......
مكاشفه القلوب للغزالى
الخوف من الله
قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " إذا اقشعر جسد العبد من خشية الله تعالى تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة ورقها .
حكى : أن رجلاً تعلق قلبه بامرأة ، فخرجت تلك المرأة إلى حاجة لها فذهب الرجل معها ، فلما خلا بها فى البادية ، ونام الناس أفشى الرجل سره إليها فقالت له المرأة : انظر أنام الناس بأجمعهم ؟ ففرح الرجل بقولها وظن أنها قد أجابته ، فقام وطاف حول القافلة ، فإذا الناس نيام ، فرجع إليها ، وقال لها : نعم هم نيام . فقالت : ما تقول فى الله تعالى : أنائم فى هذه الساعة ؟ فقال الرجل : إن الله تعالى لا ينام ولا تأخذه سنة ولا نوم . فقالت المرأة : إن الذى لم ينم ولا ينام يرانا وإن كان الناس لا يروننا ، فذلك أولى أن يخاف منه . فتركها الرجل خوفاً من الخالق ، وتاب ورجع إلى وطنه . فلما توفى رأوه فى المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لى بخوفى وتركى ذلك الذنب . ( ص 10 )
وروي عن النبي " صلى الله عليه وسلم " أنه قال : ( يقول الله تعالي : لا أجمع علي عبدي خوفين ولا أمنين ، من خافني في الدنيا أمنته في الآخرة ومن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة ) .
وقال " صلى الله عليه وسلم " ( لا يلج النار من بكي من خشية الله تعالي حتى يعود اللبن في الضرع ) .
وفي ( رقائق الأخبار ) يؤتي بعبد يوم القيامة فترجح سيئاته ، فيؤمر به إلي النار ، فتتكلم شعرة من شعرات عينيه وتقول : يا رب رسولك محمد " صلى الله عليه وسلم " قال : ( من بكي من خشية الله حرم الله تلك العين علي النار ) وإني بكيت من خشيتك ، فيغفر الله له ، ويستخلصه من النار ببركة شعرة واحدة كانت تبكي من خشية الله في الدنيا ، وينادي جبريل عليه السلام : نجا فلان ابن فلان بشعرة واحدة .
وفي ( بداية الهداية ) : إذا كان يوم القيامة جئ بجهنم تزفر زفرة فتجثو كل أمة علي ركبها من هولها كما قال الله تعالي : ( وترى كل أمة جاثية ) ( الجاثية آية 28 ) أي : علي الركب ( كل أمة تدعي إلي كتابها ) ( الجاثية آية 28 ) فإذا أتوا النار سمعوا لها تغيظاً وزفيراً تسمع زفرتها من مسيرة خمسمائة عام ، وكل واحد حتى الأنبياء يقول : نفسي نفسي إلا صفي الأنبياء " صلى الله عليه وسلم " فإنه يقول : ( أمتي أمتي ) .
وتخرج من الجحيم نار مثل الجبال فتجتهد أمة محمد " صلى الله عليه وسلم " في دفعها ، وتقول : يا نار بحق المصلين وبحق المصدقين وبحق الخاشعين ، وبحق الصائمين أن ترجعي ، فلا ترجع ) .
( ص 11 )
وينادي جبريل عليه السلام : إن النار قد قصدت أمة محمد " صلى الله عليه وسلم " ، ثم يأتي بقدح من ماء فيناوله رسول الله " صلى الله عليه وسلم " ويقول : يا رسول الله خذ هذا فرشه عليها ، فيرشه عليها فتطفأ في الحال ، فيقول " صلى الله عليه وسلم " : ( ما هذا الماء ؟ ) فيقول جبريل عليه السلام : هذا ماء دموع عصاة أمتك الذين بكوا من خشية الله تعالي فالآن أمرت أن أعطيكه لترشه علي النار ، فتطفأ النار بإذن الله تعالي . وكان " صلى الله عليه وسلم " يقول : ( اللهم ارزقني عينين تبكيان من خشيتك قبل أن لا يكون الدمع ) . ( ص 12 )
_________________
اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا