السلام عليكم ورحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تحتفل الأمة الإسلامية من أدناها إلى أقصاها بذكرى غالية على الجميع
ألا وهي
ذكرى الهجرة النبوية الشريفة
هذه المسيرة التي غيرت وجه التاريخ ومساره
وهنا يتساءل المرء ما سبب هذه الهجرة؟
قد يتسرع أحد ما فيقول:
إن قريشاً طردت المسلمين فخرجوا منها يهرعون
لكن هدف قريش لم يكن الطرد إنما كان الحبس وكتم أنفاس الدعوة في مكة
قال تعالى:
(وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك) الأنفال
إذن فما هو السبب الرئيسي للهجرة الشريفة؟
والجواب: أنه يوجد عدة أسباب .ومنها:
أولاً:
اضطهاد الكفار للمؤمنين:
كما حصل لآل ياسر وكما حصل في قصة سيدنا خباب بن الأرت كانوا يحرقون
جسمه بالحجارة المحماة حتى بلي جلده حتى شكوا لنبيهم صلى الله عليه وسلم
روى البخاري عن خباب بن الأرت: قالوا
شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا له ألا تستنصر لنا ؟
ألا تدعو لنا فقال:
(قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين
ويمشط بأمشاط الحديد لحمه وعظمه فما يصرفه ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى
حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون)
[وهذه بشارة نبوية للمتشائمين من أبناء هذه الأمة]
ثانياً: إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم شخصياً ليس أولها وضع سلا جمل على
رأسه وهو ساجد
(وسلا الجزور أمعاء الجمل التي تلقى بعد ذبحه وهي مليئة بالنجاسة)
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند البيت
وأبو جهل وأصحاب له جلوس وقد نحرت جزور بالأمس.
فقال أبو جهل:
أيكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان فيأخذه، فيضعه في كتفي محمد إذا سجد؟
فانبعث أشقى القوم فأخذه فلما سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه.
قال:
فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض.
وأنا قائم أنظر لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم. والنبي صلى الله عليه وسلم ساجد ما يرفع رأسه.
حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة فجاءت وهي جويرية فطرحته عنه.
ثم أقبلت عليهم
تشتمهم. فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم.
وكان إذا دعا، دعا ثلاثا. وإذا سأل، سأل ثلاثا. ثم قال
(اللهم! عليك بقريش) ثلاث مرات.
فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك. وخافوا دعوته.
ثم قال (اللهم عليك
بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عقبة، وأمية بن
خلف، وعقبة بن أبي معيط) (وذكر السابع ولم أحفظه) فوالذي بعث محمداً صلى
الله عليه وسلم بالحق لقد رأيت الذين سمى صرعى يوم بدر. ثم سحبوا إلى
القليب قليب بدر. رواه مسلم
وليس أخرها التآمر ليلة الهجرة لحبسه أو قتله في اجتماعهم في دار الندوة.
الســبــــب الرئـيــــســـــــــي للهجرة
مكة بتاريخها العريق وبقداستها العظيمة لم تعد أرضاً صالحة للدعوة الإسلامية
من خلال تجارب النبي صلى الله عليه وسلم الكثيرة معهم
أعلمه الله بوحيه أنه لن يؤمن من هؤلاء من قد آمن
فعليه أن يبحث عن تربة صالحة لزرع بذور الدعوة المقدسة فكان اختيار الله
للمدينة المنورة نقطة التحول الرئيسية في تاريخ الدعوة.
لذلك نقول:
إن الناس من يصنعون قداسة بلادهم كما هو حال المدينة المنورة مع أهلها
الأنصار كانت مدينة ككل المدن لا أحد يقيم لها أي اعتبار زائد عما سواها من
المدن فإذا هي الآن مهوى أفئدة الملايين
باستجابتهم للدعوة الإسلامية أصبحوا مركز الدعوة
وعاصمة الدولة لسنوات طويلة بينما لم تحظَ مكة على عراقة تاريخها بجزء بسيط من ذلك
وبالتالي فالمقدسات لا تعطي ميزة لمن عليها وإلا لقدست القدس اليهود المحتلين
ولكن الأرض المقدسة هي من يقدسها أهلها والمسؤولون عنها
ومكة
والمدينة
والقدس
قدست بتقديس الأنبياء الذين مروا على أرضها
فهؤلاء هم من قدسوا وليست هي التي قدستهم.
_________________