أبوجهاد عضو ذهبى
العمر : 47 الدولة : مصر الحبيبة عدد المساهمات : 1133 نقاط : 2247 تاريخ الميلاد : 20/01/1963 تاريخ التسجيل : 24/01/2010 العمر : 61 العمل/الترفيه : طالب علم تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين
| موضوع: جلاء العينين في مسألة الإشارة بين السجدتين الأربعاء أغسطس 25, 2010 9:22 pm | |
| الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينا ونصب لنا للدلالة على صحته برهانا مبينا وأوضح السبيل إلى معرفته واعتقاده حقا يقينا ووعد من قام بأحكامه وحفظ حدوده أجرا جسيما وذخر لمن وافاه به ثوابا جزيلا وفوزا عظيما وفرض علينا الانقياد له والتمسك بدعائمه وأركانه والاعتصام بعراه وأسبابه فهو دينه الذي ارتضاه لنفسه ولأنبيائه ورسله وملائكته قدسه فبه اهتدى المهتدون وإليه دعا الأنبياء والمرسلون أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون فلا يقبل من أحد دينا سواه من الأولين والآخرين ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين ورفع درجتهم في علين أما بعد!
فاعلم أن الإشارة بين السجدتين سنة ثابتة لكن يعتري عليها أوهام الناس و إشكالات العلماء وشبهات المحققين فالآن أبين لكم كيف الذب عن هذه السنة من حيث يبطل حجج المانعين.
حديث الإشارة بين السجدتين
روي الإمام أحمد في مسنده فقال: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت النبي r كبر فرفع يديه حين كبر يعني استفتح الصلاة ورفع يديه حين كبر ورفع يديه حين ركع ورفع يديه حين قال سمع الله لمن حمده وسجد فوضع يديه حذو أذنيه ثم جلس فافترش رجله اليسرى ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى وقبض سائر أصابعه ثم سجد فكانت يداه حذاء أذنيه.[مسند أحمد 4/317 (183798)]
شبهة تدليس الثوري
فقال بعضهم: رواه سفيان الثوري عن عاصم بن كليب معنعنا وهو مدلس فهذا الحديث لا يصلح للاحتجاج.
إيهام بأنه ابن عيينة وليس بالثوري
فأجاب البعض : بأن هذا السفيان ليس بالثوري بل هو ابن عيينة لأنه رواه الحميدي في مسنده فقال : ثنا سفيان قال ثنا عاصم بن كليب الجرمي قال سمعت أبي يقول سمعت وائل بن حجر الحضرمي قال رأيت رسول الله e ........ الحديث.[مسند الحميدي 2/392 (885)]
وأخرجه أيضا الشافعي في مسنده وقال : أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب قال سمعت أبي يقول حدثني وائل بن حجر قال رأيت رسول الله e ...... الحديث. [مسند الشافعي 1/176]
والثوري ليس من شيوخ الحميدي و الشافعي بل سفيان الذي أخذ عنه الحميدي وكل من كان في الطبقة العاشرة هو ابن عيينة و أما عبد الرزاق ومعاصروه من الطبقة التاسعة رووا عن الثوري وابن عيينة كما في التهذيب وغيره [تهذيب الكمال 18/53] وأما الشافعي فإن كان من التاسعة لم يرو عن الثوري إنما روى عن ابن عيينة فقط .
وأخرجه أيضا البيهقي فقال في آخره : وكذلك رواه الحميدي وغيره عن ابن عيينة [سنن الكبرى للبيهقي 2/24]
وهكذا يتبين أن سفيان هذا ليس بالثوري بل هو ابن عيينة.
الرد على ذلك
قلت : هذا قول باطل جدا لأن عبد الرزاق وروى عن السفيانين كما في تهذيب الكمال و طبقات الحفاظ وغيره. [طبقات الحفاظ 1/158(337) , تهذيب الكمال 18/56]
لكن عبد الرزاق ومعاصروه من الطبقة التاسعة والذين فوقهم من الطبقة الثامنة و السابعة - الذين أدركوا الثوري ورووا عنه - إذا رووا عن سفيان وأطلقوا ولم ينسبوا فالمراد منه الثوري لا ابن عيينة.
قال الذهبي : فأصحاب سفيان الثوري كبار قدماء وأصحاب ابن عيينة صغار لم يدركوا الثوري وذلك أبين فمتى رأيت القديم قد روى فقال حدثنا سفيان وأبهم فهو الثوري وهم كوكيع وابن مهدي والفريابي وأبي نعيم فإن روى واحد منهم عن ابن عيينة بينه فأما الذي لم يلحق الثوري وأدرك ابن عيينة فلا يحتاج أن ينسب لعدم الإلباس فعليك بمعرفة طبقات الناس.[سير أعلام النبلاء 7/466]
ويتضح من كلام الذهبي أن سفيان الذي روى عنه عبد الرزاق وأبو نعيم فضل بن دكين و محمد بن يوسف الفريابي مبهما هو الثوري وإن رووا عن ابن عيينة بينوا و نسبوا
ومن العجب أن عبد الرزاق أخرجه في مصنفه ما لفظه : عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رمقت النبي صلى الله عليه وسلم ..... الحديث. [مصنف عبد الرزاق 2/68 (2522)]
وهذا ابن حنبل يرويه عن عبد الرزاق و عبد الرزاق يقول عن الثوري وهؤلاء يقولون: لا, لا, ليس الثوري بل ابن عيينة فالعجب كل العجب..............!!!!
فالحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه هو عن أبي عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي , قال عنه ابن حجر : ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة ، و كان ربما دلس وهو يروي هذا الحديث معنعنا وعنعنة المدلس ليس بحجة .
تصريح الثوري بالسماع
فأجبت عنه : صرح الثوري بالسماع لهذا الحديث عن عاصم بن كليب وهو أيضا في المسند ما لفظه : حدثنا يحيى بن آدم وأبو نعيم قالا ثنا سفيان حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد جعل يديه حذاء أذنيه. [مسند أحمد 4/318 (18388)]
وفي هذا السند صرح الثوري بالتحديث فرفعت مظنة التدليس . فالحديث صحيح صالح للاحتجاج . -كما لا يخفى على من كان له أدنى خبرة بعلم أصول الحديث والتخريج ودراسة الأسانيد ومعرفة الرجال- لأن الوهم على المدلس إذا عنعن أ سمع هذا الحديث من شيخه أم لا فإذا قال حدثنا أو أخبرنا أو سمعت وساق الحديث بتمامه أو ببعضه فيرفع الوهم عن جميع طرقه . والله تعالى أعلم .
شبهة الشذوذ
شبهة ثانية : زعم بعض الناس أن عبد الرزاق خالف فيه الفريابي بأن الفريابي لم يذكر كلمة ’’ ثم سجد ‘‘عن الثوري وذكره عبد الرزاق عن الثوري , وكان الفريابي ملازما للثوري من عبد الرزاق؛
ومنهم الألباني فإنه قال في الصحيحة : قد روى عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم بن كليب بإسناده المتقدم عن وائل .. فذكر الحديث و الافتراش في جلوسه قال : " ثم أشار بسبابته و وضع الإبهام على الوسطى حلق بها و قبض سائر أصابعه , ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه " . فهذا بظاهره يدل على أن الإشارة كانت في الجلوس بين السجدتين , لقوله بعد أن حكى الإشارة : " ثم سجد" . فأقول : نعم قد روى ذلك عبد الرزاق في " مصنفه ", و رواه عنه الإمام أحمد ( 4 / 317 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " و زعم الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تعليقه عليه : " أنه أخرجه الأربعة إلا الترمذي و البيهقي مفرقا في أبواب شتى " . و هو زعم باطل يدل على غفلته عن موجب التحقيق فإن أحدا منهم ليس عنده قوله بعد الإشارة : " ثم سجد " , بل هذا مما تفرد به عبد الرزاق عن الثوري , و خالف به محمد بن يوسف الفريابي و كان ملازما للثوري , فلم يذكر السجود المذكور . رواه عنه الطبراني. و قد تابعه عبد الله بن الوليد حدثني سفيان به . أخرجه أحمد ( 4 / 318 ) . و ابن الوليد صدوق ربما أخطأ , فروايته بمتابعة الفريابي له أرجح من رواية عبد الرزاق , و لاسيما و قد ذكروا في ترجمته أن له أحاديث استنكرت عليه , أحدها من روايته عن الثوري , فانظر " تهذيب ابن حجر "و" ميزان الذهبي ", فهذه الزيادة من أوهامه.[السلسلة الصحيحة 5 / 309]
وقال - رحمه الله – في تمام المنة : « اعلم أن هذا الحديث يرويه عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل، ويرويه عن عاصم جمع من الثقات، وقد اتفقوا جميعًا على ذكر رفع السبابة فيه، لكنهم انقسموا إلى ثلاث فئات من حيث تعيين مكان الرفع:
الأولى: أطلق ولم يحدد المكان، منهم زائدة بن قدامة، وبشر بن المفضل، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وإن كان ظاهر سياقهم يدل على أنه في التشهد.
الثانية: صرحوا بأنه في جلسة التشهد، منهم ابن عيينة في رواية للنسائي، وشعبة عند ابن خزيمة في «صححيه» وأحمد، وأبو الأحوص عند الطحاوي والطبراني في «المعجم الكبير»، وخالد عند الطحاوي، وزهير بن معاوية وموسى بن أبي كثير وأبو عوانة ثلاثتهم عند الطبراني. وخالف هؤلاء جميعًا عبد الرزاق في روايته عن الثوري، فقال في « المصنف» وعنه أحمد والطبراني في «المعجم الكبير»: عن الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: ( رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - فرفع يديه في الصلاة حين كبر... [وسجد فوضع يديه حذو أذنيه]، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، وذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، ثم أشار بسبابته... ثم سجد، فكانت يداه حذو أذنيه»، قلت: والسياق للمصنف، والزيادة لأحمد.
فذكره السجدة الثانية بعد الإشارة بالسبابة خطأ واضح، لمخالفته لرواية كل من سبق ذكره من الثقات، فإنهم جميعًا لم يذكروا السجدة بعد الإشارة، وبعضهم ذكرها قبلها، وهو الصواب يقينًا، وإنما لم يذكروا معها السجدة الثانية اختصارًا، وقد ذكرها زهير بن معاوية فقال: (... ثم سجد فوضع يديه حذاء أذنيه، ثم سجد فوضع يديه حذاء أذنيه، ثم قعد فافترش رجله اليسرى... ثم رأيته يقول هكذا، ورفع زهير أصبعه المسبحة» رواه الطبراني...
وقد يقول قائل: لقد ظهر بهذا التحقيق خطأ ذكر التحريك بين السجدتين ظهورًا لا يدع ريبًا لمرتاب، ولكن ممن الخطأ؟ أمن الثوري الذي خالف جميع الثقات، أم من عبد الرزاق الذي أخطأ هو عليه؟
فأقول: الذي أراه - والله أعلم - أن الثوري بريء من هذا الخطأ، وأن العهدة فيه على عبد الرزاق، وذلك لسببين:
الأول: أن عبد الرزاق وإن كان ثقةً حافظًا، فقد تكلم فيه بعضهم، ولعل ذلك لما رأوا له من الأوهام، وقد قال الحافظ في آخر ترجمته من «التهذيب»: ( ومما أنكر على عبد الرزاق روايته عن الثوري عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى على عمر ثوبًا، فقال: أجديد هذا أم غسيل؟ الحديث... قال الطبراني في «الدعاء»: رواه ثلاثة من الحفاظ عن عبد الرزاق، وهو مما وهم فيه عن الثوري )، قلت: وممن أنكر هذا على عبد الرزاق يحيى بن معين كما رواه ابن عدي في «الكامل»، فليكن حديث وائل من هذا القبيل. ويؤيده السبب التالي:
والآخر: أنه خالفه عبد الله بن الوليد عند أحمد ومحمد بن يوسف الفريابي، فروياه عن الثوري - سماعًا منه - به، دون ذكر السجدة بعد الإشارة، فاتفاق هذين الثقتين على مخالفة عبد الرزاق مما يرجح أن الخطأ منه، وليس من الثوري، ولاسيما و الفريابي كان من تلامذة الثوري الملازمين له، فهو أحفظ لحديثه من عبد الرزاق، وبخاصة ومعه عبد الله بن الوليد، وهو صدوق» ا.هـ [تمام المنة (ص214-216)]
الرد على ذلك
فأجبت : أولا ننظر ما هو الحديث الشاذ عند المحدثين , ثانيا هل يطابق عليه تعريف الشاذ فإن وافقت فقولنا سمعنا وأطعنا وإلا فالحديث صحيح صالح للعمل والاحتجاج , وثالثا حكم زيادة الثقة.
أولاً : الحديث الشاذ :
قال النووي في التقريب : الشاذ هو عند الشافعي وجماعة من علماء الحجاز : ما روى الثقة مخالفا لرواية الناس لا أن يروي ما لا يروي غيره ، قال الخليلي : والذي عليه حفاظ الحديث ،أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة ، أو غيره ، فما كان عن غير ثقة فمتروك ، وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به ، وقال الحاكم : هو ما انفرد به ثقة وليس له أصل بمتابع . وما ذكراه مشكل بأفراد العدل الضابط كحديث « إنما الأعمال بالنيات » والنهي عن بيع الولاء وغير ذلك مما في الصحيح ،
فالصحيح التفصيل : فان كان بتفرده مخالفا أحفظ منه وأضبط ، كان شاذا مردودا وإن لم يخالف الراوي ، فإن كان عدلا حافظا موثوقا بضبطه كان تفرده صحيحا ، وإن لم يوثق بضبطه ولم يبعد عن درجة الضابط كان حسنا ، وإن بعد كان شاذا منكرا مردودا ، والحاصل أن الشاذ المردود : هو الفرد المخالف والفرد الذي ليس في رواته من الثقة والضبط ما يجبر به تفرده . انتهى .
فالشاذ : هو ما رواه الثقة مخالفا لما رواه الثقات أو أوثق منه . وهو المردود لا يصلح للاحتجاج به.
ثانياً : إطلاق تعريف الشاذ على هذا الحديث : اعلم أن الفرق بين رواية الفريابي وعبد الرزاق بأن الفريابي إما ذكر أمر التشهد ولم يذكر أمر الجلوس بين السجدتين وإما ذكر أمر الجلوس بين السجدتين وأبهم ما لفظه : ثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى وإذا جلس افترش رجله اليسرى ووضع ذراعيه على فخذيه وأشار بالسبابة . [المعجم الكبير للطبراني 22/33 (78)]
و أما عبد الرزاق فذكر أمر الجلوس بين السجدتين وأوضح ما لفظه : أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر يعني استفتح الصلاة ورفع يديه حين كبر ورفع يديه حين ركع ورفع يديه حين قال سمع الله لمن حمده وسجد فوضع يديه حذو أذنيه ثم جلس فافترش رجله اليسرى ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى وقبض سائر أصابعه ثم سجد فكانت يداه حذاء أذنيه. [مسند أحمد 4/317 (18379) , مصنف عبد الرزاق 2/68 (2522)]
وفي كلا الأمرين لا يخالف عبد الرزاق الثوري ولا الثوري عبد الرزاق إما ذكر الفريابي أمرا وعبد الرزاق أمرا أخر وإما ذكرا أمرا واحدا فنقص الفريابي و أتم عبد الرزاق .
وقال شيخنا الحافظ عبد المنان النور فوري حفظه الله تعالى : ما خالف عبد الرزاق أحدا لأنه روى كلمة ثم سجد ولم يروها آخرون فلا شذوذ وإنما كان الشذوذ لو كان عاصما روى ثم سجد وروى الآخرون كلمة ثم لم يسجد أو ما يفيد مفادها مما يخالف وينافي " ثم سجد ". انتهى.
قال المزي: قال أبو بكر بن أبى خيثمة : سمعت يحيى بن معين و سئل عن أصحاب الثوري ، فقال : أما عبد الرزاق ، و الفريابي ، و عبيد الله بن موسى ، و أبو أحمد الزبيري ، و أبو عاصم ، و قبيصة و طبقتهم فهم كلهم في سفيان قريب بعضهم من بعض ، و هم دون يحيى بن سعيد و عبد الرحمن بن مهدي ، و وكيع ، و ابن المبارك ، و أبى نعيم . [تهذيب الكمال 18 / 56]
فدرجة الفريابي قريب من درجة عبد الرزاق لكن الفريابي أولى من عبد الرزاق في حديث الثوري كما ذكره ابن حجر فقال : ثقة فاضل ، يقال أخطأ في شيء من حديث سفيان ، و هو مقدم فيه مع ذلك عندهم على عبد الرزاق. [تقريب التهذيب 1/515 (6415)]
لكن لا يقتضي هذه الأولوية أن ما لم يذكر الفريابي وذكره عبد الرزاق فهو شاذ كما زعمه بعضهم لأن الفريابي وإن كان مقدم من عبد الرزاق – وهذا التقديم ليس من كل الوجوه- لكنه أخطأ في حديث سفيان وإن كان له طول الملازمة معه؛ وإن عبد الرزاق وإن كان تغير في آخره بعد ما عمي لكن كان قبل ذلك أحفظ من الفريابي ومن المعلوم أن سماع أحمد بن حنبل منه قبل هذه العارضة قبل تمام المائتين من الهجرية كما ذكره السيوطي في الطبقات.[طبقات الحفاظ 1/158 ,159 (337)]
ويتضح من هذا البحث أن إطلاق تعريف الشاذ على هذا الحديث لا يصلح . والله تعالى أعلم .
ثالثاً : حكم زيادة الثقة : يتبين مما سبق أن عبد الرزاق أحد الأعلام , ثقة حافظ مصنف شهير عمى في آخر عمره فتغير ، نقل منه زيادة في حالة صحته ما لم يذكره غيره فعلينا أن نعلم ما حكمه
قال ابن جماعة: زيادة الثقة وهي أقسام:
أحدها زيادة تخالف ما رواه الثقات وحكم هذه الرد كما سبق في الشاذ
الثاني زيادة حديث يخالف فيه غيره بشيء أصلا فهذا مقبول ونقل الخطيب اتفاق العلماء عليه
الثالث زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر من رواه ويمثله بزيادة مالك في حديث الفطرة لفظ من المسلمين ذكر الترمذي أن مالكا تفرد بزيادة قوله من المسلمين وأخذ بهذه غير واحد من الأئمة واحتجوا بها منهم الشافعي وأحمد الترمذي قد وافق مالكا على هذه الزيادة عن ناف عمرو بن نافع والضحاك بن عثمان خرج الأول البخاري والثاني مسلم قال الخطيب مذهب الجمهور من الفقهاء وأهل الحديث أن الزيادة من الثقة مقبولة إذا انفرد بها سواء أكانت من شخص واحد بأن رواه مرة ناقضا ومرة بالزيادة أم كانت من رواه ناقصا خلافا لمن رد ذلك مطلقا من أهل الحديث ولمن ردها منه وقبلها من غيره .[المنهل الروي 1/58]
فعلم من هنا أن زيادة الثقة مقبولة ما تكن منافيا لما رواه الثقات أو الأوثق ؛ وهذا عبد الرزاق يذكر زيادة وليس منافيا للفريابي خلافا لمن زعم ذلك . والله أعلم.
شبهة تفرد عاصم بن كليب
وقال بعضهم: تفرد به عاصم بن كليب ولا يحتج بما انفرد به .
وأن سفيان بن عيينة أحد الأعلام ، ثقة ثبت حافظ إمام وكذلك سفيان الثوري ولا يصح أن نرد حديثاً منعنعنا لأحد منهما فأولاً : سفيان بن عيينة لم يسمع من عدة أشخاص .فلم يسمع من آدم بن علي، بَهْز بن حَكِيم ، عُبَيْد الله بن أبي بَكْر بن أنس .ولم يسمع من عبد الملك بن عُمَيْر حديثاً واحداً ألا وهو حديث " اقتدوا باللذين من بعدي.".
ثانياً : سفيان الثوري فلم يسمع من : ابن أشوع ، أبي بَكْر بن حَفْص ، حَيَّان بن إياس ، سعيد بن أبي بُرْدَة ، يزيد الرَّقَاشيُّ.
ولم يسمع من عَمْرو بن مرة ، كان يعز على عبد الله أن يتكلم بعد طلوع الفجر.ولم يسمع من عَمْرو بن مُرَّة ، حديثه عن عبد الرَّحْمان بن أبي ليلى ، عن البَرَاء ؛ قنت النبي صلى الله عليه وسلم في الصبح.ولم يسمع من سَلَمة بن كُهَيْل حديث السائبة يضع ماله حيث يشاء.لم يسمع من خالد بن سَلَمة الفأفأ إلا حديثًا واحدًا.لم يسمع من ابن عَوْن إلا حديثًا واحدًا.لم يسمع من أبي معشر ؛ حديثه عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن بلال ، أنه كان أذانه وإقامته مرتين.لم يسمع من عَمْرو بن مُرَّة ، حديثه عن أبي عبيدة ، في الوتر لأهل القرآن.لم يسمع من عبد الله بن أبي نَجِيح حديثه عن أبيه ، عن ابن عَبَّاس ، رفعه ؛ ما قاتل رسول الله قومًا حتى دعاهم ، قاله الدَّارِمي (2444) رأي مُحاربًا وهو صغير
لم يسمع من القاسم بن عبد الرَّحْمان ، أن عُمَر صلى بالناس وهو جنب. لم يسمع من محمد بن عبد الرَّحْمان ، حديثه عن سُلَيْمان بن يَسَار ، عن عبد الله بن عُتْبَة ، عن عُمَر ، قال : يتزوج العبد اثنين وما سوى ذلك فروايتهما صحيحة لا مطعن فيها
والعلة تكمن في ( عاصم بن كليب )
فمدار هذا الحديث على عاصم بن كليب عن أبيه فقد رواه عدد كبير من الرواة منهم سفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن إدريس ، ومحمد بن فضيل ، وعبد الواحد بن زياد ، وشعبة ، وعبد العزيز بن مسلم ، وزائدة بن قدامة ، وزهير ، وبشر بن المفضل كلهم عن عاصم بن كليب عن أبيه.
ونقل ابن الجوزي ، عن ابن المديني أنه قال : لا يحتج بما انفرد به. فهذا الحديث يعد من تفردات عاصم بن كليب .
الرد على ذلك
قلت : عاصم بن كليب ثقة وتفرد الثقة ليس بقادح عند الجمهور من المحدثين فلا يلتفت إلى قول علي بن المديني " ثقة إلا إذا انفرد " و اعلم أن عاصم بن كليب تفرد بمرويات صحيح مسلم ولم يتابعه أحد (1)و أحاديث مسلم مع تفرد عاصم صحيحة عند جمهور المحدثين.
لأن الراوي إذا كان ثقة مأمونا أو حجة أو حافظا أو صدوقا أو مقبولا أو مستقيم الحديث أو صالح الحديث وليس عليه تهمة كثرة الوهم والاختلاط فروايته مقبولا صالحا للاحتجاج به تفرد به أو لم يتفرد توبع و شوهد أم لا .
حاصل البحث
فالحاصل أن عبد الرزاق زاد كلمة ’’ ثم سجد ‘‘ وهو ثقة حافظ وزيادة الثقة مقبولة عند المحدثين وأن الثوري سمع من عاصم بن كليب هذا الحديث وعاصم بن كليب ثقة وتفرده مقبول فجميع الشبهات مردودة والحديث صحيح ثابت صالح للعمل قابل للاحتجاج به.
هذا ما عندي والله أعلم وعلمه أكمل وأتم ورد العلم إليه أسلم والشكر والدعاء لمن نبه وأرشد وقوم
الراجي إلى رحمة ربه الظاهر
أبو عبد الرحمن محمد رفيق الطاهر
مدرس جامعة دار الحديث المحمدية
عام خاص باغ ملتان باكستان
(1) فالأول: أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة و الاستغفار باب التعوذ من شر ما عمل و ما لم يعمل (2725) والثاني : في كتاب الزهد والرقائق باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب (2992) | |
|
ست الحباايب النائب العام
العمر : ربي اغفرلي الدولة : ارض الله الواسعه التوقيع : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله واكبر عدد المساهمات : 3733 نقاط : 4851 تاريخ الميلاد : 04/04/1955 تاريخ التسجيل : 25/10/2009 العمر : 69 الموقع : ارض الله الواسعه العمل/الترفيه : الاعمال اليدويه المزاج : الحمدلله رب العالمين
| موضوع: رد: جلاء العينين في مسألة الإشارة بين السجدتين الجمعة أغسطس 27, 2010 7:47 am | |
| | |
|
أبوجهاد عضو ذهبى
العمر : 47 الدولة : مصر الحبيبة عدد المساهمات : 1133 نقاط : 2247 تاريخ الميلاد : 20/01/1963 تاريخ التسجيل : 24/01/2010 العمر : 61 العمل/الترفيه : طالب علم تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين
| موضوع: رد: جلاء العينين في مسألة الإشارة بين السجدتين الجمعة أغسطس 27, 2010 7:56 am | |
| جزاكم
الله خيراً لمروركم الكريم الطيب
| |
|
نبيلة محمود خليل مديرة موقع الرحمة والمغفرة
الدولة : مصر عدد المساهمات : 17810 نقاط : 28623 تاريخ التسجيل : 31/08/2009 العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة المزاج : الحمد الله تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها
| موضوع: رد: جلاء العينين في مسألة الإشارة بين السجدتين الأربعاء أكتوبر 13, 2010 4:29 pm | |
| كل الشكر والتقدير لك أبو جهاد بارك الله فيك واعز بك الاسلام _________________ اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
| |
|
أبوجهاد عضو ذهبى
العمر : 47 الدولة : مصر الحبيبة عدد المساهمات : 1133 نقاط : 2247 تاريخ الميلاد : 20/01/1963 تاريخ التسجيل : 24/01/2010 العمر : 61 العمل/الترفيه : طالب علم تعاليق : رب اغفر لي ولوالدي والمؤمنين
| موضوع: رد: جلاء العينين في مسألة الإشارة بين السجدتين الأربعاء أكتوبر 13, 2010 10:08 pm | |
| | |
|