~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
. منتديات الرحمة والمغفرة على منهج اهل السنة والجماعة

: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله )

نداء إلى أنصار رسول الله " صلى الله عليه وسلم "أنضم الينا لنصرة رسولنا من خلال منتدى الرحمة والمغفرة

. لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا ... بادر وسجل نفسك بالمنتدى لنشر الإسلام

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم,
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
. منتديات الرحمة والمغفرة على منهج اهل السنة والجماعة

: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله )

نداء إلى أنصار رسول الله " صلى الله عليه وسلم "أنضم الينا لنصرة رسولنا من خلال منتدى الرحمة والمغفرة

. لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا ... بادر وسجل نفسك بالمنتدى لنشر الإسلام

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم,
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

~ منتديات الرحمة والمغفرة ~

~ معاً نتعايش بالرحمة ~
 
الرئيسيةالمنشوراتأحدث الصورقناة الرحمة والمغفرة يوتيوبالتسجيلدخولفيس بوكتويتر
منتديات الرحمة والمغفرة .. منتدى ثقافى - عام - أدبى - دينى - شبابى - اسرى -طبى - ترفيهى - سياحى - تاريخى - منتدى شامل
". لزوارنا الاعزاء ومن يرغب بالتسجيل بمنتدانا . بادر وسجل نفسك بالمنتدى .
.مديرة الموقع / نبيلة محمود خليل



مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
» سماعة ايفون اصلية
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeأمس في 10:48 am من طرف مريم صلاح

» شركة مكافحة حشرات بجدة
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeأمس في 8:34 am من طرف مريم صلاح

» اسعار السيارات الصينية في السودان
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 19, 2024 11:09 am من طرف مريم صلاح

» شركة نظافة شقق بالدمام
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 18, 2024 7:49 am من طرف مريم صلاح

» شركة تنظيف خزانات بمكة
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالسبت نوفمبر 16, 2024 1:49 pm من طرف مريم صلاح

» غسيل سجاد بالدمام
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالخميس نوفمبر 14, 2024 10:08 am من طرف مريم صلاح

» افضل عطر رجالي في السودان
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 13, 2024 10:25 am من طرف مريم صلاح

» سماعة بلوتوث ابل
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 12, 2024 8:59 am من طرف مريم صلاح

» شركة تنظيف مفروشات بالمدينة المنورة
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 12, 2024 7:02 am من طرف مريم صلاح

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مشروع تحفيظ القران
 
تلفزيون الرحمة والمغفرة
نشرة اخبار منتدى الرحمة واالمغفرة
توك توك منتديات الرحمة والمغفرة

كاميرا منتديات الرحمة والمغفرة



شركة طيران منتديات الرحمة والمغفرة

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
مريم صلاح
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 I_vote_rcapالمصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 I_voting_barالمصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 I_vote_lcap 
المواضيع الأكثر نشاطاً
مع كل إشراقة شمس ^ بصبح عليك^ مع ونبيلة محمود خليل ^ ووعد حصرياً
مشروع حفظ القرآن والتجويد"مع نبيلة محمود خليل"" حصرى"
^ من اليوم أنتهى عهد نبيل خليل ^ أدخل وشوف مطعم منتديات الرحمة والمغفرة مع نبيلة ونبيل ^
بريد منتديات الرحمة والمغفرة ^ ظرف جواب ^ مع نبيلة محمود خليل وكلمة حق ^ حصرياً
تليفزيون منتديات الرحمة والمغفرة يقدم لكم "برنامج الوصول إلى مرضات الله " مع نبيلة محمود خليل" كلمة حق"
^ نشرة أخبار منتديات" الرحمة والمغفرة " مع نبيلة محمود خليل"حصرياً "
* كلمة للتاريخ * مع نبيلة محمود خليل ود / محمد بغدادى * حصرى
^ كاميرا منتديات الرحمة والمغفرة ^ إبتسامة كاميرا ^ مع نبيلة محمود خليل وكلمة حق ^ حصرياً ^
^^ دورة التبسيط فى دقائق علم التجويد ^^
,, قلوب حائرة ,, وقضايا شبابية متجدد ,, مع نبيلة محمود خليل ونبيل خليل ,,

 

 المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)

اذهب الى الأسفل 
+5
sara salama
ريماس خالد
راجينى
ست الحباايب
نبيلة محمود خليل
9 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 31, 2009 3:05 am

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله الرحمن الرحيم

مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)

من اليهود فريق دأبوا على تبديل كلام الله وتغييره عمَّا هو عليه افتراء على الله, ويقولون للرسول صلى الله عليه وسلم: سمعنا قولك وعصينا أمرك واسمع منَّا لا سمعت, ويقولون: راعنا سمعك أي: افهم عنا وأفهمنا, يلوون ألسنتهم بذلك, وهم يريدون الدعاء عليه بالرعونة حسب لغتهم, والطعن في دين الإسلام. ولو أنهم قالوا: سمعنا وأطعنا, بدل و"عصينا", واسمع دون "غير مسمع", وانظرنا بدل "راعنا" لكان ذلك خيرًا لهم عند الله وأعدل قولا ولكن الله طردهم من رحمته; بسبب كفرهم وجحودهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, فلا يصدقون بالحق إلا تصديقًا قليلا لا ينفعهم.


تفسير ابن كثير

مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلا
التفسير يخبر تعالى عن اليهود ـ عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ـ أنهم يشترون الضلالة بالهدى, ويعرضون عما أنزل الله على رسوله, ويتركون ما بأيديهم من العلم عن الأنبياء الأولين في صفة محمد صلى الله عليه وسلم, ليشتروا به ثمناً قليلاً من حطام الدنيا, "ويريدون أن تضلوا السبيل" أي يودون لو تكفرون بما أنزل عليكم أيها المؤمنون وتتركون ما أنتم عليه من الهدى والعلم النافع, "والله أعلم بأعدائكم" أي هو أعلم بهم ويحذركم منهم, "وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً" أي كفى به ولياً لمن لجأ إليه ونصيراً لمن استنصره. ثم قال تعالى: "من الذين هادوا" "من" في هذا لبيان الجنس كقوله "فاجتنبوا الرجس من الأوثان", وقوله "يحرفون الكلم عن مواضعه" أي يتأولون الكلام على غير تأويله, ويفسرونه بغير مراد الله عز وجل قصداً منهم وافتراء "ويقولون سمعنا وعصينا" أي يقولون سمعنا ما قلته يا محمد ولا نطيعك فيه, هكذا فسره مجاهد وابن زيد, وهو المراد, وهذا أبلغ في كفرهم وعنادهم وأنهم يتولون عن كتاب الله بعدما عقلوه وهم يعلمون ما عليهم في ذلك من الإثم والعقوبة, وقوله "واسمع غير مسمع" أي اسمع ما نقول, لا سمعت, رواه الضحاك عن ابن عباس, وقال مجاهد والحسن: واسمع غير مقبول منك, قال ابن جرير: والأول أصح, وهو كما قال: وهذا استهزاء منهم واستهتار, عليهم لعنة الله, "وراعنا لياً بألسنتهم وطعنا في الدين" أي يوهمون أنهم يقولون: راعنا سمعك بقولهم راعنا, وإنما يريدون الرعونة بسبهم النبي, وقد تقدم الكلام على هذا عند قوله "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا" ولهذا قال تعالى عن هؤلاء اليهود الذين يريدون بكلامهم خلاف ما يظهرونه " ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ", يعني بسبهم النبي صلى الله عليه وسلم, ثم قال تعالى: "ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلاً" أي قلوبهم مطرودة عن الخير مبعدة منه, فلا يدخلها من الإيمان شيء نافع لهم, وقد تقدم الكلام على قوله تعالى: "فقليلاً ما يؤمنون" والمقصود أنهم لا يؤمنون إيماناً نافعاً.

الترجمة الإنجليزية

مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلا
التفسير46. Some of those who are Jews change words from their con**** and say: "We hear and disobey; hear thou as one who heareth not" and "Listen to us!" distorting with their tongues and slandering religion. If they had said: "We hear and we obey; hear thou, and look at us" it had been better for them, and more upright. But Allah hath cursed them for their disbelief, so they believe not, save a few.

الترجمة الفرنسية

مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلا
التفسير46. Il en est parmi les Juifs qui détournent les mots de leur sens, et disent : ‹Nous avions entendu, mais nous avons désobéi›, ‹Ecoute sans qu'il te soit donné d'entendre›, et favorise nous ‹Raina›, tordant la langue et attaquant la religion. Si au contraire ils disaient: ‹Nous avons entendu et nous avons obéi›, ‹Ecoute›, et ‹Regarde-nous›, ce serait meilleur pour eux, et plus droit. Mais Allah les a maudits à cause de leur mécréance; leur foi est donc bien médiocre.





منقول

_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا


عدل سابقا من قبل نبيلة محمود خليل في الأربعاء فبراير 17, 2010 8:03 pm عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com

كاتب الموضوعرسالة
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالأحد يناير 03, 2010 12:35 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)

ألم تعلم -أيها الرسول- أمر أولئك الذين قيل لهم قبل الإذن بالجهاد: امنعوا أيديكم عن قتال أعدائكم من المشركين, وعليكم أداء ما فرضه الله عليكم من الصلاة, والزكاة, فلما فرض عليهم القتال إذا جماعة منهم قد تغير حالهم, فأصبحوا يخافون الناس ويرهبونهم, كخوفهم من الله أو أشد, ويعلنون عما اعتراهم من شدة الخوف, فيقولون: ربنا لِمَ أَوْجَبْتَ علينا القتال؟ هلا أمهلتنا إلى وقت قريب, رغبة منهم في متاع الحياة الدنيا, قل لهم -أيها الرسول- : متاع الدنيا قليل, والآخرة وما فيها أعظم وأبقى لمن اتقى, فعمل بما أُمر به, واجتنب ما نُهي عنه., لا يظلم ربك أحدًا شيئًا, ولو كان مقدار الخيط الذي يكون في شق نَواة التمرة.


تفسير ابن كثير

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً
التفسير كان المؤمنون في ابتداء الإسلام وهم بمكة مأمورين بالصلاة والزكاة, وإن لم تكن ذات النصب, وكانوا مأمورين بمواساة الفقراء منهم وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين والصبر إلى حين, وكانوا يتحرقون ويودون لو أمروا بالقتال ليشتفوا من أعدائهم ولم يكن الحال إذ ذاك مناسباً لأسباب كثيرة منها: قلة عددهم بالنسبة إلى كثرة عدد عدوهم, ومنها: كونهم كانوا في بلدهم, وهو بلد حرام, أشرف بقاع الأرض, فلم يكن الأمر بالقتال فيه ابتداء كما يقال, فلهذا لم يؤمر بالجهاد إلا بالمدينة لما صارت لهم دار ومنعة وأنصار, ومع هذا لما أمروا بما كانوا يودونه, جزع بعضهم منه, وخافوا مواجهة الناس خوفاً شديداً "وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب" أي لولا أخرت فرضه إلى مدة أخرى, فإن فيه سفك الدماء, ويتم الأولاد, وتأيم النساء, وهذه الاية كقوله تعالى: "ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال" الايات, قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين, حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة وعلي بن زنجة, قالا: حدثنا علي بن الحسن عن الحسين بن واقد, عن عمرو بن دينار, وعن عكرمة, عن ابن عباس: أن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة, فقالوا: يا نبي الله, كنا في عزة ونحن مشركون, فلما آمنا صرنا أذلة, قال: "إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم ", فلما حوله الله إلى المدينة, أمره بالقتال فكفوا فأنزل الله "ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم" الاية, ورواه النسائي والحاكم وابن مردويه من حديث علي بن الحسن بن شقيق به, وقال أسباط, عن السدي: لم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة, فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال, فلما فرض عليهم القتال "إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب" وهو الموت. قال الله تعالى: " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ". وقال مجاهد: إن هذه الاية نزلت في اليهود, رواه ابن جرير, وقوله: " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى " أي آخرة المتقي خير من دنياه. "ولا تظلمون فتيلاً" أي من أعمالكم بل توفونها أتم الجزاء, وهذه تسلية لهم عن الدنيا وترغيب لهم في الاخرة وتحريض لهم على الجهاد. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي, حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا حماد بن زيد عن هشام, قال: قرأ الحسن "قل متاع الدنيا قليل" قال: رحم الله عبداً صحبها على حسب ذلك, وما الدنيا كلها أولها وآخرها إلا كرجل نام نومة فرأى في منامه بعض ما يحب ثم انتبه. وقال ابن معين كان أبو مصهر ينشد:
ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له من الله في دار المقام نصيب
فإن تعجب الدنيا رجالاً فإنهـــــــا متــــــــاع قليل والزوال قريب
وقوله تعالى: "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة" أي أنتم صائرون إلى الموت لا محالة ولا ينجو منه أحد منكم, كما قال تعالى: "كل من عليها فان" الاية, وقال تعالى: "كل نفس ذائقة الموت", وقال تعالى: " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد " والمقصود أن كل أحد صائر إلى الموت لا محالة, ولا ينجيه من ذلك شيء سواء جاهد أو لم يجاهد, فإن له أجلاً محتوماً, ومقاماً مقسوماً, كما قال خالد بن الوليد حين جاء الموت على فراشه: لقد شهدت كذا وكذا موقفاً, وما من عضو من أعضائي إلا وفيه جرح من طعنة أو رمية, وها أنا أموت على فراشي, فلا نامت أعين الجبناء, وقوله: "ولو كنتم في بروج مشيدة" أي حصينة منيعة عالية رفيعة, وقيل, هي بروج في السماء قال السدي, وهو ضعيف, والصحيح أنها المنيعة, أي لا يغني حذر وتحصن من الموت, كما قال زهير بن أبي سلمى:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو رام أسباب السماء بسلم
ثم قيل: المشيدة هي المشيدة كما قال: وقصر مشيد وقيل: بل بينهما فرق, وهو أن المشيدة بالتشديد هي المطولة, وبالتخفيف هي المزينة بالشيد وهو الجص وقد ذكر ابن جرير وابن أبي حاتم ـ ههنا ـ حكاية مطولة عن مجاهد, أنه ذكر أن امرأة فيمن كان قبلنا أخذها الطلق, فأمرت أجيرها أن يأتيها بنار, فخرج فإذا هو برجل واقف على الباب, فقال: ما ولدت المرأة ؟ فقال: جارية, فقال: أما إنها ستزني بمائة رجل ثم يتزوجها أجيرها ويكون موتها بالعنكبوت. قال: فكر راجعاً, فبعج بطن الجارية بسكين فشقه ثم ذهب هارباً, وظن أنها قد ماتت, فخاطت أمها بطنها فبرئت وشبت وترعرعت ونشأت أحسن امرأة ببلدتها, فذهب ذاك الأجير ما ذهب ودخل البحور فاقتنى أموالاً جزيلة, ثم رجع إلى بلده وأراد التزوج, فقال لعجوز: أريد أن أتزوج بأحسن امرأة بهذه البلدة, فقالت ليس ههنا أحسن من فلانة, فقال: اخطبيها علي, فذهبت إليها فأجابت, فدخل بها فأعجبته إعجاباً شديداً, فسألته عن أمره ومن أين مقدمه, فأخبرها خبره وما كان من أمره في الجارية, فقالت: أنا هي وأرته مكان السكين, فتحقق ذلك, فقال: لئن كنت إياها فلقد أخبرني باثنتين لا بد منهما (إحداهما) أنك قد زنيت بمائة رجل, فقالت: لقد كان شيء من ذلك ولكن لا أدري ما عددهم فقال: هم مائة: (والثاني) أنك تموتين بالعنكبوت فاتخذ لها قصراً منيعاً شاهقاً ليحرزها من ذلك, فبينما هم يوماً فإذا بالعنكبوت في السقف فأراها, فقالت: أهذه هي التي تحذرها علي, والله لا يقتلها إلا أنا, فأنزلوها من السقف, فعمدت إليها فوطئتها بإبهام رجلها فقتلتها, فطار من سمها شيء فوقع بين ظفرها ولحمها واسودت رجلها, فكان في ذلك أجلها, فماتت, ونذكر ههنا قصة صاحب الحضر وهو الساطرون لما احتال عليه سابور حتى حصره فيه وقتل من فيه بعد محاصرة سنتين, وقالت العرب في ذلك أشعاراً منها:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجـ ــلة تجـــبى إليه والخابور
شـــــاده مرمراً وجلـــــله كلــ ـــساً فللطير في ذراه وكور
لم تهبه أيدي المنون فباد الـ ـملــــــك عنه فبابه مهجور
ولما دخل على عثمان جعل يقول: اللهم اجمع أمة محمد ثم تمثل بقول الشاعر:
أرى الموت لا يبقي عزيزاً ولم يدع لـــعاد مــــلاذاً في البلاد ومربعا
يبيت أهل الحصن والحصن مغـــلق ويأتي الجبال في شماريخها معا
قال ابن هشام: وكان كسرى سابور ذو الأكتاف قتل الساطرون ملك الحضر, وقال ابن هشام: إن الذي قتل صاحب الحضر سابور بن أردشير بن بابك أول ملوك بني ساسان, وأذل ملوك الطوائف, ورد الملك إلى الأكاسرة, فأما سابور ذو الأكتاف فهو من بعد ذلك بزمن طويل, والله أعلم, ذكره السهيلي, قال ابن هشام: فحصره سنتين وذلك لأنه كان أغار على بلاد سابور في غيبته وهو في العراق, وأشرفت بنت الساطرون وكان اسمها النضيرة, فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج, وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ, فدست إليه أن تتزوجني إن فتحت لك باب الحصن, فقال: نعم, فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر وكان لا يبيت إلا سكران, فأخذت مفاتيح باب الحصن من تحت رأسه فبعثت بها مع مولى لها ففتح الباب, ويقال: دلتهم على طلسم كان في الحصن لا يفتح حتى تؤخذ حمامة ورقاء فتخضب رجلاها بحيض جارية بكر زرقاء, ثم ترسل, فإذا وقعت على سور الحصن سقط ذلك ففتح الباب, ففعل ذلك, فدخل سابور, فقتل ساطرون واستباح الحصن وخربه, وسار بها معه وتزوجها, فبينما هي نائمة على فراشها ليلاً إذ جعلت تتململ لا تنام, فدعا لها بالشمع ففتش فراشها فوجد فيه ورقة آس, فقال لها سابور: هذا الذي أسهرك فما كان أبوك يصنع بك ؟ قالت: كان يفرش لي الديباج ويلبسني الحرير, ويطعمني المخ, ويسقيني الخمر, قال الطبري: كان يطعمني المخ والزبد, وشهد أبكار النحل, وصفو الخمر! وذكر أنه كان يرى مخ ساقها, قال: فكان جزاء أبيك ما صنعت به ؟! أنت إلي بذاك أسرع, ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس, فركض الفرس حتى قتلها, وفيه يقول عدي بن زيد العبادي أبياته المشهورة.
أيــــها الشامت المـــــعيــر بالدهـ ـر أأنت المبـــرأ المـــوفور
أم لديك العهد الـــــوثيق من الأيـ ـام بل أنت جاهل مـــــغرور
من رأيت المنــــون خلــــد أم من ذا عليه من أن يضام خفير
أين كسرى كسرى الملوك أنوشر وان أم أين قبله سابـــــور
وبنو الأصفر الكرام مــــــلوك الـ ـروم لم يبق منهم مذكــور
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجـــلة تجبـــــى إلــيه والخابــــور
رشاده مرمــــــراً وجللـــــــه كلـ ساً فللطير فــــي ذراه وكور
لم يهبه ريــــــب المنـــــون فباد الملك عنه فبابـــــه مهجور
وتذكر رب الخورنق إذ شـــرف يــــوماً وللــــهدى تفكــــير
سره ماله وكثرة مــــــا يــــملك والبـــــحر معرضاً والسدير
فارعوى قلــــبه وقـــال فما غبـ ـطة حي إلى الممات يصير
ثم أضحوا كأنهــــــم ورق جف فألوت بـــــه الصبا والدبور
ثم بعد الفلاح والمــــلك والأمــ ــة وارتهم هنــــاك القبـــور
وقوله: "وإن تصبهم حسنة" أي خصب ورزق من ثمار وزروع وأولاد ونحو ذلك, هذا معنى قول ابن عباس وأبي العالية والسدي "يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة" أي قحط وجدب ونقص في الثمار والزروع أو موت أولاد أو إنتاج أو غير ذلك كما يقوله أبو العالية والسدي "يقولوا هذه من عندك" أي من قبلك وبسبب اتباعنا لك واقتدائنا بدينك, كما قال تعالى عن قوم فرعون " فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه " وكما قال تعالى: "ومن الناس من يعبد الله على حرف" الاية, وهكذا قال هؤلاء المنافقون الذين دخلوا في الإسلام ظاهراً وهم كارهون له في نفس الأمر, ولهذا إذا أصابهم شر إنما يسندونه إلى اتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم. وقال السدي: وإن تصبهم حسنة, قال: والحسنة الخصب, تنتج مواشيهم وخيولهم, ويحسن حالهم وتلد نساؤهم الغلمان, قالوا "هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة" والسيئة الجدب والضرر في أموالهم, تشاءموا بمحمد صلى الله عليه وسلم وقالوا "هذه من عندك" يقولون: بتركنا ديننا واتباعنا محمداً أصابنا هذا البلاء, فأنزل الله عز وجل "قل كل من عند الله" فقوله: قل كل من عند الله, أي الجميع بقضاء الله وقدره, وهو نافذ في البر والفاجر والمؤمن والكافر. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, قل كل من عند الله, أي الحسنة والسيئة. وكذا قال الحسن البصري. ثم قال تعالى منكراً على هؤلاء القائلين هذه المقالة الصادرة عن شك وريب, وقلة فهم وعلم وكثرة جهل وظلم " فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا " ذكر حديث غريب يتعلق بقوله تعالى: "قل كل من عند الله" قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا السكن بن سعيد, حدثنا عمر بن يونس, حدثنا إسماعيل بن حماد عن مقاتل بن حيان, عن عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده, قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر في قبيلتين من الناس وقد ارتفعت أصواتهما, فجلس أبو بكر قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم, وجلس عمر قريباً من أبي بكر, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم ارتفعت أصواتكما ؟" فقال رجل: يا رسول الله, قال أبو بكر: يا رسول الله الحسنات من الله والسيئات من أنفسنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فما قلت يا عمر ؟" فقال: قلت الحسنات والسيئات من الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول من تكلم فيه جبريل وميكائيل، فقال ميكائيل مقالتك يا أبا بكر، وقال جبريل مقالتك يا عمر" فقال: "نختلف فيختلف أهل السماء وإن يختلف أهل السماء يختلف أهل الأرض, فتحاكما إلى إسرافيل فقضى بينهم أن الحسنات والسيئات من الله". ثم أقبل على أبي بكر وعمر فقال: "احفظا قضائي بينكما, لو أراد الله أن لا يعصى لما خلق إبليس" قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس بن تيمية: هذا حديث موضوع مختلق باتفاق أهل المعرفة. ثم قال تعالى مخاطباً لرسوله صلى الله عليه وسلم والمراد جنس الإنسان ليحصل الجواب "ما أصابك من حسنة فمن الله" أي من فضل الله ومنه ولطفه ورحمته "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" أي فمن قبلك, ومن عملك أنت, كما قال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" قال السدي والحسن البصري وابن جريج وابن زيد "فمن نفسك" أي بذنبك. وقال قتادة في الاية "فمن نفسك" عقوبة لك يا ابن آدم بذنبك. قال وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يصيب رجلاً خدش عود ولا عثرة قدم, ولا اختلاج عرق إلا بذنب, وما يعفو الله أكثر" وهذا الذي أرسله قتادة قد روي متصلاً في الصحيح "والذي نفسي بيده لا يصيب المؤمن هم ولا حزن, ولا نصب, حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها من خطاياه" وقال أبو صالح "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" أي بذنبك وأنا الذي قدرتها عليك, رواه ابن جرير, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عمار, حدثنا سهل يعني بن بكار, حدثنا الأسود بن شيبان, حدثني عقبة بن واصل ابن أخي مطرف عن مطرف بن عبد الله, قال: ما تريدون من القدر أما تكفيكم الاية التي في سورة النساء " وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك " ؟ أي من نفسك والله ما وكلوا إلى القدر وقد أمروا وإليه يصيرون, وهذا كلام متين قوي في الرد على القدرية والجبرية أيضاً. ولبسطه موضع آخر. وقوله تعالى: "وأرسلناك للناس رسولاً" أي تبلغهم شرائع الله وما يحبه الله ويرضاه, وما يكرهه ويأباه "وكفى بالله شهيداً" أي على أنه أرسلك وهو شهيد أيضاً بينك وبينهم, وعالم بما تبلغهم إياه وبما يردون عليك من الحق كفراً وعناداً.

الترجمة الإنجليزية

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً
التفسير77. Hast thou not seen those unto whom it was said: Withhold your hands, establish worship and pay the poor due, but when fighting was prescribed for them behold, a party of them fear mankind even as their fear of Allah or with greater fear, and say: Our Lord! Why hast thou ordained fighting for us? If only Thou wouldst give us respite yet a while! Say (unto them, O Muhammad): The comfort of this world is scant; the Hereafter will be better for him who wardeth off (evil); and ye will not be wronged the down upon a date stone.

الترجمة الفرنسية

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً
التفسير77. N'as-tu pas vu ceux auxquels on avait dit: ‹Abstenez-vous de combattre, accomplissez la Salat et acquittez la Zakat!› Puis lorsque le combat leur fut prescrit, voilà qu'une partie d'entre eux se mit à craindre les gens comme on craint Allah, ou même d'une crainte plus forte encore, et à dire: ‹ش notre Seigneur! Pourquoi nous as-Tu prescrit le combat? Pourquoi n'as-Tu pas reporté cela à un peu plus tard?› Dis: ‹La jouissance d'ici-bas est éphémère, mais la vie future est meilleure pour quiconque est pieux. Et on ne vous lésera pas fût-ce d'un brin de noyau de datte.






_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالأحد يناير 03, 2010 12:35 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (78)

أينما تكونوا يلحقكم الموت في أي مكان كنتم فيه عند حلول آجالكم, ولو كنتم في حصون منيعة بعيدة عن ساحة المعارك والقتال. وإن يحصل لهم ما يسرُّهم من متاع هذه الحياة, ينسبوا حصوله إلى الله تعالى, وإن وقع عليهم ما يكرهونه ينسبوه إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم جهالة وتشاؤمًا, وما علموا أن ذلك كله من عند الله وحده, بقضائه وقدره, فما بالهم لا يقاربون فَهْمَ أيِّ حديث تحدثهم به.


تفسير ابن كثير

أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ َإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا
التفسير كان المؤمنون في ابتداء الإسلام وهم بمكة مأمورين بالصلاة والزكاة, وإن لم تكن ذات النصب, وكانوا مأمورين بمواساة الفقراء منهم وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين والصبر إلى حين, وكانوا يتحرقون ويودون لو أمروا بالقتال ليشتفوا من أعدائهم ولم يكن الحال إذ ذاك مناسباً لأسباب كثيرة منها: قلة عددهم بالنسبة إلى كثرة عدد عدوهم, ومنها: كونهم كانوا في بلدهم, وهو بلد حرام, أشرف بقاع الأرض, فلم يكن الأمر بالقتال فيه ابتداء كما يقال, فلهذا لم يؤمر بالجهاد إلا بالمدينة لما صارت لهم دار ومنعة وأنصار, ومع هذا لما أمروا بما كانوا يودونه, جزع بعضهم منه, وخافوا مواجهة الناس خوفاً شديداً "وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب" أي لولا أخرت فرضه إلى مدة أخرى, فإن فيه سفك الدماء, ويتم الأولاد, وتأيم النساء, وهذه الاية كقوله تعالى: "ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال" الايات, قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين, حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة وعلي بن زنجة, قالا: حدثنا علي بن الحسن عن الحسين بن واقد, عن عمرو بن دينار, وعن عكرمة, عن ابن عباس: أن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة, فقالوا: يا نبي الله, كنا في عزة ونحن مشركون, فلما آمنا صرنا أذلة, قال: "إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم ", فلما حوله الله إلى المدينة, أمره بالقتال فكفوا فأنزل الله "ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم" الاية, ورواه النسائي والحاكم وابن مردويه من حديث علي بن الحسن بن شقيق به, وقال أسباط, عن السدي: لم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة, فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال, فلما فرض عليهم القتال "إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب" وهو الموت. قال الله تعالى: " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ". وقال مجاهد: إن هذه الاية نزلت في اليهود, رواه ابن جرير, وقوله: " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى " أي آخرة المتقي خير من دنياه. "ولا تظلمون فتيلاً" أي من أعمالكم بل توفونها أتم الجزاء, وهذه تسلية لهم عن الدنيا وترغيب لهم في الاخرة وتحريض لهم على الجهاد. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي, حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا حماد بن زيد عن هشام, قال: قرأ الحسن "قل متاع الدنيا قليل" قال: رحم الله عبداً صحبها على حسب ذلك, وما الدنيا كلها أولها وآخرها إلا كرجل نام نومة فرأى في منامه بعض ما يحب ثم انتبه. وقال ابن معين كان أبو مصهر ينشد:
ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له من الله في دار المقام نصيب
فإن تعجب الدنيا رجالاً فإنهـــــــا متــــــــاع قليل والزوال قريب
وقوله تعالى: "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة" أي أنتم صائرون إلى الموت لا محالة ولا ينجو منه أحد منكم, كما قال تعالى: "كل من عليها فان" الاية, وقال تعالى: "كل نفس ذائقة الموت", وقال تعالى: " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد " والمقصود أن كل أحد صائر إلى الموت لا محالة, ولا ينجيه من ذلك شيء سواء جاهد أو لم يجاهد, فإن له أجلاً محتوماً, ومقاماً مقسوماً, كما قال خالد بن الوليد حين جاء الموت على فراشه: لقد شهدت كذا وكذا موقفاً, وما من عضو من أعضائي إلا وفيه جرح من طعنة أو رمية, وها أنا أموت على فراشي, فلا نامت أعين الجبناء, وقوله: "ولو كنتم في بروج مشيدة" أي حصينة منيعة عالية رفيعة, وقيل, هي بروج في السماء قال السدي, وهو ضعيف, والصحيح أنها المنيعة, أي لا يغني حذر وتحصن من الموت, كما قال زهير بن أبي سلمى:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو رام أسباب السماء بسلم
ثم قيل: المشيدة هي المشيدة كما قال: وقصر مشيد وقيل: بل بينهما فرق, وهو أن المشيدة بالتشديد هي المطولة, وبالتخفيف هي المزينة بالشيد وهو الجص وقد ذكر ابن جرير وابن أبي حاتم ـ ههنا ـ حكاية مطولة عن مجاهد, أنه ذكر أن امرأة فيمن كان قبلنا أخذها الطلق, فأمرت أجيرها أن يأتيها بنار, فخرج فإذا هو برجل واقف على الباب, فقال: ما ولدت المرأة ؟ فقال: جارية, فقال: أما إنها ستزني بمائة رجل ثم يتزوجها أجيرها ويكون موتها بالعنكبوت. قال: فكر راجعاً, فبعج بطن الجارية بسكين فشقه ثم ذهب هارباً, وظن أنها قد ماتت, فخاطت أمها بطنها فبرئت وشبت وترعرعت ونشأت أحسن امرأة ببلدتها, فذهب ذاك الأجير ما ذهب ودخل البحور فاقتنى أموالاً جزيلة, ثم رجع إلى بلده وأراد التزوج, فقال لعجوز: أريد أن أتزوج بأحسن امرأة بهذه البلدة, فقالت ليس ههنا أحسن من فلانة, فقال: اخطبيها علي, فذهبت إليها فأجابت, فدخل بها فأعجبته إعجاباً شديداً, فسألته عن أمره ومن أين مقدمه, فأخبرها خبره وما كان من أمره في الجارية, فقالت: أنا هي وأرته مكان السكين, فتحقق ذلك, فقال: لئن كنت إياها فلقد أخبرني باثنتين لا بد منهما (إحداهما) أنك قد زنيت بمائة رجل, فقالت: لقد كان شيء من ذلك ولكن لا أدري ما عددهم فقال: هم مائة: (والثاني) أنك تموتين بالعنكبوت فاتخذ لها قصراً منيعاً شاهقاً ليحرزها من ذلك, فبينما هم يوماً فإذا بالعنكبوت في السقف فأراها, فقالت: أهذه هي التي تحذرها علي, والله لا يقتلها إلا أنا, فأنزلوها من السقف, فعمدت إليها فوطئتها بإبهام رجلها فقتلتها, فطار من سمها شيء فوقع بين ظفرها ولحمها واسودت رجلها, فكان في ذلك أجلها, فماتت, ونذكر ههنا قصة صاحب الحضر وهو الساطرون لما احتال عليه سابور حتى حصره فيه وقتل من فيه بعد محاصرة سنتين, وقالت العرب في ذلك أشعاراً منها:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجـ ــلة تجـــبى إليه والخابور
شـــــاده مرمراً وجلـــــله كلــ ـــساً فللطير في ذراه وكور
لم تهبه أيدي المنون فباد الـ ـملــــــك عنه فبابه مهجور
ولما دخل على عثمان جعل يقول: اللهم اجمع أمة محمد ثم تمثل بقول الشاعر:
أرى الموت لا يبقي عزيزاً ولم يدع لـــعاد مــــلاذاً في البلاد ومربعا
يبيت أهل الحصن والحصن مغـــلق ويأتي الجبال في شماريخها معا
قال ابن هشام: وكان كسرى سابور ذو الأكتاف قتل الساطرون ملك الحضر, وقال ابن هشام: إن الذي قتل صاحب الحضر سابور بن أردشير بن بابك أول ملوك بني ساسان, وأذل ملوك الطوائف, ورد الملك إلى الأكاسرة, فأما سابور ذو الأكتاف فهو من بعد ذلك بزمن طويل, والله أعلم, ذكره السهيلي, قال ابن هشام: فحصره سنتين وذلك لأنه كان أغار على بلاد سابور في غيبته وهو في العراق, وأشرفت بنت الساطرون وكان اسمها النضيرة, فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج, وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ, فدست إليه أن تتزوجني إن فتحت لك باب الحصن, فقال: نعم, فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر وكان لا يبيت إلا سكران, فأخذت مفاتيح باب الحصن من تحت رأسه فبعثت بها مع مولى لها ففتح الباب, ويقال: دلتهم على طلسم كان في الحصن لا يفتح حتى تؤخذ حمامة ورقاء فتخضب رجلاها بحيض جارية بكر زرقاء, ثم ترسل, فإذا وقعت على سور الحصن سقط ذلك ففتح الباب, ففعل ذلك, فدخل سابور, فقتل ساطرون واستباح الحصن وخربه, وسار بها معه وتزوجها, فبينما هي نائمة على فراشها ليلاً إذ جعلت تتململ لا تنام, فدعا لها بالشمع ففتش فراشها فوجد فيه ورقة آس, فقال لها سابور: هذا الذي أسهرك فما كان أبوك يصنع بك ؟ قالت: كان يفرش لي الديباج ويلبسني الحرير, ويطعمني المخ, ويسقيني الخمر, قال الطبري: كان يطعمني المخ والزبد, وشهد أبكار النحل, وصفو الخمر! وذكر أنه كان يرى مخ ساقها, قال: فكان جزاء أبيك ما صنعت به ؟! أنت إلي بذاك أسرع, ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس, فركض الفرس حتى قتلها, وفيه يقول عدي بن زيد العبادي أبياته المشهورة.
أيــــها الشامت المـــــعيــر بالدهـ ـر أأنت المبـــرأ المـــوفور
أم لديك العهد الـــــوثيق من الأيـ ـام بل أنت جاهل مـــــغرور
من رأيت المنــــون خلــــد أم من ذا عليه من أن يضام خفير
أين كسرى كسرى الملوك أنوشر وان أم أين قبله سابـــــور
وبنو الأصفر الكرام مــــــلوك الـ ـروم لم يبق منهم مذكــور
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجـــلة تجبـــــى إلــيه والخابــــور
رشاده مرمــــــراً وجللـــــــه كلـ ساً فللطير فــــي ذراه وكور
لم يهبه ريــــــب المنـــــون فباد الملك عنه فبابـــــه مهجور
وتذكر رب الخورنق إذ شـــرف يــــوماً وللــــهدى تفكــــير
سره ماله وكثرة مــــــا يــــملك والبـــــحر معرضاً والسدير
فارعوى قلــــبه وقـــال فما غبـ ـطة حي إلى الممات يصير
ثم أضحوا كأنهــــــم ورق جف فألوت بـــــه الصبا والدبور
ثم بعد الفلاح والمــــلك والأمــ ــة وارتهم هنــــاك القبـــور
وقوله: "وإن تصبهم حسنة" أي خصب ورزق من ثمار وزروع وأولاد ونحو ذلك, هذا معنى قول ابن عباس وأبي العالية والسدي "يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة" أي قحط وجدب ونقص في الثمار والزروع أو موت أولاد أو إنتاج أو غير ذلك كما يقوله أبو العالية والسدي "يقولوا هذه من عندك" أي من قبلك وبسبب اتباعنا لك واقتدائنا بدينك, كما قال تعالى عن قوم فرعون " فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه " وكما قال تعالى: "ومن الناس من يعبد الله على حرف" الاية, وهكذا قال هؤلاء المنافقون الذين دخلوا في الإسلام ظاهراً وهم كارهون له في نفس الأمر, ولهذا إذا أصابهم شر إنما يسندونه إلى اتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم. وقال السدي: وإن تصبهم حسنة, قال: والحسنة الخصب, تنتج مواشيهم وخيولهم, ويحسن حالهم وتلد نساؤهم الغلمان, قالوا "هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة" والسيئة الجدب والضرر في أموالهم, تشاءموا بمحمد صلى الله عليه وسلم وقالوا "هذه من عندك" يقولون: بتركنا ديننا واتباعنا محمداً أصابنا هذا البلاء, فأنزل الله عز وجل "قل كل من عند الله" فقوله: قل كل من عند الله, أي الجميع بقضاء الله وقدره, وهو نافذ في البر والفاجر والمؤمن والكافر. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, قل كل من عند الله, أي الحسنة والسيئة. وكذا قال الحسن البصري. ثم قال تعالى منكراً على هؤلاء القائلين هذه المقالة الصادرة عن شك وريب, وقلة فهم وعلم وكثرة جهل وظلم " فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا " ذكر حديث غريب يتعلق بقوله تعالى: "قل كل من عند الله" قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا السكن بن سعيد, حدثنا عمر بن يونس, حدثنا إسماعيل بن حماد عن مقاتل بن حيان, عن عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده, قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر في قبيلتين من الناس وقد ارتفعت أصواتهما, فجلس أبو بكر قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم, وجلس عمر قريباً من أبي بكر, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم ارتفعت أصواتكما ؟" فقال رجل: يا رسول الله, قال أبو بكر: يا رسول الله الحسنات من الله والسيئات من أنفسنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فما قلت يا عمر ؟" فقال: قلت الحسنات والسيئات من الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول من تكلم فيه جبريل وميكائيل، فقال ميكائيل مقالتك يا أبا بكر، وقال جبريل مقالتك يا عمر" فقال: "نختلف فيختلف أهل السماء وإن يختلف أهل السماء يختلف أهل الأرض, فتحاكما إلى إسرافيل فقضى بينهم أن الحسنات والسيئات من الله". ثم أقبل على أبي بكر وعمر فقال: "احفظا قضائي بينكما, لو أراد الله أن لا يعصى لما خلق إبليس" قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس بن تيمية: هذا حديث موضوع مختلق باتفاق أهل المعرفة. ثم قال تعالى مخاطباً لرسوله صلى الله عليه وسلم والمراد جنس الإنسان ليحصل الجواب "ما أصابك من حسنة فمن الله" أي من فضل الله ومنه ولطفه ورحمته "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" أي فمن قبلك, ومن عملك أنت, كما قال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" قال السدي والحسن البصري وابن جريج وابن زيد "فمن نفسك" أي بذنبك. وقال قتادة في الاية "فمن نفسك" عقوبة لك يا ابن آدم بذنبك. قال وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يصيب رجلاً خدش عود ولا عثرة قدم, ولا اختلاج عرق إلا بذنب, وما يعفو الله أكثر" وهذا الذي أرسله قتادة قد روي متصلاً في الصحيح "والذي نفسي بيده لا يصيب المؤمن هم ولا حزن, ولا نصب, حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها من خطاياه" وقال أبو صالح "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" أي بذنبك وأنا الذي قدرتها عليك, رواه ابن جرير, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عمار, حدثنا سهل يعني بن بكار, حدثنا الأسود بن شيبان, حدثني عقبة بن واصل ابن أخي مطرف عن مطرف بن عبد الله, قال: ما تريدون من القدر أما تكفيكم الاية التي في سورة النساء " وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك " ؟ أي من نفسك والله ما وكلوا إلى القدر وقد أمروا وإليه يصيرون, وهذا كلام متين قوي في الرد على القدرية والجبرية أيضاً. ولبسطه موضع آخر. وقوله تعالى: "وأرسلناك للناس رسولاً" أي تبلغهم شرائع الله وما يحبه الله ويرضاه, وما يكرهه ويأباه "وكفى بالله شهيداً" أي على أنه أرسلك وهو شهيد أيضاً بينك وبينهم, وعالم بما تبلغهم إياه وبما يردون عليك من الحق كفراً وعناداً.

الترجمة الإنجليزية

أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ َإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا
التفسير78. Wheresoever ye may be, death will overtake you, even though ye were in lofty towers. Yet if a happy thing befalleth them they say: This is from Allah; and if an evil thing befalleth them they say: This is of thy doing (O Muhammad). Say (unto them): All is from Allah. What is amiss with these people that they come not nigh to understand a happening?

الترجمة الفرنسية

أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ َإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا
التفسير78. Où que vous soyez, la mort vous atteindra, fussiez-vous dans des tours imprenables. Qu'un bien les atteigne, ils disent: ‹C'est de la part d'Allah.› Qu'un mal les atteigne, ils disent: ‹C'est dû à toi (Muhammad).› Dis: ‹Tout est d'Allah.› Mais qu'ont-ils ces gens, à ne comprendre presque aucune parole?







_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالأحد يناير 03, 2010 12:36 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً (79)

ما أصابك -أيها الإنسان- مِن خير ونعمة فهو من الله تعالى وحده, فضلا وإحسانًا, وما أصابك من جهد وشدة فبسبب عملك السيئ, وما اقترفته يداك من الخطايا والسيئات. وبعثناك -أيها الرسول- لعموم الناس رسولا تبلغهم رسالة ربك, وكفى بالله شهيدًا على صدق رسالتك.


تفسير ابن كثير

مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا
التفسير كان المؤمنون في ابتداء الإسلام وهم بمكة مأمورين بالصلاة والزكاة, وإن لم تكن ذات النصب, وكانوا مأمورين بمواساة الفقراء منهم وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين والصبر إلى حين, وكانوا يتحرقون ويودون لو أمروا بالقتال ليشتفوا من أعدائهم ولم يكن الحال إذ ذاك مناسباً لأسباب كثيرة منها: قلة عددهم بالنسبة إلى كثرة عدد عدوهم, ومنها: كونهم كانوا في بلدهم, وهو بلد حرام, أشرف بقاع الأرض, فلم يكن الأمر بالقتال فيه ابتداء كما يقال, فلهذا لم يؤمر بالجهاد إلا بالمدينة لما صارت لهم دار ومنعة وأنصار, ومع هذا لما أمروا بما كانوا يودونه, جزع بعضهم منه, وخافوا مواجهة الناس خوفاً شديداً "وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب" أي لولا أخرت فرضه إلى مدة أخرى, فإن فيه سفك الدماء, ويتم الأولاد, وتأيم النساء, وهذه الاية كقوله تعالى: "ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال" الايات, قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين, حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة وعلي بن زنجة, قالا: حدثنا علي بن الحسن عن الحسين بن واقد, عن عمرو بن دينار, وعن عكرمة, عن ابن عباس: أن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة, فقالوا: يا نبي الله, كنا في عزة ونحن مشركون, فلما آمنا صرنا أذلة, قال: "إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم ", فلما حوله الله إلى المدينة, أمره بالقتال فكفوا فأنزل الله "ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم" الاية, ورواه النسائي والحاكم وابن مردويه من حديث علي بن الحسن بن شقيق به, وقال أسباط, عن السدي: لم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة, فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال, فلما فرض عليهم القتال "إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب" وهو الموت. قال الله تعالى: " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ". وقال مجاهد: إن هذه الاية نزلت في اليهود, رواه ابن جرير, وقوله: " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى " أي آخرة المتقي خير من دنياه. "ولا تظلمون فتيلاً" أي من أعمالكم بل توفونها أتم الجزاء, وهذه تسلية لهم عن الدنيا وترغيب لهم في الاخرة وتحريض لهم على الجهاد. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي, حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا حماد بن زيد عن هشام, قال: قرأ الحسن "قل متاع الدنيا قليل" قال: رحم الله عبداً صحبها على حسب ذلك, وما الدنيا كلها أولها وآخرها إلا كرجل نام نومة فرأى في منامه بعض ما يحب ثم انتبه. وقال ابن معين كان أبو مصهر ينشد:
ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له من الله في دار المقام نصيب
فإن تعجب الدنيا رجالاً فإنهـــــــا متــــــــاع قليل والزوال قريب
وقوله تعالى: "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة" أي أنتم صائرون إلى الموت لا محالة ولا ينجو منه أحد منكم, كما قال تعالى: "كل من عليها فان" الاية, وقال تعالى: "كل نفس ذائقة الموت", وقال تعالى: " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد " والمقصود أن كل أحد صائر إلى الموت لا محالة, ولا ينجيه من ذلك شيء سواء جاهد أو لم يجاهد, فإن له أجلاً محتوماً, ومقاماً مقسوماً, كما قال خالد بن الوليد حين جاء الموت على فراشه: لقد شهدت كذا وكذا موقفاً, وما من عضو من أعضائي إلا وفيه جرح من طعنة أو رمية, وها أنا أموت على فراشي, فلا نامت أعين الجبناء, وقوله: "ولو كنتم في بروج مشيدة" أي حصينة منيعة عالية رفيعة, وقيل, هي بروج في السماء قال السدي, وهو ضعيف, والصحيح أنها المنيعة, أي لا يغني حذر وتحصن من الموت, كما قال زهير بن أبي سلمى:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو رام أسباب السماء بسلم
ثم قيل: المشيدة هي المشيدة كما قال: وقصر مشيد وقيل: بل بينهما فرق, وهو أن المشيدة بالتشديد هي المطولة, وبالتخفيف هي المزينة بالشيد وهو الجص وقد ذكر ابن جرير وابن أبي حاتم ـ ههنا ـ حكاية مطولة عن مجاهد, أنه ذكر أن امرأة فيمن كان قبلنا أخذها الطلق, فأمرت أجيرها أن يأتيها بنار, فخرج فإذا هو برجل واقف على الباب, فقال: ما ولدت المرأة ؟ فقال: جارية, فقال: أما إنها ستزني بمائة رجل ثم يتزوجها أجيرها ويكون موتها بالعنكبوت. قال: فكر راجعاً, فبعج بطن الجارية بسكين فشقه ثم ذهب هارباً, وظن أنها قد ماتت, فخاطت أمها بطنها فبرئت وشبت وترعرعت ونشأت أحسن امرأة ببلدتها, فذهب ذاك الأجير ما ذهب ودخل البحور فاقتنى أموالاً جزيلة, ثم رجع إلى بلده وأراد التزوج, فقال لعجوز: أريد أن أتزوج بأحسن امرأة بهذه البلدة, فقالت ليس ههنا أحسن من فلانة, فقال: اخطبيها علي, فذهبت إليها فأجابت, فدخل بها فأعجبته إعجاباً شديداً, فسألته عن أمره ومن أين مقدمه, فأخبرها خبره وما كان من أمره في الجارية, فقالت: أنا هي وأرته مكان السكين, فتحقق ذلك, فقال: لئن كنت إياها فلقد أخبرني باثنتين لا بد منهما (إحداهما) أنك قد زنيت بمائة رجل, فقالت: لقد كان شيء من ذلك ولكن لا أدري ما عددهم فقال: هم مائة: (والثاني) أنك تموتين بالعنكبوت فاتخذ لها قصراً منيعاً شاهقاً ليحرزها من ذلك, فبينما هم يوماً فإذا بالعنكبوت في السقف فأراها, فقالت: أهذه هي التي تحذرها علي, والله لا يقتلها إلا أنا, فأنزلوها من السقف, فعمدت إليها فوطئتها بإبهام رجلها فقتلتها, فطار من سمها شيء فوقع بين ظفرها ولحمها واسودت رجلها, فكان في ذلك أجلها, فماتت, ونذكر ههنا قصة صاحب الحضر وهو الساطرون لما احتال عليه سابور حتى حصره فيه وقتل من فيه بعد محاصرة سنتين, وقالت العرب في ذلك أشعاراً منها:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجـ ــلة تجـــبى إليه والخابور
شـــــاده مرمراً وجلـــــله كلــ ـــساً فللطير في ذراه وكور
لم تهبه أيدي المنون فباد الـ ـملــــــك عنه فبابه مهجور
ولما دخل على عثمان جعل يقول: اللهم اجمع أمة محمد ثم تمثل بقول الشاعر:
أرى الموت لا يبقي عزيزاً ولم يدع لـــعاد مــــلاذاً في البلاد ومربعا
يبيت أهل الحصن والحصن مغـــلق ويأتي الجبال في شماريخها معا
قال ابن هشام: وكان كسرى سابور ذو الأكتاف قتل الساطرون ملك الحضر, وقال ابن هشام: إن الذي قتل صاحب الحضر سابور بن أردشير بن بابك أول ملوك بني ساسان, وأذل ملوك الطوائف, ورد الملك إلى الأكاسرة, فأما سابور ذو الأكتاف فهو من بعد ذلك بزمن طويل, والله أعلم, ذكره السهيلي, قال ابن هشام: فحصره سنتين وذلك لأنه كان أغار على بلاد سابور في غيبته وهو في العراق, وأشرفت بنت الساطرون وكان اسمها النضيرة, فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج, وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ, فدست إليه أن تتزوجني إن فتحت لك باب الحصن, فقال: نعم, فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر وكان لا يبيت إلا سكران, فأخذت مفاتيح باب الحصن من تحت رأسه فبعثت بها مع مولى لها ففتح الباب, ويقال: دلتهم على طلسم كان في الحصن لا يفتح حتى تؤخذ حمامة ورقاء فتخضب رجلاها بحيض جارية بكر زرقاء, ثم ترسل, فإذا وقعت على سور الحصن سقط ذلك ففتح الباب, ففعل ذلك, فدخل سابور, فقتل ساطرون واستباح الحصن وخربه, وسار بها معه وتزوجها, فبينما هي نائمة على فراشها ليلاً إذ جعلت تتململ لا تنام, فدعا لها بالشمع ففتش فراشها فوجد فيه ورقة آس, فقال لها سابور: هذا الذي أسهرك فما كان أبوك يصنع بك ؟ قالت: كان يفرش لي الديباج ويلبسني الحرير, ويطعمني المخ, ويسقيني الخمر, قال الطبري: كان يطعمني المخ والزبد, وشهد أبكار النحل, وصفو الخمر! وذكر أنه كان يرى مخ ساقها, قال: فكان جزاء أبيك ما صنعت به ؟! أنت إلي بذاك أسرع, ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس, فركض الفرس حتى قتلها, وفيه يقول عدي بن زيد العبادي أبياته المشهورة.
أيــــها الشامت المـــــعيــر بالدهـ ـر أأنت المبـــرأ المـــوفور
أم لديك العهد الـــــوثيق من الأيـ ـام بل أنت جاهل مـــــغرور
من رأيت المنــــون خلــــد أم من ذا عليه من أن يضام خفير
أين كسرى كسرى الملوك أنوشر وان أم أين قبله سابـــــور
وبنو الأصفر الكرام مــــــلوك الـ ـروم لم يبق منهم مذكــور
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجـــلة تجبـــــى إلــيه والخابــــور
رشاده مرمــــــراً وجللـــــــه كلـ ساً فللطير فــــي ذراه وكور
لم يهبه ريــــــب المنـــــون فباد الملك عنه فبابـــــه مهجور
وتذكر رب الخورنق إذ شـــرف يــــوماً وللــــهدى تفكــــير
سره ماله وكثرة مــــــا يــــملك والبـــــحر معرضاً والسدير
فارعوى قلــــبه وقـــال فما غبـ ـطة حي إلى الممات يصير
ثم أضحوا كأنهــــــم ورق جف فألوت بـــــه الصبا والدبور
ثم بعد الفلاح والمــــلك والأمــ ــة وارتهم هنــــاك القبـــور
وقوله: "وإن تصبهم حسنة" أي خصب ورزق من ثمار وزروع وأولاد ونحو ذلك, هذا معنى قول ابن عباس وأبي العالية والسدي "يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة" أي قحط وجدب ونقص في الثمار والزروع أو موت أولاد أو إنتاج أو غير ذلك كما يقوله أبو العالية والسدي "يقولوا هذه من عندك" أي من قبلك وبسبب اتباعنا لك واقتدائنا بدينك, كما قال تعالى عن قوم فرعون " فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه " وكما قال تعالى: "ومن الناس من يعبد الله على حرف" الاية, وهكذا قال هؤلاء المنافقون الذين دخلوا في الإسلام ظاهراً وهم كارهون له في نفس الأمر, ولهذا إذا أصابهم شر إنما يسندونه إلى اتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم. وقال السدي: وإن تصبهم حسنة, قال: والحسنة الخصب, تنتج مواشيهم وخيولهم, ويحسن حالهم وتلد نساؤهم الغلمان, قالوا "هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة" والسيئة الجدب والضرر في أموالهم, تشاءموا بمحمد صلى الله عليه وسلم وقالوا "هذه من عندك" يقولون: بتركنا ديننا واتباعنا محمداً أصابنا هذا البلاء, فأنزل الله عز وجل "قل كل من عند الله" فقوله: قل كل من عند الله, أي الجميع بقضاء الله وقدره, وهو نافذ في البر والفاجر والمؤمن والكافر. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, قل كل من عند الله, أي الحسنة والسيئة. وكذا قال الحسن البصري. ثم قال تعالى منكراً على هؤلاء القائلين هذه المقالة الصادرة عن شك وريب, وقلة فهم وعلم وكثرة جهل وظلم " فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا " ذكر حديث غريب يتعلق بقوله تعالى: "قل كل من عند الله" قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا السكن بن سعيد, حدثنا عمر بن يونس, حدثنا إسماعيل بن حماد عن مقاتل بن حيان, عن عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده, قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر في قبيلتين من الناس وقد ارتفعت أصواتهما, فجلس أبو بكر قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم, وجلس عمر قريباً من أبي بكر, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم ارتفعت أصواتكما ؟" فقال رجل: يا رسول الله, قال أبو بكر: يا رسول الله الحسنات من الله والسيئات من أنفسنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فما قلت يا عمر ؟" فقال: قلت الحسنات والسيئات من الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول من تكلم فيه جبريل وميكائيل، فقال ميكائيل مقالتك يا أبا بكر، وقال جبريل مقالتك يا عمر" فقال: "نختلف فيختلف أهل السماء وإن يختلف أهل السماء يختلف أهل الأرض, فتحاكما إلى إسرافيل فقضى بينهم أن الحسنات والسيئات من الله". ثم أقبل على أبي بكر وعمر فقال: "احفظا قضائي بينكما, لو أراد الله أن لا يعصى لما خلق إبليس" قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس بن تيمية: هذا حديث موضوع مختلق باتفاق أهل المعرفة. ثم قال تعالى مخاطباً لرسوله صلى الله عليه وسلم والمراد جنس الإنسان ليحصل الجواب "ما أصابك من حسنة فمن الله" أي من فضل الله ومنه ولطفه ورحمته "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" أي فمن قبلك, ومن عملك أنت, كما قال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" قال السدي والحسن البصري وابن جريج وابن زيد "فمن نفسك" أي بذنبك. وقال قتادة في الاية "فمن نفسك" عقوبة لك يا ابن آدم بذنبك. قال وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يصيب رجلاً خدش عود ولا عثرة قدم, ولا اختلاج عرق إلا بذنب, وما يعفو الله أكثر" وهذا الذي أرسله قتادة قد روي متصلاً في الصحيح "والذي نفسي بيده لا يصيب المؤمن هم ولا حزن, ولا نصب, حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها من خطاياه" وقال أبو صالح "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" أي بذنبك وأنا الذي قدرتها عليك, رواه ابن جرير, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عمار, حدثنا سهل يعني بن بكار, حدثنا الأسود بن شيبان, حدثني عقبة بن واصل ابن أخي مطرف عن مطرف بن عبد الله, قال: ما تريدون من القدر أما تكفيكم الاية التي في سورة النساء " وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك " ؟ أي من نفسك والله ما وكلوا إلى القدر وقد أمروا وإليه يصيرون, وهذا كلام متين قوي في الرد على القدرية والجبرية أيضاً. ولبسطه موضع آخر. وقوله تعالى: "وأرسلناك للناس رسولاً" أي تبلغهم شرائع الله وما يحبه الله ويرضاه, وما يكرهه ويأباه "وكفى بالله شهيداً" أي على أنه أرسلك وهو شهيد أيضاً بينك وبينهم, وعالم بما تبلغهم إياه وبما يردون عليك من الحق كفراً وعناداً.

الترجمة الإنجليزية

مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا
التفسير79. Whatever of good befalleth thee ( O man ) it is from Allah, and whatever of ill befalleth thee it is from thyself. We have sent thee ( Muhammad ) as a messenger unto mankind and Allah is sufficient as witness.

الترجمة الفرنسية

مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا
التفسير79. Tout bien qui t'atteint vient d'Allah, et tout mal qui t'atteint vient de toi- même. Et Nous t'avons envoyé aux gens comme Messager. Et Allah suffit comme témoin.







_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالأحد يناير 03, 2010 12:37 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80)

من يستجب للرسول صلى الله عليه وسلم, ويعمل بهديه, فقد استجاب لله تعالى وامتثل أمره, ومن أعرض عن طاعة الله ورسوله فما بعثناك -أيها الرسول- على هؤلاء المعترضين رقيبًا تحفظ أعمالهم وتحاسبهم عليها, فحسابهم علينا.


تفسير ابن كثير

مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا
التفسير يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأن من أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله, وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان, حدثنا أبو معاوية عن الأعمش, عن أبي صالح, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله, ومن عصاني فقد عصى الله, ومن أطاع الأمير فقد أطاعني, ومن عصى الأمير فقد عصاني" وهذا الحديث ثابت في الصحيحين عن الأعمش به. وقوله: "ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً" أي ما عليك منه إن عليك إلا البلاغ فمن اتبعك سعد ونجا, وكان لك من الأجر نظير ما حصل له, ومن تولى عنك خاب وخسر وليس عليك من أمره شيء, كما جاء في الحديث "من يطع الله ورسوله فقد رشد, ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه".
وقوله: "ويقولون طاعة" يخبر تعالى عن المنافقين بأنهم يظهرون الموافقة والطاعة "فإذا برزوا من عندك" أي خرجوا وتواروا عنك "بيت طائفة منهم غير الذي تقول" أي استسروا ليلاً فيما بينهم بغير ما أظهروه لك, فقال تعالى: "والله يكتب ما يبيتون" أي يعلمه ويكتبه عليهم بما يأمر به حفظته الكاتبين الذين هم موكلون بالعباد, والمعنى في هذا التهديد أنه تعالى يخبر بأنه عالم بما يضمرونه ويسرونه فيما بينهم, وما يتفقون عليه ليلاً من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم وعصيانه وإن كانوا قد أظهروا له الطاعة والموافقة, وسيجزيهم على ذلك, كما قال تعالى: "ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا" الاية, وقوله: "فأعرض عنهم" أي اصفح عنهم واحلم عليهم ولا تؤاخذهم, ولا تكشف أمورهم للناس, ولا تخف منهم أيضاً "وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً" أي كفى به ولياً وناصراً ومعيناً لمن توكل عليه وأناب إليه.

الترجمة الإنجليزية

مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا
التفسير80. Whoso obeyeth the messenger obeyeth Allah, and whoso turneth away: We have not sent thee as a warder over them.

الترجمة الفرنسية

مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا
التفسير80. Quiconque obéit au Messager obéit certainement à Allah. Et quiconque tourne le dos... Nous ne t'avons pas envoyé à eux comme gardien.


بسم الله الرحمن الرحيم

وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81)

ويُظْهر هؤلاء المعرضون, وهم في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم, طاعتهم للرسول وما جاء به, فإذا ابتعدوا عنه وانصرفوا عن مجلسه, دبَّر جماعة منهم ليلا غير ما أعلنوه من الطاعة, وما علموا أن الله يحصي عليهم ما يدبرون, وسيجازيهم عليه أتم الجزاء, فتول عنهم -أيها الرسول- ولا تبال بهم, فإنهم لن يضروك, وتوكل على الله, وحسبك به وليّاً وناصرًا.

تفسير ابن كثير

وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً
التفسير يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأن من أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله, وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان, حدثنا أبو معاوية عن الأعمش, عن أبي صالح, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله, ومن عصاني فقد عصى الله, ومن أطاع الأمير فقد أطاعني, ومن عصى الأمير فقد عصاني" وهذا الحديث ثابت في الصحيحين عن الأعمش به. وقوله: "ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً" أي ما عليك منه إن عليك إلا البلاغ فمن اتبعك سعد ونجا, وكان لك من الأجر نظير ما حصل له, ومن تولى عنك خاب وخسر وليس عليك من أمره شيء, كما جاء في الحديث "من يطع الله ورسوله فقد رشد, ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه".
وقوله: "ويقولون طاعة" يخبر تعالى عن المنافقين بأنهم يظهرون الموافقة والطاعة "فإذا برزوا من عندك" أي خرجوا وتواروا عنك "بيت طائفة منهم غير الذي تقول" أي استسروا ليلاً فيما بينهم بغير ما أظهروه لك, فقال تعالى: "والله يكتب ما يبيتون" أي يعلمه ويكتبه عليهم بما يأمر به حفظته الكاتبين الذين هم موكلون بالعباد, والمعنى في هذا التهديد أنه تعالى يخبر بأنه عالم بما يضمرونه ويسرونه فيما بينهم, وما يتفقون عليه ليلاً من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم وعصيانه وإن كانوا قد أظهروا له الطاعة والموافقة, وسيجزيهم على ذلك, كما قال تعالى: "ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا" الاية, وقوله: "فأعرض عنهم" أي اصفح عنهم واحلم عليهم ولا تؤاخذهم, ولا تكشف أمورهم للناس, ولا تخف منهم أيضاً "وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً" أي كفى به ولياً وناصراً ومعيناً لمن توكل عليه وأناب إليه.

الترجمة الإنجليزية

وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً
التفسير81. And they say: (It is) obedience; but when they have gone forth from thee a party of them spend the night in planning other than what thou sayest. Allah recordeth what they plan by night. So oppose them and put thy trust in Allah. Allah is sufficient as Trustee.

الترجمة الفرنسية

وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً
التفسير81. Ils disent: ‹obéissance!› Puis sitٍt sortis de chez toi, une partie d'entre eux délibère au cours de la nuit de tout autre chose que ce qu'elle t'a dit. [Cependant] Allah enregistre ce qu'ils font la nuit. Pardonne-leur donc et place ta confiance en Allah. Et Allah suffit comme Protecteur.








_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالأحد يناير 03, 2010 12:39 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82)

أفلا ينظر هؤلاء في القرآن, وما جاء به من الحق, نظر تأمل وتدبر, حيث جاء على نسق محكم يقطع بأنه من عند الله وحده؟ ولو كان مِن عند غيره لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا.


تفسير ابن كثير

أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيراً
التفسير يقول تعالى آمراً لهم بتدبر القرآن وناهياً لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة, ومخبراً لهم أنه لا اختلاف فيه ولا اضطراب, ولا تعارض لأنه تنزيل من حكيم حميد فهو حق من حق, ولهذا قال تعالى: "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها", ثم قال: "ولو كان من عند غير الله" أي لو كان مفتعلاً مختلقاً, كما يقوله من يقول من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم لوجدوا فيه اختلافاً, أي اضطراباً وتضاداً كثيراً, أي وهذا سالم من الاختلاف, فهو من عند الله, كما قال تعالى مخبراً عن الراسخين في العلم حيث قالوا "آمنا به كل من عند ربنا" أي محكمه ومتشابهه حق, فلهذا ردوا المتشابه إلى المحكم فاهتدوا, والذين في قلوبهم زيغ ردوا المحكم إلى المتشابه فغووا, ولهذا مدح تعالى الراسخين وذم الزائغين, قال الإمام أحمد: حدثنا أنس بن عياض, حدثنا أبو حازم, حدثنا عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده قال: لقد جلست أنا وأخي مجلساً ما أحب أن لي به حمر النعم, أقبلت أنا وأخي وإذا مشيخة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب من أبوابه, فكرهنا أن نفرق بينهم, فجلسنا حجرة إذ ذكروا آية من القرآن فتماروا فيها حتى ارتفعت أصواتهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضباً حتى احمر وجهه يرميهم بالتراب ويقول: "مهلاً يا قوم بهذا أهلكت الأمم من قبلكم, باختلافهم على أنبيائهم, وضربهم الكتب بعضها ببعض, إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضاً, إنما نزل يصدق بعضه بعضاً, فما عرفتم منه فاعملوا به, وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه" وهكذا رواه أيضاً عن أبي معاوية, عن داود بن أبي هند, عن عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده, قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم والناس يتكلمون في القدر, فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب, فقال لهم: "مالكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض, بهذا هلك من كان قبلكم" قال: فما غبطت نفسي بمجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أشهده ما غبطت نفسي بذلك المجلس أني لم أشهده, ورواه ابن ماجه من حديث داود بن أبي هند به نحوه.
وقال أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني, قال: كتب إلى عبد الله بن رباح يحدث عن عبد الله بن عمرو, قال: هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً, فإنا لجلوس إذ اختلف اثنان في آية, فارتفعت أصواتهما, فقال: "إنما هلكت الأمم قبلكم باختلافهم في الكتاب". ورواه مسلم والنسائي من حديث حماد بن زيد به.
وقوله: "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به" إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها, وقد لا يكون لها صحة. وقد قال مسلم في مقدمة صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة, حدثنا علي بن حفص, حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن, عن حفص بن عاصم, عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع" وكذا رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه عن محمد بن الحسين بن أشكاب, عن علي بن حفص عن شعبة مسنداً, ورواه مسلم أيضاً من حديث معاذ بن هشام العنبري وعبد الرحمن بن مهدي, وأخرجه أبو داود أيضاً من حديث حفص بن عمرو النمري, ثلاثتهم عن شعبة, عن خبيب, عن حفص بن عاصم به مرسلاً, وفي الصحيحين, عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, نهى عن قيل وقال, أي الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تثبت, ولا تدبر, ولا تبين. وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بئس مطية الرجل زعموا". وفي الصحيح "من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" ولنذكر ههنا حديث عمر بن الخطاب المتفق على صحته حين بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, طلق نساءه, فجاء من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك, فلم يصبر حتى استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم, فاستفهمه أطلقت نساءك فقال "لا" فقلت: الله أكبر وذكر الحديث بطوله. وعند مسلم فقلت: أطلقتهن ؟ فقال "لا" فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي, لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه, ونزلت هذه الاية "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر, ومعنى يستنبطونه أي يستخرجونه من معادنه, يقال: استنبط الرجل العين إذا حفرها واستخرجها من قعورها. وقوله: " لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ", قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني المؤمنين. وقال عبد الرزاق, عن معمر, عن قتادة: " لاتبعتم الشيطان إلا قليلا " يعني كلكم, واستشهد من نصر هذا القول بقول الطرماح بن حكيم في مدح يزيد بن المهلب:
أشم ندي كثير النوادي قليل المثالب والقادحة
يعني لا مثالب له ولا قادحة فيه.

الترجمة الإنجليزية

أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيراً
التفسير82. Will they not then ponder on the Qur'an? If it had been from other than Allah they would have found therein much incongruity.

الترجمة الفرنسية

أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيراً
التفسير82. Ne méditent-ils donc pas sur le Coran? S'il provenait d'un autre qu'Allah, ils y trouveraient certes maintes contradictions!



بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (83)

وإذا جاء هؤلاء الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم أمْرٌ يجب كتمانه متعلقًا بالأمن الذي يعود خيره على الإسلام والمسلمين, أو بالخوف الذي يلقي في قلوبهم عدم الاطمئنان, أفشوه وأذاعوا به في الناس, ولو ردَّ هؤلاء ما جاءهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أهل العلم والفقه لَعَلِمَ حقيقة معناه أهل الاستنباط منهم. ولولا أنْ تَفَضَّلَ الله عليكم ورحمكم لاتبعتم الشيطان ووساوسه إلا قليلا منكم.


تفسير ابن كثير

وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً
التفسير يقول تعالى آمراً لهم بتدبر القرآن وناهياً لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة, ومخبراً لهم أنه لا اختلاف فيه ولا اضطراب, ولا تعارض لأنه تنزيل من حكيم حميد فهو حق من حق, ولهذا قال تعالى: "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها", ثم قال: "ولو كان من عند غير الله" أي لو كان مفتعلاً مختلقاً, كما يقوله من يقول من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم لوجدوا فيه اختلافاً, أي اضطراباً وتضاداً كثيراً, أي وهذا سالم من الاختلاف, فهو من عند الله, كما قال تعالى مخبراً عن الراسخين في العلم حيث قالوا "آمنا به كل من عند ربنا" أي محكمه ومتشابهه حق, فلهذا ردوا المتشابه إلى المحكم فاهتدوا, والذين في قلوبهم زيغ ردوا المحكم إلى المتشابه فغووا, ولهذا مدح تعالى الراسخين وذم الزائغين, قال الإمام أحمد: حدثنا أنس بن عياض, حدثنا أبو حازم, حدثنا عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده قال: لقد جلست أنا وأخي مجلساً ما أحب أن لي به حمر النعم, أقبلت أنا وأخي وإذا مشيخة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب من أبوابه, فكرهنا أن نفرق بينهم, فجلسنا حجرة إذ ذكروا آية من القرآن فتماروا فيها حتى ارتفعت أصواتهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضباً حتى احمر وجهه يرميهم بالتراب ويقول: "مهلاً يا قوم بهذا أهلكت الأمم من قبلكم, باختلافهم على أنبيائهم, وضربهم الكتب بعضها ببعض, إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضاً, إنما نزل يصدق بعضه بعضاً, فما عرفتم منه فاعملوا به, وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه" وهكذا رواه أيضاً عن أبي معاوية, عن داود بن أبي هند, عن عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده, قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم والناس يتكلمون في القدر, فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب, فقال لهم: "مالكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض, بهذا هلك من كان قبلكم" قال: فما غبطت نفسي بمجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أشهده ما غبطت نفسي بذلك المجلس أني لم أشهده, ورواه ابن ماجه من حديث داود بن أبي هند به نحوه.
وقال أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني, قال: كتب إلى عبد الله بن رباح يحدث عن عبد الله بن عمرو, قال: هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً, فإنا لجلوس إذ اختلف اثنان في آية, فارتفعت أصواتهما, فقال: "إنما هلكت الأمم قبلكم باختلافهم في الكتاب". ورواه مسلم والنسائي من حديث حماد بن زيد به.
وقوله: "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به" إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها, وقد لا يكون لها صحة. وقد قال مسلم في مقدمة صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة, حدثنا علي بن حفص, حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن, عن حفص بن عاصم, عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع" وكذا رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه عن محمد بن الحسين بن أشكاب, عن علي بن حفص عن شعبة مسنداً, ورواه مسلم أيضاً من حديث معاذ بن هشام العنبري وعبد الرحمن بن مهدي, وأخرجه أبو داود أيضاً من حديث حفص بن عمرو النمري, ثلاثتهم عن شعبة, عن خبيب, عن حفص بن عاصم به مرسلاً, وفي الصحيحين, عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, نهى عن قيل وقال, أي الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تثبت, ولا تدبر, ولا تبين. وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بئس مطية الرجل زعموا". وفي الصحيح "من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" ولنذكر ههنا حديث عمر بن الخطاب المتفق على صحته حين بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, طلق نساءه, فجاء من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك, فلم يصبر حتى استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم, فاستفهمه أطلقت نساءك فقال "لا" فقلت: الله أكبر وذكر الحديث بطوله. وعند مسلم فقلت: أطلقتهن ؟ فقال "لا" فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي, لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه, ونزلت هذه الاية "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر, ومعنى يستنبطونه أي يستخرجونه من معادنه, يقال: استنبط الرجل العين إذا حفرها واستخرجها من قعورها. وقوله: " لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ", قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني المؤمنين. وقال عبد الرزاق, عن معمر, عن قتادة: " لاتبعتم الشيطان إلا قليلا " يعني كلكم, واستشهد من نصر هذا القول بقول الطرماح بن حكيم في مدح يزيد بن المهلب:
أشم ندي كثير النوادي قليل المثالب والقادحة
يعني لا مثالب له ولا قادحة فيه.

الترجمة الإنجليزية

وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً
التفسير83. And if any tidings, whether of safety or fear, come unto them, they noise it abroad, whereas if they had referred it to the messenger and such of them as are in authority, those among them who are able to think out the matter would have known it. If it had not been for the grace of Allah and His mercy ye would have followed Satan, save a few (of you).

الترجمة الفرنسية

وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً
التفسير83. Quand leur parvient une nouvelle rassurante ou alarmante, ils la diffusent. S'ils la rapportaient au Messager et aux détenteurs du commandement parmi eux ceux d'entre eux qui cherchent à être éclairés, auraient appris (la vérité de la bouche du Prophète et des détenteurs du commandement). Et n'eussent été le grâce d'Allah sur vous et Sa miséricorde, vous auriez suivi le Diable, à part quelques- uns.








_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالأحد يناير 03, 2010 12:40 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً (84)

فجاهد -أيها النبي- في سبيل الله لإعلاء كلمته, لا تلزم فعل غيرك ولا تؤاخذ به, وحُضَّ المؤمنين على القتال والجهاد, ورغِّبهم فيه, لعل الله يمنع بك وبهم بأس الكافرين وشدتهم. والله تعالى أشد قوة وأعظم عقوبة للكافرين.


تفسير ابن كثير

فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً
التفسير يأمر تعالى عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يباشر القتال بنفسه, ومن نكل عنه فلا عليه منه, ولهذا قال "لا تكلف إلا نفسك" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمد بن عمرو بن نبيح, حدثنا حكام, حدثنا الجراح الكندي عن أبي إسحاق, قال: سألت البراء بن عازب عن الرجل يلقى المائة من العدو فيقاتل فيكون ممن قال الله فيه: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" ؟ قال: قد قال الله تعالى لنبيه: "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين". ورواه الإمام أحمد عن سليمان بن داود, عن أبي بكر بن عياش, عن أبي إسحاق, قال: قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين, أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة ؟ قال: لا, إن الله بعث رسوله صلى الله عليه وسلم وقال: "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك" إنما ذلك في النفقة وكذا رواه ابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش وعلي بن صالح, عن أبي إسحاق, عن البراء به. ثم قال ابن مردويه: حدثنا سليمان بن أحمد, حدثنا أحمد بن النضر العسكري, حدثنا مسلم بن عبد الرحمن الجرمي, حدثنا محمد بن حمير, حدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق, عن البراء, قال: لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين" الاية, قال لأصحابه: "وقد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا" حديث غريب.
وقوله: "وحرض المؤمنين" أي على القتال ورغبهم فيه وشجعهم عليه, كما قال لهم صلى الله عليه وسلم يوم بدر وهو يسوي الصفوف: "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض" وقد وردت أحاديث كثيرة في الترغيب في ذلك, فمن ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آمن بالله ورسوله, وأقام الصلاة وآتى الزكاة, وصام رمضان, كان حقاً على الله أن يدخله الجنة, هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها". قالوا: يا رسول الله أفلا نبشر الناس بذلك ؟ فقال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبييل الله, بين كل درجتين كما بين السماء والأرض, فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة, وأعلى الجنة, وفوقه عرش الرحمن, ومنه تفجر أنهار الجنة" وري من حديث عبادة ومعاذ وأبي الدرداء, نحو ذلك. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا سعيد, من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً, وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبياً, وجبت له الجنة", قال: فعجب لها أبو سعيد, فقال: أعدها علي يا رسول الله, ففعل, ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأخرى يرفع الله العبد بها مائة درجة في الجنة, ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض". قال: وما هي يا رسول الله ؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" , رواه مسلم. وقوله: "عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا" أي بتحريضك إياهم على القتال تنبعث هممهم على مناجزة الأعداء. ومدافعتهم عن حوزة الإسلام وأهله, ومقاومتهم ومصابرتهم. وقوله تعالى: "والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً" أي هو قادر عليهم في الدنيا والاخرة كما قال تعالى: " ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض " الاية.
وقوله: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها" أي من يسعى في أمر فيترتب عليه خير كان له نصيب من ذلك, "ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها" اي يكون عليه وزر من ذلك الأمر الذي ترتب على سعيه ونيته, كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم, أنه قال: "اشفعوا تؤجروا, ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء", وقال مجاهد بن جبر: نزلت هذه الاية في شفاعات الناس بعضهم لبعض. وقال الحسن البصري: قال الله تعالى: "من يشفع" ولم يقل من يشفع, وقوله: "وكان الله على كل شيء مقيتاً". قال ابن عباس وعطاء وعطية وقتادة ومطر الوارق "مقيتاً" أي حفيظاً. وقال مجاهد: شهيداً, وفي رواية عنه: حسيباً. وقال سعيد بن جبير والسدي وابن زيد: قديراً. وقال عبد الله بن كثير: المقيت الواصب, وقال الضحاك المقيت الرزاق, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا عبد الرحيم بن مطرف, حدثنا عيسى بن يونس عن إسماعيل عن رجل. عن عبد الله بن رواحة, وسأله رجل عن قول الله تعالى: "وكان الله على كل شيء مقيتا" قال: مقيت لكل إنسان بقدر عمله.
وقوله: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" أي إذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه أفضل مما سلم, أو ردوا عليه بمثل ما سلم, فالزيادة مندوبة, والمماثلة مفروضة, قال ابن جرير: حدثنا موسى بن سهل الرملي, حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي, حدثنا هشام بن لاحق عن عاصم الأحول, عن أبي عثمان النهدي, عن سلمان الفارسي, قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله, فقال: "وعليك السلام ورحمة الله", ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته"، ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته, فقال له: "وعليك", فقال له الرجل: يا نبي الله, بأبي أنت وأمي, أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي فقال: "إنك لم تدع لنا شيئاً, قال الله تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" فرددناها عليك", وهكذا رواه ابن أبي حاتم معلقاً, فقال: ذكر عن أحمد بن الحسن الترمذي حدثنا عبد الله بن السري أبو محمد الأنطاكي, قال أبو الحسن, وكان رجلاً صالحاً: حدثنا هشام بن لاحق فذكره بإسناده مثله, ورواه أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الباقي بن قانع, حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل, حدثنا أبي, حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان فذكره مثله, ولم أره في المسند, والله أعلم.
وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, إذ لو شرع أكثر من ذلك لزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن كثير أخو سليمان عن كثير, حدثنا جعفر بن سليمان بن عوف, عن أبي رجاء العطاردي, عن عمران بن حصين أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: السلام عليكم يا رسول الله فرد عليه ثم جلس فقال: "عشر", ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله يا رسول الله, فرد عليه ثم جلس, فقال: "عشرون", ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, فرد عليه, ثم جلس فقال: "ثلاثون", وكذا رواه أبو داود عن محمد بن كثير وأخرجه الترمذي والنسائي والبزار من حديثه, ثم قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه. وفي الباب عن أبي سعيد وعلي وسهل بن حنيف, وقال البزار: قد روي هذا عن البني صلى الله عليه وسلم من وجوه هذا أحسنها إسناداً وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن حرب الموصلي, حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح, عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسياً, ذلك بأن الله يقول: فحيوا بأحسن منها أو ردوها, وقال قتادة: فحيوا بأحسن منها, يعني للمسلمين, أو ردوها يعني لأهل الذمة, وهذا التنزيل فيه نظر كما تقدم في الحديث من أن المراد أن يرد بأحسن مما حياه به, فإن بلغ المسلم غاية ما شرع في السلام, رد عليه مثل ما قال, فأما أهل الذمة فلا يبدؤون بالسلام ولا يزادون, بل يرد عليهم بما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليكم, فقل: وعليك" في صحيح مسلم عن أبي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه". وقال سفيان الثوري, عن رجل, عن الحسن البصري, قال: السلام تطوع والرد فريضة, وهذا الذي قال هو قول العلماء قاطبة, أن الرد واجب على من سلم عليه, فيأثم إن لم يفعل, لأنه خالف أمر الله في قوله: فحيوا بأحسن منها أو ردوها وقد جاء في الحديث الذي رواه (أبو داود بسنده إلى أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده, لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم") .
وقوله: "الله لا إله إلا هو" إخبار بتوحيده وتفرده بالإلهية لجميع المخلوقات وتضمن قسماً لقوله: "ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه" وهذه اللام موطئة للقسم, فقوله الله لا إله إلا هو خبر وقسم أنه سيجمع الأولين والاخرين في صعيد واحد, فيجازي كل عامل بعمله, وقوله تعالى: "ومن أصدق من الله حديثاً" أي لا أحد أصدق منه في حديثه وخبره ووعده ووعيده, فلا إله إلا هو ولا رب سواه.

الترجمة الإنجليزية

فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً
التفسير84. So fight (O Muhammad) in the way of Allah Thou art not taxed (with the responsibility for anyone) except for thyself and urge on the believers. Peradventure Allah will restrain the might of those who disbelieve. Allah is stronger in might and stronger in inflicting punishment.

الترجمة الفرنسية

فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً
التفسير84. Combats donc dans le sentier d'Allah, tu n'es responsable que de toi même, et incite les croyants (au combat) Allah arrêtera certes la violence des mécréants. Allah est plus redoutable en force et plus sévère en punition.


بسم الله الرحمن الرحيم

مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (85)

من يَسْعَ لحصول غيره على الخير يكن له بشفاعته نصيب من الثواب, ومن يَسْعَ لإيصال الشر إلى غيره يكن له نصيب من الوزر والإثم. وكان الله على كل شيء شاهدًا وحفيظًا.


تفسير ابن كثير

مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا
التفسير يأمر تعالى عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يباشر القتال بنفسه, ومن نكل عنه فلا عليه منه, ولهذا قال "لا تكلف إلا نفسك" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمد بن عمرو بن نبيح, حدثنا حكام, حدثنا الجراح الكندي عن أبي إسحاق, قال: سألت البراء بن عازب عن الرجل يلقى المائة من العدو فيقاتل فيكون ممن قال الله فيه: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" ؟ قال: قد قال الله تعالى لنبيه: "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين". ورواه الإمام أحمد عن سليمان بن داود, عن أبي بكر بن عياش, عن أبي إسحاق, قال: قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين, أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة ؟ قال: لا, إن الله بعث رسوله صلى الله عليه وسلم وقال: "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك" إنما ذلك في النفقة وكذا رواه ابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش وعلي بن صالح, عن أبي إسحاق, عن البراء به. ثم قال ابن مردويه: حدثنا سليمان بن أحمد, حدثنا أحمد بن النضر العسكري, حدثنا مسلم بن عبد الرحمن الجرمي, حدثنا محمد بن حمير, حدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق, عن البراء, قال: لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين" الاية, قال لأصحابه: "وقد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا" حديث غريب.
وقوله: "وحرض المؤمنين" أي على القتال ورغبهم فيه وشجعهم عليه, كما قال لهم صلى الله عليه وسلم يوم بدر وهو يسوي الصفوف: "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض" وقد وردت أحاديث كثيرة في الترغيب في ذلك, فمن ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آمن بالله ورسوله, وأقام الصلاة وآتى الزكاة, وصام رمضان, كان حقاً على الله أن يدخله الجنة, هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها". قالوا: يا رسول الله أفلا نبشر الناس بذلك ؟ فقال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبييل الله, بين كل درجتين كما بين السماء والأرض, فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة, وأعلى الجنة, وفوقه عرش الرحمن, ومنه تفجر أنهار الجنة" وري من حديث عبادة ومعاذ وأبي الدرداء, نحو ذلك. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا سعيد, من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً, وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبياً, وجبت له الجنة", قال: فعجب لها أبو سعيد, فقال: أعدها علي يا رسول الله, ففعل, ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأخرى يرفع الله العبد بها مائة درجة في الجنة, ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض". قال: وما هي يا رسول الله ؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" , رواه مسلم. وقوله: "عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا" أي بتحريضك إياهم على القتال تنبعث هممهم على مناجزة الأعداء. ومدافعتهم عن حوزة الإسلام وأهله, ومقاومتهم ومصابرتهم. وقوله تعالى: "والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً" أي هو قادر عليهم في الدنيا والاخرة كما قال تعالى: " ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض " الاية.
وقوله: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها" أي من يسعى في أمر فيترتب عليه خير كان له نصيب من ذلك, "ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها" اي يكون عليه وزر من ذلك الأمر الذي ترتب على سعيه ونيته, كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم, أنه قال: "اشفعوا تؤجروا, ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء", وقال مجاهد بن جبر: نزلت هذه الاية في شفاعات الناس بعضهم لبعض. وقال الحسن البصري: قال الله تعالى: "من يشفع" ولم يقل من يشفع, وقوله: "وكان الله على كل شيء مقيتاً". قال ابن عباس وعطاء وعطية وقتادة ومطر الوارق "مقيتاً" أي حفيظاً. وقال مجاهد: شهيداً, وفي رواية عنه: حسيباً. وقال سعيد بن جبير والسدي وابن زيد: قديراً. وقال عبد الله بن كثير: المقيت الواصب, وقال الضحاك المقيت الرزاق, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا عبد الرحيم بن مطرف, حدثنا عيسى بن يونس عن إسماعيل عن رجل. عن عبد الله بن رواحة, وسأله رجل عن قول الله تعالى: "وكان الله على كل شيء مقيتا" قال: مقيت لكل إنسان بقدر عمله.
وقوله: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" أي إذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه أفضل مما سلم, أو ردوا عليه بمثل ما سلم, فالزيادة مندوبة, والمماثلة مفروضة, قال ابن جرير: حدثنا موسى بن سهل الرملي, حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي, حدثنا هشام بن لاحق عن عاصم الأحول, عن أبي عثمان النهدي, عن سلمان الفارسي, قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله, فقال: "وعليك السلام ورحمة الله", ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته"، ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته, فقال له: "وعليك", فقال له الرجل: يا نبي الله, بأبي أنت وأمي, أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي فقال: "إنك لم تدع لنا شيئاً, قال الله تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" فرددناها عليك", وهكذا رواه ابن أبي حاتم معلقاً, فقال: ذكر عن أحمد بن الحسن الترمذي حدثنا عبد الله بن السري أبو محمد الأنطاكي, قال أبو الحسن, وكان رجلاً صالحاً: حدثنا هشام بن لاحق فذكره بإسناده مثله, ورواه أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الباقي بن قانع, حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل, حدثنا أبي, حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان فذكره مثله, ولم أره في المسند, والله أعلم.
وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, إذ لو شرع أكثر من ذلك لزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن كثير أخو سليمان عن كثير, حدثنا جعفر بن سليمان بن عوف, عن أبي رجاء العطاردي, عن عمران بن حصين أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: السلام عليكم يا رسول الله فرد عليه ثم جلس فقال: "عشر", ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله يا رسول الله, فرد عليه ثم جلس, فقال: "عشرون", ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, فرد عليه, ثم جلس فقال: "ثلاثون", وكذا رواه أبو داود عن محمد بن كثير وأخرجه الترمذي والنسائي والبزار من حديثه, ثم قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه. وفي الباب عن أبي سعيد وعلي وسهل بن حنيف, وقال البزار: قد روي هذا عن البني صلى الله عليه وسلم من وجوه هذا أحسنها إسناداً وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن حرب الموصلي, حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح, عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسياً, ذلك بأن الله يقول: فحيوا بأحسن منها أو ردوها, وقال قتادة: فحيوا بأحسن منها, يعني للمسلمين, أو ردوها يعني لأهل الذمة, وهذا التنزيل فيه نظر كما تقدم في الحديث من أن المراد أن يرد بأحسن مما حياه به, فإن بلغ المسلم غاية ما شرع في السلام, رد عليه مثل ما قال, فأما أهل الذمة فلا يبدؤون بالسلام ولا يزادون, بل يرد عليهم بما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليكم, فقل: وعليك" في صحيح مسلم عن أبي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه". وقال سفيان الثوري, عن رجل, عن الحسن البصري, قال: السلام تطوع والرد فريضة, وهذا الذي قال هو قول العلماء قاطبة, أن الرد واجب على من سلم عليه, فيأثم إن لم يفعل, لأنه خالف أمر الله في قوله: فحيوا بأحسن منها أو ردوها وقد جاء في الحديث الذي رواه (أبو داود بسنده إلى أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده, لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم") .
وقوله: "الله لا إله إلا هو" إخبار بتوحيده وتفرده بالإلهية لجميع المخلوقات وتضمن قسماً لقوله: "ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه" وهذه اللام موطئة للقسم, فقوله الله لا إله إلا هو خبر وقسم أنه سيجمع الأولين والاخرين في صعيد واحد, فيجازي كل عامل بعمله, وقوله تعالى: "ومن أصدق من الله حديثاً" أي لا أحد أصدق منه في حديثه وخبره ووعده ووعيده, فلا إله إلا هو ولا رب سواه.

الترجمة الإنجليزية

مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا
التفسير85. Whoso interveneth in a good cause will have the reward thereof, and whoso interveneth in an evil cause will bear the consequence thereof. Allah overseeth all things.

الترجمة الفرنسية

مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا
التفسير85. Quiconque intercède d'une bonne intercession, en aura une part; et quiconque intercède d'une mauvaise intercession portera une part de responsabilité. Et Allah est Puissant sur toute chose.







_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
ريماس خالد
عضو فعال
عضو فعال
ريماس خالد


الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 1026
نقاط : 1276
تاريخ التسجيل : 23/11/2009

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالأحد يناير 03, 2010 12:54 pm

:اميرة:

:كل شئ وله:

:فكرية سيد:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ست الحباايب
النائب العام
النائب العام
ست الحباايب


العطاء الذهبى
العمر : ربي اغفرلي
الدولة : ارض الله الواسعه
التوقيع : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله واكبر انثى الحمل الماعز
عدد المساهمات : 3733
نقاط : 4851
تاريخ الميلاد : 04/04/1955
تاريخ التسجيل : 25/10/2009
العمر : 69
الموقع : ارض الله الواسعه
العمل/الترفيه : الاعمال اليدويه
المزاج : الحمدلله رب العالمين

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالأحد يناير 03, 2010 4:10 pm

بارك الله فيك على هذا المجهود

هذا ماشاء الله مجلد

ممكن قراءته على مراحل

الله يعطيك العافيه

:44444:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين يناير 04, 2010 1:38 pm

:مسافر:

_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
sara salama
عضو برنزى
عضو برنزى
sara salama


المشرفة المميزة
الدولة : مصر
التوقيع : سبحان الله انثى عدد المساهمات : 650
نقاط : 790
تاريخ التسجيل : 06/01/2010
العمل/الترفيه : ربة منزل
تعاليق : ربي اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي

وعلى والدي وان اعمل صالحاً ترضاه

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: المصحف الميسر   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالخميس يناير 07, 2010 10:52 am

:smaili1:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالخميس يناير 07, 2010 11:56 am

:smaili1: ساره على مرورك الطيب جزاكى الله خيرا

_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
سوسو
نائب المدير والمدير الفنى
نائب المدير والمدير الفنى
سوسو


نائب المدير
الدولة : مصر
التوقيع : سبحان الله انثى السرطان القرد
عدد المساهمات : 3032
نقاط : 5968
تاريخ الميلاد : 01/07/1992
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمر : 32

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالخميس يناير 07, 2010 12:37 pm

:smaili1: :00000:
جزاكى الله كل خير بلبلة
ومنتظرين القادم باذن الله :6565:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 08, 2010 11:57 am

بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (86)

وإذا سلَّم عليكم المسلم فردُّوا عليه بأفضل مما سلَّم لفظًا وبشاشةً, أو ردوا عليه بمثل ما سلَّم, ولكل ثوابه وجزاؤه. إن الله تعالى كان على كل شيء مجازيًا.


تفسير ابن كثير

وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
التفسير يأمر تعالى عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يباشر القتال بنفسه, ومن نكل عنه فلا عليه منه, ولهذا قال "لا تكلف إلا نفسك" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمد بن عمرو بن نبيح, حدثنا حكام, حدثنا الجراح الكندي عن أبي إسحاق, قال: سألت البراء بن عازب عن الرجل يلقى المائة من العدو فيقاتل فيكون ممن قال الله فيه: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" ؟ قال: قد قال الله تعالى لنبيه: "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين". ورواه الإمام أحمد عن سليمان بن داود, عن أبي بكر بن عياش, عن أبي إسحاق, قال: قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين, أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة ؟ قال: لا, إن الله بعث رسوله صلى الله عليه وسلم وقال: "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك" إنما ذلك في النفقة وكذا رواه ابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش وعلي بن صالح, عن أبي إسحاق, عن البراء به. ثم قال ابن مردويه: حدثنا سليمان بن أحمد, حدثنا أحمد بن النضر العسكري, حدثنا مسلم بن عبد الرحمن الجرمي, حدثنا محمد بن حمير, حدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق, عن البراء, قال: لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين" الاية, قال لأصحابه: "وقد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا" حديث غريب.
وقوله: "وحرض المؤمنين" أي على القتال ورغبهم فيه وشجعهم عليه, كما قال لهم صلى الله عليه وسلم يوم بدر وهو يسوي الصفوف: "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض" وقد وردت أحاديث كثيرة في الترغيب في ذلك, فمن ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آمن بالله ورسوله, وأقام الصلاة وآتى الزكاة, وصام رمضان, كان حقاً على الله أن يدخله الجنة, هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها". قالوا: يا رسول الله أفلا نبشر الناس بذلك ؟ فقال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبييل الله, بين كل درجتين كما بين السماء والأرض, فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة, وأعلى الجنة, وفوقه عرش الرحمن, ومنه تفجر أنهار الجنة" وري من حديث عبادة ومعاذ وأبي الدرداء, نحو ذلك. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا سعيد, من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً, وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبياً, وجبت له الجنة", قال: فعجب لها أبو سعيد, فقال: أعدها علي يا رسول الله, ففعل, ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأخرى يرفع الله العبد بها مائة درجة في الجنة, ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض". قال: وما هي يا رسول الله ؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" , رواه مسلم. وقوله: "عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا" أي بتحريضك إياهم على القتال تنبعث هممهم على مناجزة الأعداء. ومدافعتهم عن حوزة الإسلام وأهله, ومقاومتهم ومصابرتهم. وقوله تعالى: "والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً" أي هو قادر عليهم في الدنيا والاخرة كما قال تعالى: " ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض " الاية.
وقوله: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها" أي من يسعى في أمر فيترتب عليه خير كان له نصيب من ذلك, "ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها" اي يكون عليه وزر من ذلك الأمر الذي ترتب على سعيه ونيته, كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم, أنه قال: "اشفعوا تؤجروا, ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء", وقال مجاهد بن جبر: نزلت هذه الاية في شفاعات الناس بعضهم لبعض. وقال الحسن البصري: قال الله تعالى: "من يشفع" ولم يقل من يشفع, وقوله: "وكان الله على كل شيء مقيتاً". قال ابن عباس وعطاء وعطية وقتادة ومطر الوارق "مقيتاً" أي حفيظاً. وقال مجاهد: شهيداً, وفي رواية عنه: حسيباً. وقال سعيد بن جبير والسدي وابن زيد: قديراً. وقال عبد الله بن كثير: المقيت الواصب, وقال الضحاك المقيت الرزاق, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا عبد الرحيم بن مطرف, حدثنا عيسى بن يونس عن إسماعيل عن رجل. عن عبد الله بن رواحة, وسأله رجل عن قول الله تعالى: "وكان الله على كل شيء مقيتا" قال: مقيت لكل إنسان بقدر عمله.
وقوله: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" أي إذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه أفضل مما سلم, أو ردوا عليه بمثل ما سلم, فالزيادة مندوبة, والمماثلة مفروضة, قال ابن جرير: حدثنا موسى بن سهل الرملي, حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي, حدثنا هشام بن لاحق عن عاصم الأحول, عن أبي عثمان النهدي, عن سلمان الفارسي, قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله, فقال: "وعليك السلام ورحمة الله", ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته"، ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته, فقال له: "وعليك", فقال له الرجل: يا نبي الله, بأبي أنت وأمي, أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي فقال: "إنك لم تدع لنا شيئاً, قال الله تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" فرددناها عليك", وهكذا رواه ابن أبي حاتم معلقاً, فقال: ذكر عن أحمد بن الحسن الترمذي حدثنا عبد الله بن السري أبو محمد الأنطاكي, قال أبو الحسن, وكان رجلاً صالحاً: حدثنا هشام بن لاحق فذكره بإسناده مثله, ورواه أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الباقي بن قانع, حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل, حدثنا أبي, حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان فذكره مثله, ولم أره في المسند, والله أعلم.
وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, إذ لو شرع أكثر من ذلك لزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن كثير أخو سليمان عن كثير, حدثنا جعفر بن سليمان بن عوف, عن أبي رجاء العطاردي, عن عمران بن حصين أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: السلام عليكم يا رسول الله فرد عليه ثم جلس فقال: "عشر", ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله يا رسول الله, فرد عليه ثم جلس, فقال: "عشرون", ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, فرد عليه, ثم جلس فقال: "ثلاثون", وكذا رواه أبو داود عن محمد بن كثير وأخرجه الترمذي والنسائي والبزار من حديثه, ثم قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه. وفي الباب عن أبي سعيد وعلي وسهل بن حنيف, وقال البزار: قد روي هذا عن البني صلى الله عليه وسلم من وجوه هذا أحسنها إسناداً وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن حرب الموصلي, حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح, عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسياً, ذلك بأن الله يقول: فحيوا بأحسن منها أو ردوها, وقال قتادة: فحيوا بأحسن منها, يعني للمسلمين, أو ردوها يعني لأهل الذمة, وهذا التنزيل فيه نظر كما تقدم في الحديث من أن المراد أن يرد بأحسن مما حياه به, فإن بلغ المسلم غاية ما شرع في السلام, رد عليه مثل ما قال, فأما أهل الذمة فلا يبدؤون بالسلام ولا يزادون, بل يرد عليهم بما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليكم, فقل: وعليك" في صحيح مسلم عن أبي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه". وقال سفيان الثوري, عن رجل, عن الحسن البصري, قال: السلام تطوع والرد فريضة, وهذا الذي قال هو قول العلماء قاطبة, أن الرد واجب على من سلم عليه, فيأثم إن لم يفعل, لأنه خالف أمر الله في قوله: فحيوا بأحسن منها أو ردوها وقد جاء في الحديث الذي رواه (أبو داود بسنده إلى أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده, لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم") .
وقوله: "الله لا إله إلا هو" إخبار بتوحيده وتفرده بالإلهية لجميع المخلوقات وتضمن قسماً لقوله: "ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه" وهذه اللام موطئة للقسم, فقوله الله لا إله إلا هو خبر وقسم أنه سيجمع الأولين والاخرين في صعيد واحد, فيجازي كل عامل بعمله, وقوله تعالى: "ومن أصدق من الله حديثاً" أي لا أحد أصدق منه في حديثه وخبره ووعده ووعيده, فلا إله إلا هو ولا رب سواه.

الترجمة الإنجليزية

وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
التفسير86. When ye are greeted with a greeting, greet ye with a better than it or return it. Lo! Allah taketh count of all things.

الترجمة الفرنسية

وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
التفسير86. Si on vous fait une salutation, saluez d'une façon meilleure; ou bien rendez-la (simplement). Certes, Allah tient compte de tout.






_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 08, 2010 11:59 am

--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم

اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً (87)

الله وحده المتفرد بالألوهية لجميع الخلق, ليجمعنكم يوم القيامة, الذي لا شك فيه, للحساب والجزاء. ولا أحد أصدق من الله حديثًا فيما أخبر به.


تفسير ابن كثير

اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا
التفسير يأمر تعالى عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يباشر القتال بنفسه, ومن نكل عنه فلا عليه منه, ولهذا قال "لا تكلف إلا نفسك" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمد بن عمرو بن نبيح, حدثنا حكام, حدثنا الجراح الكندي عن أبي إسحاق, قال: سألت البراء بن عازب عن الرجل يلقى المائة من العدو فيقاتل فيكون ممن قال الله فيه: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" ؟ قال: قد قال الله تعالى لنبيه: "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين". ورواه الإمام أحمد عن سليمان بن داود, عن أبي بكر بن عياش, عن أبي إسحاق, قال: قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين, أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة ؟ قال: لا, إن الله بعث رسوله صلى الله عليه وسلم وقال: "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك" إنما ذلك في النفقة وكذا رواه ابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش وعلي بن صالح, عن أبي إسحاق, عن البراء به. ثم قال ابن مردويه: حدثنا سليمان بن أحمد, حدثنا أحمد بن النضر العسكري, حدثنا مسلم بن عبد الرحمن الجرمي, حدثنا محمد بن حمير, حدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق, عن البراء, قال: لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين" الاية, قال لأصحابه: "وقد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا" حديث غريب.
وقوله: "وحرض المؤمنين" أي على القتال ورغبهم فيه وشجعهم عليه, كما قال لهم صلى الله عليه وسلم يوم بدر وهو يسوي الصفوف: "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض" وقد وردت أحاديث كثيرة في الترغيب في ذلك, فمن ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آمن بالله ورسوله, وأقام الصلاة وآتى الزكاة, وصام رمضان, كان حقاً على الله أن يدخله الجنة, هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها". قالوا: يا رسول الله أفلا نبشر الناس بذلك ؟ فقال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبييل الله, بين كل درجتين كما بين السماء والأرض, فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة, وأعلى الجنة, وفوقه عرش الرحمن, ومنه تفجر أنهار الجنة" وري من حديث عبادة ومعاذ وأبي الدرداء, نحو ذلك. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا سعيد, من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً, وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبياً, وجبت له الجنة", قال: فعجب لها أبو سعيد, فقال: أعدها علي يا رسول الله, ففعل, ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأخرى يرفع الله العبد بها مائة درجة في الجنة, ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض". قال: وما هي يا رسول الله ؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" , رواه مسلم. وقوله: "عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا" أي بتحريضك إياهم على القتال تنبعث هممهم على مناجزة الأعداء. ومدافعتهم عن حوزة الإسلام وأهله, ومقاومتهم ومصابرتهم. وقوله تعالى: "والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً" أي هو قادر عليهم في الدنيا والاخرة كما قال تعالى: " ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض " الاية.
وقوله: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها" أي من يسعى في أمر فيترتب عليه خير كان له نصيب من ذلك, "ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها" اي يكون عليه وزر من ذلك الأمر الذي ترتب على سعيه ونيته, كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم, أنه قال: "اشفعوا تؤجروا, ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء", وقال مجاهد بن جبر: نزلت هذه الاية في شفاعات الناس بعضهم لبعض. وقال الحسن البصري: قال الله تعالى: "من يشفع" ولم يقل من يشفع, وقوله: "وكان الله على كل شيء مقيتاً". قال ابن عباس وعطاء وعطية وقتادة ومطر الوارق "مقيتاً" أي حفيظاً. وقال مجاهد: شهيداً, وفي رواية عنه: حسيباً. وقال سعيد بن جبير والسدي وابن زيد: قديراً. وقال عبد الله بن كثير: المقيت الواصب, وقال الضحاك المقيت الرزاق, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا عبد الرحيم بن مطرف, حدثنا عيسى بن يونس عن إسماعيل عن رجل. عن عبد الله بن رواحة, وسأله رجل عن قول الله تعالى: "وكان الله على كل شيء مقيتا" قال: مقيت لكل إنسان بقدر عمله.
وقوله: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" أي إذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه أفضل مما سلم, أو ردوا عليه بمثل ما سلم, فالزيادة مندوبة, والمماثلة مفروضة, قال ابن جرير: حدثنا موسى بن سهل الرملي, حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي, حدثنا هشام بن لاحق عن عاصم الأحول, عن أبي عثمان النهدي, عن سلمان الفارسي, قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله, فقال: "وعليك السلام ورحمة الله", ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته"، ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته, فقال له: "وعليك", فقال له الرجل: يا نبي الله, بأبي أنت وأمي, أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي فقال: "إنك لم تدع لنا شيئاً, قال الله تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" فرددناها عليك", وهكذا رواه ابن أبي حاتم معلقاً, فقال: ذكر عن أحمد بن الحسن الترمذي حدثنا عبد الله بن السري أبو محمد الأنطاكي, قال أبو الحسن, وكان رجلاً صالحاً: حدثنا هشام بن لاحق فذكره بإسناده مثله, ورواه أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الباقي بن قانع, حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل, حدثنا أبي, حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان فذكره مثله, ولم أره في المسند, والله أعلم.
وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, إذ لو شرع أكثر من ذلك لزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن كثير أخو سليمان عن كثير, حدثنا جعفر بن سليمان بن عوف, عن أبي رجاء العطاردي, عن عمران بن حصين أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: السلام عليكم يا رسول الله فرد عليه ثم جلس فقال: "عشر", ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله يا رسول الله, فرد عليه ثم جلس, فقال: "عشرون", ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, فرد عليه, ثم جلس فقال: "ثلاثون", وكذا رواه أبو داود عن محمد بن كثير وأخرجه الترمذي والنسائي والبزار من حديثه, ثم قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه. وفي الباب عن أبي سعيد وعلي وسهل بن حنيف, وقال البزار: قد روي هذا عن البني صلى الله عليه وسلم من وجوه هذا أحسنها إسناداً وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن حرب الموصلي, حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح, عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسياً, ذلك بأن الله يقول: فحيوا بأحسن منها أو ردوها, وقال قتادة: فحيوا بأحسن منها, يعني للمسلمين, أو ردوها يعني لأهل الذمة, وهذا التنزيل فيه نظر كما تقدم في الحديث من أن المراد أن يرد بأحسن مما حياه به, فإن بلغ المسلم غاية ما شرع في السلام, رد عليه مثل ما قال, فأما أهل الذمة فلا يبدؤون بالسلام ولا يزادون, بل يرد عليهم بما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليكم, فقل: وعليك" في صحيح مسلم عن أبي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه". وقال سفيان الثوري, عن رجل, عن الحسن البصري, قال: السلام تطوع والرد فريضة, وهذا الذي قال هو قول العلماء قاطبة, أن الرد واجب على من سلم عليه, فيأثم إن لم يفعل, لأنه خالف أمر الله في قوله: فحيوا بأحسن منها أو ردوها وقد جاء في الحديث الذي رواه (أبو داود بسنده إلى أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده, لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم") .
وقوله: "الله لا إله إلا هو" إخبار بتوحيده وتفرده بالإلهية لجميع المخلوقات وتضمن قسماً لقوله: "ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه" وهذه اللام موطئة للقسم, فقوله الله لا إله إلا هو خبر وقسم أنه سيجمع الأولين والاخرين في صعيد واحد, فيجازي كل عامل بعمله, وقوله تعالى: "ومن أصدق من الله حديثاً" أي لا أحد أصدق منه في حديثه وخبره ووعده ووعيده, فلا إله إلا هو ولا رب سواه.

الترجمة الإنجليزية

اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا
التفسير87. Allah! There is no God save Him. He gathereth you all unto a Day of Resurrection whereof there is no doubt. Who is more true in statement than Allah?

الترجمة الفرنسية

اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا
التفسير87. Allah! Pas de divinité à part Lui! Très certainement Il vous rassemblera au Jour de la Résurrection, point de doute là-dessus. Et qui est plus véridique qu'Allah en parole?


بسم الله الرحمن الرحيم

فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88)

فما لكم -أيها المؤمنون- في شأن المنافقين إذ اختلفتم فرقتين: فرقة تقول بقتالهم وأخرى لا تقول بذلك؟ والله تعالى قد أوقعهم في الكفر والضلال بسبب سوء أعمالهم. أتودون هداية من صرف الله تعالى قلبه عن دينه؟ ومن خذله الله عن دينه, واتباع ما أمره به, فلا طريق له إلى الهدى.


تفسير ابن كثير

فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً
التفسير يقول تعالى منكراً على المؤمنين في اختلافهم في المنافقين على قولين: واختلف في سبب ذلك فقال الإمام أحمد: حدثنا بهز, حدثنا شعبة, قال عدي بن ثابت, أخبرني عبد الله بن يزيد عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه, فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين: فرقة تقول: نقتلهم, وفرقة تقول: لا, هم المؤمنون, فأنزل الله "فما لكم في المنافقين فئتين" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد" أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة, وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار في وقعة أحد أن عبد الله بن أبي بن سلول رجع يومئذ بثلث الجيش, رجع بثلثمائة وبقي النبي صلى الله عليه وسلم في سبعمائة, وقال العوفي عن ابن عباس: نزلت في قوم كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام, وكانوا يظاهرون المشركين, فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم فقالوا: إن لقينا أصحاب محمد فليس علينا منهم بأس, وإن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة, قالت فئة من المؤمنين: اركبوا إلى الجبناء فاقتلوهم, فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم, وقالت فئة أخرى من المؤمنين: سبحان الله, أو كما قالوا: أتقتلون قوماً قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به من أجل أنهم لم يهاجروا ولم يتركوا ديارهم, نستحل دماءهم وأموالهم ؟ فكانوا كذلك فئتين, والرسول عندهم لا ينهى واحداً من الفريقين عن شيء, فنزلت "فما لكم في المنافقين فئتين" رواه ابن أبي حاتم, وقد روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة ومجاهد والضحاك وغيرهم قريب من هذا, وقال زيد بن أسلم عن ابن لسعد بن معاذ: أنها نزلت في تقاول الأوس والخزرج في شأن عبد الله بن أبي, حين استعذر من رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر في قضية الإفك, وهذا غريب, وقيل غير ذلك.
وقوله تعالى: "والله أركسهم بما كسبوا" أي ردهم وأوقعهم في الخطأ, قال ابن عباس "أركسهم" أي أوقعهم, وقال قتادة: أهلكم وقال السدي: أضلهم, وقوله: "بما كسبوا" أي بسبب عصيانهم ومخالفتهم الرسول واتباعهم الباطل "أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا" أي لا طريق له إلى الهدى ولا مخلص له إليه, وقوله: "ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء" أي هم يودون لكم الضلالة لتستووا أنتم وإياهم فيها وما ذاك إلا لشدة عدواتهم وبغضهم لكم ولهذا قال: "فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا" أي تركوا الهجرة, قاله العوفي عن ابن عباس, وقال السدي: أظهروا كفرهم "فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم ولياً ولا نصيراً" أي لا توالوهم ولا تستنصروا بهم على أعداء الله ما داموا كذلك, ثم استثنى الله من هؤلاء, فقال: "إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق" أي إلا الذين لجأوا وتحيزوا إلى قوم بينكم وبينهم مهادنة, أو عقد ذمة فاجعلوا حكمهم كحكمهم, وهذا قول السدي وابن زيد وابن جرير, وقد روى ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو سلمة, حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان, عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال: لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على أهل بدر وأحد وأسلم من حولهم, قال سراقة: بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج, فأتيته فقلت: أنشدك النعمة, فقالوا: صه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوه, ما تريد ؟" قال: بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي وأنا أريد أن توادعهم, فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام, وإن لم يسلموا لم تخشن قلوب قومك عليهم, فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد بن الوليد فقال: "اذهب معه فافعل ما يريد" فصالحهم خالد على ألا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أسلمت قريش أسملوا معهم, فأنزل الله "ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء".
ورواه ابن مردويه من طريق حماد بن سلمة, وقال: فأنزل الله "إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق" فكان من وصل إليهم كان معهم على عهدهم, وهذا أنسب لسياق الكلام, وفي صحيح البخاري في قصة صلح الحديبية: فكان من أحب أن يدخل في صلح قريش وعهدهم, ومن أحب أن يدخل في صلح محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعهدهم, وقد روي عن ابن عباس أنه قال: نسخها قوله: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" الاية.
وقوله: " أو جاؤوكم حصرت صدورهم " الاية, هؤلاء قوم آخرون من المستثنين من الأمر بقتالهم وهم الذين يجئيون إلى المصاف وهم حصرة صدروهم أي ضيقة صدروهم مبغضين أن يقاتلوكم, ولا يهون عليهم أيضاً أن يقاتلوا قومهم معكم بل هم لا لكم ولا عليكم "ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم" أي من لطفه بكم أن كفهم عنكم "فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم" أي المسالمة "فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً" أي فليس لكم أن تقاتلوهم ما دامت حالهم كذلك , وهؤلاء كالجماعة الذين خرجوا يوم بدر من بني هاشم مع المشركين فحضروا القتال وهم كارهون كالعباس ونحوه ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ عن قتل العباس وأمر بأسره, وقوله: "ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم" الاية, هؤلاء في الصورة الظاهرة كمن تقدمهم, ولكن نية هؤلاء غير نية أولئك, فإن هؤلاء قوم منافقون يظهرون للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الإسلام ليأمنوا بذلك عندهم على دمائهم وأموالهمم وذراريهم, ويصانعون الكفار في الباطن تعبدون معهم ما يعبدون ليأمنوا بذلك عندهم وهم في الباطن مع أولئك, كما قال تعالى: "وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم" الاية, وقال ههنا " كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها " أي انهمكوا فيها, وقال السدي: الفتنة ـ ههنا ـ الشرك, وحكى ابن جرير عن مجاهد أنها نزلت في قوم من أهل مكة كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان, يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا, فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا ولهذا قال تعالى: "فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم" المهادنة والصلح, "ويكفوا أيديهم" أي عن القتال, "فخذوهم" أسراء, "واقتلوهم حيث ثقفتموهم" أي أين لقيتموهم, "وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطاناً مبيناً" أي بيناً واضحاً.

الترجمة الإنجليزية

فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً
التفسير88. What aileth you that ye are become two parties regarding the hypocrites, when Allah cast them back (to disbelief) because of what they earned? Seek ye to guide him whom Allah hath sent astray? He whom Allah sendeth astray, for him thou (O Muhammad) canst not find a road.

الترجمة الفرنسية

فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً
التفسير88. Qu'avez-vous à vous diviser en deux factions au sujet des hypocrites ? Alors qu'Allah les a refoulés (dans leur infidélité) pour ce qu'ils ont acquis. Voulez- vous guider ceux qu'Allah égare? Et quiconque Allah égare, tu ne lui trouveras pas de chemin (pour le ramener).





_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 08, 2010 12:02 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (89)

تمنَّى المنافقون لكم أيها المؤمنون, لو تنكرون حقيقة ما آمنت به قلوبكم, مثلما أنكروه بقلوبهم, فتكونون معهم في الإنكار سواء, فلا تتخذوا منهم أصفياء لكم, حتى يهاجروا في سبيل الله, برهانًا على صدق إيمانهم, فإن أعرضوا عما دعوا إليه, فخذوهم أينما كانوا واقتلوهم, ولا تتخذوا منهم وليّاً من دون الله ولا نصيرًا تستنصرونه به.


تفسير ابن كثير

وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا
التفسير يقول تعالى منكراً على المؤمنين في اختلافهم في المنافقين على قولين: واختلف في سبب ذلك فقال الإمام أحمد: حدثنا بهز, حدثنا شعبة, قال عدي بن ثابت, أخبرني عبد الله بن يزيد عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه, فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين: فرقة تقول: نقتلهم, وفرقة تقول: لا, هم المؤمنون, فأنزل الله "فما لكم في المنافقين فئتين" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد" أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة, وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار في وقعة أحد أن عبد الله بن أبي بن سلول رجع يومئذ بثلث الجيش, رجع بثلثمائة وبقي النبي صلى الله عليه وسلم في سبعمائة, وقال العوفي عن ابن عباس: نزلت في قوم كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام, وكانوا يظاهرون المشركين, فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم فقالوا: إن لقينا أصحاب محمد فليس علينا منهم بأس, وإن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة, قالت فئة من المؤمنين: اركبوا إلى الجبناء فاقتلوهم, فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم, وقالت فئة أخرى من المؤمنين: سبحان الله, أو كما قالوا: أتقتلون قوماً قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به من أجل أنهم لم يهاجروا ولم يتركوا ديارهم, نستحل دماءهم وأموالهم ؟ فكانوا كذلك فئتين, والرسول عندهم لا ينهى واحداً من الفريقين عن شيء, فنزلت "فما لكم في المنافقين فئتين" رواه ابن أبي حاتم, وقد روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة ومجاهد والضحاك وغيرهم قريب من هذا, وقال زيد بن أسلم عن ابن لسعد بن معاذ: أنها نزلت في تقاول الأوس والخزرج في شأن عبد الله بن أبي, حين استعذر من رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر في قضية الإفك, وهذا غريب, وقيل غير ذلك.
وقوله تعالى: "والله أركسهم بما كسبوا" أي ردهم وأوقعهم في الخطأ, قال ابن عباس "أركسهم" أي أوقعهم, وقال قتادة: أهلكم وقال السدي: أضلهم, وقوله: "بما كسبوا" أي بسبب عصيانهم ومخالفتهم الرسول واتباعهم الباطل "أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا" أي لا طريق له إلى الهدى ولا مخلص له إليه, وقوله: "ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء" أي هم يودون لكم الضلالة لتستووا أنتم وإياهم فيها وما ذاك إلا لشدة عدواتهم وبغضهم لكم ولهذا قال: "فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا" أي تركوا الهجرة, قاله العوفي عن ابن عباس, وقال السدي: أظهروا كفرهم "فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم ولياً ولا نصيراً" أي لا توالوهم ولا تستنصروا بهم على أعداء الله ما داموا كذلك, ثم استثنى الله من هؤلاء, فقال: "إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق" أي إلا الذين لجأوا وتحيزوا إلى قوم بينكم وبينهم مهادنة, أو عقد ذمة فاجعلوا حكمهم كحكمهم, وهذا قول السدي وابن زيد وابن جرير, وقد روى ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو سلمة, حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان, عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال: لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على أهل بدر وأحد وأسلم من حولهم, قال سراقة: بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج, فأتيته فقلت: أنشدك النعمة, فقالوا: صه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوه, ما تريد ؟" قال: بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي وأنا أريد أن توادعهم, فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام, وإن لم يسلموا لم تخشن قلوب قومك عليهم, فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد بن الوليد فقال: "اذهب معه فافعل ما يريد" فصالحهم خالد على ألا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أسلمت قريش أسملوا معهم, فأنزل الله "ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء".
ورواه ابن مردويه من طريق حماد بن سلمة, وقال: فأنزل الله "إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق" فكان من وصل إليهم كان معهم على عهدهم, وهذا أنسب لسياق الكلام, وفي صحيح البخاري في قصة صلح الحديبية: فكان من أحب أن يدخل في صلح قريش وعهدهم, ومن أحب أن يدخل في صلح محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعهدهم, وقد روي عن ابن عباس أنه قال: نسخها قوله: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" الاية.
وقوله: " أو جاؤوكم حصرت صدورهم " الاية, هؤلاء قوم آخرون من المستثنين من الأمر بقتالهم وهم الذين يجئيون إلى المصاف وهم حصرة صدروهم أي ضيقة صدروهم مبغضين أن يقاتلوكم, ولا يهون عليهم أيضاً أن يقاتلوا قومهم معكم بل هم لا لكم ولا عليكم "ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم" أي من لطفه بكم أن كفهم عنكم "فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم" أي المسالمة "فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً" أي فليس لكم أن تقاتلوهم ما دامت حالهم كذلك , وهؤلاء كالجماعة الذين خرجوا يوم بدر من بني هاشم مع المشركين فحضروا القتال وهم كارهون كالعباس ونحوه ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ عن قتل العباس وأمر بأسره, وقوله: "ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم" الاية, هؤلاء في الصورة الظاهرة كمن تقدمهم, ولكن نية هؤلاء غير نية أولئك, فإن هؤلاء قوم منافقون يظهرون للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الإسلام ليأمنوا بذلك عندهم على دمائهم وأموالهمم وذراريهم, ويصانعون الكفار في الباطن تعبدون معهم ما يعبدون ليأمنوا بذلك عندهم وهم في الباطن مع أولئك, كما قال تعالى: "وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم" الاية, وقال ههنا " كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها " أي انهمكوا فيها, وقال السدي: الفتنة ـ ههنا ـ الشرك, وحكى ابن جرير عن مجاهد أنها نزلت في قوم من أهل مكة كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان, يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا, فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا ولهذا قال تعالى: "فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم" المهادنة والصلح, "ويكفوا أيديهم" أي عن القتال, "فخذوهم" أسراء, "واقتلوهم حيث ثقفتموهم" أي أين لقيتموهم, "وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطاناً مبيناً" أي بيناً واضحاً.

الترجمة الإنجليزية

وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا
التفسير89. They long that ye should disbelieve even as they disbelieve, that ye may be upon a level (with them). So choose not friends from them till they forsake their homes in the way of Allah; if they turn back (to enmity) then take them and kill them wherever ye find them, and choose no friend nor helper from among them,

الترجمة الفرنسية

وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا
التفسير89. Ils aimeraient vous voir mécréants, comme ils ont mécru: alors vous seriez tous égaux! Ne prenez donc pas d'alliés parmi eux, jusqu'à ce qu'ils émigrent dans le sentier d'Allah. Mais s'ils tournent le dos, saisissez-les alors, et tuez-les où que vous les trouviez; et ne prenez parmi eux ni allié ni secoureur,


بسم الله الرحمن الرحيم

إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90)

لكن الذين يتصلون بقوم بينكم وبينهم عهد وميثاق فلا تقاتلوهم, وكذلك الذين أتَوا إليكم وقد ضاقت صدورهم وكرهوا أن يقاتلوكم, كما كرهوا أن يقاتلوا قومهم, فلم يكونوا معكم ولا مع قومهم, فلا تقاتلوهم, ولو شاء الله تعالى لسلَّطهم عليكم, فلقاتلوكم مع أعدائكم من المشركين, ولكن الله تعالى صرفهم عنكم بفضله وقدرته, فإن تركوكم فلم يقاتلوكم, وانقادوا اليكم مستسلمين, فليس لكم عليهم من طريق لقتالهم.

تفسير ابن كثير

إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً
التفسير يقول تعالى منكراً على المؤمنين في اختلافهم في المنافقين على قولين: واختلف في سبب ذلك فقال الإمام أحمد: حدثنا بهز, حدثنا شعبة, قال عدي بن ثابت, أخبرني عبد الله بن يزيد عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه, فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين: فرقة تقول: نقتلهم, وفرقة تقول: لا, هم المؤمنون, فأنزل الله "فما لكم في المنافقين فئتين" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد" أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة, وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار في وقعة أحد أن عبد الله بن أبي بن سلول رجع يومئذ بثلث الجيش, رجع بثلثمائة وبقي النبي صلى الله عليه وسلم في سبعمائة, وقال العوفي عن ابن عباس: نزلت في قوم كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام, وكانوا يظاهرون المشركين, فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم فقالوا: إن لقينا أصحاب محمد فليس علينا منهم بأس, وإن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة, قالت فئة من المؤمنين: اركبوا إلى الجبناء فاقتلوهم, فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم, وقالت فئة أخرى من المؤمنين: سبحان الله, أو كما قالوا: أتقتلون قوماً قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به من أجل أنهم لم يهاجروا ولم يتركوا ديارهم, نستحل دماءهم وأموالهم ؟ فكانوا كذلك فئتين, والرسول عندهم لا ينهى واحداً من الفريقين عن شيء, فنزلت "فما لكم في المنافقين فئتين" رواه ابن أبي حاتم, وقد روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة ومجاهد والضحاك وغيرهم قريب من هذا, وقال زيد بن أسلم عن ابن لسعد بن معاذ: أنها نزلت في تقاول الأوس والخزرج في شأن عبد الله بن أبي, حين استعذر من رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر في قضية الإفك, وهذا غريب, وقيل غير ذلك.
وقوله تعالى: "والله أركسهم بما كسبوا" أي ردهم وأوقعهم في الخطأ, قال ابن عباس "أركسهم" أي أوقعهم, وقال قتادة: أهلكم وقال السدي: أضلهم, وقوله: "بما كسبوا" أي بسبب عصيانهم ومخالفتهم الرسول واتباعهم الباطل "أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا" أي لا طريق له إلى الهدى ولا مخلص له إليه, وقوله: "ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء" أي هم يودون لكم الضلالة لتستووا أنتم وإياهم فيها وما ذاك إلا لشدة عدواتهم وبغضهم لكم ولهذا قال: "فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا" أي تركوا الهجرة, قاله العوفي عن ابن عباس, وقال السدي: أظهروا كفرهم "فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم ولياً ولا نصيراً" أي لا توالوهم ولا تستنصروا بهم على أعداء الله ما داموا كذلك, ثم استثنى الله من هؤلاء, فقال: "إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق" أي إلا الذين لجأوا وتحيزوا إلى قوم بينكم وبينهم مهادنة, أو عقد ذمة فاجعلوا حكمهم كحكمهم, وهذا قول السدي وابن زيد وابن جرير, وقد روى ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو سلمة, حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان, عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال: لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على أهل بدر وأحد وأسلم من حولهم, قال سراقة: بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج, فأتيته فقلت: أنشدك النعمة, فقالوا: صه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوه, ما تريد ؟" قال: بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي وأنا أريد أن توادعهم, فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام, وإن لم يسلموا لم تخشن قلوب قومك عليهم, فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد بن الوليد فقال: "اذهب معه فافعل ما يريد" فصالحهم خالد على ألا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أسلمت قريش أسملوا معهم, فأنزل الله "ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء".
ورواه ابن مردويه من طريق حماد بن سلمة, وقال: فأنزل الله "إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق" فكان من وصل إليهم كان معهم على عهدهم, وهذا أنسب لسياق الكلام, وفي صحيح البخاري في قصة صلح الحديبية: فكان من أحب أن يدخل في صلح قريش وعهدهم, ومن أحب أن يدخل في صلح محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعهدهم, وقد روي عن ابن عباس أنه قال: نسخها قوله: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" الاية.
وقوله: " أو جاؤوكم حصرت صدورهم " الاية, هؤلاء قوم آخرون من المستثنين من الأمر بقتالهم وهم الذين يجئيون إلى المصاف وهم حصرة صدروهم أي ضيقة صدروهم مبغضين أن يقاتلوكم, ولا يهون عليهم أيضاً أن يقاتلوا قومهم معكم بل هم لا لكم ولا عليكم "ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم" أي من لطفه بكم أن كفهم عنكم "فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم" أي المسالمة "فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً" أي فليس لكم أن تقاتلوهم ما دامت حالهم كذلك , وهؤلاء كالجماعة الذين خرجوا يوم بدر من بني هاشم مع المشركين فحضروا القتال وهم كارهون كالعباس ونحوه ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ عن قتل العباس وأمر بأسره, وقوله: "ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم" الاية, هؤلاء في الصورة الظاهرة كمن تقدمهم, ولكن نية هؤلاء غير نية أولئك, فإن هؤلاء قوم منافقون يظهرون للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الإسلام ليأمنوا بذلك عندهم على دمائهم وأموالهمم وذراريهم, ويصانعون الكفار في الباطن تعبدون معهم ما يعبدون ليأمنوا بذلك عندهم وهم في الباطن مع أولئك, كما قال تعالى: "وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم" الاية, وقال ههنا " كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها " أي انهمكوا فيها, وقال السدي: الفتنة ـ ههنا ـ الشرك, وحكى ابن جرير عن مجاهد أنها نزلت في قوم من أهل مكة كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان, يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا, فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا ولهذا قال تعالى: "فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم" المهادنة والصلح, "ويكفوا أيديهم" أي عن القتال, "فخذوهم" أسراء, "واقتلوهم حيث ثقفتموهم" أي أين لقيتموهم, "وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطاناً مبيناً" أي بيناً واضحاً.

الترجمة الإنجليزية

إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً
التفسير90. Except those who seek refuge with a people between whom and you there is a covenant, or (those who) come unto you because their hearts forbid them to make war on you or make war on their own folk. Had Allah willed He could have given them power over you so that assuredly they would have fought you. So, if they hold aloof from you and wage not war against you and offer you peace, Allah alloweth you no way against them.

الترجمة الفرنسية

إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً
التفسير90. excepte ceux qui se joignent à un groupe avec lequel vous avez conclu une alliance, ou ceux qui viennent chez vous, le coeur serré d'avoir à vous combattre ou à combattre leur propre tribu. Si Allah avait voulu, Il leur aurait donné l'audace (et la force) contre vous, et ils vous auraient certainement combattu. (Par conséquent,) s'ils restent neutres à votre égard et ne vous combattent point, et qu'ils vous offrent la paix, alors, Allah ne vous donne pas de chemin contre eux.







_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 08, 2010 12:09 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُبِيناً (91)

ستجدون قومًا آخرين من المنافقين يودون الاطمئنان على أنفسهم من جانبكم, فيظهرون لكم الإيمان, ويودون الاطمئنان على أنفسهم من جانب قومهم الكافرين, فيظهرون لهم الكفر, كلما أعيدوا إلى موطن الكفر والكافرين, وقعوا في أسوأ حال. فهؤلاء إن لم ينصرفوا عنكم, ويقدموا إليكم الاستسلام التام, ويمنعوا أنفسهم عن قتالكم فخذوهم بقوة واقتلوهم أينما كانوا, وأولئك الذين بلغوا في هذا المسلك السيِّئ حدّاً يميزهم عمَّن عداهم, فهم الذين جعلنا لكم الحجة البينة على قتلهم وأسرهم.


تفسير ابن كثير

سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا
التفسير يقول تعالى منكراً على المؤمنين في اختلافهم في المنافقين على قولين: واختلف في سبب ذلك فقال الإمام أحمد: حدثنا بهز, حدثنا شعبة, قال عدي بن ثابت, أخبرني عبد الله بن يزيد عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه, فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين: فرقة تقول: نقتلهم, وفرقة تقول: لا, هم المؤمنون, فأنزل الله "فما لكم في المنافقين فئتين" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد" أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة, وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار في وقعة أحد أن عبد الله بن أبي بن سلول رجع يومئذ بثلث الجيش, رجع بثلثمائة وبقي النبي صلى الله عليه وسلم في سبعمائة, وقال العوفي عن ابن عباس: نزلت في قوم كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام, وكانوا يظاهرون المشركين, فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم فقالوا: إن لقينا أصحاب محمد فليس علينا منهم بأس, وإن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة, قالت فئة من المؤمنين: اركبوا إلى الجبناء فاقتلوهم, فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم, وقالت فئة أخرى من المؤمنين: سبحان الله, أو كما قالوا: أتقتلون قوماً قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به من أجل أنهم لم يهاجروا ولم يتركوا ديارهم, نستحل دماءهم وأموالهم ؟ فكانوا كذلك فئتين, والرسول عندهم لا ينهى واحداً من الفريقين عن شيء, فنزلت "فما لكم في المنافقين فئتين" رواه ابن أبي حاتم, وقد روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة ومجاهد والضحاك وغيرهم قريب من هذا, وقال زيد بن أسلم عن ابن لسعد بن معاذ: أنها نزلت في تقاول الأوس والخزرج في شأن عبد الله بن أبي, حين استعذر من رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر في قضية الإفك, وهذا غريب, وقيل غير ذلك.
وقوله تعالى: "والله أركسهم بما كسبوا" أي ردهم وأوقعهم في الخطأ, قال ابن عباس "أركسهم" أي أوقعهم, وقال قتادة: أهلكم وقال السدي: أضلهم, وقوله: "بما كسبوا" أي بسبب عصيانهم ومخالفتهم الرسول واتباعهم الباطل "أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا" أي لا طريق له إلى الهدى ولا مخلص له إليه, وقوله: "ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء" أي هم يودون لكم الضلالة لتستووا أنتم وإياهم فيها وما ذاك إلا لشدة عدواتهم وبغضهم لكم ولهذا قال: "فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا" أي تركوا الهجرة, قاله العوفي عن ابن عباس, وقال السدي: أظهروا كفرهم "فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم ولياً ولا نصيراً" أي لا توالوهم ولا تستنصروا بهم على أعداء الله ما داموا كذلك, ثم استثنى الله من هؤلاء, فقال: "إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق" أي إلا الذين لجأوا وتحيزوا إلى قوم بينكم وبينهم مهادنة, أو عقد ذمة فاجعلوا حكمهم كحكمهم, وهذا قول السدي وابن زيد وابن جرير, وقد روى ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو سلمة, حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان, عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال: لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على أهل بدر وأحد وأسلم من حولهم, قال سراقة: بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج, فأتيته فقلت: أنشدك النعمة, فقالوا: صه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوه, ما تريد ؟" قال: بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي وأنا أريد أن توادعهم, فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام, وإن لم يسلموا لم تخشن قلوب قومك عليهم, فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد بن الوليد فقال: "اذهب معه فافعل ما يريد" فصالحهم خالد على ألا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أسلمت قريش أسملوا معهم, فأنزل الله "ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء".
ورواه ابن مردويه من طريق حماد بن سلمة, وقال: فأنزل الله "إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق" فكان من وصل إليهم كان معهم على عهدهم, وهذا أنسب لسياق الكلام, وفي صحيح البخاري في قصة صلح الحديبية: فكان من أحب أن يدخل في صلح قريش وعهدهم, ومن أحب أن يدخل في صلح محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعهدهم, وقد روي عن ابن عباس أنه قال: نسخها قوله: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" الاية.
وقوله: " أو جاؤوكم حصرت صدورهم " الاية, هؤلاء قوم آخرون من المستثنين من الأمر بقتالهم وهم الذين يجئيون إلى المصاف وهم حصرة صدروهم أي ضيقة صدروهم مبغضين أن يقاتلوكم, ولا يهون عليهم أيضاً أن يقاتلوا قومهم معكم بل هم لا لكم ولا عليكم "ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم" أي من لطفه بكم أن كفهم عنكم "فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم" أي المسالمة "فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً" أي فليس لكم أن تقاتلوهم ما دامت حالهم كذلك , وهؤلاء كالجماعة الذين خرجوا يوم بدر من بني هاشم مع المشركين فحضروا القتال وهم كارهون كالعباس ونحوه ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ عن قتل العباس وأمر بأسره, وقوله: "ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم" الاية, هؤلاء في الصورة الظاهرة كمن تقدمهم, ولكن نية هؤلاء غير نية أولئك, فإن هؤلاء قوم منافقون يظهرون للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الإسلام ليأمنوا بذلك عندهم على دمائهم وأموالهمم وذراريهم, ويصانعون الكفار في الباطن تعبدون معهم ما يعبدون ليأمنوا بذلك عندهم وهم في الباطن مع أولئك, كما قال تعالى: "وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم" الاية, وقال ههنا " كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها " أي انهمكوا فيها, وقال السدي: الفتنة ـ ههنا ـ الشرك, وحكى ابن جرير عن مجاهد أنها نزلت في قوم من أهل مكة كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان, يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا, فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا ولهذا قال تعالى: "فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم" المهادنة والصلح, "ويكفوا أيديهم" أي عن القتال, "فخذوهم" أسراء, "واقتلوهم حيث ثقفتموهم" أي أين لقيتموهم, "وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطاناً مبيناً" أي بيناً واضحاً.

الترجمة الإنجليزية

سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا
التفسير91. Ye will find others who desire that they should have security from you, and security from their own folk. So often as they are returned to hostility they are plunged therein. If they keep not aloof from you nor offer you peace nor hold their hands, then take them and kill them wherever ye find them. Against such We have given you clear warrant.

الترجمة الفرنسية

سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا
التفسير91. Vous en trouverez d'autres qui cherchent à avoir votre confiance, et en même temps la confiance de leur propre tribu. Toutes les fois qu'on les pousse vers l'Association, (l'idolâtrie) ils y retombent en masse. (Par conséquent,) s'ils ne restent pas neutres à votre égard, ne vous offrent pas la paix et ne retiennent pas leurs mains (de vous combattre), alors saisissez-les et tuez les où que vous les trouviez. Contre ceux-ci, Nous vous avons donné autorité manifeste.





بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (92)

ولا يحق لمؤمن الاعتداء على أخيه المؤمن وقتله بغير حق, إلا أن يقع منه ذلك على وجه الخطأ الذي لا عمد فيه, ومن وقع منه ذلك الخطأ فعليه عتق رقبة مؤمنة, وتسليم دية مقدرة إلى أوليائه, إلا أن يتصدقوا بها عليه ويعفوا عنه. فإن كان المقتول من قوم كفار أعداء للمؤمنين, وهو مؤمن بالله تعالى, وبما أنزل من الحق على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, فعلى قاتله عتق رقبة مؤمنة, وإن كان من قوم بينكم وبينهم عهد وميثاق, فعلى قاتله دية تسلم إلى أوليائه وعتق رقبة مؤمنة, فمن لم يجد القدرة على عتق رقبة مؤمنة, فعليه صيام شهرين متتابعين; ليتوب الله تعالى عليه. وكان الله تعالى عليما بحقيقة شأن عباده, حكيمًا فيما شرعه لهم.

تفسير ابن كثير

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير يقول تعالى: ليس لمؤمن أن يقتل أخاه المؤمن بوجه من الوجوه, وكما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله, وأني رسول الله, إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس, والثيب الزاني, والتارك لدينه المفارق للجماعة" ثم إذا وقع شيء من هذه الثلاث, فليس لأحد من آحاد الرعية أن يقتله, وإنما ذلك إلى الإمام أونائبه, وقوله: "إلا خطأ" قالوا: هو استثناء منقطع, كقول الشاعر:
البيض لم تظعن بعيداً ولم تطأ على الأرض إلا ربط برد مرحل
ولهذا شواهد كثيرة. واختلف في سبب نزول هذه, فقال مجاهد وغير واحد: نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه وهي أسماء بنت مخرمة, وذلك أنه قتل رجلاً يعذبه مع أخيه على الإسلام وهو الحارث بن يزيد الغامدي, فأضمر له عياش السوء, فأسلم ذلك الرجل وهاجر وعياش لا يشعر, فلما كان يوم الفتح رآه فظن أنه على دينه فحمل عليه فقتله, فأنزل الله هذه الاية, قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: نزلت في أبي الدرداء لأنه قتل رجلاً وقد قال كلمة الإيمان حين رفع عليه السيف, فأهوى به إليه فقال كلمته, فلما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم, قال: إنما قالها متعوذاً فقال له: هل شققت عن قلبه ؟ وهذه القصة في الصحيح لغير أبي الدرداء.
وقوله: "ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله" هذان واجبان في قتل الخطأ, أحدهما الكفارة لما ارتكبه من الذنب العظيم وإن كان خطأ, ومن شرطها أن تكون عتق رقبة مؤمنة فلا تجزىء الكافرة, وحكى ابن جرير عن ابن عباس والشعبي وإبراهيم النخعي والحسن البصري أنهم قالوا: لا يجزىء الصغير حتى يكون قاصداً للإيمان, وروي من طريق عبد الرزاق عن معمر,عن قتادة, قال: في حرف, فتحرير رقبة مؤمنة لا يجزىء فيها صبي, واختار ابن جرير أنه إن كان مولوداً بين أبوين مسلمين أجزأ وإلا فلا, والذي عليه الجمهور أنه متى كان مسلماً صح عتقه عن الكفارة سواء كان صغيراً أو كبيراً قال الإمام أحمد: أنبأنا عبد الرزاق, أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله, عن رجل من الأنصار: أنه جاء بأمة سوادء, فقال: يا رسول الله: إن علي عتق رقبة مؤمنة, فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها, فقال لها رسول الله: "أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟" قالت: نعم. قال: "أتشهدين أني رسول الله ؟" قالت: نعم. قال: "أتؤمنين بالبعث بعد الموت ؟" قالت: نعم. قال: "أعتقها". وهذا إسناد صحيح وجهالة الصحابي لا تضره, وفي موطأ مالك ومسند الشافعي وأحمد وصحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي من طريق هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار, عن معاوية بن الحكم: أنه لما جاء بتلك الجارية السوادء, قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين الله ؟ قالت: في السماء. قال: "من أنا" قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: "أعتقها, فإنها مؤمنة" وقوله: "ودية مسلمة إلى أهله" هو الواجب الثاني فيما بين القاتل وأهل القتيل عوضاً لهم عما فاتهم من قتليهم, وهذه الدية إنما تجب أخماساً, كما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث الحجاج بن أرطاة عن زيد بن جبير, عن خشف بن مالك, عن ابن مسعود, قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الخطأ عشرين بنت مخاض, وعشرين بني مخاض ذكوراً, وعشرين بنت لبون, وعشرين جذعة, وعشرين حقة, لفظ النسائي قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه, وقد روي عن عبد الله موقوفاً, كما روي عن علي وطائفة, وقيل: يجب أرباعاً وهذه الدية على العاقلة لا في ماله, قال الشافعي رحمه الله: لم أعلم مخالفاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة وهو أكثر من حديث الخاصة, وهذا الذي أشار إليه رحمه الله قد ثبت في غير ما حديث, فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو أمة, وقضى بدية المرأة على عاقلتها وهذا يقتضي أن حكم عمد الخطأ المحض في وجوب الدية, لكن هذا تجب فيه الدية أثلاثاً لشبهة العمد, وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا, فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا فجعل خالد يقتهلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم, فرفع يديه وقال "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" وبعث علياً فودى قتلاهم وما أتلف من أموالهم حتى ميلغة الكلب, وهذا الحديث يؤخذ منه أن خطأ الإمام أو نائبه يكون في بيت المال.
وقوله: "إلا أن يصدقوا" أي فتجب فيه الدية مسلمة إلى أهله إلا أن يتصدقوا بها فلا تجب, وقوله: "فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة" أي إذا كان القتيل مؤمناً ولكن أولياؤه من الكفار أهل حرب, فلا دية لهم, وعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة لا غير, وقوله: "وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق" الاية, أي فإن كان القتيل أولياؤه أهل ذمة أو هدنة فلهم دية قتيلهم, فإن كان مؤمنا فدية كاملة, وكذا إن كان كافراً أيضاً عند طائفة من العلماء, وقيل: يجب في الكافر نصف دية المسلم وقيل: ثلثها كما هو مفصل في كتاب الأحكام ويجب أيضاً على القاتل تحرير رقبة مؤمنة "فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين" أي لا إفطار بينهما بل يسرد صومهما إلى آخرهما, فإن أفطر من غير عذر من مرض أو حيض أو نفاس استأنف, واختلفوا في السفر هل يقطع أم لا, على قولين, وقوله: "توبة من الله وكان الله عليماً حكيما" أي هذه توبة القاتل خطأ إذا لم يجد العتق صام شهرين متتابعين , واختلفوا فيمن لا يستطع الصيام, هل يجب عليه إطعام ستين مسكيناً كما في كفارة الظهار, على قولين أحدهما: نعم كما هو منصوص عليه في كفارة الظهار, وإنما لم يذكر ههنا, لأن هذا مقام تهديد وتخويف وتحذير فلا يناسب أن يذكر فيه الإطعام لما فيه من التسهيل والترخيص, والقول الثاني لا يعدل إلى الطعام, لأنه لو كان واجباً لما أخر بيانه عن وقت الحاجة " وكان الله عليما حكيما " قد تقدم تفسيره غير مرة,
ثم لما بين تعالى حكم القتل الخطأ شرع في بيان حكم القتل العمد, فقال: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً" الاية, وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله, حيث يقول سبحانه في سورة الفرقان "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق" الاية, وقال تعالى: " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا " الأية, والايات والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً, فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء", وفي الحديث الاخر الذي رواه أبو داود من رواية عمرو بن الوليد بن عبدة المصري عن عبادة بن الصامت,قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال المؤمن معنقاً صالحاً ما لم يصب دماً حراماً, فإذا أصاب دماً حراماً بلح" وفي حديث آخر "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم", وفي الحديث الاخر "ومن أعان على قتل المسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله" وقد كان ابن عباس يرى أنه لا توبة لقاتل المؤمن عمداً, وقال البخاري: حدثنا آدم, حدثنا شعبة, حدثنا المغيرة بن النعمان, قال: سمعت ابن جبير قال: اختلف فيها أهل الكوفة, فرحلت إلى ابن عباس فسألته عنها, فقال: نزلت هذه الاية "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم" هي آخر ما نزل, وما نسخها شيء, وكذا رواه هو أيضاً ومسلم والنسائي من طرق عن شعبة به. ورواه أبو داود عن أحمد بن حنبل عن ابن مهدي, عن سفيان الثوري, عن مغيرة بن النعمان, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس في قوله "من يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم" فقال: ما نسخها شيء. وقال ابن جرير: حدثنا بن بشار, حدثنا ابن عون, حدثنا شعبة عن سعيد بن جبير, قال: قال عبد الرحمن بن أبزا سئل ابن عباس عن قوله: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً" الاية, قال: لم ينسخها شيء, وقال في هذه الاية "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر" إلى آخرها, قال: نزلت في أهل الشرك. وقال ابن جرير أيضاً حدثنا ابن حميد, حدثنا جرير عن منصور, حدثني سعيد بن جبير أو حدثني الحكم عن سعيد بن جبير, قال: سألت ابن عباس عن قوله: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم" قال: إن الرجل إذا عرف الإسلام وشرائع الإسلام, ثم قتل مؤمناً متعمداً, فجزاؤه جهنم ولا توبة له, فذكرت ذلك لمجاهد فقال: إلا من ندم. حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا: حدثنا جرير عن يحيى الجابر عن سالم بن أبي الجعد, قال: كنا عند ابن عباس بعدما كف بصره, فأتاه رجل فناداه: يا عبد الله بن عباس, ما ترى في رجل قتل مؤمناً متعمداً ؟ فقال: جزاؤه جهنم خالداً فيها, وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً. قال: أفرأيت إن تاب وعمل صالحاً ثم اهتدى ؟ قال ابن عباس: ثكلته أمه وأنى له التوبة والهدى ؟ والذي نفسي بيده لقد سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: "ثكلته أمه قاتل مؤمن متعمداً جاء يوم القيامة أخذه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه من قبل عرش الرحمن, يلزم قاتله بشماله وبيده الأخرى رأسه, يقول: يا رب, سل هذا فيم قتلني" وايم الذي نفس عبد الله بيده, لقد أنزلت هذه الاية فما نسختها من آية حتى قبض نبيكم صلى الله عليه وسلم, وما نزل بعدها من برهان, وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة, سمعت يحيى بن المجبر يحدث عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس أن رجلاً أتى إليه فقال: أرأيت رجلاً قتل رجلاً عمداً ؟ فقال: جزاؤه جهنم خالداً فيها, الاية, قال: لقد نزلت من آخر ما نزل, ما نسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم, وما نزل وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ؟ قال: وأنى له بالتوبة, وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ثكلته أمه رجل قتل رجلاً متعمداً يجىء يوم القيامة آخذاً قاتله بيمينه أو بيساره ـ أو آخذاً رأسه بيمينه أو بشماله ـ تشخب أوداجه دماً من قبل العرش, يقول : يا رب, سل عبدك فيم قتلني" وقد رواه النسائي عن قتيبة وابن ماجه, عن محمد بن الصباح عن سفيان بن عيينة, عن عمار الدهني ويحيى الجابر وثابت الثمالي عن سالم بن أبي الجعد, عن ابن عباس فذكره, وقد روي هذا عن ابن عباس من طرق كثيرة وممن ذهب إلى أنه لا توبة له من السلف زيد بن ثابت وأبو هريرة وعبد الله بن عمر وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعبيد بن عمير والحسن وقتادة والضحاك بن مزاحم نقله ابن أبي حاتم, وفي الباب أحاديث كثيرة , فمن ذلك ما رواه أبو بكر بن مردويه الحافظ في تفسيره: حدثنا دعلج بن أحمد, حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي (ح), وحدثنا عبد الله بن جعفر, وحدثنا إبراهيم بن فهد, قالا: حدثنا عبيد بن عبيدة حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه, عن الأعمش, عن أبي عمرو بن شرحبيل بإسناده عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يجىء المقتول متعلقاً بقاتله يوم القيامة آخذا رأسه بيده الأخرى فيقول يا رب سل هذا فيم قتلني ؟ قال, فيقول: قتلته لتكون العزة لك, فيقول: فإنها لي, قال ويجىء آخر متعلقاً بقاتله فيقول: رب سل هذا فيم قتلني . قال فيقول: قتلته لتكون العزة لفلان, قال: فإنها ليست له بؤ بإثمه, قال: فيهوي في النار سبعين خريفاً" وقد رواه النسائي عن إبراهيم بن المستمر العوفي, عن عمرو بن عاصم, عن معتمر بن سليمان به.
(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا صفوان بن عيسى, حدثنا ثور بن يزيد عن أبي عون, عن أبي إدريس, قال: سمعت معاوية رضي الله عنه يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً, أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً" وكذا رواه النسائي عن محمد بن المثنى, عن صفوان بن عيسى به, وقال ابن مردويه: حدثنا عبد الله بن جعفر, حدثنا سمويه, حدثنا عبد الأعلى بن مسهر, حدثنا صدقة بن خالد, حدثنا خالد بن دهقان, حدثنا ابن أبي زكريا, قال سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً, أو من قتل مؤمناً متعمداً" وهذا غريب جداً من هذا الوجه, والمحفوظ حديث معاوية المتقدم, فالله أعلم, ثم روى ابن مردويه من طريق بقية بن الوليد عن نافع بن يزيد: حدثني ابن جبير الأنصاري عن داود بن الحصين, عن نافع, عن ابن عمر, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل مؤمناً متعمداً فقد كفر بالله عز وجل" وهذا حديث منكر أيضاً, فإسناده تكلم فيه جداً, قال الإمام أحمد: حدثنا النضر, حدثنا سليمان بن المغيرة, حدثنا حميد, قال: أتاني أبو العالية أنا وصاحب لي, فقال لنا: هلما فأنتما أشب سناً مني, وأوعى للحديث مني, فانطلق بنا إلى بشر بن عاصم, فقال له أبو العالية: حدث هؤلاء بحديثك, فقال: حدثنا عقبة بن مالك الليثي قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأغارت على قوم, فشد مع القوم رجل فاتبعه رجل من السرية شاهراً سيفه, فقال الشاد من القوم: إني مسلم فلم ينظر فيما قال, قال: فضربه فقتله, فنمي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال فيه قولاً شديداً, فبلغ القاتل, فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ قال القاتل: والله ما قال الذي قال إلا تعوذاً من القتل, قال: فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته, ثم قال أيضاً: يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذاً من القتل, فأعرض عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته ثم لم يصبر حتى قال الثالثة: والله يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذاً من القتل, فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرف المساءة في وجهه, فقال: "إن الله أبى على من قتل مؤمناً ثلاثاً" ورواه النسائي من حديث سليمان بن المغيرة, والذي عليه الجمهور من سلف الأمة وخلفها أن القاتل له توبة فيما بينه وبين الله عز وجل, فإن تاب وأناب, وخشع وخضع وعمل عملاً صالحاً بدل الله سيئاته حسنات, وعوض المقتول من ظلامته وأرضاه عن ظلامته, قال الله تعالى: " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا " الاية, وهذا خبر لا يجوز نسخه وحمله على المشركين وحمل هذه الاية على المؤمنين خلاف الظاهر, ويحتاج حمله إلى دليل, والله أعلم.
وقال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله" الاية, وهذا عام في جميع الذنوب من كفر وشرك وشك ونفاق وقتل وفسق وغير ذلك, كل من تاب أي من أي ذلك تاب الله عليه, قال الله تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" فهذه الاية عامة في جميع الذنوب ما عدا الشرك, وهي مذكورة في هذه السورة الكريمة بعد هذه الاية وقبلها لتقوية الرجاء, والله أعلم, وثبت في الصحيحين خبر الإسرائيلي الذي قتل مائة نفس ثم سأل عالماً هل لي من توبة ؟ فقال: ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ثم أرشده إلى بلد يعبد الله فيه, فهاجر إليه فمات في الطريق, فقبضته ملائكة الرحمة كما ذكرناه غير مرة, وإذا كان هذا في بني إسرائيل فلأن يكون في هذه الأمة التوبة مقبولة بطريق الأولى والأحرى, لأن الله وضع عنا الاصار والأغلال التي كانت عليهم وبعث نبينا بالحنيفية السمحة.
فأما الاية الكريمة وهي قوله تعالى: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً" الاية, فقد قال أبو هريرة وجماعة من السلف: هذا جزاؤه إن جازاه, وقد رواه ابن مردويه بإسناده مرفوعاً من طريق محمد بن جامع العطار عن العلاء بن ميمون العنبري, عن حجاج الأسود, عن محمد بن سيرين, عن أبي هريرة مرفوعاً ولكن لا يصح, ومعنى هذه الصيغة أن هذا جزاؤه إن جوزي عليه, وكذا كل وعيد على ذنب, لكن قد يكون كذلك معارض من أعمال صالحة تمنع وصول ذلك الجزاء إليه على قولي أصحاب الموازنة والإحباط, وهذا أحسن ما يسلك في باب الوعيد, والله أعلم بالصواب, وبتقدير دخول القاتل في النار, أما على قول ابن عباس ومن وافقه أنه لا توبة له, أو على قول الجمهور حيث لا عمل له صالحاً ينجو به فليس بمخلد فيها أبداً, بل الخلود هو المكث الطويل, وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنه يخرج من النار من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان", وأما حديث معاوية "كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً, أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً" فعسى للترجي, فإذا انتفى الترجي في هاتين الصورتين لا تنفي وقوع ذلك في أحدهما وهو القتل لما ذكرنا من الأدلة, وأما من مات كافراً فالنص أن الله لا يغفر له البتة, وأما مطالبة المقتول القاتل يوم القيامة فإنه حق من حقوق الادميين, وهي لا تسقط بالتوبة, ولكن لا بد من ردها إليهم ولا فرق بين المقتول والمسروق منه, والمغصوب منه والمقذوف وسائر حقوق الادميين, فإن الإجماع منعقد على أنها لا تسقط بالتوبة, ولكنه لا بد من ردها إليهم في صحة التوبة, فإن تعذر ذلك فلا بد من المطالبة يوم القيامة, لكن لا يلزم من وقوع المطالبة وقوع المجازاة, إذ قد يكون للقاتل أعمال صالحة تصرف إلى المقتول أو بعضها, ثم يفضل له أجر يدخل به الجنة أو يعوض الله المقتول بما يشاء من فضله من قصور الجنة ونعيمها, ورفع درجته فيها ونحو ذلك والله أعلم, ثم لقاتل العمد أحكام في الدنيا وأحكام في الاخرة, فأما في الدنيا فتسلط أولياء المقتول عليه, قال الله تعالى: "ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً" الاية, ثم هم مخيرون بين أن يقتلوا, أو يعفوا, أو يأخذوا دية مغلظة أثلاثاً, ثلاثون حقة, وثلاثون جذعة, وأربعون خلفة, كما هو مقرر في كتاب الأحكام, واختلف الأئمة هل تجب عليه كفارة عتق رقبة, أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام, على أحد القولين كما تقدم في كفارة الخطأ, على قولين فالشافعي وأصحابه وطائفة من العلماء يقولون نعم, يجب عليه, لأنه إذا وجبت عليه الكفارة في الخطأ فلأن تجب عليه في العمد أولى, فطردوا هذا في كفارة اليمين الغموس واعتذروا بقضاء الصلاة المتروكة عمداً كما أجمعوا على ذلك في الخطأ, وقال أصحابه,الإمام أحمد وآخرون: قتل العمد أعظم من أن يكفر فلا كفارة فيه, وكذا اليمين الغموس ولا سبيل لهم إلى الفرق بين هاتين الصورتين وبين الصلاة المتروكة عمداً, فإنهم يقولون بوجوب قضائها إذا تركت عمداً, وقد احتج من ذهب إلى وجوب الكفارة في قتل العمد بما رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا عارم بن الفضل, حدثنا عبد الله بن المبارك عن إبراهيم بن أبي عبلة, عن الغريف بن عياش عن واثلة بن الأسقع, قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم نفر من بني سليم فقالوا: إن صاحباً لنا قد أوجب, قال: "فليعتق رقبة يفدي الله بكل عضو منها عضواً منه من النار" وقال أحمد: حدثنا إبراهيم بن إسحاق, حدثنا ضمرة بن ربيعة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الغريف الديلمي, قال: أتينا واثلة بن الأسقع الليثي فقلنا له حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا قد أوجب, فقال: "أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار" وكذا رواه أبو داود والنسائي من حديث إبراهيم بن أبي عبلة به, ولفظ أبي داود عن الغريف الديلمي قال: أتينا واثلة بن الأسقع فقلنا له: حدثنا حديثاً ليس فيه زيادة ولا نقصان فغضب فقال: إن أحدكم ليقرأ ومصحفه معلق في بيته فيزيد وينقص, قلنا: إنما أردنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا قد أوجب, يعني النار بالقتل, فقال: "أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار" .

الترجمة الإنجليزية

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير92. It is not for a believer to kill a believer unless (it be) by mistake. He who hath killed a believer by mistake must set free a believing slave, and pay the blood money to the family of the slain, unless they remit it as a charity. If he (the victim) be of a people hostile unto you, and he is a believer, then (the penance is) to set free a believing slave. And if he cometh of a folk between whom and you there is a covenant, then the blood money must be paid unto his folk and (also) a believing slave must be set free. And whoso hath not the wherewithal must fast two consecutive months. A penance from Allah. Allah is Knower, Wise.

الترجمة الفرنسية

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير92. Il n'appartient pas à un croyant de tuer un autre croyant, si ce n'est par erreur. Quiconque tue par erreur un croyant, qu'il affranchisse alors un esclave croyant et remette à sa famille le prix du sang, à moins que celle-ci n'y renonce par charité. Mais si [le tué] appartenait à un peuple ennemi à vous et qu'il soit croyant, qu'on affranchisse alors un esclave croyant. S'il appartenait à un peuple auquel vous êtes liés par un pacte, qu'on verse alors à sa famille le prix du sang et qu'on affranchisse un esclave croyant. Celui qui n'en trouve pas les moyens, qu'il jeûne deux mois d'affilée pour être pardonné par Allah. Allah est Omniscient et Sage.





_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 08, 2010 12:17 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93)

ومن يَعْتَدِ على مؤمن فيقتله عن عمد بغير حق فعاقبته جهنم, خالدًا فيها مع سخط الله تعالى عليه وطَرْدِهِ من رحمته, إن جازاه على ذنبه وأعدَّ الله له أشد العذاب بسبب ما ارتكبه من هذه الجناية العظيمة. ولكنه سبحانه يعفو ويتفضل على أهل الإيمان فلا يجازيهم بالخلود في جهنم.


تفسير ابن كثير

وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا
التفسير يقول تعالى: ليس لمؤمن أن يقتل أخاه المؤمن بوجه من الوجوه, وكما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله, وأني رسول الله, إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس, والثيب الزاني, والتارك لدينه المفارق للجماعة" ثم إذا وقع شيء من هذه الثلاث, فليس لأحد من آحاد الرعية أن يقتله, وإنما ذلك إلى الإمام أونائبه, وقوله: "إلا خطأ" قالوا: هو استثناء منقطع, كقول الشاعر:
البيض لم تظعن بعيداً ولم تطأ على الأرض إلا ربط برد مرحل
ولهذا شواهد كثيرة. واختلف في سبب نزول هذه, فقال مجاهد وغير واحد: نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه وهي أسماء بنت مخرمة, وذلك أنه قتل رجلاً يعذبه مع أخيه على الإسلام وهو الحارث بن يزيد الغامدي, فأضمر له عياش السوء, فأسلم ذلك الرجل وهاجر وعياش لا يشعر, فلما كان يوم الفتح رآه فظن أنه على دينه فحمل عليه فقتله, فأنزل الله هذه الاية, قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: نزلت في أبي الدرداء لأنه قتل رجلاً وقد قال كلمة الإيمان حين رفع عليه السيف, فأهوى به إليه فقال كلمته, فلما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم, قال: إنما قالها متعوذاً فقال له: هل شققت عن قلبه ؟ وهذه القصة في الصحيح لغير أبي الدرداء.
وقوله: "ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله" هذان واجبان في قتل الخطأ, أحدهما الكفارة لما ارتكبه من الذنب العظيم وإن كان خطأ, ومن شرطها أن تكون عتق رقبة مؤمنة فلا تجزىء الكافرة, وحكى ابن جرير عن ابن عباس والشعبي وإبراهيم النخعي والحسن البصري أنهم قالوا: لا يجزىء الصغير حتى يكون قاصداً للإيمان, وروي من طريق عبد الرزاق عن معمر,عن قتادة, قال: في حرف, فتحرير رقبة مؤمنة لا يجزىء فيها صبي, واختار ابن جرير أنه إن كان مولوداً بين أبوين مسلمين أجزأ وإلا فلا, والذي عليه الجمهور أنه متى كان مسلماً صح عتقه عن الكفارة سواء كان صغيراً أو كبيراً قال الإمام أحمد: أنبأنا عبد الرزاق, أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله, عن رجل من الأنصار: أنه جاء بأمة سوادء, فقال: يا رسول الله: إن علي عتق رقبة مؤمنة, فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها, فقال لها رسول الله: "أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟" قالت: نعم. قال: "أتشهدين أني رسول الله ؟" قالت: نعم. قال: "أتؤمنين بالبعث بعد الموت ؟" قالت: نعم. قال: "أعتقها". وهذا إسناد صحيح وجهالة الصحابي لا تضره, وفي موطأ مالك ومسند الشافعي وأحمد وصحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي من طريق هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار, عن معاوية بن الحكم: أنه لما جاء بتلك الجارية السوادء, قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين الله ؟ قالت: في السماء. قال: "من أنا" قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: "أعتقها, فإنها مؤمنة" وقوله: "ودية مسلمة إلى أهله" هو الواجب الثاني فيما بين القاتل وأهل القتيل عوضاً لهم عما فاتهم من قتليهم, وهذه الدية إنما تجب أخماساً, كما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث الحجاج بن أرطاة عن زيد بن جبير, عن خشف بن مالك, عن ابن مسعود, قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الخطأ عشرين بنت مخاض, وعشرين بني مخاض ذكوراً, وعشرين بنت لبون, وعشرين جذعة, وعشرين حقة, لفظ النسائي قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه, وقد روي عن عبد الله موقوفاً, كما روي عن علي وطائفة, وقيل: يجب أرباعاً وهذه الدية على العاقلة لا في ماله, قال الشافعي رحمه الله: لم أعلم مخالفاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة وهو أكثر من حديث الخاصة, وهذا الذي أشار إليه رحمه الله قد ثبت في غير ما حديث, فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو أمة, وقضى بدية المرأة على عاقلتها وهذا يقتضي أن حكم عمد الخطأ المحض في وجوب الدية, لكن هذا تجب فيه الدية أثلاثاً لشبهة العمد, وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا, فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا فجعل خالد يقتهلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم, فرفع يديه وقال "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" وبعث علياً فودى قتلاهم وما أتلف من أموالهم حتى ميلغة الكلب, وهذا الحديث يؤخذ منه أن خطأ الإمام أو نائبه يكون في بيت المال.
وقوله: "إلا أن يصدقوا" أي فتجب فيه الدية مسلمة إلى أهله إلا أن يتصدقوا بها فلا تجب, وقوله: "فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة" أي إذا كان القتيل مؤمناً ولكن أولياؤه من الكفار أهل حرب, فلا دية لهم, وعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة لا غير, وقوله: "وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق" الاية, أي فإن كان القتيل أولياؤه أهل ذمة أو هدنة فلهم دية قتيلهم, فإن كان مؤمنا فدية كاملة, وكذا إن كان كافراً أيضاً عند طائفة من العلماء, وقيل: يجب في الكافر نصف دية المسلم وقيل: ثلثها كما هو مفصل في كتاب الأحكام ويجب أيضاً على القاتل تحرير رقبة مؤمنة "فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين" أي لا إفطار بينهما بل يسرد صومهما إلى آخرهما, فإن أفطر من غير عذر من مرض أو حيض أو نفاس استأنف, واختلفوا في السفر هل يقطع أم لا, على قولين, وقوله: "توبة من الله وكان الله عليماً حكيما" أي هذه توبة القاتل خطأ إذا لم يجد العتق صام شهرين متتابعين , واختلفوا فيمن لا يستطع الصيام, هل يجب عليه إطعام ستين مسكيناً كما في كفارة الظهار, على قولين أحدهما: نعم كما هو منصوص عليه في كفارة الظهار, وإنما لم يذكر ههنا, لأن هذا مقام تهديد وتخويف وتحذير فلا يناسب أن يذكر فيه الإطعام لما فيه من التسهيل والترخيص, والقول الثاني لا يعدل إلى الطعام, لأنه لو كان واجباً لما أخر بيانه عن وقت الحاجة " وكان الله عليما حكيما " قد تقدم تفسيره غير مرة,
ثم لما بين تعالى حكم القتل الخطأ شرع في بيان حكم القتل العمد, فقال: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً" الاية, وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله, حيث يقول سبحانه في سورة الفرقان "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق" الاية, وقال تعالى: " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا " الأية, والايات والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً, فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء", وفي الحديث الاخر الذي رواه أبو داود من رواية عمرو بن الوليد بن عبدة المصري عن عبادة بن الصامت,قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال المؤمن معنقاً صالحاً ما لم يصب دماً حراماً, فإذا أصاب دماً حراماً بلح" وفي حديث آخر "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم", وفي الحديث الاخر "ومن أعان على قتل المسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله" وقد كان ابن عباس يرى أنه لا توبة لقاتل المؤمن عمداً, وقال البخاري: حدثنا آدم, حدثنا شعبة, حدثنا المغيرة بن النعمان, قال: سمعت ابن جبير قال: اختلف فيها أهل الكوفة, فرحلت إلى ابن عباس فسألته عنها, فقال: نزلت هذه الاية "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم" هي آخر ما نزل, وما نسخها شيء, وكذا رواه هو أيضاً ومسلم والنسائي من طرق عن شعبة به. ورواه أبو داود عن أحمد بن حنبل عن ابن مهدي, عن سفيان الثوري, عن مغيرة بن النعمان, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس في قوله "من يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم" فقال: ما نسخها شيء. وقال ابن جرير: حدثنا بن بشار, حدثنا ابن عون, حدثنا شعبة عن سعيد بن جبير, قال: قال عبد الرحمن بن أبزا سئل ابن عباس عن قوله: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً" الاية, قال: لم ينسخها شيء, وقال في هذه الاية "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر" إلى آخرها, قال: نزلت في أهل الشرك. وقال ابن جرير أيضاً حدثنا ابن حميد, حدثنا جرير عن منصور, حدثني سعيد بن جبير أو حدثني الحكم عن سعيد بن جبير, قال: سألت ابن عباس عن قوله: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم" قال: إن الرجل إذا عرف الإسلام وشرائع الإسلام, ثم قتل مؤمناً متعمداً, فجزاؤه جهنم ولا توبة له, فذكرت ذلك لمجاهد فقال: إلا من ندم. حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا: حدثنا جرير عن يحيى الجابر عن سالم بن أبي الجعد, قال: كنا عند ابن عباس بعدما كف بصره, فأتاه رجل فناداه: يا عبد الله بن عباس, ما ترى في رجل قتل مؤمناً متعمداً ؟ فقال: جزاؤه جهنم خالداً فيها, وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً. قال: أفرأيت إن تاب وعمل صالحاً ثم اهتدى ؟ قال ابن عباس: ثكلته أمه وأنى له التوبة والهدى ؟ والذي نفسي بيده لقد سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: "ثكلته أمه قاتل مؤمن متعمداً جاء يوم القيامة أخذه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه من قبل عرش الرحمن, يلزم قاتله بشماله وبيده الأخرى رأسه, يقول: يا رب, سل هذا فيم قتلني" وايم الذي نفس عبد الله بيده, لقد أنزلت هذه الاية فما نسختها من آية حتى قبض نبيكم صلى الله عليه وسلم, وما نزل بعدها من برهان, وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة, سمعت يحيى بن المجبر يحدث عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس أن رجلاً أتى إليه فقال: أرأيت رجلاً قتل رجلاً عمداً ؟ فقال: جزاؤه جهنم خالداً فيها, الاية, قال: لقد نزلت من آخر ما نزل, ما نسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم, وما نزل وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ؟ قال: وأنى له بالتوبة, وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ثكلته أمه رجل قتل رجلاً متعمداً يجىء يوم القيامة آخذاً قاتله بيمينه أو بيساره ـ أو آخذاً رأسه بيمينه أو بشماله ـ تشخب أوداجه دماً من قبل العرش, يقول : يا رب, سل عبدك فيم قتلني" وقد رواه النسائي عن قتيبة وابن ماجه, عن محمد بن الصباح عن سفيان بن عيينة, عن عمار الدهني ويحيى الجابر وثابت الثمالي عن سالم بن أبي الجعد, عن ابن عباس فذكره, وقد روي هذا عن ابن عباس من طرق كثيرة وممن ذهب إلى أنه لا توبة له من السلف زيد بن ثابت وأبو هريرة وعبد الله بن عمر وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعبيد بن عمير والحسن وقتادة والضحاك بن مزاحم نقله ابن أبي حاتم, وفي الباب أحاديث كثيرة , فمن ذلك ما رواه أبو بكر بن مردويه الحافظ في تفسيره: حدثنا دعلج بن أحمد, حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي (ح), وحدثنا عبد الله بن جعفر, وحدثنا إبراهيم بن فهد, قالا: حدثنا عبيد بن عبيدة حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه, عن الأعمش, عن أبي عمرو بن شرحبيل بإسناده عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يجىء المقتول متعلقاً بقاتله يوم القيامة آخذا رأسه بيده الأخرى فيقول يا رب سل هذا فيم قتلني ؟ قال, فيقول: قتلته لتكون العزة لك, فيقول: فإنها لي, قال ويجىء آخر متعلقاً بقاتله فيقول: رب سل هذا فيم قتلني . قال فيقول: قتلته لتكون العزة لفلان, قال: فإنها ليست له بؤ بإثمه, قال: فيهوي في النار سبعين خريفاً" وقد رواه النسائي عن إبراهيم بن المستمر العوفي, عن عمرو بن عاصم, عن معتمر بن سليمان به.
(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا صفوان بن عيسى, حدثنا ثور بن يزيد عن أبي عون, عن أبي إدريس, قال: سمعت معاوية رضي الله عنه يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً, أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً" وكذا رواه النسائي عن محمد بن المثنى, عن صفوان بن عيسى به, وقال ابن مردويه: حدثنا عبد الله بن جعفر, حدثنا سمويه, حدثنا عبد الأعلى بن مسهر, حدثنا صدقة بن خالد, حدثنا خالد بن دهقان, حدثنا ابن أبي زكريا, قال سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً, أو من قتل مؤمناً متعمداً" وهذا غريب جداً من هذا الوجه, والمحفوظ حديث معاوية المتقدم, فالله أعلم, ثم روى ابن مردويه من طريق بقية بن الوليد عن نافع بن يزيد: حدثني ابن جبير الأنصاري عن داود بن الحصين, عن نافع, عن ابن عمر, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل مؤمناً متعمداً فقد كفر بالله عز وجل" وهذا حديث منكر أيضاً, فإسناده تكلم فيه جداً, قال الإمام أحمد: حدثنا النضر, حدثنا سليمان بن المغيرة, حدثنا حميد, قال: أتاني أبو العالية أنا وصاحب لي, فقال لنا: هلما فأنتما أشب سناً مني, وأوعى للحديث مني, فانطلق بنا إلى بشر بن عاصم, فقال له أبو العالية: حدث هؤلاء بحديثك, فقال: حدثنا عقبة بن مالك الليثي قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأغارت على قوم, فشد مع القوم رجل فاتبعه رجل من السرية شاهراً سيفه, فقال الشاد من القوم: إني مسلم فلم ينظر فيما قال, قال: فضربه فقتله, فنمي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال فيه قولاً شديداً, فبلغ القاتل, فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ قال القاتل: والله ما قال الذي قال إلا تعوذاً من القتل, قال: فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته, ثم قال أيضاً: يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذاً من القتل, فأعرض عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته ثم لم يصبر حتى قال الثالثة: والله يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذاً من القتل, فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرف المساءة في وجهه, فقال: "إن الله أبى على من قتل مؤمناً ثلاثاً" ورواه النسائي من حديث سليمان بن المغيرة, والذي عليه الجمهور من سلف الأمة وخلفها أن القاتل له توبة فيما بينه وبين الله عز وجل, فإن تاب وأناب, وخشع وخضع وعمل عملاً صالحاً بدل الله سيئاته حسنات, وعوض المقتول من ظلامته وأرضاه عن ظلامته, قال الله تعالى: " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا " الاية, وهذا خبر لا يجوز نسخه وحمله على المشركين وحمل هذه الاية على المؤمنين خلاف الظاهر, ويحتاج حمله إلى دليل, والله أعلم.
وقال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله" الاية, وهذا عام في جميع الذنوب من كفر وشرك وشك ونفاق وقتل وفسق وغير ذلك, كل من تاب أي من أي ذلك تاب الله عليه, قال الله تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" فهذه الاية عامة في جميع الذنوب ما عدا الشرك, وهي مذكورة في هذه السورة الكريمة بعد هذه الاية وقبلها لتقوية الرجاء, والله أعلم, وثبت في الصحيحين خبر الإسرائيلي الذي قتل مائة نفس ثم سأل عالماً هل لي من توبة ؟ فقال: ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ثم أرشده إلى بلد يعبد الله فيه, فهاجر إليه فمات في الطريق, فقبضته ملائكة الرحمة كما ذكرناه غير مرة, وإذا كان هذا في بني إسرائيل فلأن يكون في هذه الأمة التوبة مقبولة بطريق الأولى والأحرى, لأن الله وضع عنا الاصار والأغلال التي كانت عليهم وبعث نبينا بالحنيفية السمحة.
فأما الاية الكريمة وهي قوله تعالى: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً" الاية, فقد قال أبو هريرة وجماعة من السلف: هذا جزاؤه إن جازاه, وقد رواه ابن مردويه بإسناده مرفوعاً من طريق محمد بن جامع العطار عن العلاء بن ميمون العنبري, عن حجاج الأسود, عن محمد بن سيرين, عن أبي هريرة مرفوعاً ولكن لا يصح, ومعنى هذه الصيغة أن هذا جزاؤه إن جوزي عليه, وكذا كل وعيد على ذنب, لكن قد يكون كذلك معارض من أعمال صالحة تمنع وصول ذلك الجزاء إليه على قولي أصحاب الموازنة والإحباط, وهذا أحسن ما يسلك في باب الوعيد, والله أعلم بالصواب, وبتقدير دخول القاتل في النار, أما على قول ابن عباس ومن وافقه أنه لا توبة له, أو على قول الجمهور حيث لا عمل له صالحاً ينجو به فليس بمخلد فيها أبداً, بل الخلود هو المكث الطويل, وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنه يخرج من النار من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان", وأما حديث معاوية "كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً, أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً" فعسى للترجي, فإذا انتفى الترجي في هاتين الصورتين لا تنفي وقوع ذلك في أحدهما وهو القتل لما ذكرنا من الأدلة, وأما من مات كافراً فالنص أن الله لا يغفر له البتة, وأما مطالبة المقتول القاتل يوم القيامة فإنه حق من حقوق الادميين, وهي لا تسقط بالتوبة, ولكن لا بد من ردها إليهم ولا فرق بين المقتول والمسروق منه, والمغصوب منه والمقذوف وسائر حقوق الادميين, فإن الإجماع منعقد على أنها لا تسقط بالتوبة, ولكنه لا بد من ردها إليهم في صحة التوبة, فإن تعذر ذلك فلا بد من المطالبة يوم القيامة, لكن لا يلزم من وقوع المطالبة وقوع المجازاة, إذ قد يكون للقاتل أعمال صالحة تصرف إلى المقتول أو بعضها, ثم يفضل له أجر يدخل به الجنة أو يعوض الله المقتول بما يشاء من فضله من قصور الجنة ونعيمها, ورفع درجته فيها ونحو ذلك والله أعلم, ثم لقاتل العمد أحكام في الدنيا وأحكام في الاخرة, فأما في الدنيا فتسلط أولياء المقتول عليه, قال الله تعالى: "ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً" الاية, ثم هم مخيرون بين أن يقتلوا, أو يعفوا, أو يأخذوا دية مغلظة أثلاثاً, ثلاثون حقة, وثلاثون جذعة, وأربعون خلفة, كما هو مقرر في كتاب الأحكام, واختلف الأئمة هل تجب عليه كفارة عتق رقبة, أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام, على أحد القولين كما تقدم في كفارة الخطأ, على قولين فالشافعي وأصحابه وطائفة من العلماء يقولون نعم, يجب عليه, لأنه إذا وجبت عليه الكفارة في الخطأ فلأن تجب عليه في العمد أولى, فطردوا هذا في كفارة اليمين الغموس واعتذروا بقضاء الصلاة المتروكة عمداً كما أجمعوا على ذلك في الخطأ, وقال أصحابه,الإمام أحمد وآخرون: قتل العمد أعظم من أن يكفر فلا كفارة فيه, وكذا اليمين الغموس ولا سبيل لهم إلى الفرق بين هاتين الصورتين وبين الصلاة المتروكة عمداً, فإنهم يقولون بوجوب قضائها إذا تركت عمداً, وقد احتج من ذهب إلى وجوب الكفارة في قتل العمد بما رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا عارم بن الفضل, حدثنا عبد الله بن المبارك عن إبراهيم بن أبي عبلة, عن الغريف بن عياش عن واثلة بن الأسقع, قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم نفر من بني سليم فقالوا: إن صاحباً لنا قد أوجب, قال: "فليعتق رقبة يفدي الله بكل عضو منها عضواً منه من النار" وقال أحمد: حدثنا إبراهيم بن إسحاق, حدثنا ضمرة بن ربيعة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الغريف الديلمي, قال: أتينا واثلة بن الأسقع الليثي فقلنا له حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا قد أوجب, فقال: "أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار" وكذا رواه أبو داود والنسائي من حديث إبراهيم بن أبي عبلة به, ولفظ أبي داود عن الغريف الديلمي قال: أتينا واثلة بن الأسقع فقلنا له: حدثنا حديثاً ليس فيه زيادة ولا نقصان فغضب فقال: إن أحدكم ليقرأ ومصحفه معلق في بيته فيزيد وينقص, قلنا: إنما أردنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا قد أوجب, يعني النار بالقتل, فقال: "أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار" .

الترجمة الإنجليزية

وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا
التفسير93. Whoso slayeth a believer of set purpose, his reward is Hell for ever. Allah is wroth against him and He hath cursed him and prepared for him an awful doom.

الترجمة الفرنسية

وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا
التفسير93. Quiconque tue intentionnellement un croyant, Sa rétribution alors sera l'Enfer, pour y demeurer éternellement. Allah l'a frappé de Sa colère, l'a maudit et lui a préparé un énorme châtiment.



بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (94)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه إذا خرجتم في الأرض مجاهدين في سبيل الله فكونوا على بينة مما تأتون وتتركون, ولا تنفوا الإيمان عمن بدا منه شيء من علامات الإسلام ولم يقاتلكم; لاحتمال أن يكون مؤمنًا يخفي إيمانه, طالبين بذلك متاع الحياة الدنيا, والله تعالى عنده من الفضل والعطاء ما يغنيكم به, كذلك كنتم في بدء الإسلام تخفون إيمانكم عن قومكم من المشركين فمَنَّ الله عليكم, وأعزَّكم بالإيمان والقوة, فكونوا على بيِّنة ومعرفة في أموركم. إن الله تعالى عليم بكل أعمالكم, مطَّلع على دقائق أموركم, وسيجازيكم عليها.

تفسير ابن كثير

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ
عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
التفسير قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن أبي بكير وخلف بن الوليد وحسين بن محمد قالوا: حدثنا إسرائيل عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرعى غنماً له فسلم عليهم, فقالوا: لا يسلم علينا إلا ليتعوذ منا, فعمدوا إليه فقتلوه, وأتوا بغنمه النبي صلى الله عليه وسلم, فنزلت هذه الاية "يا أيها الذين آمنوا" إلى آخرها, ورواه الترمذي في التفسير عن عبد بن حميد, عن عبد العزيز بن أبي رزمة, عن إسرائيل به, ثم قال: هذا حديث حسن صحيح, وفي الباب عن أسامة بن زيد, ورواه الحاكم من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل به, ثم قال: صحيح الإسناد, ولم يخرجاه, ورواه ابن جرير من حديث عبيد الله بن موسى وعبد الرحيم بن سليمان, كلاهما عن إسرائيل به, وقال في بعض كتبه غير التفسير, وقد رواه من طريق عبد الرحمن فقط, وهذا خبر عندنا صحيح سنده, وقد يجب أن يكون على مذهب الاخرين سقيماً لعلل منها: أنه لا يعرف له مخرج عن سماك إلا من هذا الوجه, ومنها أن عكرمة في روايته عندهم نظر, ومنها أن الذي نزلت فيه هذه الاية عندهم مختلف فيه فقال بعضهم: نزلت في محلم بن جثامة, وقال بعضهم: أسامة بن زيد, وقيل غير ذلك, قلت: وهذا كلام غريب وهو مردود من وجوه: أحدها أنه ثابت عن سماك حدث به عنه غير واحد من الأئمة الكبار, الثاني أن عكرمة محتج به في الصحيح, الثالث أنه مروي من غير هذا الوجه عن ابن عباس, كما قال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله, حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار,عن عطاء, عن ابن عباس "ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً" قال: قال ابن عباس كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون, فقال: السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته, فأنزل الله في ذلك "ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً" قال ابن عباس: عرض الدنيا تلك الغنيمة, وقرأ ابن عباس "السلام", وقال سعيد بن منصور: حدثنا منصور عن عمرو بن دينار, عن عطاء بن يسار, عن ابن عباس, قال: لحق المسلمون رجلاً في غنيمة له, فقال: السلام عليكم, فقتلوه وأخذوا غنيمته, فنزلت "ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً". وقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق سفيان بن عيينة به, وقد في ترجمة: أن أخاه فزاراً, هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, عن أمر أبيه بإسلامهم وإسلام قومهم, فلقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم, في عماية الليل, وكان قد قال لهم إنه مسلم, فلم يقبلوا منه فقتلوه فقال أبوه: فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأعطاني ألف دينار ودية أخرى وسيرني, فنزل قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله" الاية.
وأما قصة محلم بن جثامة, فقال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يعقوب: حدثني أبي عن محمد بن إسحاق, حدثنا يزيد بن عبد الله بن قسيط عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد رضي الله عنه, قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي, ومحلم بن جثامة بن قيس, فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم, مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له, معه متيع له ووطب من لبن, فلما مر بنا سلم علينا, فأمسكنا عنه, وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله, لشيء كان بينه وبينه, وأخذ بعيره ومتيعه, فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر نزل فينا " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا " تفرد به أحمد. وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع, حدثنا جرير عن ابن إسحاق, عن نافع, عن ابن عمر, قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلم بن جثامة مبعثاً, فلقيهم عامر بن الأضبط فحياهم بتحية الإسلام, وكانت بينهم إحنة في الجاهلية, فرماه محلم بسهم فقتله, فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فتكلم فيه عيينة والأقرع: فقال الأقرع يا رسول الله, سر اليوم وغر غداً, فقال عيينة: لا والله حتى تذوق نساؤه من الثكل ماذاق نسائي, فجاء محلم في بردين فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر له, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا غفر الله لك", فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه, فما مضت له سابعة حتى مات ودفنوه, فلفظته الأرض, فجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له, فقال: "إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم, ولكن الله أراد أن يعظكم" ثم طرحوه بين صدفي جبل وألقوا عليه الحجارة فنزلت "يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا" الاية.
وقال البخاري: قال حبيب بن أبي عمرة عن سعيد, عن ابن عباس, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد: "إذا كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فقتلته, فكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة من قبل" هكذا ذكره البخاري معلقاً مختصراً, وقد روي مطولاً موصولاً, فقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا حماد بن علي البغدادي, حدثنا جعفر بن سلمة, حدثنا أبو بكر بن علي بن مقدم, حدثنا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد بن الأسود, فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا, وبقي رجل له مال كثير لم يبرح, فقال: أشهد أن لا إله إلا الله, وأهوى عليه المقداد فقتله, فقال له رجل من أصحابه: أقتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله ؟ والله لأذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم, فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله, إن رجلاً شهد أن لا إله إلا الله, فقتله المقداد, فقال: "ادعوا لي المقداد, يا مقداد: أقتلت رجلاً يقول لا إله إلا الله, فكيف لك بلا إله إلا الله غداً ؟" قال: فأنزل الله: " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا ", فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد: "كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتلته, وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل" وقوله: "فعند الله مغانم كثيرة" أي خير مما رغبتم فيه عرض الحياة الدنيا الذي حملكم على قتل مثل هذا الذي ألقى إليكم السلام, وأظهر لكم الإيمان فتغافلتم عنه واتهمتموه بالمصانعة والتقية لتبتغوا عرض الحياة الدنيا, فما عند الله من الرزق الحلال خير لكم من مال هذا.
وقوله: "كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم" أي قد كنتم من قبل هذه الحال كهذا الذي يسر إيمانه ويخفيه من قومه, كما تقدم في الحديث المرفوع آنفاً, وكما قال تعالى: "واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض" الاية, وهذا مذهب سعيد بن جبير لما رواه الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير في قوله: "كذلك كنتم من قبل" تخفون إيمانكم في المشركين, ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج: أخبرني عبد الله بن كثير عن سعيد بن جبير في قوله: "كذلك كنتم من قبل" تستخفون بإيمانكم كما استخفى هذا الراعي بإيمانه, وهذا اختيار ابن جرير, وقال ابن أبي حاتم, وذكر عن قيس, عن سالم, عن سعيد بن جبير: قوله "كذلك كنتم من قبل" لم تكونوا مؤمنين "فمن الله عليكم" أي تاب عليكم فحلف أسامة لا يقتل رجلاً يقول: لا إله إلا الله بعد ذلك الرجل, وما لقي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه, وقوله: "فتبينوا" تأكيد لما تقدم, وقوله: " إن الله كان بما تعملون خبيرا " قال سعيد بن جبير: هذا تهديد ووعيد.

الترجمة الإنجليزية

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ
عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
التفسير94. O ye who believe! When ye go forth (to fight) in the way of Allah, be careful to discriminate, and say not unto one who offereth you peace: "Thou are not a believer;" seeking the chance profits of this life (so that ye may despoil him). With Allah are plenteous spoils. Even thus (as he now is) were ye before; but Allah hath since then been gracious unto you. Therefore take care to discriminate. Allah is ever informed of what ye do.

الترجمة الفرنسية

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ
عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
التفسير94. ش les croyants! Lorsque vous sortez pour lutter dans le sentier d'Allah, voyez bien clair (ne vous hâtez pas) et ne dites pas à quiconque vous adresse le salut (de l'Islam) : ‹Tu n'es pas croyant›, convoitant les biens de la vie d'ici-bas. Or c'est auprès d'Allah qu'il y a beaucoup de butin. C'est ainsi que vous étiez auparavant; puis Allah vous a accordé Sa grâce. Voyez donc bien clair. Allah est certes Parfaitement Connaisseur de ce que vous faites.






_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 08, 2010 12:22 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (95)

لا يتساوى المتخلفون عن الجهاد في سبيل الله -غير أصحاب الأعذار منهم- والمجاهدون في سبيل الله, بأموالهم وأنفسهم, فضَّل الله تعالى المجاهدين على القاعدين, ورفع منزلتهم درجة عالية في الجنة, وقد وعد الله كلا من المجاهدين بأموالهم وأنفسهم والقاعدين من أهل الأعذار الجنة لِما بذلوا وضحَّوا في سبيل الحق, وفضَّل الله تعالى المجاهدين على القاعدين ثوابًا جزيلا.


تفسير ابن كثير

لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا
التفسير قال البخاري: حدثنا حفص بن عمر, حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء, قال لما نزلت "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً فكتبها, فجاء ابن أم مكتوم فشكا ضرارته, فأنزل الله "غير أولي الضرر", حدثنا محمد بن يوسف عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء, قال: لما نزلت "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" قال النبي صلى الله عليه وسلم ادع فلاناً, فجاءه ومعه الدواة واللوح والكتف, فقال اكتب " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل " وخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم, فقال يا رسول الله, أنا ضرير, فنزلت مكانها "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله" قال البخاري أيضاً: حدثنا إسماعيل بن عبد الله, حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان, عن ابن شهاب, حدثني سهل بن سعد الساعدي أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد, قال: فأقبلت حتى جلست إلى جنبه, فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى علي " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله " فجاءه ابن أم مكتوم وهو يمليها علي, قال: يا رسول الله, والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت, وكان أعمى, فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم, وكان فخذه على فخذي فثقلت علي خفت أن ترض فخدي, ثم سري عنه, فأنزل الله "غير أولي الضرر" تفرد به البخاري دون مسلم, وقد روي من وجه آخر عند الإمام أحمد عن زيد فقال: حدثنا سليمان بن داود, أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد, عن خارجة بن زيد, قال: قال زيد بن ثابت: إني قاعد إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم إذ أوحي إليه وغشيته السكينة, قال: فرفع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة, قال زيد: فلا والله ما وجدت شيئاً قط أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سري عنه, فقال: اكتب يا زيد, فأخذت كتفاً, فقال: اكتب " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون " إلى قوله: "أجراً عظيما" فكتبت ذلك في كتف, فقام حين سمعها ابن أم مكتوم وكان رجلاً أعمى, فقام حين سمع فضيلة المجاهدين, وقال: يا رسول الله, وكيف بمن لا يستطيع الجهاد ومن هو أعمى وأشباه ذلك ؟ قال زيد: فوالله ما قضى كلامه ـ أو ماهو إلا أن قضى كلامه ـ غشيت النبي صلى الله عليه وسلم السكينة, فوقعت فخذه على فخذي, فوجدت من ثقلها كما وجدت في المرة الأولى, ثم سري عنه, فقال: اقرأ فقرأت عليه " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون " فقال النبي صلى الله عليه وسلم "غير أولي الضرر", قال زيد: فألحقتها, فوالله كأني أنظر إلى ملحقها عند صدع كان في الكتف, ورواه أبو داود عن سعيد بن منصور, عن عبد الرحمن بن أبي الزناد, عن أبيه, عن خارجة بن زيد بن ثابت, عن أبيه, به نحوه.
وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر, أنبأنا الزهري, عن قبيصة بن ذؤيب, عن زيد بن ثابت قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اكتب " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله " فجاء عبد الله بن أم مكتوم, فقال: يا رسول الله, إني أحب الجهاد في سبيل الله ولكن بي من الزمانة ما قد ترى, قد ذهب بصري, قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي حتى خشيت أن ترضها ثم سري عنه, ثم قال: اكتب "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله" ", ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج, أخبرني عبد الكريم هو ابن مالك الجزري, أن مقسماً مولى عبد الله بن الحارث أخبره أن ابن عباس أخبره "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" عن بدر والخارجون إلى بدر, انفرد به البخاري دون مسلم, وقد رواه الترمذي من طريق حجاج, عن ابن جريج, عن عبد الكريم, عن مقسم, عن ابن عباس, قال: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر" عن بدر والخارجون إلى بدر, ولما نزلت غزوة بدر, قال عبد الله بن حجش وابن أم مكتوم: إنا أعميان يا رسول الله, فهل لنا رخصة ؟ فنزلت "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر" وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر, " وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما * درجات منه " على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر, هذا لفظ الترمذي. ثم قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه, فقوله: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" كان مطلقاً, فلما نزل بوحي سريع "غير أولي الضرر", صار ذلك مخرجاً لذوي الأعذار المبيحة لترك الجهاد من العمى والعرج والمرض, عن مساواتهم للمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. ثم أخبر تعالى بفضيلة المجاهدين على القاعدين, قال ابن عباس: "غير أولي الضرر", وكذا ينبغي أن يكون, كما ثبت في صحيح البخاري من طريق زهير بن معاوية, عن حميد, عن أنس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بالمدينة أقواماً ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه, قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله ؟ قال: نعم حبسهم العذر" , وهكذا رواه أحمد عن محمد بن أبي عدي, عن حميد, عن أنس به, وعلقه البخاري مجزوماً, ورواه أبو داود عن حماد بن سلمة عن حميد, عن موسى بن أنس بن مالك, عن أبيه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقد تركتم بالمدينة أقواماً ما سرتم من مسير ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه", قالوا: وكيف يكونون معنا فيه يا رسول الله ؟ قال: "نعم حبسهم العذر" لفظ أبي داود, وفي هذا المعنى قال الشاعر:
يا راحلين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحا
إنا أقمنا علـــى عذر وعـــن قدر ومـــن أقـــــام على عذر فقد راحا
وقوله: "وكلاً وعد الله الحسنى" أي الجنة والجزاء الجزيل. وفيه دلالة على أن الجهاد ليس بفرض عين, بل هو فرض على الكفاية. قال تعالى: "وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً" ثم أخبر سبحانه بما فضلهم به من الدرجات, في غرف الجنان العاليات, ومغفرة الذنوب والزلات, وحلول الرحمة والبركات, إحساناً منه وتكريماً, ولهذا قال: "درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيماً".
وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله, ما بين كل درجتين كما بين السماء الأرض". وقال الأعمش عن عمرو بن مرة, عن أبي عبيدة, عن عبد الله بن مسعود, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رمى بسهم فله أجره درجة" فقال رجل: يا رسول الله, وما الدرجة ؟ فقال: "أما إنها ليست بعتبة أمك. ما بين الدرجتين مائة عام" .

الترجمة الإنجليزية

لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا
التفسير95. Those of the believers who sit still, other than those who have a (disabling) hurt, are not on an equality with those who strive in the way of Allah with their wealth and lives. Allah hath conferred on those who strive with their wealth and lives a rank above the sedentary. Unto each Allah hath promised good, but He hath bestowed on those who strive a great reward above the sedentary;

الترجمة الفرنسية

لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا
التفسير95. Ne sont pas égaux ceux des croyants qui restent chez eux - sauf ceux qui ont quelques infirmité - et ceux qui luttent corps et biens dans le sentier d'Allah. Allah donne à ceux qui luttent corps et biens un grade d'excellence sur ceux qui restent chez eux. Et à chacun Allah a promis la meilleure récompense; et Allah a mis les combattants au-dessus des non combattants en leur accordant une rétribution immense;


بسم الله الرحمن الرحيم

دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (96)

هذا الثواب الجزيل منازل عالية في الجنات من الله تعالى لخاصة عباده المجاهدين في سبيله, ومغفرة لذنوبهم ورحمة واسعة ينعمون فيها. وكان الله غفورًا لمن تاب إليه وأناب, رحيمًا بأهل طاعته, المجاهدين في سبيله.


تفسير ابن كثير

دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير قال البخاري: حدثنا حفص بن عمر, حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء, قال لما نزلت "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً فكتبها, فجاء ابن أم مكتوم فشكا ضرارته, فأنزل الله "غير أولي الضرر", حدثنا محمد بن يوسف عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء, قال: لما نزلت "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" قال النبي صلى الله عليه وسلم ادع فلاناً, فجاءه ومعه الدواة واللوح والكتف, فقال اكتب " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل " وخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم, فقال يا رسول الله, أنا ضرير, فنزلت مكانها "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله" قال البخاري أيضاً: حدثنا إسماعيل بن عبد الله, حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان, عن ابن شهاب, حدثني سهل بن سعد الساعدي أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد, قال: فأقبلت حتى جلست إلى جنبه, فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى علي " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله " فجاءه ابن أم مكتوم وهو يمليها علي, قال: يا رسول الله, والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت, وكان أعمى, فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم, وكان فخذه على فخذي فثقلت علي خفت أن ترض فخدي, ثم سري عنه, فأنزل الله "غير أولي الضرر" تفرد به البخاري دون مسلم, وقد روي من وجه آخر عند الإمام أحمد عن زيد فقال: حدثنا سليمان بن داود, أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد, عن خارجة بن زيد, قال: قال زيد بن ثابت: إني قاعد إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم إذ أوحي إليه وغشيته السكينة, قال: فرفع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة, قال زيد: فلا والله ما وجدت شيئاً قط أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سري عنه, فقال: اكتب يا زيد, فأخذت كتفاً, فقال: اكتب " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون " إلى قوله: "أجراً عظيما" فكتبت ذلك في كتف, فقام حين سمعها ابن أم مكتوم وكان رجلاً أعمى, فقام حين سمع فضيلة المجاهدين, وقال: يا رسول الله, وكيف بمن لا يستطيع الجهاد ومن هو أعمى وأشباه ذلك ؟ قال زيد: فوالله ما قضى كلامه ـ أو ماهو إلا أن قضى كلامه ـ غشيت النبي صلى الله عليه وسلم السكينة, فوقعت فخذه على فخذي, فوجدت من ثقلها كما وجدت في المرة الأولى, ثم سري عنه, فقال: اقرأ فقرأت عليه " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون " فقال النبي صلى الله عليه وسلم "غير أولي الضرر", قال زيد: فألحقتها, فوالله كأني أنظر إلى ملحقها عند صدع كان في الكتف, ورواه أبو داود عن سعيد بن منصور, عن عبد الرحمن بن أبي الزناد, عن أبيه, عن خارجة بن زيد بن ثابت, عن أبيه, به نحوه.
وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر, أنبأنا الزهري, عن قبيصة بن ذؤيب, عن زيد بن ثابت قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اكتب " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله " فجاء عبد الله بن أم مكتوم, فقال: يا رسول الله, إني أحب الجهاد في سبيل الله ولكن بي من الزمانة ما قد ترى, قد ذهب بصري, قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي حتى خشيت أن ترضها ثم سري عنه, ثم قال: اكتب "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله" ", ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج, أخبرني عبد الكريم هو ابن مالك الجزري, أن مقسماً مولى عبد الله بن الحارث أخبره أن ابن عباس أخبره "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" عن بدر والخارجون إلى بدر, انفرد به البخاري دون مسلم, وقد رواه الترمذي من طريق حجاج, عن ابن جريج, عن عبد الكريم, عن مقسم, عن ابن عباس, قال: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر" عن بدر والخارجون إلى بدر, ولما نزلت غزوة بدر, قال عبد الله بن حجش وابن أم مكتوم: إنا أعميان يا رسول الله, فهل لنا رخصة ؟ فنزلت "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر" وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر, " وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما * درجات منه " على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر, هذا لفظ الترمذي. ثم قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه, فقوله: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" كان مطلقاً, فلما نزل بوحي سريع "غير أولي الضرر", صار ذلك مخرجاً لذوي الأعذار المبيحة لترك الجهاد من العمى والعرج والمرض, عن مساواتهم للمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. ثم أخبر تعالى بفضيلة المجاهدين على القاعدين, قال ابن عباس: "غير أولي الضرر", وكذا ينبغي أن يكون, كما ثبت في صحيح البخاري من طريق زهير بن معاوية, عن حميد, عن أنس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بالمدينة أقواماً ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه, قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله ؟ قال: نعم حبسهم العذر" , وهكذا رواه أحمد عن محمد بن أبي عدي, عن حميد, عن أنس به, وعلقه البخاري مجزوماً, ورواه أبو داود عن حماد بن سلمة عن حميد, عن موسى بن أنس بن مالك, عن أبيه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقد تركتم بالمدينة أقواماً ما سرتم من مسير ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه", قالوا: وكيف يكونون معنا فيه يا رسول الله ؟ قال: "نعم حبسهم العذر" لفظ أبي داود, وفي هذا المعنى قال الشاعر:
يا راحلين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحا
إنا أقمنا علـــى عذر وعـــن قدر ومـــن أقـــــام على عذر فقد راحا
وقوله: "وكلاً وعد الله الحسنى" أي الجنة والجزاء الجزيل. وفيه دلالة على أن الجهاد ليس بفرض عين, بل هو فرض على الكفاية. قال تعالى: "وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً" ثم أخبر سبحانه بما فضلهم به من الدرجات, في غرف الجنان العاليات, ومغفرة الذنوب والزلات, وحلول الرحمة والبركات, إحساناً منه وتكريماً, ولهذا قال: "درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيماً".
وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله, ما بين كل درجتين كما بين السماء الأرض". وقال الأعمش عن عمرو بن مرة, عن أبي عبيدة, عن عبد الله بن مسعود, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رمى بسهم فله أجره درجة" فقال رجل: يا رسول الله, وما الدرجة ؟ فقال: "أما إنها ليست بعتبة أمك. ما بين الدرجتين مائة عام" .

الترجمة الإنجليزية

دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير96. Degrees of rank from Him, and forgiveness and mercy. Allah is ever Forgiving, Merciful.

الترجمة الفرنسية

دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير96. des grades de supériorité de Sa part ainsi qu'un pardon et une miséricorde. Allah est Pardonneur et Miséricordieux.







_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 08, 2010 12:28 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97)

إن الذين توفَّاهم الملائكة وقد ظلموا أنفسهم بقعودهم في دار الكفر وترك الهجرة, تقول لهم الملائكة توبيخًا لهم: في أي شيء كنتم من أمر دينكم؟ فيقولون: كنا ضعفاء في أرضنا, عاجزين عن دفع الظلم والقهر عنا, فيقولون لهم توبيخا: ألم تكن أرض الله واسعة فتخرجوا من أرضكم إلى أرض أخرى بحيث تأمنون على دينكم؟ فأولئك مثواهم النار, وقبح هذا المرجع والمآب.

تفسير ابن كثير

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا
التفسير قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرىء, حدثنا حيوة وغيره, قالا: حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود, قال: قطع على أهل المدينة بعث, فاكتتبت فيه, فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته, فنهاني عن ذلك أشد النهي, قال: أخبرني ابن عباس أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, يأتي السهم يرمى به فيصيب أحدهم, فيقتله أو يضرب عنقه فيقتل, فأنزل الله "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم", وراه الليث عن أبي الأسود. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي, حدثنا أبو أحمد يعني الزبيري, حدثنا محمد بن شريك المكي, حدثنا عمرو بن دينار عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام, فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم, فأصيب بعضهم بفعل بعض. قال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم, فنزلت "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" الاية. قال عكرمة: فكتب إلى من بقي من المسلمين بهذه الاية لا عذر لهم. قال: فخرجوا, فلحقهم المشركون, فأعطوهم التقية, فنزلت هذه الاية "ومن الناس من يقول آمنا بالله" الاية. قال عكرمة: نزلت هذه الاية في شباب من قريش كانوا تكلموا بالإسلام بمكة منهم علي بن أمية بن خلف وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو العاص بن منبه بن الحجاج والحارث بن زمعة, قال الضحاك: نزلت في ناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وخرجوا مع المشركين يوم بدر فأصيبوا فيمن أصيب, فنزلت هذه الاية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين, وهو قادر على الهجرة وليس متمكناً من إقامة الدين فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع, وبنص هذه الاية, حيث يقول تعالى: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" أي بترك الهجرة "قالوا فيم كنتم" أي لم مكثتم ها هنا وتركتم الهجرة "قالوا كنا مستضعفين في الأرض" أي لا نقدر على الخروج من البلد, ولا الذهاب في الأرض "قالوا ألم تكن أرض الله واسعة" الاية, وقال أبو داود: حدثنا محمد بن داود بن سفيان, حدثني يحيى بن حسان, أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود, حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب, حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة, عن سمرة بن جندب, أما بعد, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله", وقال السدي: لما أسر العباس وعقيل ونوفل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: "افد نفسك وابن أخيك" فقال: يا رسول الله, ألم نصل إلى قبلتك, ونشهد شهادتك, قال "يا عباس, إنكم خاصمتم فخصمتم", ثم تلا عليه هذه الاية "ألم تكن أرض الله واسعة" الاية, وراه ابن أبي حاتم.
وقوله: "إلا المستضعفين" إلى آخر الاية, هذه عذر من الله لهؤلاء في ترك الهجرة, وذلك أنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين, ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق, ولهذا قال: "لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً", قال مجاهد وعكرمة والسدي: يعني طريقاً.
وقوله تعالى: "فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم" أي يتجاوز من الله عنهم بترك الهجرة, عسى من الله موجبة, "وكان الله عفواً غفوراً", قال البخاري: حدثنا أبو نعيم, حدثنا شيبان عن يحيى, عن أبي سلمة, عن أبي هريرة, قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال: سمع الله لمن حمده, ثم قال قبل أن يسجد "اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة, اللهم أنج سلمة بن هشام, اللهم أنج الوليد بن الوليد, اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين, اللهم اشدد وطأتك على مضر, اللهم اجعلها سنين كسني يوسف".
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو معمر المقري, حدثني عبد الوارث, حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب, عن أبي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده بعد ما سلم وهو مستقبل القبلة, فقال: "اللهم خلص الوليد بن الوليد, وعياش بن أبي ربيعة, وسلمة بن هشام, وضعفة المسلمين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً من أيدي الكفار". وقال ابن جرير: حدثنا المثنى, حدثنا حجاج, حدثنا حماد عن علي بن زيد عن عبد الله أو إبراهيم بن عبد الله القرشي, عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دبر صلاة الظهر "اللهم خلص الوليد, وسلمة بن هشام, وعياش بن أبي ربيعة وضعفة المسلمين من أيدي المشركين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا", ولهذا الحديث شاهد في الصحيح من غير هذا الوجه كما تقدم. وقال عبد الرزاق: أنبأنا ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد, قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان. وقال البخاري: أنبأنا أبو النعمان, حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي مليكة, عن ابن عباس "إلا المستضعفين" قال: كنت أنا وأمي ممن عذر الله عز وجل.
وقوله: "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة", هذا تحريض على الهجرة وترغيب في مفارقة المشركين وأن المؤمن حيثما ذهب وجد عنهم مندوحة وملجأ يتحصن فيه, والمراغم مصدر تقول العرب: راغم فلان قومه مراغماً ومراغمة, قال النابغة بن جعدة:
كطود يلاذ بأركانه عزيز المراغم والمهرب
وقال ابن عباس: المراغم التحول من أرض إلى أرض. وكذا روي عن الضحاك والربيع بن أنس والثوري. وقال مجاهد: "مراغماً كثيراً" يعني متزحزحاً عما يكره. وقال سفيان بن عيينة: مراغماً كثيراً يعني بروجاً, والظاهر ـ والله أعلم ـ أنه المنع الذي يتحصن به ويراغم به الأعداء. قوله "وسعة" يعني الرزق, قاله غير واحد منهم قتادة حيث قال: في قوله: " يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة " أي من الضلالة إلى الهدى, ومن القلة إلى الغنى, وقوله: "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله" أي ومن يخرج من منزله بنية الهجرة فمات في أثناء الطريق فقد حصل له عند الله ثواب من هاجر, كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من الصحاح والمسانيد والسنن من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي, عن علقمة بن وقاص الليثي, عن عمر بن الخطاب, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى, فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله, ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها, أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه". وهذا عام في الهجرة وفي جميع الأعمال. ومنه الحديث الثابت في الصحيحين في الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً, ثم أكمل بذلك العابد المائة ثم سأل عالماً: هل له من توبة ؟ فقال له, ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ثم أرشده إلى أن يتحول من بلده إلى بلد آخر يعبد الله فيه. فلما ارتحل من بلده مهاجراً إلى البلد الاخر أدركه الموت في أثناء الطريق, فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب, فقال هؤلاء: إنه جاء تائباً, وقال هؤلاء إنه لم يصل بعد, فأمروا أن يقيسوا ما بين الأرضين فإلى أيهما كان أقرب فهو منها, فأمر الله هذه أن تقترب من هذه, وهذه أن تبعد فوجدوه أقرب إلى الأرض التي هاجر إليها بشبر, فقبضته ملائكة الرحمة. وفي رواية أنه لما جاءه الموت ناء بصدره إلى الأرض التي هاجر إليها.
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون, حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم, عن محمد بن عبد الله بن عتيك, عن أبيه عبد الله بن عتيك, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من خرج من بيته مجاهداً في سبيل الله, ثم قال: ـ وأين المجاهدون في سبيل الله ـ فخر عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله, أو لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله, أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله ـ يعني بحتف أنفه على فراشه, والله إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ومن قتل قعصاً فقد استوجب الجنة". وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي, حدثني عبد الرحمن بن المغيرة الخزامي, عن المنذر بن عبدالله عن هشام بن عروة عن أبيه, أن الزبير بن العوام قال: هاجر خالد بن حزام إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات فنزلت فيه "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً", قال الزبير, فكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة, فما أحزنني شيء حزن وفاته حين بلغتني, لأنه قل أحد ممن هاجر من قريش إلا ومعه بعض أهله, أو ذوي رحمه, ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى, ولا أرجو غيره, وهذا الأثر غريب جداً, فإن هذه القصة مكية, ونزول هذه الاية مدنية, فلعله أراد أنها أنزلت تعم حكمه مع غيره وإن لم يكن ذلك سبب النزول, والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا سليمان بن داود مولى عبد الله بن جعفر, حدثنا سهل بن عثمان, حدثنا عبد الرحمن بن سليمان, حدثنا أشعث هو ابن سوار, عن عكرمة, عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما, قال: خرج ضمرة بن جندب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات في الطريق قبل أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فنزلت "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله" الاية, وحدثنا أبي, حدثنا عبدالله بن رجاء, أنبأنا إسرائيل عن سالم, عن سعيد بن جبير, عن أبي ضمرة بن العيص الزرقي الذي كان مصاب البصر وكان بمكة, فلما نزلت "إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة" فقلت: إني لغني, وإني لذو حيلة, فتجهز يريد النبي صلى الله عليه وسلم فأدركه الموت بالتنعيم, فنزلت هذه الاية "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت" الاية.
وقال الطبراني: حدثنا الحسن بن عروبة البصري, حدثنا حيوة بن شريح الحمصي حدثنا بقية بن الوليد, حدثنا ابن ثوبان عن أبيه, حدثنا مكحول عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري, أنبأنا أبو مالك, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قال: من انتدب خارجاً في سبيلي غازياً ابتغاء وجهي, وتصديق وعدي, وإيماناً برسلي فهو في ضمان على الله, إما أن يتوفاه بالجيش فيدخله الجنة, وإما أن يرجع في ضمان الله, وإن طالب عبداً فنغصه حتى يرده إلى أهله مع ما نال من أجر, أو غنيمة, ونال من فضل الله فمات, أو قتل, أو رفصته فرسه, أو بعيره, أو لدغته هامة, أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله, فهو شهيد". وروى أبو داود من حديث بقية من فضل الله إلى آخره, وزاد بعد قوله: فهو شهيد, وإن له الجنة. وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان, حدثنا أبو معاوية, حدثنا محمد بن إسحاق عن حميد بن أبي حميد, عن عطاء بن يزيد الليثي, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خرج حاجاً فمات, كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة, ومن خرج معتمراً فمات, كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة, ومن خرج غازياً في سبيل الله فمات, كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة". وهذا حديث غريب من هذا الوجه.

الترجمة الإنجليزية

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا
التفسير97. Lo! as for those whom the angels take (in death) while they wrong themselves, (the angels) will ask: In what were ye engaged? They will say : We were oppressed in the land. (The angels) will say: Was not Allah's earth spacious that ye could have migrated therein? As for such, their habitation will be hell, an evil journey's end;

الترجمة الفرنسية

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا
التفسير97. Ceux qui ont fait du tort à eux mêmes, les Anges enlèveront leurs âmes en disant: ‹Où en étiez-vous?› (à propos de votre religion) - ‹Nous étions impuissants sur terre›, dirent-ils. Alors les Anges diront: ‹La terre d'Allah n'était-elle pas assez vaste pour vous permettre d'émigrer?› Voilà bien ceux dont le refuge et l'Enfer. Et quelle mauvaise destination!


بسم الله الرحمن الرحيم

إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98)

ويعذر من ذاك المصير العجزة من الرجال والنساء والصغار الذين لا يقدرون على دفع القهر والظلم عنهم, ولا يعرفون طريقًا يخلصهم مما هم فيه من المعاناة.


تفسير ابن كثير

إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً
التفسير قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرىء, حدثنا حيوة وغيره, قالا: حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود, قال: قطع على أهل المدينة بعث, فاكتتبت فيه, فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته, فنهاني عن ذلك أشد النهي, قال: أخبرني ابن عباس أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, يأتي السهم يرمى به فيصيب أحدهم, فيقتله أو يضرب عنقه فيقتل, فأنزل الله "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم", وراه الليث عن أبي الأسود. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي, حدثنا أبو أحمد يعني الزبيري, حدثنا محمد بن شريك المكي, حدثنا عمرو بن دينار عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام, فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم, فأصيب بعضهم بفعل بعض. قال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم, فنزلت "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" الاية. قال عكرمة: فكتب إلى من بقي من المسلمين بهذه الاية لا عذر لهم. قال: فخرجوا, فلحقهم المشركون, فأعطوهم التقية, فنزلت هذه الاية "ومن الناس من يقول آمنا بالله" الاية. قال عكرمة: نزلت هذه الاية في شباب من قريش كانوا تكلموا بالإسلام بمكة منهم علي بن أمية بن خلف وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو العاص بن منبه بن الحجاج والحارث بن زمعة, قال الضحاك: نزلت في ناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وخرجوا مع المشركين يوم بدر فأصيبوا فيمن أصيب, فنزلت هذه الاية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين, وهو قادر على الهجرة وليس متمكناً من إقامة الدين فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع, وبنص هذه الاية, حيث يقول تعالى: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" أي بترك الهجرة "قالوا فيم كنتم" أي لم مكثتم ها هنا وتركتم الهجرة "قالوا كنا مستضعفين في الأرض" أي لا نقدر على الخروج من البلد, ولا الذهاب في الأرض "قالوا ألم تكن أرض الله واسعة" الاية, وقال أبو داود: حدثنا محمد بن داود بن سفيان, حدثني يحيى بن حسان, أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود, حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب, حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة, عن سمرة بن جندب, أما بعد, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله", وقال السدي: لما أسر العباس وعقيل ونوفل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: "افد نفسك وابن أخيك" فقال: يا رسول الله, ألم نصل إلى قبلتك, ونشهد شهادتك, قال "يا عباس, إنكم خاصمتم فخصمتم", ثم تلا عليه هذه الاية "ألم تكن أرض الله واسعة" الاية, وراه ابن أبي حاتم.
وقوله: "إلا المستضعفين" إلى آخر الاية, هذه عذر من الله لهؤلاء في ترك الهجرة, وذلك أنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين, ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق, ولهذا قال: "لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً", قال مجاهد وعكرمة والسدي: يعني طريقاً.
وقوله تعالى: "فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم" أي يتجاوز من الله عنهم بترك الهجرة, عسى من الله موجبة, "وكان الله عفواً غفوراً", قال البخاري: حدثنا أبو نعيم, حدثنا شيبان عن يحيى, عن أبي سلمة, عن أبي هريرة, قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال: سمع الله لمن حمده, ثم قال قبل أن يسجد "اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة, اللهم أنج سلمة بن هشام, اللهم أنج الوليد بن الوليد, اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين, اللهم اشدد وطأتك على مضر, اللهم اجعلها سنين كسني يوسف".
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو معمر المقري, حدثني عبد الوارث, حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب, عن أبي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده بعد ما سلم وهو مستقبل القبلة, فقال: "اللهم خلص الوليد بن الوليد, وعياش بن أبي ربيعة, وسلمة بن هشام, وضعفة المسلمين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً من أيدي الكفار". وقال ابن جرير: حدثنا المثنى, حدثنا حجاج, حدثنا حماد عن علي بن زيد عن عبد الله أو إبراهيم بن عبد الله القرشي, عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دبر صلاة الظهر "اللهم خلص الوليد, وسلمة بن هشام, وعياش بن أبي ربيعة وضعفة المسلمين من أيدي المشركين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا", ولهذا الحديث شاهد في الصحيح من غير هذا الوجه كما تقدم. وقال عبد الرزاق: أنبأنا ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد, قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان. وقال البخاري: أنبأنا أبو النعمان, حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي مليكة, عن ابن عباس "إلا المستضعفين" قال: كنت أنا وأمي ممن عذر الله عز وجل.
وقوله: "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة", هذا تحريض على الهجرة وترغيب في مفارقة المشركين وأن المؤمن حيثما ذهب وجد عنهم مندوحة وملجأ يتحصن فيه, والمراغم مصدر تقول العرب: راغم فلان قومه مراغماً ومراغمة, قال النابغة بن جعدة:
كطود يلاذ بأركانه عزيز المراغم والمهرب
وقال ابن عباس: المراغم التحول من أرض إلى أرض. وكذا روي عن الضحاك والربيع بن أنس والثوري. وقال مجاهد: "مراغماً كثيراً" يعني متزحزحاً عما يكره. وقال سفيان بن عيينة: مراغماً كثيراً يعني بروجاً, والظاهر ـ والله أعلم ـ أنه المنع الذي يتحصن به ويراغم به الأعداء. قوله "وسعة" يعني الرزق, قاله غير واحد منهم قتادة حيث قال: في قوله: " يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة " أي من الضلالة إلى الهدى, ومن القلة إلى الغنى, وقوله: "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله" أي ومن يخرج من منزله بنية الهجرة فمات في أثناء الطريق فقد حصل له عند الله ثواب من هاجر, كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من الصحاح والمسانيد والسنن من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي, عن علقمة بن وقاص الليثي, عن عمر بن الخطاب, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى, فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله, ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها, أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه". وهذا عام في الهجرة وفي جميع الأعمال. ومنه الحديث الثابت في الصحيحين في الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً, ثم أكمل بذلك العابد المائة ثم سأل عالماً: هل له من توبة ؟ فقال له, ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ثم أرشده إلى أن يتحول من بلده إلى بلد آخر يعبد الله فيه. فلما ارتحل من بلده مهاجراً إلى البلد الاخر أدركه الموت في أثناء الطريق, فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب, فقال هؤلاء: إنه جاء تائباً, وقال هؤلاء إنه لم يصل بعد, فأمروا أن يقيسوا ما بين الأرضين فإلى أيهما كان أقرب فهو منها, فأمر الله هذه أن تقترب من هذه, وهذه أن تبعد فوجدوه أقرب إلى الأرض التي هاجر إليها بشبر, فقبضته ملائكة الرحمة. وفي رواية أنه لما جاءه الموت ناء بصدره إلى الأرض التي هاجر إليها.
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون, حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم, عن محمد بن عبد الله بن عتيك, عن أبيه عبد الله بن عتيك, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من خرج من بيته مجاهداً في سبيل الله, ثم قال: ـ وأين المجاهدون في سبيل الله ـ فخر عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله, أو لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله, أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله ـ يعني بحتف أنفه على فراشه, والله إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ومن قتل قعصاً فقد استوجب الجنة". وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي, حدثني عبد الرحمن بن المغيرة الخزامي, عن المنذر بن عبدالله عن هشام بن عروة عن أبيه, أن الزبير بن العوام قال: هاجر خالد بن حزام إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات فنزلت فيه "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً", قال الزبير, فكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة, فما أحزنني شيء حزن وفاته حين بلغتني, لأنه قل أحد ممن هاجر من قريش إلا ومعه بعض أهله, أو ذوي رحمه, ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى, ولا أرجو غيره, وهذا الأثر غريب جداً, فإن هذه القصة مكية, ونزول هذه الاية مدنية, فلعله أراد أنها أنزلت تعم حكمه مع غيره وإن لم يكن ذلك سبب النزول, والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا سليمان بن داود مولى عبد الله بن جعفر, حدثنا سهل بن عثمان, حدثنا عبد الرحمن بن سليمان, حدثنا أشعث هو ابن سوار, عن عكرمة, عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما, قال: خرج ضمرة بن جندب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات في الطريق قبل أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فنزلت "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله" الاية, وحدثنا أبي, حدثنا عبدالله بن رجاء, أنبأنا إسرائيل عن سالم, عن سعيد بن جبير, عن أبي ضمرة بن العيص الزرقي الذي كان مصاب البصر وكان بمكة, فلما نزلت "إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة" فقلت: إني لغني, وإني لذو حيلة, فتجهز يريد النبي صلى الله عليه وسلم فأدركه الموت بالتنعيم, فنزلت هذه الاية "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت" الاية.
وقال الطبراني: حدثنا الحسن بن عروبة البصري, حدثنا حيوة بن شريح الحمصي حدثنا بقية بن الوليد, حدثنا ابن ثوبان عن أبيه, حدثنا مكحول عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري, أنبأنا أبو مالك, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قال: من انتدب خارجاً في سبيلي غازياً ابتغاء وجهي, وتصديق وعدي, وإيماناً برسلي فهو في ضمان على الله, إما أن يتوفاه بالجيش فيدخله الجنة, وإما أن يرجع في ضمان الله, وإن طالب عبداً فنغصه حتى يرده إلى أهله مع ما نال من أجر, أو غنيمة, ونال من فضل الله فمات, أو قتل, أو رفصته فرسه, أو بعيره, أو لدغته هامة, أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله, فهو شهيد". وروى أبو داود من حديث بقية من فضل الله إلى آخره, وزاد بعد قوله: فهو شهيد, وإن له الجنة. وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان, حدثنا أبو معاوية, حدثنا محمد بن إسحاق عن حميد بن أبي حميد, عن عطاء بن يزيد الليثي, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خرج حاجاً فمات, كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة, ومن خرج معتمراً فمات, كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة, ومن خرج غازياً في سبيل الله فمات, كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة". وهذا حديث غريب من هذا الوجه.

الترجمة الإنجليزية

إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً
التفسير98. Except the feeble among men, and the women, and the children, who are unable to devise a plan and are not shown a way.

الترجمة الفرنسية

إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً
التفسير98. A l'exception des impuissants: hommes, femmes et enfants, incapables de se débrouiller, et qui ne trouvent aucune voie:







_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 08, 2010 12:33 pm

--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم

فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً (99)

فهؤلاء الضعفاء هم الذين يُرجى لهم من الله تعالى العفو; لعلمه تعالى بحقيقة أمرهم. وكان الله عفوًا غفورًا.

تفسير ابن كثير

فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا
التفسير قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرىء, حدثنا حيوة وغيره, قالا: حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود, قال: قطع على أهل المدينة بعث, فاكتتبت فيه, فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته, فنهاني عن ذلك أشد النهي, قال: أخبرني ابن عباس أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, يأتي السهم يرمى به فيصيب أحدهم, فيقتله أو يضرب عنقه فيقتل, فأنزل الله "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم", وراه الليث عن أبي الأسود. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي, حدثنا أبو أحمد يعني الزبيري, حدثنا محمد بن شريك المكي, حدثنا عمرو بن دينار عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام, فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم, فأصيب بعضهم بفعل بعض. قال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم, فنزلت "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" الاية. قال عكرمة: فكتب إلى من بقي من المسلمين بهذه الاية لا عذر لهم. قال: فخرجوا, فلحقهم المشركون, فأعطوهم التقية, فنزلت هذه الاية "ومن الناس من يقول آمنا بالله" الاية. قال عكرمة: نزلت هذه الاية في شباب من قريش كانوا تكلموا بالإسلام بمكة منهم علي بن أمية بن خلف وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو العاص بن منبه بن الحجاج والحارث بن زمعة, قال الضحاك: نزلت في ناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وخرجوا مع المشركين يوم بدر فأصيبوا فيمن أصيب, فنزلت هذه الاية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين, وهو قادر على الهجرة وليس متمكناً من إقامة الدين فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع, وبنص هذه الاية, حيث يقول تعالى: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" أي بترك الهجرة "قالوا فيم كنتم" أي لم مكثتم ها هنا وتركتم الهجرة "قالوا كنا مستضعفين في الأرض" أي لا نقدر على الخروج من البلد, ولا الذهاب في الأرض "قالوا ألم تكن أرض الله واسعة" الاية, وقال أبو داود: حدثنا محمد بن داود بن سفيان, حدثني يحيى بن حسان, أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود, حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب, حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة, عن سمرة بن جندب, أما بعد, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله", وقال السدي: لما أسر العباس وعقيل ونوفل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: "افد نفسك وابن أخيك" فقال: يا رسول الله, ألم نصل إلى قبلتك, ونشهد شهادتك, قال "يا عباس, إنكم خاصمتم فخصمتم", ثم تلا عليه هذه الاية "ألم تكن أرض الله واسعة" الاية, وراه ابن أبي حاتم.
وقوله: "إلا المستضعفين" إلى آخر الاية, هذه عذر من الله لهؤلاء في ترك الهجرة, وذلك أنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين, ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق, ولهذا قال: "لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً", قال مجاهد وعكرمة والسدي: يعني طريقاً.
وقوله تعالى: "فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم" أي يتجاوز من الله عنهم بترك الهجرة, عسى من الله موجبة, "وكان الله عفواً غفوراً", قال البخاري: حدثنا أبو نعيم, حدثنا شيبان عن يحيى, عن أبي سلمة, عن أبي هريرة, قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال: سمع الله لمن حمده, ثم قال قبل أن يسجد "اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة, اللهم أنج سلمة بن هشام, اللهم أنج الوليد بن الوليد, اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين, اللهم اشدد وطأتك على مضر, اللهم اجعلها سنين كسني يوسف".
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو معمر المقري, حدثني عبد الوارث, حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب, عن أبي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده بعد ما سلم وهو مستقبل القبلة, فقال: "اللهم خلص الوليد بن الوليد, وعياش بن أبي ربيعة, وسلمة بن هشام, وضعفة المسلمين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً من أيدي الكفار". وقال ابن جرير: حدثنا المثنى, حدثنا حجاج, حدثنا حماد عن علي بن زيد عن عبد الله أو إبراهيم بن عبد الله القرشي, عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دبر صلاة الظهر "اللهم خلص الوليد, وسلمة بن هشام, وعياش بن أبي ربيعة وضعفة المسلمين من أيدي المشركين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا", ولهذا الحديث شاهد في الصحيح من غير هذا الوجه كما تقدم. وقال عبد الرزاق: أنبأنا ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد, قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان. وقال البخاري: أنبأنا أبو النعمان, حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي مليكة, عن ابن عباس "إلا المستضعفين" قال: كنت أنا وأمي ممن عذر الله عز وجل.
وقوله: "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة", هذا تحريض على الهجرة وترغيب في مفارقة المشركين وأن المؤمن حيثما ذهب وجد عنهم مندوحة وملجأ يتحصن فيه, والمراغم مصدر تقول العرب: راغم فلان قومه مراغماً ومراغمة, قال النابغة بن جعدة:
كطود يلاذ بأركانه عزيز المراغم والمهرب
وقال ابن عباس: المراغم التحول من أرض إلى أرض. وكذا روي عن الضحاك والربيع بن أنس والثوري. وقال مجاهد: "مراغماً كثيراً" يعني متزحزحاً عما يكره. وقال سفيان بن عيينة: مراغماً كثيراً يعني بروجاً, والظاهر ـ والله أعلم ـ أنه المنع الذي يتحصن به ويراغم به الأعداء. قوله "وسعة" يعني الرزق, قاله غير واحد منهم قتادة حيث قال: في قوله: " يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة " أي من الضلالة إلى الهدى, ومن القلة إلى الغنى, وقوله: "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله" أي ومن يخرج من منزله بنية الهجرة فمات في أثناء الطريق فقد حصل له عند الله ثواب من هاجر, كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من الصحاح والمسانيد والسنن من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي, عن علقمة بن وقاص الليثي, عن عمر بن الخطاب, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى, فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله, ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها, أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه". وهذا عام في الهجرة وفي جميع الأعمال. ومنه الحديث الثابت في الصحيحين في الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً, ثم أكمل بذلك العابد المائة ثم سأل عالماً: هل له من توبة ؟ فقال له, ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ثم أرشده إلى أن يتحول من بلده إلى بلد آخر يعبد الله فيه. فلما ارتحل من بلده مهاجراً إلى البلد الاخر أدركه الموت في أثناء الطريق, فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب, فقال هؤلاء: إنه جاء تائباً, وقال هؤلاء إنه لم يصل بعد, فأمروا أن يقيسوا ما بين الأرضين فإلى أيهما كان أقرب فهو منها, فأمر الله هذه أن تقترب من هذه, وهذه أن تبعد فوجدوه أقرب إلى الأرض التي هاجر إليها بشبر, فقبضته ملائكة الرحمة. وفي رواية أنه لما جاءه الموت ناء بصدره إلى الأرض التي هاجر إليها.
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون, حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم, عن محمد بن عبد الله بن عتيك, عن أبيه عبد الله بن عتيك, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من خرج من بيته مجاهداً في سبيل الله, ثم قال: ـ وأين المجاهدون في سبيل الله ـ فخر عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله, أو لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله, أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله ـ يعني بحتف أنفه على فراشه, والله إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ومن قتل قعصاً فقد استوجب الجنة". وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي, حدثني عبد الرحمن بن المغيرة الخزامي, عن المنذر بن عبدالله عن هشام بن عروة عن أبيه, أن الزبير بن العوام قال: هاجر خالد بن حزام إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات فنزلت فيه "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً", قال الزبير, فكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة, فما أحزنني شيء حزن وفاته حين بلغتني, لأنه قل أحد ممن هاجر من قريش إلا ومعه بعض أهله, أو ذوي رحمه, ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى, ولا أرجو غيره, وهذا الأثر غريب جداً, فإن هذه القصة مكية, ونزول هذه الاية مدنية, فلعله أراد أنها أنزلت تعم حكمه مع غيره وإن لم يكن ذلك سبب النزول, والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا سليمان بن داود مولى عبد الله بن جعفر, حدثنا سهل بن عثمان, حدثنا عبد الرحمن بن سليمان, حدثنا أشعث هو ابن سوار, عن عكرمة, عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما, قال: خرج ضمرة بن جندب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات في الطريق قبل أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فنزلت "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله" الاية, وحدثنا أبي, حدثنا عبدالله بن رجاء, أنبأنا إسرائيل عن سالم, عن سعيد بن جبير, عن أبي ضمرة بن العيص الزرقي الذي كان مصاب البصر وكان بمكة, فلما نزلت "إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة" فقلت: إني لغني, وإني لذو حيلة, فتجهز يريد النبي صلى الله عليه وسلم فأدركه الموت بالتنعيم, فنزلت هذه الاية "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت" الاية.
وقال الطبراني: حدثنا الحسن بن عروبة البصري, حدثنا حيوة بن شريح الحمصي حدثنا بقية بن الوليد, حدثنا ابن ثوبان عن أبيه, حدثنا مكحول عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري, أنبأنا أبو مالك, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قال: من انتدب خارجاً في سبيلي غازياً ابتغاء وجهي, وتصديق وعدي, وإيماناً برسلي فهو في ضمان على الله, إما أن يتوفاه بالجيش فيدخله الجنة, وإما أن يرجع في ضمان الله, وإن طالب عبداً فنغصه حتى يرده إلى أهله مع ما نال من أجر, أو غنيمة, ونال من فضل الله فمات, أو قتل, أو رفصته فرسه, أو بعيره, أو لدغته هامة, أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله, فهو شهيد". وروى أبو داود من حديث بقية من فضل الله إلى آخره, وزاد بعد قوله: فهو شهيد, وإن له الجنة. وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان, حدثنا أبو معاوية, حدثنا محمد بن إسحاق عن حميد بن أبي حميد, عن عطاء بن يزيد الليثي, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خرج حاجاً فمات, كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة, ومن خرج معتمراً فمات, كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة, ومن خرج غازياً في سبيل الله فمات, كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة". وهذا حديث غريب من هذا الوجه.

الترجمة الإنجليزية

فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا
التفسير99. As for such, it may be that Allah will pardon them. Allah is ever Clement, Forgiving.

الترجمة الفرنسية

فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا
التفسير99. A ceux-là, il se peut qu'Allah donne le pardon. Allah est Clément et Pardonneur.

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (100)

ومَن يخرج من أرض الشرك إلى أرض الإسلام فرارًا بدينه, راجيًا فضل ربه, قاصدًا نصرة دينه, يجد في الأرض مكانًا ومتحولا ينعم فيه بما يكون سببًا في قوته وذلة أعدائه, مع السعة في رزقه وعيشه, ومن يخرج من بيته قاصدًا نصرة دين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, وإعلاء كلمة الله, ثم يدركه الموت قبل بلوغه مقصده, فقد ثبت له جزاء عمله على الله, فضلا منه وإحسانًا. وكان الله غفورًا رحيمًا بعباده.


تفسير ابن كثير

وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرىء, حدثنا حيوة وغيره, قالا: حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود, قال: قطع على أهل المدينة بعث, فاكتتبت فيه, فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته, فنهاني عن ذلك أشد النهي, قال: أخبرني ابن عباس أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, يأتي السهم يرمى به فيصيب أحدهم, فيقتله أو يضرب عنقه فيقتل, فأنزل الله "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم", وراه الليث عن أبي الأسود. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي, حدثنا أبو أحمد يعني الزبيري, حدثنا محمد بن شريك المكي, حدثنا عمرو بن دينار عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام, فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم, فأصيب بعضهم بفعل بعض. قال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم, فنزلت "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" الاية. قال عكرمة: فكتب إلى من بقي من المسلمين بهذه الاية لا عذر لهم. قال: فخرجوا, فلحقهم المشركون, فأعطوهم التقية, فنزلت هذه الاية "ومن الناس من يقول آمنا بالله" الاية. قال عكرمة: نزلت هذه الاية في شباب من قريش كانوا تكلموا بالإسلام بمكة منهم علي بن أمية بن خلف وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو العاص بن منبه بن الحجاج والحارث بن زمعة, قال الضحاك: نزلت في ناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وخرجوا مع المشركين يوم بدر فأصيبوا فيمن أصيب, فنزلت هذه الاية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين, وهو قادر على الهجرة وليس متمكناً من إقامة الدين فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع, وبنص هذه الاية, حيث يقول تعالى: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" أي بترك الهجرة "قالوا فيم كنتم" أي لم مكثتم ها هنا وتركتم الهجرة "قالوا كنا مستضعفين في الأرض" أي لا نقدر على الخروج من البلد, ولا الذهاب في الأرض "قالوا ألم تكن أرض الله واسعة" الاية, وقال أبو داود: حدثنا محمد بن داود بن سفيان, حدثني يحيى بن حسان, أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود, حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب, حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة, عن سمرة بن جندب, أما بعد, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله", وقال السدي: لما أسر العباس وعقيل ونوفل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: "افد نفسك وابن أخيك" فقال: يا رسول الله, ألم نصل إلى قبلتك, ونشهد شهادتك, قال "يا عباس, إنكم خاصمتم فخصمتم", ثم تلا عليه هذه الاية "ألم تكن أرض الله واسعة" الاية, وراه ابن أبي حاتم.
وقوله: "إلا المستضعفين" إلى آخر الاية, هذه عذر من الله لهؤلاء في ترك الهجرة, وذلك أنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين, ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق, ولهذا قال: "لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً", قال مجاهد وعكرمة والسدي: يعني طريقاً.
وقوله تعالى: "فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم" أي يتجاوز من الله عنهم بترك الهجرة, عسى من الله موجبة, "وكان الله عفواً غفوراً", قال البخاري: حدثنا أبو نعيم, حدثنا شيبان عن يحيى, عن أبي سلمة, عن أبي هريرة, قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال: سمع الله لمن حمده, ثم قال قبل أن يسجد "اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة, اللهم أنج سلمة بن هشام, اللهم أنج الوليد بن الوليد, اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين, اللهم اشدد وطأتك على مضر, اللهم اجعلها سنين كسني يوسف".
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو معمر المقري, حدثني عبد الوارث, حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب, عن أبي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده بعد ما سلم وهو مستقبل القبلة, فقال: "اللهم خلص الوليد بن الوليد, وعياش بن أبي ربيعة, وسلمة بن هشام, وضعفة المسلمين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً من أيدي الكفار". وقال ابن جرير: حدثنا المثنى, حدثنا حجاج, حدثنا حماد عن علي بن زيد عن عبد الله أو إبراهيم بن عبد الله القرشي, عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دبر صلاة الظهر "اللهم خلص الوليد, وسلمة بن هشام, وعياش بن أبي ربيعة وضعفة المسلمين من أيدي المشركين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا", ولهذا الحديث شاهد في الصحيح من غير هذا الوجه كما تقدم. وقال عبد الرزاق: أنبأنا ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد, قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان. وقال البخاري: أنبأنا أبو النعمان, حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي مليكة, عن ابن عباس "إلا المستضعفين" قال: كنت أنا وأمي ممن عذر الله عز وجل.
وقوله: "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة", هذا تحريض على الهجرة وترغيب في مفارقة المشركين وأن المؤمن حيثما ذهب وجد عنهم مندوحة وملجأ يتحصن فيه, والمراغم مصدر تقول العرب: راغم فلان قومه مراغماً ومراغمة, قال النابغة بن جعدة:
كطود يلاذ بأركانه عزيز المراغم والمهرب
وقال ابن عباس: المراغم التحول من أرض إلى أرض. وكذا روي عن الضحاك والربيع بن أنس والثوري. وقال مجاهد: "مراغماً كثيراً" يعني متزحزحاً عما يكره. وقال سفيان بن عيينة: مراغماً كثيراً يعني بروجاً, والظاهر ـ والله أعلم ـ أنه المنع الذي يتحصن به ويراغم به الأعداء. قوله "وسعة" يعني الرزق, قاله غير واحد منهم قتادة حيث قال: في قوله: " يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة " أي من الضلالة إلى الهدى, ومن القلة إلى الغنى, وقوله: "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله" أي ومن يخرج من منزله بنية الهجرة فمات في أثناء الطريق فقد حصل له عند الله ثواب من هاجر, كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من الصحاح والمسانيد والسنن من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي, عن علقمة بن وقاص الليثي, عن عمر بن الخطاب, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى, فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله, ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها, أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه". وهذا عام في الهجرة وفي جميع الأعمال. ومنه الحديث الثابت في الصحيحين في الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً, ثم أكمل بذلك العابد المائة ثم سأل عالماً: هل له من توبة ؟ فقال له, ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ثم أرشده إلى أن يتحول من بلده إلى بلد آخر يعبد الله فيه. فلما ارتحل من بلده مهاجراً إلى البلد الاخر أدركه الموت في أثناء الطريق, فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب, فقال هؤلاء: إنه جاء تائباً, وقال هؤلاء إنه لم يصل بعد, فأمروا أن يقيسوا ما بين الأرضين فإلى أيهما كان أقرب فهو منها, فأمر الله هذه أن تقترب من هذه, وهذه أن تبعد فوجدوه أقرب إلى الأرض التي هاجر إليها بشبر, فقبضته ملائكة الرحمة. وفي رواية أنه لما جاءه الموت ناء بصدره إلى الأرض التي هاجر إليها.
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون, حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم, عن محمد بن عبد الله بن عتيك, عن أبيه عبد الله بن عتيك, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من خرج من بيته مجاهداً في سبيل الله, ثم قال: ـ وأين المجاهدون في سبيل الله ـ فخر عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله, أو لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله, أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله ـ يعني بحتف أنفه على فراشه, والله إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ومن قتل قعصاً فقد استوجب الجنة". وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي, حدثني عبد الرحمن بن المغيرة الخزامي, عن المنذر بن عبدالله عن هشام بن عروة عن أبيه, أن الزبير بن العوام قال: هاجر خالد بن حزام إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات فنزلت فيه "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً", قال الزبير, فكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة, فما أحزنني شيء حزن وفاته حين بلغتني, لأنه قل أحد ممن هاجر من قريش إلا ومعه بعض أهله, أو ذوي رحمه, ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى, ولا أرجو غيره, وهذا الأثر غريب جداً, فإن هذه القصة مكية, ونزول هذه الاية مدنية, فلعله أراد أنها أنزلت تعم حكمه مع غيره وإن لم يكن ذلك سبب النزول, والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا سليمان بن داود مولى عبد الله بن جعفر, حدثنا سهل بن عثمان, حدثنا عبد الرحمن بن سليمان, حدثنا أشعث هو ابن سوار, عن عكرمة, عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما, قال: خرج ضمرة بن جندب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات في الطريق قبل أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فنزلت "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله" الاية, وحدثنا أبي, حدثنا عبدالله بن رجاء, أنبأنا إسرائيل عن سالم, عن سعيد بن جبير, عن أبي ضمرة بن العيص الزرقي الذي كان مصاب البصر وكان بمكة, فلما نزلت "إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة" فقلت: إني لغني, وإني لذو حيلة, فتجهز يريد النبي صلى الله عليه وسلم فأدركه الموت بالتنعيم, فنزلت هذه الاية "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت" الاية.
وقال الطبراني: حدثنا الحسن بن عروبة البصري, حدثنا حيوة بن شريح الحمصي حدثنا بقية بن الوليد, حدثنا ابن ثوبان عن أبيه, حدثنا مكحول عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري, أنبأنا أبو مالك, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قال: من انتدب خارجاً في سبيلي غازياً ابتغاء وجهي, وتصديق وعدي, وإيماناً برسلي فهو في ضمان على الله, إما أن يتوفاه بالجيش فيدخله الجنة, وإما أن يرجع في ضمان الله, وإن طالب عبداً فنغصه حتى يرده إلى أهله مع ما نال من أجر, أو غنيمة, ونال من فضل الله فمات, أو قتل, أو رفصته فرسه, أو بعيره, أو لدغته هامة, أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله, فهو شهيد". وروى أبو داود من حديث بقية من فضل الله إلى آخره, وزاد بعد قوله: فهو شهيد, وإن له الجنة. وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان, حدثنا أبو معاوية, حدثنا محمد بن إسحاق عن حميد بن أبي حميد, عن عطاء بن يزيد الليثي, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خرج حاجاً فمات, كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة, ومن خرج معتمراً فمات, كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة, ومن خرج غازياً في سبيل الله فمات, كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة". وهذا حديث غريب من هذا الوجه.

الترجمة الإنجليزية

وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير100. Whoso migrateth for the cause of Allah will find much refuge and abundance in the earth, and whoso forsaketh his home, a fugitive unto Allah and His messenger, and death overtaketh him, his reward is then incumbent on Allah. Allah is ever Forgiving, Merciful.

الترجمة الفرنسية

وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير100. Et quiconque émigre dans le sentier d'Allah trouvera sur terre maints refuges et abondance. Et quiconque sort de sa maison, émigrant vers Allah et Son messager, et que la mort atteint, sa récompense incombe à Allah. Et Allah est Pardonneur et Miséricordieux.





_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 08, 2010 12:35 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً (102)

وإذا كنت -أيها النبي- في ساحة القتال, فأردت أن تصلي بهم, فلتقم جماعة منهم معك للصلاة, وليأخذوا سلاحهم, فإذا سجد هؤلاء فلتكن الجماعة الأخرى من خلفكم في مواجهة عدوكم, وتتم الجماعة الأولى ركعتهم الثانية ويُسلِّمون, ثم تأتي الجماعة الأخرى التي لم تبدأ الصلاة فليأتموا بك في ركعتهم الأولى, ثم يكملوا بأنفسهم ركعتهم الثانية, وليحذروا مِن عدوهم وليأخذوا أسلحتهم. ودَّ الجاحدون لدين الله أن تغفُلوا عن سلاحكم وزادكم; ليحملوا عليكم حملة واحلة فيقضوا عليكم, ولا إثم عليكم حيننذ إن كان بكم أذى من مطر, أو كنتم في حال مرض, أن تتركوا أسلحتكم, مع أخذ الحذر. إن الله تعالى أعدَّ للجاحدين لدينه عذابًا يهينهم, ويخزيهم.

تفسير ابن كثير

وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا
التفسير صلاة الخوف أنواع كثيرة, فإن العدو تارة يكون تجاه القبلة, وتارة يكون في غير صوبها, والصلاة تارة تكون رباعية, وتارة تكون ثلاثية كالمغرب, وتارة تكون ثنائية كالصبح وصلاة السفر, ثم تارة يصلون جماعة, وتارة يلتحم الحرب فلا يقدرون على الجماعة, بل يصلون فرادى مستقبلي القبلة وغير مستقبليها ورجالاً وركباناً, ولهم أن يمشوا والحالة هذه ويضربوا الضرب المتتابع في متن الصلاة. ومن العلماء من قال: يصلون والحالة هذه ركعة واحدة لحديث ابن عباس المتقدم, وبه قال أحمد بن حنبل. قال المنذري في الحواشي: وبه قال عطاء وجابر والحسن ومجاهد والحكم وقتادة وحماد وإليه ذهب طاوس والضحاك, وقد حكى أبو عاصم العبادي عن محمد بن نصر المروزي: أنه يرى رد الصبح إلى ركعة في الخوف, وإليه ذهب ابن حزم أيضاً. وقال إسحاق بن راهويه: أما عند المسايفة فيجزيك ركعة واحدة تومىء بها إيماء, فإن لم تقدر فسجدة واحدة لأنها ذكر الله, وقال آخرون: تكفي تكبيرة واحدة, فلعله أراد ركعة واحدة. كما قاله الإمام أحمد بن حنبل وأصحابه, وبه قال جابر بن عبدالله وعبد الله بن عمر وكعب وغير واحد من الصحابة والسدي, ورواه ابن جرير, ولكن الذي حكوه إنما حكوه على ظاهره في الاجتزاء بتكبيرة واحدة, كما هو مذهب إسحاق ابن راهويه وإليه ذهب الأمير عبد الوهاب بن بخت المكي حتى قال: فإن لم يقدر على التكبيرة فلا يتركها في نفسه يعني بالنية. رواه سعيد بن منصور في سننه عن إسماعيل بن عياش, عن شعيب بن دينار عنه, فالله أعلم.
ومن العلماء من أباح تأخير الصلاة لعذر القتال والمناجزة, كما أخر النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب الظهر والعصر فصلاهما بعد الغروب, ثم صلى بعدهما المغرب, ثم العشاء, وكما قال بعدها يوم بني قريظة حين جهز إليهم الجيش: لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة, فأدركتهم الصلاة في أثناء الطريق, فقال منهم قائلون: لم يرد منا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تعجيل المسير, ولم يرد منا تأخير الصلاة عن وقتها, فصلوا الصلاة لوقتها في الطريق, وأخر آخرون منهم صلاة العصر فصلوها في بني قريظة بعد الغروب, ولم يعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً من الفريقين, وقد تكلمنا على هذا في كتاب السيرة وبينا أن الذين صلوا العصر لوقتها أقرب إلى إصابة الحق في نفس الأمر, وإن كان الاخرون معذروين أيضاً, والحجة ههنا في عذرهم في تأخير الصلاة لأجل الجهاد والمبادرة إلى حصار الناكثين للعهد من الطائفة الملعونة اليهود.
وأما الجمهور فقالوا: هذا كله منسوخ بصلاة الخوف, فإنها لم تكن نزلت بعد, فلما نزلت نسخ تأخير الصلاة لذلك, وهذا بين في حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه الشافعي رحمه الله وأهل السنن, ولكن يشكل عليه ما حكاه البخاري في صحيحه حيث قال:
(باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو) قال الأوزاعي: إن كان تهيأ الفتح ولم يقدروا على الصلاة, صلوا إيماء كل امرىء لنفسه, فإن لم يقدروا على الإيماء, أخروا الصلاة حتى ينكشف القتال, أو يأمنوا فيصلوا ركعتين, فإن لم يقدروا صلوا ركعة وسجدتين, فإن لم يقدروا فلا يجزئهم التكبير ويؤخرونها حتى يأمنوا, وبه قال مكحول. وقال أنس بن مالك: حضرت مناهضة حصن تستر عند إضاءة الفجر, واشتد اشتعال القتال, فلم يقدروا على الصلاة, فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار فصليناها ونحن مع أبي موسى, ففتح لنا, قال أنس: وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها انتهى ما ذكره, ثم أتبعه بحديث تأخير الصلاة يوم الأحزاب, ثم بحديث أمره إياهم أن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة, وكأنه كالمختار لذلك, والله أعلم.
ولمن جنح إلى ذلك له أن يحتج بصنيع أبي موسى وأصحابه يوم فتح تستر فإنه يشتهر غالباً, ولكن كان ذلك في إمارة عمر بن الخطاب, ولم ينقل أنه أنكر عليهم ولا أحد من الصحابة, والله أعلم, قال هؤلاء: وقد كانت صلاة الخوف مشروعة في الخندق لأن غزوة ذات الرقاع كانت قبل الخندق في قول الجمهور علماء السير والمغازي, وممن نص على ذلك محمد بن إسحاق وموسى بن عقبة والواقدي ومحمد بن سعد كاتبه وخليفة بن الخياط وغيرهم. وقال البخاري وغيره: كانت ذات الرقاع بعد الخندق لحديث أبي موسى وما قدم إلا في خيبر, والله أعلم.
والعجب كل العجب أن المزني وأبا يوسف القاضي وإبراهيم بن إسماعيل بن علية, ذهبوا إلى أن صلاة الخوف منسوخة بتأخيره عليه الصلاة والسلام, الصلاة يوم الخندق وهذا غريب جداً, وقد ثبتت الأحاديث بعد الخندق بصلاة الخوف, وحمل تأخير الصلاة يومئذ على ما قاله مكحول والأوزاعي أقوى وأقرب, والله أعلم. فقوله تعالى: "وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة" أي إذا صليت بهم إماماً في صلاة الخوف, وهذه حالة غير الأولى, فإن تلك قصرها إلى ركعة كما دل عليه الحديث ـ فرادى ورجالاً وركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها, ثم ذكر حال الاجتماع والائتمام بإمام واحد, وما أحسن ما استدل به من ذهب إلى وجوب الجماعة من هذه الاية الكريمة حيث اغتفرت أفعال كثيرة لأجل الجماعة, فلولا أنها واجبة لما ساغ ذلك, وأما من استدل بهذه الاية على أن صلاة الخوف منسوخة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: "وإذا كنت فيهم" فبعده تفوت هذه الصفة, فإنه استدلال ضعيف, ويرد عليه مثل قول مانعي الزكاة الذين احتجوا بقوله: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم" قالوا: فنحن لا ندفع زكاتنا بعده صلى الله عليه وسلم إلى أحد, بل نخرجها نحن بأيدينا على من نراه, وندفعها إلا إلى من صلاته أي دعاؤه سكن لنا, ومع هذا رد عليهم الصحابة, وأبوا عليهم هذا الاستدلال, وأجبروهم على أداء الزكاة وقتلوا من منعها منهم.
ولنذكر سبب نزول هذه الاية الكريمة أولاً قبل ذكر صفتها. قال ابن جرير: حدثني ابن المثنى, حدثني إسحاق, حدثنا عبدالله بن هاشم, أنبأنا سيف عن أبي روق, عن أبي أيوب, عن علي رضي الله عنه, قال: سأل قوم من بني النجار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله, إنا نضرب في الأرض فكيف نصلي ؟ فأنزل الله عز وجل "وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة" ثم انقطع الوحي, فلما كان بعد ذلك بحول, غزا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر, فقال المشركون: لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلا شددتم عليهم ؟ فقال قائل منهم: إن لهم أخرى مثلها في أثرها, قال: فأنزل الله عز وجل بين الصلاتين " إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " الايتين, فنزلت صلاة الخوف, وهذا سياق غريب جداً, ولكن لبعضه شاهد من رواية أبي عياش الزرقي واسمه زيد بن الصامت رضي الله عنه عند الإمام أحمد وأهل السنن, فقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق, حدثنا الثوري عن منصور, عن مجاهد, عن أبي عياش الزرقي, قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان, فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد, وهم بيننا وبين القبلة, فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر, فقالوا: لقد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم, ثم قالوا: تأتي عليهم الان صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم, قال: فنزل جبريل بهذه الايات بين الظهر والعصر "وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة" قال: فحضرت, فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا السلاح, قال: فصفنا خلفه صفين, قال: ثم ركع فركعنا جميعاً, ثم رفع فرفعنا جميعاً, ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالصف الذي يليه والاخرون قيام يحرسونهم, فلما سجدوا وقاموا, جلس الاخرون فسجدوا في مكانهم, ثم تقدم هؤلاء إلى مصاف هؤلاء, وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء ثم ركع فركعوا جميعاً, ثم رفع فرفعوا جميعاً, ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم والصف الذي يليه والاخرون قيام يحرسونهم, فلما جلسوا جلس الاخرون فسجدوا, ثم سلم عليهم, ثم انصرف, قال: فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين: مرة بعسفان, ومرة بأرض بني سليم.
ثم رواه أحمد عن غندر عن شعبة عن منصور به نحوه, وهكذا رواه أبو داود عن سعيد بن منصور, عن جرير بن عبد الحميد, والنسائي من حديث شعبة, وعبد العزيز بن عبد الصمد, كلهم عن منصور به, وهذا إسناد صحيح وله شواهد كثيرة, فمن ذلك ما رواه البخاري حيث قال: حدثنا حيوة بن شريح, حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي, عن الزهري, عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة, عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم وقام الناس معه, فكبر وكبروا معه, وركع وركع ناس منهم, ثم سجد وسجدوا معه, ثم قام للثانية فقام الذين سجدوا وحرسوا إخوانهم, وأتت الطائفة الأخرى فركعوا وسجدوا معه والناس كلهم في الصلاة, ولكن يحرس بعضهم بعضاً. وقال ابن جرير: حدثنا ابن بشار, حدثنا معاذ بن هشام, حدثني أبي عن قتادة, عن سليمان بن قيس اليشكري أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة أي يوم أنزل أو أي يوم هو, فقال جابر: انطلقنا نتلقى عيراً لقريش آتية من الشام حتى إذا كنا بنخلة, جاء رجل من القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد هل تخافني ؟ قال: "لا" قال فمن يمنعك مني ؟ قال: "الله يمنعني منك" قال: فسل السيف, ثم تهدده وأوعده, ثم نادى بالترحل وأخذ السلاح, ثم نودي بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة من القوم وطائفة أخرى تحرسهم, فصلى بالذين يلونه ركعتين, ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم, فقاموا في مصاف أصحابهم, ثم جاء الاخرون فصلى بهم ركعتين, والاخرون يحرسونهم, ثم سلم فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات, وللقوم ركعتين ركعتين, فيومئذ أنزل الله في إقصار الصلاة وأمر المؤمنين بأخذ السلاح.
ورواه الإمام أحمد فقال: حدثنا سريج, حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر, عن سليمان بن قيس اليشكري, عن جابر بن عبد الله, قال: قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة, فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف, فقال: من يمنعك مني ؟ قال: "الله", فسقط السيف من يده, فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: "ومن يمنعك مني ؟" قال: كن خير آخذ. قال: "أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله" ؟ قال: لا, ولكن أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك, فخلى سبيله, فأتى قومه فقال: جئتكم من عند خير الناس, فلما حضرت الصلاة, صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف, فكان الناس طائفتين: طائفة بإزاء العدو, وطائفة صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, فصلى بالطائفة الذين معه ركعتين وانصرفوا, فكانوا مكان الطائفة الذين كانوا بإزاء العدو, ثم انصرف الذين كانوا بإزاء العدو فصلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين, فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات, وللقوم ركعتين ركعتين, تفرد به من هذا الوجه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان, حدثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم, حدثنا المسعودي عن يزيد الفقير, قال: سألت جابر بن عبد الله عن الركعتين في السفر أقصرهما ؟ فقال: الركعتان في السفر تمام, إنما القصر واحدة عند القتال, بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال, إذ أقيمت الصلاة, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصف طائفة, وطائفة وجهها قبل العدو, فصلى بهم ركعة وسجد بهم سجدتين, ثم الذين خلفوا انطلقوا إلى أولئك فقاموا مقامهم ومكانهم نحو ذا, وجاء أولئك فقاموا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ركعة وسجد بهم سجدتين, ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس وسلم, وسلم الذين خلفه, وسلم أولئك, فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين, وللقوم ركعة ركعة, ثم قرأ "وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة" الاية.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة عن الحكم, عن يزيد الفقير, عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, صلى بهم صلاة الخوف, فقام صف بين يديه وصف خلفه, فصلى بالذين خلفه ركعة وسجدتين, ثم تقدم هؤلاء حتى قاموا في مقام أصحابهم, وجاء أولئك حتى قاموا في مقام هؤلاء, فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وسجدتين ثم سلم, فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتين, ولهم ركعة, ورواه النسائي من حديث شعبة, ولهذا الحديث طرق عن جابر, وهو في صحيح مسلم من وجه آخر بلفظ آخر, وقد رواه عن جابر جماعة كثيرون في الصحيح والسنن والمسانيد.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا نعيم بن حماد, حدثنا عبدالله بن المبارك, أنبأنا معمر عن الزهري, عن سالم, عن أبيه, قال: "وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة" قال: هي صلاة الخوف, صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحدى الطائفتين ركعة, والطائفة الأخرى مقبلة على العدو, وأقبلت الطائفة الأخرى التي كانت مقبلة على العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى ثم سلم بهم, ثم قامت كل طائفة منهم فصلت ركعة ركعة, وهذا الحديث رواه الجماعة في كتبهم من طريق معمر به, ولهذا الحديث طرق كثيرة عن الجماعة من الصحابة, وقد أجاد الحافظ أبو بكر بن مردويه في سرد طرقه وألفاظه, وكذا ابن جرير, ولنحرره في كتاب الأحكام الكبير, إن شاء الله وبه الثقة. وأما الأمر بحمل السلاح في صلاة الخوف فمحمول عند طائفة من العلماء على الوجوب لظاهر الاية, وهو أحد قولي الشافعي, ويدل عليه قول الله تعالى: "ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم" أي بحيث تكونون على أهبة إذا احتجتم إليها لبستموها بلا كلفة "إن الله أعد للكافرين عذاباً مهيناً".

الترجمة الإنجليزية

وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا
التفسير102. And when thou (O Muhammad) art among them and arrangest (their) worship for them, let only a party of them stand with thee (to worship) and let them take their arms. Then when they have performed their prostrations let them fall to the rear and let another party come that hath not worshipped and let them worship with thee, and let them take their precaution and their arms. Those who disbelieve long for you to neglect your arms and your baggage that they may attack you once for all. It is no sin for you to lay aside your arms, if rain impedeth you or ye are sick. But take your precaution. Lo! Allah prepareth for the disbelievers shameful punishment.

الترجمة الفرنسية

وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا
التفسير102. Et lorsque tu (Muhammad) te trouves parmi eux, et que tu les diriges dans la Salat, qu'un groupe d'entre eux se mette debout en ta compagnie, en gardant leurs armes. Puis lorsqu'ils ont terminé la prosternation, qu'ils passent derrière vous et que vienne l'autre groupe, ceux qui n'ont pas encore célébré la Salat. A ceux-ci alors d'accomplir la Salat avec toi, prenant leurs précautions et leurs armes. Les mécréants aimeraient vous voir négliger vos armes et vos bagages, afin de tomber sur vous en une seule masse. Vous ne commettez aucun péché si, incommodés par la pluie ou malades, vous déposez vos armes; cependant prenez garde. Certes, Allah a préparé pour les mécréants un châtiment avilissant.






_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 08, 2010 12:38 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً (103)

فإذا أدَّيتم الصلاة, فأديموا ذكر الله في جميع أحوالكم, فإذا زال الخوف فأدُّوا الصلاة كاملة, ولا تفرِّطوا فيها فإنها واجبة في أوقات معلومة في الشرع.

تفسير ابن كثير

فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا
التفسير يأمر الله تعالى بكثرة الذكر عقيب صلاة الخوف وإن كان مشروعاً مرغباً فيه أيضاً بعد غيرها, ولكن ههنا آكد لما وقع فيها من التخفيف في أركانها, ومن الرخصة في الذهاب فيها والإياب, وغير ذلك مما ليس يوجد في غيرها, كما قال تعالى في الأشهر الحرم: "فلا تظلموا فيهن أنفسكم" وإن كان هذا منهياً عنه في غيرها, ولكن فيها آكد لشدة حرمتها وعظمتها, ولهذا قال تعالى: "فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم" أي في سائر أحوالكم, ثم قال تعالى: "فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة" أي فإذا أمنتم وذهب الخوف, وحصلت الطمأنينة "فأقيموا الصلاة" أي فأتموها وأقيموها كما أمرتم بحدودها, وخشوعها, وركوعها, وسجودها, وجميع شؤونها.
وقوله تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" قال ابن عباس: أي مفروضاً, وقال أيضاً: إن للصلاة وقتاً كوقت الحج, وكذا روي عن مجاهد وسالم بن عبد الله وعلي بن الحسين ومحمد بن علي والحسن ومقاتل والسدي وعطية العوفي. قال عبد الرزاق: عن معمر عن قتادة "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" قال: ابن مسعود: إن للصلاة وقتاً كوقت الحج وقال زيد بن أسلم "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" قال: منجماً كلما مضى نجم جاء نجم, يعني كلما مضى وقت جاء وقت.
وقوله تعالى: "ولا تهنوا في ابتغاء القوم" أي لا تضعفوا في طلب عدوكم, بل جدوا فيهم وقاتلوهم, واقعدوا لهم كل مرصد "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون" أي كما يصيبكم الجراح والقتل كذلك يحصل لهم, كما قال تعالى: "إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله", ثم قال تعالى: " وترجون من الله ما لا يرجون " أي أنتم وإياهم سواء فيما يصيبكم, وإياهم من الجراح والالام, ولكن أنتم ترجون من الله المثوبة والنصر والتأييد كما وعدكم إياه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وهو وعد حق, وخبر صدق, وهم لا يرجون شيئاً من ذلك, فأنتم أولى بالجهاد منهم وأشد رغبة فيه, وفي إقامة كلمة الله وإعلائها, "وكان الله عليماً حكيماً" أي هو أعلم وأحكم فيما يقدره ويقضيه وينفذه ويمضيه من أحكامه الكونية والشرعية وهو المحمود على كل حال.

الترجمة الإنجليزية

فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا
التفسير103. When ye have performed the act of worship, remember Allah, standing, sitting and reclining. And when ye are in safety, observe proper worship. Worship at fixed hours hath been enjoined on the believers.

الترجمة الفرنسية

فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا
التفسير103. Quand vous avez accompli la Salat, invoquez le nom d'Allah, debout, assis ou couchés sur vos cٍtés. Puis lorsque vous êtes en sécurité, accomplissez la Salat (normalement), car la Salat demeure, pour les croyants, une pre******ion, à des temps déterminés.


بسم الله الرحمن الرحيم

وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (104)

ولا تضعفوا في طلب عدوكم وقتاله, إن تكونوا تتألمون من القتال وآثاره, فأعداؤكم كذلك يتألمون منه أشد الألم, ومع ذلك لا يكفون عن قتالكم, فأنتم أولى بذلك منهم, لما ترجونه من الثواب والنصر والتأييد, وهم لا يرجون ذلك. وكان الله عليمًا بكل أحوالكم, حكيمًا في أمره وتدبيره.


تفسير ابن كثير

وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير يأمر الله تعالى بكثرة الذكر عقيب صلاة الخوف وإن كان مشروعاً مرغباً فيه أيضاً بعد غيرها, ولكن ههنا آكد لما وقع فيها من التخفيف في أركانها, ومن الرخصة في الذهاب فيها والإياب, وغير ذلك مما ليس يوجد في غيرها, كما قال تعالى في الأشهر الحرم: "فلا تظلموا فيهن أنفسكم" وإن كان هذا منهياً عنه في غيرها, ولكن فيها آكد لشدة حرمتها وعظمتها, ولهذا قال تعالى: "فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم" أي في سائر أحوالكم, ثم قال تعالى: "فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة" أي فإذا أمنتم وذهب الخوف, وحصلت الطمأنينة "فأقيموا الصلاة" أي فأتموها وأقيموها كما أمرتم بحدودها, وخشوعها, وركوعها, وسجودها, وجميع شؤونها.
وقوله تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" قال ابن عباس: أي مفروضاً, وقال أيضاً: إن للصلاة وقتاً كوقت الحج, وكذا روي عن مجاهد وسالم بن عبد الله وعلي بن الحسين ومحمد بن علي والحسن ومقاتل والسدي وعطية العوفي. قال عبد الرزاق: عن معمر عن قتادة "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" قال: ابن مسعود: إن للصلاة وقتاً كوقت الحج وقال زيد بن أسلم "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" قال: منجماً كلما مضى نجم جاء نجم, يعني كلما مضى وقت جاء وقت.
وقوله تعالى: "ولا تهنوا في ابتغاء القوم" أي لا تضعفوا في طلب عدوكم, بل جدوا فيهم وقاتلوهم, واقعدوا لهم كل مرصد "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون" أي كما يصيبكم الجراح والقتل كذلك يحصل لهم, كما قال تعالى: "إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله", ثم قال تعالى: " وترجون من الله ما لا يرجون " أي أنتم وإياهم سواء فيما يصيبكم, وإياهم من الجراح والالام, ولكن أنتم ترجون من الله المثوبة والنصر والتأييد كما وعدكم إياه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وهو وعد حق, وخبر صدق, وهم لا يرجون شيئاً من ذلك, فأنتم أولى بالجهاد منهم وأشد رغبة فيه, وفي إقامة كلمة الله وإعلائها, "وكان الله عليماً حكيماً" أي هو أعلم وأحكم فيما يقدره ويقضيه وينفذه ويمضيه من أحكامه الكونية والشرعية وهو المحمود على كل حال.

الترجمة الإنجليزية

وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير104. Relent not in pursuit of the enemy. If ye are suffering, lo! they suffer even as ye suffer and ye hope from Allah that for which they cannot hope. Allah is ever Knower, Wise.

الترجمة الفرنسية

وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير104. Ne faiblissez pas dans la poursuite du peuple [ennemi]. Si vous souffrez, lui aussi souffre comme vous souffrez, tandis que vous espérez d'Allah ce qu'il n'espère pas. Allah est Omniscient et Sage.



بسم الله الرحمن الرحيم

وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (104)

ولا تضعفوا في طلب عدوكم وقتاله, إن تكونوا تتألمون من القتال وآثاره, فأعداؤكم كذلك يتألمون منه أشد الألم, ومع ذلك لا يكفون عن قتالكم, فأنتم أولى بذلك منهم, لما ترجونه من الثواب والنصر والتأييد, وهم لا يرجون ذلك. وكان الله عليمًا بكل أحوالكم, حكيمًا في أمره وتدبيره.


تفسير ابن كثير

وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير يأمر الله تعالى بكثرة الذكر عقيب صلاة الخوف وإن كان مشروعاً مرغباً فيه أيضاً بعد غيرها, ولكن ههنا آكد لما وقع فيها من التخفيف في أركانها, ومن الرخصة في الذهاب فيها والإياب, وغير ذلك مما ليس يوجد في غيرها, كما قال تعالى في الأشهر الحرم: "فلا تظلموا فيهن أنفسكم" وإن كان هذا منهياً عنه في غيرها, ولكن فيها آكد لشدة حرمتها وعظمتها, ولهذا قال تعالى: "فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم" أي في سائر أحوالكم, ثم قال تعالى: "فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة" أي فإذا أمنتم وذهب الخوف, وحصلت الطمأنينة "فأقيموا الصلاة" أي فأتموها وأقيموها كما أمرتم بحدودها, وخشوعها, وركوعها, وسجودها, وجميع شؤونها.
وقوله تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" قال ابن عباس: أي مفروضاً, وقال أيضاً: إن للصلاة وقتاً كوقت الحج, وكذا روي عن مجاهد وسالم بن عبد الله وعلي بن الحسين ومحمد بن علي والحسن ومقاتل والسدي وعطية العوفي. قال عبد الرزاق: عن معمر عن قتادة "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" قال: ابن مسعود: إن للصلاة وقتاً كوقت الحج وقال زيد بن أسلم "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" قال: منجماً كلما مضى نجم جاء نجم, يعني كلما مضى وقت جاء وقت.
وقوله تعالى: "ولا تهنوا في ابتغاء القوم" أي لا تضعفوا في طلب عدوكم, بل جدوا فيهم وقاتلوهم, واقعدوا لهم كل مرصد "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون" أي كما يصيبكم الجراح والقتل كذلك يحصل لهم, كما قال تعالى: "إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله", ثم قال تعالى: " وترجون من الله ما لا يرجون " أي أنتم وإياهم سواء فيما يصيبكم, وإياهم من الجراح والالام, ولكن أنتم ترجون من الله المثوبة والنصر والتأييد كما وعدكم إياه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وهو وعد حق, وخبر صدق, وهم لا يرجون شيئاً من ذلك, فأنتم أولى بالجهاد منهم وأشد رغبة فيه, وفي إقامة كلمة الله وإعلائها, "وكان الله عليماً حكيماً" أي هو أعلم وأحكم فيما يقدره ويقضيه وينفذه ويمضيه من أحكامه الكونية والشرعية وهو المحمود على كل حال.

الترجمة الإنجليزية

وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير104. Relent not in pursuit of the enemy. If ye are suffering, lo! they suffer even as ye suffer and ye hope from Allah that for which they cannot hope. Allah is ever Knower, Wise.

الترجمة الفرنسية

وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير104. Ne faiblissez pas dans la poursuite du peuple [ennemi]. Si vous souffrez, lui aussi souffre comme vous souffrez, tandis que vous espérez d'Allah ce qu'il n'espère pas. Allah est Omniscient et Sage.












_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
مادو

مادو


الدولة : مصر
التوقيع : لا اله الا الله انثى عدد المساهمات : 985
نقاط : 1143
تاريخ التسجيل : 07/01/2010

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالثلاثاء يناير 12, 2010 11:19 am



:فكرية سيد:

:روششش طحن:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 11:58 am

:[qq[qowowoei:

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً (105)

إنا أنزلنا إليك -أيها الرسول- القرآن مشتملا على الحق; لتفصل بين الناس جميعًا بما أوحى الله إليك, وبَصَّرك به, فلا تكن للذين يخونون أنفسهم -بكتمان الحق- مدافعًا عنهم بما أيدوه لك من القول المخالف للحقيقة.


تفسير ابن كثير

إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا
التفسير يقول تعالى: مخاطباً لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق" أي هو حق من الله, وهو يتضمن الحق في خبره وطلبه, وقوله: "لتحكم بين الناس بما أراك الله" احتج به من ذهب من علماء الأصول إلى أنه كان صلى الله عليه وسلم له أن يحكم بالاجتهاد بهذه الاية, وبما ثبت في الصحيحين من رواة هشام بن عروة, عن أبيه, عن زينب بنت أم سلمة, عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, سمع جلبة خصم بباب حجرته, فخرج إليهم فقال: "ألا إنما أنا بشر وإنما أقضي بنحو مما أسمع, ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو ليذرها" وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع, حدثنا أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع, عن أم سلمة, قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست, ليس عندهما بينة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر, ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض, وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع, فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه, فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها إسطاماً في عنقه يوم القيامة" فبكى الرجلان, وقال كل منهما: حقي لأخي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما, ثم توخيا الحق بينكما ثم استهما, ثم ليحلل كل منكما صاحبه" وقد رواه أبو داود من حديث أسامة بن زيد به, وزاد "إني إنما أقضي بينكما برأي فيما لم ينزل علي فيه" .
وقد روى ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس: أن نفراً من الأنصار غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته, فسرقت درع لأحدهم, فأظن بها رجل من الأنصار, فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن طعمة بن أبيرق سرق درعي, فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء, وقال لنفر من عشيرته: إني غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده, فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلاً فقالوا: يا نبي الله إن صاحبنا بريء وإن صاحب الدرع فلان, وقد أحطنا بذلك علماً, فأعذر صاحبنا على رؤوس الناس, وجادل عنه, فإنه إن لم يعصمه الله بك يهلك, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبرأه وعذره على رؤوس الناس, فأنزل الله "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً * واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" الاية.
ثم قال تعالى: للذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الايتين, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائنين, ثم قال عز وجل: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب ثم قال: "ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً" يعني السارق والذين جادلوا عن السارق, وهذا سياق غريب, وكذا ذكر مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم في هذه الاية: إنها نزلت في سارق بني أبيرق على اختلاف سياقاتهم وهي متقاربة.
وقد روى هذه القصة محمد بن إسحاق مطولة, فقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الاية من جامعه, وابن جرير في تفسيره: "حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني, حدثنا محمد بن سلمة الحراني, حدثنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة, عن أبيه, عن جده قتادة بن النعمان رضي الله عنه, قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر, وكان بشير رجلاً منافقاً يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم ينحله لبعض العرب, ثم يقول: قال فلان كذا وكذاو وقال فلان كذا وكذا, فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الرجل الخبيث أو كما قال الرجل, وقالوا ابن الأبيرق: قالها, قالوا: وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام, وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير, وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الدرمك ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه, وأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير, فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك فجعله في مشربة له, وفي المشربة سلاح ودرع وسيف, فعدي عليه من تحت البيت, فنقبت المشربة, وأخذ الطعام والسلاح. فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي, إنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه, فنقبت مشربتنا, فذهب بطعامنا وسلاحنا, قال: فتحسسنا في الدار وسألنا, فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم, قال: وكان بنو أبيرق قالوا ـ ونحن نسأل في الدار ـ: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل رجلاً منا له صلاح وإسلام, فلما سمع لبيد اخترط سيفه وقال: أنا أسرق ؟! والله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن هذه السرقة, قالوا: إليك عنا أيها الرجل فما أنت بصاحبها, فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها, فقال لي عمي: يا ابن أخي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له, قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له, وأخذوا سلاحه وطعامه فليردوا علينا سلاحنا, فأما الطعام, فلا حاجة لنا فيه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سآمر في ذلك, فلما سمع بذلك بنو أبيرق أتوا رجلاً منهم يقال له أسير بن عمرو فكلموه في ذلك, فاجتمع في ذلك أناس من أهل الدار فقالوا: يارسول الله, إن قتادة بن النعمان وعمه, عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت, قال قتادة: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته, فقال: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح, ترميهم بالسرقة على غير بينة ولا ثبت, قال: فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك, فأتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي ما صنعت ؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: الله المستعان ", فلم نلبث أن نزل القرآن "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً" يعني بني أبيرق, "واستغفر الله" أي مما قلت لقتادة " إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم " ـ إلى قوله ـ "رحيماً" أي لو استغفروا الله لغفر لهم " ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما * ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " قولهم للبيد "ولولا فضل الله عليك ورحمته "ـ إلى قوله ـ "فسوف نؤتيه أجراً عظيماً" فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة, فقال قتادة: لما أتيت عمي بالسلاح وكان شيخاً قد عسى أو عشي ـ الشك من أبي عيسى ـ في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدخولاً لما أتيته بالسلاح قال: يا ابن أخي هو في سبيل الله, فعرفت أن إسلامه كان صحيحاً, فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين, فنزل على سلافة بنت سعد بن سمية, فأنزل الله تعالى: " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا * إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا " فلما نزل على سلافة بنت سعد, هجاها حسان بن ثابت بأبيات من شعر فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت به, فرمته في الأبطح, ثم قالت: أهديت لي شعر حسان ما كنت تأتيني بخير, لفظ الترمذي ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب, لا نعلم أحداً أسنده غير محمد بن سلمة الحراني.
ورواه يونس بن بكير وغير واحد عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلاً لم يذكروا فيه عن أبيه عن جده, ورواه ابن أبي حاتم عن هاشم بن القاسم الحراني عن محمد بن سلمة به ببعضه. ورواه ابن المنذر في تفسيره: حدثنا محمد بن إسماعيل يعني الصائغ, حدثنا الحسن بن أحمد بن شعيب الحراني, حدثنا محمد بن سلمة, فذكره بطوله. ورواه أبو الشيخ الأصبهاني في تفسيره عن محمد بن عياش بن أيوب والحسن بن يعقوب, كلاهما عن الحسن بن أحمد
ابن أبي شعيب الحراني عن محمد بن سلمة به, ثم قال في آخره: قال محمد بن سلمة: سمع مني هذا الحديث يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إسرائيل, وقد روى هذا الحديث الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه المستدرك عن ابن عباس الأصم, عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي, عن يونس بن بكير, عن محمد بن إسحاق بمعناه أتم منه وفيه الشعر, ثم قال: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم, ولم يخرجاه.
وقوله تعالى: "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الاية, هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم, ويجاهرون الله بها, لأنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم, ولهذا قال: " وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا " تهديد لهم ووعيد. ثم قال تعالى: "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا" الاية, أي هب أن هؤلاء انتصروا في الدنيا بما أبدوه أو أبدي لهم عند الحكام الذين يحكمون بالظاهر وهم متعبدون بذلك, فماذا يكون صنيعهم يوم القيامة بين يدي الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى ؟ ومن ذا الذي يتوكل لهم يومئذ يوم القيامة في ترويج دعواهم ؟ أي لا أحد يومئذ يكون لهم وكيلاً, ولهذا قال: "أم من يكون عليهم وكيلاً".

الترجمة الإنجليزية

إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا
التفسير105. Lo! We reveal unto thee the ******ure with the truth, that thou mayst judge between mankind by that which Allah showeth thee. And be not thou a pledder for the treacherous;

الترجمة الفرنسية

إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا
التفسير105. Nous avons fait descendre vers toi le Livre avec la vérité, pour que tu juges entre les gens. selon ce qu'Allah t'a appris. Et ne te fais pas l'avocat des traîtres.


بسم الله الرحمن الرحيم

وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (106)

واطلب من الله تعالى المغفرة في جميع أحوالك, إن الله تعالى كان غفورًا لمن يرجو فضله ونوال مغفرته, رحيمًا به.


تفسير ابن كثير

وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير يقول تعالى: مخاطباً لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق" أي هو حق من الله, وهو يتضمن الحق في خبره وطلبه, وقوله: "لتحكم بين الناس بما أراك الله" احتج به من ذهب من علماء الأصول إلى أنه كان صلى الله عليه وسلم له أن يحكم بالاجتهاد بهذه الاية, وبما ثبت في الصحيحين من رواة هشام بن عروة, عن أبيه, عن زينب بنت أم سلمة, عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, سمع جلبة خصم بباب حجرته, فخرج إليهم فقال: "ألا إنما أنا بشر وإنما أقضي بنحو مما أسمع, ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو ليذرها" وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع, حدثنا أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع, عن أم سلمة, قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست, ليس عندهما بينة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر, ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض, وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع, فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه, فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها إسطاماً في عنقه يوم القيامة" فبكى الرجلان, وقال كل منهما: حقي لأخي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما, ثم توخيا الحق بينكما ثم استهما, ثم ليحلل كل منكما صاحبه" وقد رواه أبو داود من حديث أسامة بن زيد به, وزاد "إني إنما أقضي بينكما برأي فيما لم ينزل علي فيه" .
وقد روى ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس: أن نفراً من الأنصار غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته, فسرقت درع لأحدهم, فأظن بها رجل من الأنصار, فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن طعمة بن أبيرق سرق درعي, فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء, وقال لنفر من عشيرته: إني غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده, فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلاً فقالوا: يا نبي الله إن صاحبنا بريء وإن صاحب الدرع فلان, وقد أحطنا بذلك علماً, فأعذر صاحبنا على رؤوس الناس, وجادل عنه, فإنه إن لم يعصمه الله بك يهلك, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبرأه وعذره على رؤوس الناس, فأنزل الله "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً * واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" الاية.
ثم قال تعالى: للذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الايتين, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائنين, ثم قال عز وجل: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب ثم قال: "ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً" يعني السارق والذين جادلوا عن السارق, وهذا سياق غريب, وكذا ذكر مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم في هذه الاية: إنها نزلت في سارق بني أبيرق على اختلاف سياقاتهم وهي متقاربة.
وقد روى هذه القصة محمد بن إسحاق مطولة, فقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الاية من جامعه, وابن جرير في تفسيره: "حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني, حدثنا محمد بن سلمة الحراني, حدثنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة, عن أبيه, عن جده قتادة بن النعمان رضي الله عنه, قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر, وكان بشير رجلاً منافقاً يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم ينحله لبعض العرب, ثم يقول: قال فلان كذا وكذاو وقال فلان كذا وكذا, فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الرجل الخبيث أو كما قال الرجل, وقالوا ابن الأبيرق: قالها, قالوا: وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام, وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير, وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الدرمك ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه, وأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير, فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك فجعله في مشربة له, وفي المشربة سلاح ودرع وسيف, فعدي عليه من تحت البيت, فنقبت المشربة, وأخذ الطعام والسلاح. فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي, إنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه, فنقبت مشربتنا, فذهب بطعامنا وسلاحنا, قال: فتحسسنا في الدار وسألنا, فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم, قال: وكان بنو أبيرق قالوا ـ ونحن نسأل في الدار ـ: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل رجلاً منا له صلاح وإسلام, فلما سمع لبيد اخترط سيفه وقال: أنا أسرق ؟! والله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن هذه السرقة, قالوا: إليك عنا أيها الرجل فما أنت بصاحبها, فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها, فقال لي عمي: يا ابن أخي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له, قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له, وأخذوا سلاحه وطعامه فليردوا علينا سلاحنا, فأما الطعام, فلا حاجة لنا فيه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سآمر في ذلك, فلما سمع بذلك بنو أبيرق أتوا رجلاً منهم يقال له أسير بن عمرو فكلموه في ذلك, فاجتمع في ذلك أناس من أهل الدار فقالوا: يارسول الله, إن قتادة بن النعمان وعمه, عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت, قال قتادة: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته, فقال: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح, ترميهم بالسرقة على غير بينة ولا ثبت, قال: فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك, فأتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي ما صنعت ؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: الله المستعان ", فلم نلبث أن نزل القرآن "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً" يعني بني أبيرق, "واستغفر الله" أي مما قلت لقتادة " إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم " ـ إلى قوله ـ "رحيماً" أي لو استغفروا الله لغفر لهم " ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما * ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " قولهم للبيد "ولولا فضل الله عليك ورحمته "ـ إلى قوله ـ "فسوف نؤتيه أجراً عظيماً" فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة, فقال قتادة: لما أتيت عمي بالسلاح وكان شيخاً قد عسى أو عشي ـ الشك من أبي عيسى ـ في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدخولاً لما أتيته بالسلاح قال: يا ابن أخي هو في سبيل الله, فعرفت أن إسلامه كان صحيحاً, فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين, فنزل على سلافة بنت سعد بن سمية, فأنزل الله تعالى: " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا * إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا " فلما نزل على سلافة بنت سعد, هجاها حسان بن ثابت بأبيات من شعر فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت به, فرمته في الأبطح, ثم قالت: أهديت لي شعر حسان ما كنت تأتيني بخير, لفظ الترمذي ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب, لا نعلم أحداً أسنده غير محمد بن سلمة الحراني.
ورواه يونس بن بكير وغير واحد عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلاً لم يذكروا فيه عن أبيه عن جده, ورواه ابن أبي حاتم عن هاشم بن القاسم الحراني عن محمد بن سلمة به ببعضه. ورواه ابن المنذر في تفسيره: حدثنا محمد بن إسماعيل يعني الصائغ, حدثنا الحسن بن أحمد بن شعيب الحراني, حدثنا محمد بن سلمة, فذكره بطوله. ورواه أبو الشيخ الأصبهاني في تفسيره عن محمد بن عياش بن أيوب والحسن بن يعقوب, كلاهما عن الحسن بن أحمد
ابن أبي شعيب الحراني عن محمد بن سلمة به, ثم قال في آخره: قال محمد بن سلمة: سمع مني هذا الحديث يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إسرائيل, وقد روى هذا الحديث الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه المستدرك عن ابن عباس الأصم, عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي, عن يونس بن بكير, عن محمد بن إسحاق بمعناه أتم منه وفيه الشعر, ثم قال: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم, ولم يخرجاه.
وقوله تعالى: "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الاية, هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم, ويجاهرون الله بها, لأنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم, ولهذا قال: " وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا " تهديد لهم ووعيد. ثم قال تعالى: "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا" الاية, أي هب أن هؤلاء انتصروا في الدنيا بما أبدوه أو أبدي لهم عند الحكام الذين يحكمون بالظاهر وهم متعبدون بذلك, فماذا يكون صنيعهم يوم القيامة بين يدي الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى ؟ ومن ذا الذي يتوكل لهم يومئذ يوم القيامة في ترويج دعواهم ؟ أي لا أحد يومئذ يكون لهم وكيلاً, ولهذا قال: "أم من يكون عليهم وكيلاً".

الترجمة الإنجليزية

وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير106. And seek forgiveness of Allah. Lo! Allah is ever Forgiving, Merciful.

الترجمة الفرنسية

وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير106. Et implore d'Allah le pardon car Allah est certes Pardonneur et Miséricordieux.





_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:01 pm

:[qq[qowowoei:

بسم الله الرحمن الرحيم

وَلا تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً (107)

ولا تدافع عن الذين يخونون أنفسهم بمعصية الله. إن الله -سبحانه- لا يحب مَن عَظُمَتْ خيانته, وكثر ذنبه.


تفسير ابن كثير

وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا
التفسير يقول تعالى: مخاطباً لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق" أي هو حق من الله, وهو يتضمن الحق في خبره وطلبه, وقوله: "لتحكم بين الناس بما أراك الله" احتج به من ذهب من علماء الأصول إلى أنه كان صلى الله عليه وسلم له أن يحكم بالاجتهاد بهذه الاية, وبما ثبت في الصحيحين من رواة هشام بن عروة, عن أبيه, عن زينب بنت أم سلمة, عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, سمع جلبة خصم بباب حجرته, فخرج إليهم فقال: "ألا إنما أنا بشر وإنما أقضي بنحو مما أسمع, ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو ليذرها" وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع, حدثنا أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع, عن أم سلمة, قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست, ليس عندهما بينة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر, ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض, وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع, فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه, فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها إسطاماً في عنقه يوم القيامة" فبكى الرجلان, وقال كل منهما: حقي لأخي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما, ثم توخيا الحق بينكما ثم استهما, ثم ليحلل كل منكما صاحبه" وقد رواه أبو داود من حديث أسامة بن زيد به, وزاد "إني إنما أقضي بينكما برأي فيما لم ينزل علي فيه" .
وقد روى ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس: أن نفراً من الأنصار غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته, فسرقت درع لأحدهم, فأظن بها رجل من الأنصار, فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن طعمة بن أبيرق سرق درعي, فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء, وقال لنفر من عشيرته: إني غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده, فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلاً فقالوا: يا نبي الله إن صاحبنا بريء وإن صاحب الدرع فلان, وقد أحطنا بذلك علماً, فأعذر صاحبنا على رؤوس الناس, وجادل عنه, فإنه إن لم يعصمه الله بك يهلك, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبرأه وعذره على رؤوس الناس, فأنزل الله "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً * واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" الاية.
ثم قال تعالى: للذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الايتين, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائنين, ثم قال عز وجل: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب ثم قال: "ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً" يعني السارق والذين جادلوا عن السارق, وهذا سياق غريب, وكذا ذكر مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم في هذه الاية: إنها نزلت في سارق بني أبيرق على اختلاف سياقاتهم وهي متقاربة.
وقد روى هذه القصة محمد بن إسحاق مطولة, فقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الاية من جامعه, وابن جرير في تفسيره: "حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني, حدثنا محمد بن سلمة الحراني, حدثنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة, عن أبيه, عن جده قتادة بن النعمان رضي الله عنه, قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر, وكان بشير رجلاً منافقاً يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم ينحله لبعض العرب, ثم يقول: قال فلان كذا وكذاو وقال فلان كذا وكذا, فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الرجل الخبيث أو كما قال الرجل, وقالوا ابن الأبيرق: قالها, قالوا: وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام, وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير, وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الدرمك ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه, وأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير, فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك فجعله في مشربة له, وفي المشربة سلاح ودرع وسيف, فعدي عليه من تحت البيت, فنقبت المشربة, وأخذ الطعام والسلاح. فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي, إنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه, فنقبت مشربتنا, فذهب بطعامنا وسلاحنا, قال: فتحسسنا في الدار وسألنا, فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم, قال: وكان بنو أبيرق قالوا ـ ونحن نسأل في الدار ـ: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل رجلاً منا له صلاح وإسلام, فلما سمع لبيد اخترط سيفه وقال: أنا أسرق ؟! والله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن هذه السرقة, قالوا: إليك عنا أيها الرجل فما أنت بصاحبها, فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها, فقال لي عمي: يا ابن أخي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له, قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له, وأخذوا سلاحه وطعامه فليردوا علينا سلاحنا, فأما الطعام, فلا حاجة لنا فيه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سآمر في ذلك, فلما سمع بذلك بنو أبيرق أتوا رجلاً منهم يقال له أسير بن عمرو فكلموه في ذلك, فاجتمع في ذلك أناس من أهل الدار فقالوا: يارسول الله, إن قتادة بن النعمان وعمه, عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت, قال قتادة: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته, فقال: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح, ترميهم بالسرقة على غير بينة ولا ثبت, قال: فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك, فأتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي ما صنعت ؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: الله المستعان ", فلم نلبث أن نزل القرآن "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً" يعني بني أبيرق, "واستغفر الله" أي مما قلت لقتادة " إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم " ـ إلى قوله ـ "رحيماً" أي لو استغفروا الله لغفر لهم " ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما * ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " قولهم للبيد "ولولا فضل الله عليك ورحمته "ـ إلى قوله ـ "فسوف نؤتيه أجراً عظيماً" فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة, فقال قتادة: لما أتيت عمي بالسلاح وكان شيخاً قد عسى أو عشي ـ الشك من أبي عيسى ـ في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدخولاً لما أتيته بالسلاح قال: يا ابن أخي هو في سبيل الله, فعرفت أن إسلامه كان صحيحاً, فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين, فنزل على سلافة بنت سعد بن سمية, فأنزل الله تعالى: " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا * إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا " فلما نزل على سلافة بنت سعد, هجاها حسان بن ثابت بأبيات من شعر فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت به, فرمته في الأبطح, ثم قالت: أهديت لي شعر حسان ما كنت تأتيني بخير, لفظ الترمذي ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب, لا نعلم أحداً أسنده غير محمد بن سلمة الحراني.
ورواه يونس بن بكير وغير واحد عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلاً لم يذكروا فيه عن أبيه عن جده, ورواه ابن أبي حاتم عن هاشم بن القاسم الحراني عن محمد بن سلمة به ببعضه. ورواه ابن المنذر في تفسيره: حدثنا محمد بن إسماعيل يعني الصائغ, حدثنا الحسن بن أحمد بن شعيب الحراني, حدثنا محمد بن سلمة, فذكره بطوله. ورواه أبو الشيخ الأصبهاني في تفسيره عن محمد بن عياش بن أيوب والحسن بن يعقوب, كلاهما عن الحسن بن أحمد
ابن أبي شعيب الحراني عن محمد بن سلمة به, ثم قال في آخره: قال محمد بن سلمة: سمع مني هذا الحديث يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إسرائيل, وقد روى هذا الحديث الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه المستدرك عن ابن عباس الأصم, عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي, عن يونس بن بكير, عن محمد بن إسحاق بمعناه أتم منه وفيه الشعر, ثم قال: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم, ولم يخرجاه.
وقوله تعالى: "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الاية, هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم, ويجاهرون الله بها, لأنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم, ولهذا قال: " وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا " تهديد لهم ووعيد. ثم قال تعالى: "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا" الاية, أي هب أن هؤلاء انتصروا في الدنيا بما أبدوه أو أبدي لهم عند الحكام الذين يحكمون بالظاهر وهم متعبدون بذلك, فماذا يكون صنيعهم يوم القيامة بين يدي الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى ؟ ومن ذا الذي يتوكل لهم يومئذ يوم القيامة في ترويج دعواهم ؟ أي لا أحد يومئذ يكون لهم وكيلاً, ولهذا قال: "أم من يكون عليهم وكيلاً".

الترجمة الإنجليزية

وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا
التفسير107. And plead not on behalf of (people) who deceive themselves. Lo! Allah loveth not one who is treacherous and sinful.

الترجمة الفرنسية

وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا
التفسير107. Et ne dispute pas en faveur de ceux qui se trahissent eux-mêmes. Allah vraiment, n'aime pas le traître et le pécheur.




_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:02 pm

:[qq[qowowoei:

بسم الله الرحمن الرحيم

يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (108)

يستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على أعمالهم السيئة, ولا يستترون من الله تعالى ولا يستحيون منه, وهو عزَّ شأنه معهم بعلمه, مطلع عليهم حين يدبِّرون -ليلا- ما لا يرضى من القول, وكان الله -تعالى- محيطًا بجميع أقوالهم وأفعالهم, لا يخفى عليه منها شيء.

تفسير ابن كثير

يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا
التفسير يقول تعالى: مخاطباً لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق" أي هو حق من الله, وهو يتضمن الحق في خبره وطلبه, وقوله: "لتحكم بين الناس بما أراك الله" احتج به من ذهب من علماء الأصول إلى أنه كان صلى الله عليه وسلم له أن يحكم بالاجتهاد بهذه الاية, وبما ثبت في الصحيحين من رواة هشام بن عروة, عن أبيه, عن زينب بنت أم سلمة, عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, سمع جلبة خصم بباب حجرته, فخرج إليهم فقال: "ألا إنما أنا بشر وإنما أقضي بنحو مما أسمع, ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو ليذرها" وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع, حدثنا أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع, عن أم سلمة, قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست, ليس عندهما بينة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر, ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض, وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع, فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه, فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها إسطاماً في عنقه يوم القيامة" فبكى الرجلان, وقال كل منهما: حقي لأخي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما, ثم توخيا الحق بينكما ثم استهما, ثم ليحلل كل منكما صاحبه" وقد رواه أبو داود من حديث أسامة بن زيد به, وزاد "إني إنما أقضي بينكما برأي فيما لم ينزل علي فيه" .
وقد روى ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس: أن نفراً من الأنصار غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته, فسرقت درع لأحدهم, فأظن بها رجل من الأنصار, فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن طعمة بن أبيرق سرق درعي, فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء, وقال لنفر من عشيرته: إني غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده, فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلاً فقالوا: يا نبي الله إن صاحبنا بريء وإن صاحب الدرع فلان, وقد أحطنا بذلك علماً, فأعذر صاحبنا على رؤوس الناس, وجادل عنه, فإنه إن لم يعصمه الله بك يهلك, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبرأه وعذره على رؤوس الناس, فأنزل الله "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً * واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" الاية.
ثم قال تعالى: للذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الايتين, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائنين, ثم قال عز وجل: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب ثم قال: "ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً" يعني السارق والذين جادلوا عن السارق, وهذا سياق غريب, وكذا ذكر مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم في هذه الاية: إنها نزلت في سارق بني أبيرق على اختلاف سياقاتهم وهي متقاربة.
وقد روى هذه القصة محمد بن إسحاق مطولة, فقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الاية من جامعه, وابن جرير في تفسيره: "حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني, حدثنا محمد بن سلمة الحراني, حدثنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة, عن أبيه, عن جده قتادة بن النعمان رضي الله عنه, قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر, وكان بشير رجلاً منافقاً يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم ينحله لبعض العرب, ثم يقول: قال فلان كذا وكذاو وقال فلان كذا وكذا, فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الرجل الخبيث أو كما قال الرجل, وقالوا ابن الأبيرق: قالها, قالوا: وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام, وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير, وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الدرمك ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه, وأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير, فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك فجعله في مشربة له, وفي المشربة سلاح ودرع وسيف, فعدي عليه من تحت البيت, فنقبت المشربة, وأخذ الطعام والسلاح. فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي, إنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه, فنقبت مشربتنا, فذهب بطعامنا وسلاحنا, قال: فتحسسنا في الدار وسألنا, فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم, قال: وكان بنو أبيرق قالوا ـ ونحن نسأل في الدار ـ: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل رجلاً منا له صلاح وإسلام, فلما سمع لبيد اخترط سيفه وقال: أنا أسرق ؟! والله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن هذه السرقة, قالوا: إليك عنا أيها الرجل فما أنت بصاحبها, فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها, فقال لي عمي: يا ابن أخي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له, قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له, وأخذوا سلاحه وطعامه فليردوا علينا سلاحنا, فأما الطعام, فلا حاجة لنا فيه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سآمر في ذلك, فلما سمع بذلك بنو أبيرق أتوا رجلاً منهم يقال له أسير بن عمرو فكلموه في ذلك, فاجتمع في ذلك أناس من أهل الدار فقالوا: يارسول الله, إن قتادة بن النعمان وعمه, عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت, قال قتادة: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته, فقال: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح, ترميهم بالسرقة على غير بينة ولا ثبت, قال: فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك, فأتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي ما صنعت ؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: الله المستعان ", فلم نلبث أن نزل القرآن "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً" يعني بني أبيرق, "واستغفر الله" أي مما قلت لقتادة " إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم " ـ إلى قوله ـ "رحيماً" أي لو استغفروا الله لغفر لهم " ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما * ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " قولهم للبيد "ولولا فضل الله عليك ورحمته "ـ إلى قوله ـ "فسوف نؤتيه أجراً عظيماً" فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة, فقال قتادة: لما أتيت عمي بالسلاح وكان شيخاً قد عسى أو عشي ـ الشك من أبي عيسى ـ في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدخولاً لما أتيته بالسلاح قال: يا ابن أخي هو في سبيل الله, فعرفت أن إسلامه كان صحيحاً, فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين, فنزل على سلافة بنت سعد بن سمية, فأنزل الله تعالى: " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا * إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا " فلما نزل على سلافة بنت سعد, هجاها حسان بن ثابت بأبيات من شعر فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت به, فرمته في الأبطح, ثم قالت: أهديت لي شعر حسان ما كنت تأتيني بخير, لفظ الترمذي ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب, لا نعلم أحداً أسنده غير محمد بن سلمة الحراني.
ورواه يونس بن بكير وغير واحد عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلاً لم يذكروا فيه عن أبيه عن جده, ورواه ابن أبي حاتم عن هاشم بن القاسم الحراني عن محمد بن سلمة به ببعضه. ورواه ابن المنذر في تفسيره: حدثنا محمد بن إسماعيل يعني الصائغ, حدثنا الحسن بن أحمد بن شعيب الحراني, حدثنا محمد بن سلمة, فذكره بطوله. ورواه أبو الشيخ الأصبهاني في تفسيره عن محمد بن عياش بن أيوب والحسن بن يعقوب, كلاهما عن الحسن بن أحمد
ابن أبي شعيب الحراني عن محمد بن سلمة به, ثم قال في آخره: قال محمد بن سلمة: سمع مني هذا الحديث يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إسرائيل, وقد روى هذا الحديث الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه المستدرك عن ابن عباس الأصم, عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي, عن يونس بن بكير, عن محمد بن إسحاق بمعناه أتم منه وفيه الشعر, ثم قال: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم, ولم يخرجاه.
وقوله تعالى: "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الاية, هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم, ويجاهرون الله بها, لأنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم, ولهذا قال: " وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا " تهديد لهم ووعيد. ثم قال تعالى: "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا" الاية, أي هب أن هؤلاء انتصروا في الدنيا بما أبدوه أو أبدي لهم عند الحكام الذين يحكمون بالظاهر وهم متعبدون بذلك, فماذا يكون صنيعهم يوم القيامة بين يدي الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى ؟ ومن ذا الذي يتوكل لهم يومئذ يوم القيامة في ترويج دعواهم ؟ أي لا أحد يومئذ يكون لهم وكيلاً, ولهذا قال: "أم من يكون عليهم وكيلاً".

الترجمة الإنجليزية

يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا
التفسير108. They seek to hide from men and seek not to hide from Allah. He is with them when by night they hold discourse displeasing unto Him. Allah ever surroundeth what they do.

الترجمة الفرنسية

يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا
التفسير108. Ils cherchent à se cacher des gens, mais ils ne cherchent pas à se cacher d'Allah. Or, Il est avec eux quand ils tiennent la nuit des paroles qu'Il (Allah) n'agrée pas. Et Allah ne cesse de cerner (par Sa science) ce qu'ils font.








_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:03 pm

:الحياة :

بسم الله الرحمن الرحيم

هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109)

ها أنتم -أيها المؤمنون- قد حاججتم عن هؤلاء الخائنين لأنفسهم في هذه الحياة الدنيا, فمن يحاجج الله تعالى عنهم يوم البعث والحساب؟ ومن ذا الذي يكون على هؤلاء الخائنين وكيلا يوم القيامة؟


تفسير ابن كثير

هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً
التفسير يقول تعالى: مخاطباً لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق" أي هو حق من الله, وهو يتضمن الحق في خبره وطلبه, وقوله: "لتحكم بين الناس بما أراك الله" احتج به من ذهب من علماء الأصول إلى أنه كان صلى الله عليه وسلم له أن يحكم بالاجتهاد بهذه الاية, وبما ثبت في الصحيحين من رواة هشام بن عروة, عن أبيه, عن زينب بنت أم سلمة, عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, سمع جلبة خصم بباب حجرته, فخرج إليهم فقال: "ألا إنما أنا بشر وإنما أقضي بنحو مما أسمع, ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو ليذرها" وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع, حدثنا أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع, عن أم سلمة, قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست, ليس عندهما بينة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر, ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض, وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع, فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه, فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها إسطاماً في عنقه يوم القيامة" فبكى الرجلان, وقال كل منهما: حقي لأخي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما, ثم توخيا الحق بينكما ثم استهما, ثم ليحلل كل منكما صاحبه" وقد رواه أبو داود من حديث أسامة بن زيد به, وزاد "إني إنما أقضي بينكما برأي فيما لم ينزل علي فيه" .
وقد روى ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس: أن نفراً من الأنصار غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته, فسرقت درع لأحدهم, فأظن بها رجل من الأنصار, فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن طعمة بن أبيرق سرق درعي, فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء, وقال لنفر من عشيرته: إني غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده, فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلاً فقالوا: يا نبي الله إن صاحبنا بريء وإن صاحب الدرع فلان, وقد أحطنا بذلك علماً, فأعذر صاحبنا على رؤوس الناس, وجادل عنه, فإنه إن لم يعصمه الله بك يهلك, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبرأه وعذره على رؤوس الناس, فأنزل الله "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً * واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" الاية.
ثم قال تعالى: للذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الايتين, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائنين, ثم قال عز وجل: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب ثم قال: "ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً" يعني السارق والذين جادلوا عن السارق, وهذا سياق غريب, وكذا ذكر مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم في هذه الاية: إنها نزلت في سارق بني أبيرق على اختلاف سياقاتهم وهي متقاربة.
وقد روى هذه القصة محمد بن إسحاق مطولة, فقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الاية من جامعه, وابن جرير في تفسيره: "حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني, حدثنا محمد بن سلمة الحراني, حدثنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة, عن أبيه, عن جده قتادة بن النعمان رضي الله عنه, قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر, وكان بشير رجلاً منافقاً يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم ينحله لبعض العرب, ثم يقول: قال فلان كذا وكذاو وقال فلان كذا وكذا, فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الرجل الخبيث أو كما قال الرجل, وقالوا ابن الأبيرق: قالها, قالوا: وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام, وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير, وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الدرمك ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه, وأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير, فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك فجعله في مشربة له, وفي المشربة سلاح ودرع وسيف, فعدي عليه من تحت البيت, فنقبت المشربة, وأخذ الطعام والسلاح. فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي, إنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه, فنقبت مشربتنا, فذهب بطعامنا وسلاحنا, قال: فتحسسنا في الدار وسألنا, فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم, قال: وكان بنو أبيرق قالوا ـ ونحن نسأل في الدار ـ: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل رجلاً منا له صلاح وإسلام, فلما سمع لبيد اخترط سيفه وقال: أنا أسرق ؟! والله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن هذه السرقة, قالوا: إليك عنا أيها الرجل فما أنت بصاحبها, فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها, فقال لي عمي: يا ابن أخي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له, قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له, وأخذوا سلاحه وطعامه فليردوا علينا سلاحنا, فأما الطعام, فلا حاجة لنا فيه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سآمر في ذلك, فلما سمع بذلك بنو أبيرق أتوا رجلاً منهم يقال له أسير بن عمرو فكلموه في ذلك, فاجتمع في ذلك أناس من أهل الدار فقالوا: يارسول الله, إن قتادة بن النعمان وعمه, عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت, قال قتادة: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته, فقال: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح, ترميهم بالسرقة على غير بينة ولا ثبت, قال: فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك, فأتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي ما صنعت ؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: الله المستعان ", فلم نلبث أن نزل القرآن "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً" يعني بني أبيرق, "واستغفر الله" أي مما قلت لقتادة " إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم " ـ إلى قوله ـ "رحيماً" أي لو استغفروا الله لغفر لهم " ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما * ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " قولهم للبيد "ولولا فضل الله عليك ورحمته "ـ إلى قوله ـ "فسوف نؤتيه أجراً عظيماً" فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة, فقال قتادة: لما أتيت عمي بالسلاح وكان شيخاً قد عسى أو عشي ـ الشك من أبي عيسى ـ في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدخولاً لما أتيته بالسلاح قال: يا ابن أخي هو في سبيل الله, فعرفت أن إسلامه كان صحيحاً, فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين, فنزل على سلافة بنت سعد بن سمية, فأنزل الله تعالى: " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا * إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا " فلما نزل على سلافة بنت سعد, هجاها حسان بن ثابت بأبيات من شعر فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت به, فرمته في الأبطح, ثم قالت: أهديت لي شعر حسان ما كنت تأتيني بخير, لفظ الترمذي ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب, لا نعلم أحداً أسنده غير محمد بن سلمة الحراني.
ورواه يونس بن بكير وغير واحد عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلاً لم يذكروا فيه عن أبيه عن جده, ورواه ابن أبي حاتم عن هاشم بن القاسم الحراني عن محمد بن سلمة به ببعضه. ورواه ابن المنذر في تفسيره: حدثنا محمد بن إسماعيل يعني الصائغ, حدثنا الحسن بن أحمد بن شعيب الحراني, حدثنا محمد بن سلمة, فذكره بطوله. ورواه أبو الشيخ الأصبهاني في تفسيره عن محمد بن عياش بن أيوب والحسن بن يعقوب, كلاهما عن الحسن بن أحمد
ابن أبي شعيب الحراني عن محمد بن سلمة به, ثم قال في آخره: قال محمد بن سلمة: سمع مني هذا الحديث يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إسرائيل, وقد روى هذا الحديث الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه المستدرك عن ابن عباس الأصم, عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي, عن يونس بن بكير, عن محمد بن إسحاق بمعناه أتم منه وفيه الشعر, ثم قال: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم, ولم يخرجاه.
وقوله تعالى: "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الاية, هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم, ويجاهرون الله بها, لأنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم, ولهذا قال: " وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا " تهديد لهم ووعيد. ثم قال تعالى: "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا" الاية, أي هب أن هؤلاء انتصروا في الدنيا بما أبدوه أو أبدي لهم عند الحكام الذين يحكمون بالظاهر وهم متعبدون بذلك, فماذا يكون صنيعهم يوم القيامة بين يدي الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى ؟ ومن ذا الذي يتوكل لهم يومئذ يوم القيامة في ترويج دعواهم ؟ أي لا أحد يومئذ يكون لهم وكيلاً, ولهذا قال: "أم من يكون عليهم وكيلاً".

الترجمة الإنجليزية

هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً
التفسير109. Lo! ye are they who pleaded for them in the life of the world. But who will plead with Allah for them on the Day of Resurrection, or who will then be their defender?

الترجمة الفرنسية

هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً
التفسير109. Voilà les gens en faveur desquels vous disputez dans la vie présente. Mais qui va disputer pour eux devant Allah au Jour de la Résurrection? Ou bien qui sera leur protecteur?






_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:05 pm

:السلالالام علي

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (110)

ومن يُقْدِمْ على عمل سيِّئ قبيح, أو يظلم نفسه بارتكاب ما يخالف حكم الله وشرعه, ثم يرجع إلى الله نادمًا على ما عمل, راجيًا مغفرته وستر ذنبه, يجد الله تعالى غفورًا له, رحيمًا به.


تفسير ابن كثير

وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير يخبر تعالى عن كرمه وجوده أن كل من تاب إليه, تاب عليه من أي ذنب كان. فقال تعالى: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس أنه قال في هذه الاية: أخبر الله عباده بعفوه وحلمه وكرمه, وسعة رحمته, ومغفرته فمن أذنب ذنباً صغيراً كان أو كبيراً "ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال, رواه ابن جرير, وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا محمد بن مثنى, حدثنا محمد بن أبي عدي, حدثنا شعبة عن عاصم عن أبي وائل, قال: قال عبد الله: كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنباً أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه, وإذا أصاب البول منه شيئاً قرضه بالمقراض فقال رجل: لقد آتى الله بني إسرائيل خيراً, فقال عبد الله رضي الله عنه: ما آتاكم الله خير مما آتاهم, جعل الماء لكم طهوراً, وقال تعالى: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم", وقال: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً", وقال أيضاً: حدثني يعقوب, حدثنا هشيم عن ابن عون, عن حبيب بن أبي ثابت, قال: جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل فسألته عن امرأة فجرت فحبلت, فلما ولدت قتلت ولدها, قال عبد الله بن مغفل: لها النار, فانصرفت وهي تبكي فدعاها ثم قال: ما أرى أمرك إلا أحد أمرين "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" قال: فمسحت عينها ثم مضت.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا شعبة عن عثمان بن المغيرة, قال: سمعت علي بن ربيعة من بني أسد يحدث عن أسماء أو ابن أسماء من بني فزارة, قال: قال علي رضي الله عنه: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه. وحدثني أبو بكر ـ وصدق أبو بكر ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يذنب ذنباً, ثم يتوضأ ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله لذلك الذنب, إلا غفر له" وقرأ هاتين الايتين "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم", الاية. وقد تكلمنا على هذا الحديث وعزيناه إلى من رواه من أصحاب السنن, وذكرنا ما في سنده من مقال في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه, وقد تقدم بعض ذلك في سورة آل عمران أيضاً.
وقد رواه ابن مردويه في تفسيره من وجه آخر عن علي فقال: حدثنا أحمد بن محمد بن زياد, حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحراني, حدثنا دواد بن مهران الدباغ حدثنا عمر بن يزيد عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي, قال: سمعت أبا بكر ـ هو الصديق ـ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد أذنب فقام فتوضأ فأحسن الوضوء, ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه, إلا كان حقاً على الله أن يغفر له" لأن الله يقول: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, ثم رواه من طريق أبان بن أبي عياش عن أبي إسحاق السبيعي, عن الحارث, عن علي, عن الصديق, بنحوه, وهذا إسناد لا يصح. وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن علي بن دحيم, حدثنا أحمد بن حازم, حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن تمام بن نجيح حدثني كعب بن ذهل الأزدي قال: سمعت أبا الدرداء يحدث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسنا حوله, وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع, ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما عليه, وأنه قام فترك نعليه, قال أبو الدرداء: فأخذ ركوة من ماء فاتبعته فمضى ساعة ثم رجع ولم يقض حاجته, فقال: "إنه أتاني آت من ربي فقال: إنه "من يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" فأردت أن أبشر أصحابي" .
"قال أبو الدرداء: وكانت قد شقت على الناس الاية التي قبلها " من يعمل سوءا يجز به " فقلت: يا رسول الله, وإن زنى وإن سرق, ثم استغفر ربه غفز له ؟ قال نعم. ثم قلت الثانية, قال نعم. قلت الثالثة, قال نعم وإن زنى وإن سرق ثم استغفر الله, غفر الله له على رغم أنف أبي الدرداء". قال: فرأيت أبا الدرداء يضرب أنف نفسه بأصبعه, هذا حديث غريب جداً من هذا الوجه بهذا السياق, وفي إسناده ضعف.
وقوله: "ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه" الاية, كقوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" الاية, يعني أنه لا يغني أحد عن أحد, وإنما على كل نفس ما عملت لا يحمل عنها غيرها, ولهذا قال تعالى: "وكان الله عليماً حكيماً" أي من علمه وحكمته, وعدله ورحمته كان ذلك, ثم قال: "ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً" الاية, يعني كما اتهم بنو أبيرق بصنيعهم القبيح ذلك الرجل الصالح وهو لبيد بن سهل كما تقدم في الحديث أو زيد بن السمين اليهودي على ما قاله الاخرون, وقد كان بريئاً وهم الظلمة الخونة, كما أطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم, ثم هذا التقريع وهذا التوبيخ عام فيهم وفي غيرهم ممن اتصف بصفتهم فارتكب مثل خطيئتهم, فعليه مثل عقوبتهم.
وقوله: "ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء" وقال الإمام ابن أبي حاتم: أنبأنا هاشم بن القاسم الحراني فيما كتب إلي, حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق, عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري, عن أبيه, عن جده قتادة بن النعمان, وذكر قصة بني أبيرق, فأنزل الله "لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء" يعني أسيد بن عروة وأصحابه, يعني بذلك لما أثنوا على بني أبيرق ولاموا قتادة بن النعمان في كونه اتهمهم وهم صلحاء برآء, ولم يكن الأمر كما أنهوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولهذا أنزل الله فصل القضية وجلاءها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم امتن عليه بتأييده إياه في جميع الأحوال, وعصمته له, وما أنزل عليه من الكتاب وهو القرآن والحكمة, وهي السنة " وعلمك ما لم تكن تعلم " أي قبل نزول ذلك عليك, كقوله: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب " إلى آخر السورة, وقال تعالى: "وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك" ولهذا قال: "وكان فضل الله عليك عظيماً".

الترجمة الإنجليزية

وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير110. Yet whoso doeth evil or wrongeth his own soul, then seeketh pardon of Allah, will find Allah Forgiving, Merciful.

الترجمة الفرنسية

وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا
التفسير110. Quiconque agit mal ou fait du tort à lui-même, puis aussitٍt implore d'Allah le pardon, trouvera Allah Pardonneur et Miséricordieux.

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (111)

ومن يعمد إلى ارتكاب ذنب فإنما يضر بذلك نفسه وحدها, وكان الله تعالى عليمًا بحقيقة أمر عباده, حكيمًا فيما يقضي به بين خلقه.

تفسير ابن كثير

وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير يخبر تعالى عن كرمه وجوده أن كل من تاب إليه, تاب عليه من أي ذنب كان. فقال تعالى: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس أنه قال في هذه الاية: أخبر الله عباده بعفوه وحلمه وكرمه, وسعة رحمته, ومغفرته فمن أذنب ذنباً صغيراً كان أو كبيراً "ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال, رواه ابن جرير, وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا محمد بن مثنى, حدثنا محمد بن أبي عدي, حدثنا شعبة عن عاصم عن أبي وائل, قال: قال عبد الله: كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنباً أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه, وإذا أصاب البول منه شيئاً قرضه بالمقراض فقال رجل: لقد آتى الله بني إسرائيل خيراً, فقال عبد الله رضي الله عنه: ما آتاكم الله خير مما آتاهم, جعل الماء لكم طهوراً, وقال تعالى: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم", وقال: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً", وقال أيضاً: حدثني يعقوب, حدثنا هشيم عن ابن عون, عن حبيب بن أبي ثابت, قال: جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل فسألته عن امرأة فجرت فحبلت, فلما ولدت قتلت ولدها, قال عبد الله بن مغفل: لها النار, فانصرفت وهي تبكي فدعاها ثم قال: ما أرى أمرك إلا أحد أمرين "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" قال: فمسحت عينها ثم مضت.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا شعبة عن عثمان بن المغيرة, قال: سمعت علي بن ربيعة من بني أسد يحدث عن أسماء أو ابن أسماء من بني فزارة, قال: قال علي رضي الله عنه: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه. وحدثني أبو بكر ـ وصدق أبو بكر ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يذنب ذنباً, ثم يتوضأ ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله لذلك الذنب, إلا غفر له" وقرأ هاتين الايتين "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم", الاية. وقد تكلمنا على هذا الحديث وعزيناه إلى من رواه من أصحاب السنن, وذكرنا ما في سنده من مقال في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه, وقد تقدم بعض ذلك في سورة آل عمران أيضاً.
وقد رواه ابن مردويه في تفسيره من وجه آخر عن علي فقال: حدثنا أحمد بن محمد بن زياد, حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحراني, حدثنا دواد بن مهران الدباغ حدثنا عمر بن يزيد عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي, قال: سمعت أبا بكر ـ هو الصديق ـ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد أذنب فقام فتوضأ فأحسن الوضوء, ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه, إلا كان حقاً على الله أن يغفر له" لأن الله يقول: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, ثم رواه من طريق أبان بن أبي عياش عن أبي إسحاق السبيعي, عن الحارث, عن علي, عن الصديق, بنحوه, وهذا إسناد لا يصح. وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن علي بن دحيم, حدثنا أحمد بن حازم, حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن تمام بن نجيح حدثني كعب بن ذهل الأزدي قال: سمعت أبا الدرداء يحدث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسنا حوله, وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع, ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما عليه, وأنه قام فترك نعليه, قال أبو الدرداء: فأخذ ركوة من ماء فاتبعته فمضى ساعة ثم رجع ولم يقض حاجته, فقال: "إنه أتاني آت من ربي فقال: إنه "من يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" فأردت أن أبشر أصحابي" .
"قال أبو الدرداء: وكانت قد شقت على الناس الاية التي قبلها " من يعمل سوءا يجز به " فقلت: يا رسول الله, وإن زنى وإن سرق, ثم استغفر ربه غفز له ؟ قال نعم. ثم قلت الثانية, قال نعم. قلت الثالثة, قال نعم وإن زنى وإن سرق ثم استغفر الله, غفر الله له على رغم أنف أبي الدرداء". قال: فرأيت أبا الدرداء يضرب أنف نفسه بأصبعه, هذا حديث غريب جداً من هذا الوجه بهذا السياق, وفي إسناده ضعف.
وقوله: "ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه" الاية, كقوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" الاية, يعني أنه لا يغني أحد عن أحد, وإنما على كل نفس ما عملت لا يحمل عنها غيرها, ولهذا قال تعالى: "وكان الله عليماً حكيماً" أي من علمه وحكمته, وعدله ورحمته كان ذلك, ثم قال: "ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً" الاية, يعني كما اتهم بنو أبيرق بصنيعهم القبيح ذلك الرجل الصالح وهو لبيد بن سهل كما تقدم في الحديث أو زيد بن السمين اليهودي على ما قاله الاخرون, وقد كان بريئاً وهم الظلمة الخونة, كما أطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم, ثم هذا التقريع وهذا التوبيخ عام فيهم وفي غيرهم ممن اتصف بصفتهم فارتكب مثل خطيئتهم, فعليه مثل عقوبتهم.
وقوله: "ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء" وقال الإمام ابن أبي حاتم: أنبأنا هاشم بن القاسم الحراني فيما كتب إلي, حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق, عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري, عن أبيه, عن جده قتادة بن النعمان, وذكر قصة بني أبيرق, فأنزل الله "لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء" يعني أسيد بن عروة وأصحابه, يعني بذلك لما أثنوا على بني أبيرق ولاموا قتادة بن النعمان في كونه اتهمهم وهم صلحاء برآء, ولم يكن الأمر كما أنهوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولهذا أنزل الله فصل القضية وجلاءها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم امتن عليه بتأييده إياه في جميع الأحوال, وعصمته له, وما أنزل عليه من الكتاب وهو القرآن والحكمة, وهي السنة " وعلمك ما لم تكن تعلم " أي قبل نزول ذلك عليك, كقوله: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب " إلى آخر السورة, وقال تعالى: "وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك" ولهذا قال: "وكان فضل الله عليك عظيماً".

الترجمة الإنجليزية

وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير111. Whoso committeth sin committeth it only against himself. Allah is ever Knower, Wise.

الترجمة الفرنسية

وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
التفسير111. Quiconque acquiert un péché, ne l'acquiert que contre lui- même. Et Allah est Omniscient et Sage.












_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:07 pm

:[qq[qowowoei:

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (112)

ومن يعمل خطيئة بغير عمد, أو يرتكب ذنبًا متعمدًا ثم يقذف بما ارتكبه نفسًا بريئة لا جناية لها, فقد تحمَّل كذبًا وذنبًا بيّنا.

تفسير ابن كثير

وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا
التفسير يخبر تعالى عن كرمه وجوده أن كل من تاب إليه, تاب عليه من أي ذنب كان. فقال تعالى: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس أنه قال في هذه الاية: أخبر الله عباده بعفوه وحلمه وكرمه, وسعة رحمته, ومغفرته فمن أذنب ذنباً صغيراً كان أو كبيراً "ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال, رواه ابن جرير, وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا محمد بن مثنى, حدثنا محمد بن أبي عدي, حدثنا شعبة عن عاصم عن أبي وائل, قال: قال عبد الله: كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنباً أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه, وإذا أصاب البول منه شيئاً قرضه بالمقراض فقال رجل: لقد آتى الله بني إسرائيل خيراً, فقال عبد الله رضي الله عنه: ما آتاكم الله خير مما آتاهم, جعل الماء لكم طهوراً, وقال تعالى: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم", وقال: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً", وقال أيضاً: حدثني يعقوب, حدثنا هشيم عن ابن عون, عن حبيب بن أبي ثابت, قال: جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل فسألته عن امرأة فجرت فحبلت, فلما ولدت قتلت ولدها, قال عبد الله بن مغفل: لها النار, فانصرفت وهي تبكي فدعاها ثم قال: ما أرى أمرك إلا أحد أمرين "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" قال: فمسحت عينها ثم مضت.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا شعبة عن عثمان بن المغيرة, قال: سمعت علي بن ربيعة من بني أسد يحدث عن أسماء أو ابن أسماء من بني فزارة, قال: قال علي رضي الله عنه: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه. وحدثني أبو بكر ـ وصدق أبو بكر ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يذنب ذنباً, ثم يتوضأ ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله لذلك الذنب, إلا غفر له" وقرأ هاتين الايتين "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم", الاية. وقد تكلمنا على هذا الحديث وعزيناه إلى من رواه من أصحاب السنن, وذكرنا ما في سنده من مقال في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه, وقد تقدم بعض ذلك في سورة آل عمران أيضاً.
وقد رواه ابن مردويه في تفسيره من وجه آخر عن علي فقال: حدثنا أحمد بن محمد بن زياد, حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحراني, حدثنا دواد بن مهران الدباغ حدثنا عمر بن يزيد عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي, قال: سمعت أبا بكر ـ هو الصديق ـ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد أذنب فقام فتوضأ فأحسن الوضوء, ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه, إلا كان حقاً على الله أن يغفر له" لأن الله يقول: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, ثم رواه من طريق أبان بن أبي عياش عن أبي إسحاق السبيعي, عن الحارث, عن علي, عن الصديق, بنحوه, وهذا إسناد لا يصح. وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن علي بن دحيم, حدثنا أحمد بن حازم, حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن تمام بن نجيح حدثني كعب بن ذهل الأزدي قال: سمعت أبا الدرداء يحدث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسنا حوله, وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع, ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما عليه, وأنه قام فترك نعليه, قال أبو الدرداء: فأخذ ركوة من ماء فاتبعته فمضى ساعة ثم رجع ولم يقض حاجته, فقال: "إنه أتاني آت من ربي فقال: إنه "من يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" فأردت أن أبشر أصحابي" .
"قال أبو الدرداء: وكانت قد شقت على الناس الاية التي قبلها " من يعمل سوءا يجز به " فقلت: يا رسول الله, وإن زنى وإن سرق, ثم استغفر ربه غفز له ؟ قال نعم. ثم قلت الثانية, قال نعم. قلت الثالثة, قال نعم وإن زنى وإن سرق ثم استغفر الله, غفر الله له على رغم أنف أبي الدرداء". قال: فرأيت أبا الدرداء يضرب أنف نفسه بأصبعه, هذا حديث غريب جداً من هذا الوجه بهذا السياق, وفي إسناده ضعف.
وقوله: "ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه" الاية, كقوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" الاية, يعني أنه لا يغني أحد عن أحد, وإنما على كل نفس ما عملت لا يحمل عنها غيرها, ولهذا قال تعالى: "وكان الله عليماً حكيماً" أي من علمه وحكمته, وعدله ورحمته كان ذلك, ثم قال: "ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً" الاية, يعني كما اتهم بنو أبيرق بصنيعهم القبيح ذلك الرجل الصالح وهو لبيد بن سهل كما تقدم في الحديث أو زيد بن السمين اليهودي على ما قاله الاخرون, وقد كان بريئاً وهم الظلمة الخونة, كما أطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم, ثم هذا التقريع وهذا التوبيخ عام فيهم وفي غيرهم ممن اتصف بصفتهم فارتكب مثل خطيئتهم, فعليه مثل عقوبتهم.
وقوله: "ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء" وقال الإمام ابن أبي حاتم: أنبأنا هاشم بن القاسم الحراني فيما كتب إلي, حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق, عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري, عن أبيه, عن جده قتادة بن النعمان, وذكر قصة بني أبيرق, فأنزل الله "لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء" يعني أسيد بن عروة وأصحابه, يعني بذلك لما أثنوا على بني أبيرق ولاموا قتادة بن النعمان في كونه اتهمهم وهم صلحاء برآء, ولم يكن الأمر كما أنهوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولهذا أنزل الله فصل القضية وجلاءها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم امتن عليه بتأييده إياه في جميع الأحوال, وعصمته له, وما أنزل عليه من الكتاب وهو القرآن والحكمة, وهي السنة " وعلمك ما لم تكن تعلم " أي قبل نزول ذلك عليك, كقوله: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب " إلى آخر السورة, وقال تعالى: "وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك" ولهذا قال: "وكان فضل الله عليك عظيماً".

الترجمة الإنجليزية

وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا
التفسير112. And whoso committeth a delinquency or crime, then throweth (the blame) thereof upon the innocent, hath burdened himself with falsehood and a flagrant crime.

الترجمة الفرنسية

وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا
التفسير112. Et quiconque acquiert une faute ou un péché puis en accuse un innocent, se rend coupable alors d'une injustice et d'un péché manifeste.


بسم الله الرحمن الرحيم

وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (113)

ولولا أن الله تعالى قد مَنَّ عليك -أيها الرسول- ورحمك بنعمة النبوة, فعصمك بتوفيقه بما أوحى إليك, لعزمت جماعة من الذين يخونون أنفسهم أن يُزِلُّوكَ عن طريق الحق, وما يُزِلُّونَ بذلك إلا أنفسهم, وما يقدرون على إيذائك لعصمة الله لك, وأنزل الله عليك القرآن والسنة المبينة له, وهداك إلى علم ما لم تكن تعلمه مِن قبل, وكان ما خصَّك الله به من فضلٍ أمرًا عظيمًا.


تفسير ابن كثير

وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا
التفسير يخبر تعالى عن كرمه وجوده أن كل من تاب إليه, تاب عليه من أي ذنب كان. فقال تعالى: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس أنه قال في هذه الاية: أخبر الله عباده بعفوه وحلمه وكرمه, وسعة رحمته, ومغفرته فمن أذنب ذنباً صغيراً كان أو كبيراً "ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال, رواه ابن جرير, وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا محمد بن مثنى, حدثنا محمد بن أبي عدي, حدثنا شعبة عن عاصم عن أبي وائل, قال: قال عبد الله: كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنباً أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه, وإذا أصاب البول منه شيئاً قرضه بالمقراض فقال رجل: لقد آتى الله بني إسرائيل خيراً, فقال عبد الله رضي الله عنه: ما آتاكم الله خير مما آتاهم, جعل الماء لكم طهوراً, وقال تعالى: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم", وقال: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً", وقال أيضاً: حدثني يعقوب, حدثنا هشيم عن ابن عون, عن حبيب بن أبي ثابت, قال: جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل فسألته عن امرأة فجرت فحبلت, فلما ولدت قتلت ولدها, قال عبد الله بن مغفل: لها النار, فانصرفت وهي تبكي فدعاها ثم قال: ما أرى أمرك إلا أحد أمرين "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" قال: فمسحت عينها ثم مضت.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا شعبة عن عثمان بن المغيرة, قال: سمعت علي بن ربيعة من بني أسد يحدث عن أسماء أو ابن أسماء من بني فزارة, قال: قال علي رضي الله عنه: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه. وحدثني أبو بكر ـ وصدق أبو بكر ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يذنب ذنباً, ثم يتوضأ ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله لذلك الذنب, إلا غفر له" وقرأ هاتين الايتين "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم", الاية. وقد تكلمنا على هذا الحديث وعزيناه إلى من رواه من أصحاب السنن, وذكرنا ما في سنده من مقال في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه, وقد تقدم بعض ذلك في سورة آل عمران أيضاً.
وقد رواه ابن مردويه في تفسيره من وجه آخر عن علي فقال: حدثنا أحمد بن محمد بن زياد, حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحراني, حدثنا دواد بن مهران الدباغ حدثنا عمر بن يزيد عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي, قال: سمعت أبا بكر ـ هو الصديق ـ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد أذنب فقام فتوضأ فأحسن الوضوء, ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه, إلا كان حقاً على الله أن يغفر له" لأن الله يقول: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, ثم رواه من طريق أبان بن أبي عياش عن أبي إسحاق السبيعي, عن الحارث, عن علي, عن الصديق, بنحوه, وهذا إسناد لا يصح. وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن علي بن دحيم, حدثنا أحمد بن حازم, حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن تمام بن نجيح حدثني كعب بن ذهل الأزدي قال: سمعت أبا الدرداء يحدث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسنا حوله, وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع, ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما عليه, وأنه قام فترك نعليه, قال أبو الدرداء: فأخذ ركوة من ماء فاتبعته فمضى ساعة ثم رجع ولم يقض حاجته, فقال: "إنه أتاني آت من ربي فقال: إنه "من يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" فأردت أن أبشر أصحابي" .
"قال أبو الدرداء: وكانت قد شقت على الناس الاية التي قبلها " من يعمل سوءا يجز به " فقلت: يا رسول الله, وإن زنى وإن سرق, ثم استغفر ربه غفز له ؟ قال نعم. ثم قلت الثانية, قال نعم. قلت الثالثة, قال نعم وإن زنى وإن سرق ثم استغفر الله, غفر الله له على رغم أنف أبي الدرداء". قال: فرأيت أبا الدرداء يضرب أنف نفسه بأصبعه, هذا حديث غريب جداً من هذا الوجه بهذا السياق, وفي إسناده ضعف.
وقوله: "ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه" الاية, كقوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" الاية, يعني أنه لا يغني أحد عن أحد, وإنما على كل نفس ما عملت لا يحمل عنها غيرها, ولهذا قال تعالى: "وكان الله عليماً حكيماً" أي من علمه وحكمته, وعدله ورحمته كان ذلك, ثم قال: "ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً" الاية, يعني كما اتهم بنو أبيرق بصنيعهم القبيح ذلك الرجل الصالح وهو لبيد بن سهل كما تقدم في الحديث أو زيد بن السمين اليهودي على ما قاله الاخرون, وقد كان بريئاً وهم الظلمة الخونة, كما أطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم, ثم هذا التقريع وهذا التوبيخ عام فيهم وفي غيرهم ممن اتصف بصفتهم فارتكب مثل خطيئتهم, فعليه مثل عقوبتهم.
وقوله: "ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء" وقال الإمام ابن أبي حاتم: أنبأنا هاشم بن القاسم الحراني فيما كتب إلي, حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق, عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري, عن أبيه, عن جده قتادة بن النعمان, وذكر قصة بني أبيرق, فأنزل الله "لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء" يعني أسيد بن عروة وأصحابه, يعني بذلك لما أثنوا على بني أبيرق ولاموا قتادة بن النعمان في كونه اتهمهم وهم صلحاء برآء, ولم يكن الأمر كما أنهوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولهذا أنزل الله فصل القضية وجلاءها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم امتن عليه بتأييده إياه في جميع الأحوال, وعصمته له, وما أنزل عليه من الكتاب وهو القرآن والحكمة, وهي السنة " وعلمك ما لم تكن تعلم " أي قبل نزول ذلك عليك, كقوله: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب " إلى آخر السورة, وقال تعالى: "وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك" ولهذا قال: "وكان فضل الله عليك عظيماً".

الترجمة الإنجليزية

وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا
التفسير113. But for the grace of Allah upon thee (Muhammad), and His mercy, a party of them had resolved to mislead thee, but they will mislead only themselves and they will hurt thee not at all. Allah revealeth unto thee the ******ure and wisdom, and teacheth thee that which thou knewest not. The grace of Allah toward thee hath been infinite.

الترجمة الفرنسية

وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا
التفسير113. Et n'eût été la grâce d'Allah sur toi (Muhammad) et Sa miséricorde, une partie d'entre eux t'aurait bien volontiers égaré. Mais ils n'égarent qu'eux-mêmes, et ne peuvent en rien te nuire. Allah a fait descendre sur toi le Livre et la Sagesse, et t'a enseigné ce que tu ne savais pas. Et la grâce d'Allah sur toi est immense.







_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
نبيلة محمود خليل
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
مديرة موقع الرحمة والمغفرة
نبيلة محمود خليل


عين تدمع
الدولة : مصر
انثى عدد المساهمات : 17810
نقاط : 28623
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمل/الترفيه : مديرة موقع الرحمة والمغفرة
المزاج : الحمد الله
تعاليق : اللهم اجعلنا ممن يدعون الجنة من أبوابها كلها

المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)   المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2) - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:09 pm

:[qq[qowowoei:

بسم الله الرحمن الرحيم

لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (114)

لا نفع في كثير من كلام الناس سرّاً فيما بينهم, إلا إذا كان حديثًا داعيًا إلى بذل المعروف من الصدقة, أو الكلمة الطيبة, أو التوفيق بين الناس, ومن يفعل تلك الأمور طلبًا لرضا الله تعالى راجيًا ثوابه, فسوف نؤتيه ثوابًا جزيلا واسعًا.

تفسير ابن كثير

لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
التفسير يقول تعالى: "لا خير في كثير من نجواهم" يعني كلام الناس "إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس" أي إلا نجوى من قال ذلك, كما جاء في الحديث الذي رواه ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم, حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث, حدثنا محمد بن يزيد بن حنيس, قال: دخلنا على سفيان الثوري نعوده, فدخل علينا سعيد بن حسان المخزومي , فقال له سفيان الثوري: الحديث الذي كنت حدثتنيه عن أم صالح, ردده علي, فقال: حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ذكر الله عز وجل, أو أمر بمعروف, أو نهي عن منكر" فقال سفيان: أو ما سمعت الله في كتابه يقول: " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " ؟ فهو هذا بعينه, أو ما سمعت الله يقول: "يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا" فهو هذا بعينه, أو ما سمعت الله يقول في كتابه: " والعصر * إن الإنسان لفي خسر " الخ ؟ فهو هذا بعينه, وقد روى هذا الحديث الترمذي وابن ماجه من حديث محمد بن يزيد بن خنيس عن سعيد بن حسان به, ولم يذكر أقوال الثوري إلى آخرها, ثم قال الترمذي: حديث غريب, لا يعرف إلا من حديث ابن خنيس.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب, حدثنا أبي, حدثنا صالح بن كيسان, حدثنا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبره أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً, أو يقول خيراً", وقالت لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث: في الحرب والإصلاح بين الناس, وحديث الرجل امرأته, وحديث المرأة زوجها, قال: وكانت أم كلثوم بنت عقبة من المهاجرات اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد رواه الجماعة سوى ابن ماجه من طرق عن الزهري به نحوه. قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش, عن عمرو بن مرة, عن سالم بن أبي الجعد, عن أم الدرداء, عن أبي الدرداء, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام, والصلاة, والصدقة ؟" قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "إصلاح ذات البين", قال: "وفساد ذات البين هي الحالقة". ورواه أبو داود والترمذي من حديث أبي معاوية, وقال الترمذي: حسن صحيح. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن عبد الرحيم, حدثنا سريج بن يونس, حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر حدثنا أبي عن حميد, عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب "ألا أدلك على تجارة ؟" قال: بلى يا رسول الله. قال "تسعى في إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا, وتقارب بينهم إذا تباعدوا" ثم قال البزار وعبد الرحمن بن عبد الله العمري: لين, وقد حدث بأحاديث لم يتابع عليها, ولهذا قال: " ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله " أي مخلصاً في ذلك محتسباً ثواب ذلك عند الله عز وجل, "فسوف نؤتيه أجراً عظيماً" أي ثواباً جزيلاً كثيراً واسعاً.
وقوله: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى" أي ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم, فصار في شق, والشرع في شق, وذلك عن عمد منه بعد ما ظهر له الحق وتبين له واتضح له.
وقوله: "ويتبع غير سبيل المؤمنين" هذا ملازم للصفة الأولى, ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع, وقد تكون لما اجتمعت عليه الأمة المحمدية فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقاً, فإنه قد ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ تشريفاً لهم وتعظيماً لنبيهم, وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة في ذلك, قد ذكرنا منها طرفاً صالحاً في كتاب أحاديث الأصول, ومن العلماء من ادعى تواتر معناها, والذي عول عليه الشافعي رحمه الله في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته هذه الاية الكريمة بعد التروي والفكر الطويل, وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها, وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدلالة منها على ذلك, ولهذا توعد تعالى على ذلك بقوله: "نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً" أي إذا سلك هذه الطريق جازيناه على ذلك بأن نحسنها في صدره ونزينها له استدراجاً له, كما قال تعالى: "فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون", وقال تعالى: "فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم", وقوله: "ونذرهم في طغيانهم يعمهون" وجعل النار مصيره في الاخرة, لأن من خرج عن الهدى لم يكن له طريق إلا إلى النار يوم القيامة, كما قال تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" الاية, وقال تعالى: "ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً".

الترجمة الإنجليزية

لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
التفسير114. There is no good in much of their secret conferences save (in) him who enjoineth alms giving and kindness and peace making among the people. Whoso doeth that, seeking the good pleasure of Allah, We shall bestow on him a vast reward.

الترجمة الفرنسية

لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
التفسير114. Il n'y a rien de bon dans la plus grande partie de leurs conversations secrètes, sauf si l'un d'eux ordonne une charité, une bonne action, ou une conciliation entre les gens. Et quiconque le fait, cherchant l'agrément d'Allah, à celui-là Nous donnerons bientٍt une récompense énorme.

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (115)

ومن يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم من بعد ما ظهر له الحق, ويسلك طريقًا غير طريق المؤمنين, وما هم عليه من الحق, نتركه وما توجَّه إليه, فلا نوفقه للخير, وندخله نار جهنم يقاسي حرَّها, وبئس هذا المرجع والمآل.


تفسير ابن كثير

وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ
مَصِيرًا
التفسير يقول تعالى: "لا خير في كثير من نجواهم" يعني كلام الناس "إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس" أي إلا نجوى من قال ذلك, كما جاء في الحديث الذي رواه ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم, حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث, حدثنا محمد بن يزيد بن حنيس, قال: دخلنا على سفيان الثوري نعوده, فدخل علينا سعيد بن حسان المخزومي , فقال له سفيان الثوري: الحديث الذي كنت حدثتنيه عن أم صالح, ردده علي, فقال: حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ذكر الله عز وجل, أو أمر بمعروف, أو نهي عن منكر" فقال سفيان: أو ما سمعت الله في كتابه يقول: " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " ؟ فهو هذا بعينه, أو ما سمعت الله يقول: "يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا" فهو هذا بعينه, أو ما سمعت الله يقول في كتابه: " والعصر * إن الإنسان لفي خسر " الخ ؟ فهو هذا بعينه, وقد روى هذا الحديث الترمذي وابن ماجه من حديث محمد بن يزيد بن خنيس عن سعيد بن حسان به, ولم يذكر أقوال الثوري إلى آخرها, ثم قال الترمذي: حديث غريب, لا يعرف إلا من حديث ابن خنيس.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب, حدثنا أبي, حدثنا صالح بن كيسان, حدثنا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبره أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً, أو يقول خيراً", وقالت لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث: في الحرب والإصلاح بين الناس, وحديث الرجل امرأته, وحديث المرأة زوجها, قال: وكانت أم كلثوم بنت عقبة من المهاجرات اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد رواه الجماعة سوى ابن ماجه من طرق عن الزهري به نحوه. قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش, عن عمرو بن مرة, عن سالم بن أبي الجعد, عن أم الدرداء, عن أبي الدرداء, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام, والصلاة, والصدقة ؟" قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "إصلاح ذات البين", قال: "وفساد ذات البين هي الحالقة". ورواه أبو داود والترمذي من حديث أبي معاوية, وقال الترمذي: حسن صحيح. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن عبد الرحيم, حدثنا سريج بن يونس, حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر حدثنا أبي عن حميد, عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب "ألا أدلك على تجارة ؟" قال: بلى يا رسول الله. قال "تسعى في إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا, وتقارب بينهم إذا تباعدوا" ثم قال البزار وعبد الرحمن بن عبد الله العمري: لين, وقد حدث بأحاديث لم يتابع عليها, ولهذا قال: " ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله " أي مخلصاً في ذلك محتسباً ثواب ذلك عند الله عز وجل, "فسوف نؤتيه أجراً عظيماً" أي ثواباً جزيلاً كثيراً واسعاً.
وقوله: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى" أي ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم, فصار في شق, والشرع في شق, وذلك عن عمد منه بعد ما ظهر له الحق وتبين له واتضح له.
وقوله: "ويتبع غير سبيل المؤمنين" هذا ملازم للصفة الأولى, ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع, وقد تكون لما اجتمعت عليه الأمة المحمدية فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقاً, فإنه قد ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ تشريفاً لهم وتعظيماً لنبيهم, وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة في ذلك, قد ذكرنا منها طرفاً صالحاً في كتاب أحاديث الأصول, ومن العلماء من ادعى تواتر معناها, والذي عول عليه الشافعي رحمه الله في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته هذه الاية الكريمة بعد التروي والفكر الطويل, وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها, وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدلالة منها على ذلك, ولهذا توعد تعالى على ذلك بقوله: "نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً" أي إذا سلك هذه الطريق جازيناه على ذلك بأن نحسنها في صدره ونزينها له استدراجاً له, كما قال تعالى: "فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون", وقال تعالى: "فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم", وقوله: "ونذرهم في طغيانهم يعمهون" وجعل النار مصيره في الاخرة, لأن من خرج عن الهدى لم يكن له طريق إلا إلى النار يوم القيامة, كما قال تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" الاية, وقال تعالى: "ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً".

الترجمة الإنجليزية

وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ
مَصِيرًا
التفسير115. And whoso opposeth the messenger after the guidance (of Allah) hath been manifested unto him, and followeth other than the believer's way, We appoint for him that unto which he himself hath turned, and expose him unto hell a hapless journey's end!

الترجمة الفرنسية

وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ
مَصِيرًا
التفسير115. Et quiconque fait scission d'avec le Messager, après que le droit chemin lui est apparu et suit un sentier autre que celui des croyants, alors Nous le laisserons comme il s'est détourné, et le brûlerons dans l'Enfer. Et quelle mauvaise destination!







_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almaghfera.ahlamontada.com
 
المصحف الميسر وتفسير ابن كثير مع الترجمة (2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 3انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا
» 33 حلقه من الفقه الميسر بمساحه صغيره
» كثير منا يتعرض لمشكلات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
~ منتديات الرحمة والمغفرة ~ :: منتدى مكتبة الرحمة والمغفرة :: قسم للمواضيع الكبيرة-
انتقل الى: