طالبت الإدارة العامة للدفاع المدني بالعاصمة المقدسة بإغلاق الصعود إلى
الموقعين الأثريين غار حراء وجبل ثور، حتى يتم تأمين متطلبات السلامة في
الطرق المؤدية إلى قمة الجبلين، محذرة في السياق ذاته من جملة مخاطر قد
يتعرض لها الحاج أو المعتمر تحت مفهوم ما سمته «افتقار الموقعين للسلامة».
وكشف العميد جميل أربعين، مدير إدارة الدفاع المدني، عن أن «موضوع سلامة
الحجاج والمعتمرين خلال زيارتهم للأماكن التاريخية، خصوصا تلك التي يعتبر
الوصول إليها صعبا جدا مثل غار حراء وجبل ثور، هو من الأمور المطروحة حاليا
على طاولة عدد من الجهات المسؤولة وذات العلاقة؛ حيث أُعدت عنها تقارير،
متضمنة إحصاءات الحوادث والسقوط والوفيات التي وقعت، ورفعت من خلال لجنة
الدفاع المدني الفرعية في العاصمة المقدسة».
وأفاد العميد أربعين: «في الحقيقة لقد صعد الموضوع إلى أن صدر عليه أمر
من المقام السامي، وجه فيه أمر إلى هيئة تطوير مكة وأمانة العاصمة
المقدسة، بدراسة موضوع تأمين سبل السلامة الخاصة بالزائرين للموقعين
الأثريين، ونحن نتابع الموضوع مع الجهات المختصة، ونأمل أن يتم تأمين سبل
السلامة في أقرب وقت ممكن».
وأضاف أربعين أن الدفاع المدني يطالب بإغلاق الصعود إلى الموقعين
الأثريين: غار حراء، وجبل ثور، حتى يتم تأمين متطلبات السلامة في الطرق
المؤدية إلى قمتي الجبلين، فالطرق المؤدية إلى قمتي الجبلين تخلو من أي
طرق معبدة، بل إن الزائر عندما يهم بالصعود فإنه يتسلق صخورا قد تكون
خطرة، خصوصا إذا لم تكن ثابتة. وزاد: «الحاج أو المعتمر قد يتعرض للسقوط،
وهذا ما حدث كثيرا من خلال مباشرة فرق الدفاع المدني للكثير من حالات
السقوط التي تحدث في الجبلين، بالإضافة إلى ما يواجهه الصاعد إلى القمتين
بهجوم شرس من قبل القردة الجائعة، خلافا لعدم وجود وسائل أو محطات إسعاف
تقدم خدمات صحية أو إسعافية للصاعد، فضلا عن خلو الموقعين من مواقع توزع
المياه الباردة أو العصائر التي من شأنها أن تخفف من عناء الطالع إلى قمة
الجبل».
وتمنى مدير الدفاع المدني في العاصمة المقدسة أن يتم تثبيت تلك الصخور،
ويعبَّد طريق معين ويرصف بطريقة آمنة بحيث تتيح للزائر الصعود والنزول من
الجبل بكل يسر وسهولة، وتؤمن له أدوات السلامة، ويتم كذلك توفير محطات
صغيرة من شأنها تقديم خدمات غذائية من أكل وشرب تعين الصاعد على أداء مهمته
في صعود الجبل.
وكشف أربعين عن أن هناك دراسة صادرة من معهد خادم الحرمين الشريفين
لأبحاث الحج، أثبتت أن جبل النور من أكثر الجبال في العاصمة المقدسة جلبا
للصواعق؛ لذلك «نحن في أوقات الأمطار نحرص على منع الصعود إلى الجبل، وذلك
تخوفا على حياة الزائرين في تعرضهم للصواعق، أو للانزلاقات من قمة الجبل،
التي تكثر في تلك الفترة، فنحن نطالب بأن يتم تركيب موانع للصواعق، أو
أجهزة امتصاص للصواعق، حتى نطمئن على قاصدي الجبل أن يكونوا بأمان خلال
صعودهم للجبل».
وحول الوسائل المبتكرة التي قدمت مؤخرا في عملية الصعود، قال أربعين: «إن
الوسائل الحديثة خلاف الدرج، أو تعبيد الطرق، وذلك من خلال إنشاء محطات
تليفريك تصعد وتهبط من الجبل وإليه هي من الأمور الجيدة، وهي مطروحة من
أكثر من مستثمر، وهناك أيضا فكرة إنشاء المصاعد الجماعية، وهذه الأفكار
والمقترحات متروكة لجهات الاختصاص للبت فيها وإقرارها».
وقال وليد أبو سبعة، رئيس لجنة السياحة والفنادق في الغرفة التجارية
الصناعية في مكة المكرمة: إن تفعيل الأماكن الأثرية والتاريخية لا بد أن
يرتبط بالنظرية التعريفية عن هذه الأماكن، بحيث يتم تعريف الحاج أو المعتمر
بالنواحي التاريخية لهذه الأماكن المقدسة، وأنها ليست للتعبد والتقرب إلى
الله، فبالتالي لا بد من ربطها تاريخيا وليس للعبادة. وأضاف أبو سبعة أنه
في الماضي كانت أمور التعبد لدى الحاج أو المعتمر منتشرة، وذلك لغياب
التثقيف الديني لهم؛ حيث إن علماءنا كانوا متحفظين على فتح هذا الباب، ولكن
الآن وفي الوقت الراهن العلم تطور، وأصبح الإنسان ذا ثقافة عالية، فيكون
دور شركات الحج والعمرة في تثقيف الحاج أو المعتمر لدى قدومه إلى الأراضي
المقدسة إعلامه أن جميع تلك الأماكن المقدسة هي أمور تاريخية، لا بد من
معرفة تاريخها والأحداث التي صاحبتها في التاريخ الإسلامي الأول.
واقترح رئيس لجنة السياحة في غرفة مكة أن تكون هناك مقار تابعة للهيئة
العامة للآثار والسياحة، تتمركز في المناطق التاريخية في مكة المكرمة أو
المدينة المنورة، بحيث إنه عندما تقوم شركات العمرة والحج بتنظيم مسيرات
ورحلات إلى تلك المناطق يجد الحاج أو المعتمر مركزا إرشاديا يتلقى منه جميع
المعلومات التاريخية المتعلقة بهذا المكان، وبالتالي تنجح هذه الفكرة في
قتل البدع والخرافات التي تصاحب المعتمرين والحجاج عند قدومهم إلى الأماكن
المقدسة بهدف التعبد والتقرب إلى الله، وهذا أمر مخالف شرعا.
وأشار أبو سبعة إلى أن ثقافة الحاج أو المعتمر في هذه الآونة تقتصر على
تأجيره لمركبة أو حافلة تقله هو وبني جلدته إلى مكان مقدس كجبل ثور، أو غار
حراء، باتفاق مع السائق، ومن بعدها يتركهم السائق، ويبقون بلا ثقافة، بل
على العكس يقومون بأمور مخالفة للدين، بل الأكثر من ذلك فقد انتشرت في هذه
الفترة أن السائق الذي يتم الاتفاق معه على نقلهم إلى مكان مقدس أو
تاريخي، يقوم بإيصالهم إلى أماكن مختلفة ويفيدهم بأن هذا المكان هو
مقصدهم، ويأخذ منهم مبالغ طائلة، ويظل هؤلاء الحجاج والمعتمرون مخدوعين في
أمرهم، وقد استدرك البعض منهم وأصبحوا يستعينون بمرشد سياحي من بني
جلدتهم، وهذا الأمر كان لا بد أن نفعله نحن، ممثلين للهيئة العامة للسياحة
والآثار.
وأبان أبو سبعة أن مكة المكرمة والمدينة المنورة تحويان الكثير من
الأماكن التاريخية، التي تعتبر مهمة جدا في تعريف تاريخ المسلمين، وكيف
نشأ الإسلام، بل إن مكان مولد النبي، صلى الله عليه وسلم، المختلف فيه لا
بد أن يتم التعريف به، فالحاج أو المعتمر عندما يأتي إلى مكة المكرمة أو
المدينة المنورة للحج أو العمرة أو لزيارة قبر الرسول يريد كذلك أن يتعرف
على التاريخ الإسلامي المتمثل في مواقع الغزوات الإسلامية كغزوتي بدر
وأحد، أو المكان الذي تعبد فيه الرسول في غار حراء وجبل ثور.