اكد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن الدول التي أعدت مشروع
قرار في الأمم المتحدة يدين القمع في سوريا، لن تطرحه على التصويت قبل أن
تضمن توافر غالبية كافية لمصلحتها.
وقال جوبيه "لن نجازف بأن نطرح على التصويت مشروع قرار يدين النظام السوري
إلا إذا توصلنا إلى غالبية كافية. لدينا اليوم على الأرجح تسعة أصوات في
مجلس الأمن، يبقى علينا أن نقنع جنوب إفريقيا والهند والبرازيل ونعمل على
ذلك يوماً بعد يوم".
وأضاف الوزير الفرنسي "إذا تحركت الأمور من هذا الجانب، وإذا تمكنا من
تأمين أحد عشر صوتاً فعلى كل طرف أن يتحمل مسؤوليته. سنطرح مشروع القرار
هذا للتصويت وسنرى ما إذا كانت روسيا والصين ستستمران في (موقفهما لجهة
استخدام) الفيتو".
وكرر أنه بالنسبة إلى فرنسا فإن القمع في سوريا "يثير الاستياء ويستدعي الإدانة"، مضيفاً أن "الأمور تتدهور من يوم إلى آخر".
9 أصوات مضمونة من ناحيته،
قال مسؤول دبلوماسي فرنسي فضل عدم الكشف عن هويته أن تسعة أصوات من بينها
الغابون ونيجيريا مضمونة للتصويت على النص. وأضاف "لكن بدون الدول الناشئة
الكبرى مثل الهند المقربة جداً من روسيا وجنوب إفريقيا والبرازيل فإن خطر
استعمال فيتو روسي وصيني كبير جداً".
وأوضح أنه "مع تسعة أصوات فإن هاتين الدولتين ستستعملان حق النقض، ولكن مع
11 صوتاً فإن الأمور تكون مفتوحة للنقاش". وأشار إلى أن "تصويتاً من تسعة
أصوات إضافة إلى فيتو فهذا يعني عدم معاقبة الأسد".
واعتبر أخيراً أنه "مع 11 صوتاً سيكون الأمر أفضل لهذا النص الذي سيمثل تحذيراً قوياً للأسد وأركان نظامه".
وقال أيضاً إنه وبسبب عدم حصول توافق في الأمم المتحدة، فإن فرنسا بدأت
"العمل على تشديد جديد للعقوبات ضد سوريا". ويجري هذا العمل في إطار
الاتحاد الأوروبي الذي فرض عقوبات أولاً ضد بعض شخصيات النظام، ومن ثم ضد
الرئيس السوري نفسه.
حصيلة كارثية للأحداث من ناحيته،
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو خلال لقاء مع
الصحافيين إن فرنسا تعتبر أن "على كل طرف أن يختار الآن في مجلس الأمن. إما
أن ننظر إلى مكان آخر وأن نغمض أعيننا ولا نريد أن نرى ما يجري. أو أن
نتحمل مسؤولياتنا".
وأضاف أن "قوات الأمن السورية تواصل إطلاق النار على المدنيين العزل"
و"الأمم المتحدة تتحدث حالياً عن أكثر من 1200 قتيل وعن حالات كبيرة من
التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان. هناك آلاف اللاجئين الذين فروا حالياً من
سوريا".
وختم فاليرو بالقول "إنها حصيلة كارثية" وإن "فرنسا تود أن يتخذ مجلس الأمن
قراراً حول الوضع غير المقبول الذي يخيم على سوريا وحول هروب نظام دمشق
إلى الأمام".
إلى ذلك، وصل خبراء في الأمم المتحدة الثلاثاء إلى الحدود التركية مع سوريا
لجمع شهادات حول "العمليات الانتقامية" ضد السكان في سوريا، حيث يواصل
الجيش هجومه الدامي شمال البلاد على الرغم من إدانات الغرب.
دبابات في مدينة بوكمال وبعد ثلاثة
أشهر على اندلاع حركة الاحتجاج غير المسبوقة ضد نظام الأسد في 15
مارس/آذار، أرسل النظام السوري دباباته إلى مدينة بوكمال عند الحدود مع
العراق في شمال شرقي البلاد، بعدما شن عملية واسعة في شمال غربها.
وقال ناشط في مجال حقوق الإنسان الثلاثاء إن قوات عسكرية سورية تتوجه نحو
مدينة معرة النعمان الواقعة في محافظة إدلب (شمال غرب) على بعد 330 كلم
شمال دمشق. وأضاف أن "ستة مدنيين قضوا في أريحا".
وقال رامي عبدالرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان لوكالة "أ ف ب" إن
"قوات عسكرية تتجه نحو معرة النعمان. وتأتي من مدينتي حلب وحماه".
وكان ناشط آخر أعلن أن "القوات المسلحة تواصل عملياتها والتمشيط في القرى
المجاورة لجسر الشغور"، المدينة الواقعة على مقربة من معرة النعمان، حيث شن
الجيش هجوماً الأحد.
وينفذ الجيش عملية واسعة في شمال غربي سوريا منذ الجمعة، وسيطر الأحد على
جسر الشغور التي تعد 50 ألف نسمة لقمع التظاهرات غير المسبوقة ضد النظام.
وقال الناشط إن تظاهرات نظمت مساء الإثنين في دير الزور على بعد 430 كلم شرق دمشق.
اللاجئون في تركيا من جهة أخرى،
بلغ عدد السوريين الذين لجأوا إلى تركيا هرباً من القمع في بلادهم إلى 8538
شخصاً، إضافة إلى حوالى 5 آلاف في لبنان. وبعد أن يجتازوا الحدود التركية
ينقلون إلى مخيمات أقامها الهلال الأحمر.
لكن الآلاف يترددون في مغادرة البلاد ويتجمعون عند الحدود التي سيعبرونها في حال وصل الجيش، بينهم 300 شخص من عشيرة الطيب.
ورداً على سؤال وجهته وكالة "أ ف ب" بالقرب من قرية غوفتشي التركية، قالت
مسنة غاضبة "لا يوجد مياه ولا طعام، والأولاد يبكون طوال الوقت". وتابعت
بانفعال وهي تشير إلى أكواخ شيدت على عجل من الأغصان، وإلى الخيم المنصوبة
أن "الجميع هنا بلا سقف يقيهم المطر والبرد، أليس ذلك إثم؟".
وحيال رفض نظام الأسد السماح لفرق الإغاثة وناشطي حقوق الإنسان بالدخول،
وصل عدد من خبراء المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إلى
هاتاي لإجراء "تحقيق حول التجاوزات" في سوريا. ومن المقرر أن تجمع البعثة
شهادات من السوريين اللاجئين في تركيا.
شهادة مقدم منشق ومن تركيا،
أكد مقدم منشق عن الجيش السوري وجود خلافات في صفوف الجيش. وقال المقدم
حسين هرموش الذي لجأ منذ الخميس إلى حدود تركيا قرب بلدة غوفيتشي "كان
الجيش السوري يتقدم في جسر الشغور وكانت وحدات المشاة في الأمام والدبابات
في الخلف. حاولت حماية المدنيين".
وروى "كان معي مجموعات (من الجنود) المنشقين ولم يكن في حوزتنا سوى أسلحة
خفيفة وألغام"، وتابع "نصبنا أفخاخاً للجيش السوري لتأخير تقدمه والسماح
للمدنيين بالفرار ومغادرة المدينة"، مؤكداً أنه وضع ألغاماً على نقاط عبور
للقوات.
وهو يؤكد أنه فر من الجيش بسبب ما يشنه من "هجمات على مدنيين أبرياء لا
يحملون بأيديهم سوى أغصان زيتون"، مشدداً على أن المحتجين في جميع المدن
التي أرسل إليها لم يكونوا مسلحين على الإطلاق.
وقال إن "الجيش تلقى الأمر بمنع حصول التظاهرات بأي ثمن وكم أفواه الناس. أمرونا بإطلاق النار على الناس إذا تواصلت التظاهرات".
وأضاف "لم أقبل الأوامر. لكنني رأيت ما فعله بعض الجنود. رأيت الدبابات
تطلق النار على المدن، رأيت المدفعية تطلق النار والمروحيات تطلق النار
بالأسلحة الرشاشة".