الحمد لله الذي ارسل منا رسولا عربيا،
حسييا نسيبا قرشيا ،
بشيرا ونذيرا
وللعالمين سراجا منيرا.
ونشهد انه بلغ الرسالة،
وادي الامانة،
وترك فينا سنه عصماء،
وتركنا علي محجه بيضاء، ليلها كنهارها،
لا يزيغ عنها الا هالك،
......وبعد.....
نستكمل المقامات المحمدية
من سيرة خير البرية
مع المقامة الخامسة عشر
_بعد ان ازدآد اذي المشركين لطلائع
دولة الموحدين
ولم يعد يآمن الناس على ارواحهم
ولا علي كرائم أموالهم،
امرهم الرسول الكريم الرؤف الرحيم.
بترك ديارهم ،
حفظا لحياتهم
وفرارا يدينهم
بالهجرة فراراً بدين الله -تعالى- وحماية لأنفسهم من بطش المشركين، واختار لهم أرض الحبشة، لأنّ فيها ملكاً عادلاً، لا يقبل الظلم على أحد،
_وكانت هذه الهجرة أول هجرة من مكة، وكانت في السنة الخامسة من البعثة، _وبلغ عدد المهاجرين عشرة رجال وأربع نسوة، وكان منهم: عثمان بن عفان ومعه زوجته رقيّة بنت رسول الله عليه السلام، وأبو سلمة وزوجه أم سلمة، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن مظعون -رضي الله عنهم-، وغيرهم،
_ حيث خرجوا خفية حتى وصلوا البحر؛ فركبوا السفينة باتجاه الحبشة،
وعندما علمت قريش بخبرهم تبعتهم، لكنهم كانوا قد ساروا برعاية الله، ووصلوا الحبشة وأقاموا فيها آمنين بقية رجب وشعبان ورمضان،
_وهنا اشتاطت قريش فاعدت عدتها واخذت اهبتها وقررت ان تعيد المسلمين
الي ما كانوا فيه من عيش مهين
_ وارسلت عبد الله بن ابي ربيعه ومعه داهية العرب عمر بن العاص الي الحبشه محملا بالهدايا النفيسة والنوايا الخبيثة،
وكل مكر ودسيسه،
ليس فقط لملك الحبشة الملك المعظم الذي لا يظلم من التجآ بحماه،
وطلب عطفه وحماه،
واغرقت الهدايا رهبانه
وكبار رجال حكمه وأعوانه
والخلصاء من خلانه
ليكونوا لهم عونا وسندا
ولسانا وعونا وعمدا.
وقدموا علي النجاشي تسبقهم الهدايا،
علي ظهور المطايا
ووقف معهم اعوانه يعيبون الَمهاجرين وىرمونهم بكل نقيصه،
_وقال عمرو فيما قال
(إنّه قد لجأ إلى بلدك منّا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشيرتهم، لتردّهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه)."
_ وايدهم رجال الحاشية في مقالهم
بل زادو علي قولهم.
ولكن النجاشي الملك الاريب،
لا يحكم علي غريب
دون ان يسمع مقالته
ويدلي بحجته
فان صدق عمرو ومرافقيه
اعطاهم ما يصبون اليه
وسلمهم المسلمين ،
_وطلب من معاونيه ان يمثل المهاجرة بين يديه يسمع منهم،
ويفهم مقصدهم
_ فمثلوا بين يديه
تكلّم منهم جعفر بن أبي طالب
(، وأخبره بما كانوا عليه في الجاهلية من الفسوق، والعصيان، وما هم عليه الآن من توحيد الله، والصدق، والأمانة، وحُسن الجوار، وما تعرّضوا له من تعذيب قريش؛ كي يرتدّوا إلى عبادة الأصنام، وقال له إنّهم اختاروه على من سواه؛ طمعاً فيما عنده من العدل، وحُسن الجوار،) _فطلب منه النجاشيّ أن يقرأ عليه بعضاً ممّا أُنزِل على نبيّه، فقرأ عليه بعضاً من فواتح سورة مريم، _فبكى حتى ابتلّت لحيته، وبكى معه قومه، وأخبر القرشيَّين أنّه لن يُسلّمهم إليهما أبداً...
_ولكن داهية العرب لم يفقد الامل
ولا جرحه الذي كاد يندمل
_ففكر في خطه بديله، وبجرابه الف حيله
_ توعّد عمرو بن العاص للمسلمين، فذهب في اليوم التالي وأخبر النجاشيّ أنّ المسلمين يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً، _وطلب منه أن يسألهم عن شأنهم فيه، فلمّا سألهم _أخبره جعفر
( بأنّ عيسى بن مريم هو عبدالله ورسوله وروحه،)
ثم تلا قوله تعالي
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاَمًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} [مريم: 1- 22].
_فوافقهم النجاشيّ وقال
ان هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاه ؤاحدة وبكي حتي اخضلت لحيته وحاشيته على ذلك، فأعطاهم الأمان، وأعاد إلى القرشيَّين هداياهما،
فخرجا من عنده خائبَين، وعاش المسلمون في بلاد النجاشيّ آمنين مُطمئنِّين.
....................
والى هنأ تنتهى هذه المقامة
فى أمان الله صحبتكم السلامه.