان، الخلع، الرؤية، فحوصات ما قبل
الزواج.
وبعد إنتصار الثورة، وتقديم زوجها وأبنيها علاء وجمال للمحاكمة، طفت على
السطح مطالبات بإلغاء القوانين التي كانت لها اليد الطولي في إقرارها، وخرجت العديد
من التظاهرات التي تضم آباء و أمهات وأجداد، بل وأطفال، للمطالبة بإلغاء ما وصفوه
بـ"قوانين سوزان" تارة، و"قوانين أم جمال" تارة أخرى، ومحاكمتها بتهم عدة، منها:
الإثراء الحرام، وإفساد حياة الأسرة المصرية.
ووفقاً للدكتور محمد سعيد عضو
حركة "إنقاذ الأسرة المصرية"، التي تشكلت من أجل تولي التنسيق بين المتضررين من
"قوانين سوزان"، فإن قرينة الرئيس كانت صاحبة نفوذ واضح في شتى مجالات الحياة، سواء
السياسية أم الاجتماعية أو حتى الثقافية، وكانت لها علاقة مباشرة بتعيين الوزارء،
لاسيما وزراء المجموعة الإجتماعية والثقافية، وهم وزراء الثقافة والإعلام والتضامن
الإجتماعي، والقوى العاملة، ورؤساء هيئات ومؤسسات رسمية، ومنها: هيئة الكتاب
المشرفة على مشروع القراءة للجميع ومكتبة الأسرة اللذين تشرف عليهما شخصياً وتنفذه
الهيئة، المجالس القومية: للمرأة والطفولة والأمومة، وللسكان، مكتبة الإسكندرية،
والمكتبات العامة الكبرى، التي تحمل اسمها أو اسم زوجها، بالإضافة إلى وكيل مجلس
الشعب، حيث وضعت تقليداً يقضي بأن يكون أحدهما إمراة، وشغلت الدكتورة آمال عثمان
وزيرة الشؤون الإجتماعية السابقة و المقربة منها هذا المنصب لسنوات طويلة امتدت حتى
اندلاع الثورة.
وأضاف سعيد لـ"إيلاف" أن السيدة الأولى بما لها من نفوذ في
صناعة القرار، استطاعت اقرار العديد من القوانين التي كانت وارء تدمير الأسرة،
ومنها قانون الرؤية رقم 1087 لسنة 2000 وهو القانون الذي يمنح الأب أو الأم غير
الحاض لأبنائه بعد أنفصال الزوجين رؤية أطفال لمدة ساعتين فقط أسبوعياً في مكان
عام، وعادة ما كانت الرؤية تتم في قسم الشرطة أو أحد مقارات الحزب الوطني الحاكم،
وغير مسموح للجدين أو الأعمام أو الخالات برؤية أطفال أشقائهم.
وأشار سعيد
إلى أنه شخصياً يعاني من هذا القانون حيث إنه محروم من الجلوس مع أبنائه بعد طلاق
أمهم، حيث تتم الرؤية في مقر الحزب الوطني، أو في قسم الشرطة وسط المجرمين، ولا
يستطيع الجلوس معهم أو إحتضانهم أو الإستماع لمشاكلهم، كما أن مدة الرؤية المقدر
بساعتين سرعان ما تمر، فضلاً على حرمان والديه من رؤية أحفادهما، لأنه غير مسموح
لهما بذلك، وحتى لو كان مسموحاً فإنهما غير قادرين على الحركة، وطالب سعيد بضرورة
أن تتحول الرؤية إلى استضافة لمدة يومين أسبوعياً على الأقل في منزل الأب أو الأم
غير الحاضن.
ويشير جمال عربي مدير البرامج بمؤسسة حقوق الطفل إلى أن سوزان
مبارك كان لها بالإشتراك مع كل من فرخندة حسن الأمين العام للمجلس القومي للمرأة
ومشيرة خطاب الأمين العام السابق للمجلس القومي للطفولة الأمومة يد مباشرة في إقرار
قوانين في غير مصلحة الطفل منها قانون الرؤية ورفع سن الحضانة من تسع سنوات إلى 15
عاماً، وإنشاء محاكم الأسرة التي تسببت في طول أمد التقاضي بدلاً في تقصيره.
وقال عربي لـ"إيلاف" ن العديد من الأسر المصرية التي تتضرر من قوانين سوزان
مبارك دعت إلى تظاهرة مليونية في يوم 6 مايو المقبل. لافتاً إلى أنه من المفترض
مراجعة العديد من القوانين الخاصة بالأسرة التي صدرت بناء على إقتراح من المجالس
القومية التي كانت سوزان مبارك تترأسها، لأنها كانت قوانين منقولة من مجتمعات
غربية، ولا تتناسب مع المجتمع المصري، وتسببت في تفكك الأسرة، وتشريد عشرات الآلاف
من الأطفال، والدليل أنتشار ظاهرة أطفال الشوارع، الذي تضاعفت أعدادهم خلال العشرة
أعوام الماضية، رغم أن قرينة الرئيس السابق تبنت عدداً من الحملات من أجل القضاء
على تلك الظاهرة.
ورمي عربي الكرة في ملعب المجلس العسكري، قائلاً إن العديد
من التظاهرات خرجت في الأسابيع الماضية مطالبة بإلغاء قوانين سوزان مبارك، وهتف
المضارون ""يا طنطاوي يا عنان.. مش عاوزين قانون سوزان"، مشيراً إلى أهمية أستجابة
المجلس العسكري لتلك المطالب لأنها ليست فئوية، بل مطالب مجتمعية سوف تساهم في
إستقرار الأسرة والمجتمع.
واعتبرت حنان عبد المحسن الناشطة في مجال الدفاع
عن حقوق المرأة، قانون كوتة المرأة من القوانين غير المنصفة للمرأة، وغير
الدستورية، رغم أنها تبدو في صالحها، لكنها في حقيقتها تمنح المرأة تمييزاً لا يصح
في المجتمعات الديمقراطية، وكان من المفترض تنقيه القوانين مما يعوق ممارسة المرأة
لحقوقها السياسي، وأضافت لـ"إيلاف" أن هذا القانون لم تستفد منه المرأة المصرية
العادية بل جاء في صالح سيدات الأعمال وزوجات كبار المسؤولين، وظهر ذلك واضحاً في
أول تطبيق له في الإنتخابات مجلس الشعب المنحل بعد الثورة، حيث فازت بنات وزوجات
وشقيقات النخبة الحاكمة بالمقاعد وعددها 64 مقعداً.
ولفتت شحاتة إلى أنه من
القوانين التي خرجت مشوهة وساهمت في زيادة حالات الزواج العرفي أو الزواج غير الوثق
قانون رفع سن زواج الفتيات إلى 18 سنة، مما كان له أثر سيء في انتشار الزواج العرفي
في المجتمعات الريفية أو الزواج بدون تويثق بمباركة أسرة الفتاة، وتسبب ذلك في سجن
العديد من الآباء والمأذونين بتهمه خرق هذا القانون، وكان من المفترض وضع ضوابط
لتطبيقه. ونوهت بأن المجلس القومي للمرأة الذي أنشأته وترأسته سوزان مبارك لم يكن
له أي دور في حماية حقوق المرأة، بل كان مجرد مكلمة لـ"هوانم" وزارة الخارجية أو
صديقات سوزان مبارك، وينبغي أن يتم تعديل القانون الخاص به ليقوم بدور أكبر في
مجاله أو إلغائه وتوجيه ميزانيته إلى الجميعات الأهلية المدافعة عن حقوق المرأة
بفاعلية.
إلى ذلك، نشطت دعوات جديدة تطالب بمحاكمة سوزان مبارك، وقال شريف
صادق عضو إئتلاف شباب الثورة لـ"إيلاف" إن أستثناء سوزان مبارك من المساءلة
القانونية غير مقبول، مشيراً إلى أنها ارتكبت العديد من الجرائم منها ما كشفت عنه
تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع من أنها استولت على 145 مليون دولار من حسابات
مكتبة الإسكندرية، فضلاً على أنها كانت مهندس عملية التوريث التي لم تكتمل، بسبب
أنفجار الثورة، مشدداً على ضرورة التحقيق في الأموال الضخمة المخصصة لها من ميزانية
الدولة، و التي كانت تمول أنشطتها ومؤتمراتها الدولية.
وفي السياق ذاته،
انتشرت على فايسبوك العديد من الصفحات التي تطالب بمحاكمة سوزان مبارك، منها "الشعب
يريد محاكمة سوزان مبارك"، "الشعب يريد محاكمة أم جمال"، "سوزان مبارك السيدة
الأولى لسجن النساء بالقناطر"، "مبارك فى المزرعة وسوزان فى القناطر"، "مبارك في
السجن عقبالك يا أم جمال". فيما انتشرت العديد من الصفحات التي تحمل عناوين بها قدر
من التشفي والسخرية مما حل بأسرة سوزان مبارك منها: "قلبي عندك يا أم جمال"، "قلبي
وفلوسي عندك يا أم جيمي"، "من بعد آسفين يا ريس قلبي عندك يا أم جيمي".