طريق الايمان " حصرى "

إن اول آيات نزلت فى القرآن الكريم :

" أقرأ باسم ربك الذى خلق *خلق الانسان من علق * اقرأ وربك الاكرم * الذى علم بالقلم * علم الانسان مالم يعلم"

وفى هذه الايات الكريمة ذكر الله تعالى امره سبحانه بالقراءة مرتين وذكر مادة القلم ثلاث مرات وذكر اداة من

ادوات التعليم وهى العلم وكان ذلك كله فى ابتداء الوحى ويقول الله تعالى " انما يخشى الله من عباده العلماء"

وانه بمقدار تعمق الانسان المؤمن فى الجانب العلمى فى صدق واخلاص تكون خشيته لله تعالى ذلك انه يرى من

نواميس الكون والاتقان فى الصنع ومن الحكمة فى التدبير ما يجعله ساجداً لمبدعه ومنسقه .

وان هؤلاء الذين يتصلون مثلا بعلم التشريح من قرب او يتخصصون فيه ، يرون من الاحكام المحكم ومن الدقة

الدقيقة فى مختلف اجهزة الجسم وفى مفردات هذه الاجهزة مايضطرهم اضطرارا الى السجود لرب هذا التنسيق

والترنيب والابداع .

وليس علم التشريح وحده هو العلم الذى يبهر العالم المتبحر فيه وانما يبهر علم الفلك العالم الفلكى ويبهر علم

الاحياء عالم الاحياء وهكذا تجد انبهار النفس فى كل ميدان من ميادين المعرفة الكونية : ارضها وسمائها ومابين

الارض والسماء

"تبارك الذى بيده الملك وهو على كل شئ قدير * الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملاً وهو العزيز

الغفور * الذى خلق سبع سموات طباقا ماترى فى خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم

ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير "

وصدق الله سبحانه إذ يقول " إنما يخشى الله من عباده العلماء "

وخشية الله التى هى ثمرة العلم أساس من اهم اسس اسلام الوجه لله

ومن هنا كانت ضرورة العلم فى الاسلام ، إنه ضرورة وليس ترفاً فهو من اسس الاسلام نفسه ومن اجل ذلك كان

من مقومات شخصية المسلم العلم ، العلم بالكون ، وبالانسان وبكل ماتتسع له الكلمة من معنى كريم

الام تؤدى الخشية؟ الام ينتهى العلماء السابقون المؤمنون ؟

يقول الله تعالى "شهد الله انه لااله الا هو والملائكة واولو العلم قائماً بالقسط لااله الا هو العزيز الحكيم "

إنهم يصلون عن طريق العلم الذى يثمر الخشية الى التوحيد ، التوحيد الذى هو سمة الدين الاسلامى _ كمايرى

البيرونى _ والذى هو فى حقيقة الامر سمة التدين الصادق

ويشهد العلماء التوحيد مع الله سبحانه ، ومع الملائكة الاطهار . إن الله سبحانه قرن العلماء به وبملائكته فى شهادة

التوحيد ، وهذا اسمى ما يمكن ان يصل اليه تكريم العلماء من مكانة

وشهادة التوحيد التى هى قمة الركن الاول للاسلام ، وهو أشهد ان لا اله الا الله ، وأشهد ان محمداً رسول الله

لايشهد معناها الاسمى والاعلى الا العلماء المؤمنون

وشهادة التوحيد التى هى منتهى مايمكن ان يصل اليه السالك فى معراجه الى الله تعالى ، لا تتحقق الا فى العلماء

المؤمنون

القدوة والطاعة

يقول الله تعالى " ياأيها النبى إنا ارسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً * وداعياً الى الله بإذنه وسراجاً منيراً * وبشر

المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً " الاحزاب من 47:45

ويتناسق مع هذه الايات الكريمة ويسير معها فى انسجام تام مااخرجه ابن المنذر والخطيب عن ابن عمر رضى الله

عنهما قال : كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى نفر من اصحابه فقال :

( يا هؤلاء ، الستم تعلمون إنى رسول الله اليكم ) قالوا : بلى قال : (الستم تعلمون ان الله انزل فى كتابه انه من

اطاعنى فقد اطاع الله )قالوا : ( بلى نشهد انه من اطاعك قد اطاع الله وان من طاعته طاعتك ) قال :

( فإن من طاعة الله ان تطيعونى ، وإن من طاعتى ان تطيعوا ائمتكم وإن صلوا قعوداً فصلوا قعوداً اجمعين ) فى

معنى هذا الحديث اخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ربيع بن حيثم قال :

( حرف وأى حرف من يطع الرسول فقد اطاع الله ، فوض إليه فلا يؤمن الا بخير )

ويتحدث القرآن الكريم عن رسول الله صلوات الله عليه فى كثير من سوره فيقول سبحانه : " من يطع الرسول فقد

اطاع الله ومن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظاً " ويقول سبحانه : ( قل إن كنتم تحبون الله فأبعون أُحببكم الله

ويغفر لكم ذنوبكم )

من اجل هذه الصلة الالهية برسول الله صلى الله عليه وسلم ارشدنا الله تعالى الى اتخاذ الرسول أسوة فقال سبحانه :

( لقد كان لكم فى رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيراً)

بل أمرنا الله سبحانه ان نأخذ ما آتانا وننتهى عما نهانا عنه وقد انذرنا إذا لم نلتزم ذلك فقال تعالى : ( وما آتاكم

الرسول فخذوه * وما نهاكم عنه فانتهوا * واتقوا الله إن الله شديد العقاب )

اما السر فى ذلك فهو اولا : ان الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، لاينطق عن الهوى ولا ينحرف عن صراط الله

المستقيم ولقد اقسم تعالى على ذلك فقال " والنجم إذا هوى * ماضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى *

إن هو الا وحى يوحى )

وثانياً : كان رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فى جميع احواله متمثلا للقرآن الكريم وقد كانت حياته تطبيقاً لهذا

الكتاب الكريم لقد امتزج به ظاهراً وباطناً وقد كان قرآناً ومن هنا كان وصف السيدة عائشة رضى الله عنها له

بقولها : ( كان خُلقه القرآن ) ومن كان خُلقه القرآن كان اسوة وكان قدوة ومن هنا وصفه الله تعالى بقوله : ( وإنك

لعلى خُلق عظيم)

وفى المعنى من الاية الكريمة يقول ابن عباس فيما ذكره مجاهد : ( على خُلق ، على دين عظيم من الاديان ليس

دين احب الى الله تعالى ولا ارضى عنده منه )

طريق الايمان *" حصرى *" 899771