ولم يخف المسؤولون قلقهم من ان
العملية التي بدأت من اجل تدمير الدفاعات الجوية للقذافي كي تحرمه حسب قرار مجلس
الامن 1973 من استهداف المدنيين قد تستمر لمدة طويلة من دون استراتيجية خروج واضحة.
وعلى الرغم من ان الادارة الامريكية التزمت حتى الان بهدف العملية وهو حماية
المدنيين، لكن المستوى السياسي ظل يطالب الزعيم الليبي بالرحيل فيما دعا قادة
عسكريون امريكيون الجنود الليبيين إلى عصيان الاوامر.
وترى 'نيويورك تايمز' ان
فرنسا التي اعترفت بالمجلس الانتقالي في بنغازي ذهبت بعيدا امام تردد الدول التي لا
تحب تصرفات العقيد وهو امر عقد عمليات التخطيط والتنفيذ.
وترى الصحيفة ان
الخلافات حول تولي قيادة العملية وطبيعة الاجراءات تعكس خلافا في الاهداف وكيفية
الانتهاء منها وان كانت النتيجة تعني ان يظل القذافي في الحكم. ومع ان عددا قليلا
يدعم القذافي الا ان معظم المسؤولين يرون ان استخدام القوة العسكرية سيؤدي الى فتح
مفاوضات بين القذافي والثوار.
ويظل الموقف الامريكي مثار حيرة فباراك اوباما وان
اكد على محدودية العملية لكنه لم يدل باية تصريحات منذ عودته من جولته في امريكا
اللاتينية، ويتعرض اوباما لضغوط من الكونغرس وانتقادات من عسكريين سابقين قالوا انه
كان على الادارة عدم البدء في عملية بدون تحديد المسار، وقال جنرال متقاعد ان
الامريكيين فرضوا منطقة حظر جوي على العراق 12 عاما ولم تؤد للاطاحة بصدام حسين
فلماذا يعتقد الامريكيون الان انهم سيطيحون بالقذافي عبر نفس الاسلوب.
ويعول
المسؤولون على التطورات الميدانية التي لم ينجح فيها الثوار حتى الان باستثمار
الدعم الدولي واستعادة المدن التي سقطت من ايديهم خاصة اجدابيا. ونقلت الصحيفة عن
متحدث باسم الثوار عرف نفسه باسم محمد ان اهالي طرابلس سينتفضون قريبا. وفي الوقت
الذي يوجد فيه من ينتقد النظام داخل المدينة الا ان عدداً اخر قالوا ان التدخل جاء
متأخرا من اجل ان كي يحفز الطرابلسيين على الثورة. ويرى مسؤول امريكي ان الادارة
التي تجنبت الحديث عن الاستراتيجية ان امريكا لا تريد التورط في عملية غير واضحة
المعالم، مضيفا ان الكيفية التي ستنتهي بها ليست مسؤولية الامريكيين.
وفي تقرير
آخر تحدثت فيه الصحيفة عما قالت عنها الاجواء المسرحية في الجنازات والمظاهرات
المؤيدة للقذافي وان اصحاب المحلات عادة ما يعطون كل زائر اجنبي ما يريده وهو
انتقاد النظام او الدفاع عنه.
كما اشارت لحالة من الغموض بين من هو منشق ومؤيد
للثوار، واشارت الى انشقاق ابن عم الرئيس احمد قذاف الدم التي تقول المعارضة ان
رحيله الى القاهرة احتجاجا على الطريقة التي تعامل فيها مع المتظاهرين ليست الا
مسرحية، ونقلت عن مسؤول في مجلة المعارضة ان الانشقاق كذب وان قذاف الدم لا زال
يؤيد الزعيم، فيما نقلت عن سفير ليبيا في القاهرة الذي لا يزال في مركزه اعتقاده ان
قذاف الدم قد انشق لكنه لا يزال يدعم القذافي.
وفي اطار اخر، تحدثت عن مصاعب
الثوار في بنغازي الذين يحاولون معرفة المؤيد الحقيقي من اعضاء اللجان الثورية ومن
انضم اليها من اجل المصلحة الشخصية. ونفس الامر يقال عن عبدالفتاح يونس الذي كان من
اوائل المنشقين عن النظام، واستقال من منصبه كوزير للداخلية، فقد اعلن التلفزيون
الرسمي ان يونس قد تعافى من اجازة مرضية وعاد لعمله، ولكن الثوار يقولون انه لا زال
معهم ويقود العمليات. وعكس تقرير في 'واشنطن بوست' طبيعة النظام ومؤيديه في طرابلس
حيث قالت ان القذافي لا يزال للبعض يمثل بطلا. ويقول التقرير انه وبعد ستة ايام من
القصف فالقذافي يمكنه الاعتماد على ولاء قطاع لا يمكن تجنبه من الشعب الليبي في
اماكن تقع حتى خلف المناطق التي يسيطر عليها الثوار.
وترى الصحيفة ان الدعم
ربما تعلق بقيام الحكومة بابقاء الدخل السنوي عاليا وكرمها، وتشير الى انه حتى
المنشقين ممن انضموا الى الثوار لا ينكرون تمتع القذافي بشعبية.
وتنقل عن معارض
قوله ان 75 بالمئة ضده ولكن هناك نسبة تحبه ولا ترى غيره لانها لم تعرف حاكما سواه.
وتحدثت عن طبيعة النظام الثوري الذي اقامه واعتقاد الكثيرين من مواليه ان لا علاقة
له بالقرارات لان الشعب هو الدولة فيما يرى خبراء اجانب ان القذافي نفسه هو الدولة.
وترى المعارضة ان كل من يخرج للشوارع مدفوع بالاموال التي تدفع اليهم لاظهار الدعم.
لكن باحثا في معهد للتعليم العالي اشار الى جهود القذافي في بناء الدولة وتوفير
التعليم والعناية الصحية.
وقال متظاهر ان الوضع في ليبيا مختلف عن مصر مثلا،
حيث لا عمل وفقر. وتضيف الى هذا قائلة ان القبائل لا تزال تشكل العصب المهم للنظام
فعلى الرغم من التقارير الاولية عن انشقاق قبائل كبيرة عنه، فدعم القبائل لقبيلته
سابق للقذافي ولا علاقة له به، كما تقول.

عدم كفاءة حكومة
الثوار

وتظل معضلة الثوار الذين يواجهون نظاما لا يزال يتمتع بدعم من الشعب
مرتبطة بطريقة ادارتهم لثورتهم ومن هنا قالت 'لوس انجليس تايمز' ان الثوار الذي
انتفضوا على النظام واقاموا حكومتهم في منطقة محرومة من المصادر، يعانون من مشاكل
كيفية ادارة الثورة التي يقودها محامون ومهنيون ومهندسون بعضهم يلتقون في اماكن
سرية ويدوسون صور القذافي عندما يدخلون مكان اللقاء. ونقلت عن مستشار للمجلس
الانتقالي قوله ان المشكلة لها علاقة بشعب لا خبرة له في ادارة الحكومات ولا رؤية
لديه.
ويرى التقرير ان قادة الثوار يرغبون في بناء دولة موحدة عاصمتها طرابلس،
ليست اسلامية بل ديمقراطية تحترم فيها حقوق الانسان. ومع ذلك يعترف قادة الحكومة
انهم قاموا بعمل غير متقن ولم يقدموا رسالة واضحة ومتماسكة للعالم.
ولخص
التقرير ان المسؤولين الذين انشقوا عن النظام يتنافسون على السلطة فيما تعاني
المناطق من نقص في الوقود والمال ولديها جيش غير منظم. ولهذا يقول الوزير المعين
علي الترهوني ان لجنة ازمات تم تشكيلها من اجل تحقيق النظام في مدينة بنغازي التي
تعيش حالة من الفوضى. ويريد الثوار اقناع العالم، وهي المهمة الاولى، بأنهم ليسوا
اسلاميين عدميين كما يروج القذافي.
ونقلت عن متحدثة باسم المجلس قولها ان اخر
شيء يريده الثوار هو تسليم البلد الى القاعدة. وتقول الصحيفة ان الاخوان المسلمين
انفسهم يدعون الان لدولة ديمقراطية. ولكن الثوار والناطقين باسمهم وان كانوا
متعلمين ويتحدثون بانكليزية طلقة الا انهم يبالغون في الانتصارات التي يحققونها
ويقللون من اهمية انجازات النظام.
وتحدثت عن مصطفى عبدالجليل الذي وصفته
بالشخصية التي تنقصها الجاذبية والذي خاض معركة تنافس مع المحامي سليمان غوقة الذي
اكد انه رئيس المجلس الانتقالي وليس عبدالجليل وزير العدل السابق ولكن المشكلة حلت
بينهما.
واضافة الى علي العيساوي، السفير السابق في الهند ومحمود جبريل الخبير
في التخطيط فانهم يمثلون اهم قادة المجلس. وهناك عمر الحريري المسؤول العسكري فيما
يعاني عبدالفتاح يونس من مشكلة عدم ثقة ولا يحبه الثوار.
ولاحظت مجلة 'التايم'
نفس الوضع حيث تتسم تصريحات الناطقين العسكريين بعدم الدقة وهم يتحدثون عن الجبهة
وان الثوار قد تجاوزا خطوط العدو في طريقهم لانهاء طاغية طرابلس.
وتقول المجلة
ان كل شيء يتغير عندما يذهب الصحافيون لخطوط النار بين الطرفين حيث يقابلون مقاتلين
ليسوا في مزاج انتصاري وعتادهم قليل وغير منظمين، ولا يتبعون قيادة مركزية ولا
يعتمدون على اشارات لاسلكية من بنغازي وينتظرون. وتقول المجلة ان العملية التي
اطلقها الغرب من اجل مساعدة الثوار قد تحتاج الى جهود اخرى فحسب الادلة من بنغازي
ومن الجبهة فان وقتا طويلا يحتاج اليه لتحويل ثوار غير منظمين الى قوة بامكانها
مواجهة قوات القذافي.
وتقول المجلة ان التدخل وان منع سقوط بنغازي الا ان قوات
الحكومة لم تخسر الا القليل من مواقعها.
ومن هنا تقول ان ثقة القذافي نابعة من
ايمانه بضعف الثوار وهذا الرأي يشاركه فيه العديد من الخبراء الغربيين.ونقلت عن
انتوني غوردسمان من مجلس العلاقات الخارجية قوله ان لدينا ثواراً يتمتعون بالحماسة
والتضحية لكن لا بنية ولا انضباط لديهم. فالشباب لا يطيعون الاوامر وينطلقون نحو
الجبهات بدون تنظيم.
وترى المجلة انه ان اراد الثوار انشاء حكومة وجيش قابل
للحياة فيجب ان يتم بسرعة، ولاحظت كثرة الاعلانات اليومية عن تشكيل لجان يتم
الغاؤها فيما بعد بالاعلان عن لجنة اخرى.
وعندما يتم الحديث عمن يقود الثوار في
الجبهات، البعض يقول انه تابع ليونس واخرين لعمر الحريري وهناك من يقول انه تابع
لجنرال اخر وهكذا. وعندما يتم السؤال عن الجنود الذين انشقوا عن النظام فهناك شكوك
حولهم، وماذا عن القادة الذين يديرون القواعد التي سقطت بيد الثوار، يقول المتحدث
العسكري بانهم يعدون خططا من وراء الابواب.
ويصور التقرير حالة من التشوش في
صفوف الثوار الذين ينظرون للسماء بانتظار الفرج وظهور الطائرات، خاصة ان عددا من
العسكريين يعتقدون ان حرف مسار الحرب لصالح الثوار لن يتم بدون تدمير كل القطاعات
الثقيلة لقوات القذافي.