الربا حكمه و أنواعه
كتبه الشيخ سليم أبو إسلام الجزائري
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
حكم الربا:
الربا حرام بالإجماع و هو كبيرة من الكبائر
أدلة تحريم الربا من القرآن
قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ سورة آل عمران(130)، وقال أيضا: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} سورة البقرة (275)، و قوله أيضا{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} (278/279) سورة البقرة. وقال تعالى:{الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظةً من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}البقرة27
أدلة تحريم الربا من السنة
قوله صلى الله عليه وسلم : لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه رواه مسلم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وتحريم الربا أشد من تحريم الميسر ، وهو القمار ، لأن المرابي قد أخذ فضلا محققا من محتاج ، والمقامر قد يحصل له فضل وقد لا يحصل له فضل ؛ فالربا ظلم محقق ، لأن فيه تسليط الغني على الفقير ؛ بخلاف القمار فإنه قد يأخذ فيه الفقير من الغني ، وقد يكون المتقامران متساويين في الغنى والفقر ؛ فهو وإن كان أكلا للمال بالباطل ، وهو محرم ؛ فليس فيه من ظلم المحتاج وضرره ما في الربا ، ومعلوم أن ظلم المحتاج أعظم من ظلم غير المحتاج " انتهى .
تعريف الربا
لغة: ربا الشيء يربو ربواً ورباءً: زاد ونما، أو الزيادة
اصطلاحا
زيادة في أشياء مخصوصة
أنواع الربا
1*ربا النسيئة
ربا النسيئة من النساء بالمد وهو التأخير
ويعرف بالزيادة المشروطة التي يأخذها الدائن من المدين نظير التأجيل.
و يقال هو تأخير القبض في بيع الربوي بالربوي، سواء كان من جنسه أو من غير جنسه إذا اتفقا في العلة
وهو نوعان
أ)قلب الدين على المعسر إذا حل الدين على الغريم،و هذا هو أصل الربا والمعسر لا يجوز قلب الدين عليه
قال تعالى: { وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} البقرة من الآية: 280 و معناه أنه يجب إنظاره
ب) قال الشيخ الفوزان حفذه الله تعالى
ما كان في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل مع تأخير قبضهما أو قبض أحدهما ؛ كبيع الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، وكذا بيع جنس بجنس من هذه المذكورات مؤجلا ، وما شارك هذه الأشياء في العلة يجري مجراها
2*ربا الفضل
وهو الزيادة
ويسمى ربا الفضل لفضل أحد العوضين على الآخر
وقد نص الشارع على تحريمه في ستة أعيان هي : الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح ، و يحرم التفاضل فيها مع اتحاد الجنس .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والعلة في تحريم ربا الفضل الكيل أو الوزن مع الطعم ، " انتهى .
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب، تبرها وعينها، والفضة بالفضة، تبرها وعينها، والبر بالبر مدى بمدى، والشعير بالشعير مدى بمدى، والتمر بالتمر مدى بمدى، والملح بالملح مدى بمدى، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، ولا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يداً بيد، وأما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يداً بيد، وأما نسيئة فلا رواه أبو داود والنسائي والطحاوي والبيهقي وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود
إذا بيعَت عينٌ بجنسها من بُـرٍّ بمثله، وشعير بشعير و التمر بالتمر و الملح بالملح ، وجبتِ المساواة و التقابض في المجلس الواحد و إذا بِيعَ نَقْـدٌ بِجِنسه كمن يبيع الذهب بالذهب، أو الفضّة بالفضّةٍ أو من الأوراق النقدية فإذا بيع نقد بجنسه وجب التساوي في المقدار والتقابض في المجلس الواحد فإن حصل التفاضُلُ ولم تتحقّق المساواة فهو ربا الفضل
وإن بيع نقد بنقد من غير جنسه ؛ كالدينار الجزائري بالدولار الأمريكي أو الدرهم المغربي باليورو وجب حين إذن الحلول والتقابض في المجلس الواحد ، وجاز التفاضل في المقدار ،
قال الشيخ الفوزان حفظه الله تعالى
ثم لنعلم أنه لا يجوز بيع مكيل بجنسه إلا كيلا ولا موزون بجنسه إلا وزنا ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : الذهب بالذهب وزنا بوزن ، والفضة بالفضة وزنا بوزن ، والبر بالبر كيلا بكيل ، والشعير بالشعير كيلا بكيل ولأن ما خولف فيه معياره الشرعي لا يتحقق فيه التساوي ، فلا يجوز بيع مكيل بجنسه جزافا ، ولا بيع موزون بجنسه جزافا ؛ لعدم العلم بالتساوي ، والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل .
ثم إن الصرف هو بيع نقد بنقد سواء اتحد الجنس أو اختلف ، وسواء كان النقد من الذهب أو الفضة أو من الأوراق النقدية المتعامل بها في هذا الزمان ؛ فإنها تأخذ حكم الذهب والفضة ؛ لاشتراكهما معها في علة الربا ، وهي الثمنية : - فإذا بيع نقد بجنسه ؛ كذهب بذهب ، أو فضة بفضة ، أو ورق نقدي بجنسه ؛ كدولار بمثله ، أو دراهم ورقية سعودية بمثلها ؛ وجب حينئذ التساوي في المقدار والتقابض في المجلس .
وإن بيع نقد بنقد من غير جنسه ؛ كدراهم سعودية ورقية بدولارات أمريكية مثلا ، وكذهب بفضة ؛ وجب حينئذ شيء واحد ، وهو الحلول والتقابض في المجلس ، وجاز التفاضل في المقدار ، وكذا إذا بيع حلي من الذهب بدراهم فضة أو بورق نقدي ؛ وجب الحلول والتقابض في المجلس ، وكذا إذا بيع حلي من الفضة بذهب مثلا .
أما إذا بيع الحلي من الذهب أو الفضة بحلي أو نقد من جنسه ؛ كأن يباع الحلي من الذهب بذهب ، والحلي من الفضة بفضة ؛ وجب الأمران : التساوي في الوزن ، والحلول والتقابض في المجلس . .انتهى
ويدل على ذلك أيضاً ما ثبت في الحديث عن أبي سعيد رضي الله عنه قال جاء بلال بتمر برني تمر جيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أين هذا؟ فقال بلال: تمرٌ كان عندنا رديء، فبعت منه صاعين بصاع لمطعم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: أوه، عيـن الـربا لا تـفـعـل، لكن إذا أردت أن تـشـتـري التمر فبعه ببيعٍ آخر ثم اشتر به رواه مسلم.
و صلى الله على نبينا محمد و على أله وسلم