خطبة عيد الأضحى 1434 هـــ

الموضوع / خطبة عيد الأضحى

التاريخ :10/ ذى الحجة /1434 هـ /// 15 / أكتوبر / 2013م

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ، الله أكبر

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلاً، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

الله أكبر كلما أحرم الحجاج من الميقات ، الله أكبر كلما لبى الملبون وزيد في الحسنات،

الحمد لله على ما منَّ به علينا من مواسم الخيرات وما تفضل به من جزيل العطايا والهبات،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مسبغ النعم ودافع النقم وفارج الكربات،

وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، أكمل الخلق وأفضل البريات صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان ما دامت الأرض والسماوات.

أما بعد
عباد الله
كلما هل علينا هلال ذى الحجة وهلت مواقيت الحج بالرحمة واستقبلنا الهدية من مولانا العظيم جل شأنه
فها نحن وقد بلغنا الله هذا اليوم يوم العيد هذا اليوم الذى ندعو الله تعالى أن يمنحنا فيه ما مَنَّ به علينا
من وعدٍ وأن ينقذنا من الوعيد
فسبحان من أنزل فى كتابه التبيان على خير إنسان
{ إنا كل شىء خلقناه بقدر }
فلو نظرنا لعيد الفطر المبارك لوجدناه تالياً لفريضة من فرائض الإسلام ألا وهى فريضة الصيام
وكذا الأمر فى عيد الأضحى المبارك فهو تالياً لفريضة من فرائض الإسلام ألا وهى فريضة الحج
فكأن الله سبحانه وتعالى يمن عليك أيها العبد ويقول لك ها أنا بعزتى وجلالى أروح عنك من بعد المشقة
التى عانيتها من آداء الفريضة
فيروح عنك بالعيد الذى به تكون مسرورَ النفس وسعيد
وفى هذه الأيام ونجد الحجيج أتوا إلى بيت الله الحرام من كل فج عميق يرجون رحمة الله ورضاه
فهم يطوفون بالبيت العتيق ويؤدون المشاعر على حسب ما افترضها مولانا العظيم عليهم
ولكن كرم الله علينا ألا يحرمنا من مثل أجرهم
فعلى من لم تستطع الوقوف بعرفة-أن يقف عند حدود الله الذى عرفه
وعلى من لم يستطع المبيت بمزدلفة-فليبت على طاعة الله ليقربه ويزلفه
وعلى من لم يقدر على ذبح هديه بمنى–فليذبح هواه كى يبلغ المنى
وعلى من لم يستطع الوصول للبيت لأنه منه بعيد-فعليه أن يقصد رب البيت فإنه أقرب إليه من حبل الوريد
حجاج بيت الله يهدون وأما المقيمون فَيَفْدون
والهدى تقرب والفداء جزاء فعلام كان الجزاء
يقول مولانا العظيم جل شأنه
{ وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين ربى هب لى من الصالحين فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعى قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه فى الآخرين سلام على إبراهيم }
فإن سيدنا الخليل إبراهيم عليه السلام – يدعو مولاه العظيم جل شأنه أن يهب له ذرية صالحة فتأتيه البشارة من رب العالمين بغلام حليم فإذا اشتد عود هذا الحليم وبلغ مسعى الفتيان أتى الأمر من الواحد الديان الذى لا تأخذه سنة ولا نوم ولا نسيان بالأمر بذبح إسماعيل عليه السلام
قيل لأن إبراهيم عليه السلام – قرب لله سبحانه وتعالى ألف شاة وثلاثمائة بقرة ومائة بدنة فى سبيل الله تعالى
فتعجب الناس والملائكة من هذا الصنيع
فقال إبراهيم عليه السلام – كل هذا ليس بشىء عندى ، والله لو كان لى ابن لأذبحنه فى سبيل الله ، وأتقرب به إلى الله تعالى - ومضى على هذا كثير ونسى الخليل ما قال
ولكن من لا تأخذه سنة ولا نوم لم ينس
فلما بلغ معه السعى – أى لما قدر على أن يسعى فى الأرض رأى خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام فى منامه
أن أوفِ بنذرك
يقول ابن عباس – رضى الله تعالى عنهما – لما كانت ليلة التروية ونام ، رأى فى المنام من يقول يا إبراهيم أوف بنذرك ، فلما أصبح أخذ يتروى – أى يتفكر أهو من الله أم من الشيطان ؟ فلذا سمى يوم التروية ، فلما أمسى رأى ثانيا فى المنام ، فلما أصبح عرف أنه من الله ، ولذا سمى هذا اليوم بيوم عرفة ، ثم رأى فى الليلة الثالثة مثله ، فهم بنحره , ولذا سمى يوم النحر
فلما أراد أن يذهب بإسماعيل عليه السلام إلى النحر ، قال إبراهيم عليه السلام لهاجرعليها السلام
ألبسى ولدك أحسن ثيابه فإنى ذاهب به إلى ضيافة فألبسته أمه ودهنته ورجلت شعر رأسه ،
فحمل الخليل عليه السلام حبلاً وسكيناً ، وذهب معه إلى جانب منى ، ولم يكن إبليس لعنه الله لديه مهمةً
أكثر من هذه المهمة التى أكثر فيها الترداد .
فكان إسماعيل - عليه السلام – يعدو أمام أبيه ، فجاء إبليس لعنه الله – يقول لخليل الرحمن ألا ترى اعتدال قامته وحسن صورته ولطافة سيرته ؟ فقال نعم : ولكنى أمرت بذلك ، فلما أيس منه جاء إلى هاجر وقال لعنه الله - كيف تقعدين وذهب إبراهيم بابنكِ ليذبحه ؟ قالت لا تكذب هل رأيت أحداً يذبح ابنه ؟ فقال عليه لعنة الله –
لأجل ذلك أخذ الحبل والسكين فإنه يزعم أن الله أمره بذلك ، فقالت عليها السلام – النبى لا يؤمربباطل وأنا أفدى لأمره روحى ، فكيف بولدى ، فلما أيس من هاجر عليها السلام – أتى إلى إسماعيل عليه السلام
وقال له – إنك تفرح وتمرح ومع أبيك حبلٌ وسكينٌ يريد ذبحك زاعماً أن الله أمره بذلك . فما كان رد إسماعيل عليه السلام إلا أن قال سمعاً وطاعةً لأمر ربى ، فأراد إبليس عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين أن يلقى كلاما آخر على سمع سيدنا إسماعيل عليه السلام – فأخذ إسماعيل عليه السلام – حجراً من الأرض فرماه به ففقأ عينه اليسرى فذهب عليه لعنة الله خائباً خاسراً ومنها أوجب الله علينا رمى الحجارة فى ذلك الموضع طرداً للشيطان – واقتداء بنبى الله وابن خليل الرحمن عليهما السلام
فلما بلغ منى قال خليل الرحمن عليه السلام
{ يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى } خليل الرحمن ينظر رد فعل الابن الوحيد
هل تصبر لأمر الله أم تسألِ الله العفو
فكان رد سيدنا إسماعيل عليه السلام – { قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين }
لأنه بالصبر تبلغ أعلى درجات والولاية وهنا علم إبراهيم أن الله تعالى استجاب دعاءه حين قال
{ رب هب لى من الصالحين } فحمد الله كثيراً فقال الذبيح إسماعيل عليه السلام موصياً لأبيه
يا أبتِ اربط يدى كيلا أضطرب فأوذيك ، وأن تجعل وجهى على الأرض كيلا تنظر إلى وجهى فترحمنى ،
واكفف عنى ثيابك كيلا يتلطخ عليها شىء من دمى فينقص أجرى وتراه أمى فتحزن ، واحدد شفرتك وأسرع إمرارها على حلقى ليكون أهون فإن الموت شديد ، وأن تذهب بقميصى إلى أمى تذكرة لها منى وسلم عليها وقل لها اصبرى على أمر الله ، ولا تخبرها كيف ذبحتنى وكيف ربطت يدى , ولا تدخل االصبيان على أمى كيلا يتجدد حزنها على ، وإذا رأيت غلاماً مثلى فلا تنظر إليه حتى لا تجزع ولا تحزن , فقال إبراهيم عليه السلام : نعم العون أنت ياولدى على أمر الله تعالى {{ فلما أسلما }} واستسلما وانقادا إليه لأمرالله تعالى
{{ وتله للجبين }} وصرعه على شقه للذبح ووضع السكين على حلق ولده فمررها بشدةٍ وقوةٍ ولكن السكين لم ثؤثر فى الذبيح عليه السلام - قط وقد كشف الله الغطاء عن أعين الملائكة فى السماوات والأراضين فلما رأوا ما رأوا من أمر الخليل والذبيح خروا لله ساجدين
فقال مولانا العظيم جل شأنه : انظروا إلى عبدى كيف يمرر السكين على حلق ولده وفلذة كبده لأجل رضائى
وأنتم قلتم حين قلت { إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك }
فإذا بالذبيح إسماعيل عليه السلام – يقول : يا أبتِ احلل وثاقى لم يا إسماعيل ؟ فإنى لا أحب أن يرانى ربى مكرها فيما أمر به بل ضع السكين على عنقى ليعلم الملائكة أن ابن الخليل مطيع لله ولأمره بالاختيار فمد يديه ورجليه ووضع وجهه إلى الأرض فأمر الخليل عليه السلام – السكين بكل قوته فانقلب السكين ولم يقطع بإذن الله تعالى . فقال الذبيح إسماعيل عليه السلام : يا أبتِ أضعفت قوتك بحبك لى اضرب يا أبتِ ولا تجزع
فإذا بالخليل عليه السلام – يضرب بالسكين الحجر فينفلق الحجر نصفين فيتعجب خليل الرحمن ويقول لها ما لك لا تذبحين أتقطعين الحجر ولا تقربين البشر فينطق السكين بقدرة من خلق البشر وفلق الحجر
يا إبراهيم أنت تقول اقطعى ورب العالمين يقول لا تقطعى
يا إبراهيم أأمتثل أمرك أم أمتثل أمر الله – يا إبراهيم أتعجب من أمر الله ألست أنت من جعل الله لك النار برداً وسلاما ألم يأمر الله الناربقوله { يا نار كونى برداً وسلاماً على إبراهيم }
فكيف للنار أن تحرق بدنا فى صلبه النور المحمدى وكذا كيف للسكين أن يذبح بدناً فى صلبه النور المحمدى

نورك الكل والورى أجزاء *** يا نبيا من جنده الأنبياء

الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

ادعو ربكم يغفرلكم
****
الخطبة الثانية

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر خلق الخلق وأبدع الكائنات، الله أكبر شرع الدين وأحكم التشريعات، الله أكبر كلما ارتفعت بطلب رحمته الأصوات، الله أكبر كلما سكب الحجيج العبرات.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الحمد لله، يمنّ على من يشاء من عباده بالقبول والتوفيق، أحمده تبارك وتعالى وأشكره على أن منّ علينا بحلول عيد الأضحى وقرب أيام التشريق،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدانا لأكمل شريعة وأقوم طريق،

وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله ذو النسب الشريف العريق، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الفضل والتصديق، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما توافد الحجيج من كل فج عميق، آمِّين البيت العتيق، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
عباد الله

كيف للنار أن تمس بدناً فى صلبه النور المحمدى ؟– وكيف للسكين أن يذبح بدناً فى صلبه النور المحمدى ؟
وهنا يأتى النداء الإلهى
{ يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين }
البلاء الواضح الظاهر الذى لا يستطيع أن ينكره جاحد
وفديناه أى خلصناه من الذبح بذبح عظيم من الجنة وقيل هو الكبش الذى قربه هابيل وقبل منه وكان فى الجنة حياً لهذا اليوم المشهود الذى شهدته ملائكة السماوات والأراضين بإذن رب العالمين وما زال وسيزال مشهوداً إلى يوم الدين
فبهذه السنة الخليلية صرنا نفدى فى مثل هذا اليوم من كل عام نفدى أرواحنا بذبح فانظر يا من تتقرب إلى الله بأى شىء تختار أن يكون فداء روحك فى أعظم الأيام عند الله كما روى عنه صلى الله عليه وآله وسلم

وروى أن داود عليه السلام – قال : يارب ما ثواب المضحى من أمة محمدٍ – صلى الله عليه وآله وسلم
قال الله عز وجل : ثوابه أن يعطى بكل شعرة منها عشر حسنات ، ويمحى عنه عشر سيئات ، ويرفع له عشر درجات .

فلما جاء – جبريل عليه السلام – بالكبش من جنة الملك العلام – وهو ينظر إلى إبراهيم وهو يمرر السكين على حلق ولده إسماعيل
فقال جبريل عليه السلام – الله أكبر الله أكبر – فقال خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام لا إله إلا الله والله أكبر
فقال إسماعيل عليه السلام - الله أكبر ولله الحمد .
وعلى هذا صارت هذه الكلمات فى موسم الحج

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله

الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

اللهم اغفر ذنوبنا – ويسر أمورنا – واقبل محسننا – واغفر واعفو اللهم عن مسيئنا

اللهم تقبلنا فى أيام بركاتك ونفحاتك – واجعلنا فيها من المغتنمين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

كل عام أنتم بخير

_________________
<br>

جزاكِ الله خير الجزاء

_________________

_________________

اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا

وجزاكم عنا خيرا

_________________
<br>

جزاكِ الله خير الجزاء

أإسـ عٍ ـد الله أإأوٍقـآتَكُـم بكُـل خَ ـيرٍ
دآإئمـاَ تَـبهَـرٍوٍنآآ بَمَ ـوٍآضيعكـ
لك كل الشكر

» العدد الخامس من مجلة صوت الدعاة الخميس 4 شعبان 1434 هــ
» عيد الأضحى المبارك على الأبواب
» اخر خطبة لرسول الله قبل وفاته