من وحى القلم ( قصة الأيدى المتوضئة )

قال راوى الخبر : ذهبت إلى المسجد لصلاة الجمعة , والمسجد

يجمع الناس بقلوبهم ليخرج كل إنسان من دنيا ذاته , فلا يفكر أحد

أنه أسمى من أحد , ولقد يكون إلى جانبك الصانع أو الأجير أو

الفقير أو الجاهل , وأنت الرئيس أو العظيم أو الغنى أو العالم ,

فتنظر إليه وإلى نفسك فتحسُّ كأن خواطرك متوضئة متطهرة ,

وترى كلمة الكبرياء قد فقدت روحها , وكلمة التواضع قد وجدت

روحها , وتشعر بالنفس المجتمعة قد نصبت الحرب للنفس المنفردة

؛ ولو خطر لك شىء بخلاف ذلك رأيت الفقير إلى جانبك توبيخا لك

, ونظرت إليه ساكتا وهو يتكلم فى قلبك , وشعرت بالله من فوقكما

, واستعلَنَتْ لك روح المسجد كأنها تَهُمُّ بطردك منه , وخُيِّل إليك أن

الأرض ستلطم وجهك إذا سجدت عليها , وأيقنتَ من ذاتِ نفسك أن

لستَ هناك فى دنياك وليس صاحبُك فى دنياه , وإنما أنتما هناك فى

إنسانية ميزانُها بيد الله وحده ؛ فلا تدرى أيكما الذى يَخِفُّ وأيكما

يثقُل .

قال : والعجيب أن هذا الذى لا يجهلُه أحد من أهل الدين , يعرفُه

بعضُ علماء الدين على وجه آخر , فتراه فالمسجد مختالاً , قد تحلَّى

بحلْيته , وتَكلَّف لزَهْوِه , فلبس الجبةَ تَسَعُ اثنين , وتَطاوَلَ كأنه

المِئذَنة , وتَصَدَّر كأنه القِبْلة , وانتفخ كأنه ممتلىء بالفُروق بينه

وبين الناس ؛ وهو بعد كل هذا لو كشفَ الله تمويهَهُ لانكشف عن

تاجرِ علم ٍ بعضُ شروطِه على الفضيلة على الفضيلة أن يأكل بها ,

فلا يجد دنيا ذاتِه إلا فى المسجد , فهو نوعٌ من كَذبِ العَالِم الدينىِّ

على دينه .


قال الراوى : وصَعِدَ الخطيبُ المنبرَ وفى يده سيفُه الخشبىُّ يتوكأ

عليه ؛ فلما استقر فى الذُّروة حتى خُيل إلىَّ أن الرجلَ قد دخل فى

سرِ هذه الخشبة .

فهذه ثلاثٌ لا بد منها معاً , ولا تُجْزِىء واحدةٌ عن واحدة فى ثواب

البنت :


تربيةُ عقلها تربيةَ إحسان


تربيةُ جسمها تربيةَ إحسان وإلطاف

تربيةُ روحها تربيةَ إكرام وإلطاف وإحسان

قال الشيخ :

والله أرحمُ أن تضيع عنده الرحمة ؛

والله أكرمُ أن يضيعِ الإحسان عنده ,

والله أكبر .....

وهنا صاح المؤذِّن : الله أكبر الله أكبر .

فتبسم الشيخ وقام إلى الصلاة .

بارك الله فيك حمدى

على الموضوع القيم

جزاك الله خيرا اخى الفاضل

كلام تفهمه الروح وعبارات خطها القلم فهل من مدرك لهذا اعمق الروحي أتمنى من الجميع ذالك وجزاكم الله خيرا