أقرت الحكومة السورية، الثلاثاء 19-4-2011، مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإنهاء حالة
الطوارئ المفروضة في جميع أنحاء البلاد منذ عام ثلاثة وستين من القرن الماضي، كما
أقرت الحكومة مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإلغاء محكمة أمن الدولة العليا، إضافة إلى
إقرار مشروع مرسوم تشريعي يقضي بتنظيم حق التظاهر السلمي وفق قواعد إجرائية تقتضي
حصول من يرغب بتنظيم مظاهرة على موافقة وزارة الداخلية.
وفي الإطار نفسه،
طلبت الحكومة من الوزارات المعنية الإسراع بإعداد مشروع قانون الأحزاب، ومشروع
قانون الإعلام، والإدارة المحلية وعرضها على المجلس للمناقشة في أقرب وقت ممكن.
كما ناقشت الحكومة في أول اجتماع لها مشروع قانون إحداث
برنامج يسمى برنامج تشغيل الشباب في الجهات العامة، يقضي بتوفير عشرة آلاف فرصة عمل
سنوياً لحملة الشهادات الجامعية والمعاهد المتوسطة، وتشغيلهم في الجهات
العامة.
ووافقت الحكومة على إلغاء شرط الترشيح المحدد بستين في المائة من
معدل التخرج من شروط الترشيح للتعيين لدى الجهات العامة.
وشدد رئيس مجلس
الوزراء عادل سفر على تعزيز عملية التواصل مع المواطنين والاستجابة إلى مطالبهم وفق
الإمكانات المتوفرة والمتاحة، وإيلاء الاهتمام بتحسين أوضاعهم المعيشية وتأمين فرص
العمل للأجيال الشابة، ووضع برنامج لإعادة وتثبيت أبناء المحافظات الشرقية في
محافظاتهم، في إطار عملية التنمية الشاملة والعادلة المتوازنة.
وأشار إلى
أهمية إعادة النظر بالهياكل الإدارية، وإيلاء الاهتمام بالتدريب والتأهيل ومكافحة
الفساد، والحد من الروتين وتعزيز الرقابة الوقائية.
المطلوب نظام ديمقراطي هذا وأجمعت شخصيات سورية على أن إصدار مرسوم إلغاء حالة
الطوارئ "لن يخلي شوارع سوريا من المتظاهرين، لأنه لا يمثل كل مطالبهم"، وطالبوا
بتوضيح المرسوم، وإصدار عفو تشريعي عام، وعدم سن قوانين بديلة مثل قانون الإرهاب
حتى يحقق إلغاء القانون هدفه.
وقال الدكتور في جامعة السوربون برهان غليون
"إن القضية لا تتعلق برفع حالة الطوارئ بل بالانتقال إلى نظام ديمقراطي وإلغاء
وصاية حزب البعث عن الدولة والمجتمع".
وأضاف في حديث لـ"العربية.نت" من
باريس "ما معنى رفع حالة الطوارئ وإقرار البديل وهو قانون مكافحة الإرهاب، فهذا
يمنع السوريين من ممارسة الحريات العامة".
من جهته، قال هيثم مناع المتحدث
باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان "إن المطلوب الآن بصدد هذا القانون إصدار عفو
تشريعي عام يضمن ترتيب أوضاع كل من طالهم قانون الطوارئ وتعويضهم عما لحق بهم من
أذى".
وأضاف في حديثه لـ"لعربية.نت" "أن رفع حالة الطوارئ يجب أن يتضمن
إغلاق ملف الاعتقال التعسفي، والإفراج عن كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي،
وإعادة المفصولين إلى وظائفهم لأسباب سياسية، وتعويض كل هؤلاء".
وعن موقفه
السياسي من القانون، بدا مناع مقتنعاً بأن "القانون لن يؤثر على حركة الشارع السوري
ولن تخليه من المتظاهرين، لأن رفع حالة الطوارئ هو جزء من مطالب الشعب العامة التي
لا يمكن اجتزاؤها".
من جهته، اعتبر رئيس المركز السوري للإعلام وحرية
التعبير الصحافي مازن درويش، وهو أحد ضحايا قانون الطوارئ، "أن إصدار مرسوم تشريعي
برفع حالة الطوارئ خطوة إيجابية يمكن أن تساهم بإعادة الثقة المفقودة بين الحكومة
والشعب، لكن لا بد أن يكون هناك توضيح تفاصيل المرسوم حتى يتم الحكم عليه بشكل
صحيح".
وشرح درويش لـ"العربية.نت" كيف أثر عليه قانون الطوارئ قائلاً
"بموجب القانون منعت من السفر عام 2007 دون أي مبرر، ثم تم إغلاق مكتبي بالشمع
الأحمر دون تقديم أي أسباب، أريد الآن أن أعرف هل سيسمح لي بالسفر وأستطيع الدخول
إلى مكتبي؟".
ويختم مازن درويش حديثه "إن التشريعات الجديدة لن تفيد في
إخلاء شوارع سوريا من المحتجين لأن لهم مطالب أكبر، لكنها خطوة إيجابية".
وعلى صعيد التطورات الميدانية، حاصر مسلحون عدداً من الطلبة
المعتصمين في كلية الطب في دمشق.
وفي حمص، أفاد الناشط الحقوقي نوار العمر
لوكالة الأنباء الفرنسية أن 4 أشخاص على الأقل قتلوا فجر اليوم لدى تفريق رجال
الأمن اعتصاماً في مدينة حمص (160 كلم شمال شرق دمشق).
وفرقت قوات الأمن
السورية بالقوة اعتصاماً شارك فيه آلاف الأشخاص في حمص، وسط سوريا، للمطالبة بسقوط
النظام، كما أفاد ناشطون حقوقيون لوكالة الأنباء الفرنسية الثلاثاء مشيرين إلى
إطلاق نار "كثيف".
وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت عن مصدر حقوقي، معلومات عن
إطلاق قوات الأمن السورية النار لتفريق معتصمين وسط مدينة حمص، بينما توعدت السلطات
المحتجين متحدثة عن "تمرد مسلح" يعبث بأمن سوريا يقوم به سلفيون.
وكان أكثر
من 20 ألف شخص اعتصموا وسط المدينة اعتباراً من مساء أمس الإثنين، وقال مصدر مطلع
إن الاعتصام مفتوح ومستمر حتى يتم تحقيق مطالب المعتصمين بضمان الحريات والإفراج عن
جميع معتقلي الرأي، ووقف الاعتقالات السياسية.
وأضاف المصدر أن الاعتصام
بدأ في ساحة الساعة وسط المدينة، والتي أطلق عليها المحتجون اسم ساحة "التحرير"
تيمناً بميدان القاهرة. ومن هتافات المعتصمين "اعتصام اعتصام حتى يسقط النظام"،
و"حرية حرية".