بيان في فضل التوبة
والأحاديث في ذلك كثيرة . أخرج أبو مسلم : ( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها ) . ( ص 210 )
والترمذي وصححه : ( إن من قبل المغرب لباباً مسيرة عرضه أربعون عاماً ، أو سبعون سنة فتحه الله عز وجل للتوبة ، يوم خلق السموات والأرض ، فلا يغلقه حتى تطلع الشمس منه ) .
والطبراني بسند جيد : ( للجنة ثمانية أبواب : سبعة مغلقة ، وباب مفتوح للتوبة ، حتى تطلع الشمس من نحوه ) .
وابن ماجه بسند جيد : ( لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم الله عليكم ) .
والحاكم صححه : ( من سعادة المرء أن يطول عمره ويرزقه الله الإنابة ) .
والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه : ( كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون ) .
قال المنذري : قوله : ( فليعمل ما شاء ) معناه – والله أعلم - : أنه مادام كلما أذنب ذنباً استغفر وتاب منه ولم يعد إليه بدليل قوله : ثم أصاب ذنباً آخر فليعمل إذا كان هذا دأبه ما شاء ، لأنه كلما أذنب كانت توبته واستغفاره كفارة لذنبه . فلا يضره ، لا أن المعني أنه يذنب فيستغفر منه بلسانه من غير إقلاع ، ثم يعاوده ، فإن هذه توبة الكذابين . ( ص 211 )
والترمذي وحسنه : ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) أي تبلغ روحه حلقومه .
والطبراني بسند حسن لكن فيه انقطاع ، والبيهقي بسند فيه مجهول عن معاذ ، قال : أخذ بيدي رسول الله " صلي الله عليه وسلم " فمشي ميلاً ثم قال : ( يا معاذ ، أوصيك بتقوي الله ، وصدق الحديث ، ووفاء العهد ، وأداء الأمانة ، وترك الخيانة ، ورحم اليتيم ، وحفظ الجوار ، وكظم الغيظ ، ولين الكلام ، وبذل السلام ، ولزوم الإمام ، والتفقه في القرآن ، وحب الآخرة والجزع من الحساب ، وقصر الأمل ، وحسن العمل ، وأنهاك أن تشتم مسلماً ، أو تصدق كاذباً ، أو تكذب صادقاً ، أو تعصي إماماً عادلاً ، وأن تفسد في الأرض . يا معاذ ، اذكر الله عند كل شجر وحجر ، وأحدث لكل ذنب توبة : السر بالسر ، والعلانية بالعلانية ) .
والأصفهاني أيضاً : ( النادم ينتظر من الله الرحمة ، والمعجب ينتظر المقت واعلموا عباد الله أن كل عامل سيقدم علي عمله ، ولا يخرج من الدنيا حتى يري حسن عمله وسوء عمله ، وإنما الأعمال بخواتيمها . والليل والنهار مطيتان . فأحسنوا السير عليهما إلي الآخرة . واحذروا التسويف ، فإن الموت يأتي بغتة ، ولا يغترن أحدكم بحلم الله عز وجل ، فإن النار أقرب إلي أحدكم من شراك نعله ، ثم قرأ رسول الله " صلي الله عليه وسلم " ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) (الزلزلة آية 7 ، 8 ) . ( ص 212 )
ومسلم ، وغيره : ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا وتستغفروا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون ويستغفرون الله فيغفر لهم ) ( ص 213 )
والشيخان : ( كان فيمن كان عليكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً ، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل علي راهب فأتاه ، فقال له : إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة ؟ فقال : لا . فقتله فكمل به مائة ، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض ، فدل علي رجل عالم فقال له : إنه قتل مائة نفس فهل من توبة ؟ فقال : نعم . ومن يحول بينك وبين التوبة ، انطلق إلي أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد معهم ، ولا ترجع إلي أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتي إذا بلغ نصف الطريق أتاه ملك الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب . فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلي الله تعالي ، وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيراً قط . فأتاهم ملك في صورة آدمي ، فجعلوه بينهم فقال : قيسوا ما بين الأرضين ، فإلي أيتهما هو أدني كان له . فقاسوها فوجدوه أدني إلي الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة (ص 214 )
_________________
اللهم كما علمت آدم علمنا وكما فهمت سليمان فهمنا
اللهم كما أتيت داود وسليمان علماً علمنا
والحمد لله الذى فضلنا على كثير من خلقه تفضيلا